نص كلمة قائد الثورة في قمة تجمع سين صاد بأنجامينا

نص كلمة قائد الثورة في قمة تجمع سين صاد بأنجامينا

القى القائد معمر القذافي، الخميس بالعاصمة التشادية أنجامينا، كلمة في أعمال القمة الثانية عشرة لمجلس رئاسة تجمع دول تجمع الساحل والصحراء (س.ص). هذا نصها:

بسم الله.
أخي العزيز الرئيس "إدريس دبي إتنو".. الإخوة الأعزاء رؤساء دول تجمع الساحل والصحراء "س.ص":
أولا، بإسمكم جميعاً، أتوجه بالشكر الجزيل لأخينا الرئيس "إدريس" وللشعب التشادي وحكومته على حسن الضيافة، وتسهيل إنعقاد هذه القمة في أنجامينا في ظروف مريحة وآمنة، ونشكره على تهيئة هذا الجو المناسب لنا لكي ننجز عملنا في ظل هذا المناخ الأخوي المضياف.
ويسرنا وأنا شخصياً عندما تجولت في أنجامينا هذه المرة وجدتها متغيرة، وبدأت تنمو، وبدأت الخرابات القديمة والمباني القديمة تختفي، وتحل محلها المباني الجديدة، ورأيت المؤسسات المالية.. المصارف التي يبدو أنها لعبت دورا في هذا.. مصرف "س.ص" ومصارف أخرى وفروعها، وأرجو أن يكون لها نفس الأثر في بقية دول الساحل والصحراء.
وهذا هو الذي تطلبه الجماهير وتطلبه الشعوب ويطلبه المواطنون، وهو التنمية والسلام والإستقرار والبناء والصحة والتعليم والكرامة الإنسانية والعزة والإستقلال السياسي والإقتصادي.
هذا هو مطلب الشعوب، وهذا الذي من أجله كافحت الشعوب.
أثمن عاليا وأوافق أيضا على ما جاء في خطاب أخي الرئيس " إدريس "، وسيكون ما جاء فيه من ضمن وثائقنا الرسمية التي يُرجع إليها ويُهتدى بها.
أخي الرئيس "إدريس" أهنئك على هذه الإنجازات التي بدأت تظهر في أنجامينا وفي كل تشاد، بقيادتك الشجاعة والحكيمة رغم المحاولات التي حاولت أن تقوض إستقرار تشاد، ولكن بوقوفنا معك وبشجاعتك وإلتفاف الشعب التشادي حولك تم التغلب على عملية تقويض الإستقرار والأمن في تشاد، واستمرت تشاد بقيادتكم في طريق التنمية والبناء.
وأثمن ما جاء في كلمة أخي العزيز الملك "سالم قباقيبي الثالث عشر" ملك مملكة السافالو بجمهورية بنين، وقد سمعنا منه صوت الشعب الإفريقي والقاعدة الشعبية والقاعدة التقليدية.
وهذه الممالك هي الأرضية الإجتماعية والتقليدية الإفريقية الحقيقية، وهذه الممالك والملوك وتقاليدهم الإفريقية خالدة وباقية خلافا للرؤساء والسياسات التي تتغير.
نحن أيها الإخوة على أعتاب قمة الاتحاد الإفريقي في كمبالا.. ولابد أن ما نتداوله في هذه القمة وما نقرره سيؤثر في قمة كمبالا، لأن تجمع "س.ص" هو الأغلبية الساحقة في الإتحاد الإفريقي، وبدون أصوات دول الـ "س.ص" لا يحصل الإتحاد الإفريقي على أغلبية الثلثين التي تسمح بإجازة أي قرار.
إذن لكلمة"س.ص" ولموقف "س.ص"، أهمية كبيرة جدا ؛ ومؤثرة جدا في قرار الإتحاد الإفريقي.
ومثلما ستكون مقررات قمة أنجامينا لـ "س.ص" اليوم مؤثرة في قمة كمبالا غدا، هكذا كان قيام تجمع "س.ص" مؤثرا في إفريقيا، حيث هو الذي قرّب وشجّع على قيام الإتحاد الإفريقي.. يعني قيام تجمع "س.ص" هو الخطوة الحاسمة والتاريخية التي شجعت على قيام الإتحاد الإفريقي بعدها مباشرة.
هناك تجمعات عديدة في إفريقيا قبل تجمع "س.ص"، ولكنها لم تؤثر في السياسة الإفريقية، لكن تجمع "س.ص" أثّر في السياسة الإفريقية، وقرّب يوم الاتحاد الإفريقي، وشجّع على قيامه.
وبالتالي يعتبر تجمع "س.ص" هو حجر الأساس للاتحاد الإفريقي، وتجمع "س.ص" هو قاعدة الهرم للقارة الإفريقية.
وهو كما قال الأخ الرئيس "إدريس" في كلمته، تجمع "س.ص" يمتد من المحيط الهندي إلى المحيط الأطلسي، وهو فعلا يمتد من جزر القمر إلى جزر ساوتومي وبرنسيب.
هذا هو تجمع "س.ص" الذي هو أساس الاتحاد الإفريقي.
وحتى خبراء إفريقيا الذين قدموا لنا تقريرهم في أكرا، لم يسجلوا أشياء إيجابية للتجمعات الإفريقية، وقد إستثنوا تجمع "س.ص" الذي قالوا - وهذا التقرير يمكن الرجوع إليه - إن تجمع "س.ص" هو الوحيد الذي يمكن أن يُعّول عليه في إفريقيا، وهو تجمع سياسي وإقتصادي واجتماعي، وحتى عقائدي أيضا.
نريد في هذه الوقفة ؛ أو في هذه الجلسة، أن ننظر إلى أنفسنا، وما هي قيمتنا، وكم وزننا نحن تجمع "س.ص".
هذا مهم لكي نعرف مكاننا وتأثيرنا، وهذا يؤثر في أنفسنا مثلما يؤثر في الآخرين، الذي يُحسب حساب "س.ص" علاوة على كونه يمثل الأغلبية الساحقة وبدونه لا يمكن الحصول على النصاب القانوني في الأصوات في الاتحاد الإفريقي، أن تجمع "س.ص" يحتوي على إمكانيات هائلة جداً، ونحن عندنا الإرادة السياسية والحاجة الملحة أيضا التي تجعلنا نستغل هذه الإمكانيات لخلق حياة جديدة مزدهرة وعزيزة فوق أرض "س.ص" وفي إفريقيا.
نحن المنطقة الوحيدة في إفريقيا التي تختلط فيها وتتوفر بها كل الثروات،بينما المناطق الأخرى من إفريقيا التي تتوفر بها ثروة لا تتوفر بها ثروة أخرى، إلا هذه المنطقة ؛ منطقة "س.ص".
هنا النفط وهنا الغاز، وهنا المياه والأنهار، وهنا اليورانيوم والحديد والنحاس والفوسفات، والموانئ التي تطل على المحيطات وعلى البحار، وهو أقرب إلى القارة الأوروبية من كل التجمعات الإقليمية الأخرى في إفريقيا، وهو يحتوي على الثروة الحيوانية الأساسية في إفريقيا، بل ربما أكثر ثروة حيوانية في العالم بتجمع "س.ص"، وأكبر المراعي مساحة موجودة في تجمع "س.ص" والتي لا تتوفر في بقية إفريقيا، ومناجم الخامات التي ذكرتها متوفرة في "س.ص" بكميات هائلة.
على سبيل المثال: الجماهيرية الليبية، فالله يقول " وأما بنعمة ربك فحدث".. الجماهيرية الليبية يتوفر لديها اليوم وفي هذه الساعة ؛ 90 مليار دولار تبحث عن أسواق لإستثمارها، هذه ثروة لـ "س.ص" وثروة لإفريقيا.
هذه ليست دعاية، هذه حسابات موجودة في المصارف. ايلقلق
السوق الليبي لا يمكن أن يستوعب هذه الأموال الضخمة.. السوق الليبي يستوعب جزءا منها فقط، ونحن بدأنا في التوجه إلى إفريقيا لعلها تستوعب هذه الأموال الضخمة، ويجب أن يكون لتجمع "س.ص" نصيب الأسد منها.
عندما سويسرا هدمت المساجد، سحبنا 7 مليارات دولار من المصارف السويسرية، ولا زالت في أيدينا تبحث عن سوق بدلا من السوق السويسري تُستثمر فيه، وهذا يتطلب إستقرارا، سلاما، أمنا، ثقة، استقلالا حقيقيا، إرادة سياسية، نظافة من الفساد.
فيجب أن لا يكون هناك فساد في الإدارة.. في السياسة، يجب أن يكون هناك استقرار.. أمن، ويكون هناك مؤسسات مالية مضمونة تستقبل هذه الأموال، ومشاريع ذات جدوى إقتصادية تُستثمر فيها هذه الأموال.
هذا هو الإستقلال الحقيقي، وهذا هو الذي يحررنا من الحاجة ومد اليد.. يد التسول للآخرين الذين يلوون هذه اليد، ويهينوننا ويطلبون منا أن نخضع لهم لكي يتصدقوا علينا بمنحة.
نحن لم نُخلق هكذا، نحن وإياهم على قدم المساواة فوق الأرض وتحت الشمس، ونحن إمكانياتنا أكبر منهم، وهم إستعمرونا لأنهم يحتاجوننا.
لماذا استعمروا إفريقيا ؟ لأنهم بحاجة إلى إفريقيا، وإلى ثروات إفريقيا.. معناها أن إفريقيا هي الغنية وهم الفقراء.
وهذا يتطلب وعيا سياسيا إفريقيا، ثورة إفريقية، صحوة إفريقية، يقظة ضمير إفريقي، وعيا إفريقيا، التخلص من عقدة النقص.
وعدونا بالمليارات، ولم يعطونا أي شيء إلا التدخل في الشؤون الداخلية.
لكن الـ 90 مليارا، هذه أموالنا وليست أموالهم، وهي بين أيدينا، فعلينا أن نقضي على الفساد، ونقضي على انعدام الأمن، ونعزز الثقة بيننا لكي نستثمر هذه الأموال.
من الناحية السياسية ونحن نتجه إلى قمة الإتحاد الإفريقي، نحن الـ "س.ص" وبإمكانياته الضخمة وبأغلبيته العظمى في الإتحاد الإفريقي، لابد أن يحمل ممثلنا الرئيس " إدريس دبي إتنو " رسالتنا إلى الإتحاد الإفريقي، وعلينا أن نصيغ هذه الرسالة في هذه القمة، في هذا اللقاء.
نحن لابد أن نقول لهم وسيبلغهم به ممثلنا أيضا، إن نحن سنعود لمقررات القمم الإفريقية بعد قيام الاتحاد الإفريقي، ونطالب بتطبيقها وإحترامها بدون أي تحريف، ولا تراجع عنها.
من بداية اللجنة التي شكلناها برئاسة "موسيفيني" حتى الآن ونحن نقرر ضرورة والتسريع بقيام حكومة إتحادية إفريقية قارية تكون أداة لتنفيذ قراراتنا على مختلف الأصعدة، وتكون أداة لتنفيذ سياستنا الإقتصادية والإجتماعية والسياسية.
نحن نشتغل كإتحاد، وقبل ذلك كمنظمة وحدة إفريقية، بدون أداة تنفيذ.. عندنا سكرتارية لا زالت موجودة إلى عند الآن كان اسمها السكرتارية والآن سميناها المفوضية، وغدا ممكن يسمونها سلطة أو أي شيء آخر.
ولكن هي هي، مجرد أمانة، مجرد كتبة، مجرد سكرتارية.. لجنة، ولم نعمل منذ عام 63 حتى الآن ؛ أداة اتحادية قارية إفريقية تنفيذية تنفذ قرارات الوزراء في كل القطاعات، أو تنفذ قرارات القمة الإفريقية.
وكان مطروحا ومُلحا بعد قيام الاتحاد الإفريقي، ضرورة خلق أداة اتحادية تنفيذية، وكنا نريد أن يكون المجلس التنفيذي المذكور في القانون التأسيسي للاتحاد الإفريقي يتكون من كل القطاعات، ليكون هو الأداة التنفيذية، متكونا ليس من الخارجية فقط مثلما هو الآن.. أبداً.. المجلس التنفيذي بالقانون التأسيسي لا يعني وزراء الخارجية.. التنفيذي معناها جهة تنفيذية، تنفذ في الزراعة وفي الصناعة، وفي الصحة، وفي التعليم، وفي البر، وفي الجو، وفي البحر، وفي كل المجالات، وهذه ليست من اختصاص وزراء الخارجية.
لم نعمل مجلسا تنفيذيا بعد.. لم نعمل حكومة اتحادية بعد، ولكن تقررت كم مرة ضرورة إقامة حكومة اتحادية، والتعجيل بوحدة القارة، والدفاع عنها دفاعا مشتركا.
نحن سنضع أمامهم مقررات القمم الإفريقية ومقررات المجالس التنفيذية الذين هم وزراء الخارجية.. مضطرون أن نعود لكل هذه القرارات التي تتكلم عن حكومة اتحادية، ولا نقبل التراجع عنها.
وفي كل الأحوال، إذا كانت بعض الدول غير قادرة.. إذا إرادتها غير حرة ؛ أو دول مرتهنة أو غير واعية، نحن لا نستطيع أن نجاريها، لأن سيعود لها الوعي في يوم ما وتفهم في يوم ما، وتحتاج وتضطر للحاق بنا.
ما لم تكن هناك حكومة إفريقية اتحادية قارية تبدأ من الآن في تحقيق الوحدة الإفريقية حتى لو استغرقت هذه الوحدة عشرات السنين، لكن أداة تحقيقها لابد أن تخلق الآن فوراً.. ما لم يحصل هذا ؛ نحن الـ "س.ص" ليس أمامنا إلا تطبيق قرارات القمم الإفريقية وإحترامها، وإحترام القانون التأسيسي للإتحاد الإفريقي وتطبيقه، والذي لا يريد أن يطبق هذه القرارات يتحمل المسؤولية وموقفه غير شرعي.
الذي لا يريد أن يحترم القانون التأسيسي هو موقفه غير شرعي، ويتحمل المسؤولية.
القانون التأسيسي يطالب بوحدة القارة فوراً، والعمل على توحيدها فوراً، ويدعو إلى خلق أداة تنفيذية لتحقيق الوحدة والدفاع عن القارة.
والقرارات موجودة، وستوضع أمام قمة الإتحاد الإفريقي بواسطة الرئيس "إدريس" رئيس "س.ص" الذي سيعبر عنا وعن هذه القمة، ولا نريد أن نضيع وقتا، ولا ندخل في مهاترات.
وعليه أصبح ليس من الضروري أن كل رؤساء دول "س.ص" يحضروا إلى كمبالا.
لقد حضرنا في "س.ص" وقررنا وكتبنا رسالتنا للإتحاد الإفريقي يحملها ممثل تجمع "س.ص"، ونحن البقية نذهب أو لا نذهب.. ليس مهما، لأن ليس لدينا أي شيء آخر نقوله.
أما موضوع القمة الرئيس الذي هو الطفولة أو الأطفال الرُضّع، فهذا نحن لن نناقشه لأننا لسنا "اليونيسيف".. هذا اختصاص "اليونيسيف".
على أي حال، نحن علينا أن نثق بأنفسنا ؛ بإمكانياتنا، والمستقبل سيكون زاهرا إن شاء الله لأبنائنا وأحفادنا، والله خلقنا لكي نكون أحرارا وأقوياء ونعبده، ونحن أحرار ولسنا عبيدا.
وعاشت إفريقيا متحدة قوية، وعاش تجمع "س.ص" أساس الإتحاد الإفريقي