إعلانات المنتدي
المواضيع الأخيرة
بحـث
اليوم الذكرى الــ79 لاستشهاده .. شيخ الشهداء عمر المختار
2 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
اليوم الذكرى الــ79 لاستشهاده .. شيخ الشهداء عمر المختار
اليوم الذكرى الــ79 لاستشهاده .. شيخ الشهداء عمر المختار أسد أرهق جيش الاحتلال الإيطالي
*
*
تعيش ليبيا اليوم الخميس 16 سبتمبر/ الفاتح الذكرى التاسعة والسبعين لاستشهاد شيخ الشهداء عمر المختار الملقب بأسد الصحراء، والذي تعتبره ليبيا يوماً حزيناً أعلنت فيه الحداد الوطني في بعض السنوات، ويتزامن مع هذه الذكرى إعلان ليبيا عن إنشاء برج مكان ضريح شيخ الشهداء عمر المختار ويحمل اسمه ببنغازي.
ويطلق اسم عمر المختار على شارع رئيسي في كل مدينة من مدن ليبيا المختلفة، كما تسمى جامعة مدينة البيضاء باسمه، فضلاً عن عدة مدارس في مختلف المدن، وتحمل العملة الورقية الليبية من فئة 10 دينارات صورته على أحد وجهيها.
وحارب عمر المختار الذي تربى يتيماً قوات الغزو الإيطالية منذ دخولها أرض ليبيا عام 1911 وحتى عام 1931، وبدأت حربه مع الطليان وهو يبلغ من العمر 53 عاماً واستمرت هذه الحرب لأكثر من عشرين عاماً، لتنتهي باستشهاده بالحكم عليه بالإعدام شنقاً، عن عمر يناهز 73 عاماً.
ونقل التاريخ عن أحد القادة الإيطاليين قوله إن المعارك التي حصلت بين جيوشه وبين عمر المختار عددها 263 معركة، في مدة لا تتجاوز 20 شهراً فقط.
النشأة والتعليم
تلقى المختار تعليمه الأول في زاوية جنزور الشرقية، ثم سافر إلى الجغبوب ليمكث فيها ثمانية أعوام للدراسة والتحصيل على يد كبار علماء ومشايخ السنوسية، فدرس علوم اللغة العربية والعلوم الشرعية وحفظ القرآن الكريم عن ظهر قلب، ولكنه لم يكمل تعليمه كما تمنى.
ظهرت عليه علامات النجابة ورزانة العقل، فتناولته الألسن بالثناء بين العلماء ومشايخ القبائل وأعيان المدن حتى قالوا فيه “لو كان عندنا عشرة مثل عمر المختار لاكتفينا بهم”، ولثقتهم به ولاه السنوسيون شيخاً على زاوية القصور بالجبل الأخضر.
وشارك عمر المختار في الجهاد بين صفوف المجاهدين في الحرب الليبية الفرنسية في المناطق الجنوبية والسودان الغربي وتشاد، ثم عين شيخاً لزاوية (عين كلكه) ليقضي فترة من حياته معلماً ومبشراً بالإسلام في تلك الأصقاع النائية، وبقي هناك إلى أن عاد إلى برقة.
بداية الجهاد
وعندما أعلنت إيطاليا الحرب على تركيا عام 1911 وبدأت القذائف تنزل على مدن الساحل الليبي، كان المختار مقيماً في جالو، وبمجرد علمه بالغزو الإيطالي سارع إلى مراكز تجمع المجاهدين، حيث ساهم في تأسيس وتنظيم حركة الجهاد والمقاومة.
وشهدت الفترة التي أعقبت انسحاب الأتراك من ليبيا سنة 1912 وتوقيعهم معاهدة (لوزان) التي بموجبها حصلت إيطاليا على ليبيا، أعظم المعارك في تاريخ الجهاد الليبي، منها على سبيل المثال معركة بدرنة قتل فيها عشرة ضباط وستين جندياً إيطالياً وأربعمائة فرد بين جريح ومفقود، وانسحب الإيطاليون منها بلا نظام تاركين أسلحتهم ومؤنهم وذخائرهم، وتلتها عشرات المعارك الأخرى.
مرحلة جديدة
ووصلت معارك الجهاد إلى مرحلة جديدة بقدوم الحرب العالمية الأولى، حيث تغيرت الأوضاع داخل ليبيا واشتدت الضغوط على محمد إدريس السنوسي، واضطر إلى ترك البلاد عاهداً بالأعمال العسكرية والسياسية إلى عمر المختار، في الوقت الذي قام أخوه الرضا مقامه في الإشراف على الشؤون الدينية.
وبعد أن تأكدت للمختار النوايا الإيطالية في العدوان، سافر إلى مصر عام 1923 للتشاور مع ادريس فيما يتعلق بأمر البلاد، وعند عودته نظم أدوار المجاهدين، وبعد الغزو الإيطالي على مدينة اجدابيا مقر القيادة الليبية، أصبحت كل المواثيق والمعاهدات لاغية، وانسحب المجاهدون من المدينة وأخذت إيطاليا تزحف بجيوشها من مناطق عدة نحو الجبل الأخضر.
وتسابقت بعد ذلك جموع المجاهدين إلى تشكيل الأدوار والانضواء تحت قيادة عمر المختار، كما بادر الأهالي إلى إمداد المجاهدين بالمؤن والعتاد والسلاح، وعندما ضاق الإيطاليون ذرعاً من الهزيمة على يد المجاهدين، أرادوا أن يمنعوا عنهم طريق الإمداد فسعوا إلى احتلال الجغبوب ووجهت إليها حملة كبيرة في 8 فبراير/ النوار 1926، وقد شكل سقوطها أعباء ومتاعب جديدة للمجاهدين وعلى رأسهم عمر المختار، ولكنه حمل العبء كاملاً بعزم العظماء وتصميم الأبطال.
خطط حاسمة
وتوالت انتصارات المجاهدين ما دفع إيطاليا إلى إعادة النظر في خططها وإجراء تغييرات واسعة، فأمر موسوليني بتغيير القيادة العسكرية، حيث عين بادوليو حاكماً عسكرياً على ليبيا في يناير/ أي النار 1929، ويعد هذا التغيير بداية المرحلة الحاسمة بين الإيطاليين والمجاهدين.
لجأ الحاكم الجديد لأسلوب المناورة لكسب الوقت حيث أعلن عن رغبته في السلام وطلب مفاوضة عمر المختار، واستجاب الشيخ لنداء السلام وحاول التفاهم معهم على صيغة تخرج البلاد من دوامة الدمار وبدأت المفاوضات في عام 1929، ولكن الغرض منها لم يكن التفاوض ولكن المماطلة وشراء الوقت لتلتقط القوات الإيطالية أنفاسها، وقصد الغدر بالمختار والدس عليه وتأليب أنصاره والأهالي وفتنة الملتفين حوله.
عندما وجد المختار أن تلك المفاوضات تطلب منه إما مغادرة البلاد أو البقاء في برقة وإنهاء الجهاد والاستسلام مقابل الأموال والإغراءات، رفض كل تلك العروض، وكبطل شريف ومجاهد عظيم عمد إلى الاختيار الثالث وهو مواصلة الجهاد حتى النصر أو الشهادة.
خطة إبادة
دفعت مواقف المختار ومنجزاته إيطاليا إلى دراسة الموقف من جديد فتوصلت إلى تعيين (غراتسياني) وهو أكثر جنرالات الجيش الإيطالي وحشية ودموية، ليقوم بتنفيذ خطة إفناء وإبادة لم يسبق لها مثيل في التاريخ في وحشيتها وفظاعتها وعنفها.
وانتهت عمليات الإيطاليين في فزان باحتلال مرزق وغات ثم عمدوا إلى الاشتباك مع المجاهدين في معارك فاصلة، وفي 26 أغسطس/ هانيبال 1930 ألقت الطائرات الإيطالية حوالي نصف طن من القنابل على الجوف والتاج، وفي نوفمبر/ الحرث من نفس العام اتفق بادوليو وغرسياني على خط الحملة من اجدابيا إلى جالو إلى بئر زيغن إلى الجوف، وفي 28 يناير/ أي النار 1931 سقطت الكفرة في أيدي الغزاة، وكان لسقوطها آثر كبير على حركة الجهاد والمقاومة.
ووقعت في معركة السانية في شهر أكتوبر/ التمور عام 1930 حادثة شهيرة، حيث سقطت نظارة المختار منه أثناء المعركة فوجدها أحد الجنود الطليان ليقوم بإيصالها لقيادته، وعندما رآها غراتسياني قال “الآن أصبحت لدينا النظارة، وسيتبعها الرأس يوماً ما”.
سقوط الأسد
وفي 11 سبتمبر/ الفاتح من عام 1931، وبينما كان المختار يستطلع منطقة سلنطة في الجبل الأخضر في كوكبة من فرسانه، عرفت الحاميات الإيطالية بمكانه فأرسلت قوات لحصاره وألحقتها بتعزيزات، فاشتبك الفريقان في وادي بوطاقة ورجحت الكفة للإيطاليين فأمر المختار بفك الطوق والتفرق، ولكن فرسه قُتلت تحته وسقطت مما شل حركته نهائياً.
فلم يتمكن من تخليص نفسه ولم يستطع تناول بندقيته ليدافع عن نفسه، وسرعان ما حاصره العدو من كل الجهات وتعرفوا على شخصيته، فنقل على الفور إلي مرسى سوسه في الجبل الأخضر ومن ثم نقل رأسا إلي بنغازي حيث أودع السجن الكبير بمنطقة سيدي اخريبيش.
ولم يصدق غراتسياني في بادئ الأمر أنه قد تم اعتقاله، وكان في روما حينها كئيباً منهار الأعصاب في طريقه إلي باريس للاستجمام والراحة تهرباً من الساحة، بعد فشله في القضاء على المجاهدين في الجبل الأخضر، حيث بدأت الأقلام اللاذعة في إيطاليا تنال منه، وفي حينها تلقى برقية مستعجلة من بنغازي مفادها أن عدوه اللدود عمر المختار وراء القضبان.
محاكمة ظالمة
وصل غراتسياني إلى بنغازي يوم 14 سبتمبر، وأعلن عن انعقاد “المحكمة الخاصة” يوم 15 سبتمبر 1931، وعقدت للشهيد محكمة صورية في بنغازي مساء يوم 15 سبتمبر 1931، وبعد ساعة تحديداً صدر منطوق الحكم بالإعدام شنقاً حتى الموت.
وكانت التهم الموجهة إليه كما وردت في نص الحكم “إثارة العصيان وقيادته ضد سلطات الدولة الإيطالية، داخل أراضي المستعمرة، واشتراكه في نصب الكمائن للوحدات المعزولة من قواتنا المسلحة وفي معارك عديدة وأعمال الإغارة للسلب والنهب واللصوصية مع ارتكاب جرائم قتل بدافع نزعته إلى القسوة والتوحش، وأعمال البطش والتنكيل، بقصد إحداث الدمار وسفك الدماء لفصل المستعمرة عن الوطن الأم”.
وعندما ترجم له الحكم، قال الشيخ “إن الحكم إلا لله … لا حكمكم المزيف… إنا لله وإنا إليه راجعون”.
إعدام الشيخ
في صباح اليوم التالي للمحاكمة الأربعاء، 16 سبتمبر 1931 الأول من شهر جمادى الأول من عام 1350، اتخذت جميع التدابير اللازمة بمركز سلوق لتنفيذ الحكم بإحضار جميع أقسام الجيش والميليشيا والطيران، وأحضر 20 ألفا من الأهالي وجميع المعتقلين السياسيين خصيصاً من أماكن مختلفة لمشاهدة تنفيذ الحكم في قائدهم، وأحضر الشيخ عمر المختار مكبل الأيدي، وبدأت الطائرات تحلق في الفضاء فوق المعتقلين بأزيز مجلجل حتى لا يتمكن عمر المختار من مخاطبتهم.
وكانت آخر كلمات عمر المختار قبل إعدامه قوله “نحن لا نستسلم… ننتصر أو نموت…. وهذه ليست النهاية… بل سيكون عليكم أن تحاربوا الجيل القادم والأجيال التي تليه… أما أنا… فإن عمري سيكون أطول من عمر شانقي”.
وفي عام 2008 انحنى رئيس الوزراء الإيطالي سيلفيو برلسكوني أمام ابن عمر المختار الحاج محمد معتذراً عن المرحلة الاستعمارية وما سببته إيطاليا من مآسٍ للشعب الليبي، وذلك بحضور القائد معمر القذافي.
وفيما يلي دراسة أعدها بالمناسبة محرر الصفحة التاريخية بصحيفة قورينا محمد الجالي:
لماذا ظل ـ عمر المختار ـ على مبدأ تحرير ليبيا 1899 ـ 1931؟
* لأنه ذاق مرارة وجبروت وظلم وطغيان الاستعمار.
* ولأنه عشق الحرية فوق تراب وطنه، إلى أن استشهد من أجلها إذ جسد كفاح شعب محاصر في وطنه، هذا الشيخ الورع والأسطورة الفذة، اقترن اسمه مع الحرية والانعتاق من كابوس الاستعمار الجائر أينما كان وحيثما وجد، ولذلك قاد أشرس الملاحم البطولية الباسلة في ساحات الوغى ضد المستعمرين الطليان، ولهذا كلما تأتي ذكراه السنوية تتوقف الحركة في ليبيا في لحظة صمت، وذلك إجلالاً لما قام به هذا الثائر الأسطورة من تضحيات في سبيل حرية وطنه، فتنحني هاماتنا فخراً واعتزازاً وإباء لما جسده هذا المقدام من كفاح لسنوات طوال، مما أصبح رمزاً وطنياُ وعالمياً يحتذى به، لذا نعرض سيرته العطرة في المحطات التالية:ـ
ـ هو/عمر المختار عمر بن فرحات ـ آل بريدان ـ آل فرحات ـ إحدى بطون قبيلة ـ المنفة ـ ولد سنة 1858م بمنطقة جنزور الشرقية الواقعة شرق مدينة طبرق ـ والدته ـ عائشة بنت محارب ـ وهي من نفس القبيلة، هذا البطل التاريخي ورمز الجهاد الوطني أصبح منارة تشع نوراً من النضال لكل الأجيال في وطننا العربي والإسلامي، ولهذا احتفظ له التاريخ النضالي وعلى مدى سنوات كفاحه لقيادته لأولئك المجاهدين الأبطال الذين خاضوا تحت قيادته أعظم ملاحم الكفاح البطولي في ساحة الوغى ضد جحافل القوات الإيطالية الغازية عام 1911م أمام إرادة صلبة وعزيمة صامدة لم تلن لعواصف الرياح العاتية المتمثلة في العملاء الذين رضخوا لخدمة أهداف المستعمرين الذين غرهم ركوب السيارات المريحة والقصور الفارهة آنذاك، فركنوا للراحة واتخذوا العمالة طريقاً لهم.
ـ ظل ـ عمر المختار ـ على مبدأ تحرير ليبيا من دنس الطليان المعتدين، مهما كلفه من تضحيات جسام، والتي برزت منذ بداية تأسيس المقاومة الوطنية، والتي تمثلت في عدم التكافؤ ما بين تجهيز حركة المقاومة الوطنية وقوات الاحتلال الإيطالية، إلا أن إرادة أولئك المجاهدين الأبطال كانت أقوى من أية قوة إيطالية غازية ـ ومن خلال تتبع سيرة هذا البطل ـ نراه قد حرم من كل شيء إذ وصل به الأمر بأن يهجر أسرته إلى مصر عام 1927م كي لا يشغله شاغل عن مقارعة الأعداء ـ حرم نفسه من متعة قسط قليل من الراحة وذلك طيلة أكثر من ربع قرن من الزمن قضاها وهو على ظهر جواده، ممتشقاً سلاحه بين المجاهدين الأشاوس.
ـ حرم أيضاً من نفحات الجبل الأخضر الأشم الذي احتضنه إذ لم يكن لديه متسع من الوقت للتأمل في ربوعه والتي تشكل له حصناً فسيحاً وملاذاً آمناً، وفي المقابل كان الجبل الأخضر يمثل رعباُ ورهبانية وهاجس خوف للأعداء.
*نشأته:ـ
مما لا شك فيه أن ـ عمر المختار ـ عاش وترعرع في سنوات طفولته الأولى في كنف وأسرته وعشيرته، وحين ذهب والده إلى أرض الحجاز لقضاء فريضة الحج، تكفل به هو وشقيقه الأكبر محمد ـ الشيخ حسين الغرياني ـ فأرسلهما الأخير للدراسة بمعهد الجغبوب ـ حيث بلغ ـ عمر المختار ـ وقتئذ (16) ستة عشر عاماً، ولذلك ـ يفهم من هذا السرد لسيرة هذا الأسطورة، على أنه ترك موطنه مبكراً بالبطنان أي عام 1842م ـ واستقر بالجغبوب إذ تكفلت إدارة المعهد بمصروفاته إلى أن تزوج، حيث اعتمدا في مورد رزقهما على ما ورثاه من والدهما هو وشقيقه، من بعض الحيوانات، ونظراً لما اتصف به من صفات القيادة التي ظهرت عليه مبكراً أثناء دراسته بالجغبوب حيث نال إعجاب أساتذته الأفاضل، فلفت نظر الإمام ـ محمد المهدي السنوسي ـ، وهكذا أصبح محط اهتمام ورعاية شخصية من قبله، وعندما بلغ من العمر 39 عاماً أي سنة 1897م، أصدر قراراً بتعيينه شيخاً ـ لزاوية القصور بالجبل الأخضر ـ التي كانت تقع جنوب شرق مدينة المرج بحوالي 15 كم، وبهذا التكليف حمل ـ عمر المختار ـ أولى أعباء مهام المسؤولية بكل اقتدار، إذ قام بتعليم الناس أمور دينهم ودنياهم، ولذلك ساهم في العديد من فض المنازعات العشائرية والخصومات التي كانت تقع بين القبائل آنذاك، حيث سعى على جمعهم على ما هو يصلح شأنهم، إذ عرفت شخصيته آنذاك بأخلاق الدعاة تكتنفه شمائل الحلم والتأني والصبر على البلاء والرفق بالضعيف، وعلى هذا لم يأت اختياره شيخاً لزاوية القصور من فراغ، بل كان مقصوداً من قبل الإمام ـ محمد المهدي السنوسي ـ حيث كانت هذه الزاوية تقع في حدود أراضي قبيلة العبيد، التي عرفت آنذاك بقوة شكيمتها، ومن هنا جاء هذا التكليف بمثابة امتحان صعب له إذ يضعه في الخط الأول نحو القيادة، وقد نجح ووفقه الله في ترشيد وتسييس هذه القبيلة.
بداية الكفاح:-
بدأ هذا الشيخ الورع رحلة كفاحه عن عمر ناهز 41 عاماً وذلك عندما شارك في أولى مهامه الحربية ضد القوات الفرنسية التي غزت تشاد عام 1899م، حيث كان مكلفاً بصفة شيخ لزاوية كلك بتشاد بعدئذ عاد إلى الجبل الأخضر عام 1906م بأمر من السيد/ أحمد الشريف ـ وذلك ليستأنف عمله في زاوية القصور،إلا أنه ما لبث إلا قليلاً حتى أصدر له أمراً آخر وذلك بالتحرك صوب الحدود الشرقية مع مصر عام 1908م، إثر المعارك التي حصلت ما بين العثمانيين والبريطانيين بمنطقة ـ البردي ومساعد، والسلوم ـ والتي أسفرت نتائجها بضم ـ السلوم ـ إلى الأراضي المصرية، وبعدئذ عاد ـ عمر المختار ـ إلى زاوية القصور، ومن خلال توليه لهذه الزاوية برزت شخصيته بين زملائه مشايخ الزوايا وأعيان العشائر، ولدى دوائر الحكومة العثمانية إذ أصبح يُحترم من الجميع، وقد تميز بحزمه لإدارة الزاوية وفي معالجة المشاكل والقضايا الاجتماعية، الأمر الذي جعل منه مضرباً للأمثال، لذلك مهدت له شخصيته آنذاك بأن يلعب دوراً قيادياً في تلك المرحلة التي تعد من أهم وأصعب المراحل في حياة الشعب الليبي.
*الحرب الليبية الإيطالية:-
عندما دقت طبول الحرب الليبية الإيطالية عام 1911م، كان ـ عمر المختار ـ في واحة جالو، إلا أنه عاد على عجل إلى زاوية القصور، وأمر بتجنيد كل من ينطبق عليه سن الجهاد، فسرعان ما استجابوا لندائه، فحضر عندئذ أكثر من ألف مقاتل جلهم من قبيلة العبيد التابعين لزاوية القصور، وفي نفس الوقت قام الشيخ ـ عمران السكوري ـ شيخ زاوية المرج ـ بتكوين مجموعة مقاتلة من منطقة المرج وضواحيها، تم دمجها مع المجموعة المقاتلة تحت قيادة ـ عمر المختار ـ حيث شارك هؤلاء في المعارك التي وقعت بمنطقة السلاوي ببنغازي، ومعركة ـ بنينا ـ وهكذا بدأ يلمع اسم ـ عمر المختار ـ منذ الوهلة الأولى في أغلب الملاحم والمعارك الجهادية التي شارك فيها ضد القوات الإيطالية الغازية، إلى أن أصبح من أبرز قادة حركة الجهاد آنذاك في ليبيا، وبعد توليه حركة المقاومة الوطنية حاول أن يجد تنظيماً حربياً يخوض به المعارك المختلفة.
*تشكيل المعسكرات من المجاهدين:-
لقد شرع ـ عمر المختار ـ في تشكيل معسكرات من القبائل وذلك على هيأة تنظيم أطلق عليه (تنظيم الأدوار) وذلك عقب عودته من الرحلة التي قام بها إلى مصر عام 1923 وذلك بالتشاور مع السيد ـ إدريس السنوسي ـ الذي يبدو أنه اختار الجانب السياسي، وترك الجانب النضالي ـ لعمر المختارـ الذي أخذ بإنشاء وتنظيم
– المعسكرات التالية:-
1 ـ معسكر العبيد والعرفة. 2 ـ معسكر البراعصة. 3 ـ معسكر العبيدات والحاسة. 4 ـ معسكر العواقير 5 ـ معسكر المرابطين، وهذا المعسكر تم توزيعه على المعسكرات، وقد اختار ـ عمر المختار ـ قادة هذه المعسكرات على النحو الآتي:ـ
1ـ حسين الجويفي ـ لقيادة البراعصة.
2ـ يوسف بورحيل ـ لقيادة البراغيث.
3 ـ الفضيل بوعمر ـ لقيادة العبيدات والحاسة.
4 ـ قجة عبدالله البدي ـ لقيادة العواقير.
في حين وجود ـ الباشا ـ صالح الأطيوش ـ عن قبيلة المغاربة.
ومن خلال تأسيس هذه الأدوار بدأت مرحلة جديدة من الجهاد والمهام الصعبة، إذ كانت عامي 1924 م ـ 1925 ـ ضمن الأعوام التي أطلق عليها اسم الأعوام الحاسمة، وذلك لما شهدته من معارك دامية مابين معسكرات المجاهدين والقوات الإيطالية حيث أتقن عمر المختار أسلوب الفاتحين الأوائل ـ الكر والفر ـ وقد حقق به انتصارات باهرة في ساحة الوغى ضد الإيطاليين الفاشيست، مما جعل من أبناء القبائل ينضمون إلى صفوف معسكرات المجاهدين، في الوقت نفسه بادر الأهالي بإمداد المجاهدين بالمؤن والعتاد والسلاح.
*نظام الأدوار:-
لقد تميز نظام الأدوار الذي تشكل من القبائل أي الأهالي بالآتي:ـ
1ـ يلتزم كل دور بتوفير التموين اللازم لأفراده.
2 ـ يلتزم كل دور بتعويض الشهداء من المقاتلين بآخرين.
3 ـ تتبارى مجموعات القبائل في تقديم البطولات والتضحيات حتى لا تكون موضع سخرية أو استهزاء أمام بقية القبائل.
4 ـ على كل دور أن يوفر الحماية اللازمة لذويه عن طريق الدوريات والرابطات التي تراقب تحركات العدو.
5 ـ تقوم دوريات تعرف باسم “الرباط” بمراقبة تحركات العدو في مراكزهم ـ وكثيراً ما يتعرضون لعقوبة الإعدام حال اكتشافهم من قبل الطليان.
6 ـ يقوم نظام الأدوار على أساس عشائري ـ وهو يعتبر وحدة عسكرية وإدارية واجتماعية ـ يرأسه ـ قائمقام ـ حيث تتمثل فيه السلطة الإدارية والعسكرية.
*(نظام الترقيات العسكرية)
لقد اعتمد عمر المختار نظاماً خاصاً بالترقيات، للضباط وضباط الصف، وذلك على غرار النظام العثماني ـ مثل ـ قائمقام ـ كومندان ـ بكباشي ـ ملازم أول ـ ملازم ثان ـ كوجك ضابط ـ ضابط صغير ـ باش شاويش ـ شاويش ـ أمباشي ـ وقد تم منح هذه الترقيات من قبل ـ عمر المختار ـ وذلك بناء على ما يقدمه أو ما يقوم به المجاهد من أعمال وبطولات في ميادين المعارك أو أثناء المواقف الدقيقة.
(تكوين المجلس الأعلى لحركة المقاومة الوطنية).
ـ لقد أسس ـ عمر المختار ـ مجلساً أعلى برئاسته وقد تكون من الأسماء التالية:ـ
1ـ يوسف رحيل
2ـ حسين الجويفي
3ـ الفضيل بوعمر.
4 ـ محمد الركسي
5 ـ موسى غيضان
6ـ محمد مازق.
7 ـ محمد العلواني العبيدي
8ـ جربوع سويكر
9 ـ قطيط الحاسي.
10 ـ رواق درمان.
وقد أصدر أمراً في حالة غيابه يترأس المجلس يوسف بورحيل.
هذا البطل الأسطورة مهما تحدثنا عن تاريخ نضاله ونظمه القيادية التي قام بها إبان الغزو الإيطالي فإننا نجد أنفسنا لازلنا عاجزين على أن نفيه حقه، إذ ما قدمه في سبيل حرية وكرامة هذا الوطن ، هو أكثر بكثير مما يكتب في حقه من أسطر قليلة، حيث ظل يكافح ويناضل دون هوادة إلى أن تم أسره في إحدى المعارك مع القوات الإيطالية ـ بوادي بوطاقة ـ بمنطقة ـ سلطنة بجنوب البيضاء، حيث سقط من على صهوة جواده في 11-9-1931م وقد اقتيد على الفور تحت الحراسة المشددة إلى ميناء سوسة وفي اليوم التالي بتاريخ 12/9/1931 م نقل بحراً على ظهر الطراد الإيطالي ـ أورسيني إلى بنغازي ـ وفي يوم 15/9/1931 م واجه الأسد الشيخ عمر المختار ـ وهو مكبل اليدين والرجلين السفاح الطاغية ـ الجنرال “رودولفو غراسياني” الذي حاول إغراءه إلا أن إغراءاته باءت بالفشل أمام إرادته الصلبة التي عرف بها ـ إذ قام الأسد بالرد عليه قائلاً: (لا تقل للعالم أنني التمست منك حياتي في خلوة هذه الغرفة ، فما عليكم إلا أن تواجهوا الجيل القادم والأجيال التي تليه ـ أما أنا فستكون حياتي أطول من حياة شانقي”… هذا هو البطل الرمز الذي لقن القوات الإيطالية الفاشستية دروساً في البطولة والفداء ستظل محفورة في ذاكرة التاريخ النضالي إلى الأبد.
ـ المراجع:-
1 ـ الجنرال “ردولفو غراسياني ـ كتابه برقة الهادئة ـ ترجمة أـ إبراهيم سالم بن عامر،1980.
2 ـ د.حبيب وداعة الحسناوي ـ كتاب ـ عمر المختار ـ مركز الجهاد الليبي، 1983.
3 ـ د. صالح رمضان محمود ، منشورات مجلة البحوث التاريخية ـ العدد 2 ،1988.
4- المجاهد/ سالم مفتاح دهش- مقابلة شخصية 2007.
بوفرقه- مراقب
-
عدد المشاركات : 34697
العمر : 58
رقم العضوية : 179
قوة التقييم : 76
تاريخ التسجيل : 30/04/2009
رد: اليوم الذكرى الــ79 لاستشهاده .. شيخ الشهداء عمر المختار
مشكور وبارك الله فيك
المرتجع حنتوش- مشرف قسم المنتدي العام
-
عدد المشاركات : 21264
العمر : 32
رقم العضوية : 121
قوة التقييم : 41
تاريخ التسجيل : 10/04/2009
مواضيع مماثلة
» شيخ الشهداء عمر المختار
» في الذكرى الـ 86 لاستشهاده.. عمر المختار "أيقونة" نضال خالدة
» غريتسياني ونظارة عمر المختار .. الذكرى 85 لاستشهاد شيخ الشهداء
» اليوم ذكرى شيخ الشهداء عمر المختار
» شيخ الشهداء عمر المختار
» في الذكرى الـ 86 لاستشهاده.. عمر المختار "أيقونة" نضال خالدة
» غريتسياني ونظارة عمر المختار .. الذكرى 85 لاستشهاد شيخ الشهداء
» اليوم ذكرى شيخ الشهداء عمر المختار
» شيخ الشهداء عمر المختار
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
اليوم في 8:56 am من طرف STAR
» مخمورا حافي القدمين يجوب الشوارع.. لماذا ترك أدريانو الرفاهية والنجومية في أوروبا وعاد إلى
اليوم في 8:42 am من طرف STAR
» نصائح يجب اتباعها منعا للحوادث عند تعطل فرامل السيارة بشكل مفاجئ
اليوم في 8:37 am من طرف STAR
» طريقة اعداد معكرونة باللبن
اليوم في 8:36 am من طرف STAR
» الصلاة علي رسول الله+الاستغفار+ذكر الشهادة+كفارة المجلس
اليوم في 8:34 am من طرف STAR
» مشاركة شعرية
أمس في 12:28 pm من طرف محمد0
» لو نسيت الباسورد.. 5 طرق لفتح هاتف أندرويد مقفل بدون فقدان البيانات
2024-11-03, 9:24 am من طرف STAR
» عواقب صحية خطيرة للجلوس الطويل
2024-11-03, 9:23 am من طرف STAR
» صلاح يقترب من هالاند.. ترتيب قائمة هدافي الدوري الإنجليزي
2024-11-03, 9:23 am من طرف STAR
» زلزال يضرب شرق طهران وسط تحذيرات للسكان
2024-11-03, 9:22 am من طرف STAR
» أحدث إصدار.. ماذا تقدم هيونداي اينيشم 2026 الرياضية ؟
2024-11-03, 9:21 am من طرف STAR
» بانكوك وجهة سياحية تايلاندية تجمع بين الثقافة والترفيه
2024-11-03, 9:21 am من طرف STAR
» مناسبة للأجواء الشتوية.. طريقة عمل كعكة التفاح والقرفة
2024-11-03, 9:20 am من طرف STAR
» صلى عليك الله
2024-10-30, 12:39 pm من طرف dude333
» 5 جزر خالية من السيارات
2024-10-26, 9:02 am من طرف STAR