إعلانات المنتدي
المواضيع الأخيرة
بحـث
منبه صامت طوال العام إلا في رمضان: المسحراتي يستعد للرح
3 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
منبه صامت طوال العام إلا في رمضان: المسحراتي يستعد للرح
حقاً إنها أرزاق يقسمها رب العباد. فبعض البشر يحترفون مهناً ويتوارثونها فيما بينهم، ومنها مهنة المسحراتي، المشغول بإيقاظ النائمين في ليالي رمضان لتناول السحور وأداء صلاة الفجر. المسحراتي مهنة في سبيلها للانقراض، صاحبها يشبه المنبه الذي يعمل بانتظام لكن لشهر واحد، ويبقى خارج الخدمة باقي شهور السنة.
"رحم الله مسحراتي زمان، صوت وفن وأدعية جميلة". بهذه الكلمات تحدث الحاج محمد محمود أحمد متحسراً على زمن كان يستمتع فيه بنقرات هادئة من بازة المسحراتي، التي كانت تسمع من مسافات بعيدة، للهدوء الذي كانت عليها مصر بتعدادها البسيط في ستينات القرن الماضي.
سهر للصبح
محمد إسماعيل مدرس شاب قال: "لا ينام أحد في رمضان، نحن نسهر حتى الصباح وبالتالي لا فرق وجود المسحراتي من عدمه"، مؤكداً أن العصر الحديث سرق النوم من عيون الناس، وأتت مسلسلات ودراما وبرامج رمضان على الساعات الباقية من يوميات الشهر الفضيل، ما يجعلنا لا نشعر بحيوية دور المسحراتي".
"المسحراتي كان زمان، فأنا الآن أضبط جرس التلفون المحمول، وأضعه إلى جواري، ويتولى هو مهمة إيقاظي قبل السحور"، رددتها إنجي محمد عمر، طالبة جامعية، مشيرة إلى أن رمضان يحب السهر، والفرجة الجماعية للمسلسلات التي قد يعرض بعضها في ساعات متأخرة من الليل وقبيل الفجر، ما يجعلنا نضحك حين نسمع نقرات المسحراتي على طبلته الضخمة قبل أن ينتصف ليل القاهرة.
ضد الانقراض
كتب التاريخ الإسلامي تشير إلى أنه في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام بدأ إيقاظ الناس - التسحير - بأذان "بلال بن رباح"، أما الامتناع عن الطعام بأذان "عبد الله بن أم مكتوم". فقد قال الرسول عليه الصلاة والسلام: "إن بلالاً يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم".
أما مهنة المسحراتي فتعود بحسب بعض الكتب إلى عصر الدولة العباسية، وفي عهد الخليفة المنتصر بالله. ويذكر المؤرخون أن المسحراتي ظهر إلى الوجود عندما لاحظ والي مصر "عتبة بن إسحاق" أن الناس لا ينتبهون إلى وقت السحور ولا يوجد من يقوم بهذه المهمة آنذاك، فتطوع هو بنفسه لهذه المهمة منادياً الناس: "عباد الله تسحروا فإن في السحور بركة".
وفي عصر الدولة الفاطمية أصدر الحاكم بأمر الله الفاطمي أمراً لجنوده بأن يمروا على البيوت ويدقوا على الأبواب بهدف إيقاظ النائمين للسحور. تطورت بعد ذلك ظاهرة التسحير على يد أهل مصر، حيث ابتكروا الطبلة ليحملها المسحراتي ليدق عليها بدلاً من استخدام العصا، كما لم تعد المهنة قاصرة على الرجال حيث دخلتها بعض النساء وورثنها عن أزواجهن ،بعد وفاة الأزواج أو تقاعدهم.
وشهدت مهنة المسحراتي تطوراً، حيث تم استبدال الدق على الأبواب بالعصا قديماً إلى الدق على الطبلة التي تسمى "بازة "، وهي عبارة عن طبلة من جنس النقارات ذات وجه واحد من الجلد مثبت بمسامير، وظهرها من النحاس أجوف وبه مكان يمكن أن تعلق منه يمسكها المسحراتي بيده اليسرى وبيده اليمنى يمسك بسير من الجلد أو عصا صغيرة ويدق بها على البازة وقت السحور.
الحي الشعبي فقط
محمد الشاذلي شاب في الثلاثين من عمره ورث المهنة عن والده، قال "صوتي للأسف جاف وليس به روحانية هكذا قالوا لي"، ومع ذلك أمارس المهنة منذ سنوات وأجتذب الأطفال إليّ، حيث أنادي عليهم بأسمائهم، اصحى يا محمد وحد الدايم اصحي يا نجوى، وهو ما يفرحهم كثيراً. وشهر رمضان هو شهر رزقنا الرئيسي، أما باقي العام فنخلع الطبلة ونحفظها في مكان آمن حتى رمضان الذي يليه، لتبدأ رحلتنا في تقليب العيش والبحث عن أي عمل آخر".
"عايشت رمضان في حي شبرا الشعبي الصاخب، وكان يحلو لبعض قاطني الأحياء الهادئة المجيء إلى شبرا في هذا الشهر الفضيل، مرددين أن لرمضان نكهة خاصة هنا، ورائحة تفوح من الحسين والسيدة زينب والأزهر الشريف، أما أحياؤنا الخرسانية الصماء، فلا نشعر فيها بأي طعم لرمضان.
أتذكر كلماتهم ومعهم أتذكر عم الشاذلي (67 عاماً) مسحراتي منطقتنا الذي تابعته بلهفة وانتظرته بشوق طيلة أيام رمضان خلال مرحلة الطفولة وحتى التحاقي بالجامعة. حدثني الشاذلي ذات يوم قائلاً: "هذه مهنة أجدادي، ورثتها عن والدتي، ولا أعمل بغيرها.
عشق الأطفال
"اصحى يا نايم اصحى وحد الدايم، رمضان كريم، يا عباد الله، وحدوا الله".. كان لهذه الكلمات وقع طيب على السامعين، الذين كان يتفنن المسحراتي قديماً في جذب انتباههم، كأن يطرق باب فلان وينادي عليه باسمه، كما كانت بعض الأمهات تنتظره في النوافذ والبلكونات وتطلب إليه أن يدعي بشفاء زوجها أو صلاح أحوال أو نجاح أبنائها من الطلاب الدارسين. الآن اختفى كل ذلك، واختفت نقرات الطبول الهادئة والصوت الجميل، وبقي الإزعاج بالدق على الصفيح والنعيق فقط"، على حد قول عبدالله جاهين المحامي.
التسحير من المهن التي لا تصنف بتعريفة ثابتة ولا بسعر ثابت، كما لم تكن عبر العصور وحتى الآن خاضعة لأي ضرائب، فهي على حد قول المسحراتي الشاب عمل تطوعي خيري لا يطلب من ورائه إلا الأجر والثواب، لكن بعض الأسر تحرص على منحنا المأكولات والحلوى، أما في العيد فهو يوم الجائزة بالنسبة لنا حقاً حيث نطوف على البيوت، حيث يخرج أطفالها يقدمون لنا الكعك والبسكويت والحلوى وبعض النقود، التي على قلتها، أكد أنها كانت تكفينا في حياة والدي رحمه الله، أما الأن فلم تعد بالفلوس بركة زمان.
ويبقى مسحراتي رمضان ونداءاته ونقرات الطبلة في يده علامة تفرح الأطفال وتذكرهم بالشهر الفضيل الذي مضى ويمضى بسرعة كعادته.
"رحم الله مسحراتي زمان، صوت وفن وأدعية جميلة". بهذه الكلمات تحدث الحاج محمد محمود أحمد متحسراً على زمن كان يستمتع فيه بنقرات هادئة من بازة المسحراتي، التي كانت تسمع من مسافات بعيدة، للهدوء الذي كانت عليها مصر بتعدادها البسيط في ستينات القرن الماضي.
سهر للصبح
محمد إسماعيل مدرس شاب قال: "لا ينام أحد في رمضان، نحن نسهر حتى الصباح وبالتالي لا فرق وجود المسحراتي من عدمه"، مؤكداً أن العصر الحديث سرق النوم من عيون الناس، وأتت مسلسلات ودراما وبرامج رمضان على الساعات الباقية من يوميات الشهر الفضيل، ما يجعلنا لا نشعر بحيوية دور المسحراتي".
"المسحراتي كان زمان، فأنا الآن أضبط جرس التلفون المحمول، وأضعه إلى جواري، ويتولى هو مهمة إيقاظي قبل السحور"، رددتها إنجي محمد عمر، طالبة جامعية، مشيرة إلى أن رمضان يحب السهر، والفرجة الجماعية للمسلسلات التي قد يعرض بعضها في ساعات متأخرة من الليل وقبيل الفجر، ما يجعلنا نضحك حين نسمع نقرات المسحراتي على طبلته الضخمة قبل أن ينتصف ليل القاهرة.
ضد الانقراض
كتب التاريخ الإسلامي تشير إلى أنه في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام بدأ إيقاظ الناس - التسحير - بأذان "بلال بن رباح"، أما الامتناع عن الطعام بأذان "عبد الله بن أم مكتوم". فقد قال الرسول عليه الصلاة والسلام: "إن بلالاً يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم".
أما مهنة المسحراتي فتعود بحسب بعض الكتب إلى عصر الدولة العباسية، وفي عهد الخليفة المنتصر بالله. ويذكر المؤرخون أن المسحراتي ظهر إلى الوجود عندما لاحظ والي مصر "عتبة بن إسحاق" أن الناس لا ينتبهون إلى وقت السحور ولا يوجد من يقوم بهذه المهمة آنذاك، فتطوع هو بنفسه لهذه المهمة منادياً الناس: "عباد الله تسحروا فإن في السحور بركة".
وفي عصر الدولة الفاطمية أصدر الحاكم بأمر الله الفاطمي أمراً لجنوده بأن يمروا على البيوت ويدقوا على الأبواب بهدف إيقاظ النائمين للسحور. تطورت بعد ذلك ظاهرة التسحير على يد أهل مصر، حيث ابتكروا الطبلة ليحملها المسحراتي ليدق عليها بدلاً من استخدام العصا، كما لم تعد المهنة قاصرة على الرجال حيث دخلتها بعض النساء وورثنها عن أزواجهن ،بعد وفاة الأزواج أو تقاعدهم.
وشهدت مهنة المسحراتي تطوراً، حيث تم استبدال الدق على الأبواب بالعصا قديماً إلى الدق على الطبلة التي تسمى "بازة "، وهي عبارة عن طبلة من جنس النقارات ذات وجه واحد من الجلد مثبت بمسامير، وظهرها من النحاس أجوف وبه مكان يمكن أن تعلق منه يمسكها المسحراتي بيده اليسرى وبيده اليمنى يمسك بسير من الجلد أو عصا صغيرة ويدق بها على البازة وقت السحور.
الحي الشعبي فقط
محمد الشاذلي شاب في الثلاثين من عمره ورث المهنة عن والده، قال "صوتي للأسف جاف وليس به روحانية هكذا قالوا لي"، ومع ذلك أمارس المهنة منذ سنوات وأجتذب الأطفال إليّ، حيث أنادي عليهم بأسمائهم، اصحى يا محمد وحد الدايم اصحي يا نجوى، وهو ما يفرحهم كثيراً. وشهر رمضان هو شهر رزقنا الرئيسي، أما باقي العام فنخلع الطبلة ونحفظها في مكان آمن حتى رمضان الذي يليه، لتبدأ رحلتنا في تقليب العيش والبحث عن أي عمل آخر".
"عايشت رمضان في حي شبرا الشعبي الصاخب، وكان يحلو لبعض قاطني الأحياء الهادئة المجيء إلى شبرا في هذا الشهر الفضيل، مرددين أن لرمضان نكهة خاصة هنا، ورائحة تفوح من الحسين والسيدة زينب والأزهر الشريف، أما أحياؤنا الخرسانية الصماء، فلا نشعر فيها بأي طعم لرمضان.
أتذكر كلماتهم ومعهم أتذكر عم الشاذلي (67 عاماً) مسحراتي منطقتنا الذي تابعته بلهفة وانتظرته بشوق طيلة أيام رمضان خلال مرحلة الطفولة وحتى التحاقي بالجامعة. حدثني الشاذلي ذات يوم قائلاً: "هذه مهنة أجدادي، ورثتها عن والدتي، ولا أعمل بغيرها.
عشق الأطفال
"اصحى يا نايم اصحى وحد الدايم، رمضان كريم، يا عباد الله، وحدوا الله".. كان لهذه الكلمات وقع طيب على السامعين، الذين كان يتفنن المسحراتي قديماً في جذب انتباههم، كأن يطرق باب فلان وينادي عليه باسمه، كما كانت بعض الأمهات تنتظره في النوافذ والبلكونات وتطلب إليه أن يدعي بشفاء زوجها أو صلاح أحوال أو نجاح أبنائها من الطلاب الدارسين. الآن اختفى كل ذلك، واختفت نقرات الطبول الهادئة والصوت الجميل، وبقي الإزعاج بالدق على الصفيح والنعيق فقط"، على حد قول عبدالله جاهين المحامي.
التسحير من المهن التي لا تصنف بتعريفة ثابتة ولا بسعر ثابت، كما لم تكن عبر العصور وحتى الآن خاضعة لأي ضرائب، فهي على حد قول المسحراتي الشاب عمل تطوعي خيري لا يطلب من ورائه إلا الأجر والثواب، لكن بعض الأسر تحرص على منحنا المأكولات والحلوى، أما في العيد فهو يوم الجائزة بالنسبة لنا حقاً حيث نطوف على البيوت، حيث يخرج أطفالها يقدمون لنا الكعك والبسكويت والحلوى وبعض النقود، التي على قلتها، أكد أنها كانت تكفينا في حياة والدي رحمه الله، أما الأن فلم تعد بالفلوس بركة زمان.
ويبقى مسحراتي رمضان ونداءاته ونقرات الطبلة في يده علامة تفرح الأطفال وتذكرهم بالشهر الفضيل الذي مضى ويمضى بسرعة كعادته.
-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~
اشهد ان لا اله الا الله واشهد ان محمد رسول الله
جلنار- مستشار
-
عدد المشاركات : 19334
العمر : 36
رقم العضوية : 349
قوة التقييم : 28
تاريخ التسجيل : 19/07/2009
رد: منبه صامت طوال العام إلا في رمضان: المسحراتي يستعد للرح
مرور مميز شكراً لكم
-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~
اشهد ان لا اله الا الله واشهد ان محمد رسول الله
رد: منبه صامت طوال العام إلا في رمضان: المسحراتي يستعد للرح
طرح رائع يستحق المتابعه بارك الله فيك
-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~
بوفرقه- مراقب
-
عدد المشاركات : 34697
العمر : 58
رقم العضوية : 179
قوة التقييم : 76
تاريخ التسجيل : 30/04/2009
رد: منبه صامت طوال العام إلا في رمضان: المسحراتي يستعد للرح
مرور مميز شكراً لكم
-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~
اشهد ان لا اله الا الله واشهد ان محمد رسول الله
مواضيع مماثلة
» منبه صامت طوال العام إلا في رمضان: المسحراتي يستعد للرح
» متحف روسي يعرض المنحوتات الثلجية طوال العام
» أدوات ومستحضرات ضرورية للعناية بأظافرك طوال العام
» الاتحاد العام الليبي لكرة الطاولة يستعد للمشاركة في البطولة
» كل العام وانتم بالف خير... رمضان كريم
» متحف روسي يعرض المنحوتات الثلجية طوال العام
» أدوات ومستحضرات ضرورية للعناية بأظافرك طوال العام
» الاتحاد العام الليبي لكرة الطاولة يستعد للمشاركة في البطولة
» كل العام وانتم بالف خير... رمضان كريم
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
2024-11-21, 8:36 am من طرف STAR
» ارخص غسالات ملابس
2024-11-18, 10:29 am من طرف محمدوعبدو
» "لسنا عيادة طبية".. رئيسة بالميراس البرازيلي تعلق بشأن التعاقد مع نيمار
2024-11-18, 7:49 am من طرف STAR
» لا تستخدم مياه "الحنفية" لتبريد محرك سيارتك.. إليك السبب
2024-11-18, 7:49 am من طرف STAR
» هل يطرد النوم "السموم من الدماغ"؟.. دراسة تكشف السر
2024-11-18, 7:48 am من طرف STAR
» لمستخدمي "ميتا" في أوروبا.. إليكم هذه الميزة الجديدة!
2024-11-18, 7:47 am من طرف STAR
» احرصوا على تهوية المنزل حتى في الطقس البارد!
2024-11-18, 7:47 am من طرف STAR
» العناية بالبشرة في فصل الخريف.. نصائح مهمة لذلك
2024-11-18, 7:46 am من طرف STAR
» الأرز الإسباني
2024-11-18, 7:45 am من طرف STAR
» عن مشاركة نيمار في مونديال الاندية.. هذا موقف الهلال
2024-11-16, 8:14 am من طرف STAR
» لضمان نوم هادئ ومريح.. تجنب 5 عادات
2024-11-16, 8:13 am من طرف STAR
» ترتيب المنتخبات العربية في تصفيات آسيا لكأس العالم 2026
2024-11-16, 8:12 am من طرف STAR
» الخضار الأعلى كثافة بالمغذيات
2024-11-16, 8:11 am من طرف STAR
» رونالدو يثير التفاعل بتصرف رائع خلال مباراة البرتغال
2024-11-16, 8:09 am من طرف STAR
» غرامة بمليار دولار تُهدد "ميتا" بالتفكك وسط ضغوط تنظيمية دولية
2024-11-16, 8:09 am من طرف STAR