البناء الجديد لنقابة المعلمين

من طرف **زهرة اللوتس** 2012-02-21, 11:49 am

البناء الجديد لنقابة المعلمين
بقلم/ ونيس مختار
بعدما تم تفريغها من مهامها خلفت فراغاً مهنياً كبيراً وشاسعاً حتى أصبحت نقابة المعلمين هيكلاً موجوداً لا حياة للمهنة فيه... مرت سنوات فقد فيها المعلم الأمل في كيانه... لدرجة أنه كره أن يذكر اسمه على لسانه، وهناك الكثير من المعلمين لجؤوا بقضاياهم المهنية إلى جهات أخرى لوضع حلول لها، وكاد يكون هذا الكيان نسياً منسياً لولا النبض المهني الموروث في قلوب من لديهم انتماء يسري في عروقهم الحب المهني وتأثرهم بنضال المعلمين الأوائل الذين وضعوا أساس هذا الكيان على أرضية من نار ولولاهم ما كان للمعلم نقابة... وناضلوا وحاربوا ودافعوا بشتى الطرق السلمية من أجل مطلبهم المهني في فترات كانت السلطة للاحتلال الإيطالي وبعدها الإدارة الإنجليزية ومن ثم العهد الملكي... كل هذه الأنظمة تصدت ورفضت أن تكون للمعلمين نقابة تجمع شملهم وتنظم حالهم وتدافع عن حقوقهم وتحميهم من الظلم الإداري، وتسعى للارتقاء بكفاءاتهم المهنية وتطويرها وتحسين أوضاعهم الاجتماعية... واستمر إصرار المعلمين على مطلبهم رغم تعرضهم لأشكال التنكيل والإرهاب والمتابعة البوليسية والحبس والنفي وما ترتب عليها من معاناة مؤلمة للمعلمين في مهنتهم أثناء تأدية عملهم... إلا أن موقف المعلمين زادهم إيماناً وحباً وتعلقاً وترابطاً مهنياً، فكان الإبداع والتطوع في نشر التعليم بالمجان لإثبات صدق وطنيتهم وانتمائهم المهني.
ومع بداية حكم الإدارة العسكرية 1969م تمت الموافقة على طلب المعلمين باعتماد وإشهار نقابتهم كسباً لتأييدهم ورداً للجميل كان المعلم من الأسباب الرئيسية لنجاح وسيطرة نفوذ هذا النظام العسكري على الإدارة المدنية حيث قاد المعلمون العديد من المناصب الإدارية والسياسية والمهام الشعبية بضع سنين وبعدها بدأت ظواهر الاستبداد من خلال مستجدات ومتغيرات في المنهج المهني للنقابة فرضها النظام الحاكم اختلط فيه العمل المهني النقابي بمهام بعيدة عن المهنة كلفت بها النقابة تخدم أغراض النظام الحاكم وتوجهاته وكانت سببا في إجهاض العمل المهني وتفريغ النقابة من مهامها التي تكونت من أجلها... وكانت سبباً أيضاً في عزوف المعلمين وقطع حبل التواصل بكيانهم وأصبحت المهنة خارجة عن سيطرة النقابة وانتشر التخلف المهني بين المعلمين... وتشابهت الأسباب والهدف واحد ما بين هذا النظام وأنظمة العهود السابقة من حيث الاستبداد والتحكم في المصير وقمع حرية الرأي، وأوقفت الأنشطة المهنية، والذي لم يتم إيقافه هو خصم الاشتراك السنوي لعضوية النقابة من مرتبات المعلم... ولا اعتبار ولا حساب ولا حضور للنقابة في مسيرة التعليم وأصبح مصير المعلم معلقا على هامش التعليم والنقابة قائمة مع وقف التنفيذ لأسباب خارجة على الإرادة، وظلت النقابة ومن يقودها مغلوبة على أمرها إلى أن شاءت الأقدار لمشيئة المعلم وإنصافاً لحق المهنة قام الشعب بثورته يوم 17 فبراير 2011م ونفخت الروح في هيكل النقابة لتعود إليها الحياة... فنهضت ونفضت الغبار الذي تراكم عليها وخرجت من ظلمة وضيق الممر وكسر حاجز الخوف والخلاص من التبعية لتعود النقابة إلى ممارسة نشاطها بحرية واستقلالية تامة كحق مهني مقدس لا حياة للنقابة بدونه.
الآن النقابة أصبحت محررة وآمنة بين يدي المعلمين برئاسة اللجنة القيادية لنقابة المعلمين الموقرة، استلمها المعلمون بحملها الموروث الثقيل والذي يحتاج إلى وقت طويل لتطهير أذهان المعلمين وساحة التعليم والمهنة منه... وهذا لا يخفى على اللجنة القيادية على رأس نقابة المعلمين وهي تسعى في بناء المحتوى النقابي الجديد بوضع البرامج الاختصاصية المشروعة وتعلن عن استقلالها للتخلص من التبعية التي أضعفت من شأنها وإعداد قانونها ولوائح لحمايتها ويعيد الثقة في نفوس المعلمين وتطمئن قلوبهم بقدرة وقوة نقابتهم.
ولكي تتسع رقعة الاتصال مع المعلمين لابد أن يكون لكل مدرسة مقعد دائم بالنقابة يمثله مندوب يتم انتخابه من بين المعلمين بشروط عن كل مدرسة ومن هؤلاء المندوبين يتكون المؤتمر الوطني المهني لنقابة المعلمين برئاسة اللجنة القيادية للنقابة، كل ما يخص مطالب المعلمين أو مهنتهم يبدأ من المدرسة وترفع إلى المؤتمر الوطني عن طريق المندوب، وعندما تنتهي مرحلة البناء يتم انتخاب أعضاء اللجنة القيادية الجديدة للنقابة من بين أعضاء المؤتمر الوطني ويصبح هذا الإجراء من الثوابت الرئيسية في كيان النقابة... ولكي نضمن سلامة البناء لابد أن تحتوي الهيكلة للنقابة على ثوابت أساسية تعود على المعلم بالفائدة.. منها على سبيل المثال:ـ
* مكتب القضايا المهنية والدفاع عن حقوق الأعضاء وتطهيرها من المخالفات التي تسيء إلى المهنة.
* مكتب البرامج التدريبية والبرامج التوعوية والتثقيفية وإعداد المؤتمرات المهنية والتربوية.
* مكتب الإعلام المهني: المسموع ـ المقروء ـ المرئي ـ وطباعة المؤلفات.
* مكتب للمناشط الرياضية والفنية والترفيهية.
* مكتب للمتقاعدين من المعلمين يرعى شؤونهم والاستفادة من آرائهم وخبرتهم التربوية والتعليمية والمهنية.
* مكتب للاستثمارات المالية وما يستقطع من رواتب المعلمين سنوياً.
* مكتب يمثل نقابة المعلمين بالتعليم ويكون نقطة الوصل والاتصال بين النقابة والتعليم.
* أشياء لابد من النظر فيها بعين الأهمية وعمق المهنة:ـ
1) إعادة النظر في ظاهرة تكريم المعلمين السنوية إما بإلغائه أو بشروط تطابق المطلوب المهني.
2) إعادة النظر في تعيين المعلمين بالتعليم على أنه لا يتم إلا بموافقة النقابة.
3) عمل مسح شامل للمعلمين بالتعاون مع التعليم لمعرفة الذين يعملون والذين لا يعملون وهم على قوة التعليم.
4) إعادة النظر في المدارس الخاصة وما أدراك ما المدارس الخاصة من حيث صلاحية محتواها وتطابق الشروط.
* نقابة المعلمين اليوم غير الأمس فهي الآن الكفة الثانية في ميزان التعليم وتمثل القوة للمعلمين في المهنية لابد أن يكون لها حضور وتواجد بالتعليم بآرائها وملاحظاتها والاستماع إليها بعين الأهمية والاعتبار، وهذا ما يجب تأكيده وتثبيته وأن يجد طريقه للتنفيذ... والله الموفق.