بين الضمير والقانون

يقول عالم معاصر من الراسخين في العلم وهو يفسر قوله تعالى : " وفي أنفسكم أفلا تبصرون " يقول أن الإنسان عالم قائم بذاته , فهو ليس كائنا حيا واحدا ولكن مجموعة من الكائنات الحية في جسم واحد , ويشبه الإنسان بالدولة فيقول : الإنسان دولة لها مكاتبها وإداراتها وموظفوها وأجهزتها وحركتها الدائبة التي لا تنقطع ولا تهدأ في ليل أو نهار, تتحرك في تناسق بديع وإتقان تام ويشرف علي نظامها خالق عظيم" لا يضل ربي ولا ينسى " ثم يبين أن الإنسان يتحرك من خلال ثلاثة أجهزة . مكاتب تخطط وأجهزة تنفذ وإدارات تراقب وتشرف وتوجه .
أما الجهاز المخطط أو غرفة العمليات فهي العقل ذلك النور الرباني الذي أودعه الله في هذا الجسم , فهو الذي يرسم الخطط ويصدر الأوامر .
وأما الأجهزة المنفذة فهي الأعضاء والحواس ؛ من عين ترى وأذن تسمع ويد تبطش ورجل تمشي كلها تتحرك وتتصرف بأمر من العقل .
واما الجهاز الذي يراقب ويحاسب فهو الضمير ...
من هنا نبدأ ... حيث يظهر أن هذا الجهاز الذي يبدو أنه اليوم عاطل أو مرفوع من الخدمة عند جل الناس . ولكن لا مانع من الطرق علي بابه لعله يستيقظ أو علي الأقل يتحرك فلا يأس من روح الله "إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون ".
في الحقيقة هناك شيئان إثنان يتحكمان في تصرفات الإنسان ويوجهان سلوكه ويضبطان علاقته مع الله ومع الناس ومع المجتمع هذان الشيئان هما : الضمير والقانون . أما الضمير فهو ذلك الإحساس الداخلي الذي يمثل صمام الأمان فيُراقب التصرفات ويتحرك حر كة تانيبية حين يسعى الإنسان نحو الشر والفساد ليصده عنه , ويقول له بهاتف غير مسموع هذا الطريق صحيح سر معه وهذا الطريق خاطئ فأبتعد عنه . فالضميرهو البوابة الأولى التي تمر من خلالها تصرفات الإنسان يقوم بتفتيشها فيسمح للتصرفات الصحيحة أعمالا أو ألفاظا بالخروج , وأما ما يتعارض مع الدين أو يتنافى مع الأخلاق أو يتناقض مع عرف المجتمع وعاداته فيمنعه.
وأما الشئ الثاني فهو القانون :هو مجموعة الإجراءات التي تضعها الدولة , وتكلف بها رجال يطبقونها ويشرفون علي تنفيذها ، وهو يمثل البوابة الثانية ؛ فإذا لم يكن للإنسان ضمير حي يردعه ويحد من تصرفاته أو قانون دقيق يطبقونه رجال مخلصون يضربون بحزم علي يد المخطئ ؛ إذا غاب هذا وذاك تحول الإنسان إلى آلة عمياء صماء تطحن كل ما يقع امامها . وبعبارة أكثر وضوحا : " الضمير هو اللي يخلي الواحد يتحشم والقانون هو اللي يخلي الواحد يخاف " فإذا مات الضمير ونام القانون أصبح الإنسان لا يخاف ولا يتحشم وهناك تقع الطامة ويعم الفساد ويتحول المجتمع إلى مجتمع ياكل القوي فيه الضعيف.

والسؤال الدقيق الآن بعد هذا العرض هو أيهما أقوى في ضبط سلوك الإنسان الضمير أم القانون ؟ والإجابة عند علماء الاجتماع أن الضمير أقدر علي توجيه الناس وضبط سلوكهم من القانون . لماذا ؟ لأن الضمير مع الإنسان دائما في نومه ويقظته في ليله ونهاره سواء أن كان مع الناس أو كان وحده . أما رجل القانون فليس معك دائما . ولذلك كان الإسلام بإستمرار حريصا علي تنمية الضمير عند الناس .
فهل انت مع سلطة الضمير وكيف تنمي سلطته وتقويها , أم مع القانون وكيف تقويه لؤدي دوره ..... نأمل أن نسمع من القراء الآراء التي توضح الإجابة .... ولكم الشكر سلفا ......
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

وبعبارة أكثر وضوحا : " الضمير هو اللي يخلي الواحد يتحشم والقانون هو اللي يخلي الواحد يخاف " فإذا مات الضمير ونام القانون أصبح الإنسان لا يخاف ولا يتحشم

سطرين فيهما الشرح الوافى والمدلول الكافى والاستنتاج الشافى
طرحك رائع وقيم تشكر عليه ولا تحرمنا من مواضيعك

اشكرك أخي الفهد علي الإطلاع والمتابعة للموضوعات وعلي كلماتك الجميلة واسلوبك المتميز .... لك تحياتي

انا من وجهة نظري ان الضمير والقانون شيئان مكملان لبعضهما

فالقانون من غير ضمير يكون ظالم

والضمير من غير قانون يكون ضعيف ومكسور

مشكور يااستاذي الجليل والفاضل ولد الجبل

تقبل مروري وردي المتواضع

اينتي دلع أشكرك علي المتابعة وإبداء الرأي , ولردودك دائما طعم شهي ورائحة لذيذة !! ولا تخلوا من من محطات تفتح باب النقاش .... تقبلي تحياتي واحترامي ...

ابنتي زهرة اللوتس أشكرك علي المرور الرائع والإضافة المفيدة التي زادت الموضوع رونقا وبهاء .... تقبلي تحياتي

تقوية الضمير برفع الحس الايمانى لدى الناس بمراقبة الله تعالى فى حركاتهم وسكناتهم هو الذى يجعل الامور تستقيم وفق ذلك المنهج الربانى الذى رضيه لهم خالقهم وتعلمه ذلك الجيل الذى لن يتكرر على يد محمد ابن عبدالله (صلى الله عليه وسلم) فتربى الصحابة الكرام على الكتاب والسنة فتحول ذلك الجيل من قطاع طرق وغزاة الى سادة الى الامم ياخذو بيدها من ظلام الجهل والشرك الى نور الايمان واضعين نصب اعينهم الامانة التى حملوها فكانو خير من بلغها الى العالم اجمع فى جميع معاملاتهم الانسانية لان ضمائرهم متيقضة دائما خوفا من الجليل الذى لايخفى عليه شىء حتى ان الراكب منهم يسير من الشام الى اليمن لايخشى الا الله والذيب على غنمه .
اما القانون فهو من وضع البشر فمهما جندنا له من قوة لتنفذه فيظل قاصرا عن تحقيق مرادة وغايتة لان الكمال لله وحده .
مشكور اخى واستاذنا الفاضل ولد الجبل على ما تقدم من جديد ومفيد ومتميز
وتقبل مرورى

أشكرك أخي عبد . كنت اتابع هذا الموضوع في انتظار زيارتك له , لأني أرى في ردودك تشخيص للقضية وإبراز للحقيقة ورأي يوضح المعنى ويحسم الجدال بالإنحياز للحق .... بارك الله فيك وزينك بنور الإيمان والتمسك بالحق ... دمتم بسلام ..

بدون اي شك ان الضمير هو ذلك المؤثراو الإيعاز الداخلي الذي يحاول تقييم وتعديل سلوك المرء ويجهد لتوجيهه نحو الصواب دائماً . بيد ان من البشر من يتجاهل ذلك ويركب تيار الخطيئة و/او العنف وبالتالي يبتعد عن إدارة الضمير ويُسئ لنفسه .
من هنا كان القانون الوضعي البشري لمن غاب ضميره ومات رشاده وحتي يحد من طيش الانسان الذي انتهت صلاحية ضميره وتشققت ركيزة تفكيره فأصبح لا يفرق بين الحق والباطل وبين الصحيح والخطأ وبين الضلالة والهداية .
اخي ولد الجبل :
خططت الحروف فسدّت هوامش الصفحة وجلت في نواحي الكلََِم فألتقطت صفوته، فلم أجد ما يناسب موضوعك من رد يليق فالافق لدي يضيق لمن كان في الكتابة عريق فإذا حضر الماء بطل التيمم .
ولا يسعني الا ان اقول بارك الله فيك لمواضيعك الجد قيمة .

أخي وصديقي الكابتن : تحياتي أولا :-
: لكل أنسان طريقته في الكتابة , فلا يوجد كاتب ضعيف وآخر قوي , ولكن الكلمة هي التي توصف بالقوة أو الضعف , ومن اسباب إدرار الفكر بالكلمات هو حبه لمن يكتب , والصدق في إقتفاء أثر الفائدة من الموضوع , ورغبة في سماع رأي الأخرين في الفكر المطروح .
وبصدق أجد في منتداكم هذا سر عجيب حيث أحب الكتابة إليكم وأبذل جهدي وابحث في كتبي من اجل الوصول إلى رضاكم , لأن في ردودك درر نتعلم منها ونستوضح مواطن الضعف والقوة في موضوعاتي ونكمل بها المعنى حتى تظهر الفائدة للجميع .
لك شكري وعظيم إمتناني علي الكلمات الجميلة والتعليق المفيد أفادك الله ونورك بالعلم والتقوى .... دمت بسلام

ابني استار : اشكرك علي مرورك ومتابعتك للموضوعات , والاستفادة متبادلة منكم وبكم .... لك تقديري واحترامي .... تقبل تحياتي

شكرا اخي عبدالحفيظ علي المتابعة وابداء الرأي ولملاحظاتك اثر طيب في إثراء النقاش وتوضيح الغامض من المعاني والمساهمة في نشر المفيد ... جزاك الله خيرا .... وتقبل تحياتي

الضمير هو الانسان الداخلى او ظل الانسان ان صح التعبير

شكراً لك وجزاك الله خيرآ على موضوعك الرائع اخى الكريم