المساورة :مرة سابعة

من طرف كدوع 2012-07-05, 10:51 pm

المساورة : مرة سابعة

كيف أصَل الليبيون لثورات الربيع العربي وأعطوها مغزًى

كان المجتمع الفرنسي في عصر الإقطاع يتكون من طبقات هي الحاكم والأمراء و باقي طبقة رجال الدين و النبلاء ثم الفرسان (شوفالييه = فارس)ورجال الحرب ثم باقي الناس من الحرفيين وأصحاب المهن والفلاحين وينتمي إلى الطبقة الأخيرة الكاتب والشاعر الكبير فيكتور هيجو الذي وصل باجتهاده ونبوغه إلى الدخول مع كبار القوم في صالونات اللوفر ،يقال أن أحد النبلاء حسده على هذا الشرف واهتمام الحاضرين به رغم وضاعة محتده فقال النبيل : لماذا يا فيكتور لم تكن حلاقا مثل أبيك !!؟...وكان والد فيكتور هيجو حلاقا. فأجاب الكاتب الكبير دون انفعال أو غضب: لا أحد يشبه أباه فأنت مثلا كان أبوك صاحب أخلاق فاضلة!!! من هذه الصالونات الطبقية خرج قبل منتصف الليل من قصر اللوفر حيث يسكن ويحكم ملك فرنسا ، خرج شابان من طبقة الفرسان يفيضان فخرا وسعادة وغرورا صبغت بالسذاجة جراء الشباب والخمر. قبل أن يفترقا أمام تمثال فيل كبير أجوف سأل الفارس الأول زميله:ماهي أمنيتك ياشوفالييه شارل؟ - أن أعيش في زمن جان دارك فأكون فارسها وبطلها المنقذ... وأنت يا شوفالييه مارون قل أمنيتك.. - أن أقود معركة لاحتلال فيينا .. سمع الفارسان أنينا صادرا من الفيل...صاحا بالتمثال لاستطلاع الأمر... خرج شاب من جوف الفيل يرتعش بردا وخوفا يشبه الفارسين عمرا وشكلا و...عندما هدأ روع الفارسين أرادا أن يسخرا منه: لقد سمعت أمانينا فماهي أمنيتك أنت أيها الشاب ؟ هيا قل!.. – خبزتان .. واحدة لي والأخرى لأمي..... أجاب الشاب . احتار الفارسان فيما إذا كان سخافة طموح وأماني صاحب الفيل هي سبب بؤسه أم أن البؤس هو سبب سخافة الطموح...! وأسأل: هل من قصّر في الأداء وقت الثورة هو صنيعة ظروفه؟ بل هل هوضحية ظروفه ؟ ماذا يبقى من بطولتنا الذاتية الشخصية لو نزعنا تأثير الظروف المواتية ،من بيئة وعصبة وظروف جيوسياسية ولدت سلوكا ووعيا سياسيا تاريخيا ليس مرده إلى "ذاتنا الفردية فقط معزولة عن المؤثرات المحيطة...؟ " إجابة السؤال تجعلك موقنا أنه لا يوجد قائد ملهم نظم أو نظر لثورة فبراير عدا الشعب الليبي وتفاعلاته حسب وعيه بذاته وهذا من إملاءات التاريخ والجغرافيا والجغرافيا السياسية أيضا ..راجع باقي المساورات...

في المعلّقات السبع، يورد الشاعر الحكيم الحارث اليشكري في معرض الحديث عن قبيلته: . لا يقيم العزيز بالبلد السهل............ولا ينفع الذليل النجاء النجاء هي الأماكن بمنجى عن الخطر وهو مجاز مرسل عن المكان المتصف بالمنعة وعدم قابلية العطب والقدرة على الصمود تجاه مؤثر العطب كما أنه لايعني بالبلد السهل في هذا البيت تلك الأرض الفسيحة الخالية من النجاد والوهاد حصرا ...أنه يعني الأرض التي يؤخذ أهلها بسهولة ، أي المكان الذي لا يتصف بأنه يعطي منعة لأهله سواء من إنفراط العصبة أو عدم وجودها كما هو الحال في المدن الكبرى أو الخواص الجغرافية(راجع المساورة السادسة) ..قارن وضع مدن الجبل الغربي... نالوت مثلا لها منعة استثنائية وعلاقاتها بباقي المدن الجبلية والعمق التونسي كأرض صديقة أعطاها مايسميه العسكريون حرية العمل و الحركة ، قارن هذه المناطق مع مناطق أخرى حبيسة تعتمد على النظام لم يكن بإمكانياتها الفعلية أو الإرادية أن تؤدي آداء مماثلا..

كذلك مدن الشرق وكلها ذات عصبة ومنعة واكتفاء جيوستراتيجي ولم تخنق بالقوات كالزاوية وطرابلس وإنما كانت (مدن الشرق) تتلقى ضربات موسمية عنيفة تذكر من يريد الثورة بأن الأيدي تطاله ..... رجال كثيرون استوعبوا الجغرافيا وحكم الظروف المحيطة منذ البداية ...كان من أشهر هؤلاء في الغرب الليبي ، الشيخ محمد المدني الذي كان في كل معركة يحض منتسبي الطرف الآخر على ترك سلاحهم والانصراف بأمان وكثيرا مايلاقي استجابة وإلا ما كررها إلى أن تم الغدر به بعد عشرات المعارك ،وهو يحاول حقن دماء الليبيين حتى ولو كانوا من الطرف الآخر ، لقد نسينا بريق رجال مدن الجبل الغربي عربا وأمازيغ عندما أطلقوا سراح المتطوعين فضلا عن العسكريين ، أليسَ "كاراكلا" أحد ابني الإمبراطور الليبي سبتيموس سيفيروس هو الذي قال "يصعب جدا أن تقتل أخاك ولكن الأصعب أن تجد مبررا لقتله".. أين صورة الشيخ الجديع الزنتاني وهو يخطب في أهله بلكنته المميزة "هبوا مع أولادكم إلى ساحة الوغى... " والشرق كل مدن الشرق التمست بكل حكمة العذر للذين استقدمهم النظام لمحاربة وإخضاع مدنهم بحكم القانون أو التغرير أو الإجبار أو حتى الطمع وأطلقوا سراحهم وكأنهم تجاوزوا آلامهم وتغلبوا بالعقل على نشوة الإنتقام وأسسوا(للآخرة والجود والعاوادة) ..أي لليوم الآخر والجود والكرم و بثا ونشرا للفضيلة والفضل يعيدها المعيدون"العاوادة" لتعليم الأجيال من بعدهم ..وهذا جوهر مقصد مايسمى في العلم العسكري تقدير موقف السكان الديناميكي والاستاتيكي حتى تضمن موالاتهم أو لايتم استفزازهم واستعداؤهم....أنظر إلى هؤلاء الثوار الجنرالات كيف دفعوا بالتي هي أحسن ...فجعلوا المستنفر ضدهم وليا حميما...يرى المراقب اليوم أننا في غياب سراة(سراة الناس قادتها) الثورة الأوائل أصبحنا نستعدي الولي الحميم ....و يتساءل المراقب هل توجه البنادق الليبية إلى الصدور أو الظهور الليبية لو كان الأمر بيد أمثال هؤلاء.... .. ............. حـنانيك قـيسُ إلامَ الذهول أفـِق ساعة من غواشي الخبَل

لكن لن يبهت بريق الثورة الليبية ولن تضل هدفها بعد هذه الأصالة والتجذر لدافع الرغبة في التغيير

في صدام الحضارات لصمويل هنتنجتن أورد الكاتب اقتباسا مفاده أنه في أوقات الشدة تنحل الهويات ويبحث المرء جاهدا ليرمم هويته...ويقدم الدين (كل الأديان ) إجابات آسرة لإعادة بناء الهوية لأن الدين يعطي للإنسان مضمونا ومحتوى...انتهى معنى الإقتباس...

إضافة إلى القوانين وتعاليم المجتمع يتحرك الفرد وتتشكل هويته تحت تأثير ثلاثة عوامل وفقا لعلماء النفس هي: الأنا الأعلى...وهو جانب القيم والمثل التي يطلب الوصول إليها... الهُوَ...عالم الرغبات المكبوتة ... الأنا...هي مايعنينا الآن وهي العامل الملموس و المرئي تأثيره على السلوك الإنساني...وتعرّف الأنا بأنها: كائن بسيط مهمته وفعله الجوهري المدافعة عن الذات واثبات وجودها تجاه الآخرين وما التفكير إلا علاقة هذه الأنا بسائر الموجودات... والظواهر الشعورية (كالخوف والغضب و الانفعال) ماهي إلا ظاهرة اجهاد الأنا في مدافعتها تجاه غيرها من أجل البقاء

في أوقات الشدة تنحل الهويات أي لم تعد الأنا مستقرة وفقدت القدرة على معرفة التوجه الصحيح.... من أنا وإلى من أنتمي وأين أصطف (حالة ذهول ) وهذا فيه اجهاد لايطاق فتسلك الأنا كذات مدركة لإعادة تشكيل الهوية أحد المسالك الآتية: 1- الاتجاه إلى الله حيث يقدم الدين الجواب الآسرالشافي وهذا سلوك أغلب أتباع الأديان وفق تحليل واستقراء الدكتور حسن الترابي وقد استشهد به هنتنجتن في صدام الحضارات .. ودور الجماعات الدينية في النضال الوطني لا ينكر إذ جعل لهذه الجماعات النصيب الأكبر من عداوة الدولة وقُتّلوا وحبسوا في كل الأقطار العربية خاصة ، قد لا تصوت لعبد الحكيم بالحاج ولكن لايمكنك أن تضل باحثا محايدا وأنت تغفل نضاله البطولي الشجاع في وقت كان فيه هوالأقل ناصرا والأضعف جندا.. 2- تندفع باتجاه عصبتها إذا أدركت الأنا أن لها بالخصم قوة وبإمكانها أن تأوي إلى الركن الشديد وهذا افتقده لوط عليه السلام وهو في حالة جزع(حتى نبي الله يجزع ويخاف) يحدثنا القرآن بأنه لم يقاتل لحماية ضيفه وهو مدرك أن لا جدوى من قتال قوة غاشمة.... 3- التماهي والانسياق مكرها مع رهبة القوة الغاشمة والأطر البنيوية والقانونية ومايعرف في علم النفس الصناعي بظلال المؤسسة التي تُلزم الأنا بموالاة القوة القاهرة الراهنة من أجل البقاء .... نجد جذورا لمبرر هؤلاء عند "عمانويل كانط" الرياضي والفيلسوف الذي ينسب السعادة حصرا على القيام ( بالواجب )... 4- بقاء الأنا مذبذبة لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء والبحث عن السلامة دون طائل.. 5- الأنا ذات الطبع الإجرامي تندفع باتجاه الشر لمجرد أنه شر أو اصطفاف الى جانب المصلحة أو فيه احتمال نجاتها كونها متورطة لاخلاف على أن الفئة الأولى والثانية هي عماد ثورة 17 فبراير وأبطالها الفاعلين مع من سبقهم من الأبطال ... الفئةالثالثة والرابعة تدخّل في إرادتها عنصر الإكراه الجبري والوظيفي وحتى أحكام القيم تنصب على الأفعال المعتادة المتروية المختارة ويمكن المعاقبة على الأفعال وتجريمها إن كانت كذلك... الفئة الخامسة لا خلاف على تجريم أفعالها قبل أو أثناء أوبعد ثورة 17 فبراير وبعد كم عدد هؤلاء(الفئة الخامسة) لا أ كثر من 5 أو6 أو7 أو10آلاف....ألم يطلق الثوار في بنغازي والجبلين (الأخضر والغربي) ومصراتة رغم جراحها المتطوعين لأجل السمعة والترغيب والشفقة..و..وهل يُذم الصلابي إن سار على خطى سُراتنا( شراقة وغرابة) وسعى ليكون ثالثا لنعم السيدان : ..يمينا لنعم السيدان وجدتما .....

تداركتما عبسا وذبيان بعدما......... تفانوا ودقوا بينهم عطر منشم

هل نترك صريح مقصده إلى غامض التأويلات ...لا ننس إننا أهل وإن كان فينا من أجرم ويستحق العقوبة ولسنا أعداء . حـنانيك قـيسُ إلامَ الذهول أفـق ساعة من غواشي الخبَل اللجوء و المصير اللجوج ....نطرحها مع المساورة الثامنة .

من طرف **dude333** 2012-07-05, 11:46 pm

المساورة 7
جاءت مع استعدادنا ليوم 7/7
بوركت وبورك قلمك

من طرف كدوع 2012-07-06, 3:30 pm

..أخي دودي 333

شكرا لتشجيعك

من طرف **STAR** 2012-07-12, 10:24 pm

مشكور جداً موضوع رائع يستحق الاطلاع

من طرف كدوع 2012-07-16, 12:43 am

starمشكور على اطلاعك أخي

من طرف **جمال المروج** 2012-07-25, 4:15 am

إن من روائع قلمك إنه يعرف كيف يبدأ ومتي يخرج
يكون جملااا مترامية كل منها ترسم عبيرا يفوح عطره المنتدى
ويعرف كيف يغازل قلمك سطورك الناعمة ....
فتارة تراه ريشة جميلة يرسم لوحة فنية من خلال حروفه الأنيقة
وتارة يأتي كالفارس المهوار يشق طريقه بكل ثقة من تراكم الأسماء
وشخصيات التاريخ ليخط به الماضي ليعتبر به للحاضر
لحظة تجده يقف وسط بستان من ثمار العبارات وكأنها فاكهة
لها طعم يفوق طعم الكرز ... والفراولة ... والكيوي ...
لقد تنزهت في حديقة حروفك واستظلت بأشجارها واستمتعت بوقتي فيها
فإن لقلمك ومضات ... وبريق ... وعذوبة ... في غاية الروعة
تقبل مروري المتواضع أستاذي كدوع

من طرف كدوع 2012-07-26, 12:49 am

أخي جمال المروج....إن ماكتبته أنت في حقي تعليقا على المساورة ملأني غبطة وسرورا وأنا أقترب من الستين وجدت نفسي أشعر بفخر كبير كشعور شاب يمدحه زملاء يقدرهم ويعتز بالانتماء لهم ...أنا شاكر لفضلك

من طرف homeland 2012-07-26, 2:28 am

مشكور استاذنا الفاضل كدوع
لقد كان الطرح جميل و مميز.
وفقكم الله..

من طرف كدوع 2012-07-27, 6:48 pm

مع فائق تقديري ....أرجو الاطلاع والتعليق على المساورة الثامنة

من طرف **جمال المروج** 2012-09-13, 1:04 am

جمال المروج كتب:إن من روائع قلمك إنه يعرف كيف يبدأ ومتي يخرج
يكون جملااا مترامية كل منها ترسم عبيرا يفوح عطره المنتدى
ويعرف كيف يغازل قلمك سطورك الناعمة ....
فتارة تراه ريشة جميلة يرسم لوحة فنية من خلال حروفه الأنيقة
وتارة يأتي كالفارس المهوار يشق طريقه بكل ثقة من تراكم الأسماء
وشخصيات التاريخ ليخط به الماضي ليعتبر به للحاضر
لحظة تجده يقف وسط بستان من ثمار العبارات وكأنها فاكهة
لها طعم يفوق طعم الكرز ... والفراولة ... والكيوي ...
لقد تنزهت في حديقة حروفك واستظلت بأشجارها واستمتعت بوقتي فيها
فإن لقلمك ومضات ... وبريق ... وعذوبة ... في غاية الروعة
تقبل مروري المتواضع أستاذي كدوع

يسعدني أن أعيد ما أملاه قلمي

لك الشكر مجددا إلي أن نلتقي بالمساورة التاسعة
فهلُا أسرعت قلمك ... في انتظارك ياأخي كدوع فأرينا خطوطك

من طرف كدوع 2012-09-13, 1:31 am

شكرا أخي جمال...
لقد شغلني عن المساورات الرسالة المفتوحة التي نشرت بالمنتدى يوم 11/9 /2012 وسأعود إن شاء الله

المساورة :مرة سابعة

المساورة :مرة سابعة

رد: المساورة :مرة سابعة

رد: المساورة :مرة سابعة

رد: المساورة :مرة سابعة

رد: المساورة :مرة سابعة

رد: المساورة :مرة سابعة

رد: المساورة :مرة سابعة

رد: المساورة :مرة سابعة

رد: المساورة :مرة سابعة

رد: المساورة :مرة سابعة

رد: المساورة :مرة سابعة