إعلانات المنتدي
المواضيع الأخيرة
بحـث
التحول بالاقتصاد الليبي النفـطي إلـى اقتـصـاد أگثـر تنـوعا
صفحة 1 من اصل 1
التحول بالاقتصاد الليبي النفـطي إلـى اقتـصـاد أگثـر تنـوعا
اسس التحول بالاقتصاد الليبي من الاقتصاد النفـطي إلـى اقتـصـاد أگثـر تنـ
شهدت السنوات الأخيرة إحراز بعض التقدم في عملية إعادة هيكلة الاقتصاد، وبالرغم من ذلك فإن اقتصاد الجماهيرية مايزال خاضعاً إلى حد كبير لسيطرة القطاع العام ويفتقر إلى التنوع، ويتركز نحو ثلاثة أرباع القوى العاملة في القطاع العام، وماتزال استثمارات القطاع الأهلي ضئيلة جداً ويواصل القطاع النفطي هيمنته على الاقتصاد.
وفي الوقت الذي لايستبعد فيه حدوث انهيار في أسعار النفط خلال النصف الثاني من العقد الثاني للقرن الحادي والعشرين، حيث المتتبع لتحركات أسعار النفط يلاحظ أنها تنسجم مع ما يعرف بنظام الدورات السعرية وقد تمتد الدورة السعرية لأكثر من عقد من الزمن.
وبالرغم من أن العديد من الاقتصاديين يستبعدون ذلك لأسباب متعددة تتعلق بالطلب بتكاليف الانتاج، فإن الإستراتيجية الآمنة تتطلب الاستعداد لأسوأ الاحتمالات وهو انخفاض أسعار النفط بعد عام 2015 لمستويات أقل من 40 دولاراً للبرميل، عند هذه المستويات السعرية وفي ظل المعدلات الحالية للانفاق وعدم وجود مصادر بديلة للدخل والنمو، فإن الجماهيرية ستواجه صعوبات كبيرة في تسيير الاقتصاد وعجز كبير في الميزانية العامة قد يكون من الصعب معه مواجهة دفع المرتبات للأعداد الكبيرة الموظفة في القطاع العام.
إن هذه الأوضاع تدعو وبشكل ملح إلى ضرورة الإسراع في تبني سياسات تهدف إلى تنويع الاقتصاد والحد من الاعتماد على النفط وتحويل الملكية إلى القطاع الأهلي وقصر دور الدولة على وظيفة المنظم إن الأوضاع الاقتصادية المواتية والسلم والأمن الاجتماعي الذي تتمتع بهم الجماهيرية يشكل بيئة مثالية لتنفيذ برنامج شامل لإعادة هيكلة الاقتصاد يستند إلى توجيهات الأخ / قائد الثورة بإعادة صياغة دور الدولة من الدولة الضامنة والراعية إلى الدولة المنظمة وأن تتحول جل الأنشطة الاقتصادية والمؤسسات العامة إلى القطاع الأهلي.
إن الغرض من هذه الورقة هو عرض الخطوط العامة لإستراتيجية إعادة هيكلة الاقتصاد الليبي التي يمكن العمل عليها للإسراع بتحول هذا الاقتصاد، وتشجيع دور القطاع الأهلي وخلق فرص العمل، وتستهدف الإستراتيجية المقترحة الحفاظ على الاستقرار الاقتصادي الكلي وإرساء قاعدة صلبة لتنمية الاقتصاد غير النفطي، ويمكن تنفيذ هذه الإستراتيجية على مدى فترة (3-5سنوات ).
تتكون هذه الورقة من ثلاثة أقسام، يتضمن القسم الأول خلفية موجزة عن الاقتصاد الليبي ويستعرض القسم الثاني الخصائص الأساسية للاقتصاد وآفاقه في المدى المتوسط في ظل السياسات الاقتصادية الحالية، ويعرض القسم الثالث الإستراتيجية المقترحة لإعادة هيكلة الاقتصاد.
أولا: خلفية موجزة عن الاقتصاد الليبي
-1 اختارت الجماهيرية في النصف الثاني من عقد السبعينيات من القرن العشرين نظاما اقتصادي سيطر فيه القطاع العام على القطاعات الاقتصادية الرئيسية، وكان دور القطاع الأهلي غائبا تقريبا، وبالرغم من نجاح الاقتصاد الوطني في تلك الفترة من مواجهة التحديات التي فرضتها الأزمة الاقتصادية في الثمانينيات والحصار الجائر في فترة التسعينيات وتحقيقه للعديد من المكاسب للبلد فإنه أدى إلى إنخفاض كفاءة رأس المال وتدني إنتاجية العمل مما أدى إلى انخفاض النمو الاقتصادي.
-2 تبنت عدة بلدان في الماضي نظاماً اقتصادياً يعتمد على القطاع العام كالاتحاد السوفياتي سابقا، ومجموعة البلدان الاشتراكية في شرق أوروبا، والصين، والهند، لكن في بداية الثمانينيات والتسعينيات من القرن العشرين بدأ العديد من هذه البلدان في رفع القيود عن الاقتصاد، والتوجه نحو اقتصاد السوق من خلال السماح للقطاع الخاص باتخاذ قرارات التسعير والانتاج والتوزيع، وأصبحت غالبية الاقتصادات اليوم إما اقتصادات تقوم على قوى السوق أو مختلطة (تخطط جزئياً).
-3 خلال المرحلة الأولى من عملية التحول، أدت التغيرات التي اتبعتها بعض الدول إلى خلل في توزيع الدخل والثروة، وانخفاض النمو الاقتصادي، لكن بعد استكمال هذه المرحلة كان بمقدور هذه البلدان تحقيق نمو اقتصادي أكبر وتحسين مستوى المعايير المعيشية للسكان.
-4 أظهرت الدراسات وتقويم أداء البلدان التي قامت بتحويل اقتصاداتها خلال الثمانينيات من القرن العشرين، بأن عملية تحول الاقتصاد الصيني كانت ناجحة، لكن ما لا يذكر عادة هو أنه خلال فترة ما يقارب 10 سنوات، أي حتى مطلع التسعينيات، كان الاقتصاد الصيني يجمع بين الاقتصاد المخطط واقتصاد السوق في ذات الوقت، والهدف كان ألا يكون الوضع الاقتصادي أسوأ في ظل الاقتصاد المختلط منه في ظل الاقتصاد المخطط، وقد أعطى النظام الجديد المتبع في الصين لبعض السكان الفرصة أن يكونوا أكثر غنى.
وبصورة تدريجية بدأ الاقتصاد المخطط بالتناقص حتى منتصف التسعينيات، حيث أصبح تخصيص الموارد يتحدد بصورة أكبر من خلال آليات السوق.
-5 بالإضافة إلى النماذج الاقتصادية التي تم ذكرها أعلاه، ففي العديد من البلدان وخاصة في دول مجلس التعاون الخليجي نجد أن الحكومات ماتزال تمتلك حصّة كبيرة من الاقتصاد ولكن لا تتمتع هذه الأنشطة بأي حماية من الحكومات، وتدار تلك الأنشطة على أسس تجارية وتتنافس مع القطاع الخاص، وعدد كبير من هذه الأنشطة مشروعات مشتركة مع مستثمرين من القطاع الخاص إما محليين أو أجانب، وقد أدت هذه السياسات المتبعة إلى نمو الاقتصاد غير النفطي، وخلق فرص عمل جديدة للسكان، كما ساهمت في توسيع القاعدة الضريبية، وتخفيف العبء على الميزانية العامة.
-6 إن برنامج إعادة الهيكلة المطبق في الجماهيرية حالياً يشابه ما طبقته الصين خلال المرحلة الأولى من عملية التحول. ففى الجماهيرية تمّ تطبيق إجراءات كثيرة في إطار إعادة الهيكلة، فتم فتح القطاع الخارجي، تمليك بعض الشركات العامة للقطاع الأهلي وتحرير معظم الأسعار، وفي ذات الوقت أبقت الدولة على برامج تهدف إلى الحد من الآثار السلبية لعملية التحول على السكان، وإدخال إجراءات جديدة لتوزيع جزء من ثروة النفط على الشعب.
-7 بالرغم من كل الإجراءات التي تم تنفيذها في الجماهيرية خلال السنوات الأخيرة، فلايزال القطاع العام يلعب دوراً رئيسياً في الاقتصاد. ولم يكن هذا الأمر ليسبب أي مشكلة لو كانت عمليات القطاع العام تدار بكفاءة، لكن غياب المنافسة والمساءلة، وضعف الإدارة، أدى كل ذلك إلى ضعف وتدني مستوى وجودة الخدمات، فالقطاع العام في الجماهيرية غير كفؤ، ومكتظ بالموظفين، ويعتمد كثيراً على الدعم من الميزانية العامة، التي تمول بشكل أساسي من الإيرادات النفطية غير القابلة للاستدامة.
ثانياً : الخصائص الأساسية للاقتصاد الليبي
-8 تتمتع الجماهيرية بموارد سخية من الطاقة، لكن اقتصادها لا يزال هو الاقل تنوعاً بين البلدان المنتجة للنفط رغم خطط التنمية الاقتصادية التي نفذت خلال العقود الماضية. لقد ساهم قطاع النفط بحوالي %70 من الناتج المحلي الإجمالي خلال الفترة(2009– 2005) كما يلاحظ هيمنة قطاع النفط على الحسابين المـالي والخارجي للبلاد، فخلال الفترة 2009 – 2005 شكلت الصادرات النفطية حوالي %97 من إجمالي الإيرادات من الصادرات، وشكلت الإيرادات النفطية حوالي %90 من إجمالي الإيرادات.
-9 لقد تم تحقيق تقدم في مجال إعادة هيكلة الاقتصاد خلال السنوات الأخيرة، فقد تم فتح القطاع المصرفي للمنافسة المحلية والأجنبية، وتبسيط إجراءات طلبات إقامة المشروعات إلى حد ما، وتحرير معظم الأسعار، وإزالة القيود على التجارة الخارجية، غير أن فعالية السياسات والإجراءات التي تم اتخاذها لا تزال تتأثر بغياب إستراتيجية شاملة لإعادة هيكلة الاقتصاد الوطني، وضعف الانضباط الإداري والمالي ووجود قيود قوية تتعلق بالقدرات البشرية، وضعف المؤسسات.
-10 مازال الاقتصاد الليبي خاضعاً إلى حد كبير لسيطرة القطاع العام غير الكفؤ ونتيجة ذلك فإن الجماهيرية لديها واحدة من أكبر نسب الاستثمار إلى الناتج المحلي غير النفطي في العالم (1) وبالرغم من ذلك فإن معدل نمو الاقتصاد لايزال بحدود الـ %6 سنوياً. وعند مقارنة هذه النسبة مع البلدان الأخرى نجد أن تلك البلدان كانت قـادرة على تحقيق معـدل نمـو إقتصادي أكبر بمستويات أقل من الاستثمار، وهذا ما يشير إلى أن العائد على الاستثمار في الجماهيرية منخفض بسبب تدني كفاءة رأس المال وانخفاض إنتاجية القوى العاملة.
-11 حسب آخر التوقعات لأسعار النفط ووفقاً للسياسات الاقتصادية المتبعة حالياً، نجد أن الآفاق الاقتصادية في المدى المتوسط (2015 – 2010) لا تزال مواتية ولا تثير أية مخاوف بشأن الاستدامة، حيث سيواصل الحسابان المالي والخارجي تسجيل فوائض، لكن يتوقع أن يظل نمو الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي معتمدا بشكل كبير على الإنفاق العام. إن المستوى المتوقع للنمو غير النفطي في ظل تنفيذ السياسات الراهنة والتي تتم دون التنسيق بين إجراءات إعادة الهيكلة وعدم شموليتها هي أدنى بكثير من قدرات الجماهيرية ولن تكن كافية لتوليد فرص العمل اللازمة لحل مشكلة البطالة الحالية واستيعاب العمالة الجديدة التي تشهد زيادة سريعة، حوالي (%4-%3 سنوياً)، وفي الوقت ذاته فإن الاتجاهات المتوقعة تؤكد زيادة ارتفاع مستوى اعتماد الجماهيرية على النفط حيث من المتوقع أن يظل عجز المالية العامة غير النفطي كبيراً جداً بحدود %45 من إجمالي الناتج المحلي وهذه السياسات (اقتصادياً) غير قابلة للاستدامة في المدى الطويل ويجعل الاستقرار والنمو الاقتصادي عرضة لتقلبات أسعار وإنتاج النفط.
ثالثاً: إعادة هيكلة اقتصاد الجماهيرية:
في ضوء ما تقدم، تحتاج الجماهيرية إلى تنفيذ إستراتيجية شاملة بهدف تحويل معظم الأنشطة الاقتصادية إلى القطاع الأهلي، وتقليل الاعتماد القوي على النفط. وللإشراف على إعداد وتنفيذ هذه الإستراتيجية، يتطلب الأمر تشكيل فريق اقتصادي من الأمانات وبعض الجهات المعنية، يكون مسؤولا عن تنسيق الجهود المطلوبة لإعادة هيكلة الإقتصاد ويمكن أن يُساعد هذا الفريق في أداء مهامه لجنة فنية تكون مكلفة باقتراح السياسات والإجراءات الفنية، كما تكلف اللجنة كذلك بإعداد تقارير دورية إلى اللجنة الشعبية العامة حول الحالة المالية والاقتصادية والحالة التنفيذية للإستراتيجية.
-12 تحتاج كافة الأمانات ومصرف ليبيا المركزي لإعداد خطة تفصيلية بمساعدة خبراء مختصين لتحقيق أهداف إستراتيجية إعادة هيكلة الاقتصاد، وتتم مراجعة هذه الخطط من قبل اللجنة الفنية قبل تقديمها إلى الفريق الاقتصادي.
إن تنفيذ الإستراتيجية سيتطلب تجزئتها إلى برامج سنوية تتضمن المساعدة الفنية المطلوبة لتنفيذ البرامج الموصى بها ونظاما لتقويم ومراقبة الأداء. وبالنظر إلى ضعف رأس المال البشري في الجماهيرية فإنه سيكون هناك حاجة لتعيين خبراء مقيمين في مختلف الأمانات والمؤسسات والمصرف المركزي.
-13 إن استدامة عملية إعادة الهيكلة تتطلب دعم المواطنين والذي لا يمكن الحصول عليه إلا من خلال مشاركة المؤتمرات الشعبية الأساسية في الوقوف على متطلبات ومزايا برامج إعادة هيكلة الاقتصاد، كما أنه من المهم إقامة حوار دائم وبناء مع المؤسسات الأهلية بما يمكن اللجنة الشعبية العامة من شرح أهدافها الاقتصادية والاجتماعية ومن ثم حشد الدعم على المستوى الوطني.
وفيما يلي إجراءات إعادة الهيكلة المطلوبة في مختلف القطاعات:
المالية العامة:
بالرغم من أن نظام إدارة المالية العامة في الجماهيرية يفي ببعض المتطلبات التشغيلية، فإنه لم يتطور إلى نظام يتسم بالتركيز الإستراتيجي والترابط المنطقي، وتتطلب نواحي القصور في نظام إدارة المالية العامة تقويماً شاملاً لوضع برنامج عمل لتطوير النظام الحالي الذي يعاني من نقاط الضعف التالية:
* نقص التنسيق على مستوى الاقتصاد الكلي وعدم وجود إطار للمالية العامة متوسط الأجل.
* عدم شمولية الميزانية و تبويب غير كاف وسليم.
* ضعف الترتيبات المصرفية والإدارة النقدية.
* ترتيبات المحاسبة والإبلاغ والرقابة والمراجعة والتقويم ضعيفة ولا تفي بالمعايير الدولية لأفضل الممارسات.
ويحتاج برنامج تطوير النظام إلى ما يلي:
* أن يكون تصنيف المعاملات في الميزانية متناسقا مع المعايير الدولية. أن يتم وضع نظام للمحاسبة والإبلاغ يفي بالمعايير الدولية.
* العمل على وضع إطار للإنفاق للمدى المتوسط بهدف تحقيق الاستدامة المالية في المدى الطويل يستند إلى سياسات إنفاق مستقرة وذات أهداف كمية تعكسها الميزانية العامة السنوية، واستخدام إطار الإنفاق في المدى المتوسط لتخصيص الموارد للبنية التحتية والخدمات الاجتماعية وبناء القدرات.
* تحسين إدارة إيرادات النفط وادخار جزء من إيرادات النفط للأجيال القادمة، وفي هذا الخصوص يجب وضع قواعد تحكم سياسات الإيرادات والنفقات المرتبطة بحساب المجنب لدى مصرف ليبيا المركزي وتنفيذها بدقة، ويجب تقويم مستوى أداء المجنب والمؤسسة الليبية للاستثمار على أساس دوري.
* تحديث نظام الخزانة العامة وإقامة حساب موحد للخزانة لدى مصرف ليبيا المركزي يعكس الإيرادات والنفقات المتعلقة بكافة بنود الميزانية العامة.
* استمرار الجهود لتنفيذ إحصاء شامل للعاملين بالخدمة المدنية، وينبغي أن تهدف إعادة الهيكلة إلى تبسيط الإجراءات وإصلاح التشريعات وتبني سياسات عامة للأجور والاستخدام بما يتفق مع البنية الاقتصادية الجديدة.
* تقوية إدارة الإنفاق العام ومراقبته.
-2 سياسات الدعم:
استخدام حسابات الادخار وتحويل الدعم لهذه الحسابات مقابل استخدام هذه الحسابات في الإنفاق على قطاعي الخدمات التعليمية والصحية ….الخ.
* إن تبسيط نظام الدعم والذي يحتوي على دعم صريح (أساساً في المواد الغذائية والأدوية) ودعم ضمني في شكل أسعار مستهلك مخفضة (المنتجات النفطية، الغاز الطبيعي، الكهرباء المياه ) وتحويل هذا الدعم إلى دعم نقدي مقابل بيع المنتجات بأسعار التكلفة.
* وضع برنامج يتم وفقاً له زيادة أسعار السلع المدعومة تدريجياً على أن تكون الوفورات المتحصل عليها جزءًا من برنامج التحويلات النقدية المستهدفة أو برنامج توزيع الثروة مع القيام بدراسة شاملة للدعم الضمني لتقويم حجمه الحقيقي.(2)
* إن خطة إحلال الدعم بمدفوعات نقدية ينبغي شرحها للجماهير للحصول على دعم المؤتمرات الشعبية الأساسية وينبغي أن تصدر بقانون.
-3 الضمان الاجتماعي:
القيام بدراسة شاملة لنظام الضمان الاجتماعي الذي يغطي حوالي ثلاثة أرباع العاملين. وبناءً على نتائج وتوصيات هذه الدراسة ينبغي وضع حزمة برامج إصلاح شامل للنظام لمعالجة جوانب الضعف، وضمان استمرارية أوضاعه المالية، وتحسين مستوى تقديم الخدمات.
-4 السياسات الاجتماعية:
* ينبغي إعداد دراسة شاملة حول الفقر، وهو ما يسهل عملية تصميم شبكة للأمان الاجتماعي لحماية فئات السكان الأكثر حاجة في المجتمع ضد الآثار السلبية التي يمكن أن تنتج عن عملية إعادة الهيكلة لضمان تنفيذ البرامج العامة بطريقة عادلة وفعالة ومستدامة ولا تؤدي إلى إهدار الموارد.
* إنشاء شبكات أمان اجتماعي لفئات السكان الأكثر تأثراً بالإصلاحات الهيكلية.
* التأكد من أن السياسات المتبعة من قبل صندوق الإنماء الاقتصادي والاجتماعي هي سياسات قابلة للاستدامة.
* وضع خطط شاملة وواضحة لإعادة هيكلة نظامي التعليم والصحة باعتبارهما الركيزتين الرئيسيتين للتنمية الاقتصادية والاجتماعية وتحقيق التقدم.
-5 الإصلاحات النقدية:
ما زالت فعالية السياسة النقدية ضعيفة نتيجة الدور الذي تلعبه المصارف المتخصصة التي هي بحاجة ماسة لإعادة هيكلتها، كما يجب الحد من تخصيص أية أموال جديدة في الميزانية العامة لهذه المصارف وتوجيه أي دعم متعلق بالائتمان من خلال الميزانية العامة.
* يقترح أن يكون تقديم الدعم قائما على سعرين، السعر الذي يحصل عليه المصرف، والذي (مع مرور الوقت) سيصبح تحديده أكثر اعتمادا على قوى السوق، والسعر المدعوم الذي يدفعه المقترض وتحدده اللجنة الشعبية العامة، وتقوم الأخيرة بتمويل الفرق بين السعرين وتدرجه بالميزانية العامة السنوية.
* مواصلة تطوير أدوات السياسة النقدية غير المباشرة وتطوير سوق النقد المتداول بين المصارف، وتمهيد الأرضية لإقامة سوق ثانوية لشهادات إيداع مصرف ليبيا المركزي.
* ينبغي على مصرف ليبيا المركزي الإسراع في استكمال تنفيذ هيكليته الجديدة وتقوية دور اللجان المختصة بالسياسات، خاصة لجنة السياسة النقدية ولجنة الاستثمار.
* من الضروري استمرار الجهود المبذولة لإيجاد نظام مصرفي أكثر قوة وكفاءة.
* بيع ما تبقى من حصص لمصرف ليبيا المركزي في المصارف العامة إلى القطاع الأهلي قبل نهاية عام 2011 مسيحي.
-6 الإصلاحات التجارية
ينبغي المحافظة على التقدم الملموس الذي تم إحرازه في السنوات الأخيرة في نظام التجارة وتبسيط أنظمة التجارة.
* ينبغي تبسيط الإجراءات الجمركية تمشياً مع المعايير الدولية.
* إن مفاوضات منظمة التجارة العالمية ستتطلب من الجماهيرية تعديل قوانينها وإجراءاتها ومؤسساتها لتتواءم مع المعايير الأساسية للمنظمة.
* تفعيل الأحكام المتعلقة بمحاربة الاحتكار ضمن القانون التجاري الجديد.
-7 التمليك والاستثمار الأجنبي المباشر.
وضع استراتيجية شاملة لنقل ملكية المؤسسسات العامة بما فيها المؤسسات الصحية والتعليمية إلى القطاع الأهلي
* الاستمرار في جهود تحسين مناخ الأعمال وخاصة مايتعلق بالتراخيص والضرائب وملكية أو إيجار الأراضي وخدمات المواني.
* إن تقوية المشروعات الصغيرة والمتوسطة الحجم ضروري لتشجيع التنويع الاقتصادي وهو هدف سيتطلب جهوداً طويلة ومستدامة.
-8 متطلبات إضافية لتنويع الاقتصاد غير النفطي.
* ينبغي أن تهدف سياسات الدولة في القطاعين الزراعي والصناعي إلى زيادة التنويع الاقتصادي والمساهمة في خلق فرص العمل، سواء في المناطق الحضرية أو الريفية. وينبغي أن تركز السياسات الزراعية على زيادة الإنتاج والإنتاجية عن طريق إصلاح قانون الأراضي، وتحسين الخدمات العامة، وتشجيع التجارة من خلال تحسين شبكة الطرق في المناطق الريفية. وحيث إن الجماهيرية لاتملك ميزة تنافسية كبيرة في الأنشطة الصناعية كبيرة الحجم لذا يتعين أن يكون التركيز الأكبر في جهود الإصلاح على تطوير المشروعات الصغيرة والمتوسطة في مجالات تصنيع المنتجات الزراعية
وغيرها من الصناعات الخفيفة، والنقل والاتصالات والسياحة. وفيما يتعلق بسوق العمل ينبغي إتاحة مزيد من المرونة للمؤسسات في مراقبة جودة العمالة لديها وتحديد الحجم المناسب لها.
* إن نجاح إستراتيجية إعادة هيكلة الاقتصاد المحددة أعلاه يتطلب تحسيناً كبيراً في الحوكمة، وإجراءات تهدف إلى تعزيز الشفافية والمحاسبة في المؤسسات العامة، وتعزيز إطار العمل المؤسسي (وتقوية جهاز المراجعة).
* مواصلة الجهود لتحسين البيئة القانونية والتنظيمية بما فيها قانون علاقات العمل واللوائح المنظمة له.
إصلاح النظام القضائي وتقويته من أجل تبسيط وتسريع إجراءات فض المنازعات وتعزيز ثقة القطاع الأهلي في المؤسسات القانونية الليبية.
* تنفيذ برنامج شامل لبناء الإدارة المحلية والإسراع في إعادة هيكلة الحكم المحلي والتركيز على الكفاءة في اختيار عناصر الإدارة.
- 9 تقوية النظام الإحصائي:
* ما يزال النظام الإحصائي في الجماهيرية ضعيفا مما يؤدي إلى عيوب خطيرة تؤثر في قدرة تقويم الأوضاع الاقتصادية والمالية وتطوير سياسات مناسبة واتخاذ قرارات سليمة.
* يجب وضع برنامج طويل الأجل وفعال للنظام الإحصائي في الجماهيرية لتقوية الإطار المؤسسي من خلال إنشاء جهاز مركزي للإحصاءات وبناء نظام إحصائي قوي وذي مصداقية.
إن هذه الفقرات هي فقط نماذج لما يمكن تبنيه من برامج تهدف لإعادة هيكلة الإقتصاد ولعل الأمر يحتاج إلى خطط تفصيلية على مستوى القطاعات المختلفة.
إن التطبيق الناجح للإستراتيجية المقترحة سيدفع لتنمية القطاع غير النفطي ويمهد الأرضية للتحول الأساسي للاقتصاد الليبي من اقتصاد نفطي إلى اقتصاد أكثر تنوعاً.
(1) خلال الفترة (2009-2008) كان معدل الاستثمار السنوي غير النفطي بالنسبة إلى إجمالي الناتج المحلي غير النفطي%67 في المتوسط.
(2) تم تقدير الدعم الضمني على المنتجات النفطية لسنة 2009 بـ 7مليارات دينار.
نقلا عن صحيفة أويا
شهدت السنوات الأخيرة إحراز بعض التقدم في عملية إعادة هيكلة الاقتصاد، وبالرغم من ذلك فإن اقتصاد الجماهيرية مايزال خاضعاً إلى حد كبير لسيطرة القطاع العام ويفتقر إلى التنوع، ويتركز نحو ثلاثة أرباع القوى العاملة في القطاع العام، وماتزال استثمارات القطاع الأهلي ضئيلة جداً ويواصل القطاع النفطي هيمنته على الاقتصاد.
وفي الوقت الذي لايستبعد فيه حدوث انهيار في أسعار النفط خلال النصف الثاني من العقد الثاني للقرن الحادي والعشرين، حيث المتتبع لتحركات أسعار النفط يلاحظ أنها تنسجم مع ما يعرف بنظام الدورات السعرية وقد تمتد الدورة السعرية لأكثر من عقد من الزمن.
وبالرغم من أن العديد من الاقتصاديين يستبعدون ذلك لأسباب متعددة تتعلق بالطلب بتكاليف الانتاج، فإن الإستراتيجية الآمنة تتطلب الاستعداد لأسوأ الاحتمالات وهو انخفاض أسعار النفط بعد عام 2015 لمستويات أقل من 40 دولاراً للبرميل، عند هذه المستويات السعرية وفي ظل المعدلات الحالية للانفاق وعدم وجود مصادر بديلة للدخل والنمو، فإن الجماهيرية ستواجه صعوبات كبيرة في تسيير الاقتصاد وعجز كبير في الميزانية العامة قد يكون من الصعب معه مواجهة دفع المرتبات للأعداد الكبيرة الموظفة في القطاع العام.
إن هذه الأوضاع تدعو وبشكل ملح إلى ضرورة الإسراع في تبني سياسات تهدف إلى تنويع الاقتصاد والحد من الاعتماد على النفط وتحويل الملكية إلى القطاع الأهلي وقصر دور الدولة على وظيفة المنظم إن الأوضاع الاقتصادية المواتية والسلم والأمن الاجتماعي الذي تتمتع بهم الجماهيرية يشكل بيئة مثالية لتنفيذ برنامج شامل لإعادة هيكلة الاقتصاد يستند إلى توجيهات الأخ / قائد الثورة بإعادة صياغة دور الدولة من الدولة الضامنة والراعية إلى الدولة المنظمة وأن تتحول جل الأنشطة الاقتصادية والمؤسسات العامة إلى القطاع الأهلي.
إن الغرض من هذه الورقة هو عرض الخطوط العامة لإستراتيجية إعادة هيكلة الاقتصاد الليبي التي يمكن العمل عليها للإسراع بتحول هذا الاقتصاد، وتشجيع دور القطاع الأهلي وخلق فرص العمل، وتستهدف الإستراتيجية المقترحة الحفاظ على الاستقرار الاقتصادي الكلي وإرساء قاعدة صلبة لتنمية الاقتصاد غير النفطي، ويمكن تنفيذ هذه الإستراتيجية على مدى فترة (3-5سنوات ).
تتكون هذه الورقة من ثلاثة أقسام، يتضمن القسم الأول خلفية موجزة عن الاقتصاد الليبي ويستعرض القسم الثاني الخصائص الأساسية للاقتصاد وآفاقه في المدى المتوسط في ظل السياسات الاقتصادية الحالية، ويعرض القسم الثالث الإستراتيجية المقترحة لإعادة هيكلة الاقتصاد.
أولا: خلفية موجزة عن الاقتصاد الليبي
-1 اختارت الجماهيرية في النصف الثاني من عقد السبعينيات من القرن العشرين نظاما اقتصادي سيطر فيه القطاع العام على القطاعات الاقتصادية الرئيسية، وكان دور القطاع الأهلي غائبا تقريبا، وبالرغم من نجاح الاقتصاد الوطني في تلك الفترة من مواجهة التحديات التي فرضتها الأزمة الاقتصادية في الثمانينيات والحصار الجائر في فترة التسعينيات وتحقيقه للعديد من المكاسب للبلد فإنه أدى إلى إنخفاض كفاءة رأس المال وتدني إنتاجية العمل مما أدى إلى انخفاض النمو الاقتصادي.
-2 تبنت عدة بلدان في الماضي نظاماً اقتصادياً يعتمد على القطاع العام كالاتحاد السوفياتي سابقا، ومجموعة البلدان الاشتراكية في شرق أوروبا، والصين، والهند، لكن في بداية الثمانينيات والتسعينيات من القرن العشرين بدأ العديد من هذه البلدان في رفع القيود عن الاقتصاد، والتوجه نحو اقتصاد السوق من خلال السماح للقطاع الخاص باتخاذ قرارات التسعير والانتاج والتوزيع، وأصبحت غالبية الاقتصادات اليوم إما اقتصادات تقوم على قوى السوق أو مختلطة (تخطط جزئياً).
-3 خلال المرحلة الأولى من عملية التحول، أدت التغيرات التي اتبعتها بعض الدول إلى خلل في توزيع الدخل والثروة، وانخفاض النمو الاقتصادي، لكن بعد استكمال هذه المرحلة كان بمقدور هذه البلدان تحقيق نمو اقتصادي أكبر وتحسين مستوى المعايير المعيشية للسكان.
-4 أظهرت الدراسات وتقويم أداء البلدان التي قامت بتحويل اقتصاداتها خلال الثمانينيات من القرن العشرين، بأن عملية تحول الاقتصاد الصيني كانت ناجحة، لكن ما لا يذكر عادة هو أنه خلال فترة ما يقارب 10 سنوات، أي حتى مطلع التسعينيات، كان الاقتصاد الصيني يجمع بين الاقتصاد المخطط واقتصاد السوق في ذات الوقت، والهدف كان ألا يكون الوضع الاقتصادي أسوأ في ظل الاقتصاد المختلط منه في ظل الاقتصاد المخطط، وقد أعطى النظام الجديد المتبع في الصين لبعض السكان الفرصة أن يكونوا أكثر غنى.
وبصورة تدريجية بدأ الاقتصاد المخطط بالتناقص حتى منتصف التسعينيات، حيث أصبح تخصيص الموارد يتحدد بصورة أكبر من خلال آليات السوق.
-5 بالإضافة إلى النماذج الاقتصادية التي تم ذكرها أعلاه، ففي العديد من البلدان وخاصة في دول مجلس التعاون الخليجي نجد أن الحكومات ماتزال تمتلك حصّة كبيرة من الاقتصاد ولكن لا تتمتع هذه الأنشطة بأي حماية من الحكومات، وتدار تلك الأنشطة على أسس تجارية وتتنافس مع القطاع الخاص، وعدد كبير من هذه الأنشطة مشروعات مشتركة مع مستثمرين من القطاع الخاص إما محليين أو أجانب، وقد أدت هذه السياسات المتبعة إلى نمو الاقتصاد غير النفطي، وخلق فرص عمل جديدة للسكان، كما ساهمت في توسيع القاعدة الضريبية، وتخفيف العبء على الميزانية العامة.
-6 إن برنامج إعادة الهيكلة المطبق في الجماهيرية حالياً يشابه ما طبقته الصين خلال المرحلة الأولى من عملية التحول. ففى الجماهيرية تمّ تطبيق إجراءات كثيرة في إطار إعادة الهيكلة، فتم فتح القطاع الخارجي، تمليك بعض الشركات العامة للقطاع الأهلي وتحرير معظم الأسعار، وفي ذات الوقت أبقت الدولة على برامج تهدف إلى الحد من الآثار السلبية لعملية التحول على السكان، وإدخال إجراءات جديدة لتوزيع جزء من ثروة النفط على الشعب.
-7 بالرغم من كل الإجراءات التي تم تنفيذها في الجماهيرية خلال السنوات الأخيرة، فلايزال القطاع العام يلعب دوراً رئيسياً في الاقتصاد. ولم يكن هذا الأمر ليسبب أي مشكلة لو كانت عمليات القطاع العام تدار بكفاءة، لكن غياب المنافسة والمساءلة، وضعف الإدارة، أدى كل ذلك إلى ضعف وتدني مستوى وجودة الخدمات، فالقطاع العام في الجماهيرية غير كفؤ، ومكتظ بالموظفين، ويعتمد كثيراً على الدعم من الميزانية العامة، التي تمول بشكل أساسي من الإيرادات النفطية غير القابلة للاستدامة.
ثانياً : الخصائص الأساسية للاقتصاد الليبي
-8 تتمتع الجماهيرية بموارد سخية من الطاقة، لكن اقتصادها لا يزال هو الاقل تنوعاً بين البلدان المنتجة للنفط رغم خطط التنمية الاقتصادية التي نفذت خلال العقود الماضية. لقد ساهم قطاع النفط بحوالي %70 من الناتج المحلي الإجمالي خلال الفترة(2009– 2005) كما يلاحظ هيمنة قطاع النفط على الحسابين المـالي والخارجي للبلاد، فخلال الفترة 2009 – 2005 شكلت الصادرات النفطية حوالي %97 من إجمالي الإيرادات من الصادرات، وشكلت الإيرادات النفطية حوالي %90 من إجمالي الإيرادات.
-9 لقد تم تحقيق تقدم في مجال إعادة هيكلة الاقتصاد خلال السنوات الأخيرة، فقد تم فتح القطاع المصرفي للمنافسة المحلية والأجنبية، وتبسيط إجراءات طلبات إقامة المشروعات إلى حد ما، وتحرير معظم الأسعار، وإزالة القيود على التجارة الخارجية، غير أن فعالية السياسات والإجراءات التي تم اتخاذها لا تزال تتأثر بغياب إستراتيجية شاملة لإعادة هيكلة الاقتصاد الوطني، وضعف الانضباط الإداري والمالي ووجود قيود قوية تتعلق بالقدرات البشرية، وضعف المؤسسات.
-10 مازال الاقتصاد الليبي خاضعاً إلى حد كبير لسيطرة القطاع العام غير الكفؤ ونتيجة ذلك فإن الجماهيرية لديها واحدة من أكبر نسب الاستثمار إلى الناتج المحلي غير النفطي في العالم (1) وبالرغم من ذلك فإن معدل نمو الاقتصاد لايزال بحدود الـ %6 سنوياً. وعند مقارنة هذه النسبة مع البلدان الأخرى نجد أن تلك البلدان كانت قـادرة على تحقيق معـدل نمـو إقتصادي أكبر بمستويات أقل من الاستثمار، وهذا ما يشير إلى أن العائد على الاستثمار في الجماهيرية منخفض بسبب تدني كفاءة رأس المال وانخفاض إنتاجية القوى العاملة.
-11 حسب آخر التوقعات لأسعار النفط ووفقاً للسياسات الاقتصادية المتبعة حالياً، نجد أن الآفاق الاقتصادية في المدى المتوسط (2015 – 2010) لا تزال مواتية ولا تثير أية مخاوف بشأن الاستدامة، حيث سيواصل الحسابان المالي والخارجي تسجيل فوائض، لكن يتوقع أن يظل نمو الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي معتمدا بشكل كبير على الإنفاق العام. إن المستوى المتوقع للنمو غير النفطي في ظل تنفيذ السياسات الراهنة والتي تتم دون التنسيق بين إجراءات إعادة الهيكلة وعدم شموليتها هي أدنى بكثير من قدرات الجماهيرية ولن تكن كافية لتوليد فرص العمل اللازمة لحل مشكلة البطالة الحالية واستيعاب العمالة الجديدة التي تشهد زيادة سريعة، حوالي (%4-%3 سنوياً)، وفي الوقت ذاته فإن الاتجاهات المتوقعة تؤكد زيادة ارتفاع مستوى اعتماد الجماهيرية على النفط حيث من المتوقع أن يظل عجز المالية العامة غير النفطي كبيراً جداً بحدود %45 من إجمالي الناتج المحلي وهذه السياسات (اقتصادياً) غير قابلة للاستدامة في المدى الطويل ويجعل الاستقرار والنمو الاقتصادي عرضة لتقلبات أسعار وإنتاج النفط.
ثالثاً: إعادة هيكلة اقتصاد الجماهيرية:
في ضوء ما تقدم، تحتاج الجماهيرية إلى تنفيذ إستراتيجية شاملة بهدف تحويل معظم الأنشطة الاقتصادية إلى القطاع الأهلي، وتقليل الاعتماد القوي على النفط. وللإشراف على إعداد وتنفيذ هذه الإستراتيجية، يتطلب الأمر تشكيل فريق اقتصادي من الأمانات وبعض الجهات المعنية، يكون مسؤولا عن تنسيق الجهود المطلوبة لإعادة هيكلة الإقتصاد ويمكن أن يُساعد هذا الفريق في أداء مهامه لجنة فنية تكون مكلفة باقتراح السياسات والإجراءات الفنية، كما تكلف اللجنة كذلك بإعداد تقارير دورية إلى اللجنة الشعبية العامة حول الحالة المالية والاقتصادية والحالة التنفيذية للإستراتيجية.
-12 تحتاج كافة الأمانات ومصرف ليبيا المركزي لإعداد خطة تفصيلية بمساعدة خبراء مختصين لتحقيق أهداف إستراتيجية إعادة هيكلة الاقتصاد، وتتم مراجعة هذه الخطط من قبل اللجنة الفنية قبل تقديمها إلى الفريق الاقتصادي.
إن تنفيذ الإستراتيجية سيتطلب تجزئتها إلى برامج سنوية تتضمن المساعدة الفنية المطلوبة لتنفيذ البرامج الموصى بها ونظاما لتقويم ومراقبة الأداء. وبالنظر إلى ضعف رأس المال البشري في الجماهيرية فإنه سيكون هناك حاجة لتعيين خبراء مقيمين في مختلف الأمانات والمؤسسات والمصرف المركزي.
-13 إن استدامة عملية إعادة الهيكلة تتطلب دعم المواطنين والذي لا يمكن الحصول عليه إلا من خلال مشاركة المؤتمرات الشعبية الأساسية في الوقوف على متطلبات ومزايا برامج إعادة هيكلة الاقتصاد، كما أنه من المهم إقامة حوار دائم وبناء مع المؤسسات الأهلية بما يمكن اللجنة الشعبية العامة من شرح أهدافها الاقتصادية والاجتماعية ومن ثم حشد الدعم على المستوى الوطني.
وفيما يلي إجراءات إعادة الهيكلة المطلوبة في مختلف القطاعات:
المالية العامة:
بالرغم من أن نظام إدارة المالية العامة في الجماهيرية يفي ببعض المتطلبات التشغيلية، فإنه لم يتطور إلى نظام يتسم بالتركيز الإستراتيجي والترابط المنطقي، وتتطلب نواحي القصور في نظام إدارة المالية العامة تقويماً شاملاً لوضع برنامج عمل لتطوير النظام الحالي الذي يعاني من نقاط الضعف التالية:
* نقص التنسيق على مستوى الاقتصاد الكلي وعدم وجود إطار للمالية العامة متوسط الأجل.
* عدم شمولية الميزانية و تبويب غير كاف وسليم.
* ضعف الترتيبات المصرفية والإدارة النقدية.
* ترتيبات المحاسبة والإبلاغ والرقابة والمراجعة والتقويم ضعيفة ولا تفي بالمعايير الدولية لأفضل الممارسات.
ويحتاج برنامج تطوير النظام إلى ما يلي:
* أن يكون تصنيف المعاملات في الميزانية متناسقا مع المعايير الدولية. أن يتم وضع نظام للمحاسبة والإبلاغ يفي بالمعايير الدولية.
* العمل على وضع إطار للإنفاق للمدى المتوسط بهدف تحقيق الاستدامة المالية في المدى الطويل يستند إلى سياسات إنفاق مستقرة وذات أهداف كمية تعكسها الميزانية العامة السنوية، واستخدام إطار الإنفاق في المدى المتوسط لتخصيص الموارد للبنية التحتية والخدمات الاجتماعية وبناء القدرات.
* تحسين إدارة إيرادات النفط وادخار جزء من إيرادات النفط للأجيال القادمة، وفي هذا الخصوص يجب وضع قواعد تحكم سياسات الإيرادات والنفقات المرتبطة بحساب المجنب لدى مصرف ليبيا المركزي وتنفيذها بدقة، ويجب تقويم مستوى أداء المجنب والمؤسسة الليبية للاستثمار على أساس دوري.
* تحديث نظام الخزانة العامة وإقامة حساب موحد للخزانة لدى مصرف ليبيا المركزي يعكس الإيرادات والنفقات المتعلقة بكافة بنود الميزانية العامة.
* استمرار الجهود لتنفيذ إحصاء شامل للعاملين بالخدمة المدنية، وينبغي أن تهدف إعادة الهيكلة إلى تبسيط الإجراءات وإصلاح التشريعات وتبني سياسات عامة للأجور والاستخدام بما يتفق مع البنية الاقتصادية الجديدة.
* تقوية إدارة الإنفاق العام ومراقبته.
-2 سياسات الدعم:
استخدام حسابات الادخار وتحويل الدعم لهذه الحسابات مقابل استخدام هذه الحسابات في الإنفاق على قطاعي الخدمات التعليمية والصحية ….الخ.
* إن تبسيط نظام الدعم والذي يحتوي على دعم صريح (أساساً في المواد الغذائية والأدوية) ودعم ضمني في شكل أسعار مستهلك مخفضة (المنتجات النفطية، الغاز الطبيعي، الكهرباء المياه ) وتحويل هذا الدعم إلى دعم نقدي مقابل بيع المنتجات بأسعار التكلفة.
* وضع برنامج يتم وفقاً له زيادة أسعار السلع المدعومة تدريجياً على أن تكون الوفورات المتحصل عليها جزءًا من برنامج التحويلات النقدية المستهدفة أو برنامج توزيع الثروة مع القيام بدراسة شاملة للدعم الضمني لتقويم حجمه الحقيقي.(2)
* إن خطة إحلال الدعم بمدفوعات نقدية ينبغي شرحها للجماهير للحصول على دعم المؤتمرات الشعبية الأساسية وينبغي أن تصدر بقانون.
-3 الضمان الاجتماعي:
القيام بدراسة شاملة لنظام الضمان الاجتماعي الذي يغطي حوالي ثلاثة أرباع العاملين. وبناءً على نتائج وتوصيات هذه الدراسة ينبغي وضع حزمة برامج إصلاح شامل للنظام لمعالجة جوانب الضعف، وضمان استمرارية أوضاعه المالية، وتحسين مستوى تقديم الخدمات.
-4 السياسات الاجتماعية:
* ينبغي إعداد دراسة شاملة حول الفقر، وهو ما يسهل عملية تصميم شبكة للأمان الاجتماعي لحماية فئات السكان الأكثر حاجة في المجتمع ضد الآثار السلبية التي يمكن أن تنتج عن عملية إعادة الهيكلة لضمان تنفيذ البرامج العامة بطريقة عادلة وفعالة ومستدامة ولا تؤدي إلى إهدار الموارد.
* إنشاء شبكات أمان اجتماعي لفئات السكان الأكثر تأثراً بالإصلاحات الهيكلية.
* التأكد من أن السياسات المتبعة من قبل صندوق الإنماء الاقتصادي والاجتماعي هي سياسات قابلة للاستدامة.
* وضع خطط شاملة وواضحة لإعادة هيكلة نظامي التعليم والصحة باعتبارهما الركيزتين الرئيسيتين للتنمية الاقتصادية والاجتماعية وتحقيق التقدم.
-5 الإصلاحات النقدية:
ما زالت فعالية السياسة النقدية ضعيفة نتيجة الدور الذي تلعبه المصارف المتخصصة التي هي بحاجة ماسة لإعادة هيكلتها، كما يجب الحد من تخصيص أية أموال جديدة في الميزانية العامة لهذه المصارف وتوجيه أي دعم متعلق بالائتمان من خلال الميزانية العامة.
* يقترح أن يكون تقديم الدعم قائما على سعرين، السعر الذي يحصل عليه المصرف، والذي (مع مرور الوقت) سيصبح تحديده أكثر اعتمادا على قوى السوق، والسعر المدعوم الذي يدفعه المقترض وتحدده اللجنة الشعبية العامة، وتقوم الأخيرة بتمويل الفرق بين السعرين وتدرجه بالميزانية العامة السنوية.
* مواصلة تطوير أدوات السياسة النقدية غير المباشرة وتطوير سوق النقد المتداول بين المصارف، وتمهيد الأرضية لإقامة سوق ثانوية لشهادات إيداع مصرف ليبيا المركزي.
* ينبغي على مصرف ليبيا المركزي الإسراع في استكمال تنفيذ هيكليته الجديدة وتقوية دور اللجان المختصة بالسياسات، خاصة لجنة السياسة النقدية ولجنة الاستثمار.
* من الضروري استمرار الجهود المبذولة لإيجاد نظام مصرفي أكثر قوة وكفاءة.
* بيع ما تبقى من حصص لمصرف ليبيا المركزي في المصارف العامة إلى القطاع الأهلي قبل نهاية عام 2011 مسيحي.
-6 الإصلاحات التجارية
ينبغي المحافظة على التقدم الملموس الذي تم إحرازه في السنوات الأخيرة في نظام التجارة وتبسيط أنظمة التجارة.
* ينبغي تبسيط الإجراءات الجمركية تمشياً مع المعايير الدولية.
* إن مفاوضات منظمة التجارة العالمية ستتطلب من الجماهيرية تعديل قوانينها وإجراءاتها ومؤسساتها لتتواءم مع المعايير الأساسية للمنظمة.
* تفعيل الأحكام المتعلقة بمحاربة الاحتكار ضمن القانون التجاري الجديد.
-7 التمليك والاستثمار الأجنبي المباشر.
وضع استراتيجية شاملة لنقل ملكية المؤسسسات العامة بما فيها المؤسسات الصحية والتعليمية إلى القطاع الأهلي
* الاستمرار في جهود تحسين مناخ الأعمال وخاصة مايتعلق بالتراخيص والضرائب وملكية أو إيجار الأراضي وخدمات المواني.
* إن تقوية المشروعات الصغيرة والمتوسطة الحجم ضروري لتشجيع التنويع الاقتصادي وهو هدف سيتطلب جهوداً طويلة ومستدامة.
-8 متطلبات إضافية لتنويع الاقتصاد غير النفطي.
* ينبغي أن تهدف سياسات الدولة في القطاعين الزراعي والصناعي إلى زيادة التنويع الاقتصادي والمساهمة في خلق فرص العمل، سواء في المناطق الحضرية أو الريفية. وينبغي أن تركز السياسات الزراعية على زيادة الإنتاج والإنتاجية عن طريق إصلاح قانون الأراضي، وتحسين الخدمات العامة، وتشجيع التجارة من خلال تحسين شبكة الطرق في المناطق الريفية. وحيث إن الجماهيرية لاتملك ميزة تنافسية كبيرة في الأنشطة الصناعية كبيرة الحجم لذا يتعين أن يكون التركيز الأكبر في جهود الإصلاح على تطوير المشروعات الصغيرة والمتوسطة في مجالات تصنيع المنتجات الزراعية
وغيرها من الصناعات الخفيفة، والنقل والاتصالات والسياحة. وفيما يتعلق بسوق العمل ينبغي إتاحة مزيد من المرونة للمؤسسات في مراقبة جودة العمالة لديها وتحديد الحجم المناسب لها.
* إن نجاح إستراتيجية إعادة هيكلة الاقتصاد المحددة أعلاه يتطلب تحسيناً كبيراً في الحوكمة، وإجراءات تهدف إلى تعزيز الشفافية والمحاسبة في المؤسسات العامة، وتعزيز إطار العمل المؤسسي (وتقوية جهاز المراجعة).
* مواصلة الجهود لتحسين البيئة القانونية والتنظيمية بما فيها قانون علاقات العمل واللوائح المنظمة له.
إصلاح النظام القضائي وتقويته من أجل تبسيط وتسريع إجراءات فض المنازعات وتعزيز ثقة القطاع الأهلي في المؤسسات القانونية الليبية.
* تنفيذ برنامج شامل لبناء الإدارة المحلية والإسراع في إعادة هيكلة الحكم المحلي والتركيز على الكفاءة في اختيار عناصر الإدارة.
- 9 تقوية النظام الإحصائي:
* ما يزال النظام الإحصائي في الجماهيرية ضعيفا مما يؤدي إلى عيوب خطيرة تؤثر في قدرة تقويم الأوضاع الاقتصادية والمالية وتطوير سياسات مناسبة واتخاذ قرارات سليمة.
* يجب وضع برنامج طويل الأجل وفعال للنظام الإحصائي في الجماهيرية لتقوية الإطار المؤسسي من خلال إنشاء جهاز مركزي للإحصاءات وبناء نظام إحصائي قوي وذي مصداقية.
إن هذه الفقرات هي فقط نماذج لما يمكن تبنيه من برامج تهدف لإعادة هيكلة الإقتصاد ولعل الأمر يحتاج إلى خطط تفصيلية على مستوى القطاعات المختلفة.
إن التطبيق الناجح للإستراتيجية المقترحة سيدفع لتنمية القطاع غير النفطي ويمهد الأرضية للتحول الأساسي للاقتصاد الليبي من اقتصاد نفطي إلى اقتصاد أكثر تنوعاً.
(1) خلال الفترة (2009-2008) كان معدل الاستثمار السنوي غير النفطي بالنسبة إلى إجمالي الناتج المحلي غير النفطي%67 في المتوسط.
(2) تم تقدير الدعم الضمني على المنتجات النفطية لسنة 2009 بـ 7مليارات دينار.
نقلا عن صحيفة أويا
-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~
بوفرقه- مراقب
-
عدد المشاركات : 34697
العمر : 58
رقم العضوية : 179
قوة التقييم : 76
تاريخ التسجيل : 30/04/2009
مواضيع مماثلة
» معوقات التحول الديمقراطي في ليبيا
» القذافى يضع 90 مليار دولار من أجل التحول إلى الولايات ا
» ندوة عن التحول الديمقراطي في الوطن العربي بطرابلس
» ليبيـا مـن الثـورة إلـى الدولـة والانضمام إلى منظمة التجارة
» سويسرا تعرض مساعدة ليبيا في التحول للديمقراطية
» القذافى يضع 90 مليار دولار من أجل التحول إلى الولايات ا
» ندوة عن التحول الديمقراطي في الوطن العربي بطرابلس
» ليبيـا مـن الثـورة إلـى الدولـة والانضمام إلى منظمة التجارة
» سويسرا تعرض مساعدة ليبيا في التحول للديمقراطية
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
أمس في 8:56 am من طرف STAR
» مخمورا حافي القدمين يجوب الشوارع.. لماذا ترك أدريانو الرفاهية والنجومية في أوروبا وعاد إلى
أمس في 8:42 am من طرف STAR
» نصائح يجب اتباعها منعا للحوادث عند تعطل فرامل السيارة بشكل مفاجئ
أمس في 8:37 am من طرف STAR
» طريقة اعداد معكرونة باللبن
أمس في 8:36 am من طرف STAR
» الصلاة علي رسول الله+الاستغفار+ذكر الشهادة+كفارة المجلس
أمس في 8:34 am من طرف STAR
» مشاركة شعرية
2024-11-04, 12:28 pm من طرف محمد0
» لو نسيت الباسورد.. 5 طرق لفتح هاتف أندرويد مقفل بدون فقدان البيانات
2024-11-03, 9:24 am من طرف STAR
» عواقب صحية خطيرة للجلوس الطويل
2024-11-03, 9:23 am من طرف STAR
» صلاح يقترب من هالاند.. ترتيب قائمة هدافي الدوري الإنجليزي
2024-11-03, 9:23 am من طرف STAR
» زلزال يضرب شرق طهران وسط تحذيرات للسكان
2024-11-03, 9:22 am من طرف STAR
» أحدث إصدار.. ماذا تقدم هيونداي اينيشم 2026 الرياضية ؟
2024-11-03, 9:21 am من طرف STAR
» بانكوك وجهة سياحية تايلاندية تجمع بين الثقافة والترفيه
2024-11-03, 9:21 am من طرف STAR
» مناسبة للأجواء الشتوية.. طريقة عمل كعكة التفاح والقرفة
2024-11-03, 9:20 am من طرف STAR
» صلى عليك الله
2024-10-30, 12:39 pm من طرف dude333
» 5 جزر خالية من السيارات
2024-10-26, 9:02 am من طرف STAR