القرآن الكريم واليقين..

من طرف **زهرة اللوتس** 2011-01-06, 12:23 pm

القرآن الكريم واليقين
اليقين بلقاء الله عز وجل واليقين بوعده ووعيده
اليقين هو صلب الدين وأصله وأساسه ,ولابد من عودة لتجديد اليقين في قلوبنا ,فهو العقيدة الراسخة التي تملأ جوانب النفس وتغمر حنايا القلب فما أحوجنا الى هذا اليقين في مثل هذا الوقت الذي تهالك فيه الناس على حب الشهوات والابتعاد عن الطاعات وزهدوا في الباقيات الصالحات ,ونسوا ان اليقين الصادق هو الطريق الاكيد الى جنة الله عز وجل ,نسوا ان اليقين الصادق يجلو الصدر ويقوي الأبدان على طاعة الله ,نسوا ان اليقين الصادق هو ان نثبت على ماأمر الله به من صلاة وصيام وحج وزكاة ,وبر للوالدين,وصلات للأرحام ,وأداء الحقوق كاملة لله وعباده ,نسوا ان اليقين الصادق هو الا نجزع عند المصائب والا نفرح عند النعم ونعجب بها .
والعاقل الكيس يعلم ان العمل الصالح يُحبط بالغرور والعجب به وان كان عظيما كبيرا .
وان العمل البسيط الهين الذي يصحبه تقوى ويقين اعظم في المثوبة
عند الله جل قدره,وان اهتمام العبد المؤمن بعمله الصالح يؤدي به الى التفكر فيه ,الذي بدوره سوف يؤدي الى العظة والعبرة ,وهذا يؤدي بدوره الى العزم على عدم البعد عن طريق الله عز وجل,وذلك العزم سوف يورث العبد اليقين بوعد الله ,واليقين فيما عند الله, حتى يكون العبد غنيا بالله وبما عند الله,ومن هذا الغنى بالله يكون محبا لله وهذا الحب يؤدي به الى محبة لقاء الله ومن احب لقاء الله احب الله لقاءه.
وهنا تكمن الصلة العظيمة مابين خطاب الله عز وجل للعقل في القرآن الكريم والوصول الى اليقين الذي لاتشوبه شائبة.
والموت هو الحقيقة الكبرى في هذه الدنيا ,والموعظة العظمى,والدليل الصادق على قدرة الله.
فالعاقل من دان نفسه في هذه الدنيا وتزود لما بعد الموت بزاد التقوى.
فالانسان مهما طال عمره ومهما كثير ماله ,ومهما عظم جاهه سيعود الى ربه الكريم,ويحاسب على العظيم والحقير والصغير والكبير من اعماله,فلا بد لك ايها الانسان ان تعمل على مهل ,وتكون من الله عز وجل على وجل,ولا تغتر بالامل ونسيان الاجل, فان الدنيا غدارة خداعة وكفى بالموت واعظة.
قال لقمان لابنه: يابني اذا جاءك الشيطان من قبل الشك والريبة فاغلبه باليقين والصحة ,واذا جاءك من قبل الكسل والسآمة فاغلبه بذكر القبر والقيامة,واذا جاءك من قبل الرغبة والرهبة ,فاخبره ان الدنيا مفارقة ومتروكة.
اليقين في اللغة: العلم وزوال الشك.
أما ايقنت ,وتيقّنت ,واستيقنت ,كله بمعنى أنا على يقين منه .
القرآن العظيم وشرعة الله في اليقين:
قال الامام أبو عبد الله بن قيم الجوزية رحمه الله:هو من الايمان بمنزله الروح من الجسد,وبه تفاضل العارفون ,وفيه تنافي المتنافسون, واليه شمّر العاملون,وعمل القوم انما كان عليه ,واذا تزوج الصبر باليقين وولد بينهما حصول الامامة في الدين.

قال الله تعالى , وبقوله يهتدي المعتدون : ( وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون ) السجدة /24/

وخص سبحانه اهل اليقين بالانتفاع بالآيات والبراهين,فقال وهو أصدق القائلين : ( وفي الارض آيات للموقنين ) الذاريات /20/

وأخبرعن أهل النار بأنهم لم يكونوا من اهل اليقين ,فقال تعالى : ( واذا قيل ان وعد الله حق ,والساعة لاريب فيها , قلتم ماندري مالساعة ان نظن الا ظنا , ومانحن بمستيقنين ) الجاثية /32/
فاليقين روح اعمال القلوب,التي هي ارواح اعمال الجوارح.
عن مدارج السالكين (2/313)
العلاقة بين التوكل واليقين:
قال ابن قيم الجوزية رحمه الله: التوكل ثمرته ونتيجته ولهذا حسن اقتران الهدى به قال تعالى : (فتوكل على الله انك على الحق المبين ) ,
فالحق هو اليقين سورة النمل (79)
وقالت رسل الله : ( ومالنا الا نتوكل على الله وقد هدانا سبلنا ) سورة ابراهيم /12/
فياأخي ايها الانسان العاقل الرشيد , اعلم انه متى وصل اليقين الى القلب امتلأ نورا واشراقا وانتفى عنه كل ريب وشك وسخط , وهم وغم , فامتلأ محبة الله وخوفا منه , ورضا به وشكرا له , وتوكلا عليه وانابة اليه.
العقل والايمان واليقين طريق الجنة:
ان اهتام العبد المؤمن بعمله وصلاحه يؤدي به الى التفكر والفطنة,والنظر في سنن الولين ,فتحصل له الحكمة ,وتنير قلبه العبرة , ويخرج من قلبه الشك , فيصل الى اليقين.
وأكثر ماخافه النبيون على اقوامهم ضعف اليقين فقد قال عيسى عليه السلام لأحد حوارييه : أرني يدك ياقصير الايمان ,لو ان لابن آدم من اليقين قدر شعيرة , مشى على الماء.
من الاسرائيليات ,من النوع المسكوت عنه
وقال رسول الله (ص) :"ان الناس لم يؤتوا في هذه الدنيا خيرا من اليقين والعافية فسلوهما الله عز وجل" اسناده مرسل
قال الحسن : صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم باليقين طُلبت الجنة وباليقين هُرب , وباليقين أدُيت الفرائض , وباليقين صبر على الحق, وفي معافاة الله خير كثير,قد والله رأيناهم والله يتقاربون في العافية فاذا نزل البلاء تفارقوا.
وقال لقمان لابنه : يابني ان الصبر على المكاره من حس اليقين وان لكل عمل كمالا وغاية ,وكمال العبادة الورع واليقين.
عن يحيى ابن كثير قال : قال رسول الله (ص) : "الكرم التقوى ,والشرف التواضع ,واليقين الغنى"اسناده مرسل
قال الاحنف بن قيس :"اللهم هب لي يقينا تهوّن به علي مصيبات الدنيا".
ونعود الى كتاب الله عز وجل والعود احمد لنجد ان كل سورة من سوره تذكرنا بالعقل وتوجهنا الى العقل الذي يصل بالعقلاء الى الايمان ومن ثمة الى اليقين بالله وعظمته .
بسم الله الرحمن الرحيم
(وقال الذين لايعلمون لولا يكلمنا الله او تأتينا آية كذلك قال الذين من قبلهم مثل قولهم تشابهت قلوبهم قد بينا الايات لقوم يوقنون )البقرة(118)
وسأذكر بعض الآيات من الذكر الحكيم التي تبين لنا مراحل الوصول الى اليقين المرتبط بهداية العقل .
بسم الله الرحمن الرحيم
(أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون ) البقرة /157/
(واذ قال ابراهيم رب أرني كيف تحيي الموتى قال أولم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي ) البقرة /260/
(كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تهتدون )آل عمران /103/
(ومن أحسن دينا ممن أسلم وجهه لله وهو محسن واتبع ملة ابراهيم حنيفا )النساء /125/
(ياأيها الناس قد جائكم برهان من ربكم وأنزلنا اليكم نورا مبينا ) النساء /174/
(وعلى الله فتوكلوا ان كنتم مؤمنين)المائدة /23/
(أفحكم الجاهلية يبغون ومن احسن من الله حكما لقوم يوقنون ) المائدة /50/
(وكذلك نري ابراهيم ملكوت السماوات والارض ليكون من الموقنين) الانعام /75/
(ثم آتينا موسى الكتاب تماما على الذي احسنه وتفصيلا لكل شيء وهدى ورحمة لعلهم بلقاء ربهم يؤمنون)الانعام /154/
(قل من يرزقكم من السماء والارض أمّن يملك السمع والأبصار ومن يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي ومن يدبر الامر قسيقولون الله فقل افلا تتقون ) يونس /31/
(وقال ياأبت هذا تأويل رؤياي من قبل قد جعلها ربي حقا ) يوسف /100/
(الله الذي رفع السماوات بغير عمد ترونها ثم استوى على العرش وسخر الشمس والقمر كل يجري لأجل مسمىً يدبر الأمر يفصّل الآيات لعلكم بلقاء ربكم توقنون) الرعد /2/
(قالوا بشرناك بالحق فلا تكن من القانتين) الحٍجر /55/
(واعبد ربك حتى يأتيك اليقين) الحٍجر /99/
(أفمن يخلقُ كمن لايخلق أفلا تذكرون) النحل /17/
(من كفر بالله من بعد ايمانه الا من اكره وقلبه مطمئن بالايمان ) النحل /106/
(ذلك ومن يعظّم شعائر الله فانها من تقوى القلوب ) الحج /32/
وانني اكتفي بهذه الآيات الكريمة المضيئة التي تدلل على منزلة اليقين الذي لاتشوبه شائبة والذي به يكون طريق نجاة الامة .قال رسول الله(ص) :"نجى أول هذه الامة باليقين والزهد ,ويهلك آخر هذه الأمة بالبخل والأمل " حديث حسن

بمعنى ان اصلاح هذه الأمة وخيريتها وماأنجزت ومابنت انما كان بسبب زهدها في الدنيا وتقللها من شهواتها , وبسبب يقينها وقوة ثقتها بثواب الله عز وجل .
وتهلك هذه الامة عندما تمسك بالمال وتحرص عليه ولا تنفقه في طريقه الصحيح وترغب في الحياة فقط , وتنسى الاخرة وذلك هو الامل والغرور.
جعلنا الله من اهل الزهد واليقين لما عند الله واعاذنا من طول الامل وشدة البخل.
كان من دعاء ابي بكر الصديق رضي الله عنه : اللهم هب لي ايمانا ويقينا ومعافاة ونية.
واليقين الحق بعظمة الله ,وانه الفعال لما لما يريد وان كل شيء منه واليه, يمد الانسان بقوة من بعد قوة حتى يصبح هذا اليقين من اقوى الأدواء على كل الامراض.. عن ..عن..عن عبيد الله بن ابي جعفر ان رجلا اصابه مرض فمنعه من الطعام والنوم ,فبينا هو ليلة ساهر , سمع وجبة اي سقطى في حجرته ,فاذا هو يسمع كلاما,فوعاه ,فتكلم به فبرأ مكانه .."اللهم اني عبدك,ولك اصلي , فاجعل الشفاء في جسدي واليقين في قلبي,والنور في بصري , والشكر في صدري ,وذكرك بالليل والنهار في لساني أبدا ماأبقيتني , وارزقني منك رزقا غير ممنوع ولا محظور".
ومن أقوال الزهاد عن اليقين قال ذو النون المصري : اليقين يدعو الى قصر الامل ,وقصر الامل يدعو الى الزهد والزهد يورث الحكمة وهي تورث النظر في العواقب .
وقال : ثلاثة من اعلام اليقين النظر الى الله في كل شيء والرجوع اليه في كل امر والاستعانة به في كل حال.
وقال الجنيد :اليقين هو استقرار العلم الذي لاينقلب ولايحول ,ولايتغير في القلب .
وقال ابن عطاء على قدر قربهم من التقوى أدركوا من اليقين..
درجات اليقين :
قال صاحب مدارج السالكين : وهو على ثلاث درجات :
الدرجة الأولى :علم اليقين وهو قبول ماظهر من الحق ,وقبول ماغاب للحق ,والوقوف على ماقام بالحق ويشرح ذلك الامام ابن قيم الجوزية فيقول :
ذكر الشيخ في هذه الدرجة ثلاثة أشياء هي متعلق (اليقين) وأركانه .
1ـ قبول ماظهر من الحق تعالى : والذي ظهر منه سبحانه أوامره ونواهيه ,وشرعه ودينه الذي ظهر لنا من على السنة رسله,فتلقّاه بالقبول والانقياد ,والاذعان, والتسليم للربوبية والدخول تحت رف العبودية.
2ـ قبول ماغاب للحق : وهو الايمان بالغيب الذي أخبر به الحق سبحانه على لسان رسله ,من أمور المعاد وتفصيله , والجنة والنار ,وماقبل ذلك من الصراط والميزان والحساب, وماقبل ذلك من تشقق السماء وانفطارها وانتثار الكواكب, ونسف الجبال ,وطيّ العالم , وما قبل ذلك من امور البرزخ ونعيمه وعذابه .
فقبول هذا كله ـ ايمانا وتصديقا وايقانا ـ هو اليقين بحيث لايخالج القلب فيه شبهة .
3ـ الوقوف على ماقام به الحق : سبحانه من أسمائه وصفاته وافعاله ,وهو علم التوحيد , الذي اساسه: اثبات الاسماء والصفات , وضده التعطيل والنفي .
الدرجة الثانية من درجات اليقين :
الدرجة الثانية عين اليقين :وهو الغني بالاستدلال عن الاستدلال وعن الخبر بالعيان .
قال ابو عبد الله: الفرق بين علم اليقين وعين اليقين كالفرق بين الخبر الصادق والعيان ,وحق اليقين فوق هذا.
وقد مثلت المراتب الثلاثة بمن اخبرك :أن عنده عسلا ,وانت لاتشك
منقوول