إعلانات المنتدي
المواضيع الأخيرة
بحـث
(رياح التغيير) هبَّت على البلاد فطارت حكومة الوحدة الوطنية
2 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
(رياح التغيير) هبَّت على البلاد فطارت حكومة الوحدة الوطنية
(رياح التغيير) هبَّت على البلاد فطارت حكومة الوحدة الوطنية في الأجواء ميقاتي يخوض تجربة (الوسطية) في عالم يسوده التطرف وصفة (التكنوقراط) رائجة بين المستوزرين والسياسيين !
كان الرئيس نجيب ميقاتي وزيراًَ للأشغال العامة والنقل، مدعواً الى العشاء، في بلدة كورانية مع عدد من نواب الشمال، وكانت طرابلس والكورة وزغرتا والبترون دائرة انتخابية، وقبل ان يصل الى المنزل المدعو الى العشاء فيه، استوقفه في باحة (الضيعة) بضعة من الاهالي، كانوا يتناولون طعاماً خفيفاً، فصافح كل فرد منهم، ثم استأذنهم ليجلس على حجر، ويمضي نصف ساعة معهم.
وراع الأهالي جلوس الوزير الفارع الطول، على حجر، فأحضروا له مقعداً وثيراً وتمنوا عليه أن يجلس عليه. ورد: (الله أعطاني أن أنجح في حياتي، لكنه لم يعطني الكبرياء، لا فخراً ولا اعتداداً. لكنه ترك لي حرية الاختيار بين الرعونة والحياة الطبيعية، وأنا بطبعي أحب الناس، وأحب مجالستهم والمعاشرة).
(تعشى) الوزير الميقاتي (كعكة) وقطعة جبن بلدية، ثم وقف وشكر الأهالي الذين استضافوه وبادرهم: هذا أطيب عشاء. ورفع يده الى فوق محيياً، ثم توجه الى حيث كان مدعواً، مع الوزير النائب محمد الصفدي والنائب المرحوم موريس فاضل.
كان ذلك في حقبة التسعينات. لم يكن أحد من الذين استضافوه يدرك أن الذي جلس بينهم بتواضع، سيكون بعد مدة رئيس وزراء لبنان، ويجري الانتخابات النيابية الأولى، بعد اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري.
هل هو الحظ ينتظره ليكون رجل المراحل الصعبة، أم هي كفايته، أم دماثته، أم ذكاؤه?
قصة نجيب ميقاتي مع الطموح طويلة. أولى خطواته كانت ترشحه للانتخابات النيابية، وهذا ما جعله موضوع منافسة حادة مع الرئيس عمر كرامي. وكان مجلس النواب يشهد حملات حادة من (الافندي) ضده. وبعد عقدين من الزمن رشحوا (الافندي) لرئاسة الحكومة باسم المعارضة، عندما أدركوا أنهم لن يفوزوا به، اعتذر منه الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، ومنحه أجمل اطراء، وأحسن وصف وهو يشيد به، لأن (الأفندي) اعتذر منه بسبب تقدمه في العمر وهو يقارب نهاية حقبة السبعينات.لكنه قال اذا لم تجدوا غيري فأنا جاهز لقبول المنصب. لكن، عندما زاره الرئيس المكلف نجيب ميقاتي، قال للصحافيين، ان الذي دعاني (رثاني) وأنا حي... وضحك. وهذا ما استرعى انتباه سيدة مثقفة، عقبت على هذه العبارة في جلسة خاصة: (الافندي) ذكي، مهضوم، وصاحب نكتة لاذعة. وقد رد التحية بأحسن منها للذي رشحه وتخلى عن ترشيحه، وكأن المعارضة عملته (رابوء) من دون أن تقصد اهانته، لكنه رد لها الكيل كيلين، عندما اختار عبارة (رثاني)، وكانت (لاذعة ومهضومة).
إلا ان الرئيس كرامي، بموقفه الكبير من الرئيس نجيب ميقاتي (ضمن) مقعداً وزارياً لنجله الشاب فيصل كرامي المرشح لخلافته سياسياً.
قصة (طلوع) الميقاتي الى فوق طويلة. وهي انتصار لـ (الوسطية التي بشر بها منذ الانتخابات النيابية الاخيرة. فقد ترشح حليفاً للزعيم السياسي القوي سعد رفيق الحريري، وهو يؤمن بأن حظوظه تمر في التوافق، لا في الخصومة والمواجهة. ولذلك فقد كان سعد الحريري واقعياً. هو يدرك حجم زعامته في طائفته، لكنه لم يكن يريد أن يخوض (تيار المستقبل) الانتخابات، لا في بيروت ولا في طرابلس، مع احد من زعماء العاصمة الأولى ولا مع زعماء العاصمة الثانية.
في بيروت حرص على تأليف قائمة تضم تمام سلام و(الجماعة الاسلامية) والكتلة الأرمنية وحزب الطاشناق.
اما في فيحاء الشمال فقد فعل على غرار ما فعل في بيروت، فقد جمع (تكتل المستقبل): سمير الجسر، محمد كباره، الكتائب (سامر سعاده) مع القطبين القويين نجيب ميقاتي واحمد كرامي من جهة، ومحمد الصفدي ومعه قاسم عبد العزيز (عن الضنية)، وفازوا جميعاً بكل مقاعد الدائرة الأولى في الشمال (عكار - المنية - الضنية وطرابلس (القلمون).
اللعبة الذكية
واللعبة الذكية التي خاضتها المعارضة، انها اختارت مرشحاً لرئاسة الحكومة، من قلب التيار السياسي المتحالف بزعامة سعد الحريري، لأنه بعد الانتخابات (بايع) الجميع نجل الرئيس الشهيد رفيق الحريري في زعامة (الشارع السني) في لبنان.
في أوج الصراع على رئاسة الحكومة المقبلة، اتجهت الانظار الى الرئيس عمر كرامي، لتخوض به المعارضة بقيادة (حزب الله) والتيار الوطني الحر بزعامة العماد ميشال عون و(تيار المردة) بقيادة الوزير السابق والنائب سليمان فرنجيه.
وبعد (بوانتاج) دقيق، تبين لأقطاب المعارضة ثلاثة أمور:
الأول: إسقاط الحكومة ورئيسها على أبواب البيت الأبيض الأميركي، ليلتقي الرئيس اوباما الرئيس سعد الحريري، وهو رئيس حكومة مستقيلة.
الثاني: تنفيذ (التغيير) في رئاسة الحكومة، خصوصاً بعدما (نعى) سعد الحريري الاتفاق السعودي - السوري، وذهابه الى نيويورك لمقابلة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز، قبل انتقاله الى المغرب.
و(التغيير) يسميه أركان 14 آذار، (انقلاباً سياسياً) ويذهب هؤلاء الى حد تسميته بـ (الانقلاب العسكري)، لأن حزب الله - كما تردد - أجرى (بروفه) لاحتلال بيروت، بنزول عناصره الى الشوارع لمدة ساعة، ثم سحبها لأسباب معروفة أهمها عدم التسبب بفتنة مذهبية بين السنة والشيعة.
الثالث: تجنب (غضبة عالمية) لأن الرئيس سعد الحريري انتقل من واشنطن ونيويورك الى باريس للقاء الرئيس الفرنسي نيقولا ساركوزي. وانتقاله من فرنسا الى تركيا للاجتماع الى رئيس الوزراء التركي رجب الطيب أردوغان.
إلاّ أن سعد الحريري عاد من حواضر العالم الكبرى، الى العاصمة اللبنانية، ليواجه الاستقالة، استقالة وزراء المعارضة العشرة، اضافة الى (الوزير الملك) أو (الوزير الوديعة) لحزب الله، في حصة رئيس الجمهورية من الوزراء المحسوبين له.
القرار الغامض
ماذا يفعل سعد الحريري?
صعد الي بعبدا ووجد رئيس الجمهورية قد حدّد مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري مواعيد الاستشارات، و(البوانتاج) دقيق، اما يفوز سعد الحريري بصوت أو بصوتين، أو يخسر عمر كرامي بصوتين.
وتداخلت اللعبة الاقليمية باللعبة الداخلية باللعبة الدولية، وذهب رئيس وزراء قطر الى فرنسا وقابل الرئيس ساركوزي، وبعد ذلك صرفت باريس النظر عن لجنة الاتصال الدولية وتقرر افساح المجال أمام التوافق اللبناني، لحل الأزمة اللبنانية.
وبرز فجأة موضوع ترشيح أحد أركان 14 آذار لرئاسة الحكومة، لأن التغيير لن يمر إلاّ من خلال كتلة الموالاة، وإلاّ فان خطر الحرب الأهلية سيجثم فوق عقول اللبنانيين وعواطفهم.
وأدرك الجميع ان التغيير لن يتم إلاّ من خلال ثلاثة عناصر.
أولآً: (الثنائي الطرابلسي): نجيب ميقاتي ومعه أحمد كرامي، الوزير محمد الصفدي ومعه النائب قاسم عبدالعزيز.
ثانياً: وليد جنبلاط و(اللقاء الديمقراطي).
ثالثاً: نائب زحلة الدكتور نقولا فتوش.
وهذا (التغيير) الداخلي، لا يمرّ اذا لم يتّكىء على تأييد اقليمي.
وثمة قوى اقليمية لها امتداداتها الداخلية، ذلك ان ترشيح الرئيس نجيب ميقاتي دونه (مشاكل طفيفة) مع سوريا، تبين ان شقيقه طه ميقاتي قد نجح في تبديدها، وبقيت العقدة الداخلية، تتمثل في اقناع السيد سعد الحريري، بألا يترشح في الاستشارات النيابية.
توجه السيد طه ميقاتي الى (بيت الوسط) وعقد اجتماعا مع رئيس الحكومة المستقيلة، لكنه كان (ناشفا) ولم يقنع زعيم المستقبل، بأن يخرج من الصراع، وصارح ميقاتي بأن المؤامرة على (بيت الحريري) كبيرة ومقصودة والهدف منها الانتقام منه، واغتيال والده مرة ثانية، وهو لا يستطيع ان يزيح من الدرب.
وفي موازاة ذلك جرت اتصالات موازية مع الوزير محمد الصفدي وجهات اقليمية تحترمه، وكان محورها ان يتنازل ميقاتي والصفدي لمن هو صاحب الأرجحية للفوز بالتكليف داخليا وخارجيا.
وبعد ذلك تبين ان حظوظ ميقاتي هي الراجحة، فأعلن الوزير الصفدي، انه والرئيس نجيب ميقاتي واحد، في معركة تخص طرابلس قبله وقبل سواه، وانه سيعطي صوته وصوت زميله في كتلته قاسم عبدالعزيز لمرشح من قلب (الأكثرية) لا من (الأقلية).
وبعد ذلك غاب قاسم عبد العزيز عن (السمع). لا يرد على اتصال هاتفي، وهواتفه مقفلة. ذلك انه ابتعد عن خيار رئيس كتلته، لانه حليف النائب والوزير السابق أحمد فتفت، وهو يدرك ان وضعه الانتخابي دقيق، بوجود خصمه الانتخابي القوي جهاد الصمد نجل النائب المرحوم مرشد الصمد ذي الشعبية الكاسحة في حقبة السبعينات.
لذلك فقد (اختفى) قاسم عبدالعزيز، وظهر في الاستشارات، ليرشح سعد الحريري لا نجيب ميقاتي.
ابتسم الحظ ثانية للرئيس نجيب ميقاتي وقيل ان الحظ أسعفه، لأن زميليه الوزير محمد الصفدي والنائب نعمة طعمة وقفا معه خلال الاستشارات، والعارفون بالأسرار، يعرفون ان النائبين المذكورين، لهما صداقات يراعيانها خارج لبنان، ولم تعد تلك الصداقات تعارض كليا أي منافس للرئيس سعد الحريري، و(ان اللبيب من الاشارة.. يفهم).
كيف ابتسم له الحظ اولاً
في منتصف العام 2005، حل موعد الانتخابات النيابية، بعد خمسة أشهر على اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري في 14 شباط، فتوجهت الأنظار الى إجراء الانتخابات، لأن سوريا كانت قد خرجت عسكريا وسياسيا من لبنان، ولا سيما بعد صدور القرار 1559، والانتفاضة الشعبية الهائلة، على النفوذ السوري، وصدور اتهامات من بعض أركان (تيار المستقبل) الى سوريا بالضلوع في جريمة الاغتيال.
وكان السؤال الأساسي: من يرشح لبنان لرئاسة حكومة الانتخابات و(جرح) اللبنانيين أو قسم كبير منهم لا يزال (طازجاً) باغتيال الرئيس الشهيد، في وسط بيروت التي أعاد تعميرها، بين فندق (السان جورج) وفندق (فينيسيا) بعد تدميرها دماراً كاملاً، خلال فصول الحروب على لبنان من خارجية وداخلية.
في ذلك الوقت برزت فكرة ترشح نجيب ميقاتي لرئاسة حكومة الانتخابات، على ألا يترشح شخصيا في مدينته طرابلس، ولا في أي مكان آخر. بعد ذلك توجه شقيقه طه ميقاتي الى باريس، وعقد سلسلة اجتماعات مع السيد سعد الحريري والسيد ياسيل يارد، وجرى إطلاع أرملة الشهيد السيدة نازك الحريري على الغاية من ذلك.
كان العنوان الأساسي، ضرورة إجراء الانتخابات النيابية في موعدها، منعاً للفراغ السياسي ولعدم إبقاء البلاد في ظل مجلس نيابي منتهية مدته، وللخروج من حال الجمود السياسي.
عندما كان طه ميقاتي، يجري مفاوضاته في باريس مع عائلة الرئيس الشهيد رفيق الحريري جرى الاتصال بنجيب ميقاتي في طرابلس وبيروت، ليتوجه الى دمشق، ويعرض الموضوع على الرئيس بشار الأسد، فيما صعدت شقيقة الرئيس الشهيد السيدة بهية الحريري الى القصر الجمهوري وطلبت من رئيس الجمهورية العماد إميل لحود، تسهيل إجراء الانتخابات، وتكليف الميقاتي برئاسة حكومة الانتخابات وفقاً لما تقتضيه الإجراءات الدستورية.
وتكللت هذه الجهود بالنجاح، ورأس نجيب ميقاتي حكومة الانتخابات، من وجوه معروفة وغير معروفة لكنها تجسد (التقنوقراطية السياسية).
أجرى الميقاتي الانتخابات، وانصرف الى أعماله السياسية والخاصة، وفاز سعد الحريري بالانتخابات على رأس كتلة برلمانية هي الأقوى والأكثر عدداً في تاريخ البلاد السياسي.
ماذا الآن?
يصعب على (تكتل المستقبل) والقوى السياسية الحليفة معه، (هضم) التغيير الذي حدث وانتقال (الأكثرية) الى (الأقلية)، ونشوء ظاهرة جديدة في البلاد، تضع حلفاء سوريا في الواجهة، وفي صفوف القوى المؤثرة سياسياً. ولذلك، فقد اجتاحت البلاد تظاهرات غاضبة في معظم القصبات اللبنانية.
وعندما توجه الرئيس نجيب ميقاتي، بعد تكليفه تشكيل الحكومة المقبلة ومعه 68 نائباً صوتوا له، مقابل 60 نائباً اقترحوا تكليف سعد الحريري، استغرق اللقاء بينه وبين زعيم المستقبل دقيقتين ونصف دقيقة، وبالكاد تكلم معه، لأن (التغيير) الذي حصل هو نكسة، لسقوط الاتفاق السعودي - السوري في منتصف الطريق.
هل صحيح ان سقوط الاتفاق نجم عن عدم إعلان تفاصيله، فراح كل فريق يورد بنوداً على ذوقه. وهل يعقل ان يوافق سعد الحريري على اتفاق يتضمن الالتفاف على المحكمة الدولية، التي تنظر في ظروف اغتيال والده.
وهل يعقل ان تطلب منه المملكة العربية السعودية تنفيذ سحب القضاة اللبنانيين من المحكمة الدولية، وعدم تمويلها وإلغاء البروتوكول المعقود بين حكومة فؤاد السنيورة ومجلس الأمن الدولي.
أسئلة لا نجد من يفسرها إلا تصريح الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي، الذي أعلن أن خادم الحرمين الشريفين رفع يده عن المسعى السعودي - السوري، مما يوحي بأن كلام سعد الحريري، هو الأقرب الى الحقيقة، من الورقة التي عرضها الاستاذ وليد جنبلاط، لدى إعلانه انعطافته الجديدة الى جانب المعارضة اللبنانية التي فازت من ثم عددياً وبالنقاط على تكتل المستقبل وحلفائه، وخسارة الشيخ سعد للأكثرية، في التكليف برئاسة الحكومة المقبلة.
يقول المراقبون ان اللقاء الأول بين الرئيس المكلف ورئيس حكومة تصريف الأعمال، كان أيضاً (ناشفاً) وبالكاد جامله، وهو يستقبله، في معرض جولته على رؤساء الوزراء السابقين، وكذلك الأمر عندما التقاه أثناء الاستشارات، وهو يمد يده إليه للمشاركة معاً في حكومة تنقذ البلاد.
والرئيس نبيه بري يريدها (حكومة إنقاذية) وقد يكون هو الآخر، قد اقتنع بأن حكومة الوحدة الوطنية كادت ان توحد البلاد في المصائب، لا أن تنعشها بالنجاحات، والرئيس الحريري غاضب، مستاء، وقرفان، من الوضع السياسي، خصوصا بعد خذلانه من جانب حلفائه، وهو ما ادى الى جعله رئيساً سابقاً للحكومة، لا رئيساً عائداً الى تشكيل الحكومة المقبلة.
وهذه (نكسة) يصعب عليه ان يهضمها ولو تناول كيساً من (الكربونات) لكنها مصيبة، وليس بمقدوره ان يردها او ان يتفاداها، وفي السياسة الف غلبة ونكسة.
آخذها أم لا آخذها?
هل يؤلف نجيب ميقاتي حكومته أم يضطر الى الاعتذار وأمامه ستون نائباً حجبوا أصواتهم عن تكليفه?
العارفون بالأسرار يقولون إن نجيب ميقاتي (عارف شو بده) اي انه يعرض الحكومة على الجميع، فإذا تجاوبوا فهو يتعاون مع الجميع، لانه يريد حكومة تضم الجميع، لكنه اذا لم يستطع فلا يعتبر نفسه خائباً، وهو على طريقة ذلك الرجل الذي همّ بمغادرة منزله، والطقس عاطل، فتوقف هنيهة، ليتساءل: آخذ معي المظلة الواقية للمطر، أم أتركها في المنزل? فراح يمعن في التساؤل: آخذها... أو لا آخذها...
هو حقيقة يرتاح الى حكومة (تقنوقراط) لانها تريحه وتريح البلاد، تعمل وتنتج، ولا تتلهى بالمشاحنات السياسية وبالمعارضة والمعارضة المضادة، ولا يطمح الى حكومة تكون (مستنسخة) عن حكومة الرئيس سعد الحريري، ولا عن حكومة فؤاد السنيورة، هو يريد حكومة (طبق الأصل) عن حكومته الانتخابية، لأنها تريحه وتسعده وتسعد البلاد والعباد.
والرئيس نجيب ميقاتي الذي ابتسم له الحظ مرتين، هل يبتسم له مرة ثالثة، والثالثة تكون ثابتة?
المعلومات تقول انه (ينام) على حرير المراهنة على دعم دولي وإقليمي وداخلي، في وقت تواجه المنطقة فيه (إعصار التغيير) من تونس الى الجزائر واليمن، وصولاً الى التغيير الأكبر في مصر، حيث اضطر الرئيس مبارك الى تعيين رجله القوي الوزير عمر سليمان نائباً له بعد فترة طويلة من الشغور والتجاهل و(التوريث) لنجله جمال مبارك، وتأليف حكومة جديدة.
والمراقبون يقولون ان الرجل الذي يعيد رئاسة الحكومة الى طرابلس، بعد غياب، سيكون رجل المرحلة الاتية، لما يتمتع به من خبرة وثقافة وحنكة. وطرابلس التي عرفت رجالاً أفذاذاً في الرئاسة الثالثة، من الرئيس الشهيد رشيد كرامي الذي اختاره الرئيس كميل شمعون في العام 1955، لرئاسة الحكومة، وهو في الخامسة والثلاثين من عمره، وتعاون مع الرئيس فؤاد شهاب والرئيس شارل حلو والرئيس سليمان فرنجية والرئيس أمين الجميل اختياراً أو فرضاً فقد كان رجل دولة من الطراز الاول، وأثبت انه نجل الرئيس عبد الحميد كرامي في العهد الاستقلالي الاول.
كما ان طرابلس عرفت رؤساء حكومات أفذاذاً مثل سعدي المنلا في عهد كميل شمعون وأمين الحافظ في عهد سليمان فرنجية، ونجيب ميقاتي في عهد الرئيس إميل لحود.
هل يوحد العاصمة الثانية بالتعاون مع محمد الصفدي وفيصل عمر كرامي، ويشكلون حلفاً سياسياً في طرابلس.
الذين تظاهروا في طرابلس، ضد تكليفه كان معظمهم من عكار والمنية، وقلة منهم كانوا من العاصمة الثانية، لأن طرابلس خرجت بأكثرية ساحقة لتستقبل الوزير محمد الصفدي وتبرئ نفسها من إحراق مكتبه.
كان الرئيس نجيب ميقاتي وزيراًَ للأشغال العامة والنقل، مدعواً الى العشاء، في بلدة كورانية مع عدد من نواب الشمال، وكانت طرابلس والكورة وزغرتا والبترون دائرة انتخابية، وقبل ان يصل الى المنزل المدعو الى العشاء فيه، استوقفه في باحة (الضيعة) بضعة من الاهالي، كانوا يتناولون طعاماً خفيفاً، فصافح كل فرد منهم، ثم استأذنهم ليجلس على حجر، ويمضي نصف ساعة معهم.
وراع الأهالي جلوس الوزير الفارع الطول، على حجر، فأحضروا له مقعداً وثيراً وتمنوا عليه أن يجلس عليه. ورد: (الله أعطاني أن أنجح في حياتي، لكنه لم يعطني الكبرياء، لا فخراً ولا اعتداداً. لكنه ترك لي حرية الاختيار بين الرعونة والحياة الطبيعية، وأنا بطبعي أحب الناس، وأحب مجالستهم والمعاشرة).
(تعشى) الوزير الميقاتي (كعكة) وقطعة جبن بلدية، ثم وقف وشكر الأهالي الذين استضافوه وبادرهم: هذا أطيب عشاء. ورفع يده الى فوق محيياً، ثم توجه الى حيث كان مدعواً، مع الوزير النائب محمد الصفدي والنائب المرحوم موريس فاضل.
كان ذلك في حقبة التسعينات. لم يكن أحد من الذين استضافوه يدرك أن الذي جلس بينهم بتواضع، سيكون بعد مدة رئيس وزراء لبنان، ويجري الانتخابات النيابية الأولى، بعد اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري.
هل هو الحظ ينتظره ليكون رجل المراحل الصعبة، أم هي كفايته، أم دماثته، أم ذكاؤه?
قصة نجيب ميقاتي مع الطموح طويلة. أولى خطواته كانت ترشحه للانتخابات النيابية، وهذا ما جعله موضوع منافسة حادة مع الرئيس عمر كرامي. وكان مجلس النواب يشهد حملات حادة من (الافندي) ضده. وبعد عقدين من الزمن رشحوا (الافندي) لرئاسة الحكومة باسم المعارضة، عندما أدركوا أنهم لن يفوزوا به، اعتذر منه الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، ومنحه أجمل اطراء، وأحسن وصف وهو يشيد به، لأن (الأفندي) اعتذر منه بسبب تقدمه في العمر وهو يقارب نهاية حقبة السبعينات.لكنه قال اذا لم تجدوا غيري فأنا جاهز لقبول المنصب. لكن، عندما زاره الرئيس المكلف نجيب ميقاتي، قال للصحافيين، ان الذي دعاني (رثاني) وأنا حي... وضحك. وهذا ما استرعى انتباه سيدة مثقفة، عقبت على هذه العبارة في جلسة خاصة: (الافندي) ذكي، مهضوم، وصاحب نكتة لاذعة. وقد رد التحية بأحسن منها للذي رشحه وتخلى عن ترشيحه، وكأن المعارضة عملته (رابوء) من دون أن تقصد اهانته، لكنه رد لها الكيل كيلين، عندما اختار عبارة (رثاني)، وكانت (لاذعة ومهضومة).
إلا ان الرئيس كرامي، بموقفه الكبير من الرئيس نجيب ميقاتي (ضمن) مقعداً وزارياً لنجله الشاب فيصل كرامي المرشح لخلافته سياسياً.
قصة (طلوع) الميقاتي الى فوق طويلة. وهي انتصار لـ (الوسطية التي بشر بها منذ الانتخابات النيابية الاخيرة. فقد ترشح حليفاً للزعيم السياسي القوي سعد رفيق الحريري، وهو يؤمن بأن حظوظه تمر في التوافق، لا في الخصومة والمواجهة. ولذلك فقد كان سعد الحريري واقعياً. هو يدرك حجم زعامته في طائفته، لكنه لم يكن يريد أن يخوض (تيار المستقبل) الانتخابات، لا في بيروت ولا في طرابلس، مع احد من زعماء العاصمة الأولى ولا مع زعماء العاصمة الثانية.
في بيروت حرص على تأليف قائمة تضم تمام سلام و(الجماعة الاسلامية) والكتلة الأرمنية وحزب الطاشناق.
اما في فيحاء الشمال فقد فعل على غرار ما فعل في بيروت، فقد جمع (تكتل المستقبل): سمير الجسر، محمد كباره، الكتائب (سامر سعاده) مع القطبين القويين نجيب ميقاتي واحمد كرامي من جهة، ومحمد الصفدي ومعه قاسم عبد العزيز (عن الضنية)، وفازوا جميعاً بكل مقاعد الدائرة الأولى في الشمال (عكار - المنية - الضنية وطرابلس (القلمون).
اللعبة الذكية
واللعبة الذكية التي خاضتها المعارضة، انها اختارت مرشحاً لرئاسة الحكومة، من قلب التيار السياسي المتحالف بزعامة سعد الحريري، لأنه بعد الانتخابات (بايع) الجميع نجل الرئيس الشهيد رفيق الحريري في زعامة (الشارع السني) في لبنان.
في أوج الصراع على رئاسة الحكومة المقبلة، اتجهت الانظار الى الرئيس عمر كرامي، لتخوض به المعارضة بقيادة (حزب الله) والتيار الوطني الحر بزعامة العماد ميشال عون و(تيار المردة) بقيادة الوزير السابق والنائب سليمان فرنجيه.
وبعد (بوانتاج) دقيق، تبين لأقطاب المعارضة ثلاثة أمور:
الأول: إسقاط الحكومة ورئيسها على أبواب البيت الأبيض الأميركي، ليلتقي الرئيس اوباما الرئيس سعد الحريري، وهو رئيس حكومة مستقيلة.
الثاني: تنفيذ (التغيير) في رئاسة الحكومة، خصوصاً بعدما (نعى) سعد الحريري الاتفاق السعودي - السوري، وذهابه الى نيويورك لمقابلة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز، قبل انتقاله الى المغرب.
و(التغيير) يسميه أركان 14 آذار، (انقلاباً سياسياً) ويذهب هؤلاء الى حد تسميته بـ (الانقلاب العسكري)، لأن حزب الله - كما تردد - أجرى (بروفه) لاحتلال بيروت، بنزول عناصره الى الشوارع لمدة ساعة، ثم سحبها لأسباب معروفة أهمها عدم التسبب بفتنة مذهبية بين السنة والشيعة.
الثالث: تجنب (غضبة عالمية) لأن الرئيس سعد الحريري انتقل من واشنطن ونيويورك الى باريس للقاء الرئيس الفرنسي نيقولا ساركوزي. وانتقاله من فرنسا الى تركيا للاجتماع الى رئيس الوزراء التركي رجب الطيب أردوغان.
إلاّ أن سعد الحريري عاد من حواضر العالم الكبرى، الى العاصمة اللبنانية، ليواجه الاستقالة، استقالة وزراء المعارضة العشرة، اضافة الى (الوزير الملك) أو (الوزير الوديعة) لحزب الله، في حصة رئيس الجمهورية من الوزراء المحسوبين له.
القرار الغامض
ماذا يفعل سعد الحريري?
صعد الي بعبدا ووجد رئيس الجمهورية قد حدّد مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري مواعيد الاستشارات، و(البوانتاج) دقيق، اما يفوز سعد الحريري بصوت أو بصوتين، أو يخسر عمر كرامي بصوتين.
وتداخلت اللعبة الاقليمية باللعبة الداخلية باللعبة الدولية، وذهب رئيس وزراء قطر الى فرنسا وقابل الرئيس ساركوزي، وبعد ذلك صرفت باريس النظر عن لجنة الاتصال الدولية وتقرر افساح المجال أمام التوافق اللبناني، لحل الأزمة اللبنانية.
وبرز فجأة موضوع ترشيح أحد أركان 14 آذار لرئاسة الحكومة، لأن التغيير لن يمر إلاّ من خلال كتلة الموالاة، وإلاّ فان خطر الحرب الأهلية سيجثم فوق عقول اللبنانيين وعواطفهم.
وأدرك الجميع ان التغيير لن يتم إلاّ من خلال ثلاثة عناصر.
أولآً: (الثنائي الطرابلسي): نجيب ميقاتي ومعه أحمد كرامي، الوزير محمد الصفدي ومعه النائب قاسم عبدالعزيز.
ثانياً: وليد جنبلاط و(اللقاء الديمقراطي).
ثالثاً: نائب زحلة الدكتور نقولا فتوش.
وهذا (التغيير) الداخلي، لا يمرّ اذا لم يتّكىء على تأييد اقليمي.
وثمة قوى اقليمية لها امتداداتها الداخلية، ذلك ان ترشيح الرئيس نجيب ميقاتي دونه (مشاكل طفيفة) مع سوريا، تبين ان شقيقه طه ميقاتي قد نجح في تبديدها، وبقيت العقدة الداخلية، تتمثل في اقناع السيد سعد الحريري، بألا يترشح في الاستشارات النيابية.
توجه السيد طه ميقاتي الى (بيت الوسط) وعقد اجتماعا مع رئيس الحكومة المستقيلة، لكنه كان (ناشفا) ولم يقنع زعيم المستقبل، بأن يخرج من الصراع، وصارح ميقاتي بأن المؤامرة على (بيت الحريري) كبيرة ومقصودة والهدف منها الانتقام منه، واغتيال والده مرة ثانية، وهو لا يستطيع ان يزيح من الدرب.
وفي موازاة ذلك جرت اتصالات موازية مع الوزير محمد الصفدي وجهات اقليمية تحترمه، وكان محورها ان يتنازل ميقاتي والصفدي لمن هو صاحب الأرجحية للفوز بالتكليف داخليا وخارجيا.
وبعد ذلك تبين ان حظوظ ميقاتي هي الراجحة، فأعلن الوزير الصفدي، انه والرئيس نجيب ميقاتي واحد، في معركة تخص طرابلس قبله وقبل سواه، وانه سيعطي صوته وصوت زميله في كتلته قاسم عبدالعزيز لمرشح من قلب (الأكثرية) لا من (الأقلية).
وبعد ذلك غاب قاسم عبد العزيز عن (السمع). لا يرد على اتصال هاتفي، وهواتفه مقفلة. ذلك انه ابتعد عن خيار رئيس كتلته، لانه حليف النائب والوزير السابق أحمد فتفت، وهو يدرك ان وضعه الانتخابي دقيق، بوجود خصمه الانتخابي القوي جهاد الصمد نجل النائب المرحوم مرشد الصمد ذي الشعبية الكاسحة في حقبة السبعينات.
لذلك فقد (اختفى) قاسم عبدالعزيز، وظهر في الاستشارات، ليرشح سعد الحريري لا نجيب ميقاتي.
ابتسم الحظ ثانية للرئيس نجيب ميقاتي وقيل ان الحظ أسعفه، لأن زميليه الوزير محمد الصفدي والنائب نعمة طعمة وقفا معه خلال الاستشارات، والعارفون بالأسرار، يعرفون ان النائبين المذكورين، لهما صداقات يراعيانها خارج لبنان، ولم تعد تلك الصداقات تعارض كليا أي منافس للرئيس سعد الحريري، و(ان اللبيب من الاشارة.. يفهم).
كيف ابتسم له الحظ اولاً
في منتصف العام 2005، حل موعد الانتخابات النيابية، بعد خمسة أشهر على اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري في 14 شباط، فتوجهت الأنظار الى إجراء الانتخابات، لأن سوريا كانت قد خرجت عسكريا وسياسيا من لبنان، ولا سيما بعد صدور القرار 1559، والانتفاضة الشعبية الهائلة، على النفوذ السوري، وصدور اتهامات من بعض أركان (تيار المستقبل) الى سوريا بالضلوع في جريمة الاغتيال.
وكان السؤال الأساسي: من يرشح لبنان لرئاسة حكومة الانتخابات و(جرح) اللبنانيين أو قسم كبير منهم لا يزال (طازجاً) باغتيال الرئيس الشهيد، في وسط بيروت التي أعاد تعميرها، بين فندق (السان جورج) وفندق (فينيسيا) بعد تدميرها دماراً كاملاً، خلال فصول الحروب على لبنان من خارجية وداخلية.
في ذلك الوقت برزت فكرة ترشح نجيب ميقاتي لرئاسة حكومة الانتخابات، على ألا يترشح شخصيا في مدينته طرابلس، ولا في أي مكان آخر. بعد ذلك توجه شقيقه طه ميقاتي الى باريس، وعقد سلسلة اجتماعات مع السيد سعد الحريري والسيد ياسيل يارد، وجرى إطلاع أرملة الشهيد السيدة نازك الحريري على الغاية من ذلك.
كان العنوان الأساسي، ضرورة إجراء الانتخابات النيابية في موعدها، منعاً للفراغ السياسي ولعدم إبقاء البلاد في ظل مجلس نيابي منتهية مدته، وللخروج من حال الجمود السياسي.
عندما كان طه ميقاتي، يجري مفاوضاته في باريس مع عائلة الرئيس الشهيد رفيق الحريري جرى الاتصال بنجيب ميقاتي في طرابلس وبيروت، ليتوجه الى دمشق، ويعرض الموضوع على الرئيس بشار الأسد، فيما صعدت شقيقة الرئيس الشهيد السيدة بهية الحريري الى القصر الجمهوري وطلبت من رئيس الجمهورية العماد إميل لحود، تسهيل إجراء الانتخابات، وتكليف الميقاتي برئاسة حكومة الانتخابات وفقاً لما تقتضيه الإجراءات الدستورية.
وتكللت هذه الجهود بالنجاح، ورأس نجيب ميقاتي حكومة الانتخابات، من وجوه معروفة وغير معروفة لكنها تجسد (التقنوقراطية السياسية).
أجرى الميقاتي الانتخابات، وانصرف الى أعماله السياسية والخاصة، وفاز سعد الحريري بالانتخابات على رأس كتلة برلمانية هي الأقوى والأكثر عدداً في تاريخ البلاد السياسي.
ماذا الآن?
يصعب على (تكتل المستقبل) والقوى السياسية الحليفة معه، (هضم) التغيير الذي حدث وانتقال (الأكثرية) الى (الأقلية)، ونشوء ظاهرة جديدة في البلاد، تضع حلفاء سوريا في الواجهة، وفي صفوف القوى المؤثرة سياسياً. ولذلك، فقد اجتاحت البلاد تظاهرات غاضبة في معظم القصبات اللبنانية.
وعندما توجه الرئيس نجيب ميقاتي، بعد تكليفه تشكيل الحكومة المقبلة ومعه 68 نائباً صوتوا له، مقابل 60 نائباً اقترحوا تكليف سعد الحريري، استغرق اللقاء بينه وبين زعيم المستقبل دقيقتين ونصف دقيقة، وبالكاد تكلم معه، لأن (التغيير) الذي حصل هو نكسة، لسقوط الاتفاق السعودي - السوري في منتصف الطريق.
هل صحيح ان سقوط الاتفاق نجم عن عدم إعلان تفاصيله، فراح كل فريق يورد بنوداً على ذوقه. وهل يعقل ان يوافق سعد الحريري على اتفاق يتضمن الالتفاف على المحكمة الدولية، التي تنظر في ظروف اغتيال والده.
وهل يعقل ان تطلب منه المملكة العربية السعودية تنفيذ سحب القضاة اللبنانيين من المحكمة الدولية، وعدم تمويلها وإلغاء البروتوكول المعقود بين حكومة فؤاد السنيورة ومجلس الأمن الدولي.
أسئلة لا نجد من يفسرها إلا تصريح الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي، الذي أعلن أن خادم الحرمين الشريفين رفع يده عن المسعى السعودي - السوري، مما يوحي بأن كلام سعد الحريري، هو الأقرب الى الحقيقة، من الورقة التي عرضها الاستاذ وليد جنبلاط، لدى إعلانه انعطافته الجديدة الى جانب المعارضة اللبنانية التي فازت من ثم عددياً وبالنقاط على تكتل المستقبل وحلفائه، وخسارة الشيخ سعد للأكثرية، في التكليف برئاسة الحكومة المقبلة.
يقول المراقبون ان اللقاء الأول بين الرئيس المكلف ورئيس حكومة تصريف الأعمال، كان أيضاً (ناشفاً) وبالكاد جامله، وهو يستقبله، في معرض جولته على رؤساء الوزراء السابقين، وكذلك الأمر عندما التقاه أثناء الاستشارات، وهو يمد يده إليه للمشاركة معاً في حكومة تنقذ البلاد.
والرئيس نبيه بري يريدها (حكومة إنقاذية) وقد يكون هو الآخر، قد اقتنع بأن حكومة الوحدة الوطنية كادت ان توحد البلاد في المصائب، لا أن تنعشها بالنجاحات، والرئيس الحريري غاضب، مستاء، وقرفان، من الوضع السياسي، خصوصا بعد خذلانه من جانب حلفائه، وهو ما ادى الى جعله رئيساً سابقاً للحكومة، لا رئيساً عائداً الى تشكيل الحكومة المقبلة.
وهذه (نكسة) يصعب عليه ان يهضمها ولو تناول كيساً من (الكربونات) لكنها مصيبة، وليس بمقدوره ان يردها او ان يتفاداها، وفي السياسة الف غلبة ونكسة.
آخذها أم لا آخذها?
هل يؤلف نجيب ميقاتي حكومته أم يضطر الى الاعتذار وأمامه ستون نائباً حجبوا أصواتهم عن تكليفه?
العارفون بالأسرار يقولون إن نجيب ميقاتي (عارف شو بده) اي انه يعرض الحكومة على الجميع، فإذا تجاوبوا فهو يتعاون مع الجميع، لانه يريد حكومة تضم الجميع، لكنه اذا لم يستطع فلا يعتبر نفسه خائباً، وهو على طريقة ذلك الرجل الذي همّ بمغادرة منزله، والطقس عاطل، فتوقف هنيهة، ليتساءل: آخذ معي المظلة الواقية للمطر، أم أتركها في المنزل? فراح يمعن في التساؤل: آخذها... أو لا آخذها...
هو حقيقة يرتاح الى حكومة (تقنوقراط) لانها تريحه وتريح البلاد، تعمل وتنتج، ولا تتلهى بالمشاحنات السياسية وبالمعارضة والمعارضة المضادة، ولا يطمح الى حكومة تكون (مستنسخة) عن حكومة الرئيس سعد الحريري، ولا عن حكومة فؤاد السنيورة، هو يريد حكومة (طبق الأصل) عن حكومته الانتخابية، لأنها تريحه وتسعده وتسعد البلاد والعباد.
والرئيس نجيب ميقاتي الذي ابتسم له الحظ مرتين، هل يبتسم له مرة ثالثة، والثالثة تكون ثابتة?
المعلومات تقول انه (ينام) على حرير المراهنة على دعم دولي وإقليمي وداخلي، في وقت تواجه المنطقة فيه (إعصار التغيير) من تونس الى الجزائر واليمن، وصولاً الى التغيير الأكبر في مصر، حيث اضطر الرئيس مبارك الى تعيين رجله القوي الوزير عمر سليمان نائباً له بعد فترة طويلة من الشغور والتجاهل و(التوريث) لنجله جمال مبارك، وتأليف حكومة جديدة.
والمراقبون يقولون ان الرجل الذي يعيد رئاسة الحكومة الى طرابلس، بعد غياب، سيكون رجل المرحلة الاتية، لما يتمتع به من خبرة وثقافة وحنكة. وطرابلس التي عرفت رجالاً أفذاذاً في الرئاسة الثالثة، من الرئيس الشهيد رشيد كرامي الذي اختاره الرئيس كميل شمعون في العام 1955، لرئاسة الحكومة، وهو في الخامسة والثلاثين من عمره، وتعاون مع الرئيس فؤاد شهاب والرئيس شارل حلو والرئيس سليمان فرنجية والرئيس أمين الجميل اختياراً أو فرضاً فقد كان رجل دولة من الطراز الاول، وأثبت انه نجل الرئيس عبد الحميد كرامي في العهد الاستقلالي الاول.
كما ان طرابلس عرفت رؤساء حكومات أفذاذاً مثل سعدي المنلا في عهد كميل شمعون وأمين الحافظ في عهد سليمان فرنجية، ونجيب ميقاتي في عهد الرئيس إميل لحود.
هل يوحد العاصمة الثانية بالتعاون مع محمد الصفدي وفيصل عمر كرامي، ويشكلون حلفاً سياسياً في طرابلس.
الذين تظاهروا في طرابلس، ضد تكليفه كان معظمهم من عكار والمنية، وقلة منهم كانوا من العاصمة الثانية، لأن طرابلس خرجت بأكثرية ساحقة لتستقبل الوزير محمد الصفدي وتبرئ نفسها من إحراق مكتبه.
-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~
اشهد ان لا اله الا الله واشهد ان محمد رسول الله
رد: (رياح التغيير) هبَّت على البلاد فطارت حكومة الوحدة الوطنية
-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~
amol- مستشار
-
عدد المشاركات : 36762
العمر : 43
رقم العضوية : 2742
قوة التقييم : 9
تاريخ التسجيل : 14/08/2010
مواضيع مماثلة
» رياح التغيير.. "ثنائية الحلم" مع مبابي والتضحية بنجم كبير
» الأرصاد: رياح نشطة تثير بعض الأتربة والغبار غرب البلاد
» حفتر : الحكم ببطلان حكومة معيتيق جنب البلاد سببا من أسباب الصراع.
» الامير السنوسي يدعو الى حماية الوحدة الوطنية
» المالكي يجب التخلص من حكومة الشراكة الوطنية في العراق
» الأرصاد: رياح نشطة تثير بعض الأتربة والغبار غرب البلاد
» حفتر : الحكم ببطلان حكومة معيتيق جنب البلاد سببا من أسباب الصراع.
» الامير السنوسي يدعو الى حماية الوحدة الوطنية
» المالكي يجب التخلص من حكومة الشراكة الوطنية في العراق
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
2024-11-21, 8:36 am من طرف STAR
» ارخص غسالات ملابس
2024-11-18, 10:29 am من طرف محمدوعبدو
» "لسنا عيادة طبية".. رئيسة بالميراس البرازيلي تعلق بشأن التعاقد مع نيمار
2024-11-18, 7:49 am من طرف STAR
» لا تستخدم مياه "الحنفية" لتبريد محرك سيارتك.. إليك السبب
2024-11-18, 7:49 am من طرف STAR
» هل يطرد النوم "السموم من الدماغ"؟.. دراسة تكشف السر
2024-11-18, 7:48 am من طرف STAR
» لمستخدمي "ميتا" في أوروبا.. إليكم هذه الميزة الجديدة!
2024-11-18, 7:47 am من طرف STAR
» احرصوا على تهوية المنزل حتى في الطقس البارد!
2024-11-18, 7:47 am من طرف STAR
» العناية بالبشرة في فصل الخريف.. نصائح مهمة لذلك
2024-11-18, 7:46 am من طرف STAR
» الأرز الإسباني
2024-11-18, 7:45 am من طرف STAR
» عن مشاركة نيمار في مونديال الاندية.. هذا موقف الهلال
2024-11-16, 8:14 am من طرف STAR
» لضمان نوم هادئ ومريح.. تجنب 5 عادات
2024-11-16, 8:13 am من طرف STAR
» ترتيب المنتخبات العربية في تصفيات آسيا لكأس العالم 2026
2024-11-16, 8:12 am من طرف STAR
» الخضار الأعلى كثافة بالمغذيات
2024-11-16, 8:11 am من طرف STAR
» رونالدو يثير التفاعل بتصرف رائع خلال مباراة البرتغال
2024-11-16, 8:09 am من طرف STAR
» غرامة بمليار دولار تُهدد "ميتا" بالتفكك وسط ضغوط تنظيمية دولية
2024-11-16, 8:09 am من طرف STAR