إعلانات المنتدي
المواضيع الأخيرة
بحـث
هل يريد الليبيون مخض الماء؟
4 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
هل يريد الليبيون مخض الماء؟
هل يريد الليبيون مخض الماء؟
د. عارف التير
هل يريد الليبيون مخض الماء؟
بداية يجب أن أتقدم بالشكر للأستاذ
الفاضل احمد إبراهيم الفقيه لأنه اثأر موضوع ذو شجون وحرك مياه في تقديري
راكدة حول الشأن الداخلي، ولا أدل على ذلك من التعليقات والردود التي تمت
على هذا المقال، ومن خلال قراءتي للمقال أكثر من مرة، ومن خلفيتي الفكرية
السياسية وليس من الخلفية الأدبية القصصية التي ينتمي إليها الكاتب سأتناول
جزئيتين: هل الفقر ثقافة أم حالة ؟ و ماذا يريد الليبيون وما الذي يحتاجون
إليه؟
أولا – هل الفقر ثقافة أم حالة ؟
ورد في مقال الكاتب حول الفقر هذه العبارة "بل لايكفيأيضا الحديث عن الآليات التيتضمن وصول هذه الثروة بشكل عادل لكل الناس،لأن هناك مشكلة أكثر تعقيدا من هذه الصيغة البسيطة الواضحة للإجابة عن السؤال،وهذه المشكلة تتعلق بمايمكن أن أسميه ثقافة الفقر))،
من هذه النقطة سوف أحاول أن أتطرق بصورة مختصرة إلى مفهوم الفقر ومفهوم
الثقافة، فالفقر عبارة عن ظروف معيشية يعيشها الإنسان تتسم بحرمانه من سلة
السلع الأساسية التي تتكون من الملابس والغذاء والسكن، أو هو عبارة عن
حالة تعبر عن النقص أو العجز في الاحتياجات الأساسية والضرورية للإنسان،
وأهم هذه الاحتياجات: الغذاء، الرعاية الصحية، التعليم، السكن أو
المأوى...الخ، والفقر أنواع هناك الفقر النسبي والفقر المطلق والفقر
المدقع، وهناك خط الفقر ومستوى الفقر والحد الأدنى والأعلى للفقر، وغيرها
من المصطلحات التي تتعلق بهذه الحالة، أما مفهوم الثقافة فهي : مجموعة
العادات والتقاليد والأعراف والقيم والدين التي تسود مجتمع ما، أو هي ذلك
الكل المعقد الذي يتضمن المعرفة ، والمعتقد ، والفن ، والخُلق ، والقانون ،
والعادات الاجتماعية وأية إمكانيات اجتماعية أخرى بل وطبائع اكتسبها
الإنسان كعضو في مجتمعه، من خلال توضيحنا للمفهومين يمكن أن نستنتج :
1 - لا يمكن قياس الثقافة بينما من الممكن قياس الفقر.
2 - الثقافة قيم معنوية بينما الفقر يرتبط في كثير من الأحيان بالجانب المادي.
3 - يمكن تصنيف الفقر وتقسيمه وتبويبه ومعرفة أسبابه ودوافعه، بينما لا يمكن إجراء نفس القياسات على الثقافة.
4 – في كثير من الأحيان يمكن أن يتغير
ويتبدل وضع الفرد من فقير إلى غني أو من غني إلى فقير بين ليلة وضحاها،
بينما تغيير الثقافة والقيم التي يحملها الفرد والمجتمع قد تحتاج إلى
سنيين، وهذا ما عبر عنه الأستاذ عبدالرحمن الشاطر في رده.
5 – معدل الفقر يزيد و ينقص في
المجتمع حسب السياسات العامة للدولة، ويمكن محاربته والقضاء عليه، كما فعلت
ماليزيا، التي استطاعت تخفض معدل الفقر من 52% سنة 1970 إلى 5% سنة 2004م.
فالكاتب لم يبين لنا ما هي القيم التي
تحملها ثقافة الفقر، فعندما نقول الثقافة الإسلامية أو الثقافة الغربية
فإن لكل منهما قيم وعادات وتقاليد وأعراف وطباع ونسق قيمي، لكن ثقافة الفقر
لم استوعب هذا المصطلح وربما أكون قاصراً الفهم قليلاً فليعذرني الكاتب،
الفقر لم ولن يكون مشكلة، ولا يملك ثقافة، وإنما المشكلة والإشكالية فينا
نحن في كيفية إيجاد آليات صحيحة وسياسات عامة رشيدة يتم من خلالها إدارة
هذه الثروة بطريقة عادلة ومنصفة، فالفقر ليس بالشيء الذي يمكن أن يستحي
منه الفرد، واغلب الأنبياء كانوا فقراء، ورغم إنني والكاتب من نفس المنطقة
التي عشنا بها وكانت الأوضاع المادية للناس متشابهة، إلا إنني افتخر بالفقر
الذي تحدث عنه الكاتب، بل هو الذي أوصلنا إلى ما وصلنا إليه من بسطةٍ
متواضعةٍ جداً في العلم والمعرفة ، ولن يكون الفقر نقيصة لي ولا لأهل
مدينتي، بل سأصدح بأعلى صوتي إننا كنا فقراء، لقد غرس فينا الفقر قيمة
العمل النزيه وقيمة الحق وقيمة الصدق وقيمة الأمانة وقيمة النزاهة وقيمة
الأخلاق وقيمة الشرف وقيمة .....الخ ، وبعكسها تماماً ثقافة الرخاء التي
ينشدها الكاتب، يقول المثل الشعبي (( لا في الشبع فُخرة ولا في الجوع
عار))،
يقول الكاتب في جزئية أخرى: " ثقافة الفقر هيالتيشاركت فيتربيتنا أطفالا ومنعت الكتاب عنيد هذا الطفل صغيرا وصارتغربته عن الكتابغربة أبدية حتى وهويصل أعلى مراحل التعليم،"
أقول : عندما كنا صغاراً أيام السبعينيات والثمانينات كان المركز الثقافي
بمنطقتنا وأنت اعلم بذلك سيدي الفاضل يقوم بجميع المناشط الثقافية، وكانت
مكتبته العامرة تقدم لنا الكثير من الكتب الذي أمدتنا بالأفق الممتد،
والخيال الواسع في القراءة والكتابة، لقد كان الحاج منصور الذي متأكد انك
تعرفه أكثر حرصاً على الكتب والمكتبة من حرصه على أبنائه، لقد كانت قصص
عنترة بن شداد، وروايات الأدب العالمي والعربي يقرئها الكثير من أبناء
جلدتي رغم أن اغلب العائلات والأسر كانت متوسطة الحال بل هناك الكثير منهم
فقراء ، أن ما تتحدث عنه ياسيدي يدخل في باب هل هناك سياسة عامة للثقافة
بالبلد يمكن أن تهتم بهذه المراكز وتقدم لها الدعم المادي والمعنوي، وتمدها
وتزودها بالكتب وتغرس في المجتمع روح القراءة، كان على الدولة أن تقيم في
كل مدرسة مكتبة ، ورحم الله الأستاذ عبدالله النعاس الذي كان في مرحلة
الدراسة الابتدائية يصحبنا إلى المكتبة أثناء حصة القراءة.
في تقديري كان الأولى أن تطرح كيف
يمكن معالجة مشكلة ثقافة الفساد ((والتى تحدث عنها الدكتور محمود جبريل
أكثر من مرة))، وهي المسيطرة على المجتمع، و تنهش في ثروات الوطن كما تُنهش
الغنيمة في الحرب، والتي أمست في كل بيت وفي كل ركن وفي كل شارع ، وأصبح
الصدق والأمانة والشرف والإخلاص في العمل قيم بالية ومن يتمسك بها يكون
غريباً بل قد يكون طريداً وشريداً، إننا نحتاج ياسيدي الفاضل إلى لـ
Quality of life الذي تحدث عنه لمحاربة الفساد أولاً، فقيمة الحياة التي
نبحث عنها لا يمكن أن تتحقق في بيئة فاسدة، وان مواجهة ثقافة الفساد لا
يمكن أن تتم بمجرد صدور قرار أو قانون، أو تشكيل هيئة أو لجنة، لان هذه
الثقافة ليست مسئولية شخص أو جهة معينة أو مؤسسة، إنما هي مسئوليتنا
جميعاً، ولا بد من أن يساهم في مواجهتها ومحاربتها كل من يعيش على ارض هذا
الوطن بنية صادقة صدوقة، وأن يكون لأدوات التنشئة السياسية والتي تبدأ من
الأسرة والمدرسة والمسجد والشارع ووسائل الإعلام ومؤسسات الدولة...الخ
الدور الرئيسي، لابد من تكاثف جهود الجميع لمحاربة هذا الغول المتغول، الذي
بداء يضرب أطنابه في كل مكان، فحرب القيم لا تتم إلا بالقيم، وتعديل ثقافة
الناس لا تتم إلا بمحاولة غرس قيم جديدة.
ثانياً : ماذا يريد الليبيون وماذا يحتاجون؟
إنني لن ادخل في جدلية العلاقة بين ما
تريد وما تحتاج، لان هذا إطار فلسفي فما تريد يدخل في باب التمني والرجاء
والطلب والاختيار، أما ما تحتاجه فيدخل في باب اللزوم والضروري والشيء الذي
لابد منه، فوفق دراسات علم السياسة المتعلقة بالية عمل أي نظام سياسي فإن
ما يريده الأفراد يدخل في باب المطالب، وهذه المطالب هي المدخلات التي
ستؤدي إلى مخرجات يعبر عنها في صورة قرارات وأفعال وتصرفات تصدر من النظام
السياسي (وفق تحليل نظرية النظم لديفيد إستون))، ولهذا سأطرح سؤال ماذا
يريد الليبيون بطريقة علمية محددة، بحيث بدل ماذا يريد الليبيون سيكون
السؤال ما هي السياسات العامة الرشيدة التي يجب انتهاجها بحيث يمكن تحقيق
النمو والتقدم لهؤلاء الليبيون؟ وكيف يمكن توظيف موارد الدولة لتحقيق اكبر
عائد يعود على كل مواطن ليبي ؟
في اغلب الدول المتقدمة أصبح هناك
مراكز متخصصة للإجابة على هذين السؤالين، ومراكز علمية لدراسة السياسات
العامة للدولة وفق إطار علمي يقدم خطط وبرامج وتصورات لكيفية إدارة موارد
الدولة، هذه المراكز هي التي تحدد للهيئات التنفيذية كيف يمكن صنع وتنفيذ
وتقييم السياسات العامة.
إن ما يريد الليبيون ويحتاجونه في
الوقت الحالي ، والحاضر، والعاجل ، والضروري ، وقبل التفكير في رسم أي
سياسات عامة أو التفكير في كيفية توزيع الثروة أو التفكير في كيفية عمل
الأجهزة التنفيذية أن يتم خلق وإيجاد ووضع وإنشاء وصنع مرجعية قانونية للجميع.
مرجعية قانونية يرجع إليها الجميع،
مرجعية قانونية تكون فوق الجميع، مرجعية قانونية يلتزم بها الجميع، مرجعية
قانونية تحدد صلاحيات الجميع، مرجعية قانونية تبين مسئوليات الجميع، مرجعية
قانونية يساهم في وضعها وإنشائها وكتابتها وصياغته الجميع، ونقصد بالجميع
كل من يعيش على الأرض الليبية من أفراد وهيئات ومؤسسات وأمانات بدوية
وحضرية ، غنية وفقيرة، رجال ونساء وأطفال وشيوخ ، هذه المرجعية أصبحت ضرورة
ملحة لتحديد العلاقات بين الجميع، ولا تهمني تسمية المسميات بقدر ما
يهمني مضمونها وما تحتويه ، سمها ما شئت سلطة الشعب ، أو مرجعية قانونية ،
أو وثيقة أساسية ، أو دستور، أو ميثاق وطني ، أو ميثاق جماهيري ، أو
إعلان تأسيس ، أو بيان ، أو عهد ، أو قانون ، أو لائحة، ولا يهمني كذلك من
يكون ورائها اللجنة الشعبية العامة ، أو مؤتمر الشعب العام ، أو حركة
اللجان الثورية ، أو رجال القانون ، أو رجال السياسة ، أو رجل الشارع ، أو
مؤسسات المجتمع المدني، المهم الذي لا همَّ غيره إننا يجب نعيد ترتيب
العلاقة بيننا بقانون، يحدد الصلاحيات والمسئوليات.
إن المرجعية القانونية المتوفرة
للدولة حتى ألان هي إعلان قيام سلطة الشعب، والتي تمثل الركيزة الأساسية
للنظام السياسي الليبي منذ سنة 1977م ، وهذه المرجعية لم يتم محاولة إعادة
ِقرَاءتُها ، أو حتى مجرد التفكير فيما تحتويه، أو حتى مجرد تعديلها أو
تحويرها أو تطويرها أو تكييفها مع متغيرات طبيعة الحياة، ومع متغيرات
احتياجات الشعب الليبي، إن ما أقوله يجب أن لا يفسر على انه دعوة إلى إلغاء
النظام السياسي القائم، بالعكس بل هو محاولة لتفعيل هذا النظام بطريقة
تحقق اكبر المكاسب للوطن والمواطن، أن ما تعلمناه في علم السياسية أن أي
نظام سواء كان سياسي أو قانوني أو اجتماعي أو اقتصادي ما لم يعبر عن رغبات
واحتياجات المجتمع فإن مصيره سيكون الانهيار والاندثار.
لقد شببنا في كنف هذه الثورة، وحضرنا
وساهمنا بفاعلية وفعالية في معسكرات تثقيفها الثوري منذ انطلاقتها في
السبعينيات، وكنا عناصر كشافتها الذين حملنا المبادئ والقيم الكشفية ،
وكانت المرحلة في ذلك الوقت تتطلب ذلك ، ولكن تلك عهود سادت وألان بادت ،
ويجب أن نفكر في مسار هذه الدولة بعيداً عن الشحنات المشبعة ايديولجياً ،
لقد انهارت الايدولوجيا قبل أن ينهار الاتحاد السوفيتي، وبقينا نحن صامدون
بعقلية وأفكار السبيعينات والثمانينات.
هل تعرف لماذا يحتاج الليبيون إلى المرجعية القانونية؟، سوف اذكر بعض هذه الاحتياجات من وجهة نظر سياسية :
- إننا نحتاجها من اجل تحديد كم عدد الأجهزة التنفيذية التي تتطلبها البلد.
- نحتاجها إلى كيفية تنظيم صلاحيات من يكونوا على رأس هذه الأجهزة.
نحتاجها من اجل تحديد التقسيم الإداري للدولة وفق الأسس العلمية .
- نحتاجها لكي نلزم كل فرد على رأس
جهاز تنفيذي أن يبن سياسته العامة و كيف سيحمل هذه الأمانة، وان يوضح للناس
برامجه وسياسته التي ينتهجها، ومن حق الجميع سؤاله ومسائلته.
- نحتاجها من اجل معرفة كيف يمكن توزيع ثروة الوطن وكيفية توظيفها بأكبر عائد على المواطن.
- نحتاجها من اجل خلق دولة المؤسسات ودولة القانون.
- نحتاجها لنبذ القبلية والفئوية والجهوية ، وان يكون الانتماء لهذا الوطن.
لقد مللنا وسئمنا التغيرات الهيكلية
للمؤسسات والأجهزة الإدارية، وسئمنا التفكيك والتركيب ، والدمج والانحلال ،
والضم والانفكاك، والانكماش والتوسع ، لكل هذا وغيره يريد الليبيون
ويحتاجون إلى هذه المرجعية القانونية، فإذا استطعنا أن نؤسس لهذه المرجعية
فإننا نكون بهذا لا نمخض الماء وإنما نمخض لنحصل على ما يمكن أن ينفع
الناس.
د. عارف التير
هل يريد الليبيون مخض الماء؟
بداية يجب أن أتقدم بالشكر للأستاذ
الفاضل احمد إبراهيم الفقيه لأنه اثأر موضوع ذو شجون وحرك مياه في تقديري
راكدة حول الشأن الداخلي، ولا أدل على ذلك من التعليقات والردود التي تمت
على هذا المقال، ومن خلال قراءتي للمقال أكثر من مرة، ومن خلفيتي الفكرية
السياسية وليس من الخلفية الأدبية القصصية التي ينتمي إليها الكاتب سأتناول
جزئيتين: هل الفقر ثقافة أم حالة ؟ و ماذا يريد الليبيون وما الذي يحتاجون
إليه؟
أولا – هل الفقر ثقافة أم حالة ؟
ورد في مقال الكاتب حول الفقر هذه العبارة "بل لايكفيأيضا الحديث عن الآليات التيتضمن وصول هذه الثروة بشكل عادل لكل الناس،لأن هناك مشكلة أكثر تعقيدا من هذه الصيغة البسيطة الواضحة للإجابة عن السؤال،وهذه المشكلة تتعلق بمايمكن أن أسميه ثقافة الفقر))،
من هذه النقطة سوف أحاول أن أتطرق بصورة مختصرة إلى مفهوم الفقر ومفهوم
الثقافة، فالفقر عبارة عن ظروف معيشية يعيشها الإنسان تتسم بحرمانه من سلة
السلع الأساسية التي تتكون من الملابس والغذاء والسكن، أو هو عبارة عن
حالة تعبر عن النقص أو العجز في الاحتياجات الأساسية والضرورية للإنسان،
وأهم هذه الاحتياجات: الغذاء، الرعاية الصحية، التعليم، السكن أو
المأوى...الخ، والفقر أنواع هناك الفقر النسبي والفقر المطلق والفقر
المدقع، وهناك خط الفقر ومستوى الفقر والحد الأدنى والأعلى للفقر، وغيرها
من المصطلحات التي تتعلق بهذه الحالة، أما مفهوم الثقافة فهي : مجموعة
العادات والتقاليد والأعراف والقيم والدين التي تسود مجتمع ما، أو هي ذلك
الكل المعقد الذي يتضمن المعرفة ، والمعتقد ، والفن ، والخُلق ، والقانون ،
والعادات الاجتماعية وأية إمكانيات اجتماعية أخرى بل وطبائع اكتسبها
الإنسان كعضو في مجتمعه، من خلال توضيحنا للمفهومين يمكن أن نستنتج :
1 - لا يمكن قياس الثقافة بينما من الممكن قياس الفقر.
2 - الثقافة قيم معنوية بينما الفقر يرتبط في كثير من الأحيان بالجانب المادي.
3 - يمكن تصنيف الفقر وتقسيمه وتبويبه ومعرفة أسبابه ودوافعه، بينما لا يمكن إجراء نفس القياسات على الثقافة.
4 – في كثير من الأحيان يمكن أن يتغير
ويتبدل وضع الفرد من فقير إلى غني أو من غني إلى فقير بين ليلة وضحاها،
بينما تغيير الثقافة والقيم التي يحملها الفرد والمجتمع قد تحتاج إلى
سنيين، وهذا ما عبر عنه الأستاذ عبدالرحمن الشاطر في رده.
5 – معدل الفقر يزيد و ينقص في
المجتمع حسب السياسات العامة للدولة، ويمكن محاربته والقضاء عليه، كما فعلت
ماليزيا، التي استطاعت تخفض معدل الفقر من 52% سنة 1970 إلى 5% سنة 2004م.
فالكاتب لم يبين لنا ما هي القيم التي
تحملها ثقافة الفقر، فعندما نقول الثقافة الإسلامية أو الثقافة الغربية
فإن لكل منهما قيم وعادات وتقاليد وأعراف وطباع ونسق قيمي، لكن ثقافة الفقر
لم استوعب هذا المصطلح وربما أكون قاصراً الفهم قليلاً فليعذرني الكاتب،
الفقر لم ولن يكون مشكلة، ولا يملك ثقافة، وإنما المشكلة والإشكالية فينا
نحن في كيفية إيجاد آليات صحيحة وسياسات عامة رشيدة يتم من خلالها إدارة
هذه الثروة بطريقة عادلة ومنصفة، فالفقر ليس بالشيء الذي يمكن أن يستحي
منه الفرد، واغلب الأنبياء كانوا فقراء، ورغم إنني والكاتب من نفس المنطقة
التي عشنا بها وكانت الأوضاع المادية للناس متشابهة، إلا إنني افتخر بالفقر
الذي تحدث عنه الكاتب، بل هو الذي أوصلنا إلى ما وصلنا إليه من بسطةٍ
متواضعةٍ جداً في العلم والمعرفة ، ولن يكون الفقر نقيصة لي ولا لأهل
مدينتي، بل سأصدح بأعلى صوتي إننا كنا فقراء، لقد غرس فينا الفقر قيمة
العمل النزيه وقيمة الحق وقيمة الصدق وقيمة الأمانة وقيمة النزاهة وقيمة
الأخلاق وقيمة الشرف وقيمة .....الخ ، وبعكسها تماماً ثقافة الرخاء التي
ينشدها الكاتب، يقول المثل الشعبي (( لا في الشبع فُخرة ولا في الجوع
عار))،
يقول الكاتب في جزئية أخرى: " ثقافة الفقر هيالتيشاركت فيتربيتنا أطفالا ومنعت الكتاب عنيد هذا الطفل صغيرا وصارتغربته عن الكتابغربة أبدية حتى وهويصل أعلى مراحل التعليم،"
أقول : عندما كنا صغاراً أيام السبعينيات والثمانينات كان المركز الثقافي
بمنطقتنا وأنت اعلم بذلك سيدي الفاضل يقوم بجميع المناشط الثقافية، وكانت
مكتبته العامرة تقدم لنا الكثير من الكتب الذي أمدتنا بالأفق الممتد،
والخيال الواسع في القراءة والكتابة، لقد كان الحاج منصور الذي متأكد انك
تعرفه أكثر حرصاً على الكتب والمكتبة من حرصه على أبنائه، لقد كانت قصص
عنترة بن شداد، وروايات الأدب العالمي والعربي يقرئها الكثير من أبناء
جلدتي رغم أن اغلب العائلات والأسر كانت متوسطة الحال بل هناك الكثير منهم
فقراء ، أن ما تتحدث عنه ياسيدي يدخل في باب هل هناك سياسة عامة للثقافة
بالبلد يمكن أن تهتم بهذه المراكز وتقدم لها الدعم المادي والمعنوي، وتمدها
وتزودها بالكتب وتغرس في المجتمع روح القراءة، كان على الدولة أن تقيم في
كل مدرسة مكتبة ، ورحم الله الأستاذ عبدالله النعاس الذي كان في مرحلة
الدراسة الابتدائية يصحبنا إلى المكتبة أثناء حصة القراءة.
في تقديري كان الأولى أن تطرح كيف
يمكن معالجة مشكلة ثقافة الفساد ((والتى تحدث عنها الدكتور محمود جبريل
أكثر من مرة))، وهي المسيطرة على المجتمع، و تنهش في ثروات الوطن كما تُنهش
الغنيمة في الحرب، والتي أمست في كل بيت وفي كل ركن وفي كل شارع ، وأصبح
الصدق والأمانة والشرف والإخلاص في العمل قيم بالية ومن يتمسك بها يكون
غريباً بل قد يكون طريداً وشريداً، إننا نحتاج ياسيدي الفاضل إلى لـ
Quality of life الذي تحدث عنه لمحاربة الفساد أولاً، فقيمة الحياة التي
نبحث عنها لا يمكن أن تتحقق في بيئة فاسدة، وان مواجهة ثقافة الفساد لا
يمكن أن تتم بمجرد صدور قرار أو قانون، أو تشكيل هيئة أو لجنة، لان هذه
الثقافة ليست مسئولية شخص أو جهة معينة أو مؤسسة، إنما هي مسئوليتنا
جميعاً، ولا بد من أن يساهم في مواجهتها ومحاربتها كل من يعيش على ارض هذا
الوطن بنية صادقة صدوقة، وأن يكون لأدوات التنشئة السياسية والتي تبدأ من
الأسرة والمدرسة والمسجد والشارع ووسائل الإعلام ومؤسسات الدولة...الخ
الدور الرئيسي، لابد من تكاثف جهود الجميع لمحاربة هذا الغول المتغول، الذي
بداء يضرب أطنابه في كل مكان، فحرب القيم لا تتم إلا بالقيم، وتعديل ثقافة
الناس لا تتم إلا بمحاولة غرس قيم جديدة.
ثانياً : ماذا يريد الليبيون وماذا يحتاجون؟
إنني لن ادخل في جدلية العلاقة بين ما
تريد وما تحتاج، لان هذا إطار فلسفي فما تريد يدخل في باب التمني والرجاء
والطلب والاختيار، أما ما تحتاجه فيدخل في باب اللزوم والضروري والشيء الذي
لابد منه، فوفق دراسات علم السياسة المتعلقة بالية عمل أي نظام سياسي فإن
ما يريده الأفراد يدخل في باب المطالب، وهذه المطالب هي المدخلات التي
ستؤدي إلى مخرجات يعبر عنها في صورة قرارات وأفعال وتصرفات تصدر من النظام
السياسي (وفق تحليل نظرية النظم لديفيد إستون))، ولهذا سأطرح سؤال ماذا
يريد الليبيون بطريقة علمية محددة، بحيث بدل ماذا يريد الليبيون سيكون
السؤال ما هي السياسات العامة الرشيدة التي يجب انتهاجها بحيث يمكن تحقيق
النمو والتقدم لهؤلاء الليبيون؟ وكيف يمكن توظيف موارد الدولة لتحقيق اكبر
عائد يعود على كل مواطن ليبي ؟
في اغلب الدول المتقدمة أصبح هناك
مراكز متخصصة للإجابة على هذين السؤالين، ومراكز علمية لدراسة السياسات
العامة للدولة وفق إطار علمي يقدم خطط وبرامج وتصورات لكيفية إدارة موارد
الدولة، هذه المراكز هي التي تحدد للهيئات التنفيذية كيف يمكن صنع وتنفيذ
وتقييم السياسات العامة.
إن ما يريد الليبيون ويحتاجونه في
الوقت الحالي ، والحاضر، والعاجل ، والضروري ، وقبل التفكير في رسم أي
سياسات عامة أو التفكير في كيفية توزيع الثروة أو التفكير في كيفية عمل
الأجهزة التنفيذية أن يتم خلق وإيجاد ووضع وإنشاء وصنع مرجعية قانونية للجميع.
مرجعية قانونية يرجع إليها الجميع،
مرجعية قانونية تكون فوق الجميع، مرجعية قانونية يلتزم بها الجميع، مرجعية
قانونية تحدد صلاحيات الجميع، مرجعية قانونية تبين مسئوليات الجميع، مرجعية
قانونية يساهم في وضعها وإنشائها وكتابتها وصياغته الجميع، ونقصد بالجميع
كل من يعيش على الأرض الليبية من أفراد وهيئات ومؤسسات وأمانات بدوية
وحضرية ، غنية وفقيرة، رجال ونساء وأطفال وشيوخ ، هذه المرجعية أصبحت ضرورة
ملحة لتحديد العلاقات بين الجميع، ولا تهمني تسمية المسميات بقدر ما
يهمني مضمونها وما تحتويه ، سمها ما شئت سلطة الشعب ، أو مرجعية قانونية ،
أو وثيقة أساسية ، أو دستور، أو ميثاق وطني ، أو ميثاق جماهيري ، أو
إعلان تأسيس ، أو بيان ، أو عهد ، أو قانون ، أو لائحة، ولا يهمني كذلك من
يكون ورائها اللجنة الشعبية العامة ، أو مؤتمر الشعب العام ، أو حركة
اللجان الثورية ، أو رجال القانون ، أو رجال السياسة ، أو رجل الشارع ، أو
مؤسسات المجتمع المدني، المهم الذي لا همَّ غيره إننا يجب نعيد ترتيب
العلاقة بيننا بقانون، يحدد الصلاحيات والمسئوليات.
إن المرجعية القانونية المتوفرة
للدولة حتى ألان هي إعلان قيام سلطة الشعب، والتي تمثل الركيزة الأساسية
للنظام السياسي الليبي منذ سنة 1977م ، وهذه المرجعية لم يتم محاولة إعادة
ِقرَاءتُها ، أو حتى مجرد التفكير فيما تحتويه، أو حتى مجرد تعديلها أو
تحويرها أو تطويرها أو تكييفها مع متغيرات طبيعة الحياة، ومع متغيرات
احتياجات الشعب الليبي، إن ما أقوله يجب أن لا يفسر على انه دعوة إلى إلغاء
النظام السياسي القائم، بالعكس بل هو محاولة لتفعيل هذا النظام بطريقة
تحقق اكبر المكاسب للوطن والمواطن، أن ما تعلمناه في علم السياسية أن أي
نظام سواء كان سياسي أو قانوني أو اجتماعي أو اقتصادي ما لم يعبر عن رغبات
واحتياجات المجتمع فإن مصيره سيكون الانهيار والاندثار.
لقد شببنا في كنف هذه الثورة، وحضرنا
وساهمنا بفاعلية وفعالية في معسكرات تثقيفها الثوري منذ انطلاقتها في
السبعينيات، وكنا عناصر كشافتها الذين حملنا المبادئ والقيم الكشفية ،
وكانت المرحلة في ذلك الوقت تتطلب ذلك ، ولكن تلك عهود سادت وألان بادت ،
ويجب أن نفكر في مسار هذه الدولة بعيداً عن الشحنات المشبعة ايديولجياً ،
لقد انهارت الايدولوجيا قبل أن ينهار الاتحاد السوفيتي، وبقينا نحن صامدون
بعقلية وأفكار السبيعينات والثمانينات.
هل تعرف لماذا يحتاج الليبيون إلى المرجعية القانونية؟، سوف اذكر بعض هذه الاحتياجات من وجهة نظر سياسية :
- إننا نحتاجها من اجل تحديد كم عدد الأجهزة التنفيذية التي تتطلبها البلد.
- نحتاجها إلى كيفية تنظيم صلاحيات من يكونوا على رأس هذه الأجهزة.
نحتاجها من اجل تحديد التقسيم الإداري للدولة وفق الأسس العلمية .
- نحتاجها لكي نلزم كل فرد على رأس
جهاز تنفيذي أن يبن سياسته العامة و كيف سيحمل هذه الأمانة، وان يوضح للناس
برامجه وسياسته التي ينتهجها، ومن حق الجميع سؤاله ومسائلته.
- نحتاجها من اجل معرفة كيف يمكن توزيع ثروة الوطن وكيفية توظيفها بأكبر عائد على المواطن.
- نحتاجها من اجل خلق دولة المؤسسات ودولة القانون.
- نحتاجها لنبذ القبلية والفئوية والجهوية ، وان يكون الانتماء لهذا الوطن.
لقد مللنا وسئمنا التغيرات الهيكلية
للمؤسسات والأجهزة الإدارية، وسئمنا التفكيك والتركيب ، والدمج والانحلال ،
والضم والانفكاك، والانكماش والتوسع ، لكل هذا وغيره يريد الليبيون
ويحتاجون إلى هذه المرجعية القانونية، فإذا استطعنا أن نؤسس لهذه المرجعية
فإننا نكون بهذا لا نمخض الماء وإنما نمخض لنحصل على ما يمكن أن ينفع
الناس.
-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~
بوفرقه- مراقب
-
عدد المشاركات : 34697
العمر : 58
رقم العضوية : 179
قوة التقييم : 76
تاريخ التسجيل : 30/04/2009
رد: هل يريد الليبيون مخض الماء؟
مشكورين على المرور والتوقف المستمر
-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~
بوفرقه- مراقب
-
عدد المشاركات : 34697
العمر : 58
رقم العضوية : 179
قوة التقييم : 76
تاريخ التسجيل : 30/04/2009
amol- مستشار
-
عدد المشاركات : 36762
العمر : 43
رقم العضوية : 2742
قوة التقييم : 9
تاريخ التسجيل : 14/08/2010
رد: هل يريد الليبيون مخض الماء؟
فقيمة الحياة التي
نبحث عنها لا يمكن أن تتحقق في بيئة فاسدة، وان مواجهة ثقافة الفساد لا
يمكن أن تتم بمجرد صدور قرار أو قانون، أو تشكيل هيئة أو لجنة، لان هذه
الثقافة ليست مسئولية شخص أو جهة معينة أو مؤسسة، إنما هي مسئوليتنا
جميعاً، ولا بد من أن يساهم في مواجهتها ومحاربتها كل من يعيش على ارض هذا
الوطن بنية صادقة صدوقة، وأن يكون لأدوات التنشئة السياسية والتي تبدأ من
الأسرة والمدرسة والمسجد والشارع ووسائل الإعلام ومؤسسات الدولة...الخ
الدور الرئيسي، لابد من تكاثف جهود الجميع لمحاربة هذا الغول المتغول، الذي
بداء يضرب أطنابه في كل مكان، فحرب القيم لا تتم إلا بالقيم، وتعديل ثقافة
الناس لا تتم إلا بمحاولة غرس قيم جديدة.
نبحث عنها لا يمكن أن تتحقق في بيئة فاسدة، وان مواجهة ثقافة الفساد لا
يمكن أن تتم بمجرد صدور قرار أو قانون، أو تشكيل هيئة أو لجنة، لان هذه
الثقافة ليست مسئولية شخص أو جهة معينة أو مؤسسة، إنما هي مسئوليتنا
جميعاً، ولا بد من أن يساهم في مواجهتها ومحاربتها كل من يعيش على ارض هذا
الوطن بنية صادقة صدوقة، وأن يكون لأدوات التنشئة السياسية والتي تبدأ من
الأسرة والمدرسة والمسجد والشارع ووسائل الإعلام ومؤسسات الدولة...الخ
الدور الرئيسي، لابد من تكاثف جهود الجميع لمحاربة هذا الغول المتغول، الذي
بداء يضرب أطنابه في كل مكان، فحرب القيم لا تتم إلا بالقيم، وتعديل ثقافة
الناس لا تتم إلا بمحاولة غرس قيم جديدة.
محمد اللافي- مستشار
-
عدد المشاركات : 27313
العمر : 45
رقم العضوية : 208
قوة التقييم : 54
تاريخ التسجيل : 28/06/2009
مواضيع مماثلة
» هل يريد الليبيون بناء دولة ؟
» على خلفية ماذا يريد الليبيون أو ما الذي يحتاجون اليه؟
» كل ما تريد معرفتة عن نفل الماء menya trifoliata برسيم الماء
» الى كل من يريد الورد
» الكل يريد أن يرى ليبيا مثل دبي !!!!!
» على خلفية ماذا يريد الليبيون أو ما الذي يحتاجون اليه؟
» كل ما تريد معرفتة عن نفل الماء menya trifoliata برسيم الماء
» الى كل من يريد الورد
» الكل يريد أن يرى ليبيا مثل دبي !!!!!
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
اليوم في 8:06 am من طرف STAR
» الإكوادور وجهة مثالية لقضاء العطلات وسط المناظر الطبيعية
اليوم في 8:06 am من طرف STAR
» سر ارتفاع دواسة الفرامل عن دواسة البنزين في السيارة
اليوم في 8:05 am من طرف STAR
» ما ميزات شبكات "Wi-Fi 8" المنتظرة؟
اليوم في 8:05 am من طرف STAR
» رد فعل صلاح بعد اختياره أفضل لاعب في الدوري الإنجليزي
اليوم في 8:04 am من طرف STAR
» هل تعاني من الأرق؟ طريقة بسيطة تسحبك إلى نوم عميق
اليوم في 8:03 am من طرف STAR
» الكبة المشوية على الطريقة الأصلية
اليوم في 8:03 am من طرف STAR
» الصلاة علي رسول الله+الاستغفار+ذكر الشهادة+كفارة المجلس
اليوم في 8:00 am من طرف STAR
» ارخص غسالات ملابس
2024-11-18, 10:29 am من طرف محمدوعبدو
» "لسنا عيادة طبية".. رئيسة بالميراس البرازيلي تعلق بشأن التعاقد مع نيمار
2024-11-18, 7:49 am من طرف STAR
» لا تستخدم مياه "الحنفية" لتبريد محرك سيارتك.. إليك السبب
2024-11-18, 7:49 am من طرف STAR
» هل يطرد النوم "السموم من الدماغ"؟.. دراسة تكشف السر
2024-11-18, 7:48 am من طرف STAR
» لمستخدمي "ميتا" في أوروبا.. إليكم هذه الميزة الجديدة!
2024-11-18, 7:47 am من طرف STAR
» احرصوا على تهوية المنزل حتى في الطقس البارد!
2024-11-18, 7:47 am من طرف STAR
» العناية بالبشرة في فصل الخريف.. نصائح مهمة لذلك
2024-11-18, 7:46 am من طرف STAR