إعلانات المنتدي
المواضيع الأخيرة
بحـث
الشاعر صلاح عجينة: المثقف الليبي وقف في وجه الصعوبات بكلّ
2 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
الشاعر صلاح عجينة: المثقف الليبي وقف في وجه الصعوبات بكلّ
الشاعر صلاح عجينة: المثقف الليبي وقف في وجه الصعوبات بكلّ قوّة
حاوره: صلاح بن عيّاد
صلاح عجينـة، شاعر وكاتب وصحفي ليبي شاب شغل عدة مهامّ صحفيّة وثقافيّة منها رئيس تحرير مجلة شؤون ثقافية والمشرف العام لسلسة الكتب لشهرية الصادرة عن المجلة ومدير تحرير لمجلة شعريات التي كفت عن الصدور لأسباب بتنا نعلمها في ظلّ هامشية الحقل الثقافي التي تكاد تنسحب على مشهدنا العربيّ ورغم كلّ هذه المهام استطاع الشاعر والصحفي أن يصدر 12 كتابا في الشعر وفي نقده أيضا ومنها "كلام البرق"، "قريبا من ناصية البئر والتحوّل" 2003 في طبعتين، "مطالعات وهوامش" سنة 2004، زغاريد أخرى 2004 أيضا، "من السطر الأوّل للرواية الليبية سنة 2004، ولنا هنا أن نلاحظ نشاط هذا الكاتب المثقف، إضافة إلى "الكتاب الجـوّانيّ" 2006- ربيع النص أم خريفه إلى آخر مؤلف له الذي عنوانه "يوم في حياتي" الصّادر سنة 2009 عن دار مداد. كتب عن تجربة صلاح عجينة الكثير في مقالات وفي كتب منها كتاب "عتبة لنثر العالم" لمفتاح العماري و"مغامرة السؤال وحكمة الجواب للتونسي الطيب الجمّازي هذا إضافة إلى حوارات في عديد المجلات الليبية والعربية. إلتقينا به وهو يقيم في تونس كملجئ استشفائي ونفسي فخصنا بهذا الحوار الذي أبدى فيه انشغال المثقف بالشأن السياسيّ الليبيّ والعربيّ كما لم يدّخر كلمة واحدة عن أيّ دور يمكن للشاعر وللمثقف عموما أن يلعبه في هذه الحقبة الحسّاسة والدقيقة من التاريخ العربي والعالمي.
* الشاعر صلاح عجينة وقد خرج سالما من جوّ تهدده القتل أو التشرّد لأشهر ليبيّة طويلة. ماذا يمكن أن يقول هذا الشاعر عن الحياة وهل من قول له عن الموت؟.
- لقد عشت المسلسل الدموي منذ الأحداث الأولى لمدينة الزّاوية، لقد عشت اعتصاما في ميدان الشهداء بالزاوية "40 كلم غرب طرابلس" وهي مدينتي والتي شهدت أوّل معركة مدجّجة بالدبّابات والعربات الآلية والعسكريّة كما لم يتأخر الطيران عن المشاركة في المعركة، ولولا الفصل البطولي الذي قدمته المدينة العظيمة لما تواصلت الثورة في اتجاه انتصار الشعب. لقد وقفت على الشباب بأمّ عيني وهم يتدافعون تباعا غير مبالين بالموت ليتساقط الكثير منهم في موت بطولي والذي لو تمّ تقديمه في فلم سينمائي لوصفه نقاد السينما بالمبالغة، فمن يصدّق عدا الذي يرى بعينه شابّا يقفز على دبّابة بقنينة بنزين ومن يصدّق أن النساء بدورهن كنّ متجمهرات على الشرفات ويسكبن الزيت السّاخن كالطرواديات في المعارك القديمة على رؤوس الجنود الذين ذهبوا بعيدا في الإجرام وهم يقتحمون العمارات السكنيّة بمدينة الزاوية...مشاهد قاسية ومؤلمة تدفعني أنا وغيري ممّن ناضلوا في لجج الثورة إلى التمسّك أكثر بالمستقبل وبالحياة.
* بماذا تعد ليبيا في نواحيها الثقافية والشعريّة؟ هل من مشروع مرسوم في ذهنك للتعبير عن ولائك بالوطن بكلّ مقوماته؟.
- الولاء للوطن كان دائم الحضور منذ اللحظة الأولى التي ارتكبت فيها مبدأ الانتماء الثقافي لهذا الوطن. أنا شاعر وكاتب ولم أكتب للنظام يوما وحين أسّست مجلّة شعريّات سنة 2008 وخلال إعدادها لم أكتب الاسم الرسمي للدولة "الجماهيريّة" ولم أشر بكلمة للذهن الثوريّ المعطوب الذي كان سائدا وقد حقّق معي مرات عديدة المدعو "أحمد إبراهيم القذافي" بتهمة "الليبراليّة" حتى أنه في إحدى المرّات ظلّ يجرجرني لمدّة 6 ساعات متواصلة بعد أن أعطى أوامره بقفل أبواب المجلة، وحين ترأست تحرير مجلة "شؤون ثقافيّة" لم أتأخّر على حذف كلّ الأسماء المعتبرة أو المحسوبة على حركة اللجان الثوريّة بل وحذفت شعار المجلّة الذي كان عبارة على فصول ثلاث للكتاب الأخضر دون أن أعلن ذلك، لكن وبالرّجوع للأرشيف سيلاحظ المتابع هذا المنهج التحريري الذي كان يتبع مبدأ "التقيّة" وأنا منذ اللحظة الأولى للثورة توقّفت عن العمل في الملحق الثقافي لصحيفة "الجماهيريّة" الذي كان أهمّ شيء يصدر في ليبيا وينفذ من الأسواق في لحظات. توقفت عن الالتحاق بالعمل يوم 16 فيفري/فبراير وأعلنت انسحابي ذاك لرئيس التحرير المساعد "عادل المزوغي" وقلت له "نحن نريدها جمهوريّة".
كنت في تلك اللحظات أعيش نشوة الثورة في مدينة الزاوية مما أجبر الجريدة أن تصدر ملحقا معادا بالكامل وانطلقت في مراسلة جريدة "واشنطون بوست" طوال أحداث الزاوية وعبر الفضائيات حيث تحوّل بيتي إلى مقرّ للنشاط في صالح الثورة وذلك طبعا بجهد جماعي إذ كنا نتحرّك من البيت إلى الميدان طوال أحداث مدينة الزاوية التي بدأت ـ للأمانة ـ بمظاهرة 10 فيفري/فبراير أي قبل مظاهرة بنغازي بخمسة أيام وحتّى سقوط هذه المدينة يوم 11 مارس/آذار وبعدها عشنا ويلات الملاحقة إلى أن قبض عليّ يوم 23 جويلية/يوليو بمعبر رأس اجدير وتم الزجّ بي إلى ويلات التحقيق وعندما تمّ الإفراج عني بأعجوبة وبواسطة الرجال الطيبيّن لأنني كنت خارجا لتوّي من عمليّة جراحيّة كبيرة مع أنه تم مصادرة جوازي وفررت إلى طرابلس المدينة التي كان يسهل فيها التواري. بعد تحرير الزاوية مجددا يوم 13 أوت/اغسطس تمّ تهريبي إلى تونس بطريقة أو أخرى يمكن سردها في مناسبة أخرى وتمكنت من إصدار جواز سفر فيما بعد من قيادات الثورة..وأنا أتابع إلى حد الآن العلاج في ملجئي هذا نتيجة الإهمال الذي لحق بي بعد العمليّة عندما كنت مطاردا. لقد كان الإعتقال يتمّ على أساس الهوية وكانت عائلتي ملاحقة لاندفاعهم للثورة ومنطقة أولا عجينة صارت تتردد في الفضائيات من كل مراسلة تخص مدينة الزاوية.
* هل تجد مأوى شعريّا في تونس؟ هل ترى أن السّاحة الثقافية التونسيّة ساحة وقد صارت واعدة؟ ماذا لو قارنت بين ماضيها الثقافي وحاضرها أنت من ترددت عليها قبل وبعد ثورة 14 جانفي؟
- أعرف تونس كماأعرف ليبيا كما أعرف المغرب، وبلدي الحقيقي هي البلدان الثلاث تحديدا وأصدقائي ومناخي الفكري من هذه البلدان، لقد اشتغلت ثقافيّا مع جملة من الأصدقاء من تونس في أعمال ثقافيّة تمسّ الساحة الثقافيّة في بعدها التونسي والليبي والسّاحة التونسية جدّ واعدة ومليئة بالأسماء الكبيرة فكرا ونقدا وشعرا وسردا ومن بين الأسماء التي لا تكف عن شد انتباهي المفكّر التونسي الكبير "هشام جعيّط" وقد كان هناك مشروعا للاحتفاء به في ليبيا من قبل المجلّة التي أرؤس تحريرها وإعداد كتاب حواريّ حول مشروعه النهضوي، أمّا فيما يخصّ المشهد الشعري تحديدا فيكفي الزخم الذي تشهده المهرجانات الشعريّة هذا دون أن ننسى أن ما كان ينقص هذا المشهد أواخر عهد الديكتاتور الفارّ غياب وتعثّر الدوريّات الثقافيّة وعدم خروجها أو توزيعها في ساحات عربيّة لذا ظلّ الاسم التونسي تونسيّا مع أنه جدير بأن يجد الصدى الكافي في دول الجوار. الانتشار معاناة مشتركة، تونسية كما هي ليبية، حتى حين صدر كتابا في جريدة تمّ دمج المشهدين الشعريين التونسي والليبيّ في كتاب واحد. سنعوّل على عبقريّة الثورتين الليبية والتونسية اللتين ستعطيان بعدا إضافيا، خلاقا للمشهدية الثقافية هنا وهناك، هذا رغم أن الثورة فعل أشبه بالهبّة الشعبيّة.
* نعرف أنّ الكتاب الأخضر هو الكتاب الذي لم يكن يعلَ عليه في ليبيا، بل كان دائما كتاب الكتب، فهل كان من كتب ـ مع ذلك ـ ذات ألوان أخرى والتي هددت الخضرة القذافية؟ نهاية، هل من رائحة ما لثورة ما في السنوات الأخيرة؟.
- بالنسبة لإعلام الدولة لم ينافس الكتاب الأخضر ولو كتاب واحد عدا كتاب آخر اسمه "الكتاب الأبيض" لكن منافسته كانت محدودة رغم الكتابين للقذافي!
هذا من ناحية الإعلام حيث تفتتح نشرة أخباره دائما بمقاطع من الكتاب الأخضر وتفتتح الإذاعة والتلفزيون برامجها بآيات قرآنية وبنصوص من الكتاب الأخضر..أمّا شعبيّا فقد كان هذا الكتاب لا يساوي شيئا، تجده معلّقا في المكتبات الخضراء رغم ما أنفق عليه من مليارات بدءا من ترجمته إلى نحو 110 لغة ولهجة من العالم إلى الندوات الدوليّة التي كانت تنعقد خلال العقود المنصرمة منذ عام صدوره سنة 1976، هل تتصوّر أنه تمّ تأسيس مركز أبحاث ودراسات للكتاب الأخضر، حتّى أن بعضهم طالب أن يكون اسم المركز على اسم الكتاب الأخضر لكن يكون حقل عمله في الفكر عامة نفي هذا البعض وأقصي.
في الكتاب الأخضر جملة من الأفكار المثالية والقديمة والتي لا ترتبط بفكر "قذافي" صرف إلا أن المبالغة في الاعتناء به وتكراره في كل لحظة قد أنتج نوعا من النفور الشعبيّ منه، لقد كان أسوأ كتاب لأقل الكتّاب أهميّة يحظى بحظوظ أوفر من الكتاب الأخضر.
* هل قام المثقف الليبي الحرّ بدوره في رسم ملامح ما للثورة الليبية وهل سيجد له مكانا في القادم الليبيّ؟.
- المثقّف الليبيّ أساسا هو حرّ وإلا لما تمّ الزجّ بكلّ مثقف في السجن سنة 1973، و1976 و1978 ولمدّة تتجاوز 12 عاما حتّى أنّ حقبة الثمانينات كان المشهد الثقافي أشبه بمشهد الأشباح، وقد تعرّض هذا المثقّف إلى أسوأ أنواع التنكيل بدءا من حروب القذافي من خلال "جهاز مكافحة الشهرة" ومرورا بحرمان الدولة الليبيّة من وزارة خاصّة بالثقافة أو بإفقارها الممنهج لهذه الشريّحة ثقافيّا أيضا. لقد كان اهتمام القذافي ينصبّ على وزارة الإعلام التي تتابع رحلاته المكّوكيّة أمّا العمل الثقافيّ المنطلق من وطنيّة ما فكان آخر انشغالاته بل لقد كان ذلك من المحرّمات. لكن ورغم تلك العدميّة وقف هذا المثقف في الواجهة وبكلّ ما أوتي من قوّة. هناك مثقفون ليبيون نالوا احترام أصقاع الدنيا رغم كل المصاعب ومنهم إبراهيم الكوني وأحمد إبراهيم الفقيه من ضمن آخرين انهالوا على نظام القذافي بالرفض من خلال مقالات نشرت تباعا بالخارج ولا ننسى وصية علي فهمي خشيم "المتوفى سنة 2011 وهو أحد رموز الفكر والأدب في ليبيا في الخمسين عاما الأخيرة" في مدينة مصراتة ورفض تأبينه الرسمي بمقبرة الشهداء بطرابلس وقد وافقته المنية وهو يسجل آيات الرفض رغم اقترابه السابق للنظام بشكل من الأشكال.
لقد كانت التضحيات كثيرة منها حملات اعتقال المثقفين أثناء الأحداث الأخيرة.
* في كتبك الشعريّة التي منها كتابك "الكتاب الجوّاني" هنا ملمح شعري خاصّ، لو تحدثنا على مشارب هذه الخصوصية ومناهلها.
- نحن نكتب دائما ما نشعر وأما عن تربيتي الثقافية إن صحّت هنا العبارة فقد حامت طويلا حول التصوّف ورموزه ولا تنس أنّي سليل مدينة تشتهر بالصوفية ورحلاتها الباطنيّة، وأتصوّر أن كتابي الذي أشرت إليه هو من تلك الرحلات البحثيّة والتأمّليّة وقد نهلت هذه الرحلة من المعرفة الصّوفيّة ومن التّجربة الفرديّة الخاصّة أيضا وأتصوّر على ذلك كلّه أني نهلت شعرا من هنا وهناك إلا أن هذا الرافد الصوفي ظلّ الأساس، ظلّ في قلب سلوكي الشعري والثقافي.
حاوره: صلاح بن عيّاد
صلاح عجينـة، شاعر وكاتب وصحفي ليبي شاب شغل عدة مهامّ صحفيّة وثقافيّة منها رئيس تحرير مجلة شؤون ثقافية والمشرف العام لسلسة الكتب لشهرية الصادرة عن المجلة ومدير تحرير لمجلة شعريات التي كفت عن الصدور لأسباب بتنا نعلمها في ظلّ هامشية الحقل الثقافي التي تكاد تنسحب على مشهدنا العربيّ ورغم كلّ هذه المهام استطاع الشاعر والصحفي أن يصدر 12 كتابا في الشعر وفي نقده أيضا ومنها "كلام البرق"، "قريبا من ناصية البئر والتحوّل" 2003 في طبعتين، "مطالعات وهوامش" سنة 2004، زغاريد أخرى 2004 أيضا، "من السطر الأوّل للرواية الليبية سنة 2004، ولنا هنا أن نلاحظ نشاط هذا الكاتب المثقف، إضافة إلى "الكتاب الجـوّانيّ" 2006- ربيع النص أم خريفه إلى آخر مؤلف له الذي عنوانه "يوم في حياتي" الصّادر سنة 2009 عن دار مداد. كتب عن تجربة صلاح عجينة الكثير في مقالات وفي كتب منها كتاب "عتبة لنثر العالم" لمفتاح العماري و"مغامرة السؤال وحكمة الجواب للتونسي الطيب الجمّازي هذا إضافة إلى حوارات في عديد المجلات الليبية والعربية. إلتقينا به وهو يقيم في تونس كملجئ استشفائي ونفسي فخصنا بهذا الحوار الذي أبدى فيه انشغال المثقف بالشأن السياسيّ الليبيّ والعربيّ كما لم يدّخر كلمة واحدة عن أيّ دور يمكن للشاعر وللمثقف عموما أن يلعبه في هذه الحقبة الحسّاسة والدقيقة من التاريخ العربي والعالمي.
* الشاعر صلاح عجينة وقد خرج سالما من جوّ تهدده القتل أو التشرّد لأشهر ليبيّة طويلة. ماذا يمكن أن يقول هذا الشاعر عن الحياة وهل من قول له عن الموت؟.
- لقد عشت المسلسل الدموي منذ الأحداث الأولى لمدينة الزّاوية، لقد عشت اعتصاما في ميدان الشهداء بالزاوية "40 كلم غرب طرابلس" وهي مدينتي والتي شهدت أوّل معركة مدجّجة بالدبّابات والعربات الآلية والعسكريّة كما لم يتأخر الطيران عن المشاركة في المعركة، ولولا الفصل البطولي الذي قدمته المدينة العظيمة لما تواصلت الثورة في اتجاه انتصار الشعب. لقد وقفت على الشباب بأمّ عيني وهم يتدافعون تباعا غير مبالين بالموت ليتساقط الكثير منهم في موت بطولي والذي لو تمّ تقديمه في فلم سينمائي لوصفه نقاد السينما بالمبالغة، فمن يصدّق عدا الذي يرى بعينه شابّا يقفز على دبّابة بقنينة بنزين ومن يصدّق أن النساء بدورهن كنّ متجمهرات على الشرفات ويسكبن الزيت السّاخن كالطرواديات في المعارك القديمة على رؤوس الجنود الذين ذهبوا بعيدا في الإجرام وهم يقتحمون العمارات السكنيّة بمدينة الزاوية...مشاهد قاسية ومؤلمة تدفعني أنا وغيري ممّن ناضلوا في لجج الثورة إلى التمسّك أكثر بالمستقبل وبالحياة.
* بماذا تعد ليبيا في نواحيها الثقافية والشعريّة؟ هل من مشروع مرسوم في ذهنك للتعبير عن ولائك بالوطن بكلّ مقوماته؟.
- الولاء للوطن كان دائم الحضور منذ اللحظة الأولى التي ارتكبت فيها مبدأ الانتماء الثقافي لهذا الوطن. أنا شاعر وكاتب ولم أكتب للنظام يوما وحين أسّست مجلّة شعريّات سنة 2008 وخلال إعدادها لم أكتب الاسم الرسمي للدولة "الجماهيريّة" ولم أشر بكلمة للذهن الثوريّ المعطوب الذي كان سائدا وقد حقّق معي مرات عديدة المدعو "أحمد إبراهيم القذافي" بتهمة "الليبراليّة" حتى أنه في إحدى المرّات ظلّ يجرجرني لمدّة 6 ساعات متواصلة بعد أن أعطى أوامره بقفل أبواب المجلة، وحين ترأست تحرير مجلة "شؤون ثقافيّة" لم أتأخّر على حذف كلّ الأسماء المعتبرة أو المحسوبة على حركة اللجان الثوريّة بل وحذفت شعار المجلّة الذي كان عبارة على فصول ثلاث للكتاب الأخضر دون أن أعلن ذلك، لكن وبالرّجوع للأرشيف سيلاحظ المتابع هذا المنهج التحريري الذي كان يتبع مبدأ "التقيّة" وأنا منذ اللحظة الأولى للثورة توقّفت عن العمل في الملحق الثقافي لصحيفة "الجماهيريّة" الذي كان أهمّ شيء يصدر في ليبيا وينفذ من الأسواق في لحظات. توقفت عن الالتحاق بالعمل يوم 16 فيفري/فبراير وأعلنت انسحابي ذاك لرئيس التحرير المساعد "عادل المزوغي" وقلت له "نحن نريدها جمهوريّة".
كنت في تلك اللحظات أعيش نشوة الثورة في مدينة الزاوية مما أجبر الجريدة أن تصدر ملحقا معادا بالكامل وانطلقت في مراسلة جريدة "واشنطون بوست" طوال أحداث الزاوية وعبر الفضائيات حيث تحوّل بيتي إلى مقرّ للنشاط في صالح الثورة وذلك طبعا بجهد جماعي إذ كنا نتحرّك من البيت إلى الميدان طوال أحداث مدينة الزاوية التي بدأت ـ للأمانة ـ بمظاهرة 10 فيفري/فبراير أي قبل مظاهرة بنغازي بخمسة أيام وحتّى سقوط هذه المدينة يوم 11 مارس/آذار وبعدها عشنا ويلات الملاحقة إلى أن قبض عليّ يوم 23 جويلية/يوليو بمعبر رأس اجدير وتم الزجّ بي إلى ويلات التحقيق وعندما تمّ الإفراج عني بأعجوبة وبواسطة الرجال الطيبيّن لأنني كنت خارجا لتوّي من عمليّة جراحيّة كبيرة مع أنه تم مصادرة جوازي وفررت إلى طرابلس المدينة التي كان يسهل فيها التواري. بعد تحرير الزاوية مجددا يوم 13 أوت/اغسطس تمّ تهريبي إلى تونس بطريقة أو أخرى يمكن سردها في مناسبة أخرى وتمكنت من إصدار جواز سفر فيما بعد من قيادات الثورة..وأنا أتابع إلى حد الآن العلاج في ملجئي هذا نتيجة الإهمال الذي لحق بي بعد العمليّة عندما كنت مطاردا. لقد كان الإعتقال يتمّ على أساس الهوية وكانت عائلتي ملاحقة لاندفاعهم للثورة ومنطقة أولا عجينة صارت تتردد في الفضائيات من كل مراسلة تخص مدينة الزاوية.
* هل تجد مأوى شعريّا في تونس؟ هل ترى أن السّاحة الثقافية التونسيّة ساحة وقد صارت واعدة؟ ماذا لو قارنت بين ماضيها الثقافي وحاضرها أنت من ترددت عليها قبل وبعد ثورة 14 جانفي؟
- أعرف تونس كماأعرف ليبيا كما أعرف المغرب، وبلدي الحقيقي هي البلدان الثلاث تحديدا وأصدقائي ومناخي الفكري من هذه البلدان، لقد اشتغلت ثقافيّا مع جملة من الأصدقاء من تونس في أعمال ثقافيّة تمسّ الساحة الثقافيّة في بعدها التونسي والليبي والسّاحة التونسية جدّ واعدة ومليئة بالأسماء الكبيرة فكرا ونقدا وشعرا وسردا ومن بين الأسماء التي لا تكف عن شد انتباهي المفكّر التونسي الكبير "هشام جعيّط" وقد كان هناك مشروعا للاحتفاء به في ليبيا من قبل المجلّة التي أرؤس تحريرها وإعداد كتاب حواريّ حول مشروعه النهضوي، أمّا فيما يخصّ المشهد الشعري تحديدا فيكفي الزخم الذي تشهده المهرجانات الشعريّة هذا دون أن ننسى أن ما كان ينقص هذا المشهد أواخر عهد الديكتاتور الفارّ غياب وتعثّر الدوريّات الثقافيّة وعدم خروجها أو توزيعها في ساحات عربيّة لذا ظلّ الاسم التونسي تونسيّا مع أنه جدير بأن يجد الصدى الكافي في دول الجوار. الانتشار معاناة مشتركة، تونسية كما هي ليبية، حتى حين صدر كتابا في جريدة تمّ دمج المشهدين الشعريين التونسي والليبيّ في كتاب واحد. سنعوّل على عبقريّة الثورتين الليبية والتونسية اللتين ستعطيان بعدا إضافيا، خلاقا للمشهدية الثقافية هنا وهناك، هذا رغم أن الثورة فعل أشبه بالهبّة الشعبيّة.
* نعرف أنّ الكتاب الأخضر هو الكتاب الذي لم يكن يعلَ عليه في ليبيا، بل كان دائما كتاب الكتب، فهل كان من كتب ـ مع ذلك ـ ذات ألوان أخرى والتي هددت الخضرة القذافية؟ نهاية، هل من رائحة ما لثورة ما في السنوات الأخيرة؟.
- بالنسبة لإعلام الدولة لم ينافس الكتاب الأخضر ولو كتاب واحد عدا كتاب آخر اسمه "الكتاب الأبيض" لكن منافسته كانت محدودة رغم الكتابين للقذافي!
هذا من ناحية الإعلام حيث تفتتح نشرة أخباره دائما بمقاطع من الكتاب الأخضر وتفتتح الإذاعة والتلفزيون برامجها بآيات قرآنية وبنصوص من الكتاب الأخضر..أمّا شعبيّا فقد كان هذا الكتاب لا يساوي شيئا، تجده معلّقا في المكتبات الخضراء رغم ما أنفق عليه من مليارات بدءا من ترجمته إلى نحو 110 لغة ولهجة من العالم إلى الندوات الدوليّة التي كانت تنعقد خلال العقود المنصرمة منذ عام صدوره سنة 1976، هل تتصوّر أنه تمّ تأسيس مركز أبحاث ودراسات للكتاب الأخضر، حتّى أن بعضهم طالب أن يكون اسم المركز على اسم الكتاب الأخضر لكن يكون حقل عمله في الفكر عامة نفي هذا البعض وأقصي.
في الكتاب الأخضر جملة من الأفكار المثالية والقديمة والتي لا ترتبط بفكر "قذافي" صرف إلا أن المبالغة في الاعتناء به وتكراره في كل لحظة قد أنتج نوعا من النفور الشعبيّ منه، لقد كان أسوأ كتاب لأقل الكتّاب أهميّة يحظى بحظوظ أوفر من الكتاب الأخضر.
* هل قام المثقف الليبي الحرّ بدوره في رسم ملامح ما للثورة الليبية وهل سيجد له مكانا في القادم الليبيّ؟.
- المثقّف الليبيّ أساسا هو حرّ وإلا لما تمّ الزجّ بكلّ مثقف في السجن سنة 1973، و1976 و1978 ولمدّة تتجاوز 12 عاما حتّى أنّ حقبة الثمانينات كان المشهد الثقافي أشبه بمشهد الأشباح، وقد تعرّض هذا المثقّف إلى أسوأ أنواع التنكيل بدءا من حروب القذافي من خلال "جهاز مكافحة الشهرة" ومرورا بحرمان الدولة الليبيّة من وزارة خاصّة بالثقافة أو بإفقارها الممنهج لهذه الشريّحة ثقافيّا أيضا. لقد كان اهتمام القذافي ينصبّ على وزارة الإعلام التي تتابع رحلاته المكّوكيّة أمّا العمل الثقافيّ المنطلق من وطنيّة ما فكان آخر انشغالاته بل لقد كان ذلك من المحرّمات. لكن ورغم تلك العدميّة وقف هذا المثقف في الواجهة وبكلّ ما أوتي من قوّة. هناك مثقفون ليبيون نالوا احترام أصقاع الدنيا رغم كل المصاعب ومنهم إبراهيم الكوني وأحمد إبراهيم الفقيه من ضمن آخرين انهالوا على نظام القذافي بالرفض من خلال مقالات نشرت تباعا بالخارج ولا ننسى وصية علي فهمي خشيم "المتوفى سنة 2011 وهو أحد رموز الفكر والأدب في ليبيا في الخمسين عاما الأخيرة" في مدينة مصراتة ورفض تأبينه الرسمي بمقبرة الشهداء بطرابلس وقد وافقته المنية وهو يسجل آيات الرفض رغم اقترابه السابق للنظام بشكل من الأشكال.
لقد كانت التضحيات كثيرة منها حملات اعتقال المثقفين أثناء الأحداث الأخيرة.
* في كتبك الشعريّة التي منها كتابك "الكتاب الجوّاني" هنا ملمح شعري خاصّ، لو تحدثنا على مشارب هذه الخصوصية ومناهلها.
- نحن نكتب دائما ما نشعر وأما عن تربيتي الثقافية إن صحّت هنا العبارة فقد حامت طويلا حول التصوّف ورموزه ولا تنس أنّي سليل مدينة تشتهر بالصوفية ورحلاتها الباطنيّة، وأتصوّر أن كتابي الذي أشرت إليه هو من تلك الرحلات البحثيّة والتأمّليّة وقد نهلت هذه الرحلة من المعرفة الصّوفيّة ومن التّجربة الفرديّة الخاصّة أيضا وأتصوّر على ذلك كلّه أني نهلت شعرا من هنا وهناك إلا أن هذا الرافد الصوفي ظلّ الأساس، ظلّ في قلب سلوكي الشعري والثقافي.
-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~
لحظة الوداع من أصعب اللحظات على البشر .. ولكن ما باليد حيله
وداعا ... لك ايها المنتدى الغالي..وداعا ... لكم يا أعضاء منتديات عيت ارفاد التميمي
وداعا ... لكل من اسعدته ..وداعا ... لكل من احزنته..وداعا ... لكل من أحبني
وداعا ... لكل من كرهني ..وداعا ... لكل من كنت ضيفا خفيفا عليه ..
وداعا ... لكل من كنت ضيفا ثقيلا عليه ..وداعا ... وكلي ألم لفراقكم
لأنكم أفضل من إستقبلني ..وداعا ... وكلي حزن لأنكم خير من شرفني
وداعا ... واجعلوا ايامي التي لم تعجبكم في طي النسيان ..فقط تذكروني بينكم!!
وداعا ... واستودعكــــــــــم الله الذي لا تضيع ودائـــــــــــــعه
اتمني لكم اوقات سعيد
واتمني التقدم لهذا المنتدى الرائع
وداعا ... لك ايها المنتدى الغالي..وداعا ... لكم يا أعضاء منتديات عيت ارفاد التميمي
وداعا ... لكل من اسعدته ..وداعا ... لكل من احزنته..وداعا ... لكل من أحبني
وداعا ... لكل من كرهني ..وداعا ... لكل من كنت ضيفا خفيفا عليه ..
وداعا ... لكل من كنت ضيفا ثقيلا عليه ..وداعا ... وكلي ألم لفراقكم
لأنكم أفضل من إستقبلني ..وداعا ... وكلي حزن لأنكم خير من شرفني
وداعا ... واجعلوا ايامي التي لم تعجبكم في طي النسيان ..فقط تذكروني بينكم!!
وداعا ... واستودعكــــــــــم الله الذي لا تضيع ودائـــــــــــــعه
اتمني لكم اوقات سعيد
واتمني التقدم لهذا المنتدى الرائع
زهرة اللوتس- إداري
-
عدد المشاركات : 124527
العمر : 42
رقم العضوية : 2346
قوة التقييم : 158
تاريخ التسجيل : 30/06/2010
رد: الشاعر صلاح عجينة: المثقف الليبي وقف في وجه الصعوبات بكلّ
-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~
amol- مستشار
-
عدد المشاركات : 36762
العمر : 43
رقم العضوية : 2742
قوة التقييم : 9
تاريخ التسجيل : 14/08/2010
رد: الشاعر صلاح عجينة: المثقف الليبي وقف في وجه الصعوبات بكلّ
شكرا لكل من تابع صفحاتي .ومر من هنا..بارك االله فيكم
-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~
لحظة الوداع من أصعب اللحظات على البشر .. ولكن ما باليد حيله
وداعا ... لك ايها المنتدى الغالي..وداعا ... لكم يا أعضاء منتديات عيت ارفاد التميمي
وداعا ... لكل من اسعدته ..وداعا ... لكل من احزنته..وداعا ... لكل من أحبني
وداعا ... لكل من كرهني ..وداعا ... لكل من كنت ضيفا خفيفا عليه ..
وداعا ... لكل من كنت ضيفا ثقيلا عليه ..وداعا ... وكلي ألم لفراقكم
لأنكم أفضل من إستقبلني ..وداعا ... وكلي حزن لأنكم خير من شرفني
وداعا ... واجعلوا ايامي التي لم تعجبكم في طي النسيان ..فقط تذكروني بينكم!!
وداعا ... واستودعكــــــــــم الله الذي لا تضيع ودائـــــــــــــعه
اتمني لكم اوقات سعيد
واتمني التقدم لهذا المنتدى الرائع
وداعا ... لك ايها المنتدى الغالي..وداعا ... لكم يا أعضاء منتديات عيت ارفاد التميمي
وداعا ... لكل من اسعدته ..وداعا ... لكل من احزنته..وداعا ... لكل من أحبني
وداعا ... لكل من كرهني ..وداعا ... لكل من كنت ضيفا خفيفا عليه ..
وداعا ... لكل من كنت ضيفا ثقيلا عليه ..وداعا ... وكلي ألم لفراقكم
لأنكم أفضل من إستقبلني ..وداعا ... وكلي حزن لأنكم خير من شرفني
وداعا ... واجعلوا ايامي التي لم تعجبكم في طي النسيان ..فقط تذكروني بينكم!!
وداعا ... واستودعكــــــــــم الله الذي لا تضيع ودائـــــــــــــعه
اتمني لكم اوقات سعيد
واتمني التقدم لهذا المنتدى الرائع
زهرة اللوتس- إداري
-
عدد المشاركات : 124527
العمر : 42
رقم العضوية : 2346
قوة التقييم : 158
تاريخ التسجيل : 30/06/2010
مواضيع مماثلة
» المثقف الليبي والمرحلة الانتقالية
» هيومن رايتس ووتش تكرم الناشط الحقوقي الليبي صلاح المرغني
» الشاعر الليبي محمد الشلطامي في ذمة الله تعالى
» الشاعر الليبي علي الكيلاني/ ذكرى محمد ودعتنى فى ليبيا
» الشاعر الليبي الذي تسبب في انتحار نزار قباني
» هيومن رايتس ووتش تكرم الناشط الحقوقي الليبي صلاح المرغني
» الشاعر الليبي محمد الشلطامي في ذمة الله تعالى
» الشاعر الليبي علي الكيلاني/ ذكرى محمد ودعتنى فى ليبيا
» الشاعر الليبي الذي تسبب في انتحار نزار قباني
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
2024-11-21, 8:36 am من طرف STAR
» ارخص غسالات ملابس
2024-11-18, 10:29 am من طرف محمدوعبدو
» "لسنا عيادة طبية".. رئيسة بالميراس البرازيلي تعلق بشأن التعاقد مع نيمار
2024-11-18, 7:49 am من طرف STAR
» لا تستخدم مياه "الحنفية" لتبريد محرك سيارتك.. إليك السبب
2024-11-18, 7:49 am من طرف STAR
» هل يطرد النوم "السموم من الدماغ"؟.. دراسة تكشف السر
2024-11-18, 7:48 am من طرف STAR
» لمستخدمي "ميتا" في أوروبا.. إليكم هذه الميزة الجديدة!
2024-11-18, 7:47 am من طرف STAR
» احرصوا على تهوية المنزل حتى في الطقس البارد!
2024-11-18, 7:47 am من طرف STAR
» العناية بالبشرة في فصل الخريف.. نصائح مهمة لذلك
2024-11-18, 7:46 am من طرف STAR
» الأرز الإسباني
2024-11-18, 7:45 am من طرف STAR
» عن مشاركة نيمار في مونديال الاندية.. هذا موقف الهلال
2024-11-16, 8:14 am من طرف STAR
» لضمان نوم هادئ ومريح.. تجنب 5 عادات
2024-11-16, 8:13 am من طرف STAR
» ترتيب المنتخبات العربية في تصفيات آسيا لكأس العالم 2026
2024-11-16, 8:12 am من طرف STAR
» الخضار الأعلى كثافة بالمغذيات
2024-11-16, 8:11 am من طرف STAR
» رونالدو يثير التفاعل بتصرف رائع خلال مباراة البرتغال
2024-11-16, 8:09 am من طرف STAR
» غرامة بمليار دولار تُهدد "ميتا" بالتفكك وسط ضغوط تنظيمية دولية
2024-11-16, 8:09 am من طرف STAR