د. محمَّد أحمد الوليد : لماذا تصدّر السَّفيه؟

من طرف **عبدالحفيظ عوض ربيع** 2012-03-27, 7:25 am

د. محمَّد أحمد الوليد : لماذا تصدّر السَّفيه؟

تعالت أصوات المختلفين اليوم بالفدرالية وبـ(لا مركزية)، وليس عيباً أن تُطرح الأفكار، وتُناقش الآراء، فيُقبل المقبول، ويُرفض المرذول، ويلتقي المختلفون على كلمة سواء بعيداً عن التَّخوين والتَّحقير، فجمهور دعاة الفدرالية وطنيون غيورون على مصلحة الوطن، لا نشك في نواياهم، ولا نتهم مقاصدهم ولكن ما أستغربُه حقاً أن يُزاحم للتصدّر عن هاتين القضيتين الخطيرتين سفهاءُ لا علم لهم بمباديء الأمور، أقول هذا لمَّا رأيتُ شخصاً أعرفه جيداً لم يحصل على الابتدائية، وليس من أهل الاطلاع والثَّقافة، ولا ممَّن تعاطى السِّياسة، ولا ممَّن عُرف بالحكمة والموعظة الحسنة، بل مقاول يده ملوثةٌ بالعمولة والرِّشوة، وعدم الحشمة،يصول ويجول، ويحشد أبناء عمومته في بيته، ويطبع الملصقات، وينادي بوجوب تطبيق فكرته متشنجاً متصبباً منه العَرَق ،ولو سألته عن أنظمة الحكم ما عرف منها شيئاً، فهو لا يكاد يحفظ الناس والفلق، همه أمر واحد: أن تُفرد المنطقة الشرقية بالمال فيمارس هواياته في النَّهب فهو يعتقد أن الشرق كلَّه معارفه، ولن يعدم بالجهوية النفوذ والمال.

قال لي ابنُ عمِّه: ابن عمِّي هذا جهول، أفسد فكرتنا بحمقه ، ولكنَّ المالَ جمع الناس من حوله، وأنا أستغرب كيف يتكلَّم في حضور أصحابِ الشَّهادات، وكيف يتحمَّلون ثِقَلَه وجهلَه !!، فقلت له : لا تستغرب ولا تتعجَّب، العيبُ ليس في ابن عمك، العيبُ فيمن أعطاه أُذنيه ووقته ليستمع إلى جهالاته في كيفية تطبيق فكرته، وقلت له أيضاً : هذا التصدُّر من غير المتخصِّصين من نتائج المؤتمرات الشَّعبيَّة (وكولسة) التصعيد التي جثمت على صدورنا طويلاً فقد غرس القذافي في عقول الليبيين أنَّه بمقدورهم أن يناقشوا في المؤتمرات جميع الأمور العظيمة والدقيقة، وأن يقدِّموا الحلول النهائية، أنسيتم أنه كان يقف الجاهلُ يهذي بما لا يدري بوجوب صناعة قنبلة ذرية في سنتين، ثم يأتي آخر لا يقلُّ عنه سفاهةً فيطلب مقاطعة سكَّان العالم أجمعين، ويزاحمه ثالثٌ بوجوب أن يَضْربَ صدَّامُ أمريكا إبَّان احتلال العراق بالمنوي ( يقصد النَّووي) ، ولا تنسى أنه كان مديرو المستشفيات الكبيرة بالتَّصعيد ولا يملكون الشَّهادات ويوبِّخون الأطباء ويصفونهم بالجهل، ولا يغيب عن ذهنك أن جامعة بنغازي أمَّ الجامعات الليبية كان عميدُها أحدَ الطلَّاب ( التسيير الذاتي) والأساتذة لا حول لهم ولا قوَّة ، هذا كله جعل السَّفيه يتكلَّم متصدراً في كل موضوع ( ليس عيباً الكلام، ولكن العيب التصدر )، ناسياً التخصُّصات ، وسؤالَ أهل الشأن، وإن كان يردِّد ولا يفهم معنى قوله تعالى :﴿ فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ﴾، فابن عمك -يا صديقي- ضحيَّة المؤتمرات الشعبيَّة، ومنتج طبيعي لمصانع القذَّافي فهو يمارس هواياته في بيته، وحوله ( كُمبرس)، وليس بعيداً عن ذهن ابن عمك المقاولات والإعمار التي لن يحصل عليها بمقاييس النزاهة بعد طرد شبح القبليَّة وغول الجهويَّة .قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم-:( إنَّ بين يدي الساعة سنين خوادع، يُتَّهم فيها الأمينُ، ويُؤتمن الخائن، ويُصدَّق فيها الكاذبُ، ويُكذَّب فيها الصَّادق، ويتكلَّم في أمر الناس الرويبضه، قيل: يا رسول الله، وما الرويبضه؟ قال: السفيهُ ينطق في أمر العامة﴾ أي في الشَّأن العام .