روميل الاسطوره * الجزء الثالث

الخــــــــــاسر

المعلق:

في الثاني من تشرين الأول من عام 1942 سلم "هتلر" "روميل" منصب مارشال مع أن "روميل" كان لا يعتقد في قرارة نفسه أن النصر ممكن لألمانيا في شمال أفريقيا.
في الساعات الأولى من اليوم الحادي والعشرين من حزيران في 1942 استسلمت القوات البريطانية في حصن طبرق في ليبيا وقع ثلاثة وثلاثون ألف بريطاني في الأسر ونتيجة لانجازات "روميل" العسكرية قلده "هتلر" منصب مارشال كان المنتصرون يبتهلون فرحًا فيما غرق البريطانيون في اليأس.
جندي:
أمرنا ضباطنا بالانضباط، بعدها عمدنا إلى تفجير معداتنا، علانا جو من الخجل لاسيما الأستراليين، أما هو فقد قرر الصمود ومتابعة القتال، بينما نحن فضلنا الاستسلام للعدو لم نكن سعداء بالحال التي وصلنا إليه.
المعلق:
في الوقت عينه في واشنطن كان "تشرشل" يقوم بزيارة إلى الرئيس روزفلت وخلال أحاديثهما بلغ "تشرشل" أن طبرق سقطت بأيدي الألمان.
وكتب رئيس أركانه في مذكراته قائلاً: للمرة الأولى رأيت رئيس الوزراء مضطربًا، بعد فترة وجيزة قررت الولايات المتحدة المشاركة في النزاع الجاري في شمال أفريقيا وغادرت أول مواكب إمدادات الولايات المتحدة بعد عشر أيام فقط على سقوط طبرق والآن لا يعرف مصير القوات الألمانية إلا الله.
جندي:
إن الإمدادات لهي في الواقع المفتاح الأساسي لنجاح أو فشل الحرب كنا نعرف أن من خلال التقارير كمية الإمدادات والذخائر التي يتمتع بها البريطانيون، وكنا قد أخبرنا بكميات الإمدادات التي ستصل إلينا، لذا فقد كان متوقعًا نظرًا إلى تفوق البريطانيين أن قوتنا لن تتمكن من الصمود.
المعلق:
بعد سقوط طبرق انسحب الجيش الثامن البريطاني لم يكن أمام "روميل" خيار سوى استغلال التقدم الذي أصبح يتمتع به، فإن كان يريد أن يهزم البريطانيين سيكون عليه أن يلاحقهم، وأصدر أمر بالتقدم إلى مصر حيث يتمركز جليمن.
أعتقد أنه كان يتمتع بقدرة فطرية على المطاردة، وهذه القدرة هي التي أدت إلى عدم ترك العدو في سلام، وهذه القدرة هي التي أدت إلى عدم ترك العدو في سلام وعلى الأخص في سلامه، ظل يلاحقه في كل الظروف، أعتقد أنه تمادى في بعض الأحيان، كان يطلب الكثير من الجنود ولم ينتظر وصول الإمدادات.
يستمر تقدم القوات بعد عبور مضيق حلفاية وجنوبي مرسى مطروح، يتلقى البريطانيون خسارةً فادحة ويجبرون على الانسحاب مجددًا.
عمت أجواء الفرح والتفاؤل ليس بالنسبة لروميل وحده بل طال أركان الجيش كله تصورنا أنفسنا في مصر، وكنا فيما بيننا نتساءل حول الفندق الذي سننزل فيه؟ ومحل إقامتنا، والفندق الذي سنجعله مقرًّا قياديًّا؟ خيمت علينا أجواء البهجة، كنا نناقش فيما بيننا فكرة الذهاب إلى فلسطين بموافاتنا المجموعات القادمة من القوقاز كانت الخطة كالتالي: نحن نعبر قناة السويس من الجنوب فيما يعبرها الجنود القادمون من القوقاز من الشمال لكي نلتقي في فلسطين كانت خطة واضحة.
انسحب البريطانيون على الطريق الساحل باتجاه مصر، في التاسع والعشرين من حزيران سقطت مرسى مطروح وبقيت مسافة مائة وخمسين كيلو مترًا إلى الإسكندرية حيث بدأت البحرية الملكية البريطانية بإخلاء الميناء، وفي القاهرة كان الموظفون في مقر القيادة البريطانية يحرقون مستنداتهم، وفي نفس اليوم وصل موسيليني إلى ليبيا ولم يشأ أن يفوت استعراض النصر الألماني الإيطالي في الإسكندرية.
ضابط:
اعتقدنا جميعا أن "روميل" سوف يربح الحرب فما كان عليه إلا أن يبلغ القاهرة لتحقيق النصر، ووفقًا لتقارير السياسيين المصرين الذين تعرفت إليهم بعد الحرب كانوا يستعدون لتشكيل حكومة جديدة ستكون تحت تصرف قوات الحلفاء وكان البريطانيون في القاهرة قد بدءوا بالانسحاب بعدما خسروا في معركة مرسى مطروح.
المعلق:
كان هذا المكان نقطة تحول كبيرة في حرب شمال أفريقيا وفي مهنة "روميل" العسكرية ووصفه مراسل بريطاني كما يلي أنه محطة سكة حديد صغيرة في وسط أميال وأميال من الصحراء إنها العلمين.
ضابط:
نظرت إلى الخريطة ورأيت نقطة صغيرة عند الشاطئ تحمل اسم العملين لم أدرك حينها الشهرة التي سوف يكتسبها هذا الموقع، استغرقنا هذا الأمر في النهاية يومين تقريبًا لكي نعود إليه كان بوسع فرق المشاة والمدفعية البريطانية أن تحفر خندقا في الصحراء.
المعلق:
على بعد مائة متر من بوابات الإسكندرية ابتكر الجنرال القائد الأعلى للجيش البريطاني في الشرق الأوسط خط الدفاع الأخير، كانت تلك النقطة الأضيق بين الساحل ومنخفض مطارة وكان على وحدات الدبابات أن تعبر ذلك المحيط.
ضابط:
عندما وصلنا إلى العلمين ورأيت الدبابات القليلة التي كانت متوفرة لنا في وحدة الدبابات والسيارات القليلة الأخرى أدركت عندئذ مدى الإرهاق الذي نزل بالجند كان قواتنا القتالية جزءًا بسيطا مما يجب أن تكون عليه وعرفت أننا لن نتمكن من الاستمرار على هذا النحو.
وفي الوقت نفسه حقق الطيارون التفوق الجوي للمرة الأولى في شمال أفريقيا وكان طائراتهم قريبة منهم ونظام الإمدادات الذي اتبعوه يعمل بشكل جيد.
طيار:
كنا نحلق في مقاتلات ثلاث فوق العلمين وكانت طائرات الحلفاء تحلق عاليا وتغطس لتمحو طائرات أشتوكا، لم تكن لدى العدو فرصة للنجاة، وعندئذ أدركنا أن التفوق الجوي أصبح لصالح الحلفاء، كانت تلك نقطة التحول التي زودتنا بالشجاعة الكافية للاستمرار وفعلاً لم نتوقف.
المعلق:
انقلب مجرى الحرب على الأرض أيضًا فقد أدى القتال العنيف في العلمين إلى صد تقدم "روميل" في بداية شهر تموز من عام 1944.
ضابط:
ما زال بوسعي تصور "روميل" كان في حالة غضب شديد كان يقف في مكان من هو غير قادر على تفهم ما حصل على مسافة ثلاثة أو أربعة كيلو مترات واتضح لي عندئذ أن بوسعه أن يكمل القتال.
المعلق:
أصبح موقف "روميل" في العلمين أكثر دقة وحرجًا يومًا بعد يوم ففي الثامن عشر من تموز من العام 1942 كتب "روميل" إلى زوجته رسالة يقول فيها: لن أستطيع الاستمرار على هذا النحو وإلا سوف تنهار الجبهة بالكامل إنها أصعب أيام لي أنا متفائل بطبعي لكن بعض الأماكن مظلمة كليًّا، المخلص "روميل".
ما عاد "روميل" الآن يتحلى بالثقة إلا أمام عدسات الكاميرا إلا أنه كان باستمرار يكرم جنوده فهذا جوتهالم شاب في التاسعة عشر من عمره تمكن بمفرده من إعطاب سبع دبابات بريطانية.




روميل:
تسرني رؤيتك مع هذا الوسام أمثالك من الشباب هم فخر لأمتنا.
جوتهالم:
التحقت بالقوات المقاتلة لأنه كان علي أن أؤدي واجبي لكن عندما رأيت أولى الفرق أطلقت النار على الدبابة الأولى، اقتربنا من الدبابة وفتحنا أبوابها فوجدنا سائقها وقائدها جالسين محروقين فيما احترقت الدبابة بالكامل صدمني المشهد كثيرًا وأعتقد أن هذه ما حولنا لاحقا إلى راشدين في منتهى الجدية.
المعلق:
في الثامن من شهر آب في العام 1942 زار "تشرشل" الجنود البريطانيين في شمال أفريقيا وكان برفقته الجنرال "مايكل كارب" الذي عرف بقيادته وشدته.
ضابط:
كنت قد تسلمت منصبي كرئيس أركان الفرقة المدرعة السابعة وصل هذا الرجل القصير القامة فكرنا من يكون هذا الرجل الغريب الذي يبدو أنه يتولى قيادة الجيش.
وبما أننا كنا قد تمرسنا في قتال في الصحراء كنا نرتاب من أي شخص يأتي من انجلترا أو يفتقر إلى الخبرة القتالية في الصحراء أيضًا.
المعلق:
كان يعتمر قبعة سوداء كسائقي الدبابات العاديين وكان الهدف من ذلك أن يقرب الرجال منه لكنه تميز أيضًا بعزمه وتصميمه الشديدين أصدرت أمرًا بحرق كل الأوامر والتعليمات المتعلقة بالانتخابات.
كارب:
الأوامر التي نحملها من رئيس الوزراء تقضي بتدمير قوات المحور وهذا ما سنحققه.
جندي:
كنت أنظف الموقع الذي أجلس فيه عادة لإطلاق النار وفجأة رأيته واقفًا فوق الخندق بادرني بسؤال كم مضى على وجودك في الصحراء أيها الجندي أجبته خمسة عشر شهرًا عندئذ قال لي لا عليك لن يطول بقاؤك هنا، وهذا ما طمأنني.
المعلق:
في بلاتشي بار كانت المخابرات السرية البريطانية تحاول اختراق الشفرات الألمانية منذ سنوات كانت تلك عملية ألترا.
ضابط مخابرات:
لم نتمكن من قراءة الشفرات العسكرية إلا في النصف الثاني من عام 1942 ولم يكن بوسعنا أن نقرأها بدقة ومن ثم تمكنا في إحدى المراحل من قراءتها جيدًا لكي تخدمنا في الحرب وقرأنا في إحدى المرات أنهم سوف ينفذون العملية التي قاموا بها منذ أسبوعين في اليوم التالي كان هذا ما في عملية ألترا.
المعلق:
كان الألمان يظنون أن شفرتهم لا تزال أمينة ولم يدركوا أن المخابرات البريطانية تطلع على جميع مراسلاتهم وكان مونت جمري أول القادة الذين استغلوا هذا السلاح الجديد فقد كان يطلع على جميع مخططات "روميل" كان مونت جمري يقضي وقتًا طويلاً في تحليل أفكار غريمه.
جندي:
كان مونت جمري يستغل السلاح الجديد في قراءة أفكار "روميل" من خلال برنامج ألترا هذا أهم ما في الأمر كان ذكيًّا جدًّا في إقامة العلاقات العامة واعتنى عناية كبيرة بإقامة علاقات عامة متينة وهذا أمر بالغ الأهمية للجنرال إذ عليه أن يحظى بدعم عام.
المعلق:
مع كل يوم يمر كان البريطانيين يكتسبون قوة زائدة علم "روميل" وتناهى إلى مسمعه أن الجيش البريطاني يتمتع بإمدادات وتعزيزات.
جندي:
غالبا ما قال "روميل" لو أردنا أن نحقق أي تقدم فعلينا أن نحققه في أسرع وقت ممكن قبل أن يبدأ البريطانيون هجومهم.
المعلق:
لم يتحسن وضع "روميل" على صعيد الإمدادات كان بحاجة إلى أشياء كثيرة كقطع الغيار والذخيرة والوقود أخذ "هتلر" وموسيليني يحثان "روميل" على شن الهجوم لكنه كان مترددًا وبدا يشعر بالضعف.
ضابط:
كان "روميل" في حالة سيئة آنذاك فقد كان متعبًا جدًّا، وقد لاحظت ذلك عندما كنا ننتقل معًا وقضيت وقتًا في الاعتناء بغذائه، وغالبًا ما كان يرفض تناول الطعام، مع العلم أن حالته الجسدية، كانت مهمة جدًّا في تحديد حالته النفسية وكان ذلك واضحًا أن واثق من أن قلة الغذاء كانت سبب ضعفه، لقد كان عمله في الجيش يشغل تفكيره عن أي شيء آخر وكنت ألاحظ أنه فقد نشاطه والطاقة التي كان ينبض بها.
في مرسى مطروح في الرابع والعشرين من آب من العام 42 خضع "روميل" لفحص طبي في مستشفى الجيش وكان قد طلب أجازة من "هتلر" كتب طبيبه في تقريره أن حالته الراهنة ناتجة عن إرهاق جسدي ونفسي، لم يملك "روميل" أي خيار كانت حالته الصحية في تدهور ومع ذلك كان عليه القيام بالهجوم الأخير وفي الصباح الذي سبق الهجوم قال لطبيبه إن القرار الذي سأتخذه اليوم لشن الهجوم هو الأصعب في حياتي إما أن ننجح في الاستيلاء على جروزني في روسيا في جنوب السويس هنا في أفريقيا وإما..
جندي:
قال لنا تعرفون بأن البريطانيين يتفوقون علينا على جميع الأصعدة أليس كذلك، كان يكلمنا دائمًا بكلام شخصي ورسمي في آن وقلنا له: بالطبع نعرف ذلك لكننا سنتدبر أمورنا.
المعلق:
في الثلاثين من آب من عام 1942 اتخذت فرق "روميل" مواقعها القتالية كان مونت جمري يعرف تفاصيل الخطة من خلال نظام الألترا.
جندي بريطاني:
كنا نتوقع مجيئه وكان كل شيء جاهزًا للتصدي له وسار كل شيء وفقًا للخطة لأننا كنا قد وضعنا ألغامًا جديدًا شمالي منطقة الحمامات فأعقنا هجومهم أطول مدة ممكنة.
المعلق:
بدأ هجوم "روميل" الأخير في المساء وسار جنوده إلى حتفهم.
ضابط بريطاني.
وردنا خبر بأن الألمان سيخترقون دفعاتنا وكانت الأوامر تقتضي بأن نسمح لهم بالمرور دون إطلاق النار عليهم ومن ثم ما أن تعبر فرقة المشاة والسيارات والذخائر للقبض عليهم وأبيدوهم وتقدم الألمان في خمسين دبابة تقريبا ثم المشاة وبالطبع انقضضنا عليهم وأبدناهم.
المعلق:
بعد ثلاثة أيام اضطر "روميل" إلى التوقف، انتهى كل شيء وخيمت أجواء الحزن في مقر القيادة.




روميل:
قلت له إن لم نربح معركة العلمين سنخسر الحرب في أفريقيا، لقد خسرنا الحرب فعلاً، لكن العقيد ويسترن أمسك يدي ومشينا في الصحراء، وقال لي هل قلت هذا الكلام أمام شخص آخر فأجبته بالنفي، وقال لي لا يجدر بك أن تكرر كلامًا كهذا، فلن أتمكن عندئذ من حمايتك يمكنك أن تقول كل شيء على انفراد أعتقد أن أحدنا يفهم الآخر.
المعلق:
غادر "روميل" إفريقيا في الثالث والعشرين من أيلول وكان من المفترض أن يتلقى علاجًا صحيًّا وبعد تعافيه أراد "هتلر" أن يرسله إلى الجبهة الشرقية لكن عند مغادرته وعده "روميل" أنه في حال اندلاع القتال سوف يوقف علاجه ويتوجه إلى أفريقيا.
جندي:
كان رحيل "روميل" أكثر ما أضعفنا رحنا نتساءل إذا ما كان سيعود ارتبنا كثيرًا كنا نشعر بأن وجوده وشخصيته يدعماننا يؤسفني أن أقول هذا لكن "روميل" كان أهم في نظرنا من جميع ضباطنا.
المعلق:
بعد ستة أيام وصل "روميل" إلى برلين حيث أراد "هتلر" أن يسلمه عصا المارشال شخصيًّا وعرض عليه وزير الدعاية غرفة في منزله وفي برلين أصبح من الصعب التغاضي عن الجرائم الفظيعة التي يرتكبها النظام ولم يستطيع "روميل" التغاضي عنها وفي تلك الفترة كان أحد ضباط أركانه سيتزوج.
ضابط:
سألني أين تريد أن تقطن فأجبته بأننا سوف نعيش في برلين على الأرجح فقال لي بأنه سوف يعطيني رسالة توجيهية لصديقه الوزير شبير فشكرته على ذلك.
المعلق:
لم يكن يعرف الضباط آنذاك أن شبير كان يوزع مساكن الذين تم ترحيلهم.
ضابط:
ذهبت وزوجتي إلى الشقة لكنها لم تكن فارغة كانت فيها امرأة ومعها طفلان صدمني الأمر وبادرتها بالاعتذار ظننت أني أخطأت العنوان وعدت إلى المستشار في الوزارة وقلت له وضعتني في موقف حرج جدًّا لأن الشقة لم تكن فارغة ولا أستطيع الانتقال إلى العيش فيها، فوجئ بكلامي وقال ماذا ألم يأخذوهم بعد هل أعجبتك الشقة سوف أحرص على نقلهم في الصباح وعندئذ تستطيع الانتقال إلى الشقة بعد إخلائها.
المعلق:
ورفض الضابط العرض.
ضابط:
عندما أخبرت "روميل" ما حصل وقلت له بأنني أظن أن شبير يوزع الشقق التي يخلونها قال لي لا أعتقد أن شبير يعلم بذلك واعتقد أنه لا يظن أن الوزير كذلك واعذر سذاجتي لأنني لا أعتقد أنه كان يخدعني عندما قال أنه لا يظن أن الوزير شبير يعلم بما يجري وكانت ردة فعله صادقة.
المعلق:
استغل جوبلز المؤتمر لغايات الدعاية في الثلاثين من أيلول عام 42 افتتحت حملة تبرعات في برلين كان "روميل" يدين بالكثير لهتلر وبالتالي كان مخلصًا وقال عنه "هتلر" أن "روميل" بمثابة يدي اليمنى وهو ليس مقربًا منا نحن الاشتراكين وحسب أو القوميين وحسب بل هو نفسه اشتراكي قومي.
ابن روميل:
كان والدي رجلاً عسكريًّا في الصميم حاول قدر الإمكان أن يبتعد عن السياسية وأظن أنه لم يعر المسائل السياسية اهتمامًا كبيرًا لأنه يرى أن الجندي لا يجب أن يتورط في الشئون السياسية.
المعلق:
في اليوم التالي تم عقد مؤتمر صحفي وعلى الرغم من أن الوضع في شمال أفريقيا كان ميئوسًا منه إلا أن "روميل" بدا متفائلاً وقال نحن اليوم على مسافة مائة كيلو متر من الإسكندرية وبوابة القاهرة مصر في متناول أيدينا ونحن نعتزم تحقيق النجاح إلا أن "روميل" ما عاد يصدق كلامه وفي تلك الأثناء كان مونت جمري يتهيأ للمعركة الحاسمة.
روميل:
كان بوسعنا أن نرى من موقع المراقبة وأن نشاهد الجانب البريطاني، رأيناهم عندما كانوا يعدون مواقعهم ويصفون دباباتهم ومدافعهم وهكذا عرفنا في شهر أيلول ما سوف نواجهه.
المعلق:
في الحادي والعشرين من تشرين الأول من العام 1942 كان لدى مونت جمري في العملية مائة ألف جندي وأكثر من ألف دبابة وألف وخمسون طائرة مقاتلة تحت تصرفه كانت هذه القوة تساوي ثلاثة أضعاف قوة الألمان والإيطاليين.
ضابط:
كان مونت جمري يقول قبل المعركة معركتنا هذه ستكون نقطة التحول الكبيرة في الحرب الكبيرة في الحرب قبل ستة أشهر تمكن الروس من هزم العدو وكانت تلك نقطة تحول كبيرة لكن على صعيد المعارك أعتقد أن معركة العلمين كانت نقطة التحول في الحرب.
في شهر تشرين الثاني من العام 1942 وفي تمام الساعة التاسعة وأربعين دقيقة مساء بدأ الهجوم البريطاني لا يمكن وصف أحداث المعركة على الرغم من أننا كنا مختبئين لم يفارقنا شعور بأننا سنتعرض للقصف لأنهم لم يتمكنوا من قتل الجنود كلهم.
المعلق:
حقن مونت جمري قلوب جنوده بالحرب يجب أن يشعر الجميع برغبة حارقة في قتل الألمان.
جندي:
إذا سألتني عن مشاعري تجاه العدو قلت لك إنها لم تكن موجودة في المعركة لأن مشاعر الحقد لن تظهر إلا بعد القتال بعد سقوط الجرحى والأسرى لم تكن لدينا أية مشاعر عدائية تجاه العدو خلال المعركة فقد كنا نخوض حربًا لا ألعاب أطفال.
المعلق:
على الرغم من الخسائر الفادحة التي ألحقت في صفوفهم تمكن الألمان والإيطاليون من الصمود في المجزرة الأولى وأراد خلف "روميل" في إفريقيا الجنرال "شتومن" الذهاب إلى الجبهة ليستطلع الوضع.
ضابط:
قال الجنرال "شتومن" للعقيد ستيبال إنه يريد الذهاب إلى الجبهة بنفسه فقال له ستيبال نحسب أنه لا يستطيع أن يفعل ذلك بسبب جهله للميدان لكنه أصر على الذهاب حاملاً خرائطه معه لكن الخرائط كانت شبه فارغة لأننا كنا في الصحراء.
بعد كيلو مترات أصيب "شتومن" بنيران العدو أصيب بنوبة قلبية حادة وتركت جثته في الصحراء.
عاد السائق إلى مقر القيادة من دون الجنرال كانت تلك مصيبة بالطبع لأن البريطانيين سوف يهاجموننا ولم يكن لدينا قائد أعلى.
المعلق:
في الرابع والعشرين من تشرين الأول من العام 42 كان "روميل" في بينرروشتر لم يكن بلغه مصرع "شتومن".
ابن روميل:
قالت له أمي إن مقر قيادة الفهرر اتصل به ومن ثم اتصل الفهرر شخصيًّا يطلب المرشال "روميل" طلب منه "هتلر" شخصيًّا أن يقوم بالذهاب إلى فينا ليستقل طائرة إلى نابولي ومن ثم إلى إفريقيا.
المعلق:
بعد 24ساعة كان "روميل" قد عاد إلى أفريقيا كانت القوة البريطانية تهاجم الدفاعات بشكل مستمر وما هي إلا فترة قصيرة حتى تمكنوا من اختراقها وبعد سبعة أيام لم يكن أمام "روميل" سوى الانسحاب.
روميل:
أذكر جيدًا أن العقيد المسئول الذي كان قائد ضباط الأركان اتصل بروميل وأخبره بأن البريطانيين اخترقوا دفاعات الفرقة مائة وخمسة وعشرين مجددًا فماذا يفعل؟ فأمره "روميل" بتهيئة الجيش للرحيل لأنه يريد قيادتهم وفق خطة معينة وعندما قلنا له إننا سنكون جاهزين غدًا صباحًا تمام السادسة قال "روميل" لا بل الليلة الحادية عشرة وكانت الساعة التاسعة والربع آنذاك على ما أذكر.
المعلق:
بلغت أخبار انسحاب "روميل" لهتلر في مقر قيادته في راسبل شرقي روسيا خلال ساعات اليوم الثالث من نوفمبر تشرين الثاني عام 42 كان الرائد ولهام يورنو هو المناوب وقتها.
ولهام يورنو:
تلقى والدي تلك الليلة برقية من المارشال "روميل" من أرض المعركة يخبره فيها بأنه بدأ بالانسحاب وعلى الرغم من أن والدي كان من القلائل الذين يعرفون بهذا الأمر إلا أنه أرسل برقية مرفقة بتقارير الاجتماع الصباحي لتكون على مكتب الفهرر بصفة عاجلة أراد والدي أن يكون تصرفه سريعًا.




المعلق:
عندما علم "هتلر" بالانسحاب صباح اليوم التالي صرخ غاضبًا خيانة فقد ظن أنه لو علم بالخبر على الفور لتمكن من إيقاف خطة "روميل" واستدعى الرائد برنر.
ولهام يورنو:
فوجي والدي بالفهرر "هتلر" يتوجه نحوه غاضبًا ويصرح في وجهه سوف تعدم بتهمة التخريب والخيانة بعد أقل من ساعة.
فانهار والدي تماما أمام موجة غضب الفهرر العنيفة.
المعلق:
لم يعدم ولكن أنزلت رتبته من رائد إلى مدفعي وأرسل إلى الجدار الأطلسي خلال في فترة عقابه وفي تمام الساعة الثانية عصرا من اليوم الرابع من تشرين الثاني تلقى "روميل" من برقية من مقر قيادة "هتلر" يأمره بإيقاف الانسحاب والصمود لا يمكنك أن تقود رجالك إلا إلى النصر وإلا إلى الموت.
ضابط:
عندما جاء الأمر من مقر "هتلر" القيادي الذي يقضي بصمود "روميل" في موقعة العلمين حتى آخر رجل كان "روميل" يقف بقربي في السيارة وعندما سلم مبعوث "هتلر" البرقية لا أذكر ما إذا كان قد قرأها بنفسه أو سلمه إياها أجاب غاضبًا ما كنت لأحلم بذلك ما كنت لأحلم بذلك لن أضحي بالجيش كله هنا في العلمين.
المعلق:
إلا أن "روميل" انصاع للأمر وأوقف الانسحاب وكتب لاحقًا شعرنا جميعنا بأننا تلقينا ضربة قاسية فللمرة الأولى خلال الحملة الأفريقية لا أعرف ما ينبغي علي فعله.
متحدث:
انتشرت الشائعات بين جنود "هتلر" فقد كانت تلك القوة مؤلفة من مائتي ألف رجل عاجزين عن الدفاع عن أنفسهم ويفتقرون إلى الذخائر والوقود مما سيجعلهم عاجزين تمامًا عن القتال وهو يأمرهم بالصمود لكي يلقوا مصرعهم جميعًا لم أصدق ذلك ولم نكن نعلم بعد ما حصل في ستالين جراد.
المعلق:
تردد "روميل" مدة 24 ساعة ومن ثم أصدر أمره بمتابعة الانسحاب متحديًا أوامر "هتلر" الصريحة وكتب لزوجته يقول إن مصيرنا في يد الله وحده وعسى أن تكوني وأنتينا بخير المخلص "روميل".
في الوقت نفسه في روسيا كانت القوات الألمانية بقيادة الجنرال باولس تبلغ ضواحي مدينة ستالين جراد.
وفي التاسع عشر من تشرين الأول كان الجيش الأحمر يحيط بهم من كل جهة كانت أمامهم أيام قليلة للانسحاب لكن باولس كان مترددًا.
جنرال:
يمكن المقارنة بين المعركتين العلمين وستالين جراد والشخصيتين "روميل" وباولس عرف كلاهما أنهما يخوضان معركتين في نقطة تحول في الحرب وتلقى كلاهما أوامر بعدم التخلي عن شبر واحد من الأرض وعدم الانسحاب أحدهما نفذ الأوامر فيما تخلف عنها الأمر.
لم يحدث شيء لروميل وغالبًا ما يقول المؤرخون أنه لو تجرأ باولس على الانسحاب لكان مصيره الإعدام وهل تعرفون ما هو جوابي على ذلك؟ فليكن يجب على المارشال أن يخاطر كي ينقذ مائة ألف جندي من جنوده.
المعلق:
في ستالين جراد في الحادي والثلاثين من كانون الثاني من العام ثلاثة وأربعين كان خمسون ألف جندي قد قتلوا ووقع مائة ألف آخرون في أسر القوات السوفيتية ولم يعد منهم إلا بضعة آلاف، بعد سنوات عديدة وكل هذا لأن باولس فضل الامتثال للأوامر على إنقاذ حياة رجاله على عكس "روميل".
جنرال:
بالطبع كان هناك اختلاف كبير بينهما فالجنرال الذي يحظى بمحبة النظام يستطيع أن يقوم بأشياء كثيرة يعجز عنها أي جنرال آخر يعتبر واحدا بين كثيرين أمثاله، قد يبدو كلامي قاسيا لكني أريد أن أشدد على الاختلاف الذي كان بينهما لا أقصد التقليل من شأن ما فعله "روميل" لكن مهمته كانت أسهل وحسب هذا ما أعتقده.
بقى أكثر من ثلاثين ألف جندي ألماني وإيطالي في العلمين وأصبحوا أسرى كان بين الأسرى ولهام نورس ودعاهم مونت جمري للعشاء إحدى المرات.
ولهام نورس:
كان فونتونا رجلاًَ نزيها وقد فوجي بالدعوة لكنه كان مسرورا بالجلوس إلى جانب مونت جمري والذي قال له لقد هزمت "روميل" مرة في معركة العلمين وسوف أهزمه مجددًا قال له فونتوما كيف ذلك وفي تلك اللحظة دخل جندي إلى الغرفة حاملاً رسالة قرأها مونت جمري وكان مفادها أننا استولينا على بوشا وهي على مسافة بعيدة عن الساحل قال مونت جمري عندئذ لقد استوليت على بوشا وفوجئ فونتوما كثيرًا ولم يستطع أن يصدق الخبر.
المعلق:
كان مونت جمري قد حقق الفوز الحاسم وكان جيش "روميل" منسحبًا، عم لندن جو من الارتياح.
مونت جمري:
لقد هزمنا جيش "روميل" وأجبرناه على الانسحاب لقد دمرنا قوته القتالية لا بل سحقناها هذه ليست النهاية وهي أيضًا ليست بداية النهاية ولكنها قد تكون على الأرجح نهاية البداية.
المعلق:
كان النصر في العلمين نصرًا حاسما للبريطانيين وفي الكوخ رقم ثلاثة كانت تردنا تقارير متواصلة تذكر أن جيش "روميل" أصبح منهكًا وأنه لم يتبق لديه إلا أربع وعشرون دبابة ومن ثم سبع عشرة دبابة وأذكر في أحد الأيام أنه أرسل رسالة يقول فيها أنه لم يبق لديه سوى عشر دبابات، إن رصدت إحدى عشر دبابة هذه المنزل فهي لن تشكل قوة كافية ولم نفهم بما لم يتمكن مونت جمري آنذاك من استغلال هذا النصر.
كان سبعون ألف ألماني وثلاثون ألف إيطالي يهربون مع "روميل" كتب "روميل" في مذكرته في نيسان من العام 43 قائلاً: بعد كل هذه التجارب التي مررت بها أقر بأنني ارتكبت خطأ فادحًا واحدًا هو أنني لم أتجاهل الأمر بالصمود قبل أربع وعشرين ساعة واضطر "هتلر" إلى قبول عصيان "روميل" ويتابع أدركت أن "هتلر" لم يشأ أن يرى حقيقة الوضع كان يحمي نفسه عاطفيًّا مما كان يعرفه في الواقع.
ضابط:
من تلك اللحظة لم يعد "روميل" كسابق عهده تغير بشكل كبير كنت أجلس معه كل ليلة في مجموعته الصغيرة كان بالكاد ينطق بكلمة ما كان بوسعنا أن نقول ذلك بالقائد الأعلى كنا نسمي الأمر قتالاً تراجعيًّا بدلاً من انسحاب.
المعلق:
في الثامن من تشرين الثاني من العام 42 عبر الأسرى الألمان والإيطاليون مدينة الإسكندرية وفي اليوم نفسه هبط الأمريكيون في الجزائر والمغرب وكانت تلك بإذن الله نهاية حرب "روميل" في شمال أفريقيا.

يتـــــــــــــــبع

مشكور اخي على ما طرحت
منك نستفيد بارك الله فيك

العفو اخي الاسطوره
مشكور علي المتابعه والاطلاع