إعلانات المنتدي
المواضيع الأخيرة
بحـث
مقالات مختارة : الذايح للكاتب فريد صالح آدم
صفحة 1 من اصل 1
مقالات مختارة : الذايح للكاتب فريد صالح آدم
الذايح (1)
الكاتب
فريد صالح آدم
في ليلة شتوية باردة من ليالي شهر فبراير من عام ألفين وأحد عشر لميلاد المسيح عيسى بن مريم عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام ، قدِمْ على مدينة بنغازي رجل غريب . كان رجل غريباً في كلامه ، وغريباً في مشيته ، وغريباً في ملبسه. كان الغريب غريباً في كل شيء كغرابة تلك الأوقات التي شهدتها المدن والبلدات والقرى الليبية . سار الغريب في شوارع بنغازي المضطربة منشداً :
إنها مدينة الشيخ ابن غازي .
بنغازي هي البطولة في المشاهد ، وهي أميرة ذات خدم وحشم تدعى برنيق. بنغازي برزخ يعزل البغاة عن بحر رياحه رخاء . إنها البتراء من الحجج ، فهي قاطعة نافذة ، إنها خطبة بتراء قيلت غضباً لوجه الله الكريم ، ولم تفتتح بذكر الله إلا لأن الغضب له أذهلها عن الافتتاح باسمه سبحانه وتعالى . بنغازي هي البتول المنقطعة عن الدنيا إلى الله .
بنغازي هي النجدة إذا عز النصير ، وهي نجم يهدي الضالين إلى وجهتهم ، إنها النضال ونصرة الحق ، وهي نصل في نحر كل ظالم ، إنها نسمة عليلة تشفي النفوس من علاتها ، وهي النسب لمن لا حسب ونسب له . إنها النول الذي نسج عليه كفن الجبت والطاغوت .
بنغازي هي غزوة المجاهدين على جيوش الكفر وأرتاله ، وهي غارة الله على الظالمين . إنها الغيرة على الحق ، وهي غل يفرق منه قلب كل مغتصب . إنها غرب منصهر في شرق وجنوب في شمال .
بنغازي هي الأسوة الحسنة لكل مدينة ، وهي أثل وتأصل في الجاه والشرف ، وهي الأثفية التي لا قبل للظلمة بالتصدي لها حينما يرمون بها ، وهي الإيثار في أسمى معانيه . بنغازي هي إتباع لتعزيز المعنى كقولنا ( حسن بسن ) ، وهي الظهر الطيب من الأرض الذي يسمى الأبهر .
بنغازي هي زين وزينة ، وهي زمردة في جبين ليبيا . إنها زورق النجاة ، وهي زهرة الربيع العربي . بنغازي زمهرير يهب في وجوه الطغاة ، وهي زقوم في بطونهم . وإذا كانت دار السلام هي الزوراء في العراق ، فإن زوراء ليبيا هي بنغازي . لقد زهق الباطل في بنغازي فكان زهوقا . إنها زوبعة في وجه الزور ، وهي الزاووق الذي يحسن ويزخرف وجه ليبيا ، وفيها يذهب الزبد جفاءً ، وهي زلزال يهدم عروش الطواغيت وحصونهم . بنغازي هي الزنقة التي أنزنق فيها المزنوق ‘ حيث قرصه القمل ، وقرضته الجرذان والفئران ، ونهشته القطط والكلاب ، وأهلكته الجراثيم وأوردته حتفه .
بنغازي هي يوسبريدس التي يجري من تحتها نهر الليفرسان خيل ، والتي كانت حدائقها تزخر بأشجار التفاح الذهبي ، إنها يم متلاطم الأمواج لا تستقر فيه سفن القراصنة الغاصبين . بنغازي هي اليافعة ، من الجبال الشامخة الارتفاع ، ومن الأمور ، ما علا وغلب منها فلم يُطقْ . بنغازي هي اليحموم الذي لا يستطيع الطغاة أن يتفيأوا في ظله ، فهو لا بارد ولا كريم ، وهي اليبس الذي تجري عليه سفن الثائرين ضد الظلم والاستبداد . بنغازي يراعة تنير دياجير الظلام ، وهي يعسوب المدن .
بنغازي هي يتيمة الدهر .
بنغازي هي بنغازي . إنها المدينة التي أهدتها توكل كرمان من اليمن السعيد ألف سلام ، وهي التي لم يرق لأحرار سوق الجمعة أن يروها حزينة تذرف الدموع ، ولم يتوان ثوار الزاوية في تضميد جراحها بدمائهم هم أنفسهم .
فحياك الله وبياك يا بنغازي .
قال المبروك البسيوني كل هذا بعبارة بسيطة في موقف عصيب من المواقف التي تمتحن فيها نفوس الرجال :
بنغازي رباية الذايح
بشكل عام لم يكن شهر فبراير حنوناً وعطوفاً على ليبيا عامةً وعلى بنغازي على وجه الخصوص . ففي يوم الخميس ، الواحد والعشرين من هذا الشهر من عام 1963 ، الموافق السابع والعشرين من شهر رمضان سنة 1382 هجرية ، دمر زلزال مدينة ليبية كاملة وسواها بالأرض ، وفي يوم الاربعاء ، الواحد والعشرين من فبراير من عام 1973 ، قصفت طائرات إسرائيلية حربية طائرة مدنية ليبية فوق صحراء سيناء ، وقتل جراء هذا العدوان الغير مبرر معظم ركابها ، وفي جمعة حزينة من هذا الشهر بتاريخ السابع عشر من فبراير من عام 2006 ارتكبت مجزرة شنيعة بحق رجال انتصروا لله ورسوله ، وفي يوم الاربعاء السابع والعشرين من هذا الشهر من عام 1980 أسلم الشهيد عامر الطاهر الدغيس الروح بعد أن عذبه أزلام القذافي حتى الموت ( قبض عليه في 24 فبراير من العام نفسه بتهمة الانتماء إلى حزب البعث ) . وفي الثالث من فبراير من عام 1962 ، أصدرت محكمة الجنايات بطرابلس حكمها في القضية التي بدأت النظر فيها يوم 25 ديسمبر 1961 والتي أتهم فيها مجموعة من الأشخاص بتشكيل تنظيمات سرية تنتمي إلى حزب البعث المحرم في البلاد العربية .وكانت المحكمة مُشكلة من الأستاذ الهادي التركي ، رئيس محكمة الاستئناف المدنية رئيساً ، والأستاذ أبو الحسن فراج المستشار بالمحكمة عضواً ، وسكرتيرية السيد أبي القاسم ملحس وقد مثل النيابة العامة حسن يونس وكيل النيابة وتولى جانب الدفاع عن المتهمين عدد من المحامين .
وفي يوم الخميس ، الخامس من فبراير عام 2009 ، نشرت جريدة الفلفل الأحمر الصادرة في العاصمة الأوغندية كمبالا ، مقالاً حول علاقة العقيد الليبي معمر القذافي ببيست كيميجيسا Best Kemigisa الملكة الأم لمملكة تورو. بعنوان :
القذافي والملكة الأم لإقليم تورو متيمان ببعض – القصة غير المحكية .
وكان هذا المقال باكورة سلسلة مقالات تناولت علاقة الزعيم الليبي معمر القذافي ببيست كيميجيسا الملكة الأم لمملكة تورو التقليدية نشرت في الخامس ، والسادس ، والثامن ، والتاسع ، والحادي عشر ، والثاني عشر ، والثالث عشر ، والرابع عشر ، والخامس عشر ، والتاسع عشر من فبراير عام 2009 .
وفي خطابه بمناسبة ذكرى قيام الوحدة بين مصر وسوريا الذي ألقاه الرئيس جمال عبدالناصر في الثاني والعشرين من فبراير من عام 1964 ، هاجم القواعد البريطانية والأمركية في ليبيا قائلاً :
" إن الشعب العربي ينتظر اليوم الذي تحتفل فيه الأمة العربية بالجلاء الكامل ، لأن القواعد الموجودة في ليبيا هي نتيجة الاستعمار ولأنها خطر على الأمة العربية كلها "
وفي الثاني من فبراير من عام 1964 ، ردت صحيفة البلاغ على تفسير بعض أطراف النخبة الملكية الليبية الحاكمة لمظاهرات يناير الطلابية بأن هذه المظاهرات كانت أصلاً جزءاً من مؤامرة ضد نظام الحكم والعرش .
" بعض العناصر الفاسدة التي ربت لحم أكتافها من دماء الضعيف وملأت خزائنها من خبز الفقير ، وكونت أرصدتها في الخارج من أموال الدولة . إن المؤامرة الحقيقية هي محاولة عصبة الفساد في خلق مؤامرة وهمية من الأحداث الأخيرة وأنه لمن أسخف السخافات أن تدس عصبة الشر الإيحاء بأن العرش كان مهدداً لسبب بسيط هو أن المظاهرات كانت تهتف بحياة مولانا المعظم . إنها ورقة خاسرة ومولانا الملك المعظم يحس بحرارة إخلاص الشعب له "
وفي السادس من فبراير من عام 1967 ، حدث اعتصام لطلبة ليبيين في السفارات الليبية في لندن وبروكسل وبون احتجاجاً على اعتقال حكومتهم لقيادات الاتحاد الطلابي في داخل ليبيا. وفي بيان لفرع بريطانيا للاتحاد العام لطلبة ليبيا بالعاصمة البريطانية لندن في الحادي عشر من فبراير 1967 ، كتب الطلبة المعتصمون :
" في اليوم الخامس للاعتصام أستدعي البوليس البريطاني لطردنا من دار السفارة .. عار كبير سيضيف به التاريخ صفحة سوداء إلى سجل من لطخت أيديهم بدماء الزاوية وبنغازي . جرنا البوليس البريطاني ورمى بنا إلى قارعة الطريق تحت أنظار المتفرجين من الأجانب والصحفيين وعلى إثر ذلك نقلنا إلى أحد سجون لندن وقدمنا في صباح اليوم التالي إلى المحاكمة حيث حكم علينا بغرامة مالية رفضت السفارة الليبية دفعها ، وقد قام الاتحاد الوطني للطلبة البريطانيين بدفعها "
وفي فبراير من عام 1941 ، سقطت مدينة بنغازي في يد القوات البريطانية وارتكبت فيها القوات الإيطالية المنسحبة مجزرة في حق عائلة عيت جعودة . وفي الثالث والعشرين من هذا الشهر من عام 1952 قبض على المناضل الليبي بشير السعداوي ونفي إلى مصر ، وفي السادس من فبراير من عام 1955 نفذ حكم الإعدام في السيد الشريف محيي الدين السنوسي . وفي الثاني من فبراير من عام 1978 صدر الفصل الثالث من الكتاب الأخضر ، وفي الثاني من فبراير من عام 2009 أصبح العقيد معمر القذافي رئيساً للاتحاد الأفريقي ، وفي الخامس والعشرين من فبراير من عام 2010 ، شن العقيد معمر القذافي في كلمة له بمناسبة عيد المولد النبوي بمدينة بنغازي هجوماً على سويسرا ، ناعتاً إياها بالكفر والفجور والمدمرة لبيوت الله : ( سويسرا الكافرة الفاجرة التي تدمر بيوت الله) . يعرف القاصي والداني أن السبب الحقيقي وراء حملة القذافي الشعواء على سويسرا ، هو قيام هذه الأخيرة بتوقيف أبنه الفاسق هنيبال لقيامه هو وزوجته المتجردة ألين سكاف بضرب خادمين لهما ، وكما يقال أن حبل الكذب قصير فبعد هذه الكلمة بسنة تقريباً ثبت بالدليل القاطع من هو مدمر بيوت الله ، فلم تكن سويسرا هي التي قصفت مئذنة مسجد البخاري في مصراتة ، كما أن سويسرا لم تكن وراء محو جامع السوق في الزاوية من على وجه الكرة الأرضية. أما عن الفجور ، فقد أعجبني قول الدكتور فرج نجم في لقاء معه ببرنامج ( بوضوح ) على قناة الحوار في معرض حديثه عن ثورة السابع عشر من فبراير :
" للأمانة ، هذه الثورة كانت مؤيدة ومنصورة بالفاجر والبر . بالجميع ، ولم يكن هنالك شقاق بين الاثنين "
ولابد لنا في هذا المقام من ذكر لطيفة حول الأبرار والفجار ، فقد قال عبدالله بن المقفع في هذا الصدد :
" الرجال أربعة : اثنان يختبر ما عندهما بالتجربة ، واثنان قد كفيت تجربتهما ، فأما اللذان يحتاج إلى تجربتهما فإن أحدهما بر كان مع أبرار والآخر فاجر كان مع فجار ، فإنك لا تدري لعل البر منهما إذا خالط الفجار أن يتبدل فيصير فاجراً ، ولعل الفاجر منهما إذا خالط الأبرار أن يتبدل فيصير براً ، فيتبدل البر فاجراً والفاجر براً . وأما اللذان قد كفيت تجربتهما وتبين لك ضوء أمرهما فإن أحدهما فاجر كان في أبرار والآخر بركان في فجار "
وإذا كانت ثورة 17 فبراير في بداياتها في حاجة للبر والفاجر ، ولا جرم في ذلك ، فالله سبحانه وتعالى قيض فرعوناً لموسى ليتعهد بتربيته ، والمطعم بن عدي لرسول الله صلى الله عليه وسلم ليجيره ويحميه ، ولكن عندما تقوم الثورة وتستغلظ فلا مجال للفجار في صفوفها.
وفي الثاني والعشرين من فبراير من عام 1970 عقد العقيد معمر القذافي أول مؤتمر صحفي له بمدينة طرابلس ، وفي الرابع عشر من فبراير من عام 1972 قررت ليبيا وأوغندا إقامة علاقات دبلوماسية بينهما على مستوى السفراء ، وفي الحادي والعشرين من فبراير من عام 1974 جرى قسم في الكعبة بين القذافي والسادات ، وفي الرابع والعشرين من فبراير من العام 1977 قرر مجلس قيادة الثورة في ليبيا التصديق على أحكام ضد المتهمين بالحزبية . وفي الرابع من فبراير من عام 1980 أحرقت السفارة التونسية بطرابلس ، وفي الخامس والعشرين من فبراير من عام 1981 أصدرت اللجان الثورية حكماً غيابياً بإعدام كل من محمد المقريف ويحيى عمرو وفاضل المسعودي . وفي 21 من فبراير اقتحمت السفارة الأردنية في طرابلس وأضرم فيها النار ، وفي اليوم التالي قطعت الأردن علاقتها الدبلوماسية مع ليبيا . وفي الثامن والعشرين من فبراير من عام 1985 جرت محاولة لاغتيال عزالدين الغدامسي في النمسا . وفي الخامس من فبراير من عام 1985 أطلقت سلطات القذافي الأمنية سراح أربعة بريطانيين محتجزين لديها بعد مفاوضات أجراها مفوض كبير أساقفة كانتربري ، تيري ويت .
وفي يوم الثلاثاء بتاريخ السابع عشر من فبراير من عام 1987 الموافق 18 جمادي الآخرة من عام 1407 هجري ، أعدم تسعة ليبيين أحرار أُدينوا بقتل أحمد مصباح الورفلي ، وهو من أعوان القذافي البغاة في مدينة بنغازي ، ونفذ حكم الإعدام في ستة منهم في مجمع الشهيد سليمان الضراط بالمدينة الرياضية في بنغازي ، وقام أفراد من أعضاء اللجان الثورية من أمثال صالح الزوبيك ، وسعد التاورغي ، وكشكر ، وبنات عبدالسلام سعيد بالإساءة إلى أجساد المشنوقين وهي معلقة على أعواد المشانق ، وهؤلاء الشهداء هم :
منير محمد عبدالرازق مناع ، علي العشيبي ، صالح عبدالنبي العبار .
عصام عبدالقادر البدري ، محجوب السنوسي ، أحمد محمد الفلاح. سعد خليفة محمد الترهوني علي عبدالعزيز البرعصي ، سامي عبدالله زيدان
وفي يوم الاربعاء ، الثاني عشر من فبراير من عام 2003 ، جرت أطول عملية استبدال للاعبين في تاريخ كرة القدم على مر العصور . ففي مباراة ودية في كرة القدم بين المنتخب الليبي والمنتخب الكندي ، فاز بها المنتخب الكندي بنتيجة ( 4 – 2 ) . وعندما جرت عملية استبدال اللاعب الساعدي القذافي الذي كان يضع إشارة كابتن المنتخب على ساعده الأيمن ويحمل الرقم 11 باللاعب أحمد سعد الذي يحمل رقم 15 ، قام الساعدي بمصافحة جميع لاعبي المنتخب الكندي ، والمؤشر والجهاز الفني وبدلاء المنتخب الكندي ، وفي طريقه للخروج من الملعب مد يده وأتجه نحو أحد رجال الأمن الذي كان واقفاً خارج الملعب ، فمال رجل الأمن بجسمه إلى الأمام ومد يده ليرد التحية بأحسن منها إذ أنه فهم أن الساعدي أراد مصافحته ، وليس ذلك بمستغرب إذ أنه ابن بلده ، ومواطن ليبي يؤدي عمله في حفظ الأمن ، ولكن الساعدي القذافي تصرف على نحو ينم عن أخلاقه وتربيته الفاسدتين ، وانحرف يساراً وضن على ابن بلده بمصافحته بعد أن ضن عليه هو وأبوه وأخوته بخيرات ليبيا . وعلق المعلق الرياضي عياد العشيبي على هذه الفعلة بأنها " لقطة لا تخلو من الطرافة "
وأظن أنه أراد بتعليقه ذاك القول أن شر البلية ما يُطرف .
وفي الثامن من فبراير من عام 1991 ، ألقى رئيس الوزراء الماليزي الدكتور محاضير محمد ورقة عمل بعنوان ( 2020 الطريق قدماً – رؤية ) لصياغة الرؤية المستقبلية لماليزيا الحديثة خلال افتتاح اجتماع المجلس التجاري الماليزي ، وليس في ذلك بحد ذاته شيء من السوء ، ولكن السيء هو أنه بعد ذلك بسنين عديدة خرج علينا أحدهم بمشروع مستنسخ من تجربة الدكتور محاضير لتقرير ما يجب أن تأول إليه الجماهيرية في عام 2025 في محاولة لتلميع وإعادة تدوير نظام القذافي وأبنه سيف الإسلام .
إنني في هذا الخصوص أود أن أقول كلمة لأزيح بها ثقلاً جاثم على صدري ، وغصة في حلقي ، وهي إنني أعترف أولاً بأنني إنسان عادي ، فلست صوفياً تنتابه حالات من الوجد ترقى به إلى حالة الكشف ، ولست أسطوانة في السياسة ولا خبيراً في المستقبليات ، ولا محللاً سياسياً عارفاً ببواطن الأمور ومطلعاً على علاتها . إنني مجرد إنسان عادي ، ومع ذلك كنت أدرك ، وقد يكون ذلك غريزياً ، أن القذافي ونظامه وصلا إلى درجة من الفساد يصبح معها مقدار التخلفية Hysteresis الناتجة في حالة أراد هذا النظام البدء من جديد بداية إصلاحية ، كافياً لتدمير دولة بلغت شأواً عظيماً من التطور والنمو . في الواقع ، إن ذوي النفس القصير ، وذوي المبادئ المتقلبة ، والمنتفعين ، وسدنة الهياكل ، وعلماء البلاط ، والمزمرين والمطبلين الذين ركبوا السفينة الخضراء كانوا يخادعون الله ، ولكنهم في حقيقة الأمر لم يكونوا يخدعون إلاّ أنفسهم وبعض الناس لبعض الوقت . لقد أرادوا كما يقول إبراهام لنكولن أن يخدعوا كل الناس كل الوقت ، فغاصوا في مستنقع آسن حتى الأنوف وكانوا يتظاهرون بالإصلاح وحجتهم في ذلك ، هي أنه طالما أتيح مجالاً للتغيير فلما لا يستغل ؟ في الحقيقة لقد كان مجالاً للتغيير ولكن من معمر القذافي إلى سيف الإسلام القذافي ، ومن الجماهيرية الأولى إلى الجماهيرية الثانية ، ومن يدري ربما إلى المملكة العربية القذافية . هؤلاء هم أبناء للثورة بالتبني ، فهم لم يخرجوا من رحمها فعلاً بل التصقوا بها كما تلتصق الطحالب بالصخور البحرية ، فمتى يبدأ الجبار زحل بالتهامهم؟
إنني لا أدعو القطة إلى التهام قطيطاتها الأصيلة ، ولكن أتمنى عليها أن تبدأ بالتهام تلك الجراء الصغيرة الزاحفة الغريبة عنها والتي تحاول الالتصاق بأثدائها وامتصاص الحليب المنعش المقوي . إن هذه الجراء الغريبة عندما تقوى وتتمكن ستمتص الحليب كله ، والدماء ، والنخاع وكل أساس تقوم عليه الحياة . إنني لا أخشى فقط على الثورة من هذه الجراء الغريبة ولكنني أخشى على ليبيا كلها . تكاد ثورة 17 فبراير دون باقي ثورات الربيع العربي هي الوحيدة التي تتميز بظاهرة المتسلقين والطحالب وراكبي الأمواج حيث تمكن هؤلاء من اعتلاء سدتها والتحكم فيها من الثاء إلى التاء .
التاريخ : 10/5/2012
الكاتب
فريد صالح آدم
في ليلة شتوية باردة من ليالي شهر فبراير من عام ألفين وأحد عشر لميلاد المسيح عيسى بن مريم عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام ، قدِمْ على مدينة بنغازي رجل غريب . كان رجل غريباً في كلامه ، وغريباً في مشيته ، وغريباً في ملبسه. كان الغريب غريباً في كل شيء كغرابة تلك الأوقات التي شهدتها المدن والبلدات والقرى الليبية . سار الغريب في شوارع بنغازي المضطربة منشداً :
أنا في أمةٍ تداركها اللهُ ....... غريبٌ كصالح في ثمود
ولعل إنشاده لهذا البيت هو ما أكسبه لقباً تميز به عن غيره . وعند مروره ببعض المارة سألهم أن يدلوه عن شارع يسمى شارع أحمد بن الحسين بن الحسن الجُعفي ، وقال إنه أولى بهذا الشارع من غيره ، ثم صاح قائلاً : دلوني على رجل يدعى المبروك البسيوني ، لقد سمعت أنه قال ذات مرة في موقف عصيب أن هذه المدينة أكثر حدباً وعطفاً على المتشردين الجوالين من أمهاتهم ، وهي الحضن الدافئ لمن فقد حضناً دافئاً يتربى فيه ، وهي الملاذ الأخير الآمن لمن ضاقت بهم الأرض بما رحبت . إنها مرفوعة في العلا ومنصوبة على العز ، فهي ، هي هي حسب قول سيبويه ، وهي إياها حسب قول الكسائي .إنها مدينة الشيخ ابن غازي .
بنغازي هي البطولة في المشاهد ، وهي أميرة ذات خدم وحشم تدعى برنيق. بنغازي برزخ يعزل البغاة عن بحر رياحه رخاء . إنها البتراء من الحجج ، فهي قاطعة نافذة ، إنها خطبة بتراء قيلت غضباً لوجه الله الكريم ، ولم تفتتح بذكر الله إلا لأن الغضب له أذهلها عن الافتتاح باسمه سبحانه وتعالى . بنغازي هي البتول المنقطعة عن الدنيا إلى الله .
بنغازي هي النجدة إذا عز النصير ، وهي نجم يهدي الضالين إلى وجهتهم ، إنها النضال ونصرة الحق ، وهي نصل في نحر كل ظالم ، إنها نسمة عليلة تشفي النفوس من علاتها ، وهي النسب لمن لا حسب ونسب له . إنها النول الذي نسج عليه كفن الجبت والطاغوت .
بنغازي هي غزوة المجاهدين على جيوش الكفر وأرتاله ، وهي غارة الله على الظالمين . إنها الغيرة على الحق ، وهي غل يفرق منه قلب كل مغتصب . إنها غرب منصهر في شرق وجنوب في شمال .
بنغازي هي الأسوة الحسنة لكل مدينة ، وهي أثل وتأصل في الجاه والشرف ، وهي الأثفية التي لا قبل للظلمة بالتصدي لها حينما يرمون بها ، وهي الإيثار في أسمى معانيه . بنغازي هي إتباع لتعزيز المعنى كقولنا ( حسن بسن ) ، وهي الظهر الطيب من الأرض الذي يسمى الأبهر .
بنغازي هي زين وزينة ، وهي زمردة في جبين ليبيا . إنها زورق النجاة ، وهي زهرة الربيع العربي . بنغازي زمهرير يهب في وجوه الطغاة ، وهي زقوم في بطونهم . وإذا كانت دار السلام هي الزوراء في العراق ، فإن زوراء ليبيا هي بنغازي . لقد زهق الباطل في بنغازي فكان زهوقا . إنها زوبعة في وجه الزور ، وهي الزاووق الذي يحسن ويزخرف وجه ليبيا ، وفيها يذهب الزبد جفاءً ، وهي زلزال يهدم عروش الطواغيت وحصونهم . بنغازي هي الزنقة التي أنزنق فيها المزنوق ‘ حيث قرصه القمل ، وقرضته الجرذان والفئران ، ونهشته القطط والكلاب ، وأهلكته الجراثيم وأوردته حتفه .
بنغازي هي يوسبريدس التي يجري من تحتها نهر الليفرسان خيل ، والتي كانت حدائقها تزخر بأشجار التفاح الذهبي ، إنها يم متلاطم الأمواج لا تستقر فيه سفن القراصنة الغاصبين . بنغازي هي اليافعة ، من الجبال الشامخة الارتفاع ، ومن الأمور ، ما علا وغلب منها فلم يُطقْ . بنغازي هي اليحموم الذي لا يستطيع الطغاة أن يتفيأوا في ظله ، فهو لا بارد ولا كريم ، وهي اليبس الذي تجري عليه سفن الثائرين ضد الظلم والاستبداد . بنغازي يراعة تنير دياجير الظلام ، وهي يعسوب المدن .
بنغازي هي يتيمة الدهر .
بنغازي هي بنغازي . إنها المدينة التي أهدتها توكل كرمان من اليمن السعيد ألف سلام ، وهي التي لم يرق لأحرار سوق الجمعة أن يروها حزينة تذرف الدموع ، ولم يتوان ثوار الزاوية في تضميد جراحها بدمائهم هم أنفسهم .
فحياك الله وبياك يا بنغازي .
قال المبروك البسيوني كل هذا بعبارة بسيطة في موقف عصيب من المواقف التي تمتحن فيها نفوس الرجال :
بنغازي رباية الذايح
بشكل عام لم يكن شهر فبراير حنوناً وعطوفاً على ليبيا عامةً وعلى بنغازي على وجه الخصوص . ففي يوم الخميس ، الواحد والعشرين من هذا الشهر من عام 1963 ، الموافق السابع والعشرين من شهر رمضان سنة 1382 هجرية ، دمر زلزال مدينة ليبية كاملة وسواها بالأرض ، وفي يوم الاربعاء ، الواحد والعشرين من فبراير من عام 1973 ، قصفت طائرات إسرائيلية حربية طائرة مدنية ليبية فوق صحراء سيناء ، وقتل جراء هذا العدوان الغير مبرر معظم ركابها ، وفي جمعة حزينة من هذا الشهر بتاريخ السابع عشر من فبراير من عام 2006 ارتكبت مجزرة شنيعة بحق رجال انتصروا لله ورسوله ، وفي يوم الاربعاء السابع والعشرين من هذا الشهر من عام 1980 أسلم الشهيد عامر الطاهر الدغيس الروح بعد أن عذبه أزلام القذافي حتى الموت ( قبض عليه في 24 فبراير من العام نفسه بتهمة الانتماء إلى حزب البعث ) . وفي الثالث من فبراير من عام 1962 ، أصدرت محكمة الجنايات بطرابلس حكمها في القضية التي بدأت النظر فيها يوم 25 ديسمبر 1961 والتي أتهم فيها مجموعة من الأشخاص بتشكيل تنظيمات سرية تنتمي إلى حزب البعث المحرم في البلاد العربية .وكانت المحكمة مُشكلة من الأستاذ الهادي التركي ، رئيس محكمة الاستئناف المدنية رئيساً ، والأستاذ أبو الحسن فراج المستشار بالمحكمة عضواً ، وسكرتيرية السيد أبي القاسم ملحس وقد مثل النيابة العامة حسن يونس وكيل النيابة وتولى جانب الدفاع عن المتهمين عدد من المحامين .
وفي يوم الخميس ، الخامس من فبراير عام 2009 ، نشرت جريدة الفلفل الأحمر الصادرة في العاصمة الأوغندية كمبالا ، مقالاً حول علاقة العقيد الليبي معمر القذافي ببيست كيميجيسا Best Kemigisa الملكة الأم لمملكة تورو. بعنوان :
القذافي والملكة الأم لإقليم تورو متيمان ببعض – القصة غير المحكية .
وكان هذا المقال باكورة سلسلة مقالات تناولت علاقة الزعيم الليبي معمر القذافي ببيست كيميجيسا الملكة الأم لمملكة تورو التقليدية نشرت في الخامس ، والسادس ، والثامن ، والتاسع ، والحادي عشر ، والثاني عشر ، والثالث عشر ، والرابع عشر ، والخامس عشر ، والتاسع عشر من فبراير عام 2009 .
وفي خطابه بمناسبة ذكرى قيام الوحدة بين مصر وسوريا الذي ألقاه الرئيس جمال عبدالناصر في الثاني والعشرين من فبراير من عام 1964 ، هاجم القواعد البريطانية والأمركية في ليبيا قائلاً :
" إن الشعب العربي ينتظر اليوم الذي تحتفل فيه الأمة العربية بالجلاء الكامل ، لأن القواعد الموجودة في ليبيا هي نتيجة الاستعمار ولأنها خطر على الأمة العربية كلها "
وفي الثاني من فبراير من عام 1964 ، ردت صحيفة البلاغ على تفسير بعض أطراف النخبة الملكية الليبية الحاكمة لمظاهرات يناير الطلابية بأن هذه المظاهرات كانت أصلاً جزءاً من مؤامرة ضد نظام الحكم والعرش .
" بعض العناصر الفاسدة التي ربت لحم أكتافها من دماء الضعيف وملأت خزائنها من خبز الفقير ، وكونت أرصدتها في الخارج من أموال الدولة . إن المؤامرة الحقيقية هي محاولة عصبة الفساد في خلق مؤامرة وهمية من الأحداث الأخيرة وأنه لمن أسخف السخافات أن تدس عصبة الشر الإيحاء بأن العرش كان مهدداً لسبب بسيط هو أن المظاهرات كانت تهتف بحياة مولانا المعظم . إنها ورقة خاسرة ومولانا الملك المعظم يحس بحرارة إخلاص الشعب له "
وفي السادس من فبراير من عام 1967 ، حدث اعتصام لطلبة ليبيين في السفارات الليبية في لندن وبروكسل وبون احتجاجاً على اعتقال حكومتهم لقيادات الاتحاد الطلابي في داخل ليبيا. وفي بيان لفرع بريطانيا للاتحاد العام لطلبة ليبيا بالعاصمة البريطانية لندن في الحادي عشر من فبراير 1967 ، كتب الطلبة المعتصمون :
" في اليوم الخامس للاعتصام أستدعي البوليس البريطاني لطردنا من دار السفارة .. عار كبير سيضيف به التاريخ صفحة سوداء إلى سجل من لطخت أيديهم بدماء الزاوية وبنغازي . جرنا البوليس البريطاني ورمى بنا إلى قارعة الطريق تحت أنظار المتفرجين من الأجانب والصحفيين وعلى إثر ذلك نقلنا إلى أحد سجون لندن وقدمنا في صباح اليوم التالي إلى المحاكمة حيث حكم علينا بغرامة مالية رفضت السفارة الليبية دفعها ، وقد قام الاتحاد الوطني للطلبة البريطانيين بدفعها "
وفي فبراير من عام 1941 ، سقطت مدينة بنغازي في يد القوات البريطانية وارتكبت فيها القوات الإيطالية المنسحبة مجزرة في حق عائلة عيت جعودة . وفي الثالث والعشرين من هذا الشهر من عام 1952 قبض على المناضل الليبي بشير السعداوي ونفي إلى مصر ، وفي السادس من فبراير من عام 1955 نفذ حكم الإعدام في السيد الشريف محيي الدين السنوسي . وفي الثاني من فبراير من عام 1978 صدر الفصل الثالث من الكتاب الأخضر ، وفي الثاني من فبراير من عام 2009 أصبح العقيد معمر القذافي رئيساً للاتحاد الأفريقي ، وفي الخامس والعشرين من فبراير من عام 2010 ، شن العقيد معمر القذافي في كلمة له بمناسبة عيد المولد النبوي بمدينة بنغازي هجوماً على سويسرا ، ناعتاً إياها بالكفر والفجور والمدمرة لبيوت الله : ( سويسرا الكافرة الفاجرة التي تدمر بيوت الله) . يعرف القاصي والداني أن السبب الحقيقي وراء حملة القذافي الشعواء على سويسرا ، هو قيام هذه الأخيرة بتوقيف أبنه الفاسق هنيبال لقيامه هو وزوجته المتجردة ألين سكاف بضرب خادمين لهما ، وكما يقال أن حبل الكذب قصير فبعد هذه الكلمة بسنة تقريباً ثبت بالدليل القاطع من هو مدمر بيوت الله ، فلم تكن سويسرا هي التي قصفت مئذنة مسجد البخاري في مصراتة ، كما أن سويسرا لم تكن وراء محو جامع السوق في الزاوية من على وجه الكرة الأرضية. أما عن الفجور ، فقد أعجبني قول الدكتور فرج نجم في لقاء معه ببرنامج ( بوضوح ) على قناة الحوار في معرض حديثه عن ثورة السابع عشر من فبراير :
" للأمانة ، هذه الثورة كانت مؤيدة ومنصورة بالفاجر والبر . بالجميع ، ولم يكن هنالك شقاق بين الاثنين "
ولابد لنا في هذا المقام من ذكر لطيفة حول الأبرار والفجار ، فقد قال عبدالله بن المقفع في هذا الصدد :
" الرجال أربعة : اثنان يختبر ما عندهما بالتجربة ، واثنان قد كفيت تجربتهما ، فأما اللذان يحتاج إلى تجربتهما فإن أحدهما بر كان مع أبرار والآخر فاجر كان مع فجار ، فإنك لا تدري لعل البر منهما إذا خالط الفجار أن يتبدل فيصير فاجراً ، ولعل الفاجر منهما إذا خالط الأبرار أن يتبدل فيصير براً ، فيتبدل البر فاجراً والفاجر براً . وأما اللذان قد كفيت تجربتهما وتبين لك ضوء أمرهما فإن أحدهما فاجر كان في أبرار والآخر بركان في فجار "
وإذا كانت ثورة 17 فبراير في بداياتها في حاجة للبر والفاجر ، ولا جرم في ذلك ، فالله سبحانه وتعالى قيض فرعوناً لموسى ليتعهد بتربيته ، والمطعم بن عدي لرسول الله صلى الله عليه وسلم ليجيره ويحميه ، ولكن عندما تقوم الثورة وتستغلظ فلا مجال للفجار في صفوفها.
وفي الثاني والعشرين من فبراير من عام 1970 عقد العقيد معمر القذافي أول مؤتمر صحفي له بمدينة طرابلس ، وفي الرابع عشر من فبراير من عام 1972 قررت ليبيا وأوغندا إقامة علاقات دبلوماسية بينهما على مستوى السفراء ، وفي الحادي والعشرين من فبراير من عام 1974 جرى قسم في الكعبة بين القذافي والسادات ، وفي الرابع والعشرين من فبراير من العام 1977 قرر مجلس قيادة الثورة في ليبيا التصديق على أحكام ضد المتهمين بالحزبية . وفي الرابع من فبراير من عام 1980 أحرقت السفارة التونسية بطرابلس ، وفي الخامس والعشرين من فبراير من عام 1981 أصدرت اللجان الثورية حكماً غيابياً بإعدام كل من محمد المقريف ويحيى عمرو وفاضل المسعودي . وفي 21 من فبراير اقتحمت السفارة الأردنية في طرابلس وأضرم فيها النار ، وفي اليوم التالي قطعت الأردن علاقتها الدبلوماسية مع ليبيا . وفي الثامن والعشرين من فبراير من عام 1985 جرت محاولة لاغتيال عزالدين الغدامسي في النمسا . وفي الخامس من فبراير من عام 1985 أطلقت سلطات القذافي الأمنية سراح أربعة بريطانيين محتجزين لديها بعد مفاوضات أجراها مفوض كبير أساقفة كانتربري ، تيري ويت .
وفي يوم الثلاثاء بتاريخ السابع عشر من فبراير من عام 1987 الموافق 18 جمادي الآخرة من عام 1407 هجري ، أعدم تسعة ليبيين أحرار أُدينوا بقتل أحمد مصباح الورفلي ، وهو من أعوان القذافي البغاة في مدينة بنغازي ، ونفذ حكم الإعدام في ستة منهم في مجمع الشهيد سليمان الضراط بالمدينة الرياضية في بنغازي ، وقام أفراد من أعضاء اللجان الثورية من أمثال صالح الزوبيك ، وسعد التاورغي ، وكشكر ، وبنات عبدالسلام سعيد بالإساءة إلى أجساد المشنوقين وهي معلقة على أعواد المشانق ، وهؤلاء الشهداء هم :
منير محمد عبدالرازق مناع ، علي العشيبي ، صالح عبدالنبي العبار .
عصام عبدالقادر البدري ، محجوب السنوسي ، أحمد محمد الفلاح. سعد خليفة محمد الترهوني علي عبدالعزيز البرعصي ، سامي عبدالله زيدان
وفي يوم الاربعاء ، الثاني عشر من فبراير من عام 2003 ، جرت أطول عملية استبدال للاعبين في تاريخ كرة القدم على مر العصور . ففي مباراة ودية في كرة القدم بين المنتخب الليبي والمنتخب الكندي ، فاز بها المنتخب الكندي بنتيجة ( 4 – 2 ) . وعندما جرت عملية استبدال اللاعب الساعدي القذافي الذي كان يضع إشارة كابتن المنتخب على ساعده الأيمن ويحمل الرقم 11 باللاعب أحمد سعد الذي يحمل رقم 15 ، قام الساعدي بمصافحة جميع لاعبي المنتخب الكندي ، والمؤشر والجهاز الفني وبدلاء المنتخب الكندي ، وفي طريقه للخروج من الملعب مد يده وأتجه نحو أحد رجال الأمن الذي كان واقفاً خارج الملعب ، فمال رجل الأمن بجسمه إلى الأمام ومد يده ليرد التحية بأحسن منها إذ أنه فهم أن الساعدي أراد مصافحته ، وليس ذلك بمستغرب إذ أنه ابن بلده ، ومواطن ليبي يؤدي عمله في حفظ الأمن ، ولكن الساعدي القذافي تصرف على نحو ينم عن أخلاقه وتربيته الفاسدتين ، وانحرف يساراً وضن على ابن بلده بمصافحته بعد أن ضن عليه هو وأبوه وأخوته بخيرات ليبيا . وعلق المعلق الرياضي عياد العشيبي على هذه الفعلة بأنها " لقطة لا تخلو من الطرافة "
وأظن أنه أراد بتعليقه ذاك القول أن شر البلية ما يُطرف .
وفي الثامن من فبراير من عام 1991 ، ألقى رئيس الوزراء الماليزي الدكتور محاضير محمد ورقة عمل بعنوان ( 2020 الطريق قدماً – رؤية ) لصياغة الرؤية المستقبلية لماليزيا الحديثة خلال افتتاح اجتماع المجلس التجاري الماليزي ، وليس في ذلك بحد ذاته شيء من السوء ، ولكن السيء هو أنه بعد ذلك بسنين عديدة خرج علينا أحدهم بمشروع مستنسخ من تجربة الدكتور محاضير لتقرير ما يجب أن تأول إليه الجماهيرية في عام 2025 في محاولة لتلميع وإعادة تدوير نظام القذافي وأبنه سيف الإسلام .
إنني في هذا الخصوص أود أن أقول كلمة لأزيح بها ثقلاً جاثم على صدري ، وغصة في حلقي ، وهي إنني أعترف أولاً بأنني إنسان عادي ، فلست صوفياً تنتابه حالات من الوجد ترقى به إلى حالة الكشف ، ولست أسطوانة في السياسة ولا خبيراً في المستقبليات ، ولا محللاً سياسياً عارفاً ببواطن الأمور ومطلعاً على علاتها . إنني مجرد إنسان عادي ، ومع ذلك كنت أدرك ، وقد يكون ذلك غريزياً ، أن القذافي ونظامه وصلا إلى درجة من الفساد يصبح معها مقدار التخلفية Hysteresis الناتجة في حالة أراد هذا النظام البدء من جديد بداية إصلاحية ، كافياً لتدمير دولة بلغت شأواً عظيماً من التطور والنمو . في الواقع ، إن ذوي النفس القصير ، وذوي المبادئ المتقلبة ، والمنتفعين ، وسدنة الهياكل ، وعلماء البلاط ، والمزمرين والمطبلين الذين ركبوا السفينة الخضراء كانوا يخادعون الله ، ولكنهم في حقيقة الأمر لم يكونوا يخدعون إلاّ أنفسهم وبعض الناس لبعض الوقت . لقد أرادوا كما يقول إبراهام لنكولن أن يخدعوا كل الناس كل الوقت ، فغاصوا في مستنقع آسن حتى الأنوف وكانوا يتظاهرون بالإصلاح وحجتهم في ذلك ، هي أنه طالما أتيح مجالاً للتغيير فلما لا يستغل ؟ في الحقيقة لقد كان مجالاً للتغيير ولكن من معمر القذافي إلى سيف الإسلام القذافي ، ومن الجماهيرية الأولى إلى الجماهيرية الثانية ، ومن يدري ربما إلى المملكة العربية القذافية . هؤلاء هم أبناء للثورة بالتبني ، فهم لم يخرجوا من رحمها فعلاً بل التصقوا بها كما تلتصق الطحالب بالصخور البحرية ، فمتى يبدأ الجبار زحل بالتهامهم؟
إنني لا أدعو القطة إلى التهام قطيطاتها الأصيلة ، ولكن أتمنى عليها أن تبدأ بالتهام تلك الجراء الصغيرة الزاحفة الغريبة عنها والتي تحاول الالتصاق بأثدائها وامتصاص الحليب المنعش المقوي . إن هذه الجراء الغريبة عندما تقوى وتتمكن ستمتص الحليب كله ، والدماء ، والنخاع وكل أساس تقوم عليه الحياة . إنني لا أخشى فقط على الثورة من هذه الجراء الغريبة ولكنني أخشى على ليبيا كلها . تكاد ثورة 17 فبراير دون باقي ثورات الربيع العربي هي الوحيدة التي تتميز بظاهرة المتسلقين والطحالب وراكبي الأمواج حيث تمكن هؤلاء من اعتلاء سدتها والتحكم فيها من الثاء إلى التاء .
التاريخ : 10/5/2012
عدل سابقا من قبل dude333 في 2012-05-24, 8:40 pm عدل 1 مرات (السبب : تعديل)
dude333- مشرف المنتدى السياسي
-
عدد المشاركات : 5593
العمر : 55
رقم العضوية : 9508
قوة التقييم : 36
تاريخ التسجيل : 11/01/2012
مواضيع مماثلة
» مقالات مختارة : هل يجرؤن؟
» عبد السلام خشيبة....... بقلم: فريد صالح آدم
» مقالات مختارة : كلام من ذهب
» مقالات مختارة : حرق السفارات, هدف من؟
» مقالات مختارة ::: انا الرئيس
» عبد السلام خشيبة....... بقلم: فريد صالح آدم
» مقالات مختارة : كلام من ذهب
» مقالات مختارة : حرق السفارات, هدف من؟
» مقالات مختارة ::: انا الرئيس
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
اليوم في 8:06 am من طرف STAR
» الإكوادور وجهة مثالية لقضاء العطلات وسط المناظر الطبيعية
اليوم في 8:06 am من طرف STAR
» سر ارتفاع دواسة الفرامل عن دواسة البنزين في السيارة
اليوم في 8:05 am من طرف STAR
» ما ميزات شبكات "Wi-Fi 8" المنتظرة؟
اليوم في 8:05 am من طرف STAR
» رد فعل صلاح بعد اختياره أفضل لاعب في الدوري الإنجليزي
اليوم في 8:04 am من طرف STAR
» هل تعاني من الأرق؟ طريقة بسيطة تسحبك إلى نوم عميق
اليوم في 8:03 am من طرف STAR
» الكبة المشوية على الطريقة الأصلية
اليوم في 8:03 am من طرف STAR
» الصلاة علي رسول الله+الاستغفار+ذكر الشهادة+كفارة المجلس
اليوم في 8:00 am من طرف STAR
» ارخص غسالات ملابس
2024-11-18, 10:29 am من طرف محمدوعبدو
» "لسنا عيادة طبية".. رئيسة بالميراس البرازيلي تعلق بشأن التعاقد مع نيمار
2024-11-18, 7:49 am من طرف STAR
» لا تستخدم مياه "الحنفية" لتبريد محرك سيارتك.. إليك السبب
2024-11-18, 7:49 am من طرف STAR
» هل يطرد النوم "السموم من الدماغ"؟.. دراسة تكشف السر
2024-11-18, 7:48 am من طرف STAR
» لمستخدمي "ميتا" في أوروبا.. إليكم هذه الميزة الجديدة!
2024-11-18, 7:47 am من طرف STAR
» احرصوا على تهوية المنزل حتى في الطقس البارد!
2024-11-18, 7:47 am من طرف STAR
» العناية بالبشرة في فصل الخريف.. نصائح مهمة لذلك
2024-11-18, 7:46 am من طرف STAR