روميل الاسطوره * الجزء الثاني

فين بير:
كان "روميل" يتخذ وضعية تصوير أمام عدسات الكاميرا فإن لاحظ مصور يريد تصويره من الجانب كان يرفع ذقنه ويحافظ على وضعيته بضع ثوان ليمنح المصور وقتًا لتصويره.
المعلق:
أصبح الآن محط الأنظار وبدأ نجم "روميل" يسطع.
ضابط:
لاحظنا انتشار صيته وشهرته خلال الإجازات، فكان كل الناس الذين نراهم يريدون أن يستعلموا عن "روميل" ويبادروننا بالسؤال عنه، طغت شهرته على كل شيء، يستمر التقدم باتجاه الشرق والمحطة التالية بني غازي.
كانت قواتنا أقل بكثير من قوات البريطانيين الذين هاجمناهم في تشيلي في السادس من نيسان أبريل في العام واحد وأربعين، وكانت فرقة من جنودنا تتقدم باتجاه "إيما" لكي تتمكن من السيطرة على الطريق الساحلية لأن العدو انسحب من سيرلانكا.
المعلق:
خلال أسبوعين فقط تمكن "روميل" من إعادة السيطرة على سيرلانكا وعند وصوله الحدود المصرية بقي مكان واحد لم يستطع السيطرة عليه وهو مدينة طبرق.
روميل:
إن أكثر ما فاجأني يوم العاشر من نيسان عندما شن الألمان هجومهم، هو أنه لم يتوفر لديهم من أدوات الاستطلاع إلا المنظار العادي، وهو غير كاف لإجراء استطلاع واقٍ للأرض وللمعدات الموجودة عليها بوضوح، فالمنظار لا يكشف الألغام الأرضية وما شابه.
المعلق:
لم يعلم "روميل" أن الإيطاليين قد حولوا طبرق إلى حصن محمي، فقد ضمت المنطقة مائة وستة وعشرين خندقًا، بالإضافة إلى الشرائط المعدنية الشائكة، والألغام الأرضية والخاصة بالدبابات، وكانت كلها تحيط بالمدينة من كل جهة، وكانت نخبة القوات البريطانية قابعة فيها بانتظار "روميل" وقواته، شن الجنود الألمان هجومهم الأول باتجاه طبرق المحصنة غير مدركين ما ينتظرهم فيها.
جندي بريطاني:
شنوا هجومهم في العاشر من نيسان وفوجئنا بأنهم شنوا هجومهم على طول الطرق كان الطريق مجهزة بمدافعنا وبمضادات الدبابات كان عليهم مواجهة النيران الكثيفة وقعت في بادئ الأمر معركة بين الفرق المدفعية من قبل كلا الطرفين، لكن متى زاد تقدمهم لم تعد لديهم أية فرصة للنجاة وتكبدوا بعد ذلك خسائر بشرية جسيمة.
المعلق:
أراد "روميل" السيطرة على طبرق بأي ثمن.
روميل:
ابدأوا هجومكم مرة أخرى لا تتوقفوا.
المعلق:
استمر الجنود بمهاجمة المدينة المحصنة مدة أربعة أيام ولكن من دون نتيجة، تظهر هذه الصور أحداث المعركة في طبرق.
ضابط:
شعرت في بعض الأحيان بأنه بإصراره الشديد على متابعة الهجوم قام بمخاطرة كبيرة وغير لازمة وبالطبع كان جنوده هم من دفعوا الثمن.
المعلق:
أدت المعركة الدامية في طبرق إلى خسائر فادحة، وبلغ عدد القتلى والمصابين والأسرى في طبرق حوالي ألف ومائتين وأربعين رجلا، وفي برلين تزايدت الشكوى حول سلوك الجنرال العنيف، وغالبًا ما قيل إنه يفتقد إلى البصيرة وإنه يعامل رجاله معاملة قاسية وصارمة.
ضابط:
شاهدته يتعمد إهمال وجود بعض الجنود العاديين في الفرقة، وما أن يشعر بأن أحد الضباط لم يؤد واجبه على أكمل وجه، فهو لا يتوانى بصفعه على وجهه، والصراخ عليه، عد إلى المعسكر وراجع التدريبات الأساسية، وتوجيه تأنيب من هذا النوع إلى الجنرال في حضور جنوده له في الواقع أثر كبير.
المعلق:
حاول قائد أركان الجيش "فانز هالدر" أن يتخلص من الجندي المجنون كما أسماه، لم يقبل "هتلر" حتى بمناقشة المسألة لأنه كان بحاجة إلى رجل كـ "روميل" في أفريقيا، رجل يستطيع تحقيق انجازات كبيرة بوسائل محدودة.
ضابط:
كان القتال شديد الصعوبة وخاصة في شهر مايو في رأس المدور، كانت ظروف القتال أشبه بما رأيناه في معركة "فيردن"، لكن الجنود الألمان وحلفاءهم الإيطاليون تمكنوا من تجاوز تلك الأوقات العصيبة، وصد كل محاولات العدو للسيطرة على طبرق، أو الاستيلاء على مدافعنا عند الحدود المصرية.
متحدث:
تمحورت حياته كلها حول حياة الجندية لم يكن بوسعك أن تجري معه حديثا شخصيًّا عميقًا، إنني أفترض ذلك إلا أنني أفترض ذلك إلا أنني واثق من أنه ما كان ليتكلم عن أي أمور شخصية لم يسألني "روميل" قط عن عائلتي أو عملي، ولم يحاول أن يستعلم ما إن كنت جنديًّا أصلاً أم لا.




المعلق:
لم يهتم "روميل" فعليًّا إلا لحربه ووصفه رئيس أركانه لاحقًا بأنه عنيد وقاس.
ضابط:
على الرغم من كل شيء كانت تفوقه ظاهرًا بالأخص بين صفوف الجنود، الذين غالبًا ما كانوا يشاهدونه إلى جانبهم على الجبهة، مما خلف لديهم انطباعًا إيجابيًّا، لم يعتد الإيطاليون على ذلك، وهكذا قال رجاله، ولاسيما ضباطه، إن سلوكه الشخصي يحثهم على دخول المعركة من أجله؛ لأنه هو نفسه يفعل الأمر عينه من أجلهم.
المعلق:
تم استغلال سلوك "روميل" العسكري في ألمانيا لبث المزيد من الدعاية.
ضابط:
يمكن رؤية الجنرال "روميل" دائما إلى جانب جنوده على جبهة القتال، عندما يصل أي جنرال إلى إيطاليا تراه محاطًا بموكب كبير من الجنود والحراس، وكأنه كائن متفوق لا يمكن الاقتراب منه، أما "روميل" فكنت تراه إلى جانب رجاله في خضم المعركة، وكان يعرض نفسه إلى المخاطر ذاتها لم يسبق لي أن رأيت أمرًا كهذا.
المعلق:
بالفعل كان "روميل" شخصًا شجاعًا.
متحدث:
عندما كنا نتحدث عن جنود من دول أخرى كنا نلقبهم بالعديد من الألقاب وكذلك مع الألمان ولكن بعد فترة قصيرة عندما كنا نتحدث عن الألمان صرنا نقول "روميل".
المعلق:
فجر يوم الثامن عشر من تشرين الثاني من العام 1941 خرجت القوات البريطانية من حصن طبرق وكانت تلك بداية الهجوم المعاكس البريطاني وبعد ثلاثة أسابيع لم يجد "روميل" أمامه سوى الانسحاب.
روميل:
كان قرار التخلي عن طبرق والانسحاب منها بعد حصار دام ستة شهور قرارًا صعبًا جدًّا وفضلا عن ذلك واجهت صعوبة كبيرة جدًّا بالانسحاب لأن جزء كبيرًا من قواتي كان يفتقر إلى وسائط نقل.
المعلق:
بعد تسعة شهور اندحرت فرقة الدبابات أفريقا، إلى النقطة التي انطلقت منها في الأجايلة وبدا أن الاحتلال الألماني وصل نهايته في أفريقيا.
متحدث:
نظرًا للطريقة التي قاد بها قواته خلال هجومه الأول على طبرق، ظن الجميع أنه مميز، وعندما حقق النصر في معركة المحور في شهر آيار، اعتقد الجميع بأنه قائد لامع، لكنني لا أذكر أن الناس تكلموا عنه بغير ذلك.
المعلق:
في الخامس من كانون الثاني من عام ألف وتسعمائة واثنين وأربعين، وللمرة الأولى خلال فترة طويلة وصل موكب بحري من دون أي خسائر، حاملاً أربعًا وخمسين دبابة جديدة، وتمكن "روميل" مجددًا من التقدم بنجاح، وفي التاسع والعشرين من شهر كانون الثاني، تمكن الألمان من الاستيلاء على بني غازي للمرة الثانية، كان ذلك النصر غير ذي قيمة من وجهة نظر عسكرية، ولكنه كان ضروريًّا لهتلر، الذي وجه خطابًا لشعبه في قصر الرياضة في برلين.
هتلر:
سوف نقاتل حيثما نكون، لن نتخلى عن شبر واحد من الأرض من دون قتال، وإن اضطررنا إلى التخلي عن شبر أرض واحد سوف نعاود المضي قدمًا في أسرع وقت، إننا فرحون لنصر "روميل".
المعلق:
كانت تلك المرة الأولى التي يذكر فيها "هتلر" اسم "روميل" علنًا، كانت حرب "هتلر" الاستعمارية قد وصلت في روسيا إلى نفق مسدود، فاستغل نصر "روميل" لكي يلهي الناس عن الكوارث التي تحصل على الجبهة الشرقية.
هتلر:
عندما ظنوا أنهم هزموه التف مجددًا ورد هجومهم.
متحدث:
لاشك في أن "هتلر" و"جوبلز" استغلا "روميل" وصوراه كبطل قومي، وهو أيضًا لم يعارض ذلك إن جاز التعبير.
المعلق:
يصل "روميل" من أفريقيا إلى مقر الكوبل الرئيسي، كتب "روميل" إلى زوجته أو ليس رائعًا أن أستطيع العمل مع الفهرر لأجل الشعب والفكرة الجديدة.
يقلد الفهرر الجنرال الأعلى "روميل" وسام الفارس والوسام الحديدي، وهو سادس ضابط يتلقى هذا الوسام رفيع الشأن.
في الشرق كان "هتلر" يشن حرب إبادة، لم يكن "روميل" يعلم بأمر الحملة العرقية التي شنها "هتلر" خلف الجبهة، فقد كان مسرح حربه بعيدًا عما يجري في ألمانيا.
متحدث:
أريد أن أركز على مسألة واحدة، وأنا أقول هذا على عاتق الشخصي، من معرفتي الوجيزة بالقوات الألمانية في أفريقيا لم ألحظ يومًا أي تلميح أنهم معادون لليهود.
المعلق:
كان "روميل" جنديًّا في الصميم، ورفض قبول جنون "هتلر" العرقي، عاود تقدمه في شهر أيار بنية الاستيلاء على طبرق، كان موقعه "بير هاشم" جنوبي المواقع البريطانية في الغزالة.
ضمت المواقع البريطانية ثلاثة آلاف وستمائة جندي، بعد أن ضمت القوات الفرنسية بقيادة الجنرال "ديجول" إلى البريطانيين، وكان بينهم قوات أجنبية.
متحدث:
ضمت القوات الأجنبية جنودًا هولنديين ويوغسلافيين وصرب وكذلك كرواتيين وألمان وحتى نمساويين، لم ينضم النمساويون إلى القوات الأجنبية إلا بعد الأنشروز، لم يقبلوا بقرار "هتلر" بضم بلادهم إلى ألمانيا، وهذا ما دفعهم إلى الانضمام إلينا.
المعلق:
وصلت أخبار هذا القوات الأجنبية إلى "هتلر"، وفي التاسع من شهر حزيران يونيو تلقى "روميل" أمر الفهرر بمعاملة تلك القوات بقسوة كبيرة.
لاذ بالفرار ألفان وستمائة وتسعة عشر رجلاً من الفرنسيين الأحرار، ووقع خمسمائة في الأسر، ووفقًا لمعاهدة السلام التي أبرمت مع فرنسا تم اعتبارهم جنود ميليشيات، وكانوا مهددين بعقوبة الإعدام.
ضابط:
في الحقيقة كان "روميل" مقتنعًا بأنه لا يجدر به إعدام الجنود الذين يقاتلون في حرب عادية، ويلبسون ثيابهم العسكرية، إلا أن "روميل" كان يخشى عمليات الثأر أيضًا، وخشي أن يعامل أعداؤه الأسرى الألمان بالطريقة عينها.
المعلق:
قاوم رومل أمر الإعدام ورفض تنفيذه، ولكن لاشك إنه يعمل لحساب نظام صعب.
ضابط:
في الواقع يمكننا التأكيد أن حرب الصحراء كانت بالفعل حربًا خالية من الحقد، ولحسن حظ "روميل" أنه بني صورته في ليبيا، وهو يدين لها بشهرته، فقد ذاعت شهرته كجنرال مميز، وكرجل مميز، تمكن من شن حرب نظيفة.
المعلق:
في خضم المعركة كانت هذه الحرب فتاكة كسائر الحروب، خاطر "روميل" مرارًا وتكرارًا معرضًا نفسه للخطر، وخلال الهجوم على موقع الغزالة، أصابت قنبلة سيارته، وتعرض ضابط أركانه الأول "سبيجريت ويستال" للإصابة.
شلومان باخ:
كان "روميل" بخير، وأنا كذلك، وأيضًا السائق، إلا أن "ويستبال" أصيب في ظهره، سقط من السيارة على الأرض مدرّجًا بالدماء، كان ينزف بغزارة، عندئذ قال "روميل" علينا أن نرحل من هنا، ففكرت بأننا لا نستطيع أن نترك العقيد ملقى هكذا على الأرض، فقلت للسائق أن يأخذ المارشال ليعود به، لم أعرف ما يجب عليّ فعله! كنت مدركًا أن "روميل" لم يستطع البقاء بسبب خطورة الوضع، لكنني فوجئت بأنه كان يتوقع مني أن أرحل معه وأن أترك العقيد "ويستبال" ملقى على الأرض!
المعلق:
أنقذ "شلومن باخ" "ويستبال" وبعد ثلاثة أيام التقاه "روميل".
ابن ويستبال:
دهش "روميل" كثيرًا عندما فوجئ برؤية والدي وقال له ظننت أنك قضيت نحبك مما أساء لوالدي وجرحه في الصميم.
المعلق:
في الساعات الأولى من العشرين من شهر حزيران من عام اثنين وأربعين تمكنت قوة "روميل" من اخترق الجدار الخارجي من حصن طبرق وأصبح النصر في متناول يده.
شلوبن باخ:
راحوا يطلقون علينا النار فقال "روميل" مابالهم يطلقون النار علينا، شلوبن باخ اذهب إليهم واطلب منهم أن يستسلموا، وقل لهم إن طبرق استسلمت، بالطبع لم تكن تلك حقيقة، وظننت أنه يرسلني في مهمة انتحارية، لكنني ذهبت إليهم بأي حال، أمن التغطية لي لأتمكن من الزحف باتجاه العدو، ورحت أناشدهم بالكلمات الإنجليزية القليلة التي أعرفها، قلت لهم إن الحرب انتهت وعليهم الاستسلام، بالطبع لم تكن لهم أي نية بالاستسلام وواصلوا إطلاق النار، رجعت إلى الخلف، وإذا بي أجد "روميل" وجنوده قد رحلوا، أغضبني كثيرًا وأحبطني التفكير في أن "روميل" لا يأبه البتة فيما قد يحل بي لقد ذهب وتركني.
المعلق:
قاد "روميل" جنوده بشراسة إلى الأمام ومع بزوغ الفجر كانوا قد أبادوا أشرس الدبابات التي كانت العقبة الأخيرة أمامهم وأصبحت الطريق إلى حصن طبرق خالية.
شلوبن باخ:
ومن ثم قام بأمر اعتبرته منطقيًّا جدًّا قال لي إن قائد الجيش لديه مسئولية كبيرة تجاه آلاف الأرواح، ولا يسعه أن يشغل تفكيره بمصير فرد واحد، فإن فعل ذلك سيشيح بنظره عن الهدف ولن يتمكن من تحمل مسئوليته الكبيرة، اعتبرت كلامه منطقيًا.
إنها الحادية عشرة والأربعين دقيقة صباحًا، حيث تمكن المهندسون من تعطيل أشراك الدبابات، التي كان من المفترض أن تعيق تقدم دباباتنا إلى دفاعات طبرق الداخلية، أنا أتحدث هنا إلى الجنرال "روميل" القائد الأعلى لفرقة الدبابات في أفريقيا هلا أخبرتني عن النجاح الذي أدى إلى سقوط طبرق والعمليات التي قمتم بها هناك؟
روميل:
تحملنا أربعة أسابيع من المعارك الداخلية التي تكللت بالنجاح والتوفيق، ويضع جنودنا اليوم اللمسات الأخيرة على إنجازاتهم في الاستيلاء على حصن طبرق، وعلى الرغم من الخسائر التي تكبدناها فإن نصر الأمة أصبح أكيدًا.
شلوبن باخ:
أعتقد أن الخبر أذيع في نشرة الأخبار في الحادية عشرة فقد سمعنا أنه تم ترقية "روميل" إلى منصب مارشال قررت أنا وزميلي أن نوقظه لكي نزف إليه الخبر ودخلنا إليه أيقظناه قلنا له يسرنا أن نعلمك أنك رقيت إلى مارشال كان "روميل" حينها يغط في نوم عميق، بالمناسبة كان باستطاعته أحيانا أن يستلقي في السيارة ويغط في نوم قصير لمدة عشر دقائق ويستيقظ نشيطًا، على أي حال جلس في فراشه، وقال لنا شكرًا جزيلاً لكن الحرب لا تزال مستمرة.
المعلق:
كانت معركة طبرق ذروة حياة "روميل" العسكرية لكن ما لم يعرفه هو أنه في ذلك اليوم بالذات خسر الحرب في شمال إفريقيا وهذا ما قدره له الله.


يتـــــــــــــــبع

مشكور اخي على ما طرحت
منك نستفيد بارك الله فيك

العفو اخي الاسطوره
مشكور علي المتابعه والاطلاع