إعلانات المنتدي
المواضيع الأخيرة
بحـث
روميل الاسطوره * الجزء الرابع
+3
عبدالحفيظ عوض ربيع
الاسطوره
محمد اللافي
7 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
روميل الاسطوره * الجزء الرابع
المتـــــــــــــــــآمر
المعلق:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته في الثامن عشر من تشرين أول من العام 1942 أقيمت جنازة "روميل" في مدينة هول بقرب شتوتجارت حول "هتلر" الجنازة إلى مناسبة قومية واستغلت لأغراض دعائية أما في الحقيقة فإن "هتلر" أمر بإعدام "روميل" بتهمة الخيانة العظمى وهكذا تحول من أكثر القادة شعبية إلى عدو "هتلر".
قبل معركة العلمين في صيف العام 1942 بدا "روميل" وكأنه قوة لا تقهر، ثم ظهر "مونت جمري" ند "روميل" الجديد، في الرابع من تشرين الثاني من العام 1942 في العلمين تمكن "مونت جمري" من هزم ثعلب الصحراء الشهير، وبعد أربعة أيام نزلت القوات الأمريكية في دول شمال أفريقيا الفرنسية، وأصبح الأمريكيون الآن يتصدون لهم من الغرب وقوات "مونت جمري" تطبق عليهم من الشرق، وفي الثاني عشر من تشرين الثاني بلغوا طبرق وبات جيش "روميل" يقف بمواجهة الدمار التام.
روميل:
كان انسحابنا أشبه بموكب جنازة، تدنت معنوياتنا إلى الحضيض، وعندما عبرنا قرب طبرق تملكتني رغبة بالبكاء، بعد كل التضحيات التي قدمناها هناك أصبحنا جيشًا مهزومًا وانسحبنا كالمغلوب على أمره.
المعلق:
عرف "روميل" أنه خسر الحرب في شمال أفريقيا، طلب إلى "هتلر" الإذن في إخلاء جنوده، إلا أن "هتلر" أجابه بالرفض القاطع، فبعد خسارة معركة العلمين جُرد "روميل" من كل شرف ومكانة، إلا أن "روميل" ظل يلوم الآخرين على عناد "هتلر".
ابن روميل:
كانت تصرفاته آنذاك مضطربة إلى درجة كبيرة، وأصبح يشك بالآخرين، كان يأتي على ذكر أشخاص كثيرين ظن أنهم يضللون "هتلر" كهملر وجورن وكايزل، وغالبًا ما قيل له إن الإمدادات في طريقها إليك، وكان يعلم أن ذلك كذب، كان يكرر هذه الاتهامات خلال زيارته الأخيرة إلى "هتلر"، لذا شعر بأن الأمور خرجت عن حدود السيطرة في أعلى مستويات الحكم، كان شيئًا فظيعًا وقاسيًا بالنسبة له.
المعلق:
كتب "روميل" إلى زوجته قائلاً ماذا سيحصل لو خسرنا الحرب في شمال أفريقيا، كيف ستكون نهاية الحرب؟ ليتني أستطيع التوقف عن التفكير في هذه الأمور.
دام الانسحاب خمسين يومًا قاد "روميل" قواته مسافة تزيد عن ألف وثمانمائة كيلو متر وصولاً إلى تونس ولم يتكبد خسائر تذكر.
أثبت ثعلب الصحراء براعته للجميع للمرة الأخيرة، ما عاد يؤمن بفكرة "هتلر" حول النصر الأخير، حتى إن "روميل" بدأ يعتاد فكرة الوقوع في الأسر في أيدي البريطانيين، وقد كتب لزوجته سأكون ممتنًّا جدًّا إن أرسلت لي قاموسًا من الألمانية إلى الإنجليزية بواسطة البريد، فأنا واثق من أنني سأحتاج إليه.
ابن روميل:
كان يشعر بقرب النهاية ما عاد كسابق عهده البتة، حتى أنه أصبح أكثر هدوءًا وبالأخص في جوار أشخاص آخرين، فقد شخصيته الفذة التي كانت تمكنه من بث الحماس في الناس، لن أقول إنه كان قادرًا على دفعك للقيام بما يريد، إلا أنه كان يتمتع بقوة إقناع كبيرة.
المعلق:
أراد "هتلر" أن يستبدل "روميل" فأرسل جنرالاً أخر للدفاع عن تونس وكان يدعى "هانز يوجن بونار"، تم استدعاء "روميل" مجددًا في بداية شهر آذار وقيل إنه استدعي لأسباب صحية فقد كانت غاية الدعاية بحاجة ماسة إلى شهرة "روميل"، أقله سائقه "هولمد فون" إلى المطار.
هولمد فون:
يمكنني القول إنه خلال كل الفترة التي عشناها معا في شمال أفريقيا كان بمثابة معلمي، وكان قاسيًا عليّ أن أراه مستبدلاً بأرك الذي تولى القيادة مكانه، كان الوضع قاسيًا على "روميل" أيضًا بالطبع، طلب خصيصًا أن أقله بنفسي إلى المطار وقد أسعدني ذلك إلى حد كبير، لا بل وأثر فيّ تأثيرًا عميقًا.
المعلق:
في التاسع من آذار من العام 1943غادر "روميل" أفريقيا وكان قد كتب لزوجته يقول حل الربيع هنا الأشجار تبرعم وترتدي المروج حلتها الخضراء تحت أشعة الشمس يمكن أن يكون العالم جميلاً جدًّا لجميع البشر إنه ساحة واسعة للسعادة أو التعاسة.
هولمد فون:
لم يكن سعيدًا بالرحيل وكان ذلك باديًا على وجهه، رحل مقتنعًا بأن الحرب في شمال أفريقيا قد انتهت وأظنه كان يشعر بأن الحرب لن تؤل إلى نتيجة جيدة على كل الأحوال.
المعلق:
تلقى أمرًا بالعودة إلى شتوتجارت وكان عليه أن يعيش في منزله السابق كمدني، لم يكن من المفترض أن يعرف أحد في ألمانيا أنه غادر أفريقيا، فتلقى في أحد الأيام زيارة جندي من مقر قيادته.
جندي:
في البداية كان يناديني موزنجر لأنه لم يحفظ اسمي وظللت موزنجر بالنسبة إليه وقال لي أن كل ما لديه من معلومات هي من الصحف ونشرات الأخبار.
المعلق:
واصل مسئولو الدعاية استغلال شهرة "روميل".
مراسل:
وصل البريد، وصل البريد، وصل البريد من أفريقيا.
المعلق:
كان المتطوعون في فرقة شباب "هتلر" قد جمعوا الهدايا من أصدقائهم ومن المحلات الصغيرة بالإضافة إلى خمسة آلاف سيجارة إلى المارشال "روميل" في أفريقيا، أرسل إليهم "روميل" الشكر بالإضافة إلى بزة جندي بريطاني ورسالة وصورة.
جندي:
ثم أخبرني أنه لا يزال يتلقى خطابات من أباء وأمهات، يعتقدون أنه لا يزال في أفريقيا ويخبرونه عن مدى ارتياحهم لوجود المارشال إلى جانب جنوده وما شابه، في الحقيقة لقد كان ذلك يسبب له الإحباط والحزن.
المعلق:
في تونس في الثالث عشر من شهر آيار من العام 1943 استسلم الجيش الألماني في أفريقيا، وأصبح مائة وثلاثون ألف جندي ألماني ومائة وثمانون ألف جندي إيطالي أسرى لدى قوات الحلفاء، كما لقي مائة ألف رجل مصرعهم في حرب الصحراء، في تلك الأثناء استدعي "روميل" مجددًا إلى "هتلر"، كان "هتلر" يريد إبقاء "روميل" إلى جانبه تحسبًا لجميع الظروف، بدا آنذاك أن حكم موسيليني في خطر وأراد "هتلر" أن يتفادى قيام ثورة في إيطاليا عبر إرسال قواته المسلحة إليها بقيادة "روميل"، ومع أن "روميل" فقد كل ثقته بالنصر الأخير كان لا يزال وفيًا لهتلر.
ضابط:
خلال فترة تواجدي معه سمعته أكثر من مرة يشير إلى المسئولين في السلطة بكلام سيء، إلا أنه لم ينطق ولو لمرة بكلام جارح عن الثغر أو عن مقر قيادته، كنت أجده مندهشًا من قراراته، ويكرر ماذا يخالون أنفسهم فاعلين؟ لكنه كان يتكلم دائمًا بصيغة الجمع، ولا يشير إلى "هتلر" مباشرة، بل كان يشير بإصبع الاتهام دائمًا إلى الأشخاص في الإدارة العليا، ولا يمكن القول إنه مس بشخص "هتلر" يومًا.
المعلق:
تمت إزاحة موسيليني في روما في الخامس عشر من تموز من العام 43، تولى المارشال بادوليو زمام الحكم، بدت إيطاليا وكأنها على وشك الانسحاب من الحرب وشك "هتلر" بوجود خيانة، بعد سبعة أسابيع سلمت حليفة ألمانيا المحورية السلاح، دخل إليها الجنود الألمان وتولى "روميل" القيادة في شمال إيطاليا.
وهكذا أصبح حلفاء الأمس أعداء اليوم وأمر "هتلر" بقتل جنود الإيطاليين الذين دافعوا عن أنفسهم، أدى ذلك إلى مجازر عنيفة في اليونان وجنوب إيطاليا، لكنها لم ترتكب على أيدي جنود "روميل".
ضابط:
كان "روميل" في تلك الفترة كلها جنديًّا يطلب الولاء والشجاعة غير المنقوصين، ولكنه أيضًا جندي يسعى لتطبيق جميع القوانين المتعلقة بالحروب، وعلى حد علمي فإن المارشال "روميل" لم يتقبل قط الأوامر التي قد تخالف القانون، والتي قد تؤدي إلى أذية السكان المدنيين.
المعلق:
بعد أسبوعين على دخول الألمان، انضم الجنود الإيطاليون الذين يحاربون في شمال إيطاليا إلى المقاومة، وفي الثالث والعشرين من أيلول تم تسليم تصريح إلى الجنود الخاضعين لقيادة "روميل" يقول إن كل مشاعر الود التي قد يكنها الجنود الألمان إلى رجال بادليو، الذين يرتدون بزات رفاقنا السابقين في السلاح، لهي مشاعر غير لائقة، وكل من يقاتل الجنود الألمان منهم الآن قد فقد حقه في المعاملة الحسنة، لكن على الرغم من التصريح لم تجر أي أعمال عنيفة في المنطقة الخاضعة لسيطرة "روميل".
جندي إيطالي:
إن الذكرى التي يحفظها أمثالي من المناضلين للفاشية عن "روميل" لهي ذكرى خالية من الحقد، نعرف أنه جزء من تاريخ الاشتراكية القومية، بالتالي فهو جزء كبير جدًّا من التاريخ الألماني، كان "روميل" رجلاً عسكريًّا، لكننا في الحقيقة لم نسمع بأي أعمال عنف قام بها ضد حركة المقاومة الإيطالية.
المعلق:
تم نقل "روميل" مجددًا بعد شهرين فقط، أصبح المسئول عن الدفاعات في الغرب حيث كان غزو الحلفاء متوقعًا، كان "هتلر" يستغل سمعة "روميل" التي كانت ضرورية لتخويف العدو، انكب "روميل" على وظيفته الجديدة كالرجل المهووس وكأنها أعادت إليه أملاً جديدًا.
جندي:
خيل إلي آنذاك أنه يؤدي عمله كأي جندي تلقى أمرًا وعليه تنفيذه، لكنه كان يأمل أن تكون وسائله ناجحة، كان بوسعك أن تشعر بذلك.
المعلق:
ظن "روميل" أنه يمكن تجنب غزو قوات الحلفاء، وكان ذلك الأمل الذي تعلق الألمان بمعظمهم.
روميل:
ما زلت أعتقد حتى يومنا هذا أنه لو كانت لدينا قيادة أخرى للحرب بشكل عام، لتمكنا من الصمود إلى درجة حمل الحلفاء على التفاوض معنا، لست واثقًا من ذلك لكنني أعتقد أن الاحتمال كان قائمًا.
المعلق:
كان "روميل" قد عدل كليًّا على فكرة النصر الأخير لصالح الألمان، لكنه كان يأمل بسلام مقبول من خلال المفاوضات، إلا أن الحلفاء طالبوا بالاستسلام غير المشروط وأدرك "روميل" أن لا سلام بوجود "هتلر".
ابن روميل:
في نهاية العام 43 تحدث والدي إلى "هتلر" بشأن فكرة النصر الأخير، وقال إنه لم يعد ممكنًا، فقال له "هتلر" أنا أعرف ذلك أيضًا لكنني لن أقبل أبدًا باستسلام غير مشروط.
المعلق:
كان أمل "روميل" أن يعتقل "هتلر" في النهاية.
ابن روميل:
تمنى والدي أن يدرك "هتلر" أن حربه خاسرة، وأن يتوصل إلى استنتاج بديهي بأن يتنازل عن الحكم ليفسح المجال أمام سلام مقبول.
المعلق:
خلال أجازته في منزله في هيرميجل قرب أول في شهر شباط من العام 44 تلقى "روميل" زيارة من أحد زملائه في الحرب العالمية الأولى، كان كالش تولن عمدة شتوتجارت وأحد أول أعضاء الحزب النازي.
كالش تولن:
أيها الرفاق لنتحد جميعًا بحب الفهرر والشعب.
المعلق:
عندما بدأ تقدم الألمان في روسيا بالتخاذل بدأ شترولن يفقد ثقته بهتلر، وبعد ما كان اشتراكيًّا قوميًّا قرر الالتحاق بصفوف المقاومة وحاول إقناع "روميل" بالانضمام إلى المقاومة لكن من دون جدوى.
ابن روميل:
في عام 44 جاء شترولن لزيارة والدي وكنت حاضر وقتها لأنني كنت أحظى بأجازة مميزة عندما يكون والدي معنا، وقال له شترولن أمامي إن كل شيء سيضيع في حال عدم إزالة "هتلر" فأجابه والدي بأنه سيكون ممتنًّا لو لم يذكر أمورًا كهذه بحضوري أنا.
المعلق:
أخبر شترولن "روميل" عن المجازر البشعة التي ارتكبها الحكم، ولم يكن "روميل" قد سمع بتلك الأخبار قبل ذلك، ويذكر الأميرال فريدي شوجا أحد ضباط الأركان أن "روميل" كتب ما يلي في مذكراته: العدالة أساس ضروري من أسس الحكم، لكن الحكم قذر وسفاح ويتحمل ذنبًا كبيرًا.
في إحدى الليالي قبض الألمان على جندي بريطاني يستطلع الدفاعات على طول الساحل الأطلسي.
جندي استخبارات:
في اليوم التالي وضعونا في سيارة معصوبي الأعين، وموثوقي الأيدي، وقادوا السيارة بنا ساعات طويلة.
المعلق:
أخذ الجاسوس إلى لاراشبيون مقر قيادة "روميل" خارج باريس.
جندي استخبارات:
رأيت "روميل" جالسًا وراء مكتب في آخر المكتبة حاول أن يعاملني بقسوة في البداية وقال لي: إذن أنت واحد من هؤلاء الكامندوز السفلة.
فقلت له لا أعرف عما تتحدث، الكوماندوز ليسوا كما تقول عنهم ولا تنس أنني واحدًا منهم، فضحك وبدا أنه يحترم موقفي، وقال لي إن أكثر ما يحزنني هو أننا كألمان وأنتم كإنجليز نحارب بعضنا بعضًا، بينما ينبغي أن نحارب جنبًا إلى جنب ضد العدو الحقيقي روسيا.
فأجبته إنها فكرة مثيرة للاهتمام، لكنني أخشى أن بيننا نقاط اختلاف كثيرة تمنعنا من القيام بالأمور عينها معًا، فسألني ما هي هذه الأمور؟
فأجبته لنأخذ مسألة بعض المجازر على سبيل المثال، لا يمكننا أن نرتكب بعض المجازر التي ترتكبونها أنتم، فقال: لكن قد تكون مسألة سياسية فنحن جنود ولا تهمنا المسائل السياسية.
فقلت له: إذن لهذا السبب لا نستطيع أن نحارب معًا.
المعلق:
في السابع عشر من آيار من العام 44 انعقد اجتماع في باريس، لن يعلم أحد آنذاك أن كيون شتوب ناجل القائد الأعلى في فرنسا هو في الواقع عضو في المقاومة، حاول المتآمرون التقرب من "روميل".
متآمر:
نعم حاولنا جذب "روميل" لأنه كان واحدًا من أكثر الجنرالات شعبية، كان محبوبًا جدًّا ويشير إليه الجميع بلقب ثعلب الصحراء، كان أحد الجنود القلة الذين بلغوا هذه الشعبية، وكنا نأمل بأن نقنعه بالانضمام إلى المقاومة.
المعلق:
رفض "روميل" التورط في عملية التخطيط لاغتيال "هتلر" لكنه لم يخن ثقة المتآمرين.
متآمر:
بالنسبة إلى قائد أعلى كان اغتيال رئيس الدولة أمرًا مستحيلاً بكل بساطة، ما كان أحد من قادة الجيش يفكر في ذلك بسبب خلفيته وتدريبه العسكري، فقد كانوا مدربين جيدًا ومثقفين في المسائل العسكرية لا السياسية.
المعلق:
كان "روميل" يأمل أن يتفهم "هتلر" عواقب حالته، وأن يرضى بالتنحي وإفساح المجال للسلام ولكن بصفته جنديًّا كان "روميل" واقعيًّا، وفهم أن ما من مجال لتفادي غزو الحلفاء، على الرغم من كل الدفاعات التي أقامها، كان "روميل" يقوم بما يمليه عليه واجبه العسكري فحسب.
ضابط:
كنت أذهب معه مدة يوم أو اثنين إلى الجبهة، لم تكن تلك الجبهة جبهةً بكل معنى الكلمة، كان دائمًا يقوم بتفقد الدفعات الساحلية، وكان يتكلم بصراحة وبلهجة أهل جنوب ألمانيا، لم يكن فيلسوفًا كبيرًا، وكان يقول ببساطة لن نتمكن من القيام بأي شيء! وسيشير إلينا الناس بأصابعهم وسيقولون انظروا إلى فرقة المشاة تلك، التي بالفعل لا تحمل أي سلاح وانظروا إلى فرقة المدفعية التي لا تملك إلا مدفعًا واحدًا على بعد كيلو مترين.
المعلق:
كان لا يزال يظهر بمظهر الثقة والقوة أمام الكاميرا.
روميل:
نظرًا إلى قدراتنا الكبيرة، ونظرًا إلى معنويات جنودنا بعد حصولهم على الأسلحة الجديدة، والمعدات الحربية، يمكننا أن نطمئن بشأن الأحداث المقبلة، كلي ثقة بأن الأمور ستجري كما نشتهي، وإن حاول البريطانيون أن يقوموا بإنزال فلن يعيدوا الكرة مرة أخرى.
المعلق:
في الخامس من حزيران عام 44 أذيعت نشرة الأرصاد الجوية التالية عند ساحل الأطلسي، الغيوم من مائتين إلى ثلاث مائة متر، سرعة الرياح بين خمسة وستة والبحر هائج والموج مرتفع بدا احتمال التعرض للغزو مستحيلاً في هذه الظروف الجوية استغل "روميل" هذه الفرصة لكي يعود إلى منزله في هيرنجل.
قرابة ساعة الحادية عشر ليلاً، غادرت أولى القوات الجوية البريطانية مطاراتها، لم يلاحظ عامل الأرصاد الجوية الألمان الانقشاع الوجيز للطقس العاصف.
ضابط:
في الواحدة بعد منتصف الليل اتصل بي "برنجو تنبرج" أحد ضباط الأركان ليقول لي لقد بدأ الهجوم ووصل المظليون ونحاول أن نواجههم.
المعلق:
في الساعة السادسة والنصف من صباح السادس من حزيران عام 44 نزل أول الجنود البريطانيين والأمريكيين عند ساحل النورماندي، كان ذلك يوم الإنزال الشهير.
ضابط:
من الهضبة التي كنا فيها كان بوسعك أن ترى خليجًا واسعًا في الأسفل، وباستعمال تلسكوب كبير كان يمكنك أن ترى الأسطول الكبير الذي لم تمسه الطائرات الحربية الألمانية، لأنها لم تقلع عن الأرض أمنت الطائرات الحلفاء المقاتلة حماية الأسطول عرفنا أنها ستكون معركة حاسمة، وأننا سنخسرها أيضًا، كل المعطيات الموجودة كانت تدل على ذلك.
المعلق:
تلقى "روميل" الخبر الساعة السابعة صباحًا في منزله في هيرنجل، وبعد أربعة عشرة ساعة كان قد عاد إلى مقر قيادته، لكن الحلفاء كانوا قد أحرزوا تقدمًا كبيرًا، خشي "روميل" التعرض للغزو للمرة الثانية.
ضابط:
كان موقعنا بعيدًا عن نقطة القتال شمالي نهر السين، في موقع احتياطي، لكن في اليوم التالي أرسلنا "روميل" إلى شاطئ القناة، ليس قرب موقع الغزو بل على طول القناة، لأنه ظن أن الإنزال الفعلي لم يحدث بعد وسيحين عما قريب.
المعلق:
بعد أسبوع بدأ واضحًا للجميع أن الغزو قد تم بنجاح، في باريس التقى "روميل" جريتفول روشر القائد الأعلى للقوات الألمانية في الغرب، وكان من المفترض أن ينضم إليهما "هتلر" أراد أن يقنعه بإنهاء الحرب في الحال.
ضابط:
قال أنه سيقابل الفهرر بعد يومين وسيخبره أن علينا أن ننهي هذه المسائل على الصعيد السياسي ولكن لدى عودته قال إن "هتلر" لديه وجهة نظر مختلفة فهو يرى الصورة بشمولية وبعد ست ساعات قال: يا إلهي لقد جذبني إليه مجددًا كيف استطاع أن يقنعني بوجهة نظره؟ لا أعلم.
المعلق:
في السابع والعشرين من حزيران يوليو التقى "روميل" وهتلر للمرة الأخيرة ولم يسمع له "هتلر" حتى بالكلام كان شتوهلبر آنذاك يضع خطة لاغتيال "هتلر".
شتوهلبر:
كانت تلك الوسيلة الوحيدة لوضع حد لجرائم القتل والتخلص من النظام الإجرامي، وإنقاذ بلادنا وإنقاذ كرامتنا، لو كنت تعلم الفظائع التي ارتكبت آنذاك لحاولت أن تضع حدًّا لها.
المعلق:
أرسل شتوبنا جيل مرسالاً إلى "روميل" وهو سيزر بومبا بكر.
في التاسع من تموز عام 44 أُخبر "روميل" في لارش بيور عن عملية الاغتيال المتوقعة، كانت تلك المحاولة الأخيرة لجذب "روميل" إلى فكرة التخلص من "هتلر" وحققت هذه المرة النجاح المرجو منها، وبعد أربعة أيام أرسل "روميل" إلى "هتلر" رسالة أخيرة يناشده فيها: الجنود يقاتلون كالأبطال، لكن هذا الصراع غير المتوازي سيصل إلى نهايته، أعتقد أنه علينا أن نستنتج خطواتنا المقبلة من الوضع الراهن، أشعر أنه من واجبي كقائد أعلى للجيش أن أقول هذا بوضوح.
متحدث:
أراني صديقي مونيجر البرقية وسألته هو من أرسلها؟ فأجاب أجل، فقلت إذن سيكون عقابه شديدًا.
المعلق:
لم يتوقع "روميل" ردا من الفهرر فهو يعرفه تمامًا وهو ويعرف كيف ستكون ردة فعله على البرقية كان قد وضع في نفس الوقت خطة جرئيه ليضع حدًّا للحرب.
ضابط:
أراد أن يستسلم في فرنسا، وأن يفسح المجال أمام الأمريكيين والبريطانيين والفرنسيين، وكان يأمل أنه في ظل الهجوم على "هتلر" في برلين، سيكون دخول الحلفاء خاليًا من كل الفظاعات.
المعلق:
كانت تلك بداية نهاية "هتلر".
متحدث:
أراد أن يفعل أفضل ما بوسعه في ظل الظروف الراهنة وكان يعلم أن عليه أن يعقد سلامًا مع الحلفاء وإلا واجه كارثة محتمة، ولو أنه تمكن فعلاً من عقد السلام لما حصلت كارثة برستن ولما تدمرت مئات البلدان والقرى الألمانية.
المعلق:
كان "روميل" يزور الجبهة كل يوم، أراد أن يكسب ثقة قادته وأن يحاول إقناعهم بدعم خطته.
متحدث:
لقد اختار مرتين إنقاذ رجاله على الرغم من خطورة ذلك على حياته، كانت المرة الأولى في العلمين، حيث انسحب متحديًا أوامر "هتلر"، وكانت المرة الثانية عندما تآمر مع قادة جنوده.
المعلق:
في السابع عشر من تموز زار "روميل" سيد بيتش، وهو جنرال بحري معروف وأحد المقربين من "هتلر" وسأله "روميل" سأله ما إذا كان يقبل بالامتثال لأوامره، حتى ولو كانت مخالفة لأوامر "هتلر".
أجابه سيد بيتش: أنت قائدي وسأنفذ كل ما تطلبه مني على الرحب والسعة، في الوقت نفسه كانت طائرات سلاح الجو البريطاني تقلع من مطاراتها.
طيار:
قضت أوامرنا بإيقاف كل من يقترب من كاي وبإطلاق النار على كل ما يتحرك.
المعلق:
كان مركز عمليات همبلي فارو في نورمان، وفي تمام الساعة السادسة مساءً شاهدوا سيارة مكشوفة على الطريق من لافيرو إلى بيموتيه.
سائق:
عندما أدركت أن طائرتين مقاتلتين كانتا على وشك مهاجمتنا، أخبرت فورا الرقيب لاند والمارشال "روميل" كان الوضع مخيفًا جدًّا، فرحت أصرخ، حصل كل شيء بسرعة، وأطلقوا النار علينا.
طيار:
كنا نطلق النار على السيارات والدبابات، وسيارات الجيش، والمواكب، وأي هدف نجده أمامنا، لم نكن نعرف الأشخاص الذين نطلق النار عليهم، فلم يكن لدينا وقت لتبادل البطاقات الشخصية.
المعلق:
لكن بعد انتهاء الحرب عرف جاك رملينج على من أطلق النار، أصيب "روميل" إصابة بالغة ونقل إلى مستشفى عسكري.
جنرال:
وصلت إلى المستشفى بعد أربع أو خمس ساعات على إحضاره، وأحضرت معي أحد أطبائنا، رأيت صورة الأشعة التي تظهر تصدعًا واضحًا في جمجمة رأسه، كانت إحدى عينيه متورمة، وكان وجهه مغطى بالجراح.
أومأ برأسه إليّ فلم يكن غائبًا عن وعيه، ولكنه لم ينطق بكلمة، تكلمت مع الأطباء الفرنسيين، وأخذت صورة الأشعة إلى رئيس الأطباء، وبعد ساعتين غادرت المستشفى وعدت إلى مقر القيادة.
المعلق:
في العشرين من تموز من العام 44 بعد ثلاثة أيام من إصابة "روميل" أطلق تشتوت هلبن قنبلة على مقر قيادة هتلر في راسملبرج، ولكن محاولة الاغتيال باءت بالفشل.
هتلر:
حاولت مجموعة صغيرة من الضباط الطموحين، وغير المنطقيين تدبير مؤامرة للقضاء عليّ، وإزاحة قيادة الجيش الألماني بأكملها، إنهم عصابة من المجرمين وسنلاحقهم الآن بلا هوادة.
المعلق:
في اليوم التالي قام "هتلر" بزيارة الجرحى، وكتب "روميل" في الربع والعشرين من تموز إلى زوجته من سريره بالمستشفى يقول بالإضافة إلى الحادثة التي تعرضت لها فإن أكثر ما زعزع كياني كان هذا الهجوم على "هتلر" ولا يسعنا إلا أن نشكر الله أنه انقضى بسلام.
علم "روميل" أنهم يقرءون رسائله، تماثل إلى الشفاء ببطء لكن عينه اليسرى ظلت متورمة، وبعد أسبوعين أرسل "روميل" إلى منزله وكانت تلك نهاية حياته العسكرية.
ضابط:
كان واحد من مقر القيادة يذهب أسبوعيًا إلى منزله، لكي ينقل إليه تقريرًا ويطلب نصيحته.
ذهبت إليه مرتين وفي إحدى المرات سألني في سياق الحديث ألا تعتقد أنه كان من الأفضل لو نجحت محاولة العشرين من تموز يوليو، في تلك اللحظة لم أعرف بما أجيبه لأنني لم أكن أعرف موقفه تمامًا.
فكرت قليلاً وأجبته بحذر شديد، وقلت له كما تقول، لم أدل برأي ولكن هذا ما قاله لي بالضبط، أنقله بصدق.
المعلق:
في الثامن من آب من العام 44 بدأت محاكمة المتآمرين العلنية وتولاها رون فريزلا وكان المارشال أربن فلونجبسليبن أحد المتهمين.
تم شنق المتهمين في اليوم نفسه، استمرت استخبارات الجستابو باستجواب كل من له علاقة بمحاولة اغتيال "هتلر"، وذُكر اسم "روميل"، وجاء في مستند غير معلن من سكرتير "هتلر" مارتن بوجن ما يلي:
مارتن بوجن:
قيل إن المارشال "روميل" كان عالمًا بما يجري وقال "روميل" إنه بعد نجاح الاغتيال سيضع نفسه في تصرف الحكومة الجديدة.
المعلق:
عرف "روميل" أن حياته في خطر، وتكلم مع ابنه حول ماذا يكون رد فعل "هتلر".
ابن روميل:
قال إن "هتلر" لن يتجرأ اتهامي لأن لذلك مفعولاً سلبيًّا على معنويات جنوده، وقال إن "هتلر" ليس غبيًّا ليقدم على عمل كهذا، وكان والدي مقتنعًا أيضًا بأنه لو تمت دعوته لزيارة برلين فسيتم قتله سرًّا، ومن ثم يبتكرون حكاية ما حول موته.
المعلق:
أمر "هتلر" بوجوب قتل "روميل"، فمن وجهة نظره لم يمنح أي خيار آخر، وأراد بنفس الوقت أن يتجنب إعلان خبر تعامل "روميل" مع المتآمرين.
في الرابع عشر من تشرين أول من العام 44 جاء جنرالان من مقر قيادة "هتلر" إلى منزل "روميل"، وكان يحملان قارورة من سم السيانيد عرف "روميل" ما ينتظره، كان رجال الجستابو بأزياء مدنية قد طوقوا منزله.
ابن روميل:
جئت في الصباح لكي أساعده خلال نهاية الأسبوع، وقال لي والدي قد ينتهي أمري هذا المساء، هذا معقول؟ تكلم معي، ومن ثم جاء جنرالان، وكان الأمر طبيعيًّا في البداية، طلبا التحدث إليه على انفراد، كان يعلم ما سيجري فقد كان الأمر بديهيًّا.
المعلق:
قال "روميل" للجنرالين أحببت الفهرر، ولازلت أحبه، وهناك مؤشرات إلى أنه حتى في ساعة موته لم يتمكن "روميل" من نزع حب "هتلر" من قلبه، مُنح خمس عشرة دقيقة لكي يودع عائلته ثم غادر المنزل، ابنه رافقه إلى السيارة.
ابن روميل:
خرجت لكي أودعه فنظر إلى ألدن، ومن ثم إليَّ من دون أن ينطق بكلمة ثم دخل السيارة وانتهى الأمر.
المعلق:
بعد فترة قصيرة تناول "روميل" السم، زور طبيب شهادة الوفاة قائلاً إنه مات جراء أزمة قلبية تعرض لها أثناء أداء واجبه على الجبهة الغربية.
ضابط:
في بلدة في جنوب ألمانيا، وفي جنازة أمر بها "هتلر" يودع الشعب الألماني المارشال "روميل".
المعلق:
ينطلق موكب الجنازة من جوتن دام دون داخما، ومن ثم يتوجه الجنرال بروندشترت ممثل الفهرر إلى النعش ويلقي خطابه.
بروندشترت:
كان هذا المحارب الباسل مفعمًا بروح الاشتراكية القومية التي كانت القوة الدافعة لعمله وكان قلبه أسير الفهرر.
ابن روميل:
كنت أحس أحيانًا بأنه يشعر بأن حياته ضاعت هدرًا، وذلك بسبب الكوارث التي شهدها، وقيل له إنهم يخططون لهجوم في الغرب، فقال والدي: هذا جنون! إن كل طلقة نطلقها في الغرب سترتد علينا فورًا بكل تأكيد، كان واثقًا من هذا.
المعلق:
انتقل "روميل" من كونه أكثر جنرالات "هتلر" شعبية، إلى ألد أعدائه، في النهاية كان مستعدًّا للقيام بالمستحيل وبذل كل طاقاته ثمنًا لذلك.
ابن روميل:
أعتقد أنه لو قدر لوالدي أن يعيش فترة أطول، لكان في حالة يأس وإحباط بسبب كل ما حصل، لكنه قضى حياته عسكريًّا يلتزم بالأوامر، وينفذها بدقة.
المعلق:
لقد كان رفاقه دومًا يذكرونه بكل احترام، فهو رجل أراد أن يخط لنفسه أسلوبًا عسكريًّا ناجحًا، وأظهر الامتنان لقائده حتى النهاية، كم كان يحب أن يتخلص من حكم "هتلر" لكنه لم يستطع أن يتخلص من حبه لهتلر، لقد كان رجلاً كثير التناقضات.
وسلمتو
المعلق:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته في الثامن عشر من تشرين أول من العام 1942 أقيمت جنازة "روميل" في مدينة هول بقرب شتوتجارت حول "هتلر" الجنازة إلى مناسبة قومية واستغلت لأغراض دعائية أما في الحقيقة فإن "هتلر" أمر بإعدام "روميل" بتهمة الخيانة العظمى وهكذا تحول من أكثر القادة شعبية إلى عدو "هتلر".
قبل معركة العلمين في صيف العام 1942 بدا "روميل" وكأنه قوة لا تقهر، ثم ظهر "مونت جمري" ند "روميل" الجديد، في الرابع من تشرين الثاني من العام 1942 في العلمين تمكن "مونت جمري" من هزم ثعلب الصحراء الشهير، وبعد أربعة أيام نزلت القوات الأمريكية في دول شمال أفريقيا الفرنسية، وأصبح الأمريكيون الآن يتصدون لهم من الغرب وقوات "مونت جمري" تطبق عليهم من الشرق، وفي الثاني عشر من تشرين الثاني بلغوا طبرق وبات جيش "روميل" يقف بمواجهة الدمار التام.
روميل:
كان انسحابنا أشبه بموكب جنازة، تدنت معنوياتنا إلى الحضيض، وعندما عبرنا قرب طبرق تملكتني رغبة بالبكاء، بعد كل التضحيات التي قدمناها هناك أصبحنا جيشًا مهزومًا وانسحبنا كالمغلوب على أمره.
المعلق:
عرف "روميل" أنه خسر الحرب في شمال أفريقيا، طلب إلى "هتلر" الإذن في إخلاء جنوده، إلا أن "هتلر" أجابه بالرفض القاطع، فبعد خسارة معركة العلمين جُرد "روميل" من كل شرف ومكانة، إلا أن "روميل" ظل يلوم الآخرين على عناد "هتلر".
ابن روميل:
كانت تصرفاته آنذاك مضطربة إلى درجة كبيرة، وأصبح يشك بالآخرين، كان يأتي على ذكر أشخاص كثيرين ظن أنهم يضللون "هتلر" كهملر وجورن وكايزل، وغالبًا ما قيل له إن الإمدادات في طريقها إليك، وكان يعلم أن ذلك كذب، كان يكرر هذه الاتهامات خلال زيارته الأخيرة إلى "هتلر"، لذا شعر بأن الأمور خرجت عن حدود السيطرة في أعلى مستويات الحكم، كان شيئًا فظيعًا وقاسيًا بالنسبة له.
المعلق:
كتب "روميل" إلى زوجته قائلاً ماذا سيحصل لو خسرنا الحرب في شمال أفريقيا، كيف ستكون نهاية الحرب؟ ليتني أستطيع التوقف عن التفكير في هذه الأمور.
دام الانسحاب خمسين يومًا قاد "روميل" قواته مسافة تزيد عن ألف وثمانمائة كيلو متر وصولاً إلى تونس ولم يتكبد خسائر تذكر.
أثبت ثعلب الصحراء براعته للجميع للمرة الأخيرة، ما عاد يؤمن بفكرة "هتلر" حول النصر الأخير، حتى إن "روميل" بدأ يعتاد فكرة الوقوع في الأسر في أيدي البريطانيين، وقد كتب لزوجته سأكون ممتنًّا جدًّا إن أرسلت لي قاموسًا من الألمانية إلى الإنجليزية بواسطة البريد، فأنا واثق من أنني سأحتاج إليه.
ابن روميل:
كان يشعر بقرب النهاية ما عاد كسابق عهده البتة، حتى أنه أصبح أكثر هدوءًا وبالأخص في جوار أشخاص آخرين، فقد شخصيته الفذة التي كانت تمكنه من بث الحماس في الناس، لن أقول إنه كان قادرًا على دفعك للقيام بما يريد، إلا أنه كان يتمتع بقوة إقناع كبيرة.
المعلق:
أراد "هتلر" أن يستبدل "روميل" فأرسل جنرالاً أخر للدفاع عن تونس وكان يدعى "هانز يوجن بونار"، تم استدعاء "روميل" مجددًا في بداية شهر آذار وقيل إنه استدعي لأسباب صحية فقد كانت غاية الدعاية بحاجة ماسة إلى شهرة "روميل"، أقله سائقه "هولمد فون" إلى المطار.
هولمد فون:
يمكنني القول إنه خلال كل الفترة التي عشناها معا في شمال أفريقيا كان بمثابة معلمي، وكان قاسيًا عليّ أن أراه مستبدلاً بأرك الذي تولى القيادة مكانه، كان الوضع قاسيًا على "روميل" أيضًا بالطبع، طلب خصيصًا أن أقله بنفسي إلى المطار وقد أسعدني ذلك إلى حد كبير، لا بل وأثر فيّ تأثيرًا عميقًا.
المعلق:
في التاسع من آذار من العام 1943غادر "روميل" أفريقيا وكان قد كتب لزوجته يقول حل الربيع هنا الأشجار تبرعم وترتدي المروج حلتها الخضراء تحت أشعة الشمس يمكن أن يكون العالم جميلاً جدًّا لجميع البشر إنه ساحة واسعة للسعادة أو التعاسة.
هولمد فون:
لم يكن سعيدًا بالرحيل وكان ذلك باديًا على وجهه، رحل مقتنعًا بأن الحرب في شمال أفريقيا قد انتهت وأظنه كان يشعر بأن الحرب لن تؤل إلى نتيجة جيدة على كل الأحوال.
المعلق:
تلقى أمرًا بالعودة إلى شتوتجارت وكان عليه أن يعيش في منزله السابق كمدني، لم يكن من المفترض أن يعرف أحد في ألمانيا أنه غادر أفريقيا، فتلقى في أحد الأيام زيارة جندي من مقر قيادته.
جندي:
في البداية كان يناديني موزنجر لأنه لم يحفظ اسمي وظللت موزنجر بالنسبة إليه وقال لي أن كل ما لديه من معلومات هي من الصحف ونشرات الأخبار.
المعلق:
واصل مسئولو الدعاية استغلال شهرة "روميل".
مراسل:
وصل البريد، وصل البريد، وصل البريد من أفريقيا.
المعلق:
كان المتطوعون في فرقة شباب "هتلر" قد جمعوا الهدايا من أصدقائهم ومن المحلات الصغيرة بالإضافة إلى خمسة آلاف سيجارة إلى المارشال "روميل" في أفريقيا، أرسل إليهم "روميل" الشكر بالإضافة إلى بزة جندي بريطاني ورسالة وصورة.
جندي:
ثم أخبرني أنه لا يزال يتلقى خطابات من أباء وأمهات، يعتقدون أنه لا يزال في أفريقيا ويخبرونه عن مدى ارتياحهم لوجود المارشال إلى جانب جنوده وما شابه، في الحقيقة لقد كان ذلك يسبب له الإحباط والحزن.
المعلق:
في تونس في الثالث عشر من شهر آيار من العام 1943 استسلم الجيش الألماني في أفريقيا، وأصبح مائة وثلاثون ألف جندي ألماني ومائة وثمانون ألف جندي إيطالي أسرى لدى قوات الحلفاء، كما لقي مائة ألف رجل مصرعهم في حرب الصحراء، في تلك الأثناء استدعي "روميل" مجددًا إلى "هتلر"، كان "هتلر" يريد إبقاء "روميل" إلى جانبه تحسبًا لجميع الظروف، بدا آنذاك أن حكم موسيليني في خطر وأراد "هتلر" أن يتفادى قيام ثورة في إيطاليا عبر إرسال قواته المسلحة إليها بقيادة "روميل"، ومع أن "روميل" فقد كل ثقته بالنصر الأخير كان لا يزال وفيًا لهتلر.
ضابط:
خلال فترة تواجدي معه سمعته أكثر من مرة يشير إلى المسئولين في السلطة بكلام سيء، إلا أنه لم ينطق ولو لمرة بكلام جارح عن الثغر أو عن مقر قيادته، كنت أجده مندهشًا من قراراته، ويكرر ماذا يخالون أنفسهم فاعلين؟ لكنه كان يتكلم دائمًا بصيغة الجمع، ولا يشير إلى "هتلر" مباشرة، بل كان يشير بإصبع الاتهام دائمًا إلى الأشخاص في الإدارة العليا، ولا يمكن القول إنه مس بشخص "هتلر" يومًا.
المعلق:
تمت إزاحة موسيليني في روما في الخامس عشر من تموز من العام 43، تولى المارشال بادوليو زمام الحكم، بدت إيطاليا وكأنها على وشك الانسحاب من الحرب وشك "هتلر" بوجود خيانة، بعد سبعة أسابيع سلمت حليفة ألمانيا المحورية السلاح، دخل إليها الجنود الألمان وتولى "روميل" القيادة في شمال إيطاليا.
وهكذا أصبح حلفاء الأمس أعداء اليوم وأمر "هتلر" بقتل جنود الإيطاليين الذين دافعوا عن أنفسهم، أدى ذلك إلى مجازر عنيفة في اليونان وجنوب إيطاليا، لكنها لم ترتكب على أيدي جنود "روميل".
ضابط:
كان "روميل" في تلك الفترة كلها جنديًّا يطلب الولاء والشجاعة غير المنقوصين، ولكنه أيضًا جندي يسعى لتطبيق جميع القوانين المتعلقة بالحروب، وعلى حد علمي فإن المارشال "روميل" لم يتقبل قط الأوامر التي قد تخالف القانون، والتي قد تؤدي إلى أذية السكان المدنيين.
المعلق:
بعد أسبوعين على دخول الألمان، انضم الجنود الإيطاليون الذين يحاربون في شمال إيطاليا إلى المقاومة، وفي الثالث والعشرين من أيلول تم تسليم تصريح إلى الجنود الخاضعين لقيادة "روميل" يقول إن كل مشاعر الود التي قد يكنها الجنود الألمان إلى رجال بادليو، الذين يرتدون بزات رفاقنا السابقين في السلاح، لهي مشاعر غير لائقة، وكل من يقاتل الجنود الألمان منهم الآن قد فقد حقه في المعاملة الحسنة، لكن على الرغم من التصريح لم تجر أي أعمال عنيفة في المنطقة الخاضعة لسيطرة "روميل".
جندي إيطالي:
إن الذكرى التي يحفظها أمثالي من المناضلين للفاشية عن "روميل" لهي ذكرى خالية من الحقد، نعرف أنه جزء من تاريخ الاشتراكية القومية، بالتالي فهو جزء كبير جدًّا من التاريخ الألماني، كان "روميل" رجلاً عسكريًّا، لكننا في الحقيقة لم نسمع بأي أعمال عنف قام بها ضد حركة المقاومة الإيطالية.
المعلق:
تم نقل "روميل" مجددًا بعد شهرين فقط، أصبح المسئول عن الدفاعات في الغرب حيث كان غزو الحلفاء متوقعًا، كان "هتلر" يستغل سمعة "روميل" التي كانت ضرورية لتخويف العدو، انكب "روميل" على وظيفته الجديدة كالرجل المهووس وكأنها أعادت إليه أملاً جديدًا.
جندي:
خيل إلي آنذاك أنه يؤدي عمله كأي جندي تلقى أمرًا وعليه تنفيذه، لكنه كان يأمل أن تكون وسائله ناجحة، كان بوسعك أن تشعر بذلك.
المعلق:
ظن "روميل" أنه يمكن تجنب غزو قوات الحلفاء، وكان ذلك الأمل الذي تعلق الألمان بمعظمهم.
روميل:
ما زلت أعتقد حتى يومنا هذا أنه لو كانت لدينا قيادة أخرى للحرب بشكل عام، لتمكنا من الصمود إلى درجة حمل الحلفاء على التفاوض معنا، لست واثقًا من ذلك لكنني أعتقد أن الاحتمال كان قائمًا.
المعلق:
كان "روميل" قد عدل كليًّا على فكرة النصر الأخير لصالح الألمان، لكنه كان يأمل بسلام مقبول من خلال المفاوضات، إلا أن الحلفاء طالبوا بالاستسلام غير المشروط وأدرك "روميل" أن لا سلام بوجود "هتلر".
ابن روميل:
في نهاية العام 43 تحدث والدي إلى "هتلر" بشأن فكرة النصر الأخير، وقال إنه لم يعد ممكنًا، فقال له "هتلر" أنا أعرف ذلك أيضًا لكنني لن أقبل أبدًا باستسلام غير مشروط.
المعلق:
كان أمل "روميل" أن يعتقل "هتلر" في النهاية.
ابن روميل:
تمنى والدي أن يدرك "هتلر" أن حربه خاسرة، وأن يتوصل إلى استنتاج بديهي بأن يتنازل عن الحكم ليفسح المجال أمام سلام مقبول.
المعلق:
خلال أجازته في منزله في هيرميجل قرب أول في شهر شباط من العام 44 تلقى "روميل" زيارة من أحد زملائه في الحرب العالمية الأولى، كان كالش تولن عمدة شتوتجارت وأحد أول أعضاء الحزب النازي.
كالش تولن:
أيها الرفاق لنتحد جميعًا بحب الفهرر والشعب.
المعلق:
عندما بدأ تقدم الألمان في روسيا بالتخاذل بدأ شترولن يفقد ثقته بهتلر، وبعد ما كان اشتراكيًّا قوميًّا قرر الالتحاق بصفوف المقاومة وحاول إقناع "روميل" بالانضمام إلى المقاومة لكن من دون جدوى.
ابن روميل:
في عام 44 جاء شترولن لزيارة والدي وكنت حاضر وقتها لأنني كنت أحظى بأجازة مميزة عندما يكون والدي معنا، وقال له شترولن أمامي إن كل شيء سيضيع في حال عدم إزالة "هتلر" فأجابه والدي بأنه سيكون ممتنًّا لو لم يذكر أمورًا كهذه بحضوري أنا.
المعلق:
أخبر شترولن "روميل" عن المجازر البشعة التي ارتكبها الحكم، ولم يكن "روميل" قد سمع بتلك الأخبار قبل ذلك، ويذكر الأميرال فريدي شوجا أحد ضباط الأركان أن "روميل" كتب ما يلي في مذكراته: العدالة أساس ضروري من أسس الحكم، لكن الحكم قذر وسفاح ويتحمل ذنبًا كبيرًا.
في إحدى الليالي قبض الألمان على جندي بريطاني يستطلع الدفاعات على طول الساحل الأطلسي.
جندي استخبارات:
في اليوم التالي وضعونا في سيارة معصوبي الأعين، وموثوقي الأيدي، وقادوا السيارة بنا ساعات طويلة.
المعلق:
أخذ الجاسوس إلى لاراشبيون مقر قيادة "روميل" خارج باريس.
جندي استخبارات:
رأيت "روميل" جالسًا وراء مكتب في آخر المكتبة حاول أن يعاملني بقسوة في البداية وقال لي: إذن أنت واحد من هؤلاء الكامندوز السفلة.
فقلت له لا أعرف عما تتحدث، الكوماندوز ليسوا كما تقول عنهم ولا تنس أنني واحدًا منهم، فضحك وبدا أنه يحترم موقفي، وقال لي إن أكثر ما يحزنني هو أننا كألمان وأنتم كإنجليز نحارب بعضنا بعضًا، بينما ينبغي أن نحارب جنبًا إلى جنب ضد العدو الحقيقي روسيا.
فأجبته إنها فكرة مثيرة للاهتمام، لكنني أخشى أن بيننا نقاط اختلاف كثيرة تمنعنا من القيام بالأمور عينها معًا، فسألني ما هي هذه الأمور؟
فأجبته لنأخذ مسألة بعض المجازر على سبيل المثال، لا يمكننا أن نرتكب بعض المجازر التي ترتكبونها أنتم، فقال: لكن قد تكون مسألة سياسية فنحن جنود ولا تهمنا المسائل السياسية.
فقلت له: إذن لهذا السبب لا نستطيع أن نحارب معًا.
المعلق:
في السابع عشر من آيار من العام 44 انعقد اجتماع في باريس، لن يعلم أحد آنذاك أن كيون شتوب ناجل القائد الأعلى في فرنسا هو في الواقع عضو في المقاومة، حاول المتآمرون التقرب من "روميل".
متآمر:
نعم حاولنا جذب "روميل" لأنه كان واحدًا من أكثر الجنرالات شعبية، كان محبوبًا جدًّا ويشير إليه الجميع بلقب ثعلب الصحراء، كان أحد الجنود القلة الذين بلغوا هذه الشعبية، وكنا نأمل بأن نقنعه بالانضمام إلى المقاومة.
المعلق:
رفض "روميل" التورط في عملية التخطيط لاغتيال "هتلر" لكنه لم يخن ثقة المتآمرين.
متآمر:
بالنسبة إلى قائد أعلى كان اغتيال رئيس الدولة أمرًا مستحيلاً بكل بساطة، ما كان أحد من قادة الجيش يفكر في ذلك بسبب خلفيته وتدريبه العسكري، فقد كانوا مدربين جيدًا ومثقفين في المسائل العسكرية لا السياسية.
المعلق:
كان "روميل" يأمل أن يتفهم "هتلر" عواقب حالته، وأن يرضى بالتنحي وإفساح المجال للسلام ولكن بصفته جنديًّا كان "روميل" واقعيًّا، وفهم أن ما من مجال لتفادي غزو الحلفاء، على الرغم من كل الدفاعات التي أقامها، كان "روميل" يقوم بما يمليه عليه واجبه العسكري فحسب.
ضابط:
كنت أذهب معه مدة يوم أو اثنين إلى الجبهة، لم تكن تلك الجبهة جبهةً بكل معنى الكلمة، كان دائمًا يقوم بتفقد الدفعات الساحلية، وكان يتكلم بصراحة وبلهجة أهل جنوب ألمانيا، لم يكن فيلسوفًا كبيرًا، وكان يقول ببساطة لن نتمكن من القيام بأي شيء! وسيشير إلينا الناس بأصابعهم وسيقولون انظروا إلى فرقة المشاة تلك، التي بالفعل لا تحمل أي سلاح وانظروا إلى فرقة المدفعية التي لا تملك إلا مدفعًا واحدًا على بعد كيلو مترين.
المعلق:
كان لا يزال يظهر بمظهر الثقة والقوة أمام الكاميرا.
روميل:
نظرًا إلى قدراتنا الكبيرة، ونظرًا إلى معنويات جنودنا بعد حصولهم على الأسلحة الجديدة، والمعدات الحربية، يمكننا أن نطمئن بشأن الأحداث المقبلة، كلي ثقة بأن الأمور ستجري كما نشتهي، وإن حاول البريطانيون أن يقوموا بإنزال فلن يعيدوا الكرة مرة أخرى.
المعلق:
في الخامس من حزيران عام 44 أذيعت نشرة الأرصاد الجوية التالية عند ساحل الأطلسي، الغيوم من مائتين إلى ثلاث مائة متر، سرعة الرياح بين خمسة وستة والبحر هائج والموج مرتفع بدا احتمال التعرض للغزو مستحيلاً في هذه الظروف الجوية استغل "روميل" هذه الفرصة لكي يعود إلى منزله في هيرنجل.
قرابة ساعة الحادية عشر ليلاً، غادرت أولى القوات الجوية البريطانية مطاراتها، لم يلاحظ عامل الأرصاد الجوية الألمان الانقشاع الوجيز للطقس العاصف.
ضابط:
في الواحدة بعد منتصف الليل اتصل بي "برنجو تنبرج" أحد ضباط الأركان ليقول لي لقد بدأ الهجوم ووصل المظليون ونحاول أن نواجههم.
المعلق:
في الساعة السادسة والنصف من صباح السادس من حزيران عام 44 نزل أول الجنود البريطانيين والأمريكيين عند ساحل النورماندي، كان ذلك يوم الإنزال الشهير.
ضابط:
من الهضبة التي كنا فيها كان بوسعك أن ترى خليجًا واسعًا في الأسفل، وباستعمال تلسكوب كبير كان يمكنك أن ترى الأسطول الكبير الذي لم تمسه الطائرات الحربية الألمانية، لأنها لم تقلع عن الأرض أمنت الطائرات الحلفاء المقاتلة حماية الأسطول عرفنا أنها ستكون معركة حاسمة، وأننا سنخسرها أيضًا، كل المعطيات الموجودة كانت تدل على ذلك.
المعلق:
تلقى "روميل" الخبر الساعة السابعة صباحًا في منزله في هيرنجل، وبعد أربعة عشرة ساعة كان قد عاد إلى مقر قيادته، لكن الحلفاء كانوا قد أحرزوا تقدمًا كبيرًا، خشي "روميل" التعرض للغزو للمرة الثانية.
ضابط:
كان موقعنا بعيدًا عن نقطة القتال شمالي نهر السين، في موقع احتياطي، لكن في اليوم التالي أرسلنا "روميل" إلى شاطئ القناة، ليس قرب موقع الغزو بل على طول القناة، لأنه ظن أن الإنزال الفعلي لم يحدث بعد وسيحين عما قريب.
المعلق:
بعد أسبوع بدأ واضحًا للجميع أن الغزو قد تم بنجاح، في باريس التقى "روميل" جريتفول روشر القائد الأعلى للقوات الألمانية في الغرب، وكان من المفترض أن ينضم إليهما "هتلر" أراد أن يقنعه بإنهاء الحرب في الحال.
ضابط:
قال أنه سيقابل الفهرر بعد يومين وسيخبره أن علينا أن ننهي هذه المسائل على الصعيد السياسي ولكن لدى عودته قال إن "هتلر" لديه وجهة نظر مختلفة فهو يرى الصورة بشمولية وبعد ست ساعات قال: يا إلهي لقد جذبني إليه مجددًا كيف استطاع أن يقنعني بوجهة نظره؟ لا أعلم.
المعلق:
في السابع والعشرين من حزيران يوليو التقى "روميل" وهتلر للمرة الأخيرة ولم يسمع له "هتلر" حتى بالكلام كان شتوهلبر آنذاك يضع خطة لاغتيال "هتلر".
شتوهلبر:
كانت تلك الوسيلة الوحيدة لوضع حد لجرائم القتل والتخلص من النظام الإجرامي، وإنقاذ بلادنا وإنقاذ كرامتنا، لو كنت تعلم الفظائع التي ارتكبت آنذاك لحاولت أن تضع حدًّا لها.
المعلق:
أرسل شتوبنا جيل مرسالاً إلى "روميل" وهو سيزر بومبا بكر.
في التاسع من تموز عام 44 أُخبر "روميل" في لارش بيور عن عملية الاغتيال المتوقعة، كانت تلك المحاولة الأخيرة لجذب "روميل" إلى فكرة التخلص من "هتلر" وحققت هذه المرة النجاح المرجو منها، وبعد أربعة أيام أرسل "روميل" إلى "هتلر" رسالة أخيرة يناشده فيها: الجنود يقاتلون كالأبطال، لكن هذا الصراع غير المتوازي سيصل إلى نهايته، أعتقد أنه علينا أن نستنتج خطواتنا المقبلة من الوضع الراهن، أشعر أنه من واجبي كقائد أعلى للجيش أن أقول هذا بوضوح.
متحدث:
أراني صديقي مونيجر البرقية وسألته هو من أرسلها؟ فأجاب أجل، فقلت إذن سيكون عقابه شديدًا.
المعلق:
لم يتوقع "روميل" ردا من الفهرر فهو يعرفه تمامًا وهو ويعرف كيف ستكون ردة فعله على البرقية كان قد وضع في نفس الوقت خطة جرئيه ليضع حدًّا للحرب.
ضابط:
أراد أن يستسلم في فرنسا، وأن يفسح المجال أمام الأمريكيين والبريطانيين والفرنسيين، وكان يأمل أنه في ظل الهجوم على "هتلر" في برلين، سيكون دخول الحلفاء خاليًا من كل الفظاعات.
المعلق:
كانت تلك بداية نهاية "هتلر".
متحدث:
أراد أن يفعل أفضل ما بوسعه في ظل الظروف الراهنة وكان يعلم أن عليه أن يعقد سلامًا مع الحلفاء وإلا واجه كارثة محتمة، ولو أنه تمكن فعلاً من عقد السلام لما حصلت كارثة برستن ولما تدمرت مئات البلدان والقرى الألمانية.
المعلق:
كان "روميل" يزور الجبهة كل يوم، أراد أن يكسب ثقة قادته وأن يحاول إقناعهم بدعم خطته.
متحدث:
لقد اختار مرتين إنقاذ رجاله على الرغم من خطورة ذلك على حياته، كانت المرة الأولى في العلمين، حيث انسحب متحديًا أوامر "هتلر"، وكانت المرة الثانية عندما تآمر مع قادة جنوده.
المعلق:
في السابع عشر من تموز زار "روميل" سيد بيتش، وهو جنرال بحري معروف وأحد المقربين من "هتلر" وسأله "روميل" سأله ما إذا كان يقبل بالامتثال لأوامره، حتى ولو كانت مخالفة لأوامر "هتلر".
أجابه سيد بيتش: أنت قائدي وسأنفذ كل ما تطلبه مني على الرحب والسعة، في الوقت نفسه كانت طائرات سلاح الجو البريطاني تقلع من مطاراتها.
طيار:
قضت أوامرنا بإيقاف كل من يقترب من كاي وبإطلاق النار على كل ما يتحرك.
المعلق:
كان مركز عمليات همبلي فارو في نورمان، وفي تمام الساعة السادسة مساءً شاهدوا سيارة مكشوفة على الطريق من لافيرو إلى بيموتيه.
سائق:
عندما أدركت أن طائرتين مقاتلتين كانتا على وشك مهاجمتنا، أخبرت فورا الرقيب لاند والمارشال "روميل" كان الوضع مخيفًا جدًّا، فرحت أصرخ، حصل كل شيء بسرعة، وأطلقوا النار علينا.
طيار:
كنا نطلق النار على السيارات والدبابات، وسيارات الجيش، والمواكب، وأي هدف نجده أمامنا، لم نكن نعرف الأشخاص الذين نطلق النار عليهم، فلم يكن لدينا وقت لتبادل البطاقات الشخصية.
المعلق:
لكن بعد انتهاء الحرب عرف جاك رملينج على من أطلق النار، أصيب "روميل" إصابة بالغة ونقل إلى مستشفى عسكري.
جنرال:
وصلت إلى المستشفى بعد أربع أو خمس ساعات على إحضاره، وأحضرت معي أحد أطبائنا، رأيت صورة الأشعة التي تظهر تصدعًا واضحًا في جمجمة رأسه، كانت إحدى عينيه متورمة، وكان وجهه مغطى بالجراح.
أومأ برأسه إليّ فلم يكن غائبًا عن وعيه، ولكنه لم ينطق بكلمة، تكلمت مع الأطباء الفرنسيين، وأخذت صورة الأشعة إلى رئيس الأطباء، وبعد ساعتين غادرت المستشفى وعدت إلى مقر القيادة.
المعلق:
في العشرين من تموز من العام 44 بعد ثلاثة أيام من إصابة "روميل" أطلق تشتوت هلبن قنبلة على مقر قيادة هتلر في راسملبرج، ولكن محاولة الاغتيال باءت بالفشل.
هتلر:
حاولت مجموعة صغيرة من الضباط الطموحين، وغير المنطقيين تدبير مؤامرة للقضاء عليّ، وإزاحة قيادة الجيش الألماني بأكملها، إنهم عصابة من المجرمين وسنلاحقهم الآن بلا هوادة.
المعلق:
في اليوم التالي قام "هتلر" بزيارة الجرحى، وكتب "روميل" في الربع والعشرين من تموز إلى زوجته من سريره بالمستشفى يقول بالإضافة إلى الحادثة التي تعرضت لها فإن أكثر ما زعزع كياني كان هذا الهجوم على "هتلر" ولا يسعنا إلا أن نشكر الله أنه انقضى بسلام.
علم "روميل" أنهم يقرءون رسائله، تماثل إلى الشفاء ببطء لكن عينه اليسرى ظلت متورمة، وبعد أسبوعين أرسل "روميل" إلى منزله وكانت تلك نهاية حياته العسكرية.
ضابط:
كان واحد من مقر القيادة يذهب أسبوعيًا إلى منزله، لكي ينقل إليه تقريرًا ويطلب نصيحته.
ذهبت إليه مرتين وفي إحدى المرات سألني في سياق الحديث ألا تعتقد أنه كان من الأفضل لو نجحت محاولة العشرين من تموز يوليو، في تلك اللحظة لم أعرف بما أجيبه لأنني لم أكن أعرف موقفه تمامًا.
فكرت قليلاً وأجبته بحذر شديد، وقلت له كما تقول، لم أدل برأي ولكن هذا ما قاله لي بالضبط، أنقله بصدق.
المعلق:
في الثامن من آب من العام 44 بدأت محاكمة المتآمرين العلنية وتولاها رون فريزلا وكان المارشال أربن فلونجبسليبن أحد المتهمين.
تم شنق المتهمين في اليوم نفسه، استمرت استخبارات الجستابو باستجواب كل من له علاقة بمحاولة اغتيال "هتلر"، وذُكر اسم "روميل"، وجاء في مستند غير معلن من سكرتير "هتلر" مارتن بوجن ما يلي:
مارتن بوجن:
قيل إن المارشال "روميل" كان عالمًا بما يجري وقال "روميل" إنه بعد نجاح الاغتيال سيضع نفسه في تصرف الحكومة الجديدة.
المعلق:
عرف "روميل" أن حياته في خطر، وتكلم مع ابنه حول ماذا يكون رد فعل "هتلر".
ابن روميل:
قال إن "هتلر" لن يتجرأ اتهامي لأن لذلك مفعولاً سلبيًّا على معنويات جنوده، وقال إن "هتلر" ليس غبيًّا ليقدم على عمل كهذا، وكان والدي مقتنعًا أيضًا بأنه لو تمت دعوته لزيارة برلين فسيتم قتله سرًّا، ومن ثم يبتكرون حكاية ما حول موته.
المعلق:
أمر "هتلر" بوجوب قتل "روميل"، فمن وجهة نظره لم يمنح أي خيار آخر، وأراد بنفس الوقت أن يتجنب إعلان خبر تعامل "روميل" مع المتآمرين.
في الرابع عشر من تشرين أول من العام 44 جاء جنرالان من مقر قيادة "هتلر" إلى منزل "روميل"، وكان يحملان قارورة من سم السيانيد عرف "روميل" ما ينتظره، كان رجال الجستابو بأزياء مدنية قد طوقوا منزله.
ابن روميل:
جئت في الصباح لكي أساعده خلال نهاية الأسبوع، وقال لي والدي قد ينتهي أمري هذا المساء، هذا معقول؟ تكلم معي، ومن ثم جاء جنرالان، وكان الأمر طبيعيًّا في البداية، طلبا التحدث إليه على انفراد، كان يعلم ما سيجري فقد كان الأمر بديهيًّا.
المعلق:
قال "روميل" للجنرالين أحببت الفهرر، ولازلت أحبه، وهناك مؤشرات إلى أنه حتى في ساعة موته لم يتمكن "روميل" من نزع حب "هتلر" من قلبه، مُنح خمس عشرة دقيقة لكي يودع عائلته ثم غادر المنزل، ابنه رافقه إلى السيارة.
ابن روميل:
خرجت لكي أودعه فنظر إلى ألدن، ومن ثم إليَّ من دون أن ينطق بكلمة ثم دخل السيارة وانتهى الأمر.
المعلق:
بعد فترة قصيرة تناول "روميل" السم، زور طبيب شهادة الوفاة قائلاً إنه مات جراء أزمة قلبية تعرض لها أثناء أداء واجبه على الجبهة الغربية.
ضابط:
في بلدة في جنوب ألمانيا، وفي جنازة أمر بها "هتلر" يودع الشعب الألماني المارشال "روميل".
المعلق:
ينطلق موكب الجنازة من جوتن دام دون داخما، ومن ثم يتوجه الجنرال بروندشترت ممثل الفهرر إلى النعش ويلقي خطابه.
بروندشترت:
كان هذا المحارب الباسل مفعمًا بروح الاشتراكية القومية التي كانت القوة الدافعة لعمله وكان قلبه أسير الفهرر.
ابن روميل:
كنت أحس أحيانًا بأنه يشعر بأن حياته ضاعت هدرًا، وذلك بسبب الكوارث التي شهدها، وقيل له إنهم يخططون لهجوم في الغرب، فقال والدي: هذا جنون! إن كل طلقة نطلقها في الغرب سترتد علينا فورًا بكل تأكيد، كان واثقًا من هذا.
المعلق:
انتقل "روميل" من كونه أكثر جنرالات "هتلر" شعبية، إلى ألد أعدائه، في النهاية كان مستعدًّا للقيام بالمستحيل وبذل كل طاقاته ثمنًا لذلك.
ابن روميل:
أعتقد أنه لو قدر لوالدي أن يعيش فترة أطول، لكان في حالة يأس وإحباط بسبب كل ما حصل، لكنه قضى حياته عسكريًّا يلتزم بالأوامر، وينفذها بدقة.
المعلق:
لقد كان رفاقه دومًا يذكرونه بكل احترام، فهو رجل أراد أن يخط لنفسه أسلوبًا عسكريًّا ناجحًا، وأظهر الامتنان لقائده حتى النهاية، كم كان يحب أن يتخلص من حكم "هتلر" لكنه لم يستطع أن يتخلص من حبه لهتلر، لقد كان رجلاً كثير التناقضات.
وسلمتو
محمد اللافي- مستشار
-
عدد المشاركات : 27313
العمر : 45
رقم العضوية : 208
قوة التقييم : 54
تاريخ التسجيل : 28/06/2009
رد: روميل الاسطوره * الجزء الرابع
مشكور اخي على ما طرحت
منك نستفيد بارك الله فيك
منك نستفيد بارك الله فيك
الاسطوره- مستشار
-
عدد المشاركات : 7580
العمر : 38
رقم العضوية : 110
قوة التقييم : 70
تاريخ التسجيل : 06/04/2009
رد: روميل الاسطوره * الجزء الرابع
العفو اخي الاسطوره
مشكور علي المتابعه والاطلاع
مشكور علي المتابعه والاطلاع
محمد اللافي- مستشار
-
عدد المشاركات : 27313
العمر : 45
رقم العضوية : 208
قوة التقييم : 54
تاريخ التسجيل : 28/06/2009
رد: روميل الاسطوره * الجزء الرابع
جهد متميز ومواضيع رائعه لك الشكر
-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~
رد: روميل الاسطوره * الجزء الرابع
مشكور على جهودك يامحمد اللافي
دلع ليبيا- مستشار
-
عدد المشاركات : 15254
العمر : 24
رقم العضوية : 1253
قوة التقييم : 30
تاريخ التسجيل : 26/02/2010
رد: روميل الاسطوره * الجزء الرابع
العفو اخي عبدالفيظ كل الشكر لك علي الاطلاع
العفو اختي دلع بارك الله فيك لي المتابعه
الله ايسلمك خوي رؤوف متابع متميز
وينك امقصر راك الايام الي فاتن خير ان شاء الله
العفو اختي دلع بارك الله فيك لي المتابعه
الله ايسلمك خوي رؤوف متابع متميز
وينك امقصر راك الايام الي فاتن خير ان شاء الله
محمد اللافي- مستشار
-
عدد المشاركات : 27313
العمر : 45
رقم العضوية : 208
قوة التقييم : 54
تاريخ التسجيل : 28/06/2009
رد: روميل الاسطوره * الجزء الرابع
محمد اللافي كتب:
الله ايسلمك خوي رؤوف متابع متميز
وينك امقصر راك الايام الي فاتن خير ان شاء الله
خير ان شاء الله ... وعكه صحية خفيفة
رد: روميل الاسطوره * الجزء الرابع
مشكور خوي على ما طرحت
ادريس بوزويتينة- فريق اول
-
عدد المشاركات : 4426
العمر : 38
رقم العضوية : 102
قوة التقييم : 11
تاريخ التسجيل : 03/04/2009
رد: روميل الاسطوره * الجزء الرابع
الف لاباس عليك والله خير ان شاء الله شنو في
اجر وعافيه يا خوي رؤوف
العفو خوي ادريس
بارك الله فيك علي الاطلاع والمتابعه
اجر وعافيه يا خوي رؤوف
العفو خوي ادريس
بارك الله فيك علي الاطلاع والمتابعه
محمد اللافي- مستشار
-
عدد المشاركات : 27313
العمر : 45
رقم العضوية : 208
قوة التقييم : 54
تاريخ التسجيل : 28/06/2009
رد: روميل الاسطوره * الجزء الرابع
مشكور وبارك الله فيك على ما قدمت من معلومات قمة فى الروعة
-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~
اشهد ان لا اله الا الله واشهد ان محمد رسول الله
مواضيع مماثلة
» روميل الاسطوره * الجزء الاول
» روميل الاسطوره * الجزء الثاني
» روميل الاسطوره * الجزء الثالث
» الجزء الرابع من ملحمه (ما زلت نا هو نا)
» رواد علم {{الجزء الرابع }}
» روميل الاسطوره * الجزء الثاني
» روميل الاسطوره * الجزء الثالث
» الجزء الرابع من ملحمه (ما زلت نا هو نا)
» رواد علم {{الجزء الرابع }}
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
اليوم في 8:06 am من طرف STAR
» الإكوادور وجهة مثالية لقضاء العطلات وسط المناظر الطبيعية
اليوم في 8:06 am من طرف STAR
» سر ارتفاع دواسة الفرامل عن دواسة البنزين في السيارة
اليوم في 8:05 am من طرف STAR
» ما ميزات شبكات "Wi-Fi 8" المنتظرة؟
اليوم في 8:05 am من طرف STAR
» رد فعل صلاح بعد اختياره أفضل لاعب في الدوري الإنجليزي
اليوم في 8:04 am من طرف STAR
» هل تعاني من الأرق؟ طريقة بسيطة تسحبك إلى نوم عميق
اليوم في 8:03 am من طرف STAR
» الكبة المشوية على الطريقة الأصلية
اليوم في 8:03 am من طرف STAR
» الصلاة علي رسول الله+الاستغفار+ذكر الشهادة+كفارة المجلس
اليوم في 8:00 am من طرف STAR
» ارخص غسالات ملابس
2024-11-18, 10:29 am من طرف محمدوعبدو
» "لسنا عيادة طبية".. رئيسة بالميراس البرازيلي تعلق بشأن التعاقد مع نيمار
2024-11-18, 7:49 am من طرف STAR
» لا تستخدم مياه "الحنفية" لتبريد محرك سيارتك.. إليك السبب
2024-11-18, 7:49 am من طرف STAR
» هل يطرد النوم "السموم من الدماغ"؟.. دراسة تكشف السر
2024-11-18, 7:48 am من طرف STAR
» لمستخدمي "ميتا" في أوروبا.. إليكم هذه الميزة الجديدة!
2024-11-18, 7:47 am من طرف STAR
» احرصوا على تهوية المنزل حتى في الطقس البارد!
2024-11-18, 7:47 am من طرف STAR
» العناية بالبشرة في فصل الخريف.. نصائح مهمة لذلك
2024-11-18, 7:46 am من طرف STAR