إعلانات المنتدي
المواضيع الأخيرة
بحـث
كتاب دعد شربل العقيد و انا الفصل السايع
صفحة 1 من اصل 1
كتاب دعد شربل العقيد و انا الفصل السايع
العقيد وانا
حياتي مع القذافي
رواية: دعد شرعب ترجمة الدكتور علي جماعة علي
الفصل السابع
عرض زواج غريب جدا ﴿1﴾
ذات يوم اُستدعيت إلى مكتب العقيد المألوف عندي الآن داخل مجمع باب العزيزية.
"أنت تعرفي عن النفط ، أليس كذلك؟" سأل القذافي بتكلف وسلمني ملف أخر يتعلق الأمر بشركة سويسرية كانت تتداول بالنفط الليبي إلى حد كبير بنفس الطريقة التي أتعامل بها مع أغلى مورد طبيعي للبلد من خلال عملي الخاص في شركة Prime Oil. في هذا الوقت، يتم بيع حوالي 40 في المائة من إنتاج ليبيا من خلال سماسرة مثلي، بينما يذهب الباقي مباشرة إلى المصافي، في عام 1990م كانت ليبيا تنتج 1.4 مليون برميل نفط في اليوم والدخل من المبيعات كان يمول البلاد وبلغت عائدات النفط لليبيا نحو 20 مليار دولار سنويا وكانت احتياطياتها هي الأكبر في القارة، بدون الموارد الطبيعية كانت ليبيا ستظل دولة صحراوية فقيرة.
على الرغم من عدم اهتمامه بالأمور اليومية للاقتصاد، لم يكن القذافي أحمق، كان قد أمم صناعة البترول الليبية في عام 1974م وطرد جميع الشركات الغربية، من الناحية النظرية، كان لديه سيطرة كاملة على النفط ومع ذلك عندما يتعلق الأمر بالمبيعات الخارجية يبدو أنه يفتقد ملكة التركيز.
كان المقصود شركة سويسرية مملوكة لجزائري ومسؤولة عن صفقات نفطية بملايين الدولارات، نهشت الشكوك عقل القذافي، قال لي ” أريدك أن تتحققي عن الشركة ومعرفة ما إذا كان المال يعود إلى ليبيا أو يبقى في سويسرا".
لقد قيل له أن بعض العائدات التي كان ينبغي أن تتدفق عائدة إلى ليبيا، إلى فرع من الجيش يسمى (الساعدي* ) كانت في عداد المفقود.
يبدو في الظاهر أنها قضية بسيطة إلى حد معقول تنجز بمتابعة مسار المال والتحقق ماذا كان الاحتيال يحدث بالفعل وبهذا الحجم، كما يتصور العقيد حصوله.
كان يجب أن أعرف بشكل أفضل قبل القفز إلى استنتاج مفاده أن أي شيء في ليبيا القذافي كان واضحًا، ستفتح تحقيقاتي علبة الديدان وتزيد من تعميق الخلاف بيني وبين جهاز المخابرات، كما سينتج عنها عرض زواج من رجل لم أقابله من قبل ولتكون واحدة من أكثر الحلقات غرابة في حياتي.
في البداية، رتبت للقاء المالك الجزائري وشريكه الليبي في المكتب الرئيسي للشركة السويسرية في جنيف، اكتشفت أن (الساعدي) كان يديرها رجل يدعى سيد قذاف الدم، وتصادف أن يكون ابن عم القذافي، بدأت أجراس الإنذار ترن في رأسي بمجرد علمي بالعلاقة الأسرية، ولكن كل ما يمكنني فعله هو المضي قدمًا في تحقيقاتي، اتضح أن قذاف الدم أعطي حصة نفطية بدلاً من موازنة من الحكومة، وكان من المفترض استخدام عائدات المبيعات لتمويل هذا القسم من الجيش الليبي.
وصل للقذافي أن ابن عمه كان يخطط لثورة وسحب كميات كبيرة من أموال النفط لتمويل مؤامرته، قد يبدو هذا بعيد الاحتمال وغير قابل للتصديق لكن يمكنني أن أؤكد لكم إن القذافي واجه في عهده الطويل محاولات عديدة للإطاحة به من الداخل، فكانت لديه حاسة شم شديدة لأول نفحة من المتاعب، لا يعني الولاء العائلي شيء للقذافي ولا حتى مع أبناءه.
زُعم أن قذاف الدم كان يحتفظ بالمال لاستخدامه الخاص في حساب مصرفي بسويسرا، لذلك كانت المسألة تكمن في فحص جميع الأوراق بدقة.
تحليلي للحسابات في نهاية المطاف أظهر أن كل سنت من عائدات النفط التي تصل إلى 200 مليون دولار في الشهر كان يعود إلى ليبيا على النحو المستهدف، لم يستغرق الأمر فترة طويلة لإثبات انه فيما يتعلق بالنفط على الأقل فأن قذاف الدم كان رجلاً أميناً، أخذت هذا الاكتشاف إلى القذافي وأبلغته أن كل شيء كان سليم قانونيا، وأن الساعدي استلمت كل المال المخصص لها.
سأل العقيد:" هل أنت متأكدة؟ لأنني يمكن أن أقول لك الآن أن خمسة رجال، بما في ذلك ابن عمي هم حاليا في السجن بتهمة الاحتيال، أنت تقولين لي أنهم أبرياء؟"
لم أتفاجأ تمامًا من اكتشاف أن الأمر كان يتعلق بقضية مذنب حتى تثبت براءته، خمنت أنك لا تقبض على زمام السلطة في بلد مثل ليبيا لعقود دون أن تشحذ كل حواسك وتنام بنصف عين مفتوحة.
كان لدي الأوراق لدعم النتائج التي توصلت إليها وعندما أكدت له أنه يمكن الوثوق بهم التقط جهاز الهاتف بعد محادثة قصيرة أعطى القذافي الأمر: 'أطلقوا سراح هؤلاء الرجال.'
لا أستطيع أن أتذكر أنني رأيت العقيد في أي وقت مضى مبتهجا إلى هذا الحد، قفز من كرسيه، شبك يداه على وجهي وقبلني على أعلى جبهتي وقال لي” لقد جعلتني سعيدا، لقد انقدتي إنسان عزيز على قلبي. شكرا ".
* المقصود بالساعدي هو الجحفل الأمني المتمركز بالقرب من سرت.
عرض زواج غريب جدا ﴿2﴾
في 2 أغسطس عام 1990م، غزا صدام حسين الكويت المجاورة، مما أدى إلى إطلاق حرب الخليج الأولى، لا أحد يعرف ماذا سينتج عنها أو كيف ستؤثر الأعمال العدائية على الدول الأخرى في المنطقة بما في ذلك ليبيا، وعلى الرغم من حماس القذافي الواضح للانضمام إلى حظيرة العالم إلا أن ليبيا كانت الدولة العربية الوحيدة التي دعمت العراق في الغزو الأمر الذي لم يفيد القذافي في السعي نحو مكانته الدولية.
أخذت احتياطات السفر إلى لندن، باحثة عن ملاذ في شقتي من حيث أتابع الأزمة العالمية المتزايدة على شبكة سي إن إن، لقد كان هذا شي جديد يختلف عن سنواتي الأولى، عندما نشأت في فراغ إعلامي، فصار الآن بإمكاني مواكبة التطورات المتلاحقة بكل سرعة.
في إحدى الأمسيات، فيما أنا أشاهد التلفزيون، اخذ جرس الهاتف في الرنين، كان على الخط الآخر عامل بدالة بلهجة ليبية قوية افترضت أن القذافي كان يحاول جري إلى العودة، بقيت انتظر خمس عشرة دقيقة حتى تم ربط الاتصال، لم يكن صوت العقيد، لقد كان صوت لم أسمعه من قبل أبدًا.
"مرحبًا ! كيف حالك؟" هكذا انطلق في حديث كان واضحًا انه أُعد بعناية، "انا سيد قذاف الدم قرأت ملف كتيبة الساعدي الذي أعددته للرئيس وأنا أريد أن أشكرك وبمعزل عن اسمي لا أملك شيء لأمنحك إياه وأنا لا أعرف ما إذا كنت شابة أم كبيرة، قبيحة أم جميلة، لكنني مدينا لك، أود أن أعرض عليك الزواج، أنت أنقذت حياتي وهذا ما يمكنني فعله من أجلك".
في الشرق الأوسط، كثيرا ما يُنظر إلى الزواج على أنه نوعًا من ترتيب الأعمال، على الرغم من أن ذلك أصبح أقل شيوعًا، إلا أنه كثيرا ما يصر أولياء الأمور على حقهم في تزويج أبناءهم وبناتهم لأبناء عمومتهم، في وطني الأردن تقام حوالي واحدة من كل خمسة حفلات زفاف بهذه الطريقة التقليدية، يأتي الزواج أولاً، ثم يتبع الحب إذا كنت محظوظة.
أكثر ندرة من ذلك، لكن لم ينقرض بعد، هو أن يكون الزواج كوسيلة لرد فضل أو دفع دين مستوجب، أو بدافع الشرف، هذا تقليد بدوي، أنهم يملكون عادات معقدة من الولاء والانتقام والكرم يصعب على الغربيين إدراكها.
كثيرا ما يقال أن هذا هو سبب زواج القذافي من زوجته الثانية، صفية، الممرضة السابقة وكما قلت، لا يبدو لي أن بينهما توافق في الشخصية، لكن الأسطورة تقول إنه بينما كان يعالج من التهاب الزائدة الدودية في المستشفى في عام 1970م أحبطت هي محاولة تسميمه ولإظهار امتنانه الأبدي قدم لها هديته الكبرى، الزواج، لا أعرف ما إذا كان هذا صحيحًا أم لا، لكنه يوضح كثيراً ما نحن بصدده.
وكما قلت أيضًا إنني كنت مصممة على الطريقة العربية الحديثة للزواج عن طريق الحب.
في كثير من الأحيان لا تضيع الكلمات مني، ولكن ماذا يمكن أن أقول لقذاف الدم؟
لم أكن أعرف شيئًا عنه تقريبًا، بما في ذلك عمره، ولم أراه من قبل حتى الآن، وفي عصر التوفيق عبر الإنترنت، يمكنك على الأقل رؤية صورة قبل الانخراط في علاقة عاطفية!.
تمكنت من التلعثم ببعض الكلمات المتسرعة " شكرا لك، إنه لشرف لي ولكني كنت أقوم بعملي فقط، لم أكن أعرف من أنت عندما بدأت في التحقيق".
أنهيت المكالمة بأسرع ما يمكن وبأدب ممكن، وعدته بالتحدث معه مرة أخرى بعد أن اجمع أفكاري، بيني وبين نفسي، كنت آمل أن تكون هذه نهاية الأمر، تعمدت أن لا أجيبه ب "لا"، ولكني كنت آمل أن يكشف تحفظي الكثير من الكلام، كان هذا تكتيك كنت أستخدمه في أيامي عمل المصرفي في الماضي لصد أي تقرب غير مرغوب فيه من الرجال، كل ما تمنيت هو أن يعتبر هذا المتقدم الجديد أن دينه تجاهي قد سُدد حالا و أن ننطلق في حياتنا بدون ضغائن.
على الفور اتصلت بنعيمة في ليبيا لتتدخل لصالحي، ليس عندي نية لقبول عرض قذاف الدم ولكن بسبب علاقته العائلية بالقذافي كنت قلقة من أن أتسبب في أهانته، وكنت أخشى إن القذافي سيقفز إلى استنتاج خاطئ مفاده إني خططت لهذه العلاقة مع ابن عمه لتحسين وضعي الخاص في ليبيا.
سيد قذاف الدم.
عرض زواج غريب جدا ﴿3﴾
لذلك ناشدت نعيمة "من فضلك قل للرئيس أن ابن عمه يعرض الزواج مني، وأنني مع ذلك لم أقابل الرجل قط، لا أريد أن يعتقد الرئيس أنني اعمل خلف ظهره" ها قد علقت في الوسط مرة أخرى.
ربما أصبحت مهاراتي الدبلوماسية رديئة بعض الشيء، لأن سيد قذاف الدم لم يستوعب الرسالة أو أنه اعتاد أن يأخذ الأمور بطريقته الخاصة واختار أن يتجاهل رسالتي تمامًا.
خلال الأسابيع القليلة التالية كنت محاصرة من قبل الرجل، بدءًا من المكالمات الهاتفية اليومية التي يناشدني فيها الزواج منه، كان يدفع ويدفع باستمرار في اتجاه الحصول على التزام مني، بعد ذلك تمكن من الحصول على صورة لي، واكتشفت لاحقًا أنها جاءت من نعيمة التي اعتقدت أن كل هذا السعي الدؤوب من قبل قذاف الدم كان مجرد مزحة كبيرة.
شعرت قليلا بالانتشاء من هذا الإطراء لكن في الواقع شعرت أن هذا الاهتمام الخانق بي قد يرجع علي بالضرر.
لم أكن بحاجة إلى المزيد من الأعداء في الدائرة المقربة من القذافي، لكن المعجب قرر أن لا يستسلم، وقرر إن الطريق إلى قلبي لابد أن يمر من خلال الإيماءات الكبيرة.
في فبراير عام 1991م، نظم لي قذاف الدم مفاجأة، احتفالية بعيد ميلادي الثلاثين في فيلا دي سيزاري، وهى مطعم إيطالي على نهر التايمز في لندن، تم ترتيب كل شيء خلف ظهري، بمساعدة الشريك التجاري في Prime Oil الذي كان حسن النوايا ولكن أساء تقدير وقراءة مزاجي، في الوقت الذي اكتشفت فيه ما كان يحدث، كان أكثر من خمسين ضيفًا تمت دعوتهم، بما في ذلك محمد نجل عدنان خاشقجي، كان من الصعب أن ارفض الحضور.
حجز قذاف الدم المكان كله، مليء الغرفة بالبالونات وأرسل اثنان من أصدقاءه الطليان لاختيار قائمة المأكولات.
يبدو أنه لم يكن هناك من طريقة لتجنبه حاليا، كنت لا أزال أعارض قبول عرضه للزواج ولكني كنت أشعر بالفضول لمعرفة أي نوع من الرجال ذلك الذي يمر بكل هذه المتاعب ليجتذب غريبة بعشقه، ومع ذلك، سأضطر إلى الانتظار لفترة أطول قليلا لمقابلته.
كانت ذروة حرب الخليج والسفر من ليبيا لا يزال صعب، في عيد ميلادي وصلت إلى فيلا دي سيزاري لأجد مكانا شاغرا بجانبي على الطاولة، ولأنه لم يكن قادر على السفر إلى لندن، فقد رتب أن يبقى ذلك المكان شاغرا.
بقدر ما استمتعت بالليلة، كان كل شيء سرياليًا إلى حد ما، كنت على حافة الهاوية أتوقع ظهوره في أي لحظة، لن استغرب من قذاف الدم أن يقفز فجأة خارج التورتة صارخا " هاكم المفاجأة".
كانت هديته لي في عيد ميلادي قلادة الماس مذهلة، أيا كانت فكرتي عن ابن عم القذافي، إلا أنه فيما يتعلق بالهدايا كان يملك ذوق رفيع.
لقد لاحظت أن الحفلة بأكملها كانت مسجلة على كاميرا فيديو، وبعد ذلك ببضعة أيام اتضح السبب، فقد تلقيت اتصالاً من قذاف الدم يصف بالتفصيل كل ما حدث في عيد ميلادي، أنا بالتأكيد لا أستطيع أن أعيب عليه جهده بالخصوص.
ثم أخذت الأمور منعطف غريبًا، اتصل بي من ليبيا وطلب مني الاستماع إلى تسجيل صوتي كان على وشك تشغيله، كانت محادثة هاتفية بينه وبين والدي في الأردن، لقد استمعت، عاجزة عن الكلام، وانا اسمع قذاف الدم يطلب يدي رسميا للزواج، في الغرب هذا التقليد رمزي، لكنه في العالم العربي أكثر أهمية، موافقة والد العروس مهم جدا، قانونيا يمكن للمرأة أن تتزوج من دون موافقة والدها لكن هناك وصمة عار اجتماعية إذا تزوجت ضد رغبته.
على الرغم من أنني كنت أعلم أن والدي لن يحاول أبدا إجباري على الزواج، فقد كان هذا تطور مقلقًا، كنت أخشى أنني الآن لن أتخلص أبدًا من قذاف الدم، مع إن والدي كان يملك الحس السليم لعدم إعطائه جواب ملزم، كان الرد يتمحور حول انه يحتاج لمعرفة المزيد عن خلفية قذاف الدم.
من ليبيا وصلتني الأخبار أن ابن عم القذافي كان يخبر كل أحد أننا مخطوبين وبدأ في كتابة أشعار وأغاني الحب عني، بدأ الأمر في الخروج عن السيطرة، صار مهووسا بي.
عرض زواج غريب جدا ﴿4﴾
عدت إلى ليبيا وبسرعة سعيت إلى لقاء العقيد للحصول على مساعدته في تخليصي من قبضة قذاف الدم.
لم يكن أمامي خيار آخر لكن طريقتي المباشرة هذه لم تسير حسب الخطة، منذ البداية شعرت أن القذافي نفسه يتصارع مع معضلة.
"انظري" قال لي " ابن عمي يعاني من الإدمان على المسكنات " وذكر نوع من المخدر ولم يكن اسمه يعنيني في شيء، ثم مضى القذافي يكشف عن تاريخ قذاف الدم في الإدمان.
الآن أصبح واضحا كالشمس سبب فرحة العقيد عندما ساعدت في تنظيف اسم ابن عمه (في قضية الشركة النفطية).
قال لي القذافي أنه قبل سنوات مضن قُبلت سيارة رياضية هدية تم استلامها من إيطاليا ولكنه، وكما علمت، لم يكن مولعا بالرفاهية فلم يجربها، السيارة نوع فيراري أو لامبورغيني، نسيت الآن، بقت مركونة في المجمع حتى كان قذاف الدم أول من أخذ يجربها، عندما شغل المحرك اشتعلت النار في السيارة فتسببت في إصابات خطيرة، وفقا للقذافي كان ما حصل محاولة اغتيال.
"لذا ، كما ترين، أشعر بالمسؤولية تجاه ابن عمي قال العقيد ثم أضاف "عولج لمدة عامين من إصاباته وخلال هذا الوقت أصبح مدمنًا على المسكنات".
بُذلت محاولات عديدة لفطم قذاف الدم عن المخدرات، بما في ذلك إرساله إلى مصحة لمعالجة الادمان في هونغ كونغ، لكنه لم يستمر أبدا مع أي من البرامج المختلفة.
أضاف القذافي "اسد لي معروفا"، 'لا ترفضي عرضه للزواج على الفور ولكن اجعله شرطا لان يبدأ العلاج أولا".
أحسست بمزيد من المتاعب في انتظاري، سألته: "هل تريدني أن أكذب عليه"؟ هز القذافي كتفيه: " لا تعتبرها كذبة فكري في الأمر على أنه إنقاذ له سيكون هذا عمل جيد فقط أدخليه إلى المستشفى في وقت لاحق، بعد أن يتعافى يمكنك أخبار ابن عمي انك لا ترغبين في الزواج منه".
لقد قال القذافي كلمته وبذلك فإن رفضي من المحتمل أن يقوض كل شيء عملت بجد على تحقيقه في ليبيا.
لم أشعر بالراحة على الإطلاق ذلك أن حياتي الشخصية يتم التلاعب بها الآن، لكنني قررت التعامل معها على أنها مجرد مهمة أخرى للعقيد.
على مدار الأشهر الستة المقبلة تحدثت بانتظام إلى قذاف الدم عبر الهاتف، اكتشفت أنه تزوج وطلّق مرتين وله ابنة وولدين، كان منفتحًا تمامًا على موضوع إدمانه وتحدثنا عن ضرورة أن يتلقي العلاج في سويسرا.
أخيرًا تقرر أن أقابله، في فندق ريتشموند في جنيف، حيث كان يقيم واتفقنا على تناول العشاء معا، سافرت إلى سويسرا من لندن، عازمة على الحجز في فندق منفصل في جنيف، كنت خائفة من الطريقة التي سيتصرف بها قذاف الدم، نظرًا لإدمانه على المخدرات وسلوكه المهووس بي حتى الآن، أخذت خطوة أخرى احتياطية: إقناع القذافي بالسماح لنعيمة بمرافقتي، ومن يجيد العمل كمرافقة أفضل من إحدى الحارسات الليبيات المشهورات !.
كانت المشاعر الغالبة هي العصبية، تخيلت أن هذا هو ما تشعر به العرائس العربيات في الزيجات المرتبة عندما يلتقين بازواجهن المستقبليين للمرة الأولى، كان الاختلاف الكبير هنا أنه لن يكون هناك حفل زفاف، حتى ولو لم يكن هو يعرف بذلك بعد، عندما وصلت إلى فندق ريتشموند، حيث سنتناول العشاء في جناحه الخاص في الطابق العلوي، كان قذاف الدم في الانتظار لتحيتي في الممر متى ما خرجت من المصعد، لمحاتي الأولى كشفت عن رجل طويل ووسيم إلى حد كبير، بدا أصغر من عمره الفعلي، كان قد خدم في الجيش ويظهر ذلك في طلته العسكرية اللطيفة، عانقني، مع عدم وجود أي علامة على الإحراج أو الارتباك، كما لو كنا نعرف بعضنا البعض منذ سنوات، كنت أقل استرخاء بشكل كبير خاصة في حضور جيش صغير من الحراس الأمنيين في الجناح المظلم، من الواضح أنهم سيبقون في الخلفية طوال مدة تناول وجبتنا الأولى.
عرض زواج غريب جدا ﴿6﴾
كان برفقته (سيد قذاف الدم) 40 شخص من بينهم شقيقه أحمد وهو كذلك شخصية قوية في ليبيا.
بالرغم من كل تحفظاتي وبينما خرجنا للأكل معا وتجاذبنا أطراف الحديث بدأت بالشعور بالود اتجاه هذا الغريب عني، كان متحمسا في الحديث عن عشقه للشعر وبهذا استنتجت أنه يمتلك جانب حساس في شخصيته.
لاحظت أنه قدمني كزوجته لموظفي الفندق وفي أثناء الأكل تكلم عن خططه لزواجنا، سايرته قائلة لنفسي، قريبا سيكون هو في المستشفى يعالج وانا حرة أغادر، سهرنا ذلك المساء على خير ما يرام ثم رجعت إلى فندقي.
انطلقنا في الصباح التالي إلى عيادة متخصصة في مونتريوكس تبعد 70 ميل على الجانب الآخر لبحيرة جنيف، في الطريق فجأة طلب قذاف الدم من السائق التوقف، حدسي الأول وانا أراه يفتح الباب وينزل أنه قد قرر أن لا يذهب للعلاج.
" انزلي معي إلى الماء" قالها وهو يتمشى بضع أمتار في اتجاه البحيرة، مباشرة سحب قذاف الدم صندوق من الحقن وبدأ في رمي محتوياته إلى عمق البحيرة، " هذه علامتي لك بأني جاد".
لقد كانت إيماءة أخرى ضخمة تركت انطباع كبير في نفسي، كنت ممزقة بين ولائي للقذافي وضميري الذي يخبرني أنه ليس من العدل أن اخدع هذا الرجل وأن اسمح له بالتفكير بأنني سأكون زوجته القادمة.
بالكاد وصلنا للعيادة حتى سُمح بدخول قذاف الدم قبل أن يطلب الطبيب الحديث معي " انت مهمة جدا لمريضي، لقد قالها بكل وضوح أنه جاء للعلاج فقط ليرضيك" وأضاف " يجب أن تكوني هنا كل الوقت من أجله لأنها ستكون فترة صعبة".
هذا ما كنت لا ارغب في سماعه، كنت أتوقع أن أبقى بضعة أيام في سويسرا للاطمئنان على دخول قذاف الدم بسلام إلى العيادة ثم ارجع إلى بيتي في لندن.
سقط قلبي مني عندما أخبرني الطبيب بأن الأمر قد يستغرق من شهرين إلى ثلاثة لاستكمال العلاج ولكن شعرت أن ليس ثمة خيار أمامي، شرطي الوحيد الذي وافق عليه العقيد، أن تبقى نعيمة معي.
تلت ذلك فترة شاقة كنا نزور فيها العيادة كل يوم، لا اعرف نوعية الدواء الذي أُعطي لقذاف الدم، لكن بدأ يشبه الجثمان، لقد عانى من عوارض سيئة للانسحاب من الإدمان جعلته ضعيف ومشوش، كرهت أن أراه يعاني على هذا النحو، لكن قلت في نفسي هذا أفضل لشفائه لاحقا، جعلني قذاف الدم أشعر بالذنب أكثر عندما قبض على معصمي ذات يوم وقال: انظري إلى الألم الذي أنا فيه، كل هذا لأجلك، بلغت شدة الألم أنه مد يده إلى إطار السرير وهوى على القضبان المعدنية بالقطع.
كانت العيادة غالية جدا ومشهورة بنزلائها من الشخصيات المرموقة والمشاهير ولكنها بيئة غير مريحة لشخص من خارج المجموعة مثلي، كان هناك مرضى يصرخون فوجدت المكان مزعج مثير للتوتر.
بعد حوالي شهر كان الأطباء سعداء بأنه بدا بالتشافي، بدا طبيعيا فصرنا معا نقضي المساءات المشمسة في حديقة العيادة.
عرض زواج غريب جدا ﴿6﴾
مازال مقتنعا بأننا سنتزوج حالا، قال لي” إن لم أتزوجك فلن تكن أخرى غيرك".
بالرغم من هذا، شعرت أن أيامي في سويسرا تسحب إلى نهايتها خاصة بعد أن زاد التوتر بيني وبين شقيق قذاف الدم الذي كان يعاملني وكأني فرد من موظفيه، لم يعلم أحمد بالاتفاق بيني وبين القذافي واعتقد أنني كنت انوي الزواج من أخيه سيد، لقد أظهر عدم الاحترام الذي عاملني به أنه يرفض هذا الزواج، كما أني اعتقد أيضا بوجود غيرة سياسية اتجاه أخيه، ربما يلاءم أحمد أن لا يتحسن وضع سيد لكون الأخير كان مفضلا عند القذافي، على عكس السيد كان الأخ الآخر يحمل شبه عائلي كبير بالقذافي وجدته مثير للتوتر، واعلم أن أحمد كان متورط بشراء السلاح إلى ليبيا.
لم يتحسن مزاجي الكئيب بمغادرة نعيمة التي تم استدعاؤها إلى ليبيا "، يكفي من كل هذا" قلت لنفسي.
بالسر حجزت تذاكر إلى لندن وهربت، ليس من طبيعتي أن أتصرف هكذا بالإضافة إلى المخاطرة بإزعاج القذافي، لكنني لم اعد أتحمل الأجواء في سويسرا وإذا حصلت مواجهة مع القذافي سأقول أني قمت بأكثر مما ينبغي ببقائي مدة أكثر من المتفق عليها و أن قذاف الدم صار في وضع ملائم للخروج من العيادة.
آخر تصرف لي في سويسرا كان كتابة رسالة إلى قذاف الدم شرحت فيها كل شئ بما في ذلك اتفاقي مع العقيد ومشاكلي مع شقيقه، ”انا آسفة فعلت هذا من أجل شفاءك، سامحني"، في طريقي إلى مطار جنيف، قمت بالانعطاف، وسلمت الرسالة إلى أحد أطباءه.
أؤمن بأن سيد قذاف الدم عشقني بصدق، وربما أكثر من اللازم، وبالرغم من أن هذه المشاعر القوية لم تكن متبادلة من طرفي، فقد زادت مودتي وتعاطفي الكبير مع محنته.
سمعت لاحقا أنه تقدم بالاستقالة من عمله في الجيش حتى يتمكن من الزواج مني، لدواع أمنية كان ممنوع على أفراد القوات المسلحة الليبية الزواج من الأجانب، أعتقد أن هذا يظهره كرجل حقيقي صاحب مبادئ، ولن أقول كلمة سيئة عنه، ربما لو التقينا في ظروف مختلفة لتزوجته، لكن بهذه الطريقة لن يحصل هذا أبدا، وفي كل الأحوال أعتقد أن القذافي لم يكن ليسمح به.
في طريق عودتي إلى لندن، جاهدت على أن أتجاهل ما حصل في سويسرا، دعوت أن لا ينتكس قذاف الدم بسبب هروبي عنه، كنت في غاية القلق أن لا يكون قد الحق بسببي ضررا لنفسه، اتصلت بكل من اعرف في ليبيا استقي المعلومات.
وأخيرا، بعد أسبوعين، سمعت أنه بحالة جيدة وأنه عاد إلى ليبيا من سويسرا وكأنه اصغر من عمره بعشر سنوات، أحسست بالراحة من الشعور بالذنب.
بأمر من القذافي وبحسن نوايا لم أكن صادقة مع قذاف الدم، أرجو أن يفهم السبب.
بعدها بخمس سنوات حصل وأن صادفته في ليبيا، كان مؤدبا بشكل رائع ولم نتناقش فيما حصل بيننا ولم يتم إعادة فتح موضوع الزواج، أنا سعيدة بالقول إنه لم يصبح أبدا عدوي، لم يتزوج مرة أخرى.
حياتي مع القذافي
رواية: دعد شرعب ترجمة الدكتور علي جماعة علي
الفصل السابع
عرض زواج غريب جدا ﴿1﴾
ذات يوم اُستدعيت إلى مكتب العقيد المألوف عندي الآن داخل مجمع باب العزيزية.
"أنت تعرفي عن النفط ، أليس كذلك؟" سأل القذافي بتكلف وسلمني ملف أخر يتعلق الأمر بشركة سويسرية كانت تتداول بالنفط الليبي إلى حد كبير بنفس الطريقة التي أتعامل بها مع أغلى مورد طبيعي للبلد من خلال عملي الخاص في شركة Prime Oil. في هذا الوقت، يتم بيع حوالي 40 في المائة من إنتاج ليبيا من خلال سماسرة مثلي، بينما يذهب الباقي مباشرة إلى المصافي، في عام 1990م كانت ليبيا تنتج 1.4 مليون برميل نفط في اليوم والدخل من المبيعات كان يمول البلاد وبلغت عائدات النفط لليبيا نحو 20 مليار دولار سنويا وكانت احتياطياتها هي الأكبر في القارة، بدون الموارد الطبيعية كانت ليبيا ستظل دولة صحراوية فقيرة.
على الرغم من عدم اهتمامه بالأمور اليومية للاقتصاد، لم يكن القذافي أحمق، كان قد أمم صناعة البترول الليبية في عام 1974م وطرد جميع الشركات الغربية، من الناحية النظرية، كان لديه سيطرة كاملة على النفط ومع ذلك عندما يتعلق الأمر بالمبيعات الخارجية يبدو أنه يفتقد ملكة التركيز.
كان المقصود شركة سويسرية مملوكة لجزائري ومسؤولة عن صفقات نفطية بملايين الدولارات، نهشت الشكوك عقل القذافي، قال لي ” أريدك أن تتحققي عن الشركة ومعرفة ما إذا كان المال يعود إلى ليبيا أو يبقى في سويسرا".
لقد قيل له أن بعض العائدات التي كان ينبغي أن تتدفق عائدة إلى ليبيا، إلى فرع من الجيش يسمى (الساعدي* ) كانت في عداد المفقود.
يبدو في الظاهر أنها قضية بسيطة إلى حد معقول تنجز بمتابعة مسار المال والتحقق ماذا كان الاحتيال يحدث بالفعل وبهذا الحجم، كما يتصور العقيد حصوله.
كان يجب أن أعرف بشكل أفضل قبل القفز إلى استنتاج مفاده أن أي شيء في ليبيا القذافي كان واضحًا، ستفتح تحقيقاتي علبة الديدان وتزيد من تعميق الخلاف بيني وبين جهاز المخابرات، كما سينتج عنها عرض زواج من رجل لم أقابله من قبل ولتكون واحدة من أكثر الحلقات غرابة في حياتي.
في البداية، رتبت للقاء المالك الجزائري وشريكه الليبي في المكتب الرئيسي للشركة السويسرية في جنيف، اكتشفت أن (الساعدي) كان يديرها رجل يدعى سيد قذاف الدم، وتصادف أن يكون ابن عم القذافي، بدأت أجراس الإنذار ترن في رأسي بمجرد علمي بالعلاقة الأسرية، ولكن كل ما يمكنني فعله هو المضي قدمًا في تحقيقاتي، اتضح أن قذاف الدم أعطي حصة نفطية بدلاً من موازنة من الحكومة، وكان من المفترض استخدام عائدات المبيعات لتمويل هذا القسم من الجيش الليبي.
وصل للقذافي أن ابن عمه كان يخطط لثورة وسحب كميات كبيرة من أموال النفط لتمويل مؤامرته، قد يبدو هذا بعيد الاحتمال وغير قابل للتصديق لكن يمكنني أن أؤكد لكم إن القذافي واجه في عهده الطويل محاولات عديدة للإطاحة به من الداخل، فكانت لديه حاسة شم شديدة لأول نفحة من المتاعب، لا يعني الولاء العائلي شيء للقذافي ولا حتى مع أبناءه.
زُعم أن قذاف الدم كان يحتفظ بالمال لاستخدامه الخاص في حساب مصرفي بسويسرا، لذلك كانت المسألة تكمن في فحص جميع الأوراق بدقة.
تحليلي للحسابات في نهاية المطاف أظهر أن كل سنت من عائدات النفط التي تصل إلى 200 مليون دولار في الشهر كان يعود إلى ليبيا على النحو المستهدف، لم يستغرق الأمر فترة طويلة لإثبات انه فيما يتعلق بالنفط على الأقل فأن قذاف الدم كان رجلاً أميناً، أخذت هذا الاكتشاف إلى القذافي وأبلغته أن كل شيء كان سليم قانونيا، وأن الساعدي استلمت كل المال المخصص لها.
سأل العقيد:" هل أنت متأكدة؟ لأنني يمكن أن أقول لك الآن أن خمسة رجال، بما في ذلك ابن عمي هم حاليا في السجن بتهمة الاحتيال، أنت تقولين لي أنهم أبرياء؟"
لم أتفاجأ تمامًا من اكتشاف أن الأمر كان يتعلق بقضية مذنب حتى تثبت براءته، خمنت أنك لا تقبض على زمام السلطة في بلد مثل ليبيا لعقود دون أن تشحذ كل حواسك وتنام بنصف عين مفتوحة.
كان لدي الأوراق لدعم النتائج التي توصلت إليها وعندما أكدت له أنه يمكن الوثوق بهم التقط جهاز الهاتف بعد محادثة قصيرة أعطى القذافي الأمر: 'أطلقوا سراح هؤلاء الرجال.'
لا أستطيع أن أتذكر أنني رأيت العقيد في أي وقت مضى مبتهجا إلى هذا الحد، قفز من كرسيه، شبك يداه على وجهي وقبلني على أعلى جبهتي وقال لي” لقد جعلتني سعيدا، لقد انقدتي إنسان عزيز على قلبي. شكرا ".
* المقصود بالساعدي هو الجحفل الأمني المتمركز بالقرب من سرت.
عرض زواج غريب جدا ﴿2﴾
في 2 أغسطس عام 1990م، غزا صدام حسين الكويت المجاورة، مما أدى إلى إطلاق حرب الخليج الأولى، لا أحد يعرف ماذا سينتج عنها أو كيف ستؤثر الأعمال العدائية على الدول الأخرى في المنطقة بما في ذلك ليبيا، وعلى الرغم من حماس القذافي الواضح للانضمام إلى حظيرة العالم إلا أن ليبيا كانت الدولة العربية الوحيدة التي دعمت العراق في الغزو الأمر الذي لم يفيد القذافي في السعي نحو مكانته الدولية.
أخذت احتياطات السفر إلى لندن، باحثة عن ملاذ في شقتي من حيث أتابع الأزمة العالمية المتزايدة على شبكة سي إن إن، لقد كان هذا شي جديد يختلف عن سنواتي الأولى، عندما نشأت في فراغ إعلامي، فصار الآن بإمكاني مواكبة التطورات المتلاحقة بكل سرعة.
في إحدى الأمسيات، فيما أنا أشاهد التلفزيون، اخذ جرس الهاتف في الرنين، كان على الخط الآخر عامل بدالة بلهجة ليبية قوية افترضت أن القذافي كان يحاول جري إلى العودة، بقيت انتظر خمس عشرة دقيقة حتى تم ربط الاتصال، لم يكن صوت العقيد، لقد كان صوت لم أسمعه من قبل أبدًا.
"مرحبًا ! كيف حالك؟" هكذا انطلق في حديث كان واضحًا انه أُعد بعناية، "انا سيد قذاف الدم قرأت ملف كتيبة الساعدي الذي أعددته للرئيس وأنا أريد أن أشكرك وبمعزل عن اسمي لا أملك شيء لأمنحك إياه وأنا لا أعرف ما إذا كنت شابة أم كبيرة، قبيحة أم جميلة، لكنني مدينا لك، أود أن أعرض عليك الزواج، أنت أنقذت حياتي وهذا ما يمكنني فعله من أجلك".
في الشرق الأوسط، كثيرا ما يُنظر إلى الزواج على أنه نوعًا من ترتيب الأعمال، على الرغم من أن ذلك أصبح أقل شيوعًا، إلا أنه كثيرا ما يصر أولياء الأمور على حقهم في تزويج أبناءهم وبناتهم لأبناء عمومتهم، في وطني الأردن تقام حوالي واحدة من كل خمسة حفلات زفاف بهذه الطريقة التقليدية، يأتي الزواج أولاً، ثم يتبع الحب إذا كنت محظوظة.
أكثر ندرة من ذلك، لكن لم ينقرض بعد، هو أن يكون الزواج كوسيلة لرد فضل أو دفع دين مستوجب، أو بدافع الشرف، هذا تقليد بدوي، أنهم يملكون عادات معقدة من الولاء والانتقام والكرم يصعب على الغربيين إدراكها.
كثيرا ما يقال أن هذا هو سبب زواج القذافي من زوجته الثانية، صفية، الممرضة السابقة وكما قلت، لا يبدو لي أن بينهما توافق في الشخصية، لكن الأسطورة تقول إنه بينما كان يعالج من التهاب الزائدة الدودية في المستشفى في عام 1970م أحبطت هي محاولة تسميمه ولإظهار امتنانه الأبدي قدم لها هديته الكبرى، الزواج، لا أعرف ما إذا كان هذا صحيحًا أم لا، لكنه يوضح كثيراً ما نحن بصدده.
وكما قلت أيضًا إنني كنت مصممة على الطريقة العربية الحديثة للزواج عن طريق الحب.
في كثير من الأحيان لا تضيع الكلمات مني، ولكن ماذا يمكن أن أقول لقذاف الدم؟
لم أكن أعرف شيئًا عنه تقريبًا، بما في ذلك عمره، ولم أراه من قبل حتى الآن، وفي عصر التوفيق عبر الإنترنت، يمكنك على الأقل رؤية صورة قبل الانخراط في علاقة عاطفية!.
تمكنت من التلعثم ببعض الكلمات المتسرعة " شكرا لك، إنه لشرف لي ولكني كنت أقوم بعملي فقط، لم أكن أعرف من أنت عندما بدأت في التحقيق".
أنهيت المكالمة بأسرع ما يمكن وبأدب ممكن، وعدته بالتحدث معه مرة أخرى بعد أن اجمع أفكاري، بيني وبين نفسي، كنت آمل أن تكون هذه نهاية الأمر، تعمدت أن لا أجيبه ب "لا"، ولكني كنت آمل أن يكشف تحفظي الكثير من الكلام، كان هذا تكتيك كنت أستخدمه في أيامي عمل المصرفي في الماضي لصد أي تقرب غير مرغوب فيه من الرجال، كل ما تمنيت هو أن يعتبر هذا المتقدم الجديد أن دينه تجاهي قد سُدد حالا و أن ننطلق في حياتنا بدون ضغائن.
على الفور اتصلت بنعيمة في ليبيا لتتدخل لصالحي، ليس عندي نية لقبول عرض قذاف الدم ولكن بسبب علاقته العائلية بالقذافي كنت قلقة من أن أتسبب في أهانته، وكنت أخشى إن القذافي سيقفز إلى استنتاج خاطئ مفاده إني خططت لهذه العلاقة مع ابن عمه لتحسين وضعي الخاص في ليبيا.
سيد قذاف الدم.
عرض زواج غريب جدا ﴿3﴾
لذلك ناشدت نعيمة "من فضلك قل للرئيس أن ابن عمه يعرض الزواج مني، وأنني مع ذلك لم أقابل الرجل قط، لا أريد أن يعتقد الرئيس أنني اعمل خلف ظهره" ها قد علقت في الوسط مرة أخرى.
ربما أصبحت مهاراتي الدبلوماسية رديئة بعض الشيء، لأن سيد قذاف الدم لم يستوعب الرسالة أو أنه اعتاد أن يأخذ الأمور بطريقته الخاصة واختار أن يتجاهل رسالتي تمامًا.
خلال الأسابيع القليلة التالية كنت محاصرة من قبل الرجل، بدءًا من المكالمات الهاتفية اليومية التي يناشدني فيها الزواج منه، كان يدفع ويدفع باستمرار في اتجاه الحصول على التزام مني، بعد ذلك تمكن من الحصول على صورة لي، واكتشفت لاحقًا أنها جاءت من نعيمة التي اعتقدت أن كل هذا السعي الدؤوب من قبل قذاف الدم كان مجرد مزحة كبيرة.
شعرت قليلا بالانتشاء من هذا الإطراء لكن في الواقع شعرت أن هذا الاهتمام الخانق بي قد يرجع علي بالضرر.
لم أكن بحاجة إلى المزيد من الأعداء في الدائرة المقربة من القذافي، لكن المعجب قرر أن لا يستسلم، وقرر إن الطريق إلى قلبي لابد أن يمر من خلال الإيماءات الكبيرة.
في فبراير عام 1991م، نظم لي قذاف الدم مفاجأة، احتفالية بعيد ميلادي الثلاثين في فيلا دي سيزاري، وهى مطعم إيطالي على نهر التايمز في لندن، تم ترتيب كل شيء خلف ظهري، بمساعدة الشريك التجاري في Prime Oil الذي كان حسن النوايا ولكن أساء تقدير وقراءة مزاجي، في الوقت الذي اكتشفت فيه ما كان يحدث، كان أكثر من خمسين ضيفًا تمت دعوتهم، بما في ذلك محمد نجل عدنان خاشقجي، كان من الصعب أن ارفض الحضور.
حجز قذاف الدم المكان كله، مليء الغرفة بالبالونات وأرسل اثنان من أصدقاءه الطليان لاختيار قائمة المأكولات.
يبدو أنه لم يكن هناك من طريقة لتجنبه حاليا، كنت لا أزال أعارض قبول عرضه للزواج ولكني كنت أشعر بالفضول لمعرفة أي نوع من الرجال ذلك الذي يمر بكل هذه المتاعب ليجتذب غريبة بعشقه، ومع ذلك، سأضطر إلى الانتظار لفترة أطول قليلا لمقابلته.
كانت ذروة حرب الخليج والسفر من ليبيا لا يزال صعب، في عيد ميلادي وصلت إلى فيلا دي سيزاري لأجد مكانا شاغرا بجانبي على الطاولة، ولأنه لم يكن قادر على السفر إلى لندن، فقد رتب أن يبقى ذلك المكان شاغرا.
بقدر ما استمتعت بالليلة، كان كل شيء سرياليًا إلى حد ما، كنت على حافة الهاوية أتوقع ظهوره في أي لحظة، لن استغرب من قذاف الدم أن يقفز فجأة خارج التورتة صارخا " هاكم المفاجأة".
كانت هديته لي في عيد ميلادي قلادة الماس مذهلة، أيا كانت فكرتي عن ابن عم القذافي، إلا أنه فيما يتعلق بالهدايا كان يملك ذوق رفيع.
لقد لاحظت أن الحفلة بأكملها كانت مسجلة على كاميرا فيديو، وبعد ذلك ببضعة أيام اتضح السبب، فقد تلقيت اتصالاً من قذاف الدم يصف بالتفصيل كل ما حدث في عيد ميلادي، أنا بالتأكيد لا أستطيع أن أعيب عليه جهده بالخصوص.
ثم أخذت الأمور منعطف غريبًا، اتصل بي من ليبيا وطلب مني الاستماع إلى تسجيل صوتي كان على وشك تشغيله، كانت محادثة هاتفية بينه وبين والدي في الأردن، لقد استمعت، عاجزة عن الكلام، وانا اسمع قذاف الدم يطلب يدي رسميا للزواج، في الغرب هذا التقليد رمزي، لكنه في العالم العربي أكثر أهمية، موافقة والد العروس مهم جدا، قانونيا يمكن للمرأة أن تتزوج من دون موافقة والدها لكن هناك وصمة عار اجتماعية إذا تزوجت ضد رغبته.
على الرغم من أنني كنت أعلم أن والدي لن يحاول أبدا إجباري على الزواج، فقد كان هذا تطور مقلقًا، كنت أخشى أنني الآن لن أتخلص أبدًا من قذاف الدم، مع إن والدي كان يملك الحس السليم لعدم إعطائه جواب ملزم، كان الرد يتمحور حول انه يحتاج لمعرفة المزيد عن خلفية قذاف الدم.
من ليبيا وصلتني الأخبار أن ابن عم القذافي كان يخبر كل أحد أننا مخطوبين وبدأ في كتابة أشعار وأغاني الحب عني، بدأ الأمر في الخروج عن السيطرة، صار مهووسا بي.
عرض زواج غريب جدا ﴿4﴾
عدت إلى ليبيا وبسرعة سعيت إلى لقاء العقيد للحصول على مساعدته في تخليصي من قبضة قذاف الدم.
لم يكن أمامي خيار آخر لكن طريقتي المباشرة هذه لم تسير حسب الخطة، منذ البداية شعرت أن القذافي نفسه يتصارع مع معضلة.
"انظري" قال لي " ابن عمي يعاني من الإدمان على المسكنات " وذكر نوع من المخدر ولم يكن اسمه يعنيني في شيء، ثم مضى القذافي يكشف عن تاريخ قذاف الدم في الإدمان.
الآن أصبح واضحا كالشمس سبب فرحة العقيد عندما ساعدت في تنظيف اسم ابن عمه (في قضية الشركة النفطية).
قال لي القذافي أنه قبل سنوات مضن قُبلت سيارة رياضية هدية تم استلامها من إيطاليا ولكنه، وكما علمت، لم يكن مولعا بالرفاهية فلم يجربها، السيارة نوع فيراري أو لامبورغيني، نسيت الآن، بقت مركونة في المجمع حتى كان قذاف الدم أول من أخذ يجربها، عندما شغل المحرك اشتعلت النار في السيارة فتسببت في إصابات خطيرة، وفقا للقذافي كان ما حصل محاولة اغتيال.
"لذا ، كما ترين، أشعر بالمسؤولية تجاه ابن عمي قال العقيد ثم أضاف "عولج لمدة عامين من إصاباته وخلال هذا الوقت أصبح مدمنًا على المسكنات".
بُذلت محاولات عديدة لفطم قذاف الدم عن المخدرات، بما في ذلك إرساله إلى مصحة لمعالجة الادمان في هونغ كونغ، لكنه لم يستمر أبدا مع أي من البرامج المختلفة.
أضاف القذافي "اسد لي معروفا"، 'لا ترفضي عرضه للزواج على الفور ولكن اجعله شرطا لان يبدأ العلاج أولا".
أحسست بمزيد من المتاعب في انتظاري، سألته: "هل تريدني أن أكذب عليه"؟ هز القذافي كتفيه: " لا تعتبرها كذبة فكري في الأمر على أنه إنقاذ له سيكون هذا عمل جيد فقط أدخليه إلى المستشفى في وقت لاحق، بعد أن يتعافى يمكنك أخبار ابن عمي انك لا ترغبين في الزواج منه".
لقد قال القذافي كلمته وبذلك فإن رفضي من المحتمل أن يقوض كل شيء عملت بجد على تحقيقه في ليبيا.
لم أشعر بالراحة على الإطلاق ذلك أن حياتي الشخصية يتم التلاعب بها الآن، لكنني قررت التعامل معها على أنها مجرد مهمة أخرى للعقيد.
على مدار الأشهر الستة المقبلة تحدثت بانتظام إلى قذاف الدم عبر الهاتف، اكتشفت أنه تزوج وطلّق مرتين وله ابنة وولدين، كان منفتحًا تمامًا على موضوع إدمانه وتحدثنا عن ضرورة أن يتلقي العلاج في سويسرا.
أخيرًا تقرر أن أقابله، في فندق ريتشموند في جنيف، حيث كان يقيم واتفقنا على تناول العشاء معا، سافرت إلى سويسرا من لندن، عازمة على الحجز في فندق منفصل في جنيف، كنت خائفة من الطريقة التي سيتصرف بها قذاف الدم، نظرًا لإدمانه على المخدرات وسلوكه المهووس بي حتى الآن، أخذت خطوة أخرى احتياطية: إقناع القذافي بالسماح لنعيمة بمرافقتي، ومن يجيد العمل كمرافقة أفضل من إحدى الحارسات الليبيات المشهورات !.
كانت المشاعر الغالبة هي العصبية، تخيلت أن هذا هو ما تشعر به العرائس العربيات في الزيجات المرتبة عندما يلتقين بازواجهن المستقبليين للمرة الأولى، كان الاختلاف الكبير هنا أنه لن يكون هناك حفل زفاف، حتى ولو لم يكن هو يعرف بذلك بعد، عندما وصلت إلى فندق ريتشموند، حيث سنتناول العشاء في جناحه الخاص في الطابق العلوي، كان قذاف الدم في الانتظار لتحيتي في الممر متى ما خرجت من المصعد، لمحاتي الأولى كشفت عن رجل طويل ووسيم إلى حد كبير، بدا أصغر من عمره الفعلي، كان قد خدم في الجيش ويظهر ذلك في طلته العسكرية اللطيفة، عانقني، مع عدم وجود أي علامة على الإحراج أو الارتباك، كما لو كنا نعرف بعضنا البعض منذ سنوات، كنت أقل استرخاء بشكل كبير خاصة في حضور جيش صغير من الحراس الأمنيين في الجناح المظلم، من الواضح أنهم سيبقون في الخلفية طوال مدة تناول وجبتنا الأولى.
عرض زواج غريب جدا ﴿6﴾
كان برفقته (سيد قذاف الدم) 40 شخص من بينهم شقيقه أحمد وهو كذلك شخصية قوية في ليبيا.
بالرغم من كل تحفظاتي وبينما خرجنا للأكل معا وتجاذبنا أطراف الحديث بدأت بالشعور بالود اتجاه هذا الغريب عني، كان متحمسا في الحديث عن عشقه للشعر وبهذا استنتجت أنه يمتلك جانب حساس في شخصيته.
لاحظت أنه قدمني كزوجته لموظفي الفندق وفي أثناء الأكل تكلم عن خططه لزواجنا، سايرته قائلة لنفسي، قريبا سيكون هو في المستشفى يعالج وانا حرة أغادر، سهرنا ذلك المساء على خير ما يرام ثم رجعت إلى فندقي.
انطلقنا في الصباح التالي إلى عيادة متخصصة في مونتريوكس تبعد 70 ميل على الجانب الآخر لبحيرة جنيف، في الطريق فجأة طلب قذاف الدم من السائق التوقف، حدسي الأول وانا أراه يفتح الباب وينزل أنه قد قرر أن لا يذهب للعلاج.
" انزلي معي إلى الماء" قالها وهو يتمشى بضع أمتار في اتجاه البحيرة، مباشرة سحب قذاف الدم صندوق من الحقن وبدأ في رمي محتوياته إلى عمق البحيرة، " هذه علامتي لك بأني جاد".
لقد كانت إيماءة أخرى ضخمة تركت انطباع كبير في نفسي، كنت ممزقة بين ولائي للقذافي وضميري الذي يخبرني أنه ليس من العدل أن اخدع هذا الرجل وأن اسمح له بالتفكير بأنني سأكون زوجته القادمة.
بالكاد وصلنا للعيادة حتى سُمح بدخول قذاف الدم قبل أن يطلب الطبيب الحديث معي " انت مهمة جدا لمريضي، لقد قالها بكل وضوح أنه جاء للعلاج فقط ليرضيك" وأضاف " يجب أن تكوني هنا كل الوقت من أجله لأنها ستكون فترة صعبة".
هذا ما كنت لا ارغب في سماعه، كنت أتوقع أن أبقى بضعة أيام في سويسرا للاطمئنان على دخول قذاف الدم بسلام إلى العيادة ثم ارجع إلى بيتي في لندن.
سقط قلبي مني عندما أخبرني الطبيب بأن الأمر قد يستغرق من شهرين إلى ثلاثة لاستكمال العلاج ولكن شعرت أن ليس ثمة خيار أمامي، شرطي الوحيد الذي وافق عليه العقيد، أن تبقى نعيمة معي.
تلت ذلك فترة شاقة كنا نزور فيها العيادة كل يوم، لا اعرف نوعية الدواء الذي أُعطي لقذاف الدم، لكن بدأ يشبه الجثمان، لقد عانى من عوارض سيئة للانسحاب من الإدمان جعلته ضعيف ومشوش، كرهت أن أراه يعاني على هذا النحو، لكن قلت في نفسي هذا أفضل لشفائه لاحقا، جعلني قذاف الدم أشعر بالذنب أكثر عندما قبض على معصمي ذات يوم وقال: انظري إلى الألم الذي أنا فيه، كل هذا لأجلك، بلغت شدة الألم أنه مد يده إلى إطار السرير وهوى على القضبان المعدنية بالقطع.
كانت العيادة غالية جدا ومشهورة بنزلائها من الشخصيات المرموقة والمشاهير ولكنها بيئة غير مريحة لشخص من خارج المجموعة مثلي، كان هناك مرضى يصرخون فوجدت المكان مزعج مثير للتوتر.
بعد حوالي شهر كان الأطباء سعداء بأنه بدا بالتشافي، بدا طبيعيا فصرنا معا نقضي المساءات المشمسة في حديقة العيادة.
عرض زواج غريب جدا ﴿6﴾
مازال مقتنعا بأننا سنتزوج حالا، قال لي” إن لم أتزوجك فلن تكن أخرى غيرك".
بالرغم من هذا، شعرت أن أيامي في سويسرا تسحب إلى نهايتها خاصة بعد أن زاد التوتر بيني وبين شقيق قذاف الدم الذي كان يعاملني وكأني فرد من موظفيه، لم يعلم أحمد بالاتفاق بيني وبين القذافي واعتقد أنني كنت انوي الزواج من أخيه سيد، لقد أظهر عدم الاحترام الذي عاملني به أنه يرفض هذا الزواج، كما أني اعتقد أيضا بوجود غيرة سياسية اتجاه أخيه، ربما يلاءم أحمد أن لا يتحسن وضع سيد لكون الأخير كان مفضلا عند القذافي، على عكس السيد كان الأخ الآخر يحمل شبه عائلي كبير بالقذافي وجدته مثير للتوتر، واعلم أن أحمد كان متورط بشراء السلاح إلى ليبيا.
لم يتحسن مزاجي الكئيب بمغادرة نعيمة التي تم استدعاؤها إلى ليبيا "، يكفي من كل هذا" قلت لنفسي.
بالسر حجزت تذاكر إلى لندن وهربت، ليس من طبيعتي أن أتصرف هكذا بالإضافة إلى المخاطرة بإزعاج القذافي، لكنني لم اعد أتحمل الأجواء في سويسرا وإذا حصلت مواجهة مع القذافي سأقول أني قمت بأكثر مما ينبغي ببقائي مدة أكثر من المتفق عليها و أن قذاف الدم صار في وضع ملائم للخروج من العيادة.
آخر تصرف لي في سويسرا كان كتابة رسالة إلى قذاف الدم شرحت فيها كل شئ بما في ذلك اتفاقي مع العقيد ومشاكلي مع شقيقه، ”انا آسفة فعلت هذا من أجل شفاءك، سامحني"، في طريقي إلى مطار جنيف، قمت بالانعطاف، وسلمت الرسالة إلى أحد أطباءه.
أؤمن بأن سيد قذاف الدم عشقني بصدق، وربما أكثر من اللازم، وبالرغم من أن هذه المشاعر القوية لم تكن متبادلة من طرفي، فقد زادت مودتي وتعاطفي الكبير مع محنته.
سمعت لاحقا أنه تقدم بالاستقالة من عمله في الجيش حتى يتمكن من الزواج مني، لدواع أمنية كان ممنوع على أفراد القوات المسلحة الليبية الزواج من الأجانب، أعتقد أن هذا يظهره كرجل حقيقي صاحب مبادئ، ولن أقول كلمة سيئة عنه، ربما لو التقينا في ظروف مختلفة لتزوجته، لكن بهذه الطريقة لن يحصل هذا أبدا، وفي كل الأحوال أعتقد أن القذافي لم يكن ليسمح به.
في طريق عودتي إلى لندن، جاهدت على أن أتجاهل ما حصل في سويسرا، دعوت أن لا ينتكس قذاف الدم بسبب هروبي عنه، كنت في غاية القلق أن لا يكون قد الحق بسببي ضررا لنفسه، اتصلت بكل من اعرف في ليبيا استقي المعلومات.
وأخيرا، بعد أسبوعين، سمعت أنه بحالة جيدة وأنه عاد إلى ليبيا من سويسرا وكأنه اصغر من عمره بعشر سنوات، أحسست بالراحة من الشعور بالذنب.
بأمر من القذافي وبحسن نوايا لم أكن صادقة مع قذاف الدم، أرجو أن يفهم السبب.
بعدها بخمس سنوات حصل وأن صادفته في ليبيا، كان مؤدبا بشكل رائع ولم نتناقش فيما حصل بيننا ولم يتم إعادة فتح موضوع الزواج، أنا سعيدة بالقول إنه لم يصبح أبدا عدوي، لم يتزوج مرة أخرى.
-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~
dude333- مشرف المنتدى السياسي
-
عدد المشاركات : 5593
العمر : 55
رقم العضوية : 9508
قوة التقييم : 36
تاريخ التسجيل : 11/01/2012
مواضيع مماثلة
» كتاب دعد شربل العقيد و انا الفصل الخامس عشر
» كتاب دعد شربل العقيد و انا الفصل السادس عشر
» كتاب دعد شربل العقيد و انا الفصل الاول
» كتاب دعد شربل العقيد و انا الفصل السابع عشر
» كتاب دعد شربل العقيد و انا الفصل الثانى
» كتاب دعد شربل العقيد و انا الفصل السادس عشر
» كتاب دعد شربل العقيد و انا الفصل الاول
» كتاب دعد شربل العقيد و انا الفصل السابع عشر
» كتاب دعد شربل العقيد و انا الفصل الثانى
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
أمس في 8:56 am من طرف STAR
» مخمورا حافي القدمين يجوب الشوارع.. لماذا ترك أدريانو الرفاهية والنجومية في أوروبا وعاد إلى
أمس في 8:42 am من طرف STAR
» نصائح يجب اتباعها منعا للحوادث عند تعطل فرامل السيارة بشكل مفاجئ
أمس في 8:37 am من طرف STAR
» طريقة اعداد معكرونة باللبن
أمس في 8:36 am من طرف STAR
» الصلاة علي رسول الله+الاستغفار+ذكر الشهادة+كفارة المجلس
أمس في 8:34 am من طرف STAR
» مشاركة شعرية
2024-11-04, 12:28 pm من طرف محمد0
» لو نسيت الباسورد.. 5 طرق لفتح هاتف أندرويد مقفل بدون فقدان البيانات
2024-11-03, 9:24 am من طرف STAR
» عواقب صحية خطيرة للجلوس الطويل
2024-11-03, 9:23 am من طرف STAR
» صلاح يقترب من هالاند.. ترتيب قائمة هدافي الدوري الإنجليزي
2024-11-03, 9:23 am من طرف STAR
» زلزال يضرب شرق طهران وسط تحذيرات للسكان
2024-11-03, 9:22 am من طرف STAR
» أحدث إصدار.. ماذا تقدم هيونداي اينيشم 2026 الرياضية ؟
2024-11-03, 9:21 am من طرف STAR
» بانكوك وجهة سياحية تايلاندية تجمع بين الثقافة والترفيه
2024-11-03, 9:21 am من طرف STAR
» مناسبة للأجواء الشتوية.. طريقة عمل كعكة التفاح والقرفة
2024-11-03, 9:20 am من طرف STAR
» صلى عليك الله
2024-10-30, 12:39 pm من طرف dude333
» 5 جزر خالية من السيارات
2024-10-26, 9:02 am من طرف STAR