ليبيا: أول مظاهرة ضد المجلس الانتقالي في بنغازي تطالب باستقا

من طرف **زهرة اللوتس** 2011-12-13, 10:34 am

ليبيا: أول مظاهرة ضد المجلس الانتقالي في بنغازي تطالب باستقالة عبد الجليل

عائلة القذافي تدرس الانتقال إلى 3 دول بعد تهديد الجزائر بطردها
متظاهرون ليبيون في بنغازي يطالبون بمحاكمة أنصار القذافي أمس (أ.ف.ب)
القاهرة: خالد محمود
انفتح المشهد السياسي والعسكري المرتبك في ليبيا على وضعية جديدة أمس بعدما تظاهر عشرات النشطاء السياسيين في مدينة بنغازي للمرة الأولى ضد المجلس الوطني الانتقالي الذي يتولى السلطة حاليا في البلاد بعد إسقاط نظام العقيد الراحل معمر القذافي ومقتله، فيما علمت «الشرق الأوسط» أن عائلة القذافي المهددة بالطرد من الجزائر تدرس حاليا ثلاثة خيارات بالتوجه إلى فرنسا أو سلطنة عمان أو جنوب أفريقيا.
وفيما بدا أنه تعبير عن التحديات الهائلة التي يواجهها المجلس الانتقالي الذي تأسس نهاية شهر فبراير (شباط) الماضي بعد اندلاع الثورة الشعبية ضد القذافي، رفع المتظاهرون شعارات تطالب بإعادة تصحيح مسار الثورة وسط هتافات «الشعب يريد تطهير البلاد»، و«الشعب يريد التخلص من الفساد»، و«يا بنغازي نوضي هيا.. والثورة ما زالت حية».
وهذه هي المرة الأولى على الإطلاق التي يتظاهر فيها نشطاء ومواطنون أمام مقر المجلس الانتقالي في بنغازي شرق ليبيا، المقر السابق للمجلس ومعقل الثورة وأول مدينة انطلقت منها المسيرات الشعبية الغاضبة ضد نظام القذافي.
وقال منظمو المظاهرة إنهم يريدون تطهير المجلس الانتقالي برئاسة المستشار مصطفى عبد الجليل والحكومة التي يترأسها الدكتور عبد الرحيم الكيب وباقي مؤسسات الدولة من بقايا النظام السابق مع استبدال الشباب بهم.
وفي سابقة هي الأولى من نوعها، طالبت بعض الهتافات واللافتات باستقالة المستشار مصطفى عبد الجليل من منصبه كرئيس للمجلس الانتقالي والالتزام بالوعود التي قطعها على نفسه بمغادرة منصبه فور تحرير البلاد من قبضة القذافي، كما دعا المتظاهرون عبد الحفيظ غوقة نائب عبد الجليل والناطق الرسمي باسم المجلس الانتقالي إلى الاستقالة أيضا من منصبه.
وكان عبد الجليل، وهو وزير عدل سابق في الحكومة الليبية، قد انشق على نظام القذافي في بدايات الثورة الشعبية ضده وتم تنصيبه رئيسا للمجلس الانتقالي باعتباره أعلى جهة سياسية معبرة عن الثوار.
وحاصرت المشاكل المجلس منذ تدشينه رسميا خاصة فيما يتعلق بإدارة شؤون البلاد وتسوية أعضاء أسر القتلى والجرحى الذين سقطوا في المواجهات الدامية التي جرت على مدى نحو ثمانية أشهر ضد قوات القذافي العسكرية وكتائبه الأمنية.
ومن بين المطالب التي رددها المتظاهرون إجراء المصالحة الوطنية بما يتناسب مع أوضاع المدن والضرر الملتحق بها ومعاقبة من أخطأ في حق ثورة السابع عشر من فبراير الماضي، وعدم التفريط في دماء الشهداء والجرحى ، بالإضافة إلى مساعدة الشباب ماديا ومعنويا في تشكيل النقابات والدراسة في الخارج دون واسطة أو تمييز.
كما حثوا على اتباع مبدأ الشفافية في كل شيء، حيث قال أحد المنظمين لـ«الشرق الأوسط»، إن هذا مبدأ أساسي، نريد أن يخرج علينا كل مسؤول مرة في الأسبوع على الأقل ويقول لنا «المال وين صرفه وكيف صرفه».
وقال المتظاهرون إنهم سيدخلون اعتبارا من أمس في اعتصام مفتوح إلى أن تتحقق جميع مطالبهم، علما بأنهم انطلقوا من أمام فندق «تيبستي» قبل أن يتوجهوا سيرا على الأقدام إلى منطقة الحدائق حيث مقر المجلس الانتقالي، للاعتصام بداخله.
وفي محاولة لاحتواء المظاهرة الغاضبة، أعلن المستشار مصطفى عبد الجليل رئيس المجلس الوطني أن بنغازي ستكون بمثابة العاصمة الاقتصادية للبلاد، مشيرا إلى أنه لن تكون هناك مركزية، وأن جميع المدن سوف تحصل على ميزانيات خاصة بها وفق احتياجات كل مدينة وطبقا لعدد السكان والمساحة الجغرافية وما تعرضت له من دمار أو إتلاف خلال الثورة.
وردا على مطالب المتظاهرين بالإعلان عن السير الذاتية لكل أعضاء المجلس الانتقالي وعددهم الصحيح، قال عبد الجليل في تصريحات له أمس: «سننشر جميع السير الذاتية لأعضاء المجلس وستكون لنا معايير واضحة في هذا الصدد».

وتعهد بالتزام الحكومة الانتقالية بالعمل على استعادة الحياة داخل ليبيا، مؤكدا أن «الأمن سيستقر وسيعلن النظام الأمني ونظام الجيش وخاصة على الحدود وسيسود القانون في ظل هذه الحكومة».
ودعا عبد الجليل الليبيين إلى الصبر على حكومة الكيب، كما حثهم على الصبر على المعاناة التي عاشوها على مدى الأربعين عاما الماضية، معتبرا أن برنامج العفو الذي أعلنه مؤخرا لا يعني التنازل عن الحقوق بشأن الجرائم التي ارتكبها نظام القذافي.
وقال إن العفو مسألة شخصية ولا يجوز للمجلس الوطني ولا أي شخص أن يتنازل عن حق الليبيين، وبخاصة في المال العام.
واستغل عبد الجليل مؤتمره الصحافي الذي عقده في العاصمة الليبية طرابلس، على عجل ولم يكن مقررا من قبل، لكي يوجه رسالة تحذير إلى الليبيين مما سماه بالفتن وسوء الظن، داعيا في المقابل إلى ضبط النفس والحفاظ على المقدرات العامة والحفاظ على الأرواح.
لكن على ما يبدو، فإن هذه التصريحات لم تكن كافية لإرضاء المتظاهرين، حيث انتشرت عدوى المظاهرات في كل من مصراتة ودرنة مما دفع المجلس الانتقالي إلى الإعلان عن أنه سيصدر بيانا رسميا في وقت لاحق من مساء أمس للرد على مطالب المتظاهرين.
وعجت مختلف الصفحات الليبية على مواقع التواصل الاجتماعي مثل «فيس بوك» و«تويتر» بكتابات ودعوات تطالب المجلس الانتقالي بالاستجابة لمطالب المتظاهرين وإعادة تصحيح مسار الثورة الشعبية التي يعتقد البعض أن فلول نظام القذافي وبعض المتسلقين نجحوا في تصدرها في الفترة الأخيرة.
إلى ذلك، علمت «الشرق الأوسط» أن عائلة العقيد القذافي التي تضم زوجته صفية فركاش وأبناءها الثلاثة عائشة وهانيبال ومحمد، تدرس حاليا عدة خيارات لمغادرة الجزائر التي تقيم فيها حاليا تحت وطأة اعتراض السلطات هناك على تصريحات لعائشة ابنة القذافي تحث فيها الشعب الليبي على إسقاط المجلس الانتقالي وحكومته الجديدة.
وتحدث تقرير لصحيفة «الجزائر نيوز» عن أن عائشة القذافي سيتم ترحيلها إلى جنوب أفريقيا الشهر المقبل بعدما قررت الحكومة الجزائرية إنهاء لجوئها بسبب عدم احترامها قواعد اللجوء وإطلاقها دعوات ضد الثورة الليبية، مشيرة إلى أن كل الدول المحتمل إرسالها إليها رفضت استقبالها بما فيها فنزويلا والمكسيك.
وكانت الخارجية الجزائرية اعتبرت الأسبوع الماضي أن إقامة عائشة على الأراضي الجزائرية هي أمر مؤقت، واعتبرت أن عدم التزامها بالتعليمات التي أصدرتها السلطات الجزائرية فيما يخص إجبارها على التزام الصمت، وضع الجزائر في حرج بعد أن تحولت عائشة القذافي إلى ما يشبه قائدة حرب روحية انطلاقا من الجزائر.
وقالت مصادر على صلة بعائلة القذافي، لـ«الشرق الأوسط»، إن أيا من أفراد الأسرة لم يتلق حتى الآن أي إخطار رسمي من الحكومة الجزائرية بإنهاء الوجود هناك، مشيرة إلى أن ذلك لا يعني أن العائلة لا تبحث عن بديل في حالة صحة هذه المعلومات.
ولفتت إلى أنه من بين الدول التي تدرس عائلة القذافي اللجوء إليها سلطنة عمان التي حصلت في السابق على وعد رسمي بمنحها اللجوء السياسي هناك، بالإضافة إلى جنوب أفريقيا التي طالما ارتبط رئيسها جاكوب زوما بعلاقات وطيدة وحميمة مع العقيد القذافي قبل مقتله في شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.
ومن بين هذه الخيارات أيضا فرنسا التي سبق أن أعلنت بشكل مفاجئ قبل عدة أسابيع ترحيبها باستقبال فلول وبقايا نظام القذافي على أراضيها ومنحهم حق اللجوء السياسي في خطوة أثارت امتعاضا مكتوما لدى المجلس الانتقالي والثوار.
وقالت مصادر ليبية مطلعة إن اتصالات تمهيدية تجري بين عائلة القذافي والسلطات الفرنسية عبر شخصيات عربية وجزائرية للتوصل إلى تفاهم في هذا الخصوص، مشيرة إلى أن الاتصالات قطعت حتى الآن مرحلة وصفتها بأنها بطيئة لكنها إيجابية.
ويقول مسؤولون في المجلس الانتقالي إن فرنسا تسعى بالأساس إلى اجتذاب الأموال التي تمكنت عائلة القذافي وكبار مساعديه من الهرب بها إلى الخارج خلال الثورة الشعبية وقبل سقوط النظام السابق.
إلى ذلك، أبلغ عبد الله ناكر رئيس مجلس ثوار طرابلس «الشرق الأوسط» بأن الثوار بدأوا أمس عملية واسعة النطاق لمطاردة من وصفهم بفلول القذافي، فيما اندلعت مواجهات مسلحة بين قبيلتي الزنتان والمشاشية المتهمة بموالاة نظام القذافي على بعد نحو 180 كيلومترا جنوب غربي العاصمة الليبية طرابلس.
وكشف ناكر النقاب عن أن عناصر من قبيلة المشاشية قتلوا سلامة المبروك قائد الكتيبة رقم «14» من ثوار الزنتان بينما كان في الطريق العام بعدما استهدفوا سيارته وقتلوا أيضا مرافقه، مشيرا إلى أن هذه العناصر أيضا ردت بإطلاق النار لدى محاولة اعتقالهم من قبل الثوار.
وأوضح ناكر هاتفيا من طرابلس لـ«الشرق الأوسط» أن قبيلة المشاشية ليست مستهدفة من وراء هذه العملية العسكرية وإنما العناصر الخارجة فقط على القانون، مؤكدا أن العملية التي تم استدعاء قوات من الثوار من خارج المنطقة إليها ستنتهي في غضون ساعات قليلة، على حد قوله.
ولفت إلى أن المهاجمين لديهم أسلحة كثيرة وأنهم استخدموا صواريخ «الغراد» للرد على قوات الثوار، مشيرا إلى أن منطقة الاشتباكات تضم بعض فلول نظام القذافي لكن لم يجر تمشيطها بعد.
وتبادلت قبيلة المشاشية الاتهامات مع ثوار الزنتان بقصف مدينتهم بالصواريخ وانتهاك حرمات بيوت العائلات، فيما قال ثوار الزنتان إن المشاشية قاموا باختطاف عدد من الأشخاص من بينهم ضباط في الجيش الوطني.
وأكد ثوار الزنتان في بيان أصدره مركزهم الإعلامي على صفحته الخاصة على «فيس بوك»، أن «ثوار 17 فبراير من جميع مناطق الغرب الليبي، يشنون الآن هجوما كاسحا لتطهير ليبيا من بقايا قوات القذافي المتمركزة في منطقة الشقيقة التي يقطنها المشاشية».
وأوضح أن قبيلة المشاشية اعتقلت أيضا شيخ الثورة الطاهر الجديع الذي كثيرا ما ظهر عبر تلفزيونات العالم وهو يحرض أبناء قبيلته على الإطاحة بنظام القذافي.
واعترف ثوار الزنتان بمحاصرتهم بلدة الشقيقة التي يقطنها المشاشية، وقالوا إنها «أصبحت تشكل خطرا كبيرا على أمن ليبيا»، واعتبروا أن «أهل المشاشية خارجون على القانون ويملكون أسلحة موجهة لكل الليبيين».
لكن محمد المشاي الذي ينتمي إلى قبيلة المشاشية نفى في تصريحات لوكالة «يو بي آي» أن تكون قبيلته «موالية بالكامل للنظام السابق»، مؤكدا أن «ثوار الزنتان يقصفون مدينتهم بالصواريخ منذ مساء أول من أمس».

وأرجع المشاي ذلك إلى عداءات قديمة بين القبيلتين، مشيرا إلى أن القصف المستمر على المشاشية أدى إلى مقتل 3 منهم وجرح مجموعة من السكان بعض هذه الجروح بالغة، إلى جانب انقطاع المياه والكهرباء عنهم.
في المقابل قلل وزير الداخلية الليبي فوزي عبد العال من أهمية الاشتباكات التي اندلعت قبل يومين بين الجيش الوطني الليبي وبعض الثوار من منطقة الزنتان في طرابلس.
وقال عبد العال في تصريح بثته وكالة الأنباء الليبية، إن تلك الأخبار تم تضخيمها أكثر من اللازم، مشيرا إلى أنها لا تشكل أي خطورة.
ولفت إلى أن تلك الحادثة هي مجرد حادث عرضي تم فيه إطلاق نار على الرتل الذي كان يرافق اللواء خليفة حفتر رئيس هيئة أركان الجيش الوطني لدى مروره بإحدى نقاط التفتيش، فقام مرافقوه بالرد، مضيفا «الآن الوضع تحت السيطرة».
واعتبر عبد العال أن الوضع الأمني في ليبيا بصفة عامة ممتاز مقارنة بالظروف التي تشهدها البلاد في هذه المرحلة الانتقالية على الرغم من انتشار السلاح بكثافة، لافتا إلى أن هناك خطة يتم إعدادها من قبل وزارة الداخلية لاستيعاب نحو 25 ألفا من الثوار وصرف مرتبات لهم، كما أعلن أن الإجراءات جارية الآن لتشكيل قوة متكاملة لتأمين جميع المناطق المحيطة بالمعابر، خاصة معبر رأس جدير بالتنسيق مع السلطات التونسية.
في غضون ذلك، نفى مختار الأخضر مسؤول شؤون مطار طرابلس، تأثر الحركة بالمطار من جراء الاشتباكات التي اندلعت على مقربة منه قبل يومين بين عناصر من الجيش الوطني ومسلحين من ثوار الزنتان.
وأكد الأخضر أن حركة الطيران تسير بصورة طبيعية، وأن الطرق المؤدية إلى المطار مفتوحة، موضحا أن المطار مؤمن بالكامل، وإقلاع وهبوط الطائرات يسير بسهولة ويسر.