عقـاب الطفـل .. هل يجدي نفعاً في التربية الأسرية أم له

من طرف جلنار 2010-08-04, 7:44 pm

الرقم: 1527
25/3/2010
العقاب بشكل عام هو وسيلة تستخدم لقمع سلوك غير مرغ

1-السبب الأول: إن عقاب الطفل يتخذ غالباً أسلوب الإيذاء والعنف وهو يؤثر في حياة الطفل وشخصيته ونموه في الحاضر والمستقبل سواء في البيت أو المدرسة أو في أي مكان آخر يتواجد فيه‏‏‏

2-السبب الثاني: أنه موضوع يشغل بال المفكرين وعلماء الاجتماع والتربويين كما تناوله الفكر البشري في مختلف فروعه المعرفية والاجتماعية والنفسية والتشريعية والتربوية الشيء الذي يؤكد أهمية الموضوع وخطورته‏‏‏

3-السبب الثالث: أنه يثير الكثير من المشاكل بين الآباء والمربين والمدرسين ويؤدي أحياناً إلى نتائج مؤسفة وعكسية‏‏‏

- هدف العقاب في تربية الطفل :‏‏‏

تعليم الطفل الأشياء المرغوبة ومنعه من التصرف الشخصي الخاطئ وتعديل من سلوكه وتصرفاته باتجاه أفضل وتنمية مواهبه وطاقاته بشكل سليم وتدريبه على المهارات الحياتية بشكلها الصحيح وتقويم أخلاقه وعاداته كلجوء الأبوان لعقاب الطفل المنتسب للمدرسة أو لدور الحضانة نتيجة ممارسته عادات خاطئة أو سلوكيات غير عقلانية كمحاولة إثارة الشغب أو تمزيق الدفاتر والكتب أو إضاعة الحقيبة المدرسية أو الإعتداء على أقرانه من الأطفال والتعدي على حقوقهم وغير ذلك من التصرفات التي لا يرضاها الأبوان لطفلهم وقد يكون سبب العقاب هو اعتياد الطفل على الكذب والاحتيال والتظاهر بالضعف أو المرض خاصة في السنة الأولى لدخوله دور الحضانة أو المدرسة وقد يكون السبب أخطر مما سبق كحالات (السرقة - التخريب في الممتلكات)‏‏‏

- السيدة (أم خالد - معلمة): ترى أن دور الأهل مكمل لدور المدرسة فما نفع أن يتربى الطفل في مدرسته ويتعلم الالتزام بينما يسلك أسوء العادات ويتصرف بأذى داخل البيت دون رادع حقيقي من والديه أو أخوته وهي تنظر إلى أن التربية الصحيحة تنطلق من البيت اولاً ثم المدرسة لإن تواجد الطفل في البيت يكون أكثر من تواجده في المدرسة وبالنتيجة ستتحمل الأم والأب نتيجة ذلك الإهمال وضعف التربية مستقبلاً وسيحصدون نتائجه .‏‏‏

- أنواع العقاب :‏‏‏

يمكن ملاحظة ثلاثة أنواع للعقاب هي (المعنوي-الجسدي-الإيحائي) لكن يمكن تضمين العقاب الإيحائي في المعنوي حيث نجد :‏‏‏

1)- العقاب المعنوي : ويشمل كل من :‏‏‏

- العقوبة اللفظية : الصراخ والشتيمة واستخدام الألفاظ النابية والتحقير والتذليل والتصغير والاستهزاء والسخرية‏‏‏

- الحرمان : أي حرمان الطفل من الأشياء التي يحبها أو التي اعتاد عليها ( حرمانه من الألعاب - متابعة برامج الأطفال - حرمانه من المصروف الشخصي - حرمانه من شراء أطعمة يحبها )‏‏‏

- الحجز : منعه من الذهاب إلى الحديقة أو الرحلة المدرسية أو الخروج من المنزل أو حتى الخروج من غرفته‏‏‏

- التهديد : توعده الدائم بعقوبة الأب أو الأم أو الأخوة أو المعلم أو أحد أقربائه أو تهديده باستخدام القسوة معه والضرب‏‏‏

- العزل : عدم التحدث معه و عدم استجابة لمطالبه وعدم التلطف إليه والتودد‏‏‏

2)- العقاب الجسدي : ويتضمن كل من :‏‏‏

1- الضرب : وله نوعان (الخفيف المنضبط - المؤذي القاسي) وينصح باستخدام الضرب الخفيف المنضبط عند الحاجة وتجنب الضرب المؤذي والمبرح ويجب أن يكون الضرب آخر الوسائل وليس أولها وله شروط وآداب لابد أن تراعى هي :‏‏‏

- الضرب للتأديب فقط أي كملح للطعام (القليل يكفي والكثير يفسد)‏‏‏

- تجنب الضرب على الوجه أو الرأس أو الأماكن المؤذية والحساسة في الجسم‏‏‏

- لا يضرب الطفل على أمر صعب التحقيق (تعجيزي)‏‏‏

2- الجزاء : الطلب من الطفل الوقوف إلى الحائط لمدة زمنية قصيرة ليحس بالذنب ويشعر بالعقوبة أو الجلوس على كرسي لمدة زمنية محددة عادة بين (5-10) دقائق لا أكثر وتطبق هذه العقوبة بين عمر السنتين إلى 12 سنة‏‏‏

3- عقوبات محرّمة وممنوعة : وهي العقوبات الجسدية التي يمنع استخدمها مهما كانت الأسباب والدوافع ( الكي بالنار - الربط بالحبل - إجبار الطفل على تذوق الأطعمة الحارة والمحرقة ) وتعتبر هذه العقوبات ممنوعة أصلاً و لا تستخدم إطلاقاً مع الطفل‏‏‏

ويجب الانتباه إلى بعض العقوبات التي تقوم بها الأمهات اتجاه الأطفال بين سن (4-8) سنوات كتكليفهم بأعمال منزلية مجهدة كعقوبة لهم كتنظيف درج البناء أو حمل أشياء ثقيلة أو مسح أرض المنزل وغيرها فهذه الأعمال المجهدة تأتي من باب جهل الأولياء وقلة إدراكهم بنتائجها الصحية والجسدية أولاً ثم النفسية والاجتماعية على الطفل وشخصيته الآخذة بالنمو التصاعدي‏‏‏

- السيد (محمد- طبيب): يرى أن العقوبة يجب إن تتدرج حسب الذنب الذي يرتكبه الطفل وحسب سنه فلا يجوز تطبيق عقوبات قاسية على الطفل في السنة الأولى أو الثانية كما يجب ألا نتساهل في العقوبة في الطفل الذي بلغ من العمر الخامسة أو السادسة وهو يرى أن عقوبة الضرب لا تناسب التربية السليمة .‏‏‏

- الآنسة (رنا- معلمة): لا تؤيد عقوبة الضرب وترفض ضرب الطفل خاصة في السنوات ما قبل المدرسة لأن هناك أساليب كثيرة يمكن إتباعها غير الضرب كالحرمان من الألعاب التي يفضلها الطفل كما أن الصراخ على الطفل قد يسبب له خوف دائم .‏‏‏

- الجدوى الايجابية من العقاب بشكل عام :‏‏‏

قد نجد بعض الآثار الايجابية التي تتركها العقوبة المنضبطة (وليست القاسية) في تعديل سلوكيات وتصرفات الطفل ومن خلالها يمكن للطفل أن يكتسب عادات حسنة وجيدة في حياته وأن يغير من عاداته الخاطئة وقد تدفعه العقوبة هذه إلى مزيد من الجد والاجتهاد والانتباه والحذر والاحترام وتقدير الآخرين فمثلاً : إلتزام الطفل بأدبه وهدوئه عند حضور ضيف إلى المنزل إما في المدرسة فنجد أن للعقوبة التربوية الصحيحة أثرها في خلق شخصية متوازنة للطفل وإحساسه بالمسؤولية وابتعاده عن الطيش والتهور ومخاصمة الأطفال الآخرين أو إيذائهم أو استخدام الألفاظ النابية وتدفعه نحو الدراسة وكتابة الواجبات وحفظ الدروس واحترام الوقت وتقدير المعلمين وتدفعه للعب مع الأطفال الآخرين وتبعده عن الإنطواء والخجل ولاننسى العمل بمقولة الشهيرة (هدد بالعصا .. ولا تستخدمها).‏‏‏

- هل العقوبة القاسية تجدي نفعاً بشكل خاص ؟‏‏‏

لا جدوى أبداً من استخدام العقوبة القاسية لإن استعمال العقاب القاسي والمتكرر قد يؤدي إلى نمو نماذج سلوك مرضية أولها سلوك خنوع بمعنى أنه تنعدم لديه روح المبادرة والاستقلالية والتي قد تترجم بالحياة اليومية إلى ما نسميه الخجل لكن بشكل مبالغ فيه حيث ينعدم استعداد الطفل التعبير عن قدراته كذلك قد ينشأ لديه شعور بالشك بقدراته وذلك لأنه عوقب على سلوكيات قام بها وذلك بالنسبة له يعني انه غير قادر على تنسيق سلوكيات ترضي والديه والآخرين وهناك تأثير آخر للعقاب البدني القاسي على الطفل يتمثل في تكوين ميول واتجاهات سلبية نحو الشخص المعاقب مثل كراهية الأب والأم أو المعلم وتظل هذه الكراهية سبباً يعوق تقدمه دائماً في الحياة العملية كما قد يتكون داخله تراكم لغضب وخيبة أمل كثيرة قد تترجم بحالات معينة إلى إنفجارات عنف وغضب شديدة مستقبلاً هذه السلوكيات قد تصبح أشد مما يؤدي إلى رؤية شخصية سلبية اتجاه الذات وأكدت أغلب البحوث الاجتماعية أن الأطفال الذين تعرضوا للضرب كثيراً في البيوت تدهورت قدراتهم في التفكير والقراءة والحساب .‏‏‏

- الثواب أم العقاب ؟‏‏‏

المقصود بالثواب كل ما يصدر عنا نحو الآخر بقصد إدخال السرور والارتياح على نفسه سواء أكان ذلك بالتعبير اللفظي أو العاطفي أو المادي فعبارات الثناء والإعجاب وإظهار عاطفة المودة والرضا على التصرفات وإعطاء المكافأة أو تقديم الهدية كلها وسائل تعبر عن الثناء بل إن الاستجابة لمطالب الطفل وتنفيذ رغباته فيها تعبير عن الرضا عن تصرفاته مما يحفزه على بذل الجهد والاستمرار في السلوك والعمل لتحقيق النجاح وينقسم الثواب إلى نوعين: (الأول معنوي : وهو أن يحس المرء بالفرح أو بتعظيم الناس له .. والثاني حسي : وهو الذي يكون بإعطاء المكافأة الملموسة ) و للثواب المعنوي أساليب كثيرة أهمها :‏‏‏

1- الثناء اللفظي: بشرط أن يكون بحكمة أي ألا يعطى كله للمستحق بحيث لا يثني المعلم التلميذ المجد في كل مرة إنما يجعل ذلك التلميذ يترقب بشوق أن يقدم له المعلم الثناء اللفظي أمام زملاء صفه مما يزيد من اندفاعه ومشاركته خلال الدرس‏‏‏

2- الثناء البصري : أن ينظر المدرس إلى التلميذ المستحق نظرة إعجاب وتقدير.‏‏‏

إياد شهاب‏