قصيدة سيد الحردلو صاحب رواية " ملعون ابو كى بلد "

فى ديسمبر الماضى .. فتحت لى الخرطوم ذراعيها .. استقبلتنى بود وترحاب .. كان الزول السودانى فى احيائها وفى مقاهيها وفى مكتباتها وفى دروبها الوقورة .. وعند المقرن حيث ملتقى النيلين .. الازرق والأبيض .. وفى ام درمان وأسواقها الشعبية .. وعبر اغانى عبدالعزيز داوود وخليل فرح وسيد خليفة ومحمد وردي وعبدالكريم الكابلى .. وعند ضريح المهدى .. وتضوع رائحة الحناء والقرفة .. وابتسامات الاطفال والصبايا .. كان يلاقينى بفرح ويغمرنى بالسعادة .. انّى ( بتشديد النون ) اتجهت كانت القهوة السودانية وحبات التمر .. كانت الجَبنة ( بفتح الجيم ) وجاق القهوة التقليدى جاهزا وحاضرا .. كان الود اصيلا .

فى ضواحى الخرطوم .. فى شارع عبيد ختم ذهبت الى صديقى الشاعر الكبير والقاص والدبلوماسى الذى تقاعد .. سيد احمد الحردلو . تفاجأت بإعلان فى مدخل البيت أنه معروض للبيع .. هكذا العرب يتنكرون لرجالهم ويجعلونهم تحت وطأة المرض والحاجة يبيعون بيوتهم .. كان فرحا بلقائى وكذا زوجته وولديهما .. مازن ومحمد . تحدثنا كثيرا .. عن الشعر والقصة .. وذكريات القاهرة وصنعاء وتونس .. والطيب صالح رفيقه العزيز . ومحمد احمد محجوب واسماعيل الازهرى وصالح عبدالقادر وادريس جمّاع والتيجاني يوسف بشير ومحمد شيبون ، وقريته الحبيبة (ناوا) .. وعن " ملعون ابو كى بلد " عنوان مجموعته القصصية . كان المرض قد ارهقه .. لكن جذوة الشعر وناره .. وحديث الذكريات جعل للسمر حكاية اخرى .

ودعته على امل اللقاء فى فرصة قادمة .. نفحنى بقصيدة عن ثورة فبراير نظمها يوم 13مارس 2011 .. لم تنشر .. عنوانها (المرافعة الاخيرة لفرعون عزيزستان .. ) اشارة الى ثكنة العزيزية وأهداها الى ( شهداء ليبيا الكرام الذين دفعوا ارواحهم الطاهرة مهرا للحرية ) وذكر بان القصيدة ملخص مختصر لما قاله الفرعون ( فى خطابه المجنون .. زنقة زنقة ) وحاول صياغة بعضه شعرا .. وهاكم القصيدة ..

.1.
انا ملك الملوك ..
سيد الزعماء
من فاس .. الى اليابان
وأنا امام المسلمين ..
والمسيحيين
واليهود .. والأوثان
وأنا التاريخ
والمجد ..
الذى جاء معى .. وكان
.. فمن انتم ..
وما انتم ..
يا ايها الجرذان
انا الذى قلت لكم ..
كونوا .. فكنتم
ايها الفئران

.2.
يامعشر الجرذان
انا الفرعون عاد ...
يستحيي النساء
ويذبّح الولدان
وانتم لا ترون ..
إلا ما ارى ..
ولا تقولون سوى الذى اقول
فانا القائل والفاعل .. والمفعول
وأنا الحجاج عاد
وارى .. فيما ارى ..
الرؤوس اينعت ..
وقد حان القطاف
... يا ايها الاجلاف

.3.
يا ايها الفئران
انا سيدكم قمعان
وساعدى الايمن
سيّاف ابن فلتكان
قلت له .. كن . فكان
وقلت له .. كن بلا حياء
وانهب كما تشاء
واشتم كما تشاء
واذبح كما تشاء
فى كل شارع ..
وزنقة ... ودار
من البحر .. الى القفار
لاتحترم احدا ..
من الصغار .. أو من الكبار
... وهكذا صار .. وسار
وذاع صيته ...
وصار اشرس الاشرار
(يحفظه ابليس
من وساوس الشيطان )
(ومن مكائد الجرذان )

.4.
و الان
وفى الختام
لدى كلمة اخيره
فلتحذروا الصحافة الاجيرة
فالفضائيات كلها حقيرة
واخص بالذكر (الجزيرة )
لأنها تقول ما ترى
لكل من هب من الورى
(فليس كل ما يرى يقال )
فتلكمو جريرة
وكذبة كبيره
وتهمة خطيرة
جزاؤها الاعدام
كما ينص دستور عزيزستان !!!