إعلانات المنتدي
المواضيع الأخيرة
بحـث
التسامح في الإسلام
+3
محمد اللافي
ولد الجبل
عبدالحفيظ عوض ربيع
7 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
التسامح في الإسلام
جاء الإسلام ليخرج الناس من ضيق الجهل والعصبية إلى واحات الأمن والسلام، يعيش الإنسان في رحابها أيا كان جنسه أو لونه أو معتقده مستظلاً بظلال وارفة من الرفق والتسامح اللين. ولا غرابة في ذلك فالإسلام هو رسالة السلام، وخير رسول بين القلوب فيه مثل تجمع في معانيها الود والصفاء والإخاء. إذ الناس في حكم تشريعاته إخوة تجمعهم نفس واحدة يقول في شأنها الحق سبحانه (يأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) النساء 1 . تلكم المعاني السامية التي أخبرت عنها الآية الكريمة يمكن أن نختزلها في قولنا إن الإسلام مع غير المسلم دين قوامه حسن المعاملة، ونبل الخلق وإنسانية التشريع، وعندما نقول ذلك نجد صنوفاً شتى من الدلائل والبراهين التي تعين على ترسيخ تلك الحقيقة في النفس والوجدان من ذلك:
أولاً: بنية الحوار مع الآخر والتي تقوم في كنهها على الحكمة، والموعظة الحسنة والمجادلة بالتي هي أحسن.
يقول سبحانه (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) النحل 125 . ويقول سبحانه (وَلا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) العنكبوت 46. ولعلنا نلحظ في الآية الكريمة كلمة (أَحْسَنُ) حيث وردت بصيغة التفضيل، وكأن الحق سبحانه وتعالى يريد أن يقول لنا إذا ما خير المسلم في حواره مع غيره بين ما هو حسن من الألفاظ والعبارات، وما هو أحسن فإن حسن الخلق يُلزمه أن يجنح في التعبير إلى ما هو أحسن. أضف إلى ذلك قول الحق سبحانه (قُل لا تُسْأَلُونَ عَمَّا أَجْرَمْنَا وَلا نُسْأَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ) سبأ 25. نلمح فيه كذلك أدباً ربانياً كان فيه التعبير عن النفس والذات بلفظ (أَجْرَمْنَا) وعن الغير بلفظ (تَعْمَلُونَ) وكان القياس يقتضى أن يقال «لا تسألون عما أجرمنا ولا نسأل عما تجرمون» . وما فعل الإسلام ذلك في بنيته الحوارية مع غير المسلم إلا انطلاقاً من ترسيخ مبدأ التسامح والرحمة الذي كان خلقاً أصيلاً في نفس النبي صلى الله عليه وسلم لأجله هفت النفوس إليه بالمودة، وتاقت القلوب إلى شخصه بالقربى. يقول سبحانه (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ) آل عمران 159.
ثانياً: بنية التشريع في التعامل مع الآخر. وفى هذا الإطار نجد النصوص الإلهية في الكتاب والسنة النبوية الشريفة وقد تضافرت أمراً وحثاً وإرشاداً إلى حسن المعاملة مع غير المسلمين والإحسان إليهم، والبر بهم إذ يقول الحق سبحانه (لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) الممتحنة 8 . وهنا نلمح الإمام القرطبي وقد سبر أغوار المعاني في تلكم الآية الكريمة فأخذ منها :- حث الله سبحانه وتعالى المسلمين على صلة وبر المخالفين لهم في العقيدة، واحتج على ذلك بما أخرجه البخاري ومسلم من أن أسماء بنت أبى بكر سألت النبي صلى الله عليه وسلم هل تصل أمها حين قدمت إليها مشركة؟ فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: «نعم، ثم يذكر أن هذه الحادثة كانت سبباً في نزول هذه الآية الكريمة.- كذلك أخذ الإمام القرطبي، والقاضي أبو بكر بن العربي من قول الله تعالى في الآية (أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ) جواز إعطاء أهل الذمة قسطاً من الأموال على وجه الصلة، وإكرام وفادتهم.
أضف إلى ذلك أن العلماء أكدوا أن أهل الذمة الذين وردت صفاتهم في الآية الكريمة يجب الوفاء لعهدهم بموجب العديد من النصوص الشرعية التي تواترت على إثبات تلك المعاني، من ذلك ما رواه الترمذي عن أبى هريرة رضى الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال (ألا من قتل نفساً معاهدة له ذمه الله وذمه رسول الله فقد أخفر بذمة الله فلا يرح رائحة الجنة، وإن ريحها لتوجد من مسيرة سبعين خريفا). وأخرج الإمام البخاري عن عبد الله بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال (من قتل معاهداً لم يرح رائحة الجنة، وإن ريحها ليوجد من مسيرة أربعين عاما). وأخرج أبو داوود في السنن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (ألا من ظلم معاهداً أو انتقصه أو كلفه فوق طاقته أو أخذ منه شيئاً بغير طيب نفس فأنا حجيجه يوم القيامة).
وقد كتب النبي صلى الله عليه وسلم ما يضمن لغير المسلم حقوقه كما نصت على ذلك تشريعات الإسلام ، فقد أخرج ابن زنجويه في كتاب «الأموال» أن رسول الله صلى الله عليه قد كتب لأسقف بنى الحارث بن كعب، وأساقفة نجران وكهنتهم ومن تبعهم وربانهم «أن لهم ما تحت أيديهم من قليل وكثير، من بيعهم وصلواتهم وربانهم وجوار الله ورسوله لا يغير أسقف عن أسقوفيته، ولا راهب عن رهبانيته، ولا كاهن عن كهانته».
وتمضي الأيام، وتسرى تلك الروح التسامحية من النبي صلى الله عليه وسلم إلى الخلفاء والملوك في الدول الإسلامية من بعده، مما يدل على حسن تفهمهم لدينهم، وإلمامهم بكنه أحكام ربهم في معاملتهم لأهل الكتاب فيقبسون نور التسامح من المعين النبوي الزاخر الذي يشع على العالمين رأفة ورحمة، فيذكر البلازري في فتوح البلدان أن عمر بن الخطاب رضى الله عنه أعطى عهدة إلى أهل إلياء جاء فيها «بسم الله الرحمن الرحيم .. هذا ما أعطى عبد الله عمر أمير المؤمنين أهل الياء من الأمان أماناً لأنفسهم وكنائسهم وصلبانهم سقيمها وبرها وسائر ملتها ألا تُسكن كنائسهم، ولا تهدم ولا ينقص منها، ولا من صلبانهم، ولا من شىء من أموالهم، ولا يكرهون على دينهم ولا يضار أحد منهم».
ومن المعين ذاته اغترف خالد بن الوليد عهدته إلى أهل دمشق التي جاء فيها
«بسم الله الرحمن الرحيم ... هذا ما أعطى خالد بن الوليد أهل دمشق، إذا دخلها أعطاهم أماناً على أنفسهم وأموالهم وكنائسهم وسور مدينتهم، لا يُهدم ولا يُسكن شىء من دورهم، لهم بذلك عهد الله سبحانه وذمة رسوله صلى الله عليه وسلم والخلفاء والمؤمنين لا يُعرض لهم إلا بخير».
في ظل هذه المعاني السامية كانت الأحكام الفقهية المرسخة لقيم التسامح والمودة بين المسلمين وغيرهم ممن خالفهم في معتقد أو دين عند فقهاء الإسلام إذ بين فقيه المالكية شهاب الدين القرافى في كتابه «الفروق» أن عقد الذمة لأهل الكتاب يوجب حقوقاً لهم على أمة الإسلام معللاً ذلك أنهم بموجب هذا العقد أصبحوا في ذمة الله تعالى وذمة رسوله صلى الله عليه وسلم ودين الإسلام، ومن ثم من اعتدى عليهم بكلمة سوء أو غيبة في عرض أحدهم أو أي نوع من أنواع الأذى أو أعان على ذلك فقد ضَيَعَ ذمة الله تعالى وذمة رسوله صلى الله عليه وسلم وذمة دين الإسلام.
ومن طريف ما يذكر في هذا الباب أن الخوارج وهم من هم في استباحة دماء المسلمين توقفوا عن النيل من أهل الذمة بقتل أو أذى خشية نقض العهد معهم، كما يذكر ذلك ابن حجر في الفتح. بل إن المبرد في كامله ينقل عنهم أنهم ساوموا رجلاً على غير دين الإسلام في نخلة له، فقال: ما هى لكم . فقالوا: ما كنا لنأخذها إلا بثمن. فقا : ما أعجب هذا أتقتلون أمثالكم من أهل دينكم ولا تقبلون منى جنى نخلتى !
من أجل هذه المعاني وغيرها وجدنا العديد من رواد مدارس الاستشراق في الغرب ينحنون إجلالاً وتعظيماً لنبل ما ورد في تشريعات الإسلام من قيم التسامح، ومعاني المودة والرحمة التي اتصف بها النبي صلى الله عليه وسلم والمسلمون من بعده حتى وجدنا «لورد هادلى» يقول «إن محمداً صلى الله عليه وسلم لم يكن متصفاً بقسوة، ولا متعطشاً لدماء كما يقول خصومه، بل كان دائماً يعمل على حقن الدماء جهد المستطاع، ولقد جاءه وفد نجران بقيادة البطريرك فلم يحاول أن يكرههم على اعتناق الإسلام، فلا إكراه في الدين بل أمنهم على أموالهم وأرواحهم، وأمر بألا يتعرض لهم أحد في معتقداتهم وطقوسهم الدينية». وما ذكره لورد هادلى يخرج لمشكاة واحدة مع ما ذكره مفكر الحرية فولتير، وليون جوتيه، وبرج كريمر، وتوماس أرنولد والفيلسوف الروسى تولستوى، والشاعر الفرنسى لامرتين.. وغيرهم، ممن أيقنوا بسماحة الإسلام فانسابت أقلامهم لتعبر بإنصاف عما أيقنوا به من وجود معاني التسامح والمودة والسلام في دين الإسلام نصا وواقعا وتشريعا.
د. محمد عبد الرحيم البيومي
كلية الشريعة والقانون - جامعة الإمارات
أولاً: بنية الحوار مع الآخر والتي تقوم في كنهها على الحكمة، والموعظة الحسنة والمجادلة بالتي هي أحسن.
يقول سبحانه (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) النحل 125 . ويقول سبحانه (وَلا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) العنكبوت 46. ولعلنا نلحظ في الآية الكريمة كلمة (أَحْسَنُ) حيث وردت بصيغة التفضيل، وكأن الحق سبحانه وتعالى يريد أن يقول لنا إذا ما خير المسلم في حواره مع غيره بين ما هو حسن من الألفاظ والعبارات، وما هو أحسن فإن حسن الخلق يُلزمه أن يجنح في التعبير إلى ما هو أحسن. أضف إلى ذلك قول الحق سبحانه (قُل لا تُسْأَلُونَ عَمَّا أَجْرَمْنَا وَلا نُسْأَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ) سبأ 25. نلمح فيه كذلك أدباً ربانياً كان فيه التعبير عن النفس والذات بلفظ (أَجْرَمْنَا) وعن الغير بلفظ (تَعْمَلُونَ) وكان القياس يقتضى أن يقال «لا تسألون عما أجرمنا ولا نسأل عما تجرمون» . وما فعل الإسلام ذلك في بنيته الحوارية مع غير المسلم إلا انطلاقاً من ترسيخ مبدأ التسامح والرحمة الذي كان خلقاً أصيلاً في نفس النبي صلى الله عليه وسلم لأجله هفت النفوس إليه بالمودة، وتاقت القلوب إلى شخصه بالقربى. يقول سبحانه (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ) آل عمران 159.
ثانياً: بنية التشريع في التعامل مع الآخر. وفى هذا الإطار نجد النصوص الإلهية في الكتاب والسنة النبوية الشريفة وقد تضافرت أمراً وحثاً وإرشاداً إلى حسن المعاملة مع غير المسلمين والإحسان إليهم، والبر بهم إذ يقول الحق سبحانه (لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) الممتحنة 8 . وهنا نلمح الإمام القرطبي وقد سبر أغوار المعاني في تلكم الآية الكريمة فأخذ منها :- حث الله سبحانه وتعالى المسلمين على صلة وبر المخالفين لهم في العقيدة، واحتج على ذلك بما أخرجه البخاري ومسلم من أن أسماء بنت أبى بكر سألت النبي صلى الله عليه وسلم هل تصل أمها حين قدمت إليها مشركة؟ فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: «نعم، ثم يذكر أن هذه الحادثة كانت سبباً في نزول هذه الآية الكريمة.- كذلك أخذ الإمام القرطبي، والقاضي أبو بكر بن العربي من قول الله تعالى في الآية (أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ) جواز إعطاء أهل الذمة قسطاً من الأموال على وجه الصلة، وإكرام وفادتهم.
أضف إلى ذلك أن العلماء أكدوا أن أهل الذمة الذين وردت صفاتهم في الآية الكريمة يجب الوفاء لعهدهم بموجب العديد من النصوص الشرعية التي تواترت على إثبات تلك المعاني، من ذلك ما رواه الترمذي عن أبى هريرة رضى الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال (ألا من قتل نفساً معاهدة له ذمه الله وذمه رسول الله فقد أخفر بذمة الله فلا يرح رائحة الجنة، وإن ريحها لتوجد من مسيرة سبعين خريفا). وأخرج الإمام البخاري عن عبد الله بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال (من قتل معاهداً لم يرح رائحة الجنة، وإن ريحها ليوجد من مسيرة أربعين عاما). وأخرج أبو داوود في السنن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (ألا من ظلم معاهداً أو انتقصه أو كلفه فوق طاقته أو أخذ منه شيئاً بغير طيب نفس فأنا حجيجه يوم القيامة).
وقد كتب النبي صلى الله عليه وسلم ما يضمن لغير المسلم حقوقه كما نصت على ذلك تشريعات الإسلام ، فقد أخرج ابن زنجويه في كتاب «الأموال» أن رسول الله صلى الله عليه قد كتب لأسقف بنى الحارث بن كعب، وأساقفة نجران وكهنتهم ومن تبعهم وربانهم «أن لهم ما تحت أيديهم من قليل وكثير، من بيعهم وصلواتهم وربانهم وجوار الله ورسوله لا يغير أسقف عن أسقوفيته، ولا راهب عن رهبانيته، ولا كاهن عن كهانته».
وتمضي الأيام، وتسرى تلك الروح التسامحية من النبي صلى الله عليه وسلم إلى الخلفاء والملوك في الدول الإسلامية من بعده، مما يدل على حسن تفهمهم لدينهم، وإلمامهم بكنه أحكام ربهم في معاملتهم لأهل الكتاب فيقبسون نور التسامح من المعين النبوي الزاخر الذي يشع على العالمين رأفة ورحمة، فيذكر البلازري في فتوح البلدان أن عمر بن الخطاب رضى الله عنه أعطى عهدة إلى أهل إلياء جاء فيها «بسم الله الرحمن الرحيم .. هذا ما أعطى عبد الله عمر أمير المؤمنين أهل الياء من الأمان أماناً لأنفسهم وكنائسهم وصلبانهم سقيمها وبرها وسائر ملتها ألا تُسكن كنائسهم، ولا تهدم ولا ينقص منها، ولا من صلبانهم، ولا من شىء من أموالهم، ولا يكرهون على دينهم ولا يضار أحد منهم».
ومن المعين ذاته اغترف خالد بن الوليد عهدته إلى أهل دمشق التي جاء فيها
«بسم الله الرحمن الرحيم ... هذا ما أعطى خالد بن الوليد أهل دمشق، إذا دخلها أعطاهم أماناً على أنفسهم وأموالهم وكنائسهم وسور مدينتهم، لا يُهدم ولا يُسكن شىء من دورهم، لهم بذلك عهد الله سبحانه وذمة رسوله صلى الله عليه وسلم والخلفاء والمؤمنين لا يُعرض لهم إلا بخير».
في ظل هذه المعاني السامية كانت الأحكام الفقهية المرسخة لقيم التسامح والمودة بين المسلمين وغيرهم ممن خالفهم في معتقد أو دين عند فقهاء الإسلام إذ بين فقيه المالكية شهاب الدين القرافى في كتابه «الفروق» أن عقد الذمة لأهل الكتاب يوجب حقوقاً لهم على أمة الإسلام معللاً ذلك أنهم بموجب هذا العقد أصبحوا في ذمة الله تعالى وذمة رسوله صلى الله عليه وسلم ودين الإسلام، ومن ثم من اعتدى عليهم بكلمة سوء أو غيبة في عرض أحدهم أو أي نوع من أنواع الأذى أو أعان على ذلك فقد ضَيَعَ ذمة الله تعالى وذمة رسوله صلى الله عليه وسلم وذمة دين الإسلام.
ومن طريف ما يذكر في هذا الباب أن الخوارج وهم من هم في استباحة دماء المسلمين توقفوا عن النيل من أهل الذمة بقتل أو أذى خشية نقض العهد معهم، كما يذكر ذلك ابن حجر في الفتح. بل إن المبرد في كامله ينقل عنهم أنهم ساوموا رجلاً على غير دين الإسلام في نخلة له، فقال: ما هى لكم . فقالوا: ما كنا لنأخذها إلا بثمن. فقا : ما أعجب هذا أتقتلون أمثالكم من أهل دينكم ولا تقبلون منى جنى نخلتى !
من أجل هذه المعاني وغيرها وجدنا العديد من رواد مدارس الاستشراق في الغرب ينحنون إجلالاً وتعظيماً لنبل ما ورد في تشريعات الإسلام من قيم التسامح، ومعاني المودة والرحمة التي اتصف بها النبي صلى الله عليه وسلم والمسلمون من بعده حتى وجدنا «لورد هادلى» يقول «إن محمداً صلى الله عليه وسلم لم يكن متصفاً بقسوة، ولا متعطشاً لدماء كما يقول خصومه، بل كان دائماً يعمل على حقن الدماء جهد المستطاع، ولقد جاءه وفد نجران بقيادة البطريرك فلم يحاول أن يكرههم على اعتناق الإسلام، فلا إكراه في الدين بل أمنهم على أموالهم وأرواحهم، وأمر بألا يتعرض لهم أحد في معتقداتهم وطقوسهم الدينية». وما ذكره لورد هادلى يخرج لمشكاة واحدة مع ما ذكره مفكر الحرية فولتير، وليون جوتيه، وبرج كريمر، وتوماس أرنولد والفيلسوف الروسى تولستوى، والشاعر الفرنسى لامرتين.. وغيرهم، ممن أيقنوا بسماحة الإسلام فانسابت أقلامهم لتعبر بإنصاف عما أيقنوا به من وجود معاني التسامح والمودة والسلام في دين الإسلام نصا وواقعا وتشريعا.
د. محمد عبد الرحيم البيومي
كلية الشريعة والقانون - جامعة الإمارات
-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~
رد: التسامح في الإسلام
إن التسامح مسؤولية تشكل عماد حقوق الإنسان والتعددية بما في ذلك التعددية الثقافية . وهو خلق إسلامي عظيم يؤلف بين القلوب وينبذ التعصب ويخلق جو من التفاهم وينشر الرحمة بين أفراد المجتمع ...
شكرا لك ولكاتب الموضوع ..... تقبل تحياتي
شكرا لك ولكاتب الموضوع ..... تقبل تحياتي
ولد الجبل- مشير
-
عدد المشاركات : 7030
العمر : 81
رقم العضوية : 2254
قوة التقييم : 133
تاريخ التسجيل : 05/07/2010
رد: التسامح في الإسلام
كل الشكرعلى المرور اخى الكريم
-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~
رد: التسامح في الإسلام
اخي الكريم عبدالحفيظ لا نجد افضل من الرسول
صلي الله عليه وسلم قدوة في التسماح
ومن مواقفة علي الصلاة السلا م في تسامح :
1-لقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستخدم التسامح ويستعمله حتى مع المنافقين الذين يعرف أنهم كذلك، ومع أنهم يمثلون أعداء الداخل فلقد عفا رسول الله صلى الله عليهوسلم عن ابن أبي سلول مراراً، وزاره لما مرض، وصلى عليه لما مات، ونزل على قبره، وألبسه قميصه، وهذا الرجل هو الذي آذى رسول الله صلى الله عليه وسلم في عرضه يوم حادثة الإفك؛ فيقول عمر لرسول الله صلى الله عليه وسلم: أتصلي عليه وهو الذي فعل وفعل؟ فيقول النبي صلى الله عليه وسلم: (يا عمر، إني خُيّرت فاخترت قد قيل لي : "اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لاَ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِن تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَن يَغْفِرَ اللّهُ لَهُمْ"، ولو أعلم أني لو زدت على السبعين غفر له لزدت) أخرجه البخاري، فنسخ جواز الصلاة عليهم بقوله تعالى: "وَلاَ تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِّنْهُم مَّاتَ أَبَدًا وَلاَ تَقُمْ عَلَىَ قَبْرِهِ"[التوبة:84]، لكن التسامح لم ينسخ أبداً.
2- ولما جاء رجل ورفع السيف على النبي صلى الله عليه وسلم وقال: من يمنعك مني يا محمد؟ قال: الله ثم سقط السيف من يده، ثم أخده النبي صلى الله عليه وسلم وقال: (من يمنعك مني؟) ثم أخذه إلى أصحابه وأخبرهم الخبر، فتعهد للنبي صلى الله عليه وسلم أن لا يحاربه، ولا يكون مع قوم يحاربونه، فالتسامح أحرجه وأخذ منه كل قلبه.
3- وفي فتح مكة حين قال صلى الله عليه وسلم لقريش ((ما تظنون أني فاعل بكم)) قالوا: أخ كريم وابن أخ كريم ، قال(( اذهبوا فأنتم الطلقاء)).
4- وكذلك فعله صلى الله عليه وسلم مع ذلك الرجل الذي كان يضع القمامة في طريقه صلى الله عليه وسلم وحينما خرج في يوم من الأيام ولم يجد القمامة في طريقه سأل عن الرجل فأخبر أنه مريض فذهب يعوده.
صلي الله عليه وسلم قدوة في التسماح
ومن مواقفة علي الصلاة السلا م في تسامح :
1-لقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستخدم التسامح ويستعمله حتى مع المنافقين الذين يعرف أنهم كذلك، ومع أنهم يمثلون أعداء الداخل فلقد عفا رسول الله صلى الله عليهوسلم عن ابن أبي سلول مراراً، وزاره لما مرض، وصلى عليه لما مات، ونزل على قبره، وألبسه قميصه، وهذا الرجل هو الذي آذى رسول الله صلى الله عليه وسلم في عرضه يوم حادثة الإفك؛ فيقول عمر لرسول الله صلى الله عليه وسلم: أتصلي عليه وهو الذي فعل وفعل؟ فيقول النبي صلى الله عليه وسلم: (يا عمر، إني خُيّرت فاخترت قد قيل لي : "اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لاَ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِن تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَن يَغْفِرَ اللّهُ لَهُمْ"، ولو أعلم أني لو زدت على السبعين غفر له لزدت) أخرجه البخاري، فنسخ جواز الصلاة عليهم بقوله تعالى: "وَلاَ تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِّنْهُم مَّاتَ أَبَدًا وَلاَ تَقُمْ عَلَىَ قَبْرِهِ"[التوبة:84]، لكن التسامح لم ينسخ أبداً.
2- ولما جاء رجل ورفع السيف على النبي صلى الله عليه وسلم وقال: من يمنعك مني يا محمد؟ قال: الله ثم سقط السيف من يده، ثم أخده النبي صلى الله عليه وسلم وقال: (من يمنعك مني؟) ثم أخذه إلى أصحابه وأخبرهم الخبر، فتعهد للنبي صلى الله عليه وسلم أن لا يحاربه، ولا يكون مع قوم يحاربونه، فالتسامح أحرجه وأخذ منه كل قلبه.
3- وفي فتح مكة حين قال صلى الله عليه وسلم لقريش ((ما تظنون أني فاعل بكم)) قالوا: أخ كريم وابن أخ كريم ، قال(( اذهبوا فأنتم الطلقاء)).
4- وكذلك فعله صلى الله عليه وسلم مع ذلك الرجل الذي كان يضع القمامة في طريقه صلى الله عليه وسلم وحينما خرج في يوم من الأيام ولم يجد القمامة في طريقه سأل عن الرجل فأخبر أنه مريض فذهب يعوده.
محمد اللافي- مستشار
-
عدد المشاركات : 27313
العمر : 45
رقم العضوية : 208
قوة التقييم : 54
تاريخ التسجيل : 28/06/2009
رد: التسامح في الإسلام
لا شك أن مبدأ التسامح عظيم، لأننا كلنا أهل خطأ، ونحتاج كثيراً إلى من يصفح عنًا ويحلم علينا، ليصنع لنا بذلك معروفاً ندين له به أبداً، والحقيقة أنني متى ما رأيت أن خصمي يراني خبيثاً وشريراً وكافراً أو رجعيّ ظلامي مستبد ، فإني وتلقائياً استبد برأيي واستبدل ريشة القلم بسيف بتار أضرب به عنق الآخر ، ومتى ما رأيت كلمات التسامح والصفح والمحبة من الآخر كلما أحسست بعظمة الإحسان الذي تملكني، هذا هو لسان كل إنسان
الفراشه- عقيد
-
عدد المشاركات : 782
العمر : 36
قوة التقييم : 4
تاريخ التسجيل : 03/01/2011
رد: التسامح في الإسلام
بارك الله فيك وجزاك الله خيرآ عما قدمت
-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~
اشهد ان لا اله الا الله واشهد ان محمد رسول الله
amol- مستشار
-
عدد المشاركات : 36762
العمر : 43
رقم العضوية : 2742
قوة التقييم : 9
تاريخ التسجيل : 14/08/2010
جلنار- مستشار
-
عدد المشاركات : 19334
العمر : 36
رقم العضوية : 349
قوة التقييم : 28
تاريخ التسجيل : 19/07/2009
مواضيع مماثلة
» التسامح
» شهر رمضان شهر التسامح
» التسامح القوه الناعمه
» حكم واقتبسات وأقوال عن التسامح (العفو)
» حكم واقتبسات وأقوال عن التسامح (العفو)
» شهر رمضان شهر التسامح
» التسامح القوه الناعمه
» حكم واقتبسات وأقوال عن التسامح (العفو)
» حكم واقتبسات وأقوال عن التسامح (العفو)
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
2024-11-21, 8:36 am من طرف STAR
» ارخص غسالات ملابس
2024-11-18, 10:29 am من طرف محمدوعبدو
» "لسنا عيادة طبية".. رئيسة بالميراس البرازيلي تعلق بشأن التعاقد مع نيمار
2024-11-18, 7:49 am من طرف STAR
» لا تستخدم مياه "الحنفية" لتبريد محرك سيارتك.. إليك السبب
2024-11-18, 7:49 am من طرف STAR
» هل يطرد النوم "السموم من الدماغ"؟.. دراسة تكشف السر
2024-11-18, 7:48 am من طرف STAR
» لمستخدمي "ميتا" في أوروبا.. إليكم هذه الميزة الجديدة!
2024-11-18, 7:47 am من طرف STAR
» احرصوا على تهوية المنزل حتى في الطقس البارد!
2024-11-18, 7:47 am من طرف STAR
» العناية بالبشرة في فصل الخريف.. نصائح مهمة لذلك
2024-11-18, 7:46 am من طرف STAR
» الأرز الإسباني
2024-11-18, 7:45 am من طرف STAR
» عن مشاركة نيمار في مونديال الاندية.. هذا موقف الهلال
2024-11-16, 8:14 am من طرف STAR
» لضمان نوم هادئ ومريح.. تجنب 5 عادات
2024-11-16, 8:13 am من طرف STAR
» ترتيب المنتخبات العربية في تصفيات آسيا لكأس العالم 2026
2024-11-16, 8:12 am من طرف STAR
» الخضار الأعلى كثافة بالمغذيات
2024-11-16, 8:11 am من طرف STAR
» رونالدو يثير التفاعل بتصرف رائع خلال مباراة البرتغال
2024-11-16, 8:09 am من طرف STAR
» غرامة بمليار دولار تُهدد "ميتا" بالتفكك وسط ضغوط تنظيمية دولية
2024-11-16, 8:09 am من طرف STAR