إعلانات المنتدي
المواضيع الأخيرة
بحـث
رعي الغنم ....
4 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
رعي الغنم ....
رعي الغنم . مهنة الأنبياء
تذكر كتب السير أن أول مهنة امتهنها النبي محمد r كانت رعي الغنم ؛ حيث كان يرعى غنم أبي طالب وذلك من باب شعوره بالمسؤولية وحرصه على تخفيف العبء على عمه الذي كفله ، وورد عنه أنه كان يرعى الغنم أيضاً لمكة لقاء أجر ، ورعي الغنم مهنة اختارها الله لأنبيائه يقول الرسول الأكرم : « مَا بَعَثَ اللَّهُ نَبِيًّا إِلَّا رَعَى الْغَنَمَ فَقَالَ أَصْحَابُهُ وَأَنْتَ فَقَالَ نَعَمْ كُنْتُ أَرْعَاهَا عَلَى قَرَارِيطَ لِأَهْلِ مَكَّةَ » ([1])
وفي اختيار هذه المهنة للحبيب محمد ولسلفه من الأنبياء دلالات هامة منها :
1- رعي الغنم فيه تربية على السكينة والوقار والصبر والتواضع : وهذا المعنى أشار إليه النبي r بقوله : } َالْفَخْرُ وَالْخُيَلَاءُ فِي أَصْحَابِ الْإِبِلِ وَالسَّكِينَةُ وَالْوَقَارُ فِي أَهْلِ الْغَنَمِ { ([2]) والغنم حيوانات أليفة ضعيفة وبطيئة في الأكل ، وهي قياساً لغيرها من النعم تعتبر أقلها اعتباراً وأهونها مالاً وأهدأها وأخفها تربية ، وكل هذه العوامل مدعاة لحصول السكينة التي تكفلها طبيعة الغنم ، أما الصبر فيتعاطاه الراعي من خلال طبيعة المهنة وبيئتها ؛ حيث يكون بعيداً عن أسباب الراحة ومظاهر الترف ، ولا يجد إلا حر الصحراء وخشونة الطعام وشظف العيش ، وهذه الظروف تتطلب من الراعي تحمل هذه الظروف القاسية ويألفها ويصبر نفسه عليها ، والتواضع خلق تقتضيه طبيعة تربية الغنم ؛ فالراعي يعود نفسه على خدمة الغنم ويشرف على ولادتها وينام بجوارها ، وقد يصيبه من روثها أو بولها شيء ومع هذا لا يتضجر من ذلك بحكم المداومة والاستمرار ، وهذه التصرفات خليقة بطرد الكبر من النفوس .
2- رعي الغنم على وجه الخصوص يعطي مجالاً للراعي للتأمل في ملكوت الكون ، لأنها إذا انشغلت بموطن الرعي لا تتحرك منه إلا بعد ساعات ، وهي بالنسبة للراعي ساعات يقتصر عمله فيها على المراقبة الصامتة من بعيد ، وهي فرصة واسعة لتقليب البصر والبصيرة من خلال التأمل في ملكوت السموات والأرض ، والتأمل مبدأ الفكر والمعرفة وعنوانهما ، بل هو من أعظم وسائل تحصيلهما ، كذلك ليل الراعي بجوار غنمه يتيح له مناجاة الوجود في هدأة الليل وظلال القمر ونسمات السحر .
3- طبيعة المهنة تقتضي من الراعي الاجتهاد والبحث عن مواطن الخصب ليسوق إليها غنمه ، إضافة للحرص على رد الشاردة منها إلى القطيع ، ومن تأمل هذه المهنة يجد أن الراعي يتحرك قلبه وبصره نحو الغنم الشاردة قبل أن تتحرك عصاه ، وتجده يراقب تخلفها عن القطيع ويتوجه بقلبه وبصره نحوها لعلها تعود له دون أن يستخدم عصاه ، ثم بعد ذلك يستخدم لسانه ليستحثها على العودة ، وينتهي به الأمر إلى استخدام عصاه إن تطلب الأمر ، وإن كان في الغالب لا يستخدم العصا إلا للهش على الغنم فقط ، لا الإيذاء ، وهذا درس هام في التربية ، ويبرز لنا سر اختيار هذه المهنة للأنبياء أو الحكمة منها ، وهو إعدادهم لسياسة البشر بالرفق والرحمة واللين ، إضافة إلى الحرص الشديد على إرشادهم إلى مواطن الخير وتجنيبهم مواطن الشر مع الهش عليهم لرد الشارد منهم ؛ فرعي الغنم مهيئة لصاحبها سياسة الأمم ؛ ولعل أدل آية على هذا الحرص المشوب بالرحمة والرفق على الرعية هي قوله تعالى : } َقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ { ([3]) ولئن كان الغنم أحوج الأنعام للرفق لضعفها فالبشر أضعف منها وأحوج.
4- بخصوص محمد r كان اختيار هذه المهنة له في مرحلة صباه أو في عنفوان شبابه جانباً من جوانب العصمة والعناية الإلهية لإخراجه من بيئة مكة التي كانت تنتشر فيها كثير من الموبقات والمنكرات خاصة بين شبابها ، وثقافة الإنسان هي وليدة لبيئته ؛ لذا أخرجه الله I من تلك البيئة كما أخرج موسى عليه السلام من بيئة فرعون لينال حظه من التربية والتهيئة في بيئة مدين الرعوية ؛ لذا تعتبر هذه المرحلة من أعظم مراحل التربية لنبي الرحمة ليكون طليقاً في الكون وعبر الطبيعة أغلب وقته في التأمل والمناجاة ، مما أكسبه صفاءً وسكينة ونجاه من لوثات الجاهلية وطيش الصبا إن وجدت مهيجاته ، يحكي الحبيب عن تلك المرحلة مبرزاً جانباً من جوانب العصمة الإلهية حيث يقول : « لما نشأت بغضت إلى الأوثان ، وبغض إلى الشعر ، ولم أهم بشيء مما كانت الجاهلية تفعله إلا مرتين ، كل ذلك يحول الله تعالى بيني وبين ما أريد من ذلك ثم ما هممت بسوء بعدهما حتى أكرمني الله برسالته ، قلت ليلة لغلام كان يرعى معي الغنم ، لو أبصرت لي غنمي حتى أدخل مكة فأسمر كما يسمر الشباب ، فخرجت حتى جئت أول دار من مكة أسمع عزفاً بالدفوف والمزامير لعرس كان لبعضهم ، فجلست لذلك ، فضرب الله على أذني فنمت فما أيقظني إلا حر الشمس ، ولم أقض شيئاً ، ثم عراني مثل ذلك مرة أخرى . » ([4])
وهكذا شب رسول الله r ، والله يحرسه ويرعاه ويحفظه من أدناس الجاهلية لما يريد من كرامته ورسالته ، فجعله أفضل قومه مروءة ، وأحسنهم خلقاً ، وأكرمهم حسباً ، وأرجحهم حلماً ، وأصدقهم قولاً ، وأعظمهم أمانة ، وأبعدهم عن الفحش ، لم يشاهدوا نشأة كعجيب نشأته فقد ملك عليهم مشاعره بصبره وحلمه ووفائه وجوده ونجدته وصدق لهجته ، وكريم عشرته ، وتواضعه وعلمه وحكمته ، ولم يكن له مؤدب على تلك الخصال إلا سلامة فطرته وسمو غريزته ، وطهارة عقيدته ، واعتصامه بالفضيلة و نفوره من الرذيلة ، ولم يكن جارياً في نشأته على المألوف عند أقرانه الصبيان من تأثر عقولهم ونفوسهم بما يسمعون أو يرون في بيئتهم ، بل كان له شأن آخر تكفلت السماء به من حسن تأديب و عصمة عما ألفه القوم من ضلالات الوثنية وأوهامها ، وسفاسف الأخلاق وذميمها .
ثانياً : التجارة .
التجارة هي شريان المعاملات المالية وروحها ؛ ورزقها من خير الأرزاق إن تجنب القائم بها مواطن الظلم ؛ لذا قدر الله للنبي r أن يباشر هذا العمل بنفسه ليكون على بينة وصاحب تجربة في هذا الجانب الحيوي من معاملات البشر ، وكان لصفاته الجليلة التي ذاع صيتها بالغ الأثر في امتهانه هذه المهنة ؛ حيث رغبت خديجة بنت خويلد -وكانت ذات مال - في أن يتجر لها بمالها بعدما سمعت عن أمانته وطيب أخلاقه ، وأرسلت معه غلامها ميسرة الذي رأى من الحبيب محمد r الفكر الراجح والشمائل الطيبة والنهج الأمين ، فسارع بإبلاغ خديجة بما رأى ، إضافة لما رأت خديجة نفسها من بركة وربح وفير ما لم تر من قبل ، فكانت هذه الصفات مما رغبها في الزواج منه بعد ذلك .
واختيار هذه المهنة لرسول الله r له دلالاته لعل أهمها : أن التجارة تعتبر روح المعاملات المالية ، والمال زينة الحياة الدنيا ، وحرص الإنسان على اقتنائه والاستزادة منه معلوم ؛ لذا يتخلل هذا الجانب الوظيفي المتعلق بمصلحة حفظ المال أنواع من الخلل منشؤها في الغالب حب المال ، وما يترتب على ذلك من نزاع له أثره على العلاقات الإنسانية ؛ لذا قدر الله سبحانه وتعالى لرسوله تلك التجربة العملية التي تبصره بطرق تداول المال من خلال التجارة ، وترشده إلى جوانب الخلل ومواطن النزاع فيها ، لكي يتعاطى معها عن تجربة حية في تشريعاته الخاصة في المعاملات المالية بما يدفع عن الناس الشقاء والنزاع فيه ، ويعزز الألفة والمودة والتماسك بين أفراد المجتمع ؛ ويحقق مبدأي العدل والإحسان من خلاله : العدل بإعطاء كل ذي حق حقه ، والإحسان من خلال التأكيد على ضرورة مراعاة جانب التسامح في المعاملات الشرعية والتي يجملها قوله r : « رَحِمَ اللَّهُ رَجُلًا سَمْحًا إِذَا بَاعَ وَإِذَا اشْتَرَى وَإِذَا اقْتَضَى . » ([5])
إعداد / د. محمد المبيض كتابه نبي الرحمة
([1]) أخرجه البخاري برقم 2143 [ البخاري ( 2/789) ]
([2])أخرجه البخاري برقم 3328 [ البخاري ( 3/1289)] ؛ وأحمد برقم 11937 واللفظ له [ المسند ( 2/96) ]
([3]) التوبة : الآية 128
([4]) أخرجه الحاكم برقم 7618 ، وقال صحيح على شرط مسلم [ المستدرك ( 4/273) ] ؛ وابن حبان برقم 6272 [ صحيح ابن حبان ( 14/169) ] ؛ والبزار برقم 640 [ مسند البزار ( 2/240) ] ؛ قال الهيثمي : رواه البزار ورجاله ثقات [ مجمع الزوائد ( 8/226) ]
([5]) أخرجه البخاري برقم 1970 [ البخاري ( 2/730) ]
تذكر كتب السير أن أول مهنة امتهنها النبي محمد r كانت رعي الغنم ؛ حيث كان يرعى غنم أبي طالب وذلك من باب شعوره بالمسؤولية وحرصه على تخفيف العبء على عمه الذي كفله ، وورد عنه أنه كان يرعى الغنم أيضاً لمكة لقاء أجر ، ورعي الغنم مهنة اختارها الله لأنبيائه يقول الرسول الأكرم : « مَا بَعَثَ اللَّهُ نَبِيًّا إِلَّا رَعَى الْغَنَمَ فَقَالَ أَصْحَابُهُ وَأَنْتَ فَقَالَ نَعَمْ كُنْتُ أَرْعَاهَا عَلَى قَرَارِيطَ لِأَهْلِ مَكَّةَ » ([1])
وفي اختيار هذه المهنة للحبيب محمد ولسلفه من الأنبياء دلالات هامة منها :
1- رعي الغنم فيه تربية على السكينة والوقار والصبر والتواضع : وهذا المعنى أشار إليه النبي r بقوله : } َالْفَخْرُ وَالْخُيَلَاءُ فِي أَصْحَابِ الْإِبِلِ وَالسَّكِينَةُ وَالْوَقَارُ فِي أَهْلِ الْغَنَمِ { ([2]) والغنم حيوانات أليفة ضعيفة وبطيئة في الأكل ، وهي قياساً لغيرها من النعم تعتبر أقلها اعتباراً وأهونها مالاً وأهدأها وأخفها تربية ، وكل هذه العوامل مدعاة لحصول السكينة التي تكفلها طبيعة الغنم ، أما الصبر فيتعاطاه الراعي من خلال طبيعة المهنة وبيئتها ؛ حيث يكون بعيداً عن أسباب الراحة ومظاهر الترف ، ولا يجد إلا حر الصحراء وخشونة الطعام وشظف العيش ، وهذه الظروف تتطلب من الراعي تحمل هذه الظروف القاسية ويألفها ويصبر نفسه عليها ، والتواضع خلق تقتضيه طبيعة تربية الغنم ؛ فالراعي يعود نفسه على خدمة الغنم ويشرف على ولادتها وينام بجوارها ، وقد يصيبه من روثها أو بولها شيء ومع هذا لا يتضجر من ذلك بحكم المداومة والاستمرار ، وهذه التصرفات خليقة بطرد الكبر من النفوس .
2- رعي الغنم على وجه الخصوص يعطي مجالاً للراعي للتأمل في ملكوت الكون ، لأنها إذا انشغلت بموطن الرعي لا تتحرك منه إلا بعد ساعات ، وهي بالنسبة للراعي ساعات يقتصر عمله فيها على المراقبة الصامتة من بعيد ، وهي فرصة واسعة لتقليب البصر والبصيرة من خلال التأمل في ملكوت السموات والأرض ، والتأمل مبدأ الفكر والمعرفة وعنوانهما ، بل هو من أعظم وسائل تحصيلهما ، كذلك ليل الراعي بجوار غنمه يتيح له مناجاة الوجود في هدأة الليل وظلال القمر ونسمات السحر .
3- طبيعة المهنة تقتضي من الراعي الاجتهاد والبحث عن مواطن الخصب ليسوق إليها غنمه ، إضافة للحرص على رد الشاردة منها إلى القطيع ، ومن تأمل هذه المهنة يجد أن الراعي يتحرك قلبه وبصره نحو الغنم الشاردة قبل أن تتحرك عصاه ، وتجده يراقب تخلفها عن القطيع ويتوجه بقلبه وبصره نحوها لعلها تعود له دون أن يستخدم عصاه ، ثم بعد ذلك يستخدم لسانه ليستحثها على العودة ، وينتهي به الأمر إلى استخدام عصاه إن تطلب الأمر ، وإن كان في الغالب لا يستخدم العصا إلا للهش على الغنم فقط ، لا الإيذاء ، وهذا درس هام في التربية ، ويبرز لنا سر اختيار هذه المهنة للأنبياء أو الحكمة منها ، وهو إعدادهم لسياسة البشر بالرفق والرحمة واللين ، إضافة إلى الحرص الشديد على إرشادهم إلى مواطن الخير وتجنيبهم مواطن الشر مع الهش عليهم لرد الشارد منهم ؛ فرعي الغنم مهيئة لصاحبها سياسة الأمم ؛ ولعل أدل آية على هذا الحرص المشوب بالرحمة والرفق على الرعية هي قوله تعالى : } َقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ { ([3]) ولئن كان الغنم أحوج الأنعام للرفق لضعفها فالبشر أضعف منها وأحوج.
4- بخصوص محمد r كان اختيار هذه المهنة له في مرحلة صباه أو في عنفوان شبابه جانباً من جوانب العصمة والعناية الإلهية لإخراجه من بيئة مكة التي كانت تنتشر فيها كثير من الموبقات والمنكرات خاصة بين شبابها ، وثقافة الإنسان هي وليدة لبيئته ؛ لذا أخرجه الله I من تلك البيئة كما أخرج موسى عليه السلام من بيئة فرعون لينال حظه من التربية والتهيئة في بيئة مدين الرعوية ؛ لذا تعتبر هذه المرحلة من أعظم مراحل التربية لنبي الرحمة ليكون طليقاً في الكون وعبر الطبيعة أغلب وقته في التأمل والمناجاة ، مما أكسبه صفاءً وسكينة ونجاه من لوثات الجاهلية وطيش الصبا إن وجدت مهيجاته ، يحكي الحبيب عن تلك المرحلة مبرزاً جانباً من جوانب العصمة الإلهية حيث يقول : « لما نشأت بغضت إلى الأوثان ، وبغض إلى الشعر ، ولم أهم بشيء مما كانت الجاهلية تفعله إلا مرتين ، كل ذلك يحول الله تعالى بيني وبين ما أريد من ذلك ثم ما هممت بسوء بعدهما حتى أكرمني الله برسالته ، قلت ليلة لغلام كان يرعى معي الغنم ، لو أبصرت لي غنمي حتى أدخل مكة فأسمر كما يسمر الشباب ، فخرجت حتى جئت أول دار من مكة أسمع عزفاً بالدفوف والمزامير لعرس كان لبعضهم ، فجلست لذلك ، فضرب الله على أذني فنمت فما أيقظني إلا حر الشمس ، ولم أقض شيئاً ، ثم عراني مثل ذلك مرة أخرى . » ([4])
وهكذا شب رسول الله r ، والله يحرسه ويرعاه ويحفظه من أدناس الجاهلية لما يريد من كرامته ورسالته ، فجعله أفضل قومه مروءة ، وأحسنهم خلقاً ، وأكرمهم حسباً ، وأرجحهم حلماً ، وأصدقهم قولاً ، وأعظمهم أمانة ، وأبعدهم عن الفحش ، لم يشاهدوا نشأة كعجيب نشأته فقد ملك عليهم مشاعره بصبره وحلمه ووفائه وجوده ونجدته وصدق لهجته ، وكريم عشرته ، وتواضعه وعلمه وحكمته ، ولم يكن له مؤدب على تلك الخصال إلا سلامة فطرته وسمو غريزته ، وطهارة عقيدته ، واعتصامه بالفضيلة و نفوره من الرذيلة ، ولم يكن جارياً في نشأته على المألوف عند أقرانه الصبيان من تأثر عقولهم ونفوسهم بما يسمعون أو يرون في بيئتهم ، بل كان له شأن آخر تكفلت السماء به من حسن تأديب و عصمة عما ألفه القوم من ضلالات الوثنية وأوهامها ، وسفاسف الأخلاق وذميمها .
ثانياً : التجارة .
التجارة هي شريان المعاملات المالية وروحها ؛ ورزقها من خير الأرزاق إن تجنب القائم بها مواطن الظلم ؛ لذا قدر الله للنبي r أن يباشر هذا العمل بنفسه ليكون على بينة وصاحب تجربة في هذا الجانب الحيوي من معاملات البشر ، وكان لصفاته الجليلة التي ذاع صيتها بالغ الأثر في امتهانه هذه المهنة ؛ حيث رغبت خديجة بنت خويلد -وكانت ذات مال - في أن يتجر لها بمالها بعدما سمعت عن أمانته وطيب أخلاقه ، وأرسلت معه غلامها ميسرة الذي رأى من الحبيب محمد r الفكر الراجح والشمائل الطيبة والنهج الأمين ، فسارع بإبلاغ خديجة بما رأى ، إضافة لما رأت خديجة نفسها من بركة وربح وفير ما لم تر من قبل ، فكانت هذه الصفات مما رغبها في الزواج منه بعد ذلك .
واختيار هذه المهنة لرسول الله r له دلالاته لعل أهمها : أن التجارة تعتبر روح المعاملات المالية ، والمال زينة الحياة الدنيا ، وحرص الإنسان على اقتنائه والاستزادة منه معلوم ؛ لذا يتخلل هذا الجانب الوظيفي المتعلق بمصلحة حفظ المال أنواع من الخلل منشؤها في الغالب حب المال ، وما يترتب على ذلك من نزاع له أثره على العلاقات الإنسانية ؛ لذا قدر الله سبحانه وتعالى لرسوله تلك التجربة العملية التي تبصره بطرق تداول المال من خلال التجارة ، وترشده إلى جوانب الخلل ومواطن النزاع فيها ، لكي يتعاطى معها عن تجربة حية في تشريعاته الخاصة في المعاملات المالية بما يدفع عن الناس الشقاء والنزاع فيه ، ويعزز الألفة والمودة والتماسك بين أفراد المجتمع ؛ ويحقق مبدأي العدل والإحسان من خلاله : العدل بإعطاء كل ذي حق حقه ، والإحسان من خلال التأكيد على ضرورة مراعاة جانب التسامح في المعاملات الشرعية والتي يجملها قوله r : « رَحِمَ اللَّهُ رَجُلًا سَمْحًا إِذَا بَاعَ وَإِذَا اشْتَرَى وَإِذَا اقْتَضَى . » ([5])
إعداد / د. محمد المبيض كتابه نبي الرحمة
([1]) أخرجه البخاري برقم 2143 [ البخاري ( 2/789) ]
([2])أخرجه البخاري برقم 3328 [ البخاري ( 3/1289)] ؛ وأحمد برقم 11937 واللفظ له [ المسند ( 2/96) ]
([3]) التوبة : الآية 128
([4]) أخرجه الحاكم برقم 7618 ، وقال صحيح على شرط مسلم [ المستدرك ( 4/273) ] ؛ وابن حبان برقم 6272 [ صحيح ابن حبان ( 14/169) ] ؛ والبزار برقم 640 [ مسند البزار ( 2/240) ] ؛ قال الهيثمي : رواه البزار ورجاله ثقات [ مجمع الزوائد ( 8/226) ]
([5]) أخرجه البخاري برقم 1970 [ البخاري ( 2/730) ]
التمساح- فريق
- عدد المشاركات : 3271
العمر : 66
رقم العضوية : 12
قوة التقييم : 18
تاريخ التسجيل : 01/02/2009
رد: رعي الغنم ....
يعيطك الف عافية شكراً للمشاركة
-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~
اشهد ان لا اله الا الله واشهد ان محمد رسول الله
رد: رعي الغنم ....
بارك الله فيك وجزاك الله خيرا استاذ التمساح
وفي هذا رد علي الكلب سالم جابر الذي قال عن الليبيين رعاة غنم تقربا للاخوان في مصراتة
صح لسانك ولاغض فوك
وفي هذا رد علي الكلب سالم جابر الذي قال عن الليبيين رعاة غنم تقربا للاخوان في مصراتة
صح لسانك ولاغض فوك
ابو الزبير- عميد
-
عدد المشاركات : 1404
العمر : 33
رقم العضوية : 139
قوة التقييم : 16
تاريخ التسجيل : 18/04/2009
رد: رعي الغنم ....
بارك الله فيكم علي المرور ................
التمساح- فريق
- عدد المشاركات : 3271
العمر : 66
رقم العضوية : 12
قوة التقييم : 18
تاريخ التسجيل : 01/02/2009
رد: رعي الغنم ....
مشكور وبارك الله فيك
الفاروق- ملازم ثان
-
عدد المشاركات : 188
العمر : 25
رقم العضوية : 5
قوة التقييم : 1
تاريخ التسجيل : 05/12/2008
مواضيع مماثلة
» محشي ورق عنب مع ريش الغنم
» كاري لحم الغنم
» ليش الغنم تقول امباااااااااااااااع ؟
» فخذ الغنم المشوي
» ورق العنب مع ريش الغنم
» كاري لحم الغنم
» ليش الغنم تقول امباااااااااااااااع ؟
» فخذ الغنم المشوي
» ورق العنب مع ريش الغنم
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
2024-11-21, 8:36 am من طرف STAR
» ارخص غسالات ملابس
2024-11-18, 10:29 am من طرف محمدوعبدو
» "لسنا عيادة طبية".. رئيسة بالميراس البرازيلي تعلق بشأن التعاقد مع نيمار
2024-11-18, 7:49 am من طرف STAR
» لا تستخدم مياه "الحنفية" لتبريد محرك سيارتك.. إليك السبب
2024-11-18, 7:49 am من طرف STAR
» هل يطرد النوم "السموم من الدماغ"؟.. دراسة تكشف السر
2024-11-18, 7:48 am من طرف STAR
» لمستخدمي "ميتا" في أوروبا.. إليكم هذه الميزة الجديدة!
2024-11-18, 7:47 am من طرف STAR
» احرصوا على تهوية المنزل حتى في الطقس البارد!
2024-11-18, 7:47 am من طرف STAR
» العناية بالبشرة في فصل الخريف.. نصائح مهمة لذلك
2024-11-18, 7:46 am من طرف STAR
» الأرز الإسباني
2024-11-18, 7:45 am من طرف STAR
» عن مشاركة نيمار في مونديال الاندية.. هذا موقف الهلال
2024-11-16, 8:14 am من طرف STAR
» لضمان نوم هادئ ومريح.. تجنب 5 عادات
2024-11-16, 8:13 am من طرف STAR
» ترتيب المنتخبات العربية في تصفيات آسيا لكأس العالم 2026
2024-11-16, 8:12 am من طرف STAR
» الخضار الأعلى كثافة بالمغذيات
2024-11-16, 8:11 am من طرف STAR
» رونالدو يثير التفاعل بتصرف رائع خلال مباراة البرتغال
2024-11-16, 8:09 am من طرف STAR
» غرامة بمليار دولار تُهدد "ميتا" بالتفكك وسط ضغوط تنظيمية دولية
2024-11-16, 8:09 am من طرف STAR