يتبع :المساورة مرة خامسة

من طرف كدوع 2012-06-17, 1:03 am

كيف اصَل الليبيون لثورات الربيع العربي وأعطوها مغزًى
لم يشعر جريح سنوحي رغم ما تعرض له بالظلم و بالغبن ..!
القهر الشديد يذل النفوس فرادى وجماعات ويكسب المقهورين خنوعا وتبعية تجاه القوة القاهرة الراهنة وبزوال تأثيرها ينتقل سلوك التبعية والتأييد إلى القوة الجديدة "إذا حلت "محل الأولى
هذه سيكولوجية الإنسان المقهور..
تكلم إفلاطون عن الثيموس الذي يميز الإنسان عن سائر المخلوقات واستدعى فوكوياما هذا اللفظ في كتابه نهاية التاريخ وقدم المصطلح الافلاطوني "ثيموس" بمعنى الشجاعة وتقدير الذات والنضال من أجل المنزلة "لاحظ أننا نتكلم على الدرجات الأعلى من سلم ماسلو الذي يبدأ بالأكل وينتهي بتحقيق الذات ."!!
لقد جوعت الشعوب عن قصد وعطل الاستثمار العقاري والإسكان أكثر من ثلاثين سنة وهو أي السكن الدرجة الثانية في سلم ماسلو وكذلك في النص القرآني..حيث يرد الإطعام أولا ويليه الأمن وهو ضد الخوف يتحقق إلى حد كبير بالسكن أول تدابير الأمان
أين مواطن الربيع العربي من تحقيق الذات وهو يخشى الجوع ولايأمن الخوف من المستقبل.؟
ليس المهم أن تظلم الشعوب أو الجماعات البشرية حتى تنتفض أو تثور..بل المهم أن تشعر بالظلم أن تشعر بالغبن بشكل جماعي واسع وأن بالإمكان التغيير وهذا ما قلنا عنه في مساورة سابقة "الوعي التاريخي الجماعي بالذات."..وذلك لمسه الأدب والفن في صيحة الشاعر الليبي محمد الفيتوري من عائلة كريبة في زليطن والذي كثيرا ما ينسب إلى السودان:
الجماهير أفاقت من كراها..ماتراها حمل الأفق صداها
خرجت تبحث عن تاريخها بعد أن تاهت عن الأرض وتاها...1
إن الإفاقة أو الوعي يحتاح إلى حد أدنى من الشعور بالرابط القومي أو رابط المواطنة ووحدة الآلام والآمال والمصير وهذه مقومات صنع العصبة التي هي الباعث الفعال للحراكات السياسية المؤسسة للدول قديما وحديثا. والمانعة لطغيان الملوك والحكام والأ وليغارشيات..2 "على الأقل تحت قانون توازن الرعب".
على المستوى الدولي ،في غياب الرابط الإجتماعي والوعي السياسي بالذات احتلت بريطانيا شبه القارة الهندية التي تفوق بريطانيا عددا بعشرات المرات ومن هنا ظهرت الحكمة البريطانية ( فرق تسد ) ،وكذلك فعلت البرتغال في جزر الملايو وفي أفريقيا..

الحرب والانتفاضة والثورة باعتبارها حراكات اجتماعية سياسية ليست مجرد فعل إرادي كما يقول إنجلز، بل لها متطلبات موضوعية منها :-الجغرافيا - والتنظيم .- والأهم حد أدني من الفكر السياسي الذي يجعل من فكرة الثورة و التغيير دافعا حقيقيا وممكنا يحرك الإرادة ... يورد كولن ويلسون في كتابه اللامنتمي النص الآتي :
(الحرية تعني حرية الإرادة، فالإنسان لا يستطيع أن يعمل إلا إذا كان لديه دافع، فإذا لم يكن هنالك دافع، لم يكن هنالك إرادة. فالدافع ينشأ عن الاعتقاد، فالإنسان لن يفعل شيئاً ما لم يعتقد بأنه ممكن وذو معنى. كما يجب أن يكون هذا الاعتقاد بوجود شيء، يعني بما هو حقيقي، إذاً فالحرية تعتمد على الحقيقة. )
الدافع ينشأ عن الاعتقاد عن الكلام في السياسة والتواصل والتحريض للشعور بالغبن ...ففي البدء كانت الكلمة...
لمنع الثورة ..يمنع الكلام في كل لبوس وصورة ..
يقول شاعر عراقي واصفا الحياة للمقهور في قصيدة عامية:
مسموح بس كت الدمع...شرط الدمع حد الجفن...
والشاعر نفسه ينصح مخلصا قائلا:
وأزيلوااللجم.... فإن الداء الأول كان لجاما ......طوره النفط فصار من الذهبِ !.
مُنع البكاء لعله يكشف نية التذمر ومُنع الكلام بكافة السبل ،من الحديد إلى الذهب ...كلنا في الهم شرق يصيح نفس الشاعر ناصحا ...خبئ نياتك ..هذا زمن تقرأ فيه النيات!!
يسأل المقهور الذي شعر بالغبن متحديا الخوف بعشيرته الأقربين ويبث لمن يأمنهم شكواه لازال يخبئ نياته إلا عن عشيرته .... ياللي حررت البشمرقة...
وآخر يدعو سرا فيسري دعاءه في كل ليبيا:
يارب بدل هالحوال بغيرة
الآخر والآخرون......لقدانطلق الفكر السياسي ممتطيا صهوة القصيدة والشتاوة وقصيدة البيت الواحد المثقلة بالمعاني في الشرق الليبي (ومن لايرى ذلك أرمد) ولاقت وسطا ملائما سأتسور إليه مرة سادسة
وإلا فقد قلت لكم أطردوني ،تؤجروا وأستريح

1-المد جبرا للقافية في تاه.
2-الأوليغارشية :حكم الأقلية الثرية القامعة