منتديات عيت ارفاد التميمي
أهلاً وسهلاً بك عزيزي الزائر في منتديات عيت أرفاد التميمي .. تفضل بالدخول ان كنت عضواً وبالتسجيل ان لم يكن لديك حساب وذلك للحصول علي كامل المزايا ولمشاهدة المنتديات المخفية عن الزوار..

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

منتديات عيت ارفاد التميمي
أهلاً وسهلاً بك عزيزي الزائر في منتديات عيت أرفاد التميمي .. تفضل بالدخول ان كنت عضواً وبالتسجيل ان لم يكن لديك حساب وذلك للحصول علي كامل المزايا ولمشاهدة المنتديات المخفية عن الزوار..
منتديات عيت ارفاد التميمي
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
إعلانات المنتدي

الأخوة الزوار

سجل فوراً في منتديات عيت أرفاد التميمي لتنال احقية مشاهدة اخبار المنطقة ومتابعة كل صغيرة وكبيرة في التميمي - اخبار المنطقة محجوبة عن الزوار

الأعضاء الكرام

الكلمة الطيبة صدقة والاحترام المتبادل تاج علي رؤوسكم وتذكروا قول الله عز وجل !! ما يلفظ من قول الا لديه رقيب عتيد
المواضيع الأخيرة
» الصلاة علي رسول الله+الاستغفار+ذكر الشهادة+كفارة المجلس
محمد يونس : موجز تاريخ الحرية قصة ميلاد حقوق الإنسان  Icon_minitime12024-11-21, 8:36 am من طرف STAR

» ارخص غسالات ملابس
محمد يونس : موجز تاريخ الحرية قصة ميلاد حقوق الإنسان  Icon_minitime12024-11-18, 10:29 am من طرف محمدوعبدو

» "لسنا عيادة طبية".. رئيسة بالميراس البرازيلي تعلق بشأن التعاقد مع نيمار
محمد يونس : موجز تاريخ الحرية قصة ميلاد حقوق الإنسان  Icon_minitime12024-11-18, 7:49 am من طرف STAR

» لا تستخدم مياه "الحنفية" لتبريد محرك سيارتك.. إليك السبب
محمد يونس : موجز تاريخ الحرية قصة ميلاد حقوق الإنسان  Icon_minitime12024-11-18, 7:49 am من طرف STAR

» هل يطرد النوم "السموم من الدماغ"؟.. دراسة تكشف السر
محمد يونس : موجز تاريخ الحرية قصة ميلاد حقوق الإنسان  Icon_minitime12024-11-18, 7:48 am من طرف STAR

» لمستخدمي "ميتا" في أوروبا.. إليكم هذه الميزة الجديدة!
محمد يونس : موجز تاريخ الحرية قصة ميلاد حقوق الإنسان  Icon_minitime12024-11-18, 7:47 am من طرف STAR

» احرصوا على تهوية المنزل حتى في الطقس البارد!
محمد يونس : موجز تاريخ الحرية قصة ميلاد حقوق الإنسان  Icon_minitime12024-11-18, 7:47 am من طرف STAR

» العناية بالبشرة في فصل الخريف.. نصائح مهمة لذلك
محمد يونس : موجز تاريخ الحرية قصة ميلاد حقوق الإنسان  Icon_minitime12024-11-18, 7:46 am من طرف STAR

» الأرز الإسباني
محمد يونس : موجز تاريخ الحرية قصة ميلاد حقوق الإنسان  Icon_minitime12024-11-18, 7:45 am من طرف STAR

» عن مشاركة نيمار في مونديال الاندية.. هذا موقف الهلال
محمد يونس : موجز تاريخ الحرية قصة ميلاد حقوق الإنسان  Icon_minitime12024-11-16, 8:14 am من طرف STAR

» لضمان نوم هادئ ومريح.. تجنب 5 عادات
محمد يونس : موجز تاريخ الحرية قصة ميلاد حقوق الإنسان  Icon_minitime12024-11-16, 8:13 am من طرف STAR

» ترتيب المنتخبات العربية في تصفيات آسيا لكأس العالم 2026
محمد يونس : موجز تاريخ الحرية قصة ميلاد حقوق الإنسان  Icon_minitime12024-11-16, 8:12 am من طرف STAR

» الخضار الأعلى كثافة بالمغذيات
محمد يونس : موجز تاريخ الحرية قصة ميلاد حقوق الإنسان  Icon_minitime12024-11-16, 8:11 am من طرف STAR

» رونالدو يثير التفاعل بتصرف رائع خلال مباراة البرتغال
محمد يونس : موجز تاريخ الحرية قصة ميلاد حقوق الإنسان  Icon_minitime12024-11-16, 8:09 am من طرف STAR

» غرامة بمليار دولار تُهدد "ميتا" بالتفكك وسط ضغوط تنظيمية دولية
محمد يونس : موجز تاريخ الحرية قصة ميلاد حقوق الإنسان  Icon_minitime12024-11-16, 8:09 am من طرف STAR

بحـث
 
 

نتائج البحث
 


Rechercher بحث متقدم


محمد يونس : موجز تاريخ الحرية قصة ميلاد حقوق الإنسان

اذهب الى الأسفل

محمد يونس : موجز تاريخ الحرية قصة ميلاد حقوق الإنسان  Empty محمد يونس : موجز تاريخ الحرية قصة ميلاد حقوق الإنسان

مُساهمة من طرف dude333 2012-05-20, 4:03 pm

محمد يونس : موجز تاريخ الحرية قصة ميلاد حقوق الإنسان والمواطن

من مقدمة الكتاب:
يبدأ تاريخ الحرية من اللحظة التي نجح فيها الإنسان في تقنينها، لا من النقطة التي فكر فيها في الحرية، ولا في اللحظات التي ناضل فيها في سبيل الحرية دون أن يحقق إنجازا في ذلك، ويمكننا أن نلخص الأمر ببساطة في أن تاريخها بالنسبة للأفراد في أي أمة يبدأ حين ينال هؤلاء الأفراد حريتهم.
والواقع أن الحرية التي نقصدها هنا هي الحريات السياسية أو الفردية أو الشخصية والحقوق المدنية على وجه الخصوص، وهي حريات ما زال كثير من المجتمعات محرومة من التمتع بها، ولنا أن نقول وفقا لمنطلقنا هذا إن هذه المجتمعات تعيش فيما قبل تاريخ الحرية رغم أنها تعيش في القرن الواحد والعشرين، ورغم وجود هذا المظهر أو ذاك من الحريات الفردية في إطار يقيدها بصفة عامة.
وقد رزحت منطقتنا العربية، لفترات طويلة من الزمن، تحت نير الاستبداد ونظم حكم سلطوية، تعتمد في بقائها على انتهاك حقوق الإنسان والعصف بالحريات، في حين راجت التفسيرات والنظريات التي تتهم الشعوب العربية بالاستثناء من الديمقراطية، وهي التحليلات التي كان يتلقفها العديد من نظم الحكم العربية، وتعيد إنتاجها في مقولات على غرار إن “شعوبنا ليست مؤهلة للديمقراطية بعد”. وهي نظرية ثبت تهافتها مع اندلاع الثورات الشعبية العربية في مستهل العام الحالي2011 ، حيث تابع العالم السقوط المدوي لنظام الرئيس التونسي الهارب زين العابدين بن علي في يناير ومن بعده نظام الرئيس المصري المخلوع محمد حسني مبارك، الذي أُجبر على التنحي في11 فبراير من العام ذاته. وقد أصبح شعار “الشعب يريد إسقاط النظام” الشعار الأثير لدى انتفاضات وثورات الشعوب العربية، في ليبيا واليمن وسوريا والبحرين، التي تواصل كفاحها من أجل الكرامة والحرية والعدالة؛ حتى استحقت هذه الفترة المزدهرة في تاريخ المجتمعات العربية أن توصف بأنها ربيع الحريات العربي.
وهكذا قطعت الشعوب العربية، بخاصة في تونس ومصر حتى لحظة كتابة هذه السطور، شوطًا كبيرا اتجاه الديمقراطية وفي سبيل انتزاع الحقوق والكرامة، بعد أن كسرت حاجز الخوف الأسطوري، وبذلت الغالي والنفيس، وقدمت الآلاف من الشهداء والمصابين قربانًا للحرية والانعتاق من الاستبداد.
لكن من وجهة نظرنا فإن تاريخ الحرية في مجتمع ما لا يبدأ تدوينه فقط حينما يثور الشعب على الحاكم، بل عندما يتمكن الشعب أيضا من إلزام الحاكم باحترام حريات الفرد ويحظر عليه اضطهاده أو التعرض لحرماته أو تقييد حرياته تحت أي مسوغ أو ذريعة.
وأيضا حين تتعلم الشعوب أن تحترم هي ذاتها حرية الفرد ولا تعتدي عليها، ففي كثير من الأحيان كانت الشعوب أشد فتكا بحرية الفرد من الحكام والحكومات والطغاة نتيجة للتضليل أو الديماجوجيا.ومن أمثلة ذلك في تاريخنا ما فعله العامة في بغداد بالإمام الطبري؛ إذ منعوه من الخروج من بيته بعد أن كفره الحنابلة زورا بل والأدهى من ذلك منعوا دفنه في مدافن المسلمين.
أي أن الأمر ببساطة يتلخص في أن تاريخ الحرية هو تاريخ كفاح ينتهي بإقرار ضمانات دستورية وقانونية، تسهر على حراستها المؤسسات والأجهزة القضائية والقانونية والسياسية والمجتمعية والتي يحميها ويحرص عليها المجتمع.
والحرية مطلب قديم قدم البشرية ذاتها، والمبادئ التي تتحدث عن الحرية قديمة في التاريخ البشري، وعبر عنها الإنسان في كتاباته ورسومه ونقوشه وفنونه وآدابه ودياناته، وجميع أشكال التعبير التي في إمكانه على مدى العصور بلا خلاف على أهميتها.
لكن الأمر الجديد في التاريخ البشري هو صياغة هذه الطموحات البشرية للحرية في صورة قوانين ملزمة للحكام قبل المحكومين، وفي صورة وثائق تصون مثل هذه الحقوق، وتمثل معايير للعمل بمقتضاها، وفي صورة أساليب وآليات لحمايتها ومؤسسات تسهر على تطبيقها وعدم مخالفتها، ودساتير تلزم الحكومات قبل الأفراد بحقوق الإنسان والمواطن.
ولقد قادت أوروبا العالم في هذا الطريق، وكانت سباقة في إرساء القوانين التي تكفل حقوق الإنسان، وتحمي المواطن من الاستبداد وتحمي حقوقه؛ ليصبح ذلك ميراثا للإنسانية جمعاء، فما تم إرساؤه من قوانين في أوروبا أو في أمريكا لم يعد أوروبيا أو أمريكيا، بل هو إنسانيا بقدر ما أصبحت الحضارة الأوروبية ذاتها ملكا للإنسانية، ولم تعد مقصورة على المجتمعات الأوروبية والأمريكية فحسب، صحيح أن الأوروبيين كانوا أول من ساروا في هذا الطريق، ولكنهم استوحوا في ذلك جميع الثقافات التي انصهرت فيها، أو أصبحت من مكونات ما يطلق عليه الآن اسم الحضارة الغربية.
والواقع أن الأفكار التي تضمنتها المواثيق الحقوقية والدساتير الحديثة جاءت متأخرة في تاريخ البشرية وكانت وليدة إسهامات المفكرين والفلاسفة التنويريين في أوروبا الذين بلوروا الأفكار عن المساواة أمام القانون والحرية والمواطنة والمجتمع الدولي والسلام العالمي وغير ذلك من المفردات التي عرفها القاموس السياسي الحديث، وقد بلوروها من القيم القديمة النابعة من تراث الإنسانية، ورسختها الديانات وتناولها المصلحون والمفكرون، وسادت في الأعراف المتبعة بين البشر في مختلف العصور ومما استجد من قيم بعد التطور الاقتصادي والاجتماعي في أوروبا.
غير أن وجه الاختلاف في هذه المبادئ والقيم أنهم عند صياغتهموبلورتهم لهذه الأفكار والمبادئ أرسوها على أسس جديدة، وجعلوا منها نسيجا واحدا؛ فهي لم تعد الأفكار التي قالت بها الديانات اليهودية والمسيحية والإسلامية والبوذية والهندوسية وغيرها، بل مزيجاً يجمعها ويضفي عليها طابعا سياسيا ومدنيا يجمع بين الناس ولا يفرق بينهم، فهي لم تعد مبادئ تخص هذا الدين أو ذاك ولا هذا الشعب أو غيره، ولا حتى أفكارا ومبادئ تخص أوروبا، بل أصبحت، بعد أن مزجت في نسيجها ما أنتجه البشر من قيم مبادئ إنسانية تخص البشرية وإرثا للإنسانية جمعاء.
ونتيجة لصياغة تلك المبادئ في مواثيق دولية سواء في عصبة الأمم أو في الأمم المتحدة تشكلت من هذه القيم الشرعة الدولية لحقوق الإنسان التي تتضمن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية والبروتوكولات المكملة لهما. وبعد أن صدق العديد من الدول على هذه المواثيق أصبحت لها حجيتها في القانون الدولي، وأصبح بعضها ملزما وأصبح البعض الآخر بمثابة عرف قانوني دولي، واتخذت هذه المبادئ والقيم طابع العالمية، ولم يعد بالإمكان انتهاكها دون أن يكون لذلك ردود أفعال على المستوى العالمي.
وكان استقلال الفلسفة عن الدين واستقلال العلوم عن الطروحات الدينية هو الأساس الذي مكن الفلاسفة التنويريين من خلق هذا النسيج الجديد من القيم، وهو نسيج فريد من نوعه في التاريخ البشري لأنه يمثل خلاصة ما توصل إليه البشر من مفاهيم خلقية وسياسية وقانونية، وجاء هذا الناتج الجديد استجابة لتطورات اقتصادية واجتماعية وثقافية عرفتها أوروبا قبل أن يعرفها الناس في مختلف أنحاء العالم.
وفي هذا الإطار نلاحظ أن بعض المفكرين العقائديين في بلادنا دأبوا على رفع أصواتهم بالدعوى بأن الحقوق والمطالب التي تضمنتها المواثيق الدولية والمواثيق في الدول المتقدمة، والحريات التي تتحدث عنها هذه المواثيق ليست بالجديدة، بل عرفتها شعوبنا قبل شعوب العالم، ومن ثم فقد لا نكون في حاجة لها، ومن ثم فإننا نتمتع بحق أن نضع القوانين التي تنظمها بأنفسنا دون الحاجة للآخرين.
بل إن بعض الدوائر في بلادنا، لاسيما من ذوي الاتجاهات التي احترفت توظيف الدين لتحقيق مآرب وأهداف سياسية، تعادي مبادئ حقوق الإنسان، وتعمل على تخريب الأعمال التي تهدف لإرسائها في بلادنا مستخدمة عدة سبل، أحدها هو العداء السافر لحقوق الإنسان وحريات المواطن بدعوى تعارضها مع الشريعة الإسلامية، والالتفاف على هذه الحقوق بالادعاء أن لدينا حقوقًا أفضل من هذه الحقوق؛ ومن ثم لا حاجة لنا لاستيرادها، وتصب نتائج أنشطة ومقولات أصحاب هذا الاتجاه بطبيعة الحال في مصلحة الحكومات المستبدة في منطقتنا، وتضفي عليها شرعية دينية لا تستحقها.
أما الاتجاه الآخر فيذهب إلى أن بإمكاننا أن نستلهم من هذه الحقوق ما يوافقنا ونتجاهل ما لا يتوافق مع طبيعتنا أو شريعتنا أو ظروفنا، وكأن حرية المواطن وحقوقه أمر يتعارض مع مصلحة هذا المواطن ذاته، وكأن حمايته من الأذى من القوى الغاشمة ومن الظلم وتقييد حريته أمر يتعارض مع الدين، أو كأن الإنسان في بلادنا لا يستحق التمتع بهذه الحريات التي دفعت هذه البلاد إلى قطع أشواط كبيرة في التقدم.
ولسنا هنا بصدد الدخول في نقاش مع هذه الاتجاهات، ولكن ما نقصده من دراستنا هذه هو أن نبين كيف أرسيت هذه الحقوق، وما هي الملابسات التاريخية التي صاحبت ولادتها، وكيف كانت ثمرة لكفاح الشعوب، قبل أن تكون قوانين ومبادئ تتضمنها مواثيق وطنية ودولية، لها في الوقت الراهن من يسهر على تطبيقها على المستوى العالمي، في صورة منظمات وجمعيات ومراكز وحكومات تؤمن بها وتعمل جميعا على تطبيقها وعدم انتهاكها.
ونود هنا أن نرد على المغالطة التي يروج لها أصحابها بأن هذه الحقوق قديمة وراسخة في تاريخنا وأن في ثقافتنا ما يشبهها أو ما يماثلها، بل وما يتفوق عليها في رأي البعض. فالقضية كما ستوضحها الأحداث التاريخية التي سنرويها في طيات هذا الكتاب الموجز هي الكيفية التي انتقلت بها هذه المبادئ من مجرد مبادئ إلى قوانين ومواثيق ملزمة، فليس المهم القول إن كل الناس متساوون، بل المهم هو أن يتم إرساء المبادئ القانونية والقوانين والأعراف، التي تجعل الناس متساوين بالفعل أمام القانون، والمهم أيضا أن توجد المؤسسات التي تحرس وتعمل على تنفيذ القانون وتكفل حماية الحريات وعدم انتهاك حقوق الإنسان.
ولعل من أهم السمات المميزة لنظم الحكم الديمقراطية الحديثة الأهمية التي تعلق على الحرية الفردية، في حين لم تحظ الحرية الشخصية باعتراف واحترام أشكال نظم الحكم الاستبدادية، لاسيما في منطقتنا العربية،. فحياة الفرد وأفعاله وما يملكه كلها أمور تخضع لرحمة الحاكم بالكامل أو على حد تعبير الفيلسوف الألماني الكبير هيجل فإن الشخص الوحيد في الشرق الذي يتمتع بكامل حريته دون انتقاص هو الحاكم.
أما الفرق الجوهري الآخر والذي يعد مربط الفرس في كفالة الحريات، هو الاحترام الذي تتمتع به الحريات الفردية، ونعني بها الحريات التي يتمتع بها الفرد في مواجهة نظام الحكم وفي مواجهة الآخرين بما في ذلك المجتمع بأكمله، ويشمل ذلك حقه في الحياة، وحقه في الاختلاف مع هذا المجتمع، وفي أن يعبر عن آرائه حتى لو كانت هذه الآراء سلبية أو لا تتوافق مع الآراء السائدة في المجتمع، دون أن يتعرض له الآخرون بالأذى، وهو ما لم تعرفه مجتمعاتنا التي تتدخل في كل كبيرة وصغيرة في حياة الفرد، وتمثل رقيبا عليه.
فلقد كان الفرد في مجتمعاتنا، ومازال، محكوما بالكثير من الخطوط الحمراء والحدود المجحفة بحقه في التعبير عن رأيه، وبحريته الشخصية في التصرف والعمل، كما أنه محكوم بالأعراف والقوانين التي تتعرض له في ماله أو حياته أو نفسه أو أهله؛ بسبب ما عبر عنه من أفكار أو ما قام به من تصرفات تقع في نطاق حريته الشخصية. وكانت القوانين التي تؤسس لهذه الرقابة المجتمعية والقانونية على الحرية الفردية في بلادنا ملزمة دوما للمحكومين دون الحكام.
ونقول لهؤلاء المكابرين إن مثل هذه المبادئ لم تستقر في مجتمعاتنا حتى الآن، وما زلنا نرزح تحت نير الاستبداد، سواء تسمى هذا الاستبداد بالملكية أو بالجمهورية، ولم يعرف المواطنون في بلادنا نظام محاسبة الحكام، بل كل ما نعرفه هو أن الحكام هم الذين يحاسبوننا. وإذا كنتم تزعمون أن مثل هذه المبادئ التي تكفل الحريات الفردية أو التي تكفل محاسبة الحكام على نتائج أعمالهم موجودة لدينا أو كانت موجودة لدينا دلونا عليها، وأشيروا لنا عن أن هذا الحاكم أو ذاك قد تمت محاسبته من جانب رعاياه، دون ثورة شعبية أو انقلاب عسكري.
ومن المعروف أن الحريات بالمعنى الحديث هي حريات لا تتعدى على حريات الآخرين، هي الحريات المكفولة من جانب المجتمع بمقتضى القانون وهي مكفولة للجميع، لا لأناس دون آخرين، وتتمتع بحماية القانون وهذه المعاني المتمثلة في القانون الذي يكفل الحرية والمؤسسات التي تحرس تطبيق هذا القانون لم يعرفها تاريخنا القديم، فليست الحرية أن تكون يدك مطلقة تفعل ما تشاء دون مراعاة لحقوق الآخرين، فهذه ليست حرية بهذا المعني بل هي قانون الغاب.
لقد بلغ من قوة مبادئ الحرية ومن قوة إيمان الناس بها في البلاد الأوربية أن الشعب الإنجليزي ممثلا في برلمانه ونظامه القضائي العريق حكم على أحد ملوكه (تشارلز الأول) بالإعدام ونفذ فيه الحكم، كما عزل ملكا آخر لتعديه على حقوق الفرد في المثول أمام القضاء، في حين لم يشهد تاريخنا بطوله وعرضه محاكمة لملك أو خليفة أو حاكم من أي نوع، وإصدار حكم عليه من أي نوع. لقد احتاج الأمر مؤخرا إلى قيام ثورة شعبية عظيمة، وهي ثورة الشعب المصري في25 يناير2011 ، لنشهد إجراءات أول تحقيق ومحاسبة لحاكم، وذلك تنفيذًا لإرادة الشعب.
إن الفارق الحاسم بين العصور الوسطى والعصور الحديثة يتلخص في أن الأولى لم تحترم حريات الأفراد، وكان الفرد فيها مباحا للحكام ومن يملكون السلطة والمال، بل كان الفرد ببساطة مملوكا لهم وليس من حقه أن يعارضهم، ولو حدث وعارضهم فإن جزاءه يكون رادعا لئلا يتجرأ غيره. وكان السائد أن الحاكم يملك الأرض ومن عليها أو هو مستخلف في الأرض، ويقضي على الناس بما يرى من قوانين، وكانت مصائر الناس رهنا بمشيئته.
كما أن الفرد في تلك العصور لم يكن مستقلا عن القبيلة والعشيرة، وكان مندمجا فيها قلبا وقالبا، ولا يملك من أمره شيئا؛ فالأمر لا يتم بإرادته بل بإرادة شيخ القبيلة أو كبار العشيرة الذين يقررون له كل صغيرة فيحياته الشخصية والعامة، وهو لم يخترهم بل وجدهم أمرا واقعا أمامه دون اختيار أو رأي.
أما في المجتمعات الحديثة الديمقراطية فإن الفرد حر في أن يعبر عما يعتقد بمختلف السبل، ويرجع ذلك إلى تطورالمنظومة القانونية في بلاده، وإلى وجود قوانين مكتوبة ومدونة وتسهر عليها مؤسسات تكفل له أن يفعل ما يريد وأن يعترض، وأن يقول ما يريد وأن يكون الرد الوحيد على اعتراضه من النوع نفسه، أي الاعتراض على وجهة نظره من الآخرين دون إجحاف بحق أي من الأطراف الأخرى في التعبير، وفي أن يقدم ما يشاء من أدلة على صحة رأيه. وهي أمور لم نعرفها حتى الآن إلا بدرجات محدودة، فأغلبنا حكاما ومحكومين للأسف نضيق ذرعا بالاختلاف، ونسارع إلى اتهام من نختلف معه بأشد التهم ونحكم عليه بأشد الأحكام صرامة.
وعلى العموم لم تعرف العصور القديمة الحريات الفردية والشخصية التي تعد من أبرز خصائص نظم الحكم الحديثة، وكانت جميع أفعال الفرد وحياته وممتلكاته تحت رحمة الحاكم، أو تحت إشراف المجتمع التام، دون أن تكون هناك حدود قانونية توضح حرمة حياته الخاصة، ولم نكن نحن استثناء من ذلك. صحيح أن الإغريق عرفوا فكرة الحرية الفردية، ولكنهم خلطوا بين الحرية وسيادة الشعب؛ حيث كان المواطنون في المدينة الدولة يشاركون في وضع القوانين ويختارون القضاة وغير ذلك من مظاهر المشاركةفي الحكم، ولكن استبداد الدولة حال دون تطور الحقوق الخاصة، وكان من حق الدولة أن تتدخل في شئون المواطن الخاصة وحتى في معتقداته الفردية، كما أن الرومان كانوا يقولون إن الحق العام في خدمة الدولة، والحق الخاص في خدمة الفرد ومصالح الأفراد. ولكن ذلك لم يترجم إلى صيانة الحرية الفردية بالمعني الحديث للكلمة.
لفد كانت عملية تطور هذه الحقوق وبلورتها وتدوينها وإيجاد المؤسسات التي تسهر على تطبيقها عملية طويلة وبطيئة حافلة بالمنعطفات والانتكاسات وسفك الدماء والثورات، وكانت أشد ما تكون بطئا في بداياتها، لاسيما في إنجلترا التي شهدت لأول مرة ميلاد وثيقة هي (الماجنا كارتا) التي ألزمت الحاكم أمام شعبه، أو قسم من شعبه على الأقل، باحترام إرادته وحرياته. صحيح أن تراجعا من قبل الملوك كان يحدث بين حين وآخر عن مبادئ (الماجنا كارتا) أو الميثاق العظيم للحرية، ولكن الشعب الإنجليزي الذي أنجز ثورته التحررية على مدى قرون تمكن على الدوام من تصويب الوضع، ووضع وثائق جديدة تفسر وتضمن تطبيق الوثائق القديمة، وهي الوثائق التي أثرت في وقت لاحق فيما وضعه أسلافهم في العالم الجديد من وثائق تكفل حقوق الإنسان، وفيما أرسته الثورة الفرنسية من وثائق وقوانين ومبادئ أكدت على حقوق الإنسان والمواطن، وفيما صدر من قوانين وعهود دولية لحماية حقوق الإنسان وحرياته السياسية والمدنية.
لقد كانت إنجلترا هي التي قادت الطريق إلى إرساء الحريات الفردية وحمايتها، وكان الميثاق العظيم للحرية الذي يعرف باسمه اللاتيني (الماجنا كارتا) وقانون مثول المتهم أمام القضاء، والقانون العام الإنجليزي وعريضة الحقوق وإعلان الحقوق الإنجليزي، من أبرز الوثائق التي ألزمت الملوك والحكام بالحقوق الفردية.
وكان لسكان المستعمرات الإنجليزية في أمريكا فضل السبق أيضا في إصدار إعلانات تنص على حقوق المواطنين وعلى الرغم من أن هذه الحقوق لم تكن أمريكية المنبت، وكانت جديدة على الأرض الأمريكية، حيث حملها إليها المهاجرون من مواطنهم الأصلية لاسيما إنجلترا، غير أن فكرة تجسيدها في برنامج سياسي كانت فكرة أمريكية بلا منازع.
وقد تبني الشعب الفرنسي هذه الفكرة خلال ثورته، وكان إعلان حقوق الإنسان والمواطن الشهير الذي أصدرته الجمعية التأسيسية في عام1789 أهم وثيقة لضمان الحرية أصدرها بنو الإنسان حتى ذلك الحين.
وعندما أقول إن مجتمعاتنا لم تعرف، كغيرها من المجتمعات إبان العصور القديمة والوسطى، الحقوق الفردية، فأنا لا أقول ذلك على سبيل الإدانة بل على سبيل تقرير الواقع الذي كان قائما، ولانملك أن نصدر أحكاما على مثل هذه العصور المظلمة، لأنها تشترك فيما كان قائما في العالم ككل، فلم يعرف العالم آنذاك نظم حكم تكفل الحرية التي هي بامتياز وليدة تطورات العصور الحديثة التي فرضت واقعا جديدا، والتي اقتضت إيجاد نظم جديدة لتنظيم هذا الواقع الجديد.
ولم يعرف العالم القديم ولا الوسيط مثل هذه النظم التي كانت تحتاج إلى قدر معين من المعارف والتطور الاقتصادي والاجتماعي والثقافي لم يكن قائما في تلك العصور، وليس عليهم من حرج في أن يحكموا وفقا لمنطق عصرهم ومنطلقاته الفكرية والاجتماعية، ولكن الحرج كل الحرج أن نسير نحن على نهجهم في عصرنا، بعد أن شهدت مجتمعاتنا وشهد العالم تطورات هائلة لم يعد من الممكن تجاهلها أو أن نظل بمنأى عنها، بل وهناك خطورة في ألا نسايرها، خطورة على تطورنا وعلى تفاعلنا مع هذا العالم، وكما أثبتت تجارب التاريخ فإن من لا يمكنه أن يساير التطور يأتيه عنوة وبما لا يشتهي من أوضاع.
ويهدف كتابنا هذا إلى أن يروي بإيجاز قصة ولادة الوثائق التي كفلت حقوق الإنسان، والتي تحتاج روايتها كاملة إلى عدة مجلدات، كما يهدف إلى تعريف القارئ المصري والعربي بصفة عامة بالملابسات التاريخية التي ولدت فيها، ويتضمن ترجمة عربية لأهم الوثائق التي كفلت للإنسان حرياته الأساسية والسياسية والفردية والشخصية والمدنية.
ولكنه لا يهدف إلى تتبع نشأة فكرة الحرية أو أفكار الفلاسفة والمفكرين التي ساعدت على تعزيز وحماية الحريات الحديثة، فهذه قصة أخرى أسهم فيها الكثير من المفكرين والفلاسفة وفقهاء القانون، وتحتاج إلى كتاب آخر.
إن الكتاب الذي بين أيديكم يقتصر على تتبع قصة ميلاد وتطور هذه الوثائق التي شكلت الدعامة القانونية والمرتكزات المقننة للحريات في المجتمعات الحديثة، والتعريف بأهم هذه الحقوق بطبيعة الحال على نحو موجز. وإذا كان الفيلسوف اليوناني سقراط قد أطلق صرخته المعروفة قديما قائلا “اعرف نفسك !” فما أجدر بنا في هذا العصر أن نقول بأعلى صوت “اعرف حقك”!
محمد يونس

-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~
محمد يونس : موجز تاريخ الحرية قصة ميلاد حقوق الإنسان  116669782
dude333
dude333
مشرف المنتدى السياسي
مشرف المنتدى السياسي

ذكر
عدد المشاركات : 5593
العمر : 55
رقم العضوية : 9508
قوة التقييم : 36
تاريخ التسجيل : 11/01/2012

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى