الإنسان بين رغبة ونزوة

الإنسان بين رغبة ونزوة

بسم الله الرحمن الرحيم

ما من إنسان في هذه الحياة إلا وله رغبات يتمنى تحقيقها ويسعى بكل جهده إلى النجاح في الوصول إليها بكل ما أوتي من علم وجهد وفكر, لما فيها من سعادة له ولأسرته ولعامة الناس ، والناظر إلى هذه الرغبات يجدها مشروعة والسعي إليها مباح شرعا وعرفا , فهي نابعة من دراسة مسبقة وقرار خياري سليم ونتائج معروفة يتطلع إلى تحقيقها لما فيها من فائدة عظيمة مما يجعل تصرفاته نابعة من عقل سليم وفكر قويم ودراسة مستفيضة في طريقة تحقيقها والفائدة التي تعود عليه منها , فيتكون بذلك حافز يقوي عزيمته ويشد من أزره ويدفعه إلى بذل المزيد من الجهد لتحقيقها فهي من متطلبات الحياة وضرورياتها للفرد والأسرة ، لذلك يسعى ويطلب المساعدة من الغير، ولا يستحي من فعلها ولا فيها ما يشين سمعته أو يعرضه للمهانة والإتهام بسوء الخلق ..

وهناك رغبة أخرى ولكنها تحمل إسم " النزوة " ، وهي رغبة ولكنها تمثل طريق آخر لا تحمل رخصة الشرعية ولا مباركة العرف ولا يمكن ممارستها أمام الناس بل يسعى صاحبه إلى تحصيلها في خفاء مما يدل علي انه فعل قبيح وسلوك مشين فهي نابعة من الشهوة أي رغبة شهوانية من أجل اشباع الجسد بلذة قصيرة مؤقته تعقبها ندامة وحسرة وذنب .

فالرغبة أمر رباني لكل إنسان من أجل عمارة الكون وسعي مبارك مرغوب فيه ومثاب عليه في الدنيا والآخرة ، ودليل علي عقل سليم وفكر قويم وضمير حي يعرف مصلحته ويقبل عليها ويعرف عكسها وينفر منها .

أما النزوة فهي عمل شيطاني وقرار سريع اتجذ بدون تفكير لأنه تنفيذ لرغبة جامحة لا تجعل للعقل فرصة في التفكير فيها وفي عواقبها ، وإنما تصيطر عليه المصلحة الآنية واللذة المؤقته التي تدفعه إلى ارتكاب كل المحرمات وتجاوز كل القوانين وتبيح له التعدي علي الأموال العامة والاستحواذ علي مكاسب تخص الغير دون وازع ديني يمنعه أو ضمير يردعه ، فهذا النوع من البشر يحتاج إلى قوة من خارجه تضرب بيد من حديد حتى تطهر المجتمع وتمنع الفساد وترد أصحابه إلى رشدهم .. فإنني نرى هذه النزوات بدأت تظهر في مجتمعنا الطيب فاخشى أن تفسده.

ندعوا الله أن يحفظنا من كل سوء وأن يولي أمورنا خيارنا ولا يولي امورنا شرارنا وأن يعيننا في إنتخاباتنا حتى نختار الأصلح والأقدر علي قيادة دولتنا وأن يحقق لنا الأمن والآمان وينشر بلادنا عدلا ورخاء . آمــــــــين

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته