ليبيا تستعد لأول انتخابات.. لا شيء محسوم وكل الخيارات مطروحة

من طرف **زهرة اللوتس** 2012-05-17, 8:48 pm

ليبيا تستعد لأول انتخابات.. لا شيء محسوم وكل الخيارات مطروحة
طرابلس ـ العرب اونلاين ـ سعيد فرحات: وسط حراك سياسى واسع بوجود قرابة 70 كيانا سياسيا حزبيا في كافة ربوع ليبيا وبعد سبعة أشهر على مقتل العقيد معمر القذافي، تستعد كافة المدن الليبية لخوض اول تجربة انتخابية من اجل اختيار اعضاء المؤتمر الوطنى العام من اجل اعداد الدستور وانتخاب اعضاء المؤتمر يوم 19 حزيران المقبل، تبقى جميع الخيارات مفتوحة، ولا شيء محسوم، سواء في السياسة أو الأمن والاقتصاد.
في هذه الأثناء، يبدو الحراك الانتخابي – السياسي في صفوف المقاتلين الليبيين محتدماً، وقد بدا الأمر جليا مع إعلان رئيس المجلس العسكري لمدينة طرابلس عبد الحكيم بلحاج استقالته أمس بهدف التفرغ للعمل السياسي. كما اعلن احد كبار المحاميين الليبين عثمان البزنطي عن تشكيل حزب سياسى جديد
في المقابل، ما زال الوضع الأمني مثار تساؤلات عدة، حيث تقع الاشتباكات بصورة دورية، وكان آخرها قبل أيام عندما اقتحم عدد من المقاتلين الذين لم يتسلموا مستحقاتهم المالية نتيجة وقف المشروع المبنى الحكومي، في وقت يعوّل المراقبون على أن تسهم الانتخابات في إرساء الاستقرار في البلاد.
وقامت السلطات حتى الآن بتسجيل ثلاثة ملايين ناخب تقريبا، كما دخل المعترك الانتخابي حوالى 1400 مرشح و71 حزبا سياسياً تقريباً تقدموا بطلبات للمشاركة في الانتخابات، حسب لجنة الانتخابات الجديدة في ليبيا.
ويُذكر أن الليبيين سيختارون الشهر المقبل في تجربة انتخابية حرموا منها لأكثر من 40 عاما على يد القذافي، مجلسا من 200 عضو يفترض أن يعمل على إعداد دستور جديد والتحضير للانتخابات النيابية والرئاسية المقرّرة في أواسط العام 2013.
واشترطت اللجنة المذكورة عدم مشاركة أعضاء الحكومة الموقتة والمجلس الوطني الانتقالي، البالغ عددهم 85 عضوا، في السباق للانتخابات، كما منعت فلول القذافي من المشاركة أيضاً.
ويُعدّ بلحاج أحد أبرز المرشحين لدخول الحياة السياسية في مستقبل ليبيا، وإن كان من غير المرجح أن يتمكن حزبه من التسجيل في الوقت المناسب لانتخابات حزيران، لكن اكتساب الإسلاميين للنفوذ في ليبيا ما بعد القذافي سيجعله في وضع جيد للمنافسة في الانتخابات الجديدة التي سيحددها المؤتمر الوطني. لكن اعلن مسئولين في المجلس الانتقالى الليبي عن قبول استقالتة من منصبة العسكرى والسمح له بتشكيل حزب.
وتقدم بلحاج باستقالته من منصبه للمجلس الوطني الانتقالي الليبي، معربا عن عزمه التفرغ للحياة السياسية في ليبيا، بينما أعلن رئيس المجلس مصطفي عبد الجليل الموافقة على الاستقالة.
وذكرت تقارير نقلا عن مقربين من بلحاج، عزم الأخير على الترشح للرئاسة في أول انتخابات رئاسية سوف تجري في ليبيا بعد نهاية المرحلة الانتقالية.
وقال مدير مكتب بلحاج، أنيس الشريف، إن القائد السابق للجماعة الإسلامية الليبية المقاتلة "سيعلن عن حزبه السياسي"، مضيفاً ان بلحاج "يشعر بأن الثوار أدوا واجبهم للإطاحة بنظام القذافي، والآن حان الوقت لإعادة بناء ليبيا للانتقال إلى حالة سياسية".
يُذكر أن بلحاج قد سُجن في عهد القذافي ثم أخلي سبيله في العام 2010 بموجب عفو بعد موافقته على المشاركة في برنامج اجتثاث التطرف والمصالحة الذي أطلقه نجل القذافي سيف الإسلام. ثم أسهم في إطلاق مراجعات لجماعته وتغيير مسارها لتتحول في العام 2011 إلى "الجماعة الليبية للتغيير"، التي أكدت اعتمادها للوسائل السلمية في التغيير. وبعدها شارك بلحاج في الإطاحة بالعقيد في ثورة العام الماضي، وكان أول الداخلين إلى موقع القذافي في باب العزيزية.
وكان بلحاج أقرّ انه حارب في صفوف الجهاديين في "القاعدة" في أفغانستان، إلا أنه قال إن مجموعته الليبية لم تعتنق عقائد زعيم التنظيم أسامة بن لادن، في حديث سابق لصحيفة "لوموند" الفرنسية.
ويرى كثير من المحلليبين والمهتمين بالشأن الليبي ان الامر الملح في هذه المرحلة هو "من يمثل الليبيين، وربما الأكثر أهمية، من يستطيع الادعاء أنه صاحب الحق في حمل أمانة الثورة؟"، لافتة إلى أن الوضع متوتر بشكل خاص لأن ترسانة القذافي اليوم في أيدي عشرات الميليشيات التي تمسكت بالمحافظة على الحكم الذاتي والسلطات الواسعة، بما فيها القدرة على إلقاء القبض على الأفراد واحتجازهم.

وبرأى هؤلاء المهتمين هناك "مسألة أخرى مثيرة للجدل تتمحور حول هوية الذين قاتلوا بالفعل في الحرب. وما يطرح الشك في هوية هؤلاء، هو اندفاع مئات الآلاف من الأشخاص للادعاء أنهم قاتلوا بعد أن عرضت الحكومة أن تدفع للمقاتلين الذين شاركوا في قتال العام الفائت. ثم ألغيت الخطة بعد أن وصلت قيمة المدفوعات إلى 1,2 مليار دولار. وقال مسؤولون إن كثيرين ممن استلموا التعويضات لم يحملوا أي سلاح وان أسماء كثيرة على القائمة تخص أناسا ميتين".
وأثار إلغاء الخطة غضب المقاتلين الذين لم يتسلموا مستحقاتهم، حيث قام قبل أيام حوالي 200 مسلح باقتحام بوابات المبنى الحكومي في طرابلس بسيارات تحمل مدافع مضادة للطائرات واشتبكوا مع قوات الحكومة، ما أدى إلى مقتل احد الأشخاص.
ويُذكر أنها ليست المرة الأولى التي يقع فيها اشتباك مسلح، كما تجمع مئات من المقاتلين من أنحاء ليبيا في تاجوراء، التي تبعد 10 أميال شرق ليبيا، لتسجيل "اتحاد الكتائب الوطني الذي يؤكد أنهم من الثوار الأصليين، ويقول القادة إن غرضهم هو تثبيت أنفسهم بمنأى عن المقاتلين "المزيفين"، الذين يتسكعون في البلاد مزودين بالسلاح.
وفي السياق الأمني كذلك، ذكرت مصادر أن المرشح للانتخابات خالد أبو صالح قتل على يد مجموعة مسلحة في بلدة أوباري، عندما كان عائداً إلى منزله بعدما تقدم بأوراق ترشحه.
وقال مصدر أمني "نعتقد أنها عصابة إجرامية.. يجري التحقيق في الحادث. كان يسافر وحده بالسيارة"، من دون الإدلاء بمزيد من التفاصيل.
وفي ظلّ ما يعمّ ليبيا من فوضى، يحاول المقاتلون الحفاظ على كافة الخيارات مفتوحة.
ففي النهاية، يقول أحد المقاتلين الذين ترشحوا للانتخابات إن الديمقراطية لم تصبح واضحة المفهوم. في وقت يستدرك قائلاً "إذا نجحت العملية الانتخابية فسيكون بإمكاننا أن نؤثر في أمور عدة.. وان لم يتحقق ذلك، فسيكون لدينا كبديل لذلك هذا الاتحاد للثوريين.. لقد انتهت الحرب في ليبيا. لكن معركة المستقبل لم تخط أولى خطواتها بعد".
في الوقت نفسه أعلنت اللجنة الأمنية العليا المؤقتة بمدينة بنغازي عن إنشائها غرفة عمليات تتمثل مهمتها الرئيسية في التنسيق لحماية مراكز اقتراع انتخابات المؤتمر الوطني العام المزمع انعقادها في التاسع عشر من يونيو المقبل.
وانبثقت عن هذه الغرفة خطة أمنية وصفت بأنها”كبيرة وشاملة”لحماية جميع مراكز الاقتراع الخاصة بانتخابات المؤتمر الوطني والتي يصل عددها داخل مدينة بنغازي إلى مائة وستين مركزا.
وكانت إدارة الفروع باللجنة الأمنية العليا التابعة لوزارة الداخلية قد ناقشت في اجتماع عقدته الاجراءات التي ستتخذها اللجنة لتأمين انتخابات المؤتمر الوطني العام في شهر يونيو المقبل.
نوقشت في هذا الاجتماع الذي حضره وكيل وزارة الداخلية عمر الخضراوي الأوضاع الأمنية بالمناطق وسبل توفير الامكانيات اللازمة للكادر الأمني بالوزارة لأداء مهامهم وبسط الأمن في كافة المدن والمناطق الليبية.
يذكر أن عدد أفراد اللجنة الأمنية العليا المكلفين بهذه الخطة وصل إلى ألف وخمسمائة فرد تم تجهيزهم بزي موحد وبجميع الإمكانيات التي تضمن أداة عملهم على أكمل وجه.
من جانب آخر ناقش الاجتماع نفسه متابعة برنامج تدريب الثوار المنضمين إلى وزارة الداخلية في مختلف التخصصات الأمنية،والتأكيد على صرف مرتباتهم وتذليل الصعاب التي تواجه فروع اللجنة الأمنية العليا بكافة المناطق.
كما تم التطرق إلى الاجراءات المتخذة لتنفيذ المنشور الصادر عن وزارة الداخلية بشأن عدم قانونية التصرف في أملاك وعقارات رموز النظام السابق، والتأكيد على مساءلة ومحاسبة المتورطين في أي معاملات من هذا النوع قانونيا.