المنتخب الأسباني يحلّق عالياً

من طرف **عبدالحفيظ عوض ربيع** 2009-06-21, 11:34 pm

المنتخب الأسباني يحلّق عالياً
باستثناء لقب كأس القارات FIFA 2009، ربما لم يعد للجماهير الأسبانية ما تحلم به خلال هذا الموسم بعدما حطم منتخبها كل الأرقام وحقق كل الإنجازات. فبعد حصد اللقب الأوروبي عن جدارة واستحقاق صيف العام الماضي، واصل نجوم المنتخب الأسباني العزف على نغمات النصر والنجاح طوال مشوار التصفيات المؤهلة لنهائيات كأس العالم قبل أن يُتوجوا عصرهم الذهبي بالمزيد من التألق والعطاء خلال مهرجان الأبطال في جنوب أفريقيا.
فقد حقق الأسبان، بقيادة المدرب فيسنتي دل بوسكي، تسع نقاط من ثلاثة انتصارات في الدور الأول لكأس القارات FIFA 2009، حيث سجلوا ثمانية أهداف كاملة فيما حافظوا على نظافة شباكهم طوال المباريات الثلاث التي خاضوها في مجموعتهم الأولى ناهيك عن الأداء المتميز والمستوى الرائع الذي قدمه أبطال أوروبا بمشاركة أغلب اللاعبين الذين سافروا مع الفريق لخوض غمار المنافسات.
ويقربكم موقع FIFA.com من الجو العام داخل المعسكر الأسباني حيث تحدثنا إلى بعض النجوم الذين ساهموا في صنع الإنجازات التاريخية التي ما فتئ يحققها منتخب لا روخا.
قد يقول قائل أنه بات من الصعب على توريس ورفاقه تحقيق أفضل مما بلغوه حتى الآن بالنظر إلى كل تلك الأرقام القياسية التي حطموها وأسلوب لعبهم المبني على المهارات والفرجة والإستعراض والذي اتخذوا منه فلسفة ومنهجاً لا يحيدوا عنهما في كل مبارياتهم. ولكن شهية لاعبي المنتخب الأسباني ما زالت مفتوحة لحصد المزيد من الألقاب ومواصلة العزف على إيقاع سلسلة نجاحاتهم الباهرة، حيث يؤكد ألبيرت رييرا "كل شيء قابل للتحسين والتطوير. من المهم أن نركز دائماً على تلك الجوانب". ثم يصمت لاعب وسط ليفربول لبرهة ويسترسل قائلا: "حسناً أعتقد أني لن أبوح لكم بأسرار الفريق بهذه السهولة...ولكني عندما أتحدث عن أشياء يمكن تصحيحها فأنا أقصد ما أقول. فمن بين تلك الأمور مثلاً أننا فريق يعتمد أسلوب سلس مبني على التمريرات القصيرة وامتلاك الكرة أكثر وقت ممكن والإختراق عبر الوسط والتوغلات الفردية ولكن الأمور تكون معقدة في بعض المباريات حيث يصعب علينا الإلتزام بأسلوبنا وطريقة لعبنا عندما يتكتل لاعبو الفريق الخصم في وسط الملعب كما حصل أمام العراق مثلاً وفي مثل هذه الحالات يتعين علينا الإعتماد على الجناحين. هذه النقطة بالضبط هي ما نحن بصدد الإشتغال عليها حالياً."
سجل تاريخي في جنوب أفريقيا
الأكيد أن أسلوب اللعب القائم على التمريرات القصيرة واللمسة الواحدة والإستحواذ على الكرة لا يصلح فقط لإمتاع الجماهير وإشفاء غليل عشاق الساحرة المستديرة بل إنه ينعكس كذلك على نتائج المنتخب الأسباني بعدما تبين أنه بات أنجع وسيلة للسير على درب النجاح. ففي طريقهم إلى المربع الذهبي لمهرجان الأبطال، فاز الأسبان على نيوزيلندا بخماسية نظيفة في افتتاح مشوارهم في المجموعة الأولى قبل أن يهزموا العراق بهدف يتيم ويطيحوا بأصحاب الأرض بهدفين دون رد ليحطموا بذلك رقماً قياسياً ويعادلوا رقماً آخر. فقد رفع أبطال أوروبا رصيدهم إلى 15 فوزاً متتالياً متفوقين بفارق انتصار واحد على البرازيل وفرنسا وأستراليا بينما تعادلوا مع منتخب السيليساو بعدد المباريات المتتالية دون تجرع مرارة الهزيمة بعدما لم يسقط نجوم الماتادور ولو مرة واحدة في 35 مواجهة حيث يعود تاريخ آخر خسارة لهم إلى نوفمبر 2006 عندما سقطوا أمام رومانيا في مباراة ودية بهدف يتيم بينما يرجع السجل البرازيلي الخالي من الهزيمة إلى الفترة الممتدة بين عامي 1993 و1996.
وصرح دافيد فيا بابتسامة عريضة "لقد تعودنا على تحطيم الأرقام القياسية خلال السنوات الأخيرة نظراً لكثرة الإستحقاقات التي واجهناها والإنجازات التي حققناها." وقد كان نجم فالنسيا من بين المتوجين على الصعيد الشخصي كذلك حيث أحرز ثلاثة أهداف في ثلاث مباريات ضمن كأس القارات FIFA 2009 تقدم من خلالها على مواطنه فيرناندو هييرو ليصبح ثاني أفضل هداف في تاريخ المنتخب الأسباني برصيد 31 هدفاً خلف راؤول جونزاليس الذي وجد طريقه إلى المرمى في 44 مناسبة خلال مشواره الدولي مع المنتخب الأسباني.
وتابع فيا قائلاً "أهم شيء هو حصد الإنتصارات والآن سنكون على موعد مع مباريات أكثر صعوبة وتعقيداً. ولكن ما أروع أن تكون واحداً من أولئك الذين كتبوا أسماءهم بأحرف من ذهب في تاريخ كرة القدم. كما أشعر بالسعادة لرؤية إسمي ضمن قائمة أفضل الهدافين إذ يتعلق الأمر بأساطير الكرة الأسبانية وكل ذلك يملأ قلوبنا سعادة وفخراً."
هجوم خطير، لعب جميل ودفاع متين
انصب الحديث عن الأسلوب الاستعراضي والقوة الضاربة في الهجوم الأسباني، لكن دور المجموعات في مهرجان الأبطال شهد كذلك تألق كارلس بويول وباقي زملائه في خط الدفاع، حيث حافظوا على نظافة شباكهم طوال المباريات الثلاث. لكن هذا الأداء المتميز لا يتوقف على كأس القارات FIFA 2009، بل إن مرمى الحارس إيكير كاسياس بقي سداً منيعاً أمام كل المنافسين على مدى 25 مباراة من أصل المواجهات الخمس والثلاثين التي حافظ فيها الماتادور على سجله خالياً من الهزيمة. ومنذ نوفمبر 2006، كان منتخب اليونان الفريق الوحيد الذي تمكن من هز الشباك الأسبانية مرتين عندما انتصر رفاق توريس في مباراة ودية على حاملي اللقب الأوروبي آنذاك بنتيجة 3-2 على ملعب ثيسالونيكا.
ويعرب الحارس الإحتياطي بيبي رينا عن افتخاره بهذه الأرقام التي نجح في تحقيقها مع منتخب بلاده موضحاً أن هناك "تناسق وانسجام كبيرين بين كل الخطوط. الفريق الذي يستحوذ على الكرة عادةً ما يكون أكثر ارتياحاً وفعالية على مستوى الدفاع وهذه هي ثمرة العمل الجيد على مستوى المجموعة."
وعلى صعيد آخر، يتميز فيسنتي دل بوسكي عن غيره من مدربي الفرق المشاركة بإشراك 22 لاعباً في مباريات الدور الأول من أصل الثلاثة والعشرين الذين سافروا مع البعثة الأسبانية حيث بقي الحارس الثالث دييجو لوبيز الوحيد الذي لم ينضم إلى زملائه داخل أرضية الملعب.
وقد اعتبر أغلب المراقبين أن خطوة من هذا القبيل من شأنها خلق جو حميمي داخل صفوف الفريق وتحسيس كل اللاعبين بمسؤولية حمل القميص الوطني وهو بالضبط ما يؤكده الجناح الأيمن سيرخيو راموس حيث أوضح نجم ريال مدريد قائلاً: "لقد عشنا التجربة نفسها في كأس الأمم الأوروبية 2008، وهي في الحقيقة تجربة استثنائية، حيث استمتعنا باللعب معاً سواء داخل الملعب أو خارجه وهو ما انعكس على مستوى لعب الفريق بشكل إيجابي. إننا نستمتع باللعب كفريق واحد وأعتقد أننا لم نكن لنحقق كل هذا لو لم تكن الأمور على هذا الحال."
كما لم يخفِ راموس أن لاعبي المنتخب الأسباني يستمتعون في وقت فراغهم بالرهان على اسم اللاعب الذي سيُتوج بلقب الهداف في نهاية البطولة حيث أوضح أنه يرشح زميله فرناندو توريس وتابع الدولي الأسباني قائلاً: "يجب إيجاد طريقة لقضاء الوقت والاستمتاع باللحظات الجميلة وأعتقد أننا نفعل ذلك على الوجه الأمثل. هذا الفريق يمر بأسعد أوقاته". كيف لا وهو بات يستحق لقب سيد الملاعب؟