إعلانات المنتدي
المواضيع الأخيرة
بحـث
فضيل الأمين : المجلس فشل في إكتساب ثقة الثوار
2 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
فضيل الأمين : المجلس فشل في إكتساب ثقة الثوار
صحيفة الكلمة – أحمد خليفة
فضيل الأمين هو أحد أحفاد المجاهد الكبير”الفضيل بوعمر”وهو واحد من الآف الليبيين الذين أجبرهم نظام القذافي على الهجرة خارج ليبيا حفاظا على أنفسهم ومعتقداتهم الفكرية من بطشه وطغيانه،فقد ولد في بنغازي ونشأ في طرابلس،وتحصل على درجة الماجستير في مجال الصحافة والإعلام والاتصال العالمي من الولايات المتحدة، حيث تابع دراساته العليا في مجال العلاقات الدولية والسياسة الخارجية حتى تخصص في مجال السياسة الخارجية الأميركية وسياسات منطقة الشرق الأوسط والعالم الإسلامي،ونشر نتاجه الصحفي في عدد من الصحف الأمريكية والعربية مثل الشرق الأوسط والحياة والرأي والنيوزويك والواشنطن والمجلات السياسية المتخصصة في شؤون العالم العربي والإسلامي.
يعد فضيل الأمين كبيرا للمستشارين السياسيين والثقافيين في شؤون العالم العربي والإسلامي وقضايا الإسلام في واشنطن ويحاضر في عدد من مراكز الأبحاث ومؤسسات صنع القرار في شؤون ليبيا والعالمين العربي والإسلامي،وهو مؤسس ورئيس المجلس الأميركي الليبي الذي يتخصص في تطوير العلاقات الليبية الأمريكية،اعتقلته اللجان الثورية وحكمت عليه بالإعدام في العام 1978 و لم يتجاوز حينها التاسعة عشر من عمره بسبب معارضته للنظام في جامعة طرابلس.
في البداية أستاذ فضيل .. كيف يتراءى لك مستقبل الحياة السياسية في ليبيا ؟ و كم من الوقت تتوقع أن يأخذ مساره الطبيعي؟
مستقبل الحياة السياسية أتوقع أنه سيكون حافلا بالحركة والنشاط وتتشابك فيه النجاحات والأخطاء مثل أية تجربة سياسية لدولة ومجتمع يحاول التخلص من مخلفات إرث دكتاتورية ضربت أطنابها في كل نواحي الحياة السياسية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية،مجتمع ودولة تحاول التحول إلى دولة ديمقراطية عصرية مدنية وتمر بمرحلة انتقالية صعبة وخطيرة في نفس الوقت،فإلحاق الهزيمة بنظام سلطوي لا يعني الوصول إلى الديمقراطية،فالعديد من دول العالم أطاحت نظماً سلطوية،لكنها انحدرت إلى الحرب الأهلية،أو انضمت إلى خانة الدول المنهارة،أو استُبدِلت بديكتاتورية أخرى،فالديمقراطية ليست فقط غياب السلطوية بل التحدي الأكبر والأهم هو إقامة منظومة معقّدة من المؤسسات السياسية المُعزَّزة بمجتمع تعددي منفتح،ومجتمع مدني حيوي،وسلطة قضائية قوية،وإعلام حر وعناصر أساسية أخرى.
والحقيقة أن بناء أساسات الديمقراطية والاستقرار والتطور هو أهم متطلبات المرحلة الانتقالية،وبقدر النجاح في ذلك تسير البلاد نحو مستقبل مشرق،ولهذا فإن الاستعجال والاندفاع غير المدروس سيكون مردوده سلبيا،ومن أهم ما تحتاجه المرحلة الانتقالية هي بلورة وتطور التيار الديمقراطي الوسطي الوطني الذي يجمع كل أطياف المؤمنين بالديمقراطية كأساس لبناء واستقرار الدولة،فالتشرذم والتفتت في هذه المرحلة يعطي الفرصة للقوى غير الديمقراطية من بقايا النظام القديم أو القوى غير الديمقراطية في المجتمع للدفع بأجنداتها وإجهاض المشروع الديمقراطي أو مسخه وإفراغه من محتواه،ومن ثم إجهاض الثورة والقضاء على أهدافها،ولابد أن تتمدد المرحلة الانتقالية وأن تعطى الفرصة والوقت المناسبين للحكومة الانتقالية لتحقيق ذلك من خلال استقرار الحكومة ومؤسساتها البيروقراطية، فـ24 أسبوع ليست كافية ولن تكون كافية،وأعتقد أن الجدول الزمني وخارطة الطريق التي أُعدّت من قبل المجلس الوطني قبل التحرير غير عملية ومستعجلة ولا تراعي احتياجات الواقع وطبيعته، فهي قد أعدت على عجل وفي مرحلة لم تكتمل فيها الصورة للمجلس حول طبيعة الواقع واحتياجاته،ولا أدري ما الفائدة في الاستعجال إلا اعتقاد البعض أنهم سينالون فرصة سياسية أفضل في ظل الأوضاع الراهنة ودرجة حماسة الشعب.
وأعتقد أن الحكومة الانتقالية الحالية في حاجة إلى 18 إلى 24 شهر لتحقيق أهدافها الانتقالية،وأعتقد أن الاستعجال في كتابة وإقرار الدستور أمر يحتاج إلى إعادة نظر، فالدستور وثيقة هامة تحدد مستقبل ومسار البلاد،وهو وثيقة سياسية وليست قانونية وتستدعي التوافق والحوار حولها واستيعابها من قبل الشعب والوعي بها، ولهذا يجب أن تأخذ وقتها ومداها،فلنترك المجال للحكومة للعمل ولنشرعن المجالس المحلية والمجلس الانتقالي ولنلقي نظرة ثانية فاحصة على قرارات المجلس الخاصة بالمستقبل،والتي اتخذها قبل التحرير واستيعابه للتحديات والمتطلبات،ولنفكر في البرنامج الزمني لخارطة الطريق ولننتخب المؤتمر الوطني ونبدأ العمل على الدستور وأسس الدولة وهيكلها في الوقت الذي تستمر فيه الحكومة الانتقالية في آداء عملها،ولنأخذ وقتنا ونتقن عملنا ونستفيد من تجارب الآخرين، خاصة وأننا نفتقد للخبرة السياسية والتجربة الديمقراطية.
ما الذي تحتاجه ليبيا الآن لتخطو خطوات مدروسة نحو الأفضل؟ وما الأولويات التي تحتاجها لبناء دولة المؤسسات والقانون؟
ليبيا تحتاج إلى عدم الاستعجال والاستفادة من تجارب العالم وخبراتهم، فالخطوات يجب أن تكون مدروسة وغير مرتجلة،فالاستقرار الأمني والاقتصادي والسلم الاجتماعي عبر العدالة الانتقالية والمصالحة كلها أمور يجب أن تتم قبل الدخول في صراعات الانتخابات الوطنية العامة،الحكومة المؤقتة لابد أن يعطى لها الوقت الكافي للعمل على استقرار البلاد المادي والمعنوي،وبدون ذلك لن تكون للممارسات الديمقراطية مشاركة فعلية أو أثر حقيقي أو استقرار و تجذر، الحقيقة أنه لدينا نظرة ساذجة للتحول الديمقراطي والدمقرطة التي نلخصها في الانتخابات فقط وصناديق الاقتراع،ولكن الواقع هو أكبر من ذلك،الشعوب تريد تحركا نحو الديمقراطية يصاحبه استقرار سياسي واقتصادي،فالجائع لا يفكر في صندوق الانتخاب والخائف لا يفكر في الإدلاء بصوته.
هل تعتقد أن تصاعد الخلافات التي تحدث في الداخل بين الثوار على اختلاف توجهاتهم ومشاربهم السياسية يؤثر سلبا أو إيجابا على وحدتهم الأمر الذي من الممكن أن يتطور إلى التأثير على وحدة البلاد ؟
أعتقد أن فشل المجلس في اكتساب ثقة وولاء الثوار كان وما يزال أهم الأسباب التي تجعلهم يتحركون فرادى،وغياب الدور القيادي للمجلس عبر اعتماده على الأسلوب التوافقي مع الجميع والاعتماد على الشرعية التوافقية والولاء الطوعي من أكبر أسباب الأزمة الحالية،ولا يجب أن ننسى أن هناك بعض القيادة التي تقود المليشيات المسلحة حرصت حرصا كبيرا على ألا يكون للمجلس سلطة واضحة عليها لرغبتها في خدمة أجندتها الخاصة أو أجندة بالتعاون مع دول خارجية، فالإطار التوافقي الذي ذكرته جعل ثوار كل منطقة يعملون باستقلالية في منطقتهم ولم تبرز المشاكل إلا عندما تداخلت القوى عقب تحرير طرابلس التي أصبحت بحكم كونها العاصمة مقرا للثوار من كل المناطق وتم تقسيم منشآتها بينهم،لا أعتقد أن الخلاف بين الثوار أيديولوجي ولا سياسي،وإن كنت أعتقد أن بعض الفصائل لها علاقات وتتلقى الدعم من أطراف خارجية ويتم تبنيها من قبل تلك الأطراف،لكن هؤلاء يشكلون نسبة صغيرة جداً فقط،الاختلاف الحالي بين الثوار المسلحين، وأنا هنا أركز على ذلك،لأن هناك ثوارا حقيقيين غير مسلحين أو ثوارا مسلحين ألقوا السلاح بعد التحرير،ولا يمكن أن يستحوذ أحد بلقب الثوار،هؤلاء الثوار المسلحون لا يشعرون بالاطمئنان بعد لعدم وجود قوة أمنية تستطيع حماية البلاد،ولهذا يعتقدون أنهم الأفضل وأن واجبهم الوطني يستدعي استمرارهم في عملهم، والاختلاف الثاني هو رغبة كل منهم في ضمان نصيبهم المستقبلي ودورهم في البلاد عبر مبادلة ذلك بنفوذ أو مصالح أو فوائد لمناطقهم التي كانت مهملة في السابق،فرصيدهم النضالي والجهادي في إسقاط النظام لا يجب أن يضيع هباء، وهذه الأسباب والمبررات مفهومة ويجب التعامل معها،وهذا يعود بنا إلى شرعية المجلس الانتقالي وقدرته على بسط نفوذه على الثوار عبر نوع من اعتبار المجلس يشكل شرعية ومرجعية،ولن يكون ذلك إلا عبر انتخابات محلية تفرز ممثلين للمناطق في المجلس ويتحول المجلس إلى جهاز يملك الشرعية الشعبية للحصول على ولاء والتزام قوى الثوار المسلحة، وفي حالة عدم حصول ذلك يمكن أن تتحول هذه المهمة للمؤتمر الوطني بعد ذلك.
ما الأساس المتين الذي تراه لقيام دولة مستقرة سياسيا واقتصاديا ولها قوانينها العادلة ومؤسساتها الفاعلة التي تستقطب الكفاءات في ظل إقرارٍ بتعدد الآراء والأفكار التي تحقق الصالح العام؟
أعتقد شخصيا أن نجاح المرحلة الانتقالية هو مفتاح مستقبل ليبيا عموما ومستقبلها السياسي من أجل النجاح والاستقرار السياسي والأمني والاقتصادي،والأولويات هي الاستقرار الأمني والسياسي والاقتصادي والخدماتي،ثم امتصاص وتأطير الثوار في مؤسسات الدولة وتأكيد احتكار الدولة لاستخدام السلاح، وتفعيل وزارات الداخلية والدفاع والخارجية لقطع الطريق على التدخلات الخارجية،إضافة إلى تنظيم عملية الاهتمام بأهالي الشهداء وبالجرحى والمعوقين جراء حرب التحرير ضد نظام المقبور أو الليبيين الذين أرغمهم القذافي على قتال إخوانهم الثوار، فهم أيضا ليبيون لهم حقوق،وذلك ضمن مؤسسة واحدة تشرف على ذلك بدل تبعثر الجهود والأعمال على مختلف المؤسسات والوزارات،تحتاج الحكومة لتفعيل القوانين ومحاربة الفساد والتعامل الحازم والجاد مع بيروقراطيي المستوى المتوسط في الوزارات والمرافق والمؤسسات،فهؤلاء يجب أن يتم توجيههم وتدربيهم أو إحالتهم على التقاعد،فهم يمكن أن يكونوا عاملا مهما في تحقيق التطور المنشود،أو عائقا كبيرا في سير الأعمال عبر الإصرار على أساليب العمل القديمة أو العرقلة المتعمدة لتطور البلاد.
نتحدث الآن عن جانب مهم جدا للمواطن الليبي وهو الجانب الأمني .. على أي أساس أو معيار ينبغي أن تبنى مؤسسة الجيش والداخلية؟
مؤسسات الجيش والداخلية يجب أن يتم بناؤها على الكفاءة،وأعتقد أن قرار الحكومة بدمج الثوار جيد،ولكن أعتقد أنه يجب التعامل مع قيادات الثوار المسلحة بنوع من الحذر والحيطة، وأنا شخصيا أفضل استيعابهم في الإطار السياسي وليس الإطار الأمني أو العسكري،لأنهم في حقيقة الأمر قادة سياسيون مدنيون ووجودهم في المؤسسة العسكرية والأمنية سيعمل بطريقة أو أخرى على تسييس هذه المؤسسات التي لا يجب أن تسيّس على الإطلاق وإلا واجهنا أزمات ومشاكل مستقبلية لا حصر لها.
ما السبب في رأيك فيما يحب أن يطلق عليه البعض”إخفاق المجلس الانتقالي في التواصل مع الشعب”ما أوصل الأمور في النهاية إلى خروج الناس إلى الشارع ومطالبتهم بالحقوق في الميادين والساحات؟ وهل المجلس قادر على السير بالبلاد إلى بر الأمان؟
إخفاقات المجلس يعود مجملها لغياب الخبرة والتجربة السياسية،ولقد قدمت للإخوة في المجلس مقترحا منذ ثلاثة أشهر تقريبا لتطوير جهاز أسميته”جهاز الإعلام والتواصل الاستراتيجي”في داخل المجلس يكون هدفه الأساسي التواصل مع الشعب الليبي،وأبديت استعدادي للتطوع لمساعدتهم في إنشائه ولكن للأسف الشديد لم أسمع منهم رداً،كما أن مرحلة التحرير كانت صعبة واستهلكت جل اهتمام وطاقات الإخوة والأخوات في المجلس،إلا أن المجلس لم يستطع التطور والنمو للتأقلم مع مرحلة ما بعد التحرير واحتياجاتها وأولوياتها، فالفجوة التواصلية وغياب الخبرة في إدارة شؤون الدولة التي تختلف عن إدارة حرب وبعض الاستخفاف من قبل البعض،كما أن ورطة الشرعية الانتخابية التي تجعل المجلس قادرا على اتخاذ القرارات والدفع بتنفيذها، كل ذلك جعل العديد من الملفات الساخنة والهامة في مهب الريح مما دفع الشعب للخروج للشارع،وهذا حق مشروع وأمر صحي جدا يجب الإصرار عليه دائما، والمجلس حاليا يعاني من عدة إشكاليات أساسية، الهيكل وغياب الشرعية الانتخابية، وجود بعض الذين كانوا متورطين مع النظام السابق،وغياب الخبرة السياسية والفهم والتجربة الديمقراطية،واستخدام المجلس لأساليب وطرق وتفكير النظام السابق في التعامل مع القضايا وطرح الحلول والمشكلة الأكبر التي بدأت تبرز هي الشخصنة والممارسات الفردية من قبل رئيس المجلس وتدخله في شؤون الحكومة التنفيذية الداخلية والخارجية، والمجلس بكل هذه الإشكاليات لا يستطيع أن يكون فاعلا وقادرا على اتخاذ القرارات،فقرارات المجلس بشكله الحالي ستكون محل طعن فيها في المستقبل لأسباب سيبحث عنها الطاعنون،ولهذا ولدرء المشاكل الحالية والمشاكل والإشكالات السياسية التي ستبرز مستقبلا اقترحت تحول المجلس لإطار فخري ليس له الحق في اتخاذ قرارات ولا سن قوانين،أو يكون جهازا فعالا يملك هذه الحقوق وهذا يحتاج إلى شرعنته عبر انتخابات، لا يمكن الجمع بين المتناقضين.
ما أسباب وجود العديد ممن يمكن أن نسميهم بقايا النظام المنهار وهم شخصيات معروفة عملت في الكيان السياسي الحاكم في ليبيا سابقا وتتقلد الآن مواقع قيادية مهمة في ليبيا الجديدة؟
السبب هو عدم وجود وضوح في عمليات التكليف والتوظيف من المجلس،ولكن مع وجود المعايير التي طرحت مؤخرا يمكن إعادة النظر في هذه التكليفات من جديد على أسس صحيحة
هناك مناطق في ليبيا يوجد بها الآن بوادر توترات قبلية وجهوية وثأرية مع مناطق أخرى الأمر الذي يجعلها مناطق قابلة للاشتعال في أي لحظة.. ما واجب المجلس الوطني والحكومة لحل مثل هذه الإشكاليات ؟
المجلس المشرعن والمفعّل يمكن أن يكون له الدور الأكبر في ملف المصالحة الوطنية والتوترات القبلية و الجهوية،آثار الحروب دائما ما تحتاج إلى تعامل من نوع خاص للتعامل معها وتجاوز آثارها السلبية والسيئة،ومن المهم البحث في أسباب هذه التوترات والتعامل معها وليس الوقوع في خطأ معالجة الآثار الجانبية والإعراض عبر حلول مثل الترضيات الجهوية أو القبلية التي كان يمارسها النظام السابق.
ما رأيك في فكرة اجتثاث اللجان الثورية من مؤسسات الدولة المختلفة ؟ هل تعتقد أنه خطوة أولى على طريق تأسيس العدالة في ليبيا؟
فكرة الاجتثاث فكرة سيئة لا يجب أن نفكر فيها،لقد تمت تجربة ذلك في العراق من خلال قانون”اجتثاث حزب البعث”وكان وما زال له أسوأ الأثر على البلاد،يجب وضع المعايير والأسس لتولي المناصب والمسؤوليات،ومن اشتهر بالفساد أو القمع فيجب أن يخضع للقانون كما اقترح على الذين تورطوا كثيرا مع النظام القديم ألا يدفعوا بأنفسهم للمقدمة ولا يحاولوا التسلق والوصول للسلطة والظهور ومحاولة إثارة الحساسيات والعواطف في هذه المرحلة،عليهم التأخر قليلا وعدم الاستعجال في العودة للساحة بقوة حتى لا يولدوا ردة فعل سلبية تجاههم،والوقت كفيل بلم الشمل عبر برامج المصالحة والعدالة الانتقالية،أما محاولات البعض تغيير البدلة والشنب وادعاء الثورة والديمقراطية بهذه السرعة فستؤدي إلى ردة فعل عكسية.
ما مدى الخشية من وجود تيار متشدد يتمثل في التيار الجهادي أو التكفيري في المجتمع الليبي في مراحل مستقبلية وهو الشئ الموجود فعلا على أرض الواقع مع الأخذ في الاعتبار أن الكثيرين منهم أبلوا بلاء حسنا في الجبهات ولكن يظل فكرهم عائقا أحيانا في التواصل بينهم وبين الناس؟
ليبيا دولة مسلمة وأغلبية الليبيين قاوموا المقبور القذافي ونظامه من أجل بناء دولة ديمقراطية مدنية،والإسلام هوية الشعب الليبي وهوية كل الشعوب العربية والإسلامية،ومحاولة خلق صدام مع هويات الشعوب أمر لن يؤدي إلا إلى الفشل،والهوية لا تعني برنامجا سياسيا دينيا، فذلك مشروع برنامج سياسي مثل غيره من المشاريع السياسية التي من حق الجميع طرحها على الشعب الذي له القرار عبر صندوق الانتخابات،أما التيار الجهادي الذي يريد استخدام السلاح أو اللجوء العنف من أجل فرض برنامج سياسي أو ديني معين فلا مكان له في ليبيا المستقبل،من حق الجميع الإيمان والدعوة لما يريدون من أفكار ولكن عبر الالتزام بالإطار الديمقراطي وعبر الاحتكام للشعب واختيار الشعب وبدون استخدام العنف أو التهديد به.
هل سيستوعب الليبيون اللعبة الديمقراطية بسهولة لأن هناك شكوى يبديها البعض حول تعنت الليبيين في الحوار وافتقادهم لأساليبه والقبول بالرأي الآخر؟
الليبيون يمكن أن يستوعبوا اللعبة الديمقراطية مثلهم مثل غيرهم ولكن هذا الأمر يحتاج تدريبا وممارسة وتثقيفا، فلا يمكن أن يأتي ذلك بين عشية أو ضحاها،غياب ثقافة الحوار وغياب الفهم الكافي للثقافة الديمقراطية والعزلة التي عاشها الليبيون خلال العقود الماضية تجعلنا في حاجة إلى وقت لاستيعاب التجربة الديمقراطية، ولكن الليبيون بطبيعتهم سريعو التعلم وموقع ليبيا الجغرافي القريب من أوروبا سيسهل التواصل والاطلاع على تجربة الديمقراطية في أوروبا،نعم هناك بعض العادات الليبية التي تحتاج إلى معالجة مثل التمسك بالرأي والمسارعة في الهجوم على الآخر وتغليب العاطفة على العقل في بعض الأحيان،لكن هناك عادات سيئة من إرث النظام السابق مثل غياب الثقة والتشكك الزائد والأنانية و الجهوية والقبلية والفساد وهي عادات يمكن التخلص منها ببعض الصبر والانفتاح والاستقرار.
يتخوف كثير من النشطاء والمطلعين على قضايا الشأن العام في ليبيا من لعب الأمم المتحدة دور المستشار القانوني والأخلاقي للمجلس والحكومة.. كيف يمكن إزالة هذه التخوفات التي مبعثها أن يكون هناك استعمار حديث لليبيا؟
الأمم المتحدة لا يمكن أن تتدخل في دولة إلا في حالة طلب الدولة للمساعدة أو فشلها في إدارة الشؤون الأساسية وخدمة شعبها وحفظ الأمن،والأمر في يد الليبيين في أن يقوموا باللازم ويهتموا بتقوية مؤسساتهم وحل مشاكلهم وتحديد المجالات التي يمكن للعالم أن يساعدهم فيها ويضعوا الخطط التي تساعد على ذلك،إذا لا تعرف أنت ما تريد وما تحتاج سيقترح عليك الآخرون.
فضيل الأمين هو أحد أحفاد المجاهد الكبير”الفضيل بوعمر”وهو واحد من الآف الليبيين الذين أجبرهم نظام القذافي على الهجرة خارج ليبيا حفاظا على أنفسهم ومعتقداتهم الفكرية من بطشه وطغيانه،فقد ولد في بنغازي ونشأ في طرابلس،وتحصل على درجة الماجستير في مجال الصحافة والإعلام والاتصال العالمي من الولايات المتحدة، حيث تابع دراساته العليا في مجال العلاقات الدولية والسياسة الخارجية حتى تخصص في مجال السياسة الخارجية الأميركية وسياسات منطقة الشرق الأوسط والعالم الإسلامي،ونشر نتاجه الصحفي في عدد من الصحف الأمريكية والعربية مثل الشرق الأوسط والحياة والرأي والنيوزويك والواشنطن والمجلات السياسية المتخصصة في شؤون العالم العربي والإسلامي.
يعد فضيل الأمين كبيرا للمستشارين السياسيين والثقافيين في شؤون العالم العربي والإسلامي وقضايا الإسلام في واشنطن ويحاضر في عدد من مراكز الأبحاث ومؤسسات صنع القرار في شؤون ليبيا والعالمين العربي والإسلامي،وهو مؤسس ورئيس المجلس الأميركي الليبي الذي يتخصص في تطوير العلاقات الليبية الأمريكية،اعتقلته اللجان الثورية وحكمت عليه بالإعدام في العام 1978 و لم يتجاوز حينها التاسعة عشر من عمره بسبب معارضته للنظام في جامعة طرابلس.
في البداية أستاذ فضيل .. كيف يتراءى لك مستقبل الحياة السياسية في ليبيا ؟ و كم من الوقت تتوقع أن يأخذ مساره الطبيعي؟
مستقبل الحياة السياسية أتوقع أنه سيكون حافلا بالحركة والنشاط وتتشابك فيه النجاحات والأخطاء مثل أية تجربة سياسية لدولة ومجتمع يحاول التخلص من مخلفات إرث دكتاتورية ضربت أطنابها في كل نواحي الحياة السياسية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية،مجتمع ودولة تحاول التحول إلى دولة ديمقراطية عصرية مدنية وتمر بمرحلة انتقالية صعبة وخطيرة في نفس الوقت،فإلحاق الهزيمة بنظام سلطوي لا يعني الوصول إلى الديمقراطية،فالعديد من دول العالم أطاحت نظماً سلطوية،لكنها انحدرت إلى الحرب الأهلية،أو انضمت إلى خانة الدول المنهارة،أو استُبدِلت بديكتاتورية أخرى،فالديمقراطية ليست فقط غياب السلطوية بل التحدي الأكبر والأهم هو إقامة منظومة معقّدة من المؤسسات السياسية المُعزَّزة بمجتمع تعددي منفتح،ومجتمع مدني حيوي،وسلطة قضائية قوية،وإعلام حر وعناصر أساسية أخرى.
والحقيقة أن بناء أساسات الديمقراطية والاستقرار والتطور هو أهم متطلبات المرحلة الانتقالية،وبقدر النجاح في ذلك تسير البلاد نحو مستقبل مشرق،ولهذا فإن الاستعجال والاندفاع غير المدروس سيكون مردوده سلبيا،ومن أهم ما تحتاجه المرحلة الانتقالية هي بلورة وتطور التيار الديمقراطي الوسطي الوطني الذي يجمع كل أطياف المؤمنين بالديمقراطية كأساس لبناء واستقرار الدولة،فالتشرذم والتفتت في هذه المرحلة يعطي الفرصة للقوى غير الديمقراطية من بقايا النظام القديم أو القوى غير الديمقراطية في المجتمع للدفع بأجنداتها وإجهاض المشروع الديمقراطي أو مسخه وإفراغه من محتواه،ومن ثم إجهاض الثورة والقضاء على أهدافها،ولابد أن تتمدد المرحلة الانتقالية وأن تعطى الفرصة والوقت المناسبين للحكومة الانتقالية لتحقيق ذلك من خلال استقرار الحكومة ومؤسساتها البيروقراطية، فـ24 أسبوع ليست كافية ولن تكون كافية،وأعتقد أن الجدول الزمني وخارطة الطريق التي أُعدّت من قبل المجلس الوطني قبل التحرير غير عملية ومستعجلة ولا تراعي احتياجات الواقع وطبيعته، فهي قد أعدت على عجل وفي مرحلة لم تكتمل فيها الصورة للمجلس حول طبيعة الواقع واحتياجاته،ولا أدري ما الفائدة في الاستعجال إلا اعتقاد البعض أنهم سينالون فرصة سياسية أفضل في ظل الأوضاع الراهنة ودرجة حماسة الشعب.
وأعتقد أن الحكومة الانتقالية الحالية في حاجة إلى 18 إلى 24 شهر لتحقيق أهدافها الانتقالية،وأعتقد أن الاستعجال في كتابة وإقرار الدستور أمر يحتاج إلى إعادة نظر، فالدستور وثيقة هامة تحدد مستقبل ومسار البلاد،وهو وثيقة سياسية وليست قانونية وتستدعي التوافق والحوار حولها واستيعابها من قبل الشعب والوعي بها، ولهذا يجب أن تأخذ وقتها ومداها،فلنترك المجال للحكومة للعمل ولنشرعن المجالس المحلية والمجلس الانتقالي ولنلقي نظرة ثانية فاحصة على قرارات المجلس الخاصة بالمستقبل،والتي اتخذها قبل التحرير واستيعابه للتحديات والمتطلبات،ولنفكر في البرنامج الزمني لخارطة الطريق ولننتخب المؤتمر الوطني ونبدأ العمل على الدستور وأسس الدولة وهيكلها في الوقت الذي تستمر فيه الحكومة الانتقالية في آداء عملها،ولنأخذ وقتنا ونتقن عملنا ونستفيد من تجارب الآخرين، خاصة وأننا نفتقد للخبرة السياسية والتجربة الديمقراطية.
ما الذي تحتاجه ليبيا الآن لتخطو خطوات مدروسة نحو الأفضل؟ وما الأولويات التي تحتاجها لبناء دولة المؤسسات والقانون؟
ليبيا تحتاج إلى عدم الاستعجال والاستفادة من تجارب العالم وخبراتهم، فالخطوات يجب أن تكون مدروسة وغير مرتجلة،فالاستقرار الأمني والاقتصادي والسلم الاجتماعي عبر العدالة الانتقالية والمصالحة كلها أمور يجب أن تتم قبل الدخول في صراعات الانتخابات الوطنية العامة،الحكومة المؤقتة لابد أن يعطى لها الوقت الكافي للعمل على استقرار البلاد المادي والمعنوي،وبدون ذلك لن تكون للممارسات الديمقراطية مشاركة فعلية أو أثر حقيقي أو استقرار و تجذر، الحقيقة أنه لدينا نظرة ساذجة للتحول الديمقراطي والدمقرطة التي نلخصها في الانتخابات فقط وصناديق الاقتراع،ولكن الواقع هو أكبر من ذلك،الشعوب تريد تحركا نحو الديمقراطية يصاحبه استقرار سياسي واقتصادي،فالجائع لا يفكر في صندوق الانتخاب والخائف لا يفكر في الإدلاء بصوته.
هل تعتقد أن تصاعد الخلافات التي تحدث في الداخل بين الثوار على اختلاف توجهاتهم ومشاربهم السياسية يؤثر سلبا أو إيجابا على وحدتهم الأمر الذي من الممكن أن يتطور إلى التأثير على وحدة البلاد ؟
أعتقد أن فشل المجلس في اكتساب ثقة وولاء الثوار كان وما يزال أهم الأسباب التي تجعلهم يتحركون فرادى،وغياب الدور القيادي للمجلس عبر اعتماده على الأسلوب التوافقي مع الجميع والاعتماد على الشرعية التوافقية والولاء الطوعي من أكبر أسباب الأزمة الحالية،ولا يجب أن ننسى أن هناك بعض القيادة التي تقود المليشيات المسلحة حرصت حرصا كبيرا على ألا يكون للمجلس سلطة واضحة عليها لرغبتها في خدمة أجندتها الخاصة أو أجندة بالتعاون مع دول خارجية، فالإطار التوافقي الذي ذكرته جعل ثوار كل منطقة يعملون باستقلالية في منطقتهم ولم تبرز المشاكل إلا عندما تداخلت القوى عقب تحرير طرابلس التي أصبحت بحكم كونها العاصمة مقرا للثوار من كل المناطق وتم تقسيم منشآتها بينهم،لا أعتقد أن الخلاف بين الثوار أيديولوجي ولا سياسي،وإن كنت أعتقد أن بعض الفصائل لها علاقات وتتلقى الدعم من أطراف خارجية ويتم تبنيها من قبل تلك الأطراف،لكن هؤلاء يشكلون نسبة صغيرة جداً فقط،الاختلاف الحالي بين الثوار المسلحين، وأنا هنا أركز على ذلك،لأن هناك ثوارا حقيقيين غير مسلحين أو ثوارا مسلحين ألقوا السلاح بعد التحرير،ولا يمكن أن يستحوذ أحد بلقب الثوار،هؤلاء الثوار المسلحون لا يشعرون بالاطمئنان بعد لعدم وجود قوة أمنية تستطيع حماية البلاد،ولهذا يعتقدون أنهم الأفضل وأن واجبهم الوطني يستدعي استمرارهم في عملهم، والاختلاف الثاني هو رغبة كل منهم في ضمان نصيبهم المستقبلي ودورهم في البلاد عبر مبادلة ذلك بنفوذ أو مصالح أو فوائد لمناطقهم التي كانت مهملة في السابق،فرصيدهم النضالي والجهادي في إسقاط النظام لا يجب أن يضيع هباء، وهذه الأسباب والمبررات مفهومة ويجب التعامل معها،وهذا يعود بنا إلى شرعية المجلس الانتقالي وقدرته على بسط نفوذه على الثوار عبر نوع من اعتبار المجلس يشكل شرعية ومرجعية،ولن يكون ذلك إلا عبر انتخابات محلية تفرز ممثلين للمناطق في المجلس ويتحول المجلس إلى جهاز يملك الشرعية الشعبية للحصول على ولاء والتزام قوى الثوار المسلحة، وفي حالة عدم حصول ذلك يمكن أن تتحول هذه المهمة للمؤتمر الوطني بعد ذلك.
ما الأساس المتين الذي تراه لقيام دولة مستقرة سياسيا واقتصاديا ولها قوانينها العادلة ومؤسساتها الفاعلة التي تستقطب الكفاءات في ظل إقرارٍ بتعدد الآراء والأفكار التي تحقق الصالح العام؟
أعتقد شخصيا أن نجاح المرحلة الانتقالية هو مفتاح مستقبل ليبيا عموما ومستقبلها السياسي من أجل النجاح والاستقرار السياسي والأمني والاقتصادي،والأولويات هي الاستقرار الأمني والسياسي والاقتصادي والخدماتي،ثم امتصاص وتأطير الثوار في مؤسسات الدولة وتأكيد احتكار الدولة لاستخدام السلاح، وتفعيل وزارات الداخلية والدفاع والخارجية لقطع الطريق على التدخلات الخارجية،إضافة إلى تنظيم عملية الاهتمام بأهالي الشهداء وبالجرحى والمعوقين جراء حرب التحرير ضد نظام المقبور أو الليبيين الذين أرغمهم القذافي على قتال إخوانهم الثوار، فهم أيضا ليبيون لهم حقوق،وذلك ضمن مؤسسة واحدة تشرف على ذلك بدل تبعثر الجهود والأعمال على مختلف المؤسسات والوزارات،تحتاج الحكومة لتفعيل القوانين ومحاربة الفساد والتعامل الحازم والجاد مع بيروقراطيي المستوى المتوسط في الوزارات والمرافق والمؤسسات،فهؤلاء يجب أن يتم توجيههم وتدربيهم أو إحالتهم على التقاعد،فهم يمكن أن يكونوا عاملا مهما في تحقيق التطور المنشود،أو عائقا كبيرا في سير الأعمال عبر الإصرار على أساليب العمل القديمة أو العرقلة المتعمدة لتطور البلاد.
نتحدث الآن عن جانب مهم جدا للمواطن الليبي وهو الجانب الأمني .. على أي أساس أو معيار ينبغي أن تبنى مؤسسة الجيش والداخلية؟
مؤسسات الجيش والداخلية يجب أن يتم بناؤها على الكفاءة،وأعتقد أن قرار الحكومة بدمج الثوار جيد،ولكن أعتقد أنه يجب التعامل مع قيادات الثوار المسلحة بنوع من الحذر والحيطة، وأنا شخصيا أفضل استيعابهم في الإطار السياسي وليس الإطار الأمني أو العسكري،لأنهم في حقيقة الأمر قادة سياسيون مدنيون ووجودهم في المؤسسة العسكرية والأمنية سيعمل بطريقة أو أخرى على تسييس هذه المؤسسات التي لا يجب أن تسيّس على الإطلاق وإلا واجهنا أزمات ومشاكل مستقبلية لا حصر لها.
ما السبب في رأيك فيما يحب أن يطلق عليه البعض”إخفاق المجلس الانتقالي في التواصل مع الشعب”ما أوصل الأمور في النهاية إلى خروج الناس إلى الشارع ومطالبتهم بالحقوق في الميادين والساحات؟ وهل المجلس قادر على السير بالبلاد إلى بر الأمان؟
إخفاقات المجلس يعود مجملها لغياب الخبرة والتجربة السياسية،ولقد قدمت للإخوة في المجلس مقترحا منذ ثلاثة أشهر تقريبا لتطوير جهاز أسميته”جهاز الإعلام والتواصل الاستراتيجي”في داخل المجلس يكون هدفه الأساسي التواصل مع الشعب الليبي،وأبديت استعدادي للتطوع لمساعدتهم في إنشائه ولكن للأسف الشديد لم أسمع منهم رداً،كما أن مرحلة التحرير كانت صعبة واستهلكت جل اهتمام وطاقات الإخوة والأخوات في المجلس،إلا أن المجلس لم يستطع التطور والنمو للتأقلم مع مرحلة ما بعد التحرير واحتياجاتها وأولوياتها، فالفجوة التواصلية وغياب الخبرة في إدارة شؤون الدولة التي تختلف عن إدارة حرب وبعض الاستخفاف من قبل البعض،كما أن ورطة الشرعية الانتخابية التي تجعل المجلس قادرا على اتخاذ القرارات والدفع بتنفيذها، كل ذلك جعل العديد من الملفات الساخنة والهامة في مهب الريح مما دفع الشعب للخروج للشارع،وهذا حق مشروع وأمر صحي جدا يجب الإصرار عليه دائما، والمجلس حاليا يعاني من عدة إشكاليات أساسية، الهيكل وغياب الشرعية الانتخابية، وجود بعض الذين كانوا متورطين مع النظام السابق،وغياب الخبرة السياسية والفهم والتجربة الديمقراطية،واستخدام المجلس لأساليب وطرق وتفكير النظام السابق في التعامل مع القضايا وطرح الحلول والمشكلة الأكبر التي بدأت تبرز هي الشخصنة والممارسات الفردية من قبل رئيس المجلس وتدخله في شؤون الحكومة التنفيذية الداخلية والخارجية، والمجلس بكل هذه الإشكاليات لا يستطيع أن يكون فاعلا وقادرا على اتخاذ القرارات،فقرارات المجلس بشكله الحالي ستكون محل طعن فيها في المستقبل لأسباب سيبحث عنها الطاعنون،ولهذا ولدرء المشاكل الحالية والمشاكل والإشكالات السياسية التي ستبرز مستقبلا اقترحت تحول المجلس لإطار فخري ليس له الحق في اتخاذ قرارات ولا سن قوانين،أو يكون جهازا فعالا يملك هذه الحقوق وهذا يحتاج إلى شرعنته عبر انتخابات، لا يمكن الجمع بين المتناقضين.
ما أسباب وجود العديد ممن يمكن أن نسميهم بقايا النظام المنهار وهم شخصيات معروفة عملت في الكيان السياسي الحاكم في ليبيا سابقا وتتقلد الآن مواقع قيادية مهمة في ليبيا الجديدة؟
السبب هو عدم وجود وضوح في عمليات التكليف والتوظيف من المجلس،ولكن مع وجود المعايير التي طرحت مؤخرا يمكن إعادة النظر في هذه التكليفات من جديد على أسس صحيحة
هناك مناطق في ليبيا يوجد بها الآن بوادر توترات قبلية وجهوية وثأرية مع مناطق أخرى الأمر الذي يجعلها مناطق قابلة للاشتعال في أي لحظة.. ما واجب المجلس الوطني والحكومة لحل مثل هذه الإشكاليات ؟
المجلس المشرعن والمفعّل يمكن أن يكون له الدور الأكبر في ملف المصالحة الوطنية والتوترات القبلية و الجهوية،آثار الحروب دائما ما تحتاج إلى تعامل من نوع خاص للتعامل معها وتجاوز آثارها السلبية والسيئة،ومن المهم البحث في أسباب هذه التوترات والتعامل معها وليس الوقوع في خطأ معالجة الآثار الجانبية والإعراض عبر حلول مثل الترضيات الجهوية أو القبلية التي كان يمارسها النظام السابق.
ما رأيك في فكرة اجتثاث اللجان الثورية من مؤسسات الدولة المختلفة ؟ هل تعتقد أنه خطوة أولى على طريق تأسيس العدالة في ليبيا؟
فكرة الاجتثاث فكرة سيئة لا يجب أن نفكر فيها،لقد تمت تجربة ذلك في العراق من خلال قانون”اجتثاث حزب البعث”وكان وما زال له أسوأ الأثر على البلاد،يجب وضع المعايير والأسس لتولي المناصب والمسؤوليات،ومن اشتهر بالفساد أو القمع فيجب أن يخضع للقانون كما اقترح على الذين تورطوا كثيرا مع النظام القديم ألا يدفعوا بأنفسهم للمقدمة ولا يحاولوا التسلق والوصول للسلطة والظهور ومحاولة إثارة الحساسيات والعواطف في هذه المرحلة،عليهم التأخر قليلا وعدم الاستعجال في العودة للساحة بقوة حتى لا يولدوا ردة فعل سلبية تجاههم،والوقت كفيل بلم الشمل عبر برامج المصالحة والعدالة الانتقالية،أما محاولات البعض تغيير البدلة والشنب وادعاء الثورة والديمقراطية بهذه السرعة فستؤدي إلى ردة فعل عكسية.
ما مدى الخشية من وجود تيار متشدد يتمثل في التيار الجهادي أو التكفيري في المجتمع الليبي في مراحل مستقبلية وهو الشئ الموجود فعلا على أرض الواقع مع الأخذ في الاعتبار أن الكثيرين منهم أبلوا بلاء حسنا في الجبهات ولكن يظل فكرهم عائقا أحيانا في التواصل بينهم وبين الناس؟
ليبيا دولة مسلمة وأغلبية الليبيين قاوموا المقبور القذافي ونظامه من أجل بناء دولة ديمقراطية مدنية،والإسلام هوية الشعب الليبي وهوية كل الشعوب العربية والإسلامية،ومحاولة خلق صدام مع هويات الشعوب أمر لن يؤدي إلا إلى الفشل،والهوية لا تعني برنامجا سياسيا دينيا، فذلك مشروع برنامج سياسي مثل غيره من المشاريع السياسية التي من حق الجميع طرحها على الشعب الذي له القرار عبر صندوق الانتخابات،أما التيار الجهادي الذي يريد استخدام السلاح أو اللجوء العنف من أجل فرض برنامج سياسي أو ديني معين فلا مكان له في ليبيا المستقبل،من حق الجميع الإيمان والدعوة لما يريدون من أفكار ولكن عبر الالتزام بالإطار الديمقراطي وعبر الاحتكام للشعب واختيار الشعب وبدون استخدام العنف أو التهديد به.
هل سيستوعب الليبيون اللعبة الديمقراطية بسهولة لأن هناك شكوى يبديها البعض حول تعنت الليبيين في الحوار وافتقادهم لأساليبه والقبول بالرأي الآخر؟
الليبيون يمكن أن يستوعبوا اللعبة الديمقراطية مثلهم مثل غيرهم ولكن هذا الأمر يحتاج تدريبا وممارسة وتثقيفا، فلا يمكن أن يأتي ذلك بين عشية أو ضحاها،غياب ثقافة الحوار وغياب الفهم الكافي للثقافة الديمقراطية والعزلة التي عاشها الليبيون خلال العقود الماضية تجعلنا في حاجة إلى وقت لاستيعاب التجربة الديمقراطية، ولكن الليبيون بطبيعتهم سريعو التعلم وموقع ليبيا الجغرافي القريب من أوروبا سيسهل التواصل والاطلاع على تجربة الديمقراطية في أوروبا،نعم هناك بعض العادات الليبية التي تحتاج إلى معالجة مثل التمسك بالرأي والمسارعة في الهجوم على الآخر وتغليب العاطفة على العقل في بعض الأحيان،لكن هناك عادات سيئة من إرث النظام السابق مثل غياب الثقة والتشكك الزائد والأنانية و الجهوية والقبلية والفساد وهي عادات يمكن التخلص منها ببعض الصبر والانفتاح والاستقرار.
يتخوف كثير من النشطاء والمطلعين على قضايا الشأن العام في ليبيا من لعب الأمم المتحدة دور المستشار القانوني والأخلاقي للمجلس والحكومة.. كيف يمكن إزالة هذه التخوفات التي مبعثها أن يكون هناك استعمار حديث لليبيا؟
الأمم المتحدة لا يمكن أن تتدخل في دولة إلا في حالة طلب الدولة للمساعدة أو فشلها في إدارة الشؤون الأساسية وخدمة شعبها وحفظ الأمن،والأمر في يد الليبيين في أن يقوموا باللازم ويهتموا بتقوية مؤسساتهم وحل مشاكلهم وتحديد المجالات التي يمكن للعالم أن يساعدهم فيها ويضعوا الخطط التي تساعد على ذلك،إذا لا تعرف أنت ما تريد وما تحتاج سيقترح عليك الآخرون.
أم عمر- لواء
-
عدد المشاركات : 2247
العمر : 52
رقم العضوية : 9265
قوة التقييم : 10
تاريخ التسجيل : 31/12/2011
رد: فضيل الأمين : المجلس فشل في إكتساب ثقة الثوار
-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~
amol- مستشار
-
عدد المشاركات : 36762
العمر : 43
رقم العضوية : 2742
قوة التقييم : 9
تاريخ التسجيل : 14/08/2010
رد: فضيل الأمين : المجلس فشل في إكتساب ثقة الثوار
شكرا للمتابعة والمرور الكريم.
أم عمر- لواء
-
عدد المشاركات : 2247
العمر : 52
رقم العضوية : 9265
قوة التقييم : 10
تاريخ التسجيل : 31/12/2011
مواضيع مماثلة
» فضيل الأمين: ليس مستبعدا أن يكون أعضاء المحكمة أرادو تهريب
» فضيل الأمين: أسلحة ثقيلة وصواريخ غراد في أيدي المسلحين
» نداء من المجلس الوطني الانتقالي إلى الثوار
» الحاجي: هذا المجلس قلل من شأن وقيمة الثوار والثورة
» مساعده المجلس تخيب أمال الجرحى من الثوار
» فضيل الأمين: أسلحة ثقيلة وصواريخ غراد في أيدي المسلحين
» نداء من المجلس الوطني الانتقالي إلى الثوار
» الحاجي: هذا المجلس قلل من شأن وقيمة الثوار والثورة
» مساعده المجلس تخيب أمال الجرحى من الثوار
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
اليوم في 8:56 am من طرف STAR
» مخمورا حافي القدمين يجوب الشوارع.. لماذا ترك أدريانو الرفاهية والنجومية في أوروبا وعاد إلى
اليوم في 8:42 am من طرف STAR
» نصائح يجب اتباعها منعا للحوادث عند تعطل فرامل السيارة بشكل مفاجئ
اليوم في 8:37 am من طرف STAR
» طريقة اعداد معكرونة باللبن
اليوم في 8:36 am من طرف STAR
» الصلاة علي رسول الله+الاستغفار+ذكر الشهادة+كفارة المجلس
اليوم في 8:34 am من طرف STAR
» مشاركة شعرية
أمس في 12:28 pm من طرف محمد0
» لو نسيت الباسورد.. 5 طرق لفتح هاتف أندرويد مقفل بدون فقدان البيانات
2024-11-03, 9:24 am من طرف STAR
» عواقب صحية خطيرة للجلوس الطويل
2024-11-03, 9:23 am من طرف STAR
» صلاح يقترب من هالاند.. ترتيب قائمة هدافي الدوري الإنجليزي
2024-11-03, 9:23 am من طرف STAR
» زلزال يضرب شرق طهران وسط تحذيرات للسكان
2024-11-03, 9:22 am من طرف STAR
» أحدث إصدار.. ماذا تقدم هيونداي اينيشم 2026 الرياضية ؟
2024-11-03, 9:21 am من طرف STAR
» بانكوك وجهة سياحية تايلاندية تجمع بين الثقافة والترفيه
2024-11-03, 9:21 am من طرف STAR
» مناسبة للأجواء الشتوية.. طريقة عمل كعكة التفاح والقرفة
2024-11-03, 9:20 am من طرف STAR
» صلى عليك الله
2024-10-30, 12:39 pm من طرف dude333
» 5 جزر خالية من السيارات
2024-10-26, 9:02 am من طرف STAR