إعلانات المنتدي
المواضيع الأخيرة
بحـث
ماثيو ميلان: لقد غيَّر المهدي زيو حياتي
3 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
ماثيو ميلان: لقد غيَّر المهدي زيو حياتي
ماثيو ميلان: لقد غيَّر المهدي زيو حياتي
عزيزي القارئ.....في هذا العدد من صحيفة رؤية سنكشف لكم النقاب عن مخرج أمريكي كان يعيش في بلاده, و عندما قرأ عن الشهيد المهدي زيو في مقال صغير، استغرب من فعله, و قرر القدوم إلى بنغازي ليفهم ما الذي يجعلُ مهندساً يعملُ في شركة نفطية, و بمرتب ممتاز, و ربُّ عائلة تصفه بأنّه كان حنوناً معها, يُقْدِمُ على التضحية بنفسه؟!. فإذا به يصنع فيلماً, أقلَّ ما أقوله عنه أنّه أكثر من رائع, و لنْ أطيل عليك عزيزي القارئ....فسأترك المجال له ليعرفك عن نفسه, و ليحكي قصته.
اسمي ماثيو ميلان... و أنا مخرج أفلام وثائقية من لوس انجليس كاليفورنيا. و قد دخلت لليبيا لأول مرة في أبريل الماضي, بعد أنْ سمعت عنها من صديق ليبي لي كان يعيش خارج بنغازي, لمدة طويلة من الزمن, و كان يريد العودة إلى ليبيا خلال الثورة. و قد طلب منّي الحضور معه, كنتُ حينها قد قرأتُ عن المهدي زيو في مقال صغير جداً, لا يتجاوزُ عدة أسطر. فقررتُ أنْ أعرف أكثر عن هذه القصة, لأنّها بحقِ قصة مؤثرة. و لم يكن هناك في الإعلام حديثُ عنها سوى تلك الأسطر في مقال مقتضب قرأته.
ففي الخامس عشر من مارس من العام الحالي, ذهبتُ لزيارة أخي في لاس فيغاس, و بينما كنتُ أقود السيارة لأصل إلي منزله, خلال ثلاث ساعات – من السفر من مدينتي إلى مدينة أخي- كنتُ أفكر. هل أذهب إلى ليبيا أم لا؟؟!!!....ربما يجب أنْ أذهب أم لا؟؟!!!!.
دخلتُ لبيت أخي الذي كان يقيمُ حفلةَ خُطُوبته.....نظرتُ حولي..... فوجدتُ أناساً مفصولين عنِ الواقع.....يضيعون أوقاتهم و أعمارهم في التفاهات...بينما هناك أناس آخرون يناضلون و يكافحون بشكلٍّ سلمي لينالوا حريتهم, فوجدوا أنفسهم مرغمين على القتال لردع القذافي و أعوانه. بعد أنْ دارت هذه المقارنة في ذهني وجدتُ نفسي متوجهاً نحو أخي, قائلاً له: " أخي العزيز.....خطيبتك جميلة جداً....أتمنى لك زواجاً سعيداً.... و لكنني سأذهب إلى ليبيا".
فأجاب بعد أنْ بدا مصدوماً:" لماذا يا أخي؟؟!! ....لماذا؟؟!!".
ثُمَّ فكر قليلاً و أضاف: " حسناً....افعل ما تريده.... و لكنْ عليك العودة في يونيو لحضور زفافي". ثُمَّ بدأتُ أفكر في كيفية الوصول إلى بنغازي, و أنا لا أعلم شيئاً عنها إلا من حديث صديقي الذي حدثتكم عنه. ثمَّ أُقرَّ حظرُ الطيران, و رأيتُ في التلفاز الطائرات الفرنسية و هي تقصف جحافل القذافي على مقربة منْ بنغازي, بعدها بثلاثة أسابيع - بطريقة ما أو بأخرى- وجدتُ نفسي على الحدود الشرقية لليبيا, و ما يفصلني عنها هو مجرد ثلاث أو أربع ساعات. كنتُ قبل دخولي لليبيا متوتراً جداً, فلم أكن أعلم شكلها, أو كيف سيعاملني أهلها.
و الغريب في الأمر هو أني عندما دخلتُ لليبيا كان دخولي مساءً, فأوَّل صورة في ذهني عن ليبيا هي صورة مصفاة طبرق، لقد أمضيتُ ليلتي الأولى هناك. إنَّها حقاً رائعة، الحلاقون يعملون طوال الليل، و قد رأيت بعيني في المدينة أنّ أحد المباني كان محترقاً, لأنَّه كان يتبع لجهة أمنية، كما أخبروني هناك, بينما إلى جانبه مصرف لم يُمس بأي أذى, و هذا ما زاد استغرابي!!...
كيف لم يستغل أحد هذا الانفلات الأمني لمصلحته الشخصية!!, و كانت هذه هي الحال كما شاهدتها في المدن التي مررتُ بها حتى وصولي لبنغازي, و لم يختلف الأمر كذلك في بنغازي, لم يتم اقتحام أو تخريب أي بنك أو محل أو حتى صناديق سحب النقود في الشارع (ATMs), إنّه لأمر عجيب فعلاً!!؟؟.
فقد رأيت أنّ إحساس المواطنة بين النّاس عالٍ جداً. لقد كنتُ في ساحة المحكمة عند انفجار السيارة المفخخة هناك، لقد ذهبتُ إلى اجدابيا.... إلى البوابة الغربية..... التي كانت في بداية شهر مايو هي البوابة الأمامية لخط النار, لقد رأيتُ كل بقايا مركبات جيش القذافي التي دمرتها الطائرات الفرنسية, و العجيب أنّها لم تُصِبِ الطريق بأيِّ أذى.
ثُمّ بدأت بعدها في إجراء أبحاث عن الأيام الأولى للثورة، كنتُ أريد طبعاً أنْ يكون المهدي زيو هو موضوع فيلمي القصير الذي عنوانه(We WIN or We DIE - نحن ننتصر أو نموت), و لكنِّي لم أكنْ أعلم كيف سيكون في نهاية الأمر. لهذا قابلتُ شخصاً يدعى فوزي في مصر والذي ظهر في الفيلم, فهو مهندس, و يروي الحقائق و لا يبالغ فيها. فلا داعي للمبالغة في عدد القتلى, فموت أيّ شخصٍ هو مأساة بحدِّ ذاته.
و فوزي هو أحد شهود العيان لِمَا كان يحدثُ في الكتيبة, لقد كان يراقبها من مسافة قريبة من على عمارة في حي الكيش, و رأى كل ما كان يحدثُ هناك. و كذلك هناك توفيق – و الذي يظهر في الفيلم أيضاً- الذي كان مختبئاً خلف بوابة كبيرة, يلتقط صوراً لما يفعله جنود القذافي, و لما يحدث بواسطة هاتفه النقّال. و أخيراً هناك إبراهيم العنيزي الذي كان خلف الجدار مباشرة, يرمي بالصخور و (الجيلاطينة) داخل الكتيبة. هؤلاء هم الثلاثة أشخاص الذين أردتهم أنْ يروُوا ما حدث. فتوفيق كان هناك منذ البداية, حينما دخلت السيارات الأمنية في وسط المدينة لتفرق المتظاهرين, و عندما نزلت القبعات الصفر في وسط المدينة أيضاً.
و قد تحصلتُ على العديد من المقاطع و الصور من قناة ليبيا الأحرار, و كذلك فعل كلٌّ من إبراهيم و فوزي و توفيق. وهناك صديقي عبدو الذي كان قد تربى في صغره مع المهدي زيو. كان هو من تعرَّف على المهدي زيو بعد التفجير, لأنّه كان يعرفه جيداً. فأخذني إلى بنات الشهيد, و صورنا معهن لقاءً, كان لقاء مؤثراً جداً.... كلنا كانت أعيننا مليئة بالدموع. و قد وجدتُ نفسي محرجاً جداً حينها, لأنني كمخرج يجب عليَّ متابعة اللقاء لمعرفة تفاصيل أكثر, و لكنَّي لا أريد للفتيات أنْ يبكين. بكل صراحة......لقد كان موقفاً صعباً للغاية.
لقد شاهدتُ العديد من الأفلام الوثائقية عن بنغازي, أحدها كان عن الشهيد محمد نبوس, وقد كان رائعاً جداً. و لكنِّي شاهدتُ أفلاماً أخرى كانت تتحدثُ عن الثورة بالكامل, و هي أفلام تصلحُ لتُعْرَضَ في قنوات تاريخية أو وثائقية, و لكنها ليستْ ما كنتُ أصبو إليه, لأنَّني كنتُ أرغب أنْ يكون فيلمي عن المهدي زيو بطريقة أخرى, أردته أنْ يلامس المشاعر و الأحاسيس, لأنَّني عندما عشتُ في ليبيا أحسست بشعور كنتُ أود نقله لمن لم يعشه هنا.
كانت فكرتي بعد أنْ تناقشتُ مع أحد أصدقائي في أمريكا, و الذي يعمل مخرجاً محترفاً - و كان قد حصل على العديد من الجوائز سابقاً- أنْ يكون محور الفيلم " المهدي زيو في مواجهة الكتيبة". لأنّ ما فعله المهدي زيو فجَّر عدة أسئلة في داخلي, فشخصية المنتحر لا تنطبق عليه, فهو فعل ما فعل بطريقة إيجابية, هو فعلها لأنّه تَعِبَ من رؤية النَّاس و هي تموتُ أمام أسوار الكتيبة. فهو يسكن بالقرب منها, و يرى ما يحدُثُ يوماً بيوم. و فكر أنّه يجب فتح الكتيبة, يجب كسر هذا الحاجز. و كما يقول أحد الشبان في الفيلم:" لو تقدمنا باتجاه الكتيبة سنقتل...و لو تأخرنا للخلف سنقتل اليوم أو غداً... لهذا من الأفضل أنْ نتقدم للأمام". و هذا ذكرني بمثل سائد لدينا نحن في الغرب الأمريكي، و الذي يقول: " مُتْ و الحذاءُ في قدميك" – و الذي يعني أنَّه إذا كان علينا الموت, فلنكن مستعدين.
و هذا يعني أنَّ الناس في كلِّ أنحاء العالم لديهم نفس المعادلة في أذهانهم, فلا فرق بين الليبي هنا و الأمريكي هناك. و هناك سبب آخر لعمل هذا الفيلم, و هو أنّ المهدي زيو هو بطلٌ في نظري. فتضحيته بنفسه سرَّعت بسقوط الكتيبة, و تحرير بنغازي. و ما يستحقه من الليبيين أنْ يذكروه دائماً, و أنْ يعيشوا حياتهم و المهدي زيو قدوة لهم في ليبيا الحرة.
و بصراحة, أنا أنتقد أعمالي دائماً, و لكن عندما أشاهد هذا الفيلم تحديداً......لا أصدِّق أنَّني من قام بصنعه, فأنا معجب جداً بما فعلتُ, فأنا كنتُ محظوظاً.
و برأيي ما يحدثُ للمجتمع الليبي الآن هو أشبه بما يحدثُ – و الذي يعلمه الفيزيائيون أكثر من غيرهم - بعد انفجار النجم, و انتشار غبار السديم الذي حدث, و هو المتمثل حالياً في عدد القتلى و الجرحى و أوضاع البلاد المضطربة. فبعد كلَّ هذا سيبزغ نجم جديد, يشع نوراً و تألقاً.
و كان فيلمي هذا هو مجرد البداية، فقد راودتني فكرة عندما زُرْتُ شحات و رأيتُ آثارها التاريخية. خطرتْ في بالي فكرة إقامة مهرجانٍ موسيقي في ليبيا، بحيثُ يرى العالم مدى حضارة الشعب الليبي. لأنّ معظم الغربيين ممنْ شاهدتُ و قابلتُ- و خصوصاً في هوليوود- لا يدرون ما يحدثُ في ليبيا. و لا يعلمون شيئاً عن طيبة الشعب الليبي و كرمه و حُسنِ ضيافته، و كيف أنَّه شعبٌ لديه حضارة و موسيقا خاصة به.
لهذا فكرّتُ..... أليس رائعاً أنْ ينتهي عرض الفيلم بمهرجان موسيقي في ليبيا!!, و أليس رائعاً لليبيين أنْ يكون لديهم مهرجان موسيقي؟؟!!. لهذا كانت الفكرة أنْ يكون عرض الفيلم و المهرجان في آثار شحات، ثُمَّ وجدنا أنّه من المستحيل أنْ يُقام هناك، لعدم وجود فنادق كثيرة تكفي المدعوين، ولأنّ شحات تبعد عن بنغازي بمسافة تصل إلى ساعتين و نصف تقريباً، فسيكون الوضع صعباً جداً على المدعوين.
ثُمَّ فكرنا منْ جديد..... فنحن لدينا موقع الكتيبة في ساحة الكيش، و هو مكان يتسع ربما لأكثر منْ مئة ألف شخص، لقد قام القذافي – و هو لا يدري - ببناء مسرح رائع، على مساحة كبيرة و هي مفتوحة لنا الآن.
و الآن هذه الفكرة لم تعد فكرتي، بل هي للجميع. و أصبح الناس هنا يتحدثون عن المهرجان، و تمَّ تشكيل عدة فرق تقوم حالياً بالإعداد له. و تمّ تحديد موعد هذا المهرجان يوم 20-02-2012 و سيحضره حوالي 250 ألف متفرج في ساحة الكيش، ليكون يوم وفاة المهدي زيو و سقوط الكتيبة. بعد عام بالضبط سيقام مهرجانٌ في المكان الذي بدأتْ منه الثورة.
وسيكون هناك فرق غنائية عصرية و تقليدية من كل أنحاء ليبيا، لأنّها رائعة حقاً، و ليستمتع كل الليبيين بتراثهم الجميل، و سنسعى لتكون هناك بعض الفرق من الدول العربية و الأوربية. و سيتم بثه مباشرة لكلِّ العالم، ليعلم العالم ما هي حقيقة الليبيين. و نحن نسعى حالياً لتمويل هذا الحفل، و أبدتْ العديد من المنظمات المحلية و العالمية دعمها لمشروعنا، و قد أنشأنا صفحة على الفيس بوك تحت عنوان مهرجان الحرية.
عزيزي القارئ.....في هذا العدد من صحيفة رؤية سنكشف لكم النقاب عن مخرج أمريكي كان يعيش في بلاده, و عندما قرأ عن الشهيد المهدي زيو في مقال صغير، استغرب من فعله, و قرر القدوم إلى بنغازي ليفهم ما الذي يجعلُ مهندساً يعملُ في شركة نفطية, و بمرتب ممتاز, و ربُّ عائلة تصفه بأنّه كان حنوناً معها, يُقْدِمُ على التضحية بنفسه؟!. فإذا به يصنع فيلماً, أقلَّ ما أقوله عنه أنّه أكثر من رائع, و لنْ أطيل عليك عزيزي القارئ....فسأترك المجال له ليعرفك عن نفسه, و ليحكي قصته.
اسمي ماثيو ميلان... و أنا مخرج أفلام وثائقية من لوس انجليس كاليفورنيا. و قد دخلت لليبيا لأول مرة في أبريل الماضي, بعد أنْ سمعت عنها من صديق ليبي لي كان يعيش خارج بنغازي, لمدة طويلة من الزمن, و كان يريد العودة إلى ليبيا خلال الثورة. و قد طلب منّي الحضور معه, كنتُ حينها قد قرأتُ عن المهدي زيو في مقال صغير جداً, لا يتجاوزُ عدة أسطر. فقررتُ أنْ أعرف أكثر عن هذه القصة, لأنّها بحقِ قصة مؤثرة. و لم يكن هناك في الإعلام حديثُ عنها سوى تلك الأسطر في مقال مقتضب قرأته.
ففي الخامس عشر من مارس من العام الحالي, ذهبتُ لزيارة أخي في لاس فيغاس, و بينما كنتُ أقود السيارة لأصل إلي منزله, خلال ثلاث ساعات – من السفر من مدينتي إلى مدينة أخي- كنتُ أفكر. هل أذهب إلى ليبيا أم لا؟؟!!!....ربما يجب أنْ أذهب أم لا؟؟!!!!.
دخلتُ لبيت أخي الذي كان يقيمُ حفلةَ خُطُوبته.....نظرتُ حولي..... فوجدتُ أناساً مفصولين عنِ الواقع.....يضيعون أوقاتهم و أعمارهم في التفاهات...بينما هناك أناس آخرون يناضلون و يكافحون بشكلٍّ سلمي لينالوا حريتهم, فوجدوا أنفسهم مرغمين على القتال لردع القذافي و أعوانه. بعد أنْ دارت هذه المقارنة في ذهني وجدتُ نفسي متوجهاً نحو أخي, قائلاً له: " أخي العزيز.....خطيبتك جميلة جداً....أتمنى لك زواجاً سعيداً.... و لكنني سأذهب إلى ليبيا".
فأجاب بعد أنْ بدا مصدوماً:" لماذا يا أخي؟؟!! ....لماذا؟؟!!".
ثُمَّ فكر قليلاً و أضاف: " حسناً....افعل ما تريده.... و لكنْ عليك العودة في يونيو لحضور زفافي". ثُمَّ بدأتُ أفكر في كيفية الوصول إلى بنغازي, و أنا لا أعلم شيئاً عنها إلا من حديث صديقي الذي حدثتكم عنه. ثمَّ أُقرَّ حظرُ الطيران, و رأيتُ في التلفاز الطائرات الفرنسية و هي تقصف جحافل القذافي على مقربة منْ بنغازي, بعدها بثلاثة أسابيع - بطريقة ما أو بأخرى- وجدتُ نفسي على الحدود الشرقية لليبيا, و ما يفصلني عنها هو مجرد ثلاث أو أربع ساعات. كنتُ قبل دخولي لليبيا متوتراً جداً, فلم أكن أعلم شكلها, أو كيف سيعاملني أهلها.
و الغريب في الأمر هو أني عندما دخلتُ لليبيا كان دخولي مساءً, فأوَّل صورة في ذهني عن ليبيا هي صورة مصفاة طبرق، لقد أمضيتُ ليلتي الأولى هناك. إنَّها حقاً رائعة، الحلاقون يعملون طوال الليل، و قد رأيت بعيني في المدينة أنّ أحد المباني كان محترقاً, لأنَّه كان يتبع لجهة أمنية، كما أخبروني هناك, بينما إلى جانبه مصرف لم يُمس بأي أذى, و هذا ما زاد استغرابي!!...
كيف لم يستغل أحد هذا الانفلات الأمني لمصلحته الشخصية!!, و كانت هذه هي الحال كما شاهدتها في المدن التي مررتُ بها حتى وصولي لبنغازي, و لم يختلف الأمر كذلك في بنغازي, لم يتم اقتحام أو تخريب أي بنك أو محل أو حتى صناديق سحب النقود في الشارع (ATMs), إنّه لأمر عجيب فعلاً!!؟؟.
فقد رأيت أنّ إحساس المواطنة بين النّاس عالٍ جداً. لقد كنتُ في ساحة المحكمة عند انفجار السيارة المفخخة هناك، لقد ذهبتُ إلى اجدابيا.... إلى البوابة الغربية..... التي كانت في بداية شهر مايو هي البوابة الأمامية لخط النار, لقد رأيتُ كل بقايا مركبات جيش القذافي التي دمرتها الطائرات الفرنسية, و العجيب أنّها لم تُصِبِ الطريق بأيِّ أذى.
ثُمّ بدأت بعدها في إجراء أبحاث عن الأيام الأولى للثورة، كنتُ أريد طبعاً أنْ يكون المهدي زيو هو موضوع فيلمي القصير الذي عنوانه(We WIN or We DIE - نحن ننتصر أو نموت), و لكنِّي لم أكنْ أعلم كيف سيكون في نهاية الأمر. لهذا قابلتُ شخصاً يدعى فوزي في مصر والذي ظهر في الفيلم, فهو مهندس, و يروي الحقائق و لا يبالغ فيها. فلا داعي للمبالغة في عدد القتلى, فموت أيّ شخصٍ هو مأساة بحدِّ ذاته.
و فوزي هو أحد شهود العيان لِمَا كان يحدثُ في الكتيبة, لقد كان يراقبها من مسافة قريبة من على عمارة في حي الكيش, و رأى كل ما كان يحدثُ هناك. و كذلك هناك توفيق – و الذي يظهر في الفيلم أيضاً- الذي كان مختبئاً خلف بوابة كبيرة, يلتقط صوراً لما يفعله جنود القذافي, و لما يحدث بواسطة هاتفه النقّال. و أخيراً هناك إبراهيم العنيزي الذي كان خلف الجدار مباشرة, يرمي بالصخور و (الجيلاطينة) داخل الكتيبة. هؤلاء هم الثلاثة أشخاص الذين أردتهم أنْ يروُوا ما حدث. فتوفيق كان هناك منذ البداية, حينما دخلت السيارات الأمنية في وسط المدينة لتفرق المتظاهرين, و عندما نزلت القبعات الصفر في وسط المدينة أيضاً.
و قد تحصلتُ على العديد من المقاطع و الصور من قناة ليبيا الأحرار, و كذلك فعل كلٌّ من إبراهيم و فوزي و توفيق. وهناك صديقي عبدو الذي كان قد تربى في صغره مع المهدي زيو. كان هو من تعرَّف على المهدي زيو بعد التفجير, لأنّه كان يعرفه جيداً. فأخذني إلى بنات الشهيد, و صورنا معهن لقاءً, كان لقاء مؤثراً جداً.... كلنا كانت أعيننا مليئة بالدموع. و قد وجدتُ نفسي محرجاً جداً حينها, لأنني كمخرج يجب عليَّ متابعة اللقاء لمعرفة تفاصيل أكثر, و لكنَّي لا أريد للفتيات أنْ يبكين. بكل صراحة......لقد كان موقفاً صعباً للغاية.
لقد شاهدتُ العديد من الأفلام الوثائقية عن بنغازي, أحدها كان عن الشهيد محمد نبوس, وقد كان رائعاً جداً. و لكنِّي شاهدتُ أفلاماً أخرى كانت تتحدثُ عن الثورة بالكامل, و هي أفلام تصلحُ لتُعْرَضَ في قنوات تاريخية أو وثائقية, و لكنها ليستْ ما كنتُ أصبو إليه, لأنَّني كنتُ أرغب أنْ يكون فيلمي عن المهدي زيو بطريقة أخرى, أردته أنْ يلامس المشاعر و الأحاسيس, لأنَّني عندما عشتُ في ليبيا أحسست بشعور كنتُ أود نقله لمن لم يعشه هنا.
كانت فكرتي بعد أنْ تناقشتُ مع أحد أصدقائي في أمريكا, و الذي يعمل مخرجاً محترفاً - و كان قد حصل على العديد من الجوائز سابقاً- أنْ يكون محور الفيلم " المهدي زيو في مواجهة الكتيبة". لأنّ ما فعله المهدي زيو فجَّر عدة أسئلة في داخلي, فشخصية المنتحر لا تنطبق عليه, فهو فعل ما فعل بطريقة إيجابية, هو فعلها لأنّه تَعِبَ من رؤية النَّاس و هي تموتُ أمام أسوار الكتيبة. فهو يسكن بالقرب منها, و يرى ما يحدُثُ يوماً بيوم. و فكر أنّه يجب فتح الكتيبة, يجب كسر هذا الحاجز. و كما يقول أحد الشبان في الفيلم:" لو تقدمنا باتجاه الكتيبة سنقتل...و لو تأخرنا للخلف سنقتل اليوم أو غداً... لهذا من الأفضل أنْ نتقدم للأمام". و هذا ذكرني بمثل سائد لدينا نحن في الغرب الأمريكي، و الذي يقول: " مُتْ و الحذاءُ في قدميك" – و الذي يعني أنَّه إذا كان علينا الموت, فلنكن مستعدين.
و هذا يعني أنَّ الناس في كلِّ أنحاء العالم لديهم نفس المعادلة في أذهانهم, فلا فرق بين الليبي هنا و الأمريكي هناك. و هناك سبب آخر لعمل هذا الفيلم, و هو أنّ المهدي زيو هو بطلٌ في نظري. فتضحيته بنفسه سرَّعت بسقوط الكتيبة, و تحرير بنغازي. و ما يستحقه من الليبيين أنْ يذكروه دائماً, و أنْ يعيشوا حياتهم و المهدي زيو قدوة لهم في ليبيا الحرة.
و بصراحة, أنا أنتقد أعمالي دائماً, و لكن عندما أشاهد هذا الفيلم تحديداً......لا أصدِّق أنَّني من قام بصنعه, فأنا معجب جداً بما فعلتُ, فأنا كنتُ محظوظاً.
و برأيي ما يحدثُ للمجتمع الليبي الآن هو أشبه بما يحدثُ – و الذي يعلمه الفيزيائيون أكثر من غيرهم - بعد انفجار النجم, و انتشار غبار السديم الذي حدث, و هو المتمثل حالياً في عدد القتلى و الجرحى و أوضاع البلاد المضطربة. فبعد كلَّ هذا سيبزغ نجم جديد, يشع نوراً و تألقاً.
و كان فيلمي هذا هو مجرد البداية، فقد راودتني فكرة عندما زُرْتُ شحات و رأيتُ آثارها التاريخية. خطرتْ في بالي فكرة إقامة مهرجانٍ موسيقي في ليبيا، بحيثُ يرى العالم مدى حضارة الشعب الليبي. لأنّ معظم الغربيين ممنْ شاهدتُ و قابلتُ- و خصوصاً في هوليوود- لا يدرون ما يحدثُ في ليبيا. و لا يعلمون شيئاً عن طيبة الشعب الليبي و كرمه و حُسنِ ضيافته، و كيف أنَّه شعبٌ لديه حضارة و موسيقا خاصة به.
لهذا فكرّتُ..... أليس رائعاً أنْ ينتهي عرض الفيلم بمهرجان موسيقي في ليبيا!!, و أليس رائعاً لليبيين أنْ يكون لديهم مهرجان موسيقي؟؟!!. لهذا كانت الفكرة أنْ يكون عرض الفيلم و المهرجان في آثار شحات، ثُمَّ وجدنا أنّه من المستحيل أنْ يُقام هناك، لعدم وجود فنادق كثيرة تكفي المدعوين، ولأنّ شحات تبعد عن بنغازي بمسافة تصل إلى ساعتين و نصف تقريباً، فسيكون الوضع صعباً جداً على المدعوين.
ثُمَّ فكرنا منْ جديد..... فنحن لدينا موقع الكتيبة في ساحة الكيش، و هو مكان يتسع ربما لأكثر منْ مئة ألف شخص، لقد قام القذافي – و هو لا يدري - ببناء مسرح رائع، على مساحة كبيرة و هي مفتوحة لنا الآن.
و الآن هذه الفكرة لم تعد فكرتي، بل هي للجميع. و أصبح الناس هنا يتحدثون عن المهرجان، و تمَّ تشكيل عدة فرق تقوم حالياً بالإعداد له. و تمّ تحديد موعد هذا المهرجان يوم 20-02-2012 و سيحضره حوالي 250 ألف متفرج في ساحة الكيش، ليكون يوم وفاة المهدي زيو و سقوط الكتيبة. بعد عام بالضبط سيقام مهرجانٌ في المكان الذي بدأتْ منه الثورة.
وسيكون هناك فرق غنائية عصرية و تقليدية من كل أنحاء ليبيا، لأنّها رائعة حقاً، و ليستمتع كل الليبيين بتراثهم الجميل، و سنسعى لتكون هناك بعض الفرق من الدول العربية و الأوربية. و سيتم بثه مباشرة لكلِّ العالم، ليعلم العالم ما هي حقيقة الليبيين. و نحن نسعى حالياً لتمويل هذا الحفل، و أبدتْ العديد من المنظمات المحلية و العالمية دعمها لمشروعنا، و قد أنشأنا صفحة على الفيس بوك تحت عنوان مهرجان الحرية.
-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~
لحظة الوداع من أصعب اللحظات على البشر .. ولكن ما باليد حيله
وداعا ... لك ايها المنتدى الغالي..وداعا ... لكم يا أعضاء منتديات عيت ارفاد التميمي
وداعا ... لكل من اسعدته ..وداعا ... لكل من احزنته..وداعا ... لكل من أحبني
وداعا ... لكل من كرهني ..وداعا ... لكل من كنت ضيفا خفيفا عليه ..
وداعا ... لكل من كنت ضيفا ثقيلا عليه ..وداعا ... وكلي ألم لفراقكم
لأنكم أفضل من إستقبلني ..وداعا ... وكلي حزن لأنكم خير من شرفني
وداعا ... واجعلوا ايامي التي لم تعجبكم في طي النسيان ..فقط تذكروني بينكم!!
وداعا ... واستودعكــــــــــم الله الذي لا تضيع ودائـــــــــــــعه
اتمني لكم اوقات سعيد
واتمني التقدم لهذا المنتدى الرائع
وداعا ... لك ايها المنتدى الغالي..وداعا ... لكم يا أعضاء منتديات عيت ارفاد التميمي
وداعا ... لكل من اسعدته ..وداعا ... لكل من احزنته..وداعا ... لكل من أحبني
وداعا ... لكل من كرهني ..وداعا ... لكل من كنت ضيفا خفيفا عليه ..
وداعا ... لكل من كنت ضيفا ثقيلا عليه ..وداعا ... وكلي ألم لفراقكم
لأنكم أفضل من إستقبلني ..وداعا ... وكلي حزن لأنكم خير من شرفني
وداعا ... واجعلوا ايامي التي لم تعجبكم في طي النسيان ..فقط تذكروني بينكم!!
وداعا ... واستودعكــــــــــم الله الذي لا تضيع ودائـــــــــــــعه
اتمني لكم اوقات سعيد
واتمني التقدم لهذا المنتدى الرائع
زهرة اللوتس- إداري
-
عدد المشاركات : 124527
العمر : 42
رقم العضوية : 2346
قوة التقييم : 158
تاريخ التسجيل : 30/06/2010
رد: ماثيو ميلان: لقد غيَّر المهدي زيو حياتي
مقال أكثر من رائع
يزيدنا اعتزازا و فخرا بالمهدي زيو البطل
أسأل كل من تسول له نفسه تقسيم ليبيا
أن يذهب لمقابر الشهداء ليرى كم هم يرفضون ذلك
ربي ارحم شهدائنا و اغفر لهم ,, و ول أمورنا خيارنا و لا تول علينا شرارنا
يزيدنا اعتزازا و فخرا بالمهدي زيو البطل
أسأل كل من تسول له نفسه تقسيم ليبيا
أن يذهب لمقابر الشهداء ليرى كم هم يرفضون ذلك
ربي ارحم شهدائنا و اغفر لهم ,, و ول أمورنا خيارنا و لا تول علينا شرارنا
pure heart- فريق
-
عدد المشاركات : 3085
قوة التقييم : 17
تاريخ التسجيل : 29/10/2011
رد: ماثيو ميلان: لقد غيَّر المهدي زيو حياتي
أعجبني جدا المقال وأنا فخورة لأبعد الحدود بالشهيد زيو وكل شهداء ليبيا
فرح البلاد- مشير
-
عدد المشاركات : 5652
العمر : 51
رقم العضوية : 9798
قوة التقييم : 62
تاريخ التسجيل : 24/01/2012
رد: ماثيو ميلان: لقد غيَّر المهدي زيو حياتي
مشكورين للمتابعة..وفقكم الله
-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~
لحظة الوداع من أصعب اللحظات على البشر .. ولكن ما باليد حيله
وداعا ... لك ايها المنتدى الغالي..وداعا ... لكم يا أعضاء منتديات عيت ارفاد التميمي
وداعا ... لكل من اسعدته ..وداعا ... لكل من احزنته..وداعا ... لكل من أحبني
وداعا ... لكل من كرهني ..وداعا ... لكل من كنت ضيفا خفيفا عليه ..
وداعا ... لكل من كنت ضيفا ثقيلا عليه ..وداعا ... وكلي ألم لفراقكم
لأنكم أفضل من إستقبلني ..وداعا ... وكلي حزن لأنكم خير من شرفني
وداعا ... واجعلوا ايامي التي لم تعجبكم في طي النسيان ..فقط تذكروني بينكم!!
وداعا ... واستودعكــــــــــم الله الذي لا تضيع ودائـــــــــــــعه
اتمني لكم اوقات سعيد
واتمني التقدم لهذا المنتدى الرائع
وداعا ... لك ايها المنتدى الغالي..وداعا ... لكم يا أعضاء منتديات عيت ارفاد التميمي
وداعا ... لكل من اسعدته ..وداعا ... لكل من احزنته..وداعا ... لكل من أحبني
وداعا ... لكل من كرهني ..وداعا ... لكل من كنت ضيفا خفيفا عليه ..
وداعا ... لكل من كنت ضيفا ثقيلا عليه ..وداعا ... وكلي ألم لفراقكم
لأنكم أفضل من إستقبلني ..وداعا ... وكلي حزن لأنكم خير من شرفني
وداعا ... واجعلوا ايامي التي لم تعجبكم في طي النسيان ..فقط تذكروني بينكم!!
وداعا ... واستودعكــــــــــم الله الذي لا تضيع ودائـــــــــــــعه
اتمني لكم اوقات سعيد
واتمني التقدم لهذا المنتدى الرائع
زهرة اللوتس- إداري
-
عدد المشاركات : 124527
العمر : 42
رقم العضوية : 2346
قوة التقييم : 158
تاريخ التسجيل : 30/06/2010
مواضيع مماثلة
» تعادل ميلان ويوفنتوس بعد سقوط إنتر ميلان في كمين كييفو
» إنتر ميلان يفوزعلى ميلان 2/صفر
» وثائقى عن الشهيد المهدى زيو ( ننتصر أو نموت ) للمخرج ماثيو م
» إعصار "ماثيو" يجتاح فلوريدا ويهدد بأضرار "كارثية"
» شاهدوا لحظة اختراق طائرة ركاب للإعصار ماثيو
» إنتر ميلان يفوزعلى ميلان 2/صفر
» وثائقى عن الشهيد المهدى زيو ( ننتصر أو نموت ) للمخرج ماثيو م
» إعصار "ماثيو" يجتاح فلوريدا ويهدد بأضرار "كارثية"
» شاهدوا لحظة اختراق طائرة ركاب للإعصار ماثيو
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
2024-11-21, 8:36 am من طرف STAR
» ارخص غسالات ملابس
2024-11-18, 10:29 am من طرف محمدوعبدو
» "لسنا عيادة طبية".. رئيسة بالميراس البرازيلي تعلق بشأن التعاقد مع نيمار
2024-11-18, 7:49 am من طرف STAR
» لا تستخدم مياه "الحنفية" لتبريد محرك سيارتك.. إليك السبب
2024-11-18, 7:49 am من طرف STAR
» هل يطرد النوم "السموم من الدماغ"؟.. دراسة تكشف السر
2024-11-18, 7:48 am من طرف STAR
» لمستخدمي "ميتا" في أوروبا.. إليكم هذه الميزة الجديدة!
2024-11-18, 7:47 am من طرف STAR
» احرصوا على تهوية المنزل حتى في الطقس البارد!
2024-11-18, 7:47 am من طرف STAR
» العناية بالبشرة في فصل الخريف.. نصائح مهمة لذلك
2024-11-18, 7:46 am من طرف STAR
» الأرز الإسباني
2024-11-18, 7:45 am من طرف STAR
» عن مشاركة نيمار في مونديال الاندية.. هذا موقف الهلال
2024-11-16, 8:14 am من طرف STAR
» لضمان نوم هادئ ومريح.. تجنب 5 عادات
2024-11-16, 8:13 am من طرف STAR
» ترتيب المنتخبات العربية في تصفيات آسيا لكأس العالم 2026
2024-11-16, 8:12 am من طرف STAR
» الخضار الأعلى كثافة بالمغذيات
2024-11-16, 8:11 am من طرف STAR
» رونالدو يثير التفاعل بتصرف رائع خلال مباراة البرتغال
2024-11-16, 8:09 am من طرف STAR
» غرامة بمليار دولار تُهدد "ميتا" بالتفكك وسط ضغوط تنظيمية دولية
2024-11-16, 8:09 am من طرف STAR