إعلانات المنتدي
المواضيع الأخيرة
بحـث
كتاب دعد شربل العقيد و انا الفصل الرابع عشر
صفحة 1 من اصل 1
كتاب دعد شربل العقيد و انا الفصل الرابع عشر
العقيد وانا
حياتي مع القذافي
رواية: دعد شرعب ترجمة الدكتور علي جماعة علي
الفصل الرابع عشر
الأمير والطائرة (1)
- واحدة من الفقرات على قائمة تسوق القذافي بعد أن تم الترحيب به في حظيرة المجتمع الدولي كانت طائرة خاصة كبيرة.
- لم يكن القذافي مغرما بالرموز الاستهلاكية للمكانة أو البضائع المترفة، اذكر ذات مرة عدت من أوربا بعد رحلة ناجحة وقدمت له سترة بغطاء رأس على طراز عسكري من أزياء فيرزاتشي لارتدائها في الصحراء، كان سعرها 8000$ لكن بالنسبة له كأنها جاءت من متجر خيري أو متجر الأشياء المستعملة، فالقذافي لا يملك مفهوم عن قيمة ماركات المصمم.
- كان تطلعه لتملك نسخته الشخصية للطائرة الرئاسية الأمريكية جزئيا لأسباب عملية ورئيسيا لأسباب أمنية.
- لم تكن الطائرات في نطاق خبرتي ولكن أحد معارفي كان الملياردير السعودي وليد بن طلال، كان الوليد قد فاتحني قبل تعليق العقوبات بفكرة بناء فنادق فاخرة في ليبيا، وكان في الأثناء يتطلع أيضا لبيع اثنين من طائراته الخاصة لتمويل شراء موديله الجديد، كان بالضبط الشخص صاحب العلاقات الذي تنشده ليبيا، لهذا فاتحت العقيد لاقتراح لقاء معه.
" من هذا الرجل، لم اسمع به مطلقا ؟" رد القذافي بحركة نافية بيديه، في حين أنه يحوز معرفة موسوعية بالقادة السياسيين، لم يكن له أدنى فكرة عن هوية واحد من أغنى رجال الأعمال في العالم، غير أنني نجحت في إقناعه أن تكوين صلات مع الأمير الوليد سيكون مفيدا.
- بعد أن فزت بجانب القذافي رتبت لقاء للاثنين في سرت ورتبت للأمير وليد رحلة لبعض الأمكنة في البلاد، في طبرق فحص الأرض المقترح إقامة منتجع جديد عليها، و في طرابلس ساعدته في التفاوض حول عقد إنشاء منتجع على الساحل، وتوثقت معرفتي به أفضل عندما طرنا معا إلى بنغازي وكان لقائي التالي معه في الرياض حيث يعيش.
- في صيف عام 2001م دعاني الأمير إلى يخته الخاص الذي يرسو في مدينة كان جنوب فرنسا، كان البرنامج أن نناقش العمل التجاري بشكل عام وأن نتحدث أكثر عن طائرتيه المستعملتين المعروضتين للبيع.
كنت ارتدي بلوزة و تنورة بسيطة للتكيف مع مناخ البحر المتوسط اللاهب ومسكت ضحكتي عندما جاء الأمير يرتدي سروال قصير (شورت) وقميص غير مزرر بالكامل يبين شعر صدره، كان شعره المصفف على الطريقة الفرنسية والنظارات الشمسية يكملان الصورة بالتمام، هل رجع بنا الزمن إلى السبعينات!.
- لقد استمتعت بضيافته لكن اندهشت لمزاجه فيمكن للأمير أن يفقد هدوءه حول أصغر المنغصات مثل لو أن فنجان قهوة لم يكن في مكانه.
غادرنا على أحسن ما يرام حيث عرض الأمير عمولة سخية لو إني رتبت صفقة لشراء إحدى طائرتيه.
- عقدي مع القذافي والشركة الليبية للاستثمارات الأجنبية يسمح لي بأخذ نسبة لو أني توسطت في إتمام الصفقة لكن التفاهم ألا اخذ شئ من الليبيين.
- تم الاتفاق شفويا على الصفقة مع فؤاد علاء الدين، الممثل الشخصي للأمير على عشاء في مطعم عيّوش بلندن لكنها مازالت في انتظار مصادقة العقيد عليها.
- حتى الآن لم يظهر العقيد كثير من الاهتمام بطائرة خاصة تصل إلى طرابلس لصالحه ولكنه فجأة أعاد الموضوع إلى الحياة معلنا" حسنا، أين الأمير الوليد؟" أخذتني المفاجأة على حين غرة فأجبت " أعتقد أنه في عمل تجاري في مكان آخر في أفريقيا" لم يرض هذا العقيد فأمر " احضريه إلى هنا الآن مع الطائرتين، سأختار واحدة".
- أجريت بعض الاتصالات متتبعة الأمير وليد إلى الجزائر، بعدها بيومين كانت الايرباص A340 والبوينغ 767 على مدرج مطار امعيتيقة وكنا ثلاثتنا نحتسي القهوة في خيمة العقيد البدوية.
الأمير والطائرة (2)
- حتى اكسر الجليد بينهما أطلقت مزحة فقلت للقذافي " تعرف يا ريّس عندما يصبح السعوديون أثرياء، يصبحون مدلليين جدا حتى أنهم يحتاجون إلى طائرتين خاصتين، لقد ذهبنا إلى المطار لاستقبال ضيفك الأمير، عندما فرشنا السجاد الأحمر كانت الطائرة الأولى فارغة، لحسن الحظ هبطت الطائرة الثانية وهو على متنها".
بالنسبة للعقيد فإن الطرافة تكمن في المماكسة مع الأمير حول أي طائرة منهما يشتري، كان يجول بخاطره سؤال واحد فقط، ليس عن التصميم والشكل والمظهر أو نظام الألوان أو حمام الجاكوزي، لكنه سأل " أيهما بأربع محركات "، ظهرت الحيرة على وجه الوليد لكنه أجاب " الايرباص"، رد القذافي " في هذه الحالة اترك الايرباص هنا وخد معك البوينغ، دعد سوف تتولى أمر السعر معك".
- اختار القذافي الايرباص لأسباب أمنية و لاعتبارات السلامة كونها تحتوي على أربع محركات.
- تم حسم الصفقة في دقائق الأمر الذي ترك باقي السماسرة الذين طاروا إلى طرابلس غاضبين.
ومرة أخرى أطلت الغيرة برأسها معتقدين أن سطوتي الخاصة على القذافي كانت السبب الوحيد لنجاحي في الحصول على الصفقة، لقد كانوا أغبياء ذلك أن القذافي لا يثق بهم فكان يخشى أن تكون الطائرات التي عرضوها مخترقة بالتنصت أو أسوء، لهذا السبب طلب أن يأتي الوليد بطائرتيه في أسرع وقت ممكن بالرغم من أنه يعرف مسبقا بأنه سيختار الايرباص.
- ما تبقى كان تحديد السعر وعمولتي وتم الاتفاق عليهما داخل الايرباص على المطار قبل أن يغادر الأمير على متن البوينغ غير المرغوب فيها.
- الرقم النهائي الذي تم الاتفاق عليه بيني وبين الشركة الليبية للاستثمارات الأجنبية 120 مليون دولار أمريكي بما في ذلك 10 مليون دولار أمريكي عمولتي انا.
- الطائرة من هذا النوع تحمل عادة 300 مسافر لكن حوًرت للقذافي لتحمل 50 كرسي درجة أولى للحاشية المرافقة وضعت في المؤخرة.
- عندما تنتهي أوراق المعاملة، ستكون هذه أكبر صفقة مفردة في حياتي، بدون تدخلي ما كان للصفقة أن تنجح وكان الأمير لذلك ممنون جدا.
- على الرغم من اتفاقنا على سعر 120 مليون دولار أمريكي ثمن الايرباص، كان القذافي مصمما على أن لا يعرف عنه أنه دفع أكثر من 85 دولار أمريكي وهو المبلغ الذي قيل أن حسني مبارك دفعه لشراء طائرته الخاصة قبل سنوات قليلة مضت.
أدرك القذافي الفطن أن صورته كرجل الشعب لا تنسجم بشكل مريح مع هذا النوع من الصرف الباذخ، كانت هذه طريقته في تخفيف الصدمة.
كان الحل أن يتم تحرير أوراق المعاملة على نحو غير صحيح لتظهر أن الايرباص كلفت 70 مليون وأن ال 70 مليون الأخرى سيتم استثمارها في برنامج استصلاح صحراوي طموح ومشروع زراعي كان الوليد يعد له في دلتا النيل المصري، أما في الواقع فأن مبلغ ال 120 مليون كان مخصص لشراء الطائرة وال 20 مليون كانت للخدعة التي تدعى توشكي *.
كان هذا مثال آخر على الخداع الذي مورس على الشعب الليبي، لا تعريف لهذا إلا انه فساد على مستوى كبير، لكن كانت هذه الطريقة التي عادة يدار بها النظام؛ فلا شيء يمكن أن يؤخذ على ظاهره.
* توشكي: أراض مصرية في الصحراء الغربية.
الأمير والطائرة (3)
- سددت ليبيا الدفعة الأولى وقيمتها 70مليون دولار إلى الأمير الوليد في عام 2003م على الفور طلبت النصف الأول من عمولتي من الأمير، لكنه، وبشكل ينذر بالسوء، رفض أن يدفع، قائلا انه لن يدفع حتى يتحصل على المبلغ كاملا، رجوت أن يكون هذا راجعا إلى أن الأمير رجل أعمال صعب المراس وليس إشارة على أن صفقتي في طريقها للتلاشي، لسوء الطالع كان هذا بالضبط ما يحدث وراء الستار، كان المسؤولون الليبيون يحاولون إعاقة الدفعة الثانية، في ذلك الحين سحب القذافي خطة الاستصلاح الصحراوي المزعوم فأصبح الأمير مستحقا لمبلغ 50 مليون دولار. وجودي في الصفقة لم ترض عنه الأوساط المعتادة ولاشك أن هؤلاء الرجال كانوا في الطابور من اجل الرشاوي فيما لو تم شراء طائرة أخرى.
- كانت الطائرة لا تزال مسجلة باسم شركة الوليد واسمها (المملكة القابضة) وأخذت إلى ألمانيا لغرض الصيانة بموافقة الليبيين، لكن بعد ذلك استقبلت مكالمة هائجة من موسى كوسا في مكتب الاستخبارات يعلمني ان إيرباص القذافي في السعودية، ليس عندي فكرة عن ما يحدث، لكنني تدبرت الاتصال بالأمير الذي كان في سوريا.
" لا تقلقي" طمأني الأمير، لقد أخذنا الطائرة إلى السعودية حتى نتمكن من إعادة تسجيلها.
- لقد أخطأت في وضع ثقتي بالأمير الذي وعد أن الايرباص ستعود خلال أسبوعين، كنت اعرف أنها كانت خطوة غبية من الأمير بالسماح للطائرة بالهبوط في السعودية التي كانت علاقتها متوترة مع ليبيا بسبب الملاسنة الشهيرة في القمة العربية بين القذافي وولي عهد السعودية في ذلك الوقت الأمير عبد الله بن عبد العزيز.
- أسابيع وشهور مرت ولا خبر من السعودية يعلمني بتسجيل الطائرة، أخيرا تمكنت من الحديث مع الأمير الذي كان يتفادى مكالماتي، قال بوضوح صارم " لن أعيد الطائرة حتى يدفع الليبيون الخمسين مليون المتبقية".
- لقد كان هذا كارثة، فلم يكن الليبيون غاضبون لأنهم خُدعوا، بل قفزوا إلى استنتاج خاطئ أنني أتأمر مع سعودي حيث انا من أتى به في المقام الأول.
كانت هناك محاولات لإنهاء عقدي مع الشركة الليبية للاستثمارات الخارجية، من جهتي حاولت أن اشرح للقذافي الذي لم يرفض فقط دفع المتبقي بل قال باقتضاب" انتهت صفقة الطائرة، أريد استرجاع ال 70مليون دولار".
- تكتيك الأمير الوليد الشرس المصمم للضغط على الليبيين لدفع كامل المبلغ أعاد بالضرر عليه فقد هددت الليبية للاستثمارات الخارجية بمقاضاته، مدركا انه ارتكب خطأ جسيما، اتصل بي الأمير في لندن راجيا قدومي إلى باريس للتفاوض حول مخرج.
" هناك طريق واحد أمامنا" أخبرت الأمير" يجب أن تأتي معي إلى ليبيا و تعتذر شخصيا للرئيس وتقنعه أن الطائرة آمنة للاستعمال".
- وافق الأمير وقدم إلى ليبيا في احتفالات يوم الثورة، و ما أن وصلنا إلى الخيمة حتى بدأ محمد الحجازي مدير مكتب العقيد باتهام الأمير ملمحا إلى انه خاطف وصار يوبخ الرجل المندهش في حضور القذافي، من الواضح أن هذا هو موقف القذافي نفسه وإلا ما كان لنوبة الغضب هذه أن تحدث أمام ضيف.
- لحسن الحظ، بدأ جو التوتر في الانحسار بعد أن قُدم الاعتذار كما ينبغي، تحصل القذافي على طائرته وتحصل الأمير بعد شهور قليلة على ال 50$ مليون المتبقية، كل ما تبقى كان عمولتي غير الضئيلة.
- لقد كنت انا من أسس للصفقة وتحمل كل المشاق لاحياها عندما ارتكب الأمير الخطأ الكبير لمحاولة الضغط على القذافي، ومع هذا رفض الأمير الجاحد أن يعوضني بمكافأة، كنت مندهشة لأنني لم أظن أن الأمير الذي عنده صفقات تجارية أخرى في ليبيا سوف يختار أن يثير غضب العقيد مرة أخرى.
مكالماتي لمكتبه تم تجاهلها وفكرت ماذا سأفعل، أن أخد أحد أغنى رجال العالم إلى المحكمة ليس أمرا سهلا وبالرغم من أنها ستكون عملية طويلة مجهدة إلا أنني كنت متأكدة أن الحق في جانبي.
- قررت مقاضاة الوليد بن طلال ولكن كما تخوفت، سيأخذ الأمر عدد من السنوات قبل أن استمتع برؤيته مرتبك خجلان في صندوق الشاهد بالمحكمة، لم يكن التأخير بسبب بطء عجلة العدالة ولكن أيضا بسبب الأحداث التي كانت تهدد حياتي في ليبيا.
انتهى الفصل
حياتي مع القذافي
رواية: دعد شرعب ترجمة الدكتور علي جماعة علي
الفصل الرابع عشر
الأمير والطائرة (1)
- واحدة من الفقرات على قائمة تسوق القذافي بعد أن تم الترحيب به في حظيرة المجتمع الدولي كانت طائرة خاصة كبيرة.
- لم يكن القذافي مغرما بالرموز الاستهلاكية للمكانة أو البضائع المترفة، اذكر ذات مرة عدت من أوربا بعد رحلة ناجحة وقدمت له سترة بغطاء رأس على طراز عسكري من أزياء فيرزاتشي لارتدائها في الصحراء، كان سعرها 8000$ لكن بالنسبة له كأنها جاءت من متجر خيري أو متجر الأشياء المستعملة، فالقذافي لا يملك مفهوم عن قيمة ماركات المصمم.
- كان تطلعه لتملك نسخته الشخصية للطائرة الرئاسية الأمريكية جزئيا لأسباب عملية ورئيسيا لأسباب أمنية.
- لم تكن الطائرات في نطاق خبرتي ولكن أحد معارفي كان الملياردير السعودي وليد بن طلال، كان الوليد قد فاتحني قبل تعليق العقوبات بفكرة بناء فنادق فاخرة في ليبيا، وكان في الأثناء يتطلع أيضا لبيع اثنين من طائراته الخاصة لتمويل شراء موديله الجديد، كان بالضبط الشخص صاحب العلاقات الذي تنشده ليبيا، لهذا فاتحت العقيد لاقتراح لقاء معه.
" من هذا الرجل، لم اسمع به مطلقا ؟" رد القذافي بحركة نافية بيديه، في حين أنه يحوز معرفة موسوعية بالقادة السياسيين، لم يكن له أدنى فكرة عن هوية واحد من أغنى رجال الأعمال في العالم، غير أنني نجحت في إقناعه أن تكوين صلات مع الأمير الوليد سيكون مفيدا.
- بعد أن فزت بجانب القذافي رتبت لقاء للاثنين في سرت ورتبت للأمير وليد رحلة لبعض الأمكنة في البلاد، في طبرق فحص الأرض المقترح إقامة منتجع جديد عليها، و في طرابلس ساعدته في التفاوض حول عقد إنشاء منتجع على الساحل، وتوثقت معرفتي به أفضل عندما طرنا معا إلى بنغازي وكان لقائي التالي معه في الرياض حيث يعيش.
- في صيف عام 2001م دعاني الأمير إلى يخته الخاص الذي يرسو في مدينة كان جنوب فرنسا، كان البرنامج أن نناقش العمل التجاري بشكل عام وأن نتحدث أكثر عن طائرتيه المستعملتين المعروضتين للبيع.
كنت ارتدي بلوزة و تنورة بسيطة للتكيف مع مناخ البحر المتوسط اللاهب ومسكت ضحكتي عندما جاء الأمير يرتدي سروال قصير (شورت) وقميص غير مزرر بالكامل يبين شعر صدره، كان شعره المصفف على الطريقة الفرنسية والنظارات الشمسية يكملان الصورة بالتمام، هل رجع بنا الزمن إلى السبعينات!.
- لقد استمتعت بضيافته لكن اندهشت لمزاجه فيمكن للأمير أن يفقد هدوءه حول أصغر المنغصات مثل لو أن فنجان قهوة لم يكن في مكانه.
غادرنا على أحسن ما يرام حيث عرض الأمير عمولة سخية لو إني رتبت صفقة لشراء إحدى طائرتيه.
- عقدي مع القذافي والشركة الليبية للاستثمارات الأجنبية يسمح لي بأخذ نسبة لو أني توسطت في إتمام الصفقة لكن التفاهم ألا اخذ شئ من الليبيين.
- تم الاتفاق شفويا على الصفقة مع فؤاد علاء الدين، الممثل الشخصي للأمير على عشاء في مطعم عيّوش بلندن لكنها مازالت في انتظار مصادقة العقيد عليها.
- حتى الآن لم يظهر العقيد كثير من الاهتمام بطائرة خاصة تصل إلى طرابلس لصالحه ولكنه فجأة أعاد الموضوع إلى الحياة معلنا" حسنا، أين الأمير الوليد؟" أخذتني المفاجأة على حين غرة فأجبت " أعتقد أنه في عمل تجاري في مكان آخر في أفريقيا" لم يرض هذا العقيد فأمر " احضريه إلى هنا الآن مع الطائرتين، سأختار واحدة".
- أجريت بعض الاتصالات متتبعة الأمير وليد إلى الجزائر، بعدها بيومين كانت الايرباص A340 والبوينغ 767 على مدرج مطار امعيتيقة وكنا ثلاثتنا نحتسي القهوة في خيمة العقيد البدوية.
الأمير والطائرة (2)
- حتى اكسر الجليد بينهما أطلقت مزحة فقلت للقذافي " تعرف يا ريّس عندما يصبح السعوديون أثرياء، يصبحون مدلليين جدا حتى أنهم يحتاجون إلى طائرتين خاصتين، لقد ذهبنا إلى المطار لاستقبال ضيفك الأمير، عندما فرشنا السجاد الأحمر كانت الطائرة الأولى فارغة، لحسن الحظ هبطت الطائرة الثانية وهو على متنها".
بالنسبة للعقيد فإن الطرافة تكمن في المماكسة مع الأمير حول أي طائرة منهما يشتري، كان يجول بخاطره سؤال واحد فقط، ليس عن التصميم والشكل والمظهر أو نظام الألوان أو حمام الجاكوزي، لكنه سأل " أيهما بأربع محركات "، ظهرت الحيرة على وجه الوليد لكنه أجاب " الايرباص"، رد القذافي " في هذه الحالة اترك الايرباص هنا وخد معك البوينغ، دعد سوف تتولى أمر السعر معك".
- اختار القذافي الايرباص لأسباب أمنية و لاعتبارات السلامة كونها تحتوي على أربع محركات.
- تم حسم الصفقة في دقائق الأمر الذي ترك باقي السماسرة الذين طاروا إلى طرابلس غاضبين.
ومرة أخرى أطلت الغيرة برأسها معتقدين أن سطوتي الخاصة على القذافي كانت السبب الوحيد لنجاحي في الحصول على الصفقة، لقد كانوا أغبياء ذلك أن القذافي لا يثق بهم فكان يخشى أن تكون الطائرات التي عرضوها مخترقة بالتنصت أو أسوء، لهذا السبب طلب أن يأتي الوليد بطائرتيه في أسرع وقت ممكن بالرغم من أنه يعرف مسبقا بأنه سيختار الايرباص.
- ما تبقى كان تحديد السعر وعمولتي وتم الاتفاق عليهما داخل الايرباص على المطار قبل أن يغادر الأمير على متن البوينغ غير المرغوب فيها.
- الرقم النهائي الذي تم الاتفاق عليه بيني وبين الشركة الليبية للاستثمارات الأجنبية 120 مليون دولار أمريكي بما في ذلك 10 مليون دولار أمريكي عمولتي انا.
- الطائرة من هذا النوع تحمل عادة 300 مسافر لكن حوًرت للقذافي لتحمل 50 كرسي درجة أولى للحاشية المرافقة وضعت في المؤخرة.
- عندما تنتهي أوراق المعاملة، ستكون هذه أكبر صفقة مفردة في حياتي، بدون تدخلي ما كان للصفقة أن تنجح وكان الأمير لذلك ممنون جدا.
- على الرغم من اتفاقنا على سعر 120 مليون دولار أمريكي ثمن الايرباص، كان القذافي مصمما على أن لا يعرف عنه أنه دفع أكثر من 85 دولار أمريكي وهو المبلغ الذي قيل أن حسني مبارك دفعه لشراء طائرته الخاصة قبل سنوات قليلة مضت.
أدرك القذافي الفطن أن صورته كرجل الشعب لا تنسجم بشكل مريح مع هذا النوع من الصرف الباذخ، كانت هذه طريقته في تخفيف الصدمة.
كان الحل أن يتم تحرير أوراق المعاملة على نحو غير صحيح لتظهر أن الايرباص كلفت 70 مليون وأن ال 70 مليون الأخرى سيتم استثمارها في برنامج استصلاح صحراوي طموح ومشروع زراعي كان الوليد يعد له في دلتا النيل المصري، أما في الواقع فأن مبلغ ال 120 مليون كان مخصص لشراء الطائرة وال 20 مليون كانت للخدعة التي تدعى توشكي *.
كان هذا مثال آخر على الخداع الذي مورس على الشعب الليبي، لا تعريف لهذا إلا انه فساد على مستوى كبير، لكن كانت هذه الطريقة التي عادة يدار بها النظام؛ فلا شيء يمكن أن يؤخذ على ظاهره.
* توشكي: أراض مصرية في الصحراء الغربية.
الأمير والطائرة (3)
- سددت ليبيا الدفعة الأولى وقيمتها 70مليون دولار إلى الأمير الوليد في عام 2003م على الفور طلبت النصف الأول من عمولتي من الأمير، لكنه، وبشكل ينذر بالسوء، رفض أن يدفع، قائلا انه لن يدفع حتى يتحصل على المبلغ كاملا، رجوت أن يكون هذا راجعا إلى أن الأمير رجل أعمال صعب المراس وليس إشارة على أن صفقتي في طريقها للتلاشي، لسوء الطالع كان هذا بالضبط ما يحدث وراء الستار، كان المسؤولون الليبيون يحاولون إعاقة الدفعة الثانية، في ذلك الحين سحب القذافي خطة الاستصلاح الصحراوي المزعوم فأصبح الأمير مستحقا لمبلغ 50 مليون دولار. وجودي في الصفقة لم ترض عنه الأوساط المعتادة ولاشك أن هؤلاء الرجال كانوا في الطابور من اجل الرشاوي فيما لو تم شراء طائرة أخرى.
- كانت الطائرة لا تزال مسجلة باسم شركة الوليد واسمها (المملكة القابضة) وأخذت إلى ألمانيا لغرض الصيانة بموافقة الليبيين، لكن بعد ذلك استقبلت مكالمة هائجة من موسى كوسا في مكتب الاستخبارات يعلمني ان إيرباص القذافي في السعودية، ليس عندي فكرة عن ما يحدث، لكنني تدبرت الاتصال بالأمير الذي كان في سوريا.
" لا تقلقي" طمأني الأمير، لقد أخذنا الطائرة إلى السعودية حتى نتمكن من إعادة تسجيلها.
- لقد أخطأت في وضع ثقتي بالأمير الذي وعد أن الايرباص ستعود خلال أسبوعين، كنت اعرف أنها كانت خطوة غبية من الأمير بالسماح للطائرة بالهبوط في السعودية التي كانت علاقتها متوترة مع ليبيا بسبب الملاسنة الشهيرة في القمة العربية بين القذافي وولي عهد السعودية في ذلك الوقت الأمير عبد الله بن عبد العزيز.
- أسابيع وشهور مرت ولا خبر من السعودية يعلمني بتسجيل الطائرة، أخيرا تمكنت من الحديث مع الأمير الذي كان يتفادى مكالماتي، قال بوضوح صارم " لن أعيد الطائرة حتى يدفع الليبيون الخمسين مليون المتبقية".
- لقد كان هذا كارثة، فلم يكن الليبيون غاضبون لأنهم خُدعوا، بل قفزوا إلى استنتاج خاطئ أنني أتأمر مع سعودي حيث انا من أتى به في المقام الأول.
كانت هناك محاولات لإنهاء عقدي مع الشركة الليبية للاستثمارات الخارجية، من جهتي حاولت أن اشرح للقذافي الذي لم يرفض فقط دفع المتبقي بل قال باقتضاب" انتهت صفقة الطائرة، أريد استرجاع ال 70مليون دولار".
- تكتيك الأمير الوليد الشرس المصمم للضغط على الليبيين لدفع كامل المبلغ أعاد بالضرر عليه فقد هددت الليبية للاستثمارات الخارجية بمقاضاته، مدركا انه ارتكب خطأ جسيما، اتصل بي الأمير في لندن راجيا قدومي إلى باريس للتفاوض حول مخرج.
" هناك طريق واحد أمامنا" أخبرت الأمير" يجب أن تأتي معي إلى ليبيا و تعتذر شخصيا للرئيس وتقنعه أن الطائرة آمنة للاستعمال".
- وافق الأمير وقدم إلى ليبيا في احتفالات يوم الثورة، و ما أن وصلنا إلى الخيمة حتى بدأ محمد الحجازي مدير مكتب العقيد باتهام الأمير ملمحا إلى انه خاطف وصار يوبخ الرجل المندهش في حضور القذافي، من الواضح أن هذا هو موقف القذافي نفسه وإلا ما كان لنوبة الغضب هذه أن تحدث أمام ضيف.
- لحسن الحظ، بدأ جو التوتر في الانحسار بعد أن قُدم الاعتذار كما ينبغي، تحصل القذافي على طائرته وتحصل الأمير بعد شهور قليلة على ال 50$ مليون المتبقية، كل ما تبقى كان عمولتي غير الضئيلة.
- لقد كنت انا من أسس للصفقة وتحمل كل المشاق لاحياها عندما ارتكب الأمير الخطأ الكبير لمحاولة الضغط على القذافي، ومع هذا رفض الأمير الجاحد أن يعوضني بمكافأة، كنت مندهشة لأنني لم أظن أن الأمير الذي عنده صفقات تجارية أخرى في ليبيا سوف يختار أن يثير غضب العقيد مرة أخرى.
مكالماتي لمكتبه تم تجاهلها وفكرت ماذا سأفعل، أن أخد أحد أغنى رجال العالم إلى المحكمة ليس أمرا سهلا وبالرغم من أنها ستكون عملية طويلة مجهدة إلا أنني كنت متأكدة أن الحق في جانبي.
- قررت مقاضاة الوليد بن طلال ولكن كما تخوفت، سيأخذ الأمر عدد من السنوات قبل أن استمتع برؤيته مرتبك خجلان في صندوق الشاهد بالمحكمة، لم يكن التأخير بسبب بطء عجلة العدالة ولكن أيضا بسبب الأحداث التي كانت تهدد حياتي في ليبيا.
انتهى الفصل
-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~
dude333- مشرف المنتدى السياسي
-
عدد المشاركات : 5593
العمر : 55
رقم العضوية : 9508
قوة التقييم : 36
تاريخ التسجيل : 11/01/2012
مواضيع مماثلة
» كتاب دعد شربل العقيد و انا الفصل الرابع
» كتاب دعد شربل العقيد و انا الفصل الرابع والعشرون
» كتاب دعد شربل العقيد و انا الفصل الاول
» كتاب دعد شربل العقيد و انا الفصل السابع عشر
» كتاب دعد شربل العقيد و انا الفصل الثانى
» كتاب دعد شربل العقيد و انا الفصل الرابع والعشرون
» كتاب دعد شربل العقيد و انا الفصل الاول
» كتاب دعد شربل العقيد و انا الفصل السابع عشر
» كتاب دعد شربل العقيد و انا الفصل الثانى
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
2024-11-21, 8:36 am من طرف STAR
» ارخص غسالات ملابس
2024-11-18, 10:29 am من طرف محمدوعبدو
» "لسنا عيادة طبية".. رئيسة بالميراس البرازيلي تعلق بشأن التعاقد مع نيمار
2024-11-18, 7:49 am من طرف STAR
» لا تستخدم مياه "الحنفية" لتبريد محرك سيارتك.. إليك السبب
2024-11-18, 7:49 am من طرف STAR
» هل يطرد النوم "السموم من الدماغ"؟.. دراسة تكشف السر
2024-11-18, 7:48 am من طرف STAR
» لمستخدمي "ميتا" في أوروبا.. إليكم هذه الميزة الجديدة!
2024-11-18, 7:47 am من طرف STAR
» احرصوا على تهوية المنزل حتى في الطقس البارد!
2024-11-18, 7:47 am من طرف STAR
» العناية بالبشرة في فصل الخريف.. نصائح مهمة لذلك
2024-11-18, 7:46 am من طرف STAR
» الأرز الإسباني
2024-11-18, 7:45 am من طرف STAR
» عن مشاركة نيمار في مونديال الاندية.. هذا موقف الهلال
2024-11-16, 8:14 am من طرف STAR
» لضمان نوم هادئ ومريح.. تجنب 5 عادات
2024-11-16, 8:13 am من طرف STAR
» ترتيب المنتخبات العربية في تصفيات آسيا لكأس العالم 2026
2024-11-16, 8:12 am من طرف STAR
» الخضار الأعلى كثافة بالمغذيات
2024-11-16, 8:11 am من طرف STAR
» رونالدو يثير التفاعل بتصرف رائع خلال مباراة البرتغال
2024-11-16, 8:09 am من طرف STAR
» غرامة بمليار دولار تُهدد "ميتا" بالتفكك وسط ضغوط تنظيمية دولية
2024-11-16, 8:09 am من طرف STAR