خطبة جمعة آليوم من سآحة آلتحرير :

من طرف **زهرة اللوتس** 2012-03-16, 4:32 pm

خطبة جمعة آليوم من سآحة آلتحرير :

د.صهيب سقار ..خطبة جمعة 16.3.2012
فالحمد لله الذي نجانا من القوم الظالمين. في هذه الجمعة تعود الذكرى الأولى ليوم ينبغي أن يكون يوم بنغازي. وصل الرتل المجحفل إلى مشارف بنغازي. وصل مشحونا بحقد الطاغية الذي ظهر في خطاب الزنقة والدار. أمرهم أن ينصبوا الدراجيح
أقبلوا بحدهم وحديدهم يعلنون وصية الحقود (لا شفقة ولا رحمة)
وفعلاً كانوا في ما مروا عليه من البلا...د بلا شفقة ولا رحمة.
زحفوا على مشارفها وسبقتهم أخبار طغيانهم وعلوهم في ما مروا عليه من البلاد علوا كبيرا.
وما تخفي صدورهم من الحقد على بنغازي أعظم وأكبر. خلت في بنغازي بيوت وطرقات.
قالوا فيها: "رباية الدايح" وماذا يبتغي الدايح فيها والرتل المجحفل يسوق الموت إلى الرباية نفسها.
إذا أشرف الموت فماعلى الدايح من سبيل إذا ابتغي النجاة وطلب الرزق بعيدا عن الرباية.
طار عن رباية الدايح مستضعفون وغرباء ومرجفون. رحل عنها الصينيون والبنغاليون والأتراك والأفارقة. تركوا الأعمال والعقود والآلات والمركبات ونفذوا منها بأرواحهم.
جاء الأمر وفار التنور ورست السفن على شاطئها تشحن من يطلب النجاة والعصمة من شر مستطير قد اقترب. صارت السفن والطائرات على شواطئها كالفلك المشحون وسفينة نوح.
خرجوا منها وتزاحموا على حدودها الخارجية الشرقية
وعلى طرقاتها الخارجية ترى الراحلين عنها سكارى وما هم بسكارى
من هول الأخبار التي وصلت خرجت ذات الحمل من المستشفيات وآثرت أن تضع حملها ولو في المخيمات.
كل ذلك ولسان حال الرباية الرحيمة لا يعتب على من يتفلت من أحضانها في ساعة الشدة. لسان الرحيمة الكريمة لا ينطق بالمن والأذى ولا بالعتب والشكوى.
من رقيها وسموها قل من يفهم عنها.
ما بها من عتب ولا شكوى على من يطلب في وقت الشدة النجاة بالرحيل عنها.
كل ما بها أنها تشفق على النافرين من أحضانها ما ينتظرهم من عذابات السفر والتشريد والتهجير. هانت عليكم أحضانها حتى تستبدلوه بالمخيمات
من رقيها وسموها قل من يفهم عنها. والله ما بها من عتب إلا أن النافرين من أحضانها لن يجدوا في الغربة والمخيمات مزيد حنان ولا أمان.
اسألوا من عاد إليها عن الأموال التي أنفقوها. اسألوهم عن عذابات السفر ومرارات الغربة.
ما بها من عتب إلا أن النافرين من أحضانها لن يجدوا في الغربة والمخيمات مزيد حنان ولا أمان.
عند أسوار هذا المسجد يروي ابن من أبناءها أنه لا عاصم اليوم من أمر الله إلا من رحم.
يحلف بالله أنه لم يصبر أمام كتيبة الموت على إصابة إخوانه.
خرج من وراء الجدران ليستنقذ المصابين المطروحين على أرض رباية الدايح.
ويحلف بالله أنه لما انكشف للرصاص أصاب رشق الرصاص صدره فارتد عنه كما ترتد الحصا.
لن ينقص المقام في رباية الدايح من أعماركم. فلماذا تتدافعون إلى الهروب من أحضانها.
لا يفهم عن ذات الروح خطابها إلا الأرواح. تنتشر في رباية الدايح مبشرات النبوة والتطمين.
يرى ابن من أبناءها رسول الله في المنام يقول له بنغازي في أمان. ويعلن التطمين وينتشر بين الناس ولكن الرتل المجحفل على المشارف والأبواب.
(هنالك ابتلي المؤمنون وزلزلوا زلزلا شديدا)
أكملت رباية الدايح عدتها نفت عنها خبثها والمرجفين فيها. أذنت للغرباء الذين حضروا ليكتسبوا من رزقها أن يخرجوا عنها.
ودعت أبناءها المستضعفين على مشارفها الشرقية ومنافذها البحرية ثم طارت إلى مشارفها الغربية. على مشارفها الغربية ستشغل بصفوة أبناءها. هناك خرج أكبادها من خلواتها.
هناك تدافع الأبرار من أبناءها ليلبوا نداء نصرتها.
وبدأ الأبرار الأحرار بالخروج من المعسكرات للقاء العدو.
وعلى أبواب المعسكر وقف جمع من الأبناء الأحرار يبكون ليس معهم سلاح. ما من شعر ولا نثر ولا قول يصدق في التعبير. إلا قول الله (وَلاَ عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لاَ أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّواْ وَّأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا أَلاَّ يَجِدُواْ مَا يُنفِقُونَ).
يتدافعوان يحاولون الركوب فيدفعهم إخوانهم عن سيارتهم دفعا.
هؤلاء أبناؤها الأحرار الأبرار.
بنغازي تقسم لمن أقام فيها من بقلها وقثاءها وفومها وعدسها وبصلها.
وعلى مشارفها الغربية ستقسم لمن حضر ميراثا يفزع منه أبناء ويتدافع إليه أبناء
خرج معاوية رحمه الله مع أخيه عامر بو عامود من بنغازي. خرجوا من رباية الدايح ليطلبوا النجاة والأمان ولكن لأمهم وإخوانهم. لم يستبدوا الأدنى بالذي هو خير.
كم عرضنا على معاوية الزواج وتخيرنا له من أخواتنا وهو يقول (لا آخذها إلا حورية).
تزاحم عشاق الحور على مشارف الغروب. هناك ستقسم لهم رباية الدايح ما لا يقسم للنافرين من أحضانها. القسمة لمن حضر والسبق لمن سبق. صاروخ وما أدراك ما الصاروخ!
صاروخ سبقت سرعتُه صوتَه إلى معاوية وإخوته فمزق منهم الأجساد.
بنغازي تقسم لمن أقام فيها من بقلها وقثاءها وفومها وعدسها وبصلها.
وعلى مشارفها الغربية ستقسم لمن حضر ميراثا يفزع منه أبناء ويتدافع إليه أبناء
سجين سابق ومصاب بنقص المناعة ما كان يجوز ذكر اسمه على منبر رسول الله .
خرج الشاب الأسمر خليفة الشبلي على دراجته النارية. نصب عليها هيكلاً وسلاحا وخرج من بنغازي إلى مشارفها ليحضر قسمتها. صرح لإخوته قبل خروجه بمراده أنه يريد الشهادة.
اتخذ موقعا متقدما سابقا. قعد المَرَصَد للدبابات والرتل فلما وصلوا أحسن استقبالهم فأحسن الله استقباله بإذنه وفضله.
ولما حمي الوطيس يدفع القائد الأسد راف الله السحاتي إخوانه وجنوده.
يتقدم وحده ويأمرهم بالرجوع. صرح لهم وفسر لهم أنه رأى في المنام أنه لقي رب العزة والجلال.
أحب لقاء الله فتقدم إلى لقاء أعداء الله. نسأل الله أن يتقبله ويكرم نزله استقباله
هؤلاء أبناؤها الأحرار الأبرار يتسابقون في البر والجو إلى الغيرة على حرماتها.
فوق البر في جو السماء يتسابق أبناؤها الطيارون إلى الإيثار والغيرة على حرماتها.
أقسم الطيار محمد العقيلي أن البغاة لن يدخلوا بنغازي وهو حي.
ولما وصل الرتل إلى مشارفها خرج ليوفي لله بقسمه.
يستبطئه أحد أبناءه فيقول الأب الرحيم لابنه مودعا :(تكره لي أن أموت شهيدا المفروض أن تحسدني على الشهادة). وفعلا يطير فوق المشارف الغربية ويقصف الأعداء وتصاب طائرته فلا يطلب النجاة لنفسه. حاد بطائرته عن عمران بنغازي إلى ساحة خالية ثم قذف بنفسه.
ولو أن الله نجاه ما كنا سنحسن مكافأته بمثل ما نرجو أن يكافئه الله به عنا.
تزاحمت قصص البطولة والتضحية في أرض بنغازي وسماءها.
يوما ستقول لأحفادها عذرا فإن آباءكم صنعوا تاريخا شُغلوا عن كتابته وتدوينه.
@ سموها رباية الدايح لأنها لا تبخل على من ارتمى في أحضانها. من أقام فيها لطلب الحلال أغناه الله فيها. ومن ابتغى فيها الشهادة نالها مع أبناءها. من جبال درنة نحسب أن الله اصطفى رجالا للشهادة على مشارف بنغازي. ومن كل دوحة في الشرق والغرب تجد في بنغازي مقيما وشهيدا. تجد عشقها والوفاء لها على لسان الدرناوي والترهوني والمجبري والورفلي وغيرهم.
ولدوا فيها، وفيها أقاموا ولنصرتها خرجوا. إليها ينزح النازحون من شرق البلاد وغربها وجنوبها
حار الناس في سرِّها. فيها تشتعل الثورة والنخوة.
صيحتها يتردد صداها في الجبل الغربي والشرقي والزاوية والزنتان.
شبابها وأبرارها يستشهدون فيها وفي الجنوب والغرب والبر والبحر والسماء والصحراء
حار الناس في سرِّها: على ماذا ربتهم وأي حليب أرضعتهم؟
حاروا في سرِّ نَبْعِ النصرة والحمية والإيثار.
من أين تنبع الحمية والنصرة والإيثار في أهلها. حاورا وما علموا يوما أن لها عرقا من المدينة المنورة يغذيها. إذا رأيت سباخها فتذكر وادي بطحان الذي كان يجري في المدينة بالماء الآجن.
نخلها يذكر بذاك النخل. والقرآن فيها برواية قالون تذكرك برواية أهل المدينة المنورة
مذهبها مذهب مالك يذكر بدار الهجرة وإمامها
تتعجب من فيضها بالتحرير على ماحولها! تتعجب من ذلك ونحن نبوح لك بأنها أصابت من المدينة المنورة عرقا. أصابت عرقا من المدينة المنورة التي انطلقت منها جيوش الفتح وتحرير البلاد والعباد. فيها يقول النبي : أمرت بالهجرة إلى قرية تأكل القرى ومكة من مأكولها.
حتى مكة نالت حريتها بتحرير جيش المدينة.
إذا رأيت فيها امرأة بجردها تغطي رأسها بما تغطي به ظهرها.
إذا رأيت فيها امرأة تكشف من وجهها عينَها وأنفَها فاقرأ ذلك وصف نساء المدينة المنورة
في قول أمِّنا عائشة رضي الله عنها ( فَتَنْصَرِفُ النِّسَاءُ مُتَلَفِّعَاتٍ بِمُرُوطِهِنَّ).
وإذا سمعت عن انتشار أجساد الشهداء من الأنصار في كل الأمصار ففتش عن مثله في عرق المدينة المنورة بنغازي. فيها تربى أبناؤها على مثل التمر الذي تربى عليه الأنصار.
كلما سمعوا هيعة طاروا إليها. سبقوا إلى الدفاع عن الحرمات في كل بلاد الإسلام.
إذا سمعوا هيعة لا يحول بينهم وبين نصرة إخوانهم ماء بحر ولا رمل صحراء. إلى حمص وصلوا. ومن حي بابا عمر رفعوا.
إذا رأيت العوائل والأرامل ينزحون إليها من كل جهة وقرية فتذكر خلق الأنصار
قال رسول الله «ما يضر إمرأةً نزلت بين بيتين من الأنصار، أو نزلت بين أبويها»
@اليوم إذا سمعت من أهلها شكوى ما نزل بهم من التهميش فلا تغفل عن ذكر الأنصار.
في غزوة حنين قسم النبي حتى لمن أسلم بعد الثورة من الطلقاء ولم يعطِ الأنصار شيئاً. فقالت الأنصار: (إذا نزلت الشدة فنحن الذين نُدعى، ثم إذا كانت الغنيمة يُعطي غيرنا!)
إذا سمعت من أحرارها شكوى ما نزل بهم من التهميش فلا تغفل عن ذكر الأنصار.
قال النبي للأنصار: «إنكم تكثرون عند الفزع، وتقلّون عند الطمع»
أهل رباية الدايح لا تنصفهم جماهيرية ولا ديمقراطية ولا فيدرالية ولا غيرها
لا ينصفها وأهلها إلا من احتسبت عنده أحرارَها وأبرارَها
لها عند ربها ما يحتسب ويرتجى لشدائد الدنيا والآخرة
كلما انعطفت بنا السياسىة رفعنا إلى ربنا الأيادي يارب قد وفقتنا في الثورة وصدقت وعدَنا أن دم الشهداء لن تضيع فينا كالهباء. اللهم فلا تضيع في الدولة دماء الشهداء. دبِّر لنا فإنا لا نحسن السياسة والتدبير.
لنا عند ربنا ما يحتسب ويرتجى لشدائد الدنيا والآخرة. لشدائد البرزخ ادخرنا مجاورة جناح الشهداء في مقبرتنا. هناك في قبلتها جناح الشهداء وأحسن الجوار في البرزخ بعد الممات.
ويوم القيامة نرجو أن يشفع الها فينا الشهداء.