إعلانات المنتدي
المواضيع الأخيرة
بحـث
كتاب المرض والسلطة الجزء الحادي عشر 11
2 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
كتاب المرض والسلطة الجزء الحادي عشر 11
المرض والسلطة 11
كنيدي عولج بالمهدئات عند طبيب سُحبت رخصته
في حدود شهر مايو 1961 استأنف كيندي علاجه مع الدكتور ماكس جاكوبسون الذي كان يراجعه خلال الحملة الانتخابية، ولم يكن جاكوبسون طبيباً عادياً، بل بنى سمعته من معالجة المشاهير والاثرياء في عيادته في مدينة نيويورك، فمن كانوا يسعون إلى تقوية قدراتهم الجنسية وتجديد شبابهم.
واشارت التقارير إلى ان رخصته لممارسة الطب سُحبت في عام 1975 بسبب ادلة عن حقن مرضاه بأدوية محظورة. وخاصة الأدوية المهدئة، ولم يكشف النقاب عن ان الرئيس كيندي كان يتداوى عند جاكوبسون سوى في عام 1972، حتى نشرت صحيفة نيويورك تايمز تقريراً بهذا الشأن.
وعلى الرغم من نفي مؤيدي كينيدي، نَسُر روبرت واليك سيرة ذاتية للرئيس عام 2003، بعد ان سمحت له لجنة أمناء مكتبة كيندي بالاطلاع على سجلات طبية كانت سرية قبل ذلك، ويؤكد داليك في كتابه ان كيندي حصل على المهدئات من الدكتور جاكوبسون.
الرئيس مرتاح لعضلاته
وورد في مذكرات جاكوبسون غير المنشورة، فصل عن حالة كيندي الصحية، فقد كان جاكوبسون رائداً في علاج الاجهاد والتوتر، وبعد أول زيارة لكيندي إلى عيادته في شهر سبتمبر 1960، نقل الطبيب عن الرئيس قوله ان ضعف عضلاته قد اختفى تماماً وانه يشعر بالارتياح والنشاط، ولم يتحدث جاكوبسون عن الدواء الذي وصفه لمريضه ولكن على الارجح انه حقنه بالمهدئات التي يستخدمها عادة مع مرضاه، ولا سيما المركب الذي يعدّه بنفسه ويدعي XAM وهو عبارة عن مزيج من المهدئات والسيترويد.. ولم يذكر جاكوبسون انه اعطى أية أدوية ليحقنها كيندي لنفسه بنفسه، مع ان هذه كانت ممارسة عادية بالنسبة له.
«اف بي اي» تعثر على أدوية
زار الرئيس كيندي كندا خلال الفترة من 16 ــ 18 مايو 61 والحق ضرراً كبيراً بظهره حتى شارك في الحفر لزراعة شجرة ولم تذكر ترافيل شيئاً عن ألم ظهره، واكتفت بملاحظة كونه «متعب»، وقد يكون الرئيس قد تلقى علاجات وأدوية لم يتم تثبيتها رسميا في المذكرات أو ربما فقدت التقارير التي تتضمن هذه العلاجات.
ويقول د. جاكوبسون انه عالج زوجة الرئيس ايضاً ثم الرئيس الذي كان يعاني من آلام مبرحة في الظهر نتيجة مشاركته في زراعة الاشجار أثناء زيارته لكندا، وقد هدف العلاج إلى تخفيف آلام الظهر واعطاء الرئيس مزيداً من القوة للتأقلم مع الاجهاد، الأمر الذي تطلب حقنه بالمهدئات والسيرويد ويشاع ان «اف. ب. اي» عثر على خمس زجاجات من الأدوية في البيت الأبيض وبعد تحليلها تبين احتواؤها على تركيبات من المهدئات والستيرويد.
وبعد العلاج في مايو 1961 امكن الرئيس المشي وزعم جاكوبسون ان الرئيس ابلغه انه يشعر بتحسن كبير وانه طلب منه ان يرافقه في جولته الاوروبية في الاسبوع التالي، وتشير التقارير ان جاكوبسون لم يعالج أو يعط أدوية لكيندي خلال ازمة خليج الخنازير، لكنه ربما فعل ذلك خلال الفترة التي سبقت لقاء القمة بين كيندي وخروتشوف أو اثناء القمة ــ أي بعد اكثر من اسبوعين على اندلاع الأزمة.
ولم ينشق جاكوبسون لدىاعطاء مثل هذه الأدوية للرئيس، مع أي من اطبائه الاخرين، بل لم يرد أي ذكر لجاكوبسون أو ادويتة، في الملاحظات الطبية لترافيل.
قلق شديد
ومع حلول صيف 1962 كان روبرت كنيدي يشعر بقلق شديد حيال علاقة جاكوبسون بشقيقه الرئيس وطلب من «اف. بي. أي» تحليل محتوى الادوية التي كان يعطيها له، وسمحوا بعد تحليلها، بمواصلة العلاج الذي استمر حتى خريف 1962 على الاقل، وكان جاكوبسون يعطيه المهدئات والستيرون بشكل منتظم، بما في ذلك اثناء مرافقته في جولته الاوروبية الى باريس وفيينا ولندن، وكان ذلك يثير حفيظة اطباء البيت الابيض، بخاصة اعطاؤه مثل هذه الادوية عشية اجتماع مهم كان مقررا مع خروتشوف في الثالث من يونيو في فيينا.
وقد تجاهل كنيدي الانتقادات للعلاج الذي كان يحقنه به جاكوبسون.
السؤال المهم
ولكن السؤال المهم الذي يطرح نفسه هو هل نجح هذا العلاج؟
كل الادلة تشير الى ان تأثيرات حقن المهدئات والستيرون كانت مدمرة لآراء الرئيس كنيدي اثناء القمة مع خروتشوف، ولم يكن هناك طبيب واحد يشرف على صحة كنيدي، والزعم بأن الرئيس كان مغرما بالاطباء أكثر من غرامه بالنساء، وبما يكون صحيحا.
ويزعم جاكوبسون انه حين رأى جاكلين كنيدي صبيحة يوم 24 مايو، أرته زجاجة تحتوي على دواء ديميرول الذي يشبه المورفين، الذي وجدته في حمّام الرئيس، ويعتقد أن الرئيس كان يحقن نفسه بنفسه به، وأبدى جاكوبسون معارضته لتناول الرئيس هذا الدواء، ولا أحد يعرف مدى ادمان الرئيس على دواء ديميرول، أو مجموعة الادوية التي كان يتعاطاها.
وكان الرئيس قد طلب اعطاءه جرعة المهدئات لآلام الظهر قبيل اجتماعه المنتظر بالزعيم السوفيتي نيكليتا خروتشوف، بطلب من الرئيس الذي خشي ان تفاجئه الآلام أثناء الاجتماع الذي كان يقدّر له ان يستمر لأربع ساعات، وطلب كنيدي من جاكوبسون تكرار «علاج فيينا» لدى حضوره حفلا موسيقيا في البيت الابيض في نوفمبر 1961.
وبعد انتهاء اجتماع القمة مع خروتشوف، غادر كنيدي والوفد المرافق فيينا، متوجها الى لندن للاجتماع برئيس الوزراء هارولد ماكميلان، ويقول جاكوبسون انه اعطى الرئيس جرعة من العلاج عشية اللقاء، وذلك في منزل زوج شقيقة جاكي كنيدي، الامير ستانسلو رادزويل، ويزعم ايضا، انه رأى الرئيس في اليوم التالي واصطحبه بطائرة الرئاسة في طريق العودة إلى واشنطن، وانه حقنه بالعلاج على متن الطائرة.
كيف تتصرف من دون نساء؟!
وفي أول لقاء عمل في الخامس من يوينو، كان واضحا لماكميلان ان كنيدي يعاني من آلام الظهر والتوتر والاجهاد، فقطع الاجتماع واصطحبه الى غرفته الخاصة ليتبادلا احاديث غير رسمية لوحدهما من دون وجود احد، وظلا معا يتناولان الساندويشات والويسكي من الساعة 11،30 صباحا وحتى الثالثة بعد منتصف الليل، وأبلغ كنيدي مضيفه كم فوجئ بفظاظة صراحة الزعيم السوفيتي.
لقد نجح كنيدي بإقامة علاقة متنية مع ماكميلان على الرغم من اختلاف السن وخلافهما في المواقف حول العديد من القضايا التي ليس اقلها المرأة، وسأل كنيدي ماكميلان ذات يوم «لا أعرف كيف نتصرف من دون نساء، فأنا أصاب بالصداع الشديد، اذا مرت ثلاثة أيام علي بلا نساء».
واعلن خروتشوف بطريقته الوحشية العدوانية، ذات يوم، ان «برلين كانت أشبه بالخصي بالنسبة للغرب، فكلما ارادت الغرب أن يصرخ أضغط عليها»! ولكن الارشيف اثبت الآن ان خروتشوف لم يكن يرغب بالحروب، بل بالاستقرار لاوروبا واعترافاً بألمانيا الشرقية من الغرب»
وربما كانت قمة كنيدي - خروتشوف في فيينا نقطة تحول بالنسبة للرئيس الاميركي، فبعد ازمة خليج الخنازير كان كنيدي يلوم الآخرين، لكن بعد مقابلته خروتشوف، ادرك أن الخطأ خطأه هو وليس احداً غيره.
وقد وجد كنيدي سلوى في اقتباس من ابراهام لينكولن يقول: «اعرف ان هناك إلهاً وارى العاصفة مقبلة فاذا ترك لي مكاناً فاني اعتقد انني مستعد لمواجهتها».
ومع ذلك، فلم يكن كنيدي على استعداد لمواجهة اي عاصفة تأتيه في صيف 1961 لا من الناحية الذهنية ولا الجسدية. لقد اصبح معتمداً على حقن الدكتور جاكوبسون من المهدئات.
إدمان المهدئات
واعترف البيت الابيض بشدة آلام الظهر عند الرئيس، حين اعلن في الثامن من يونيو ان الرئيس سيتوجه الى بالم بيتش (فلوريدا) للراحة والاستجمام، لكنه لم يذكر شيئاً عند العلاج الذي يتعاطاه. ولم يمارس الرئيس أي نشاط رسمي حتى يوم 12 يونيو. وفي السادس عشر من يونيو حين عاد الرئيس الى البيت الابيض، لم يكن قادراً على صعود الدرج، وتم رفعه الى المكتب البيضاوي بواسطة رافعة تستخدم لإصلاح محركات الطائرة.
احتقان في الحلق
وفي العشرين من يونيو عانى الرئيس من احتقان في الحلق، وفي الثاني والعشرين من يونيو وصفت ترافيل الرئيس بأنه شهد أسوأ ايام الرئيس الصحية في البيت الابيض حيث ارتفعت درجة حرارته كثيراً، واعطي جرعات كبيرة من البنسلين واضطر الى أخذ حمّام بالماء البارد.
ألم ونعاس
وفي اغسطس 1961 تذمر كنيدي من انه يشعر بــ «الألم» و«النعاس»، وقد حقنته ترافيل بمزيد من دواء بروكين وصلت احيانا الى 5 او 6 مرات يومياً، اضافة الى المهدئات التي كان يحقنه بها جاكوبسون. ويزعم جاكوبسون انه مكث في ماساشوستس يوم 28 اغسطس حين طلب منه الالتحاق بالرئيس الذي كان في مدينة هايانيس، والذي قال انه وجده غاضباً ومنفعلاً قبل ان يقدم له العلاج. واضاف انه استدعي الى البيت الابيض ثانية يومي 18 و 19 سبتمبر ثم لمعالجة الرئيس في نيويورك في الخامس والعشرين من سبتمبر من التهاب في الحلق قبيل خطاب كان من المقرر ان يلقيه في الامم المتحدة.
حالة خطيرة
وفي خريف 1961 أصبحت حالة ظهره الصحية خطيرة لدرجة شعر فيها طبيبه من سلاح البحرية جورج بيركلي انه قد يصبح قريبا، عاجزا عن المشي وينتهي به الأمر إلى الكرسي المتحرك. وقد تم ابقاء الرئيس بمنأى عن الصحافة.
وقد أعطى بيركلي وكوهين لترافيل مهلة نهائية: إذا لم تستدع للرئيس الدكتور هانس كراوس المختص بأمراض الظهر لفحص الرئيس، فإنهما سوف يتحدثان إلى الرئيس مباشرة، وشعر كل من بيركلي وكوهين أن حالة الرئيس الصحية تتدهور بسرعة فخشيا أن يكون الرئيس متجها إلى حياة ذات نشاط محدود أو الاعتماد الكلي على الأدوية.
..إلا الصحافة!
وحاولت ترافيل عرقلة استدعاء كراوس في بادئ الأمر، وتسلحت بمعرفتها بعدم رغبة الرئيس في السماح لمزيد من الأطباء بدخول البيت الأبيض، مما قد يثير انتباه الصحافة، ولكن الأهم من ذلك، خشيت ترافيل أن يكون قدوم كراوس المختص في مجالها، مقدمة لإبعادها. لكنها فشلت في مساعي العرقلة، وتم استدعاء كراوس في السابع عشر من أكتوبر ومنذ تلك اللحظة بدأ نفوذ ترافيل بالاضمحلال، وحل بيركلي محلها فعليا كطبيب خاص للرئيس في فريق عام 1961، على الرغم من عدم الاعلان عن ذلك إلا في وقت لاحق من العام، لكن ترافيل ظلت في البيت الأبيض كأحد أفراد الطاقم الطبي للرئيس.
وما كان ينقص علاج الرئيس كنيدي في أكتوبر 1961 هو أن يصبح أكثر رشدا وأكثر انضباطا، وكان من الضروري، قبل كل شيء، تعديل وضبط علاجه المتعدد المصادر. وبالفعل، فقد بدأ الرئيس كورسا لعلاج الظهر في أكتوبر 61، أي قبل عام واحد من اندلاع أزمة الصواريخ الكوبية، وقد حقق هذا الكورس نجاحا جزئيا فحسب.
عضلات ضعيفة
وأنه لأمر مثير أن نتتبع الخطوات الفعلية التي بدأ بعض أطباء كنيدي في اتخاذها في النصف الثاني من عام 1961 من أجل السيطرة على علاج آلام ظهر الرئيس وتحسين هذا العلاج في وقت يصارع فيه أزمة الصواريخ الكوبية، وفي السابع عشر من أكتوبر، فحص هانس كلاوس الرئيس كنيدي فتبين له ان عضلات الظهر ضعيفة، إضافة إلى ضعف عضلات القدمين.
شبح الشلل
وابلغ كراوس الرئيس بأنه قد يجد نفسه مشلولا تماما إذا لم يبدأ على الفور بممارسة التمارين الرياضية ولمدة خمسة أيام أسبوعيا، وكان كنيدي يخشى أن تبدأ الصحافة بالكتابة حول صحته مع دخول طبيب جديد إلى البيت الأبيض، وتم الاتفاق على الاعلان بأن انضمام كراوس إلى البيت الأبيض من أجل الاشراف على التمارين الرياضية المنتظمة للرئيس.
ولمنع المتطفلين الذين حاولوا الوصول إلى مكتب كراوس، بدأ البيت الأبيض باتخاذ إجراءات حماية من بينها تأمين سرية المكالمات التي يجريها الطبيب، وكانت شكوك البيت الأبيض تنصب على «إف.بي.آي» الذي كان يحاول التعرف على أسرار صحة الرئيس كنيدي.
وقد زار كراوس البيت الابيض 33 مرة خلال الاربعين اسبوعاً الواقعة بين 17 اكتوبر و24 يناير 1962. وكان كراوس يحاول علاج آلام ظهر الرئيس بالمساج في البداية وليس بالحقن الذي كانت ترافيل تفضله. وحين بدأ كراوس استخدام الحقن، لم يستجب الرئيس للعلاج بشكل جيّد.
ولكن المساج بالماء الساخن والتمارين تعطي نتائج طيبة، ولكن في حفل اعياد الميلاد 1961 عانى الرئيس آلاماً مبرحة اثناء وجوده في بالم بيتش. وعاد الخلاف بين كراوس وترافيل للظهور الى العلن ثانية، حين حاولت ترافيل تجاهله في جلسة استشارية بين افراد طاقمه الطبي، فتحدث كراوس الى الرئيس مباشرة مهدداً بالتنحي اذا تدخلت ترافيل في العلاج بأي شكل. فابدى الرئيس موافقته. وحين حقنت ترافيل الرئيس بمادة بروكين المهدئة من دون اذن من كراوس، طار الاخير الى الرئيس وهدّد بتقديم استقالته اذا تكرّر مثل هذا الامر، فوعده الرئيس بألا يتكرّر.
أفضل شهر
وبدأت صحة كنيدي بالتحسن الفعلي، مع حلول يناير 1962، ومرّ على الرئيس هذا الشهر كأفضل شهر له منذ عام كامل. وفي نهاية فبراير، قال كراوس وكوهين ان ذلك الشهر في الواقع كان افضل شهر للرئيس منذ دخوله البيت الابيض. وفي ابريل، وصفا حالته الصحية بـ «الممتازة». وفي مارس 1962 فحص جراح العظام د. ويد وكراوس الرئيس وكانت النتائج ايجابية.
ومع حلول شهر مايو 1962، كان كل ما كان يجب فعله للسيطرة على علاج الرئيس، هو التخلص من ماكس جاكوبسون.
ففي نوفمبر 1961، كان كوهين هو الذي كتب للرئيس محذراً اياه بشكل خاص، من حقن المهدئات التي كان يعطيه اياها جاكوبسون. لكن كنيدي تجاهل ذلك، فقد اظهرت سجلات البيت الابيض ان جاكوبسون زار الرئيس اكثر من 34 مرة حتى يونيو 1962 حين توقفت زياراته. ومع ذلك، تواصلت علاجات جاكوبسون للرئيس خارج البيت الابيض لعدة اشهر اخرى. ويزعم جاكوبسون انه كان يرى الرئيس بشكل منتظم اثناء ازمة الصواريخ الكوبية. ونحن نعرف ايضاً ان كراوس حذر من خطورة الحقن التي كان جاكوبسون يعطيها للرئيس كنيدي.
وكل هذا يشير الى ان جاكوبسون كان ما زال يشرف على علاج الرئيس اثناء ازمة الصواريخ الكوبية، لكن بدرجة اقل مما كان يزعم، والسؤال الذي لم يجد اجابة عنه هو كم عدد الجرعات من المهدئات والسيترويد التي كان يعطيها للرئيس. ان أحدا لا يعرف الإجابة على وجه الدقة.
ويبدو أن الرئيس كنيدي استجاب، بشكل أو بآخر، لتحذيرات كراوس.
حسن حظ
ومع ذلك، استمرت لقاءات كنيدي مع جاكوبسون حتى عام 1963 وان كانت الجرعات من المهدئات التي كان يتعاطاها اقل من ذي قبل. فقد نشرت صور التقطها المصور الخاص للرئيس تظهر جاكوبسون الى جانبه في بالم بيتش بولاية فلوريدا في فبراير 1963. ويزعم جاكوبسون انه رأى الرئيس في يوليو 1963. ثم في الثالث من نوفمبر 63 لكنه لم يذكر ان كان حقن الرئيس بالمهدئات خلال هذين اللقاءين، وربما أصبح الرئيس يأخذ هذه الحقن اذا اشتد به الألم فقط.
ومن حسن حظ الرئيس كنيدي ان ألم ظهره تحسن كثيرا لدى اندلاع أزمة الصواريخ الكوبية في السادس عشر من أكتوبر 1962، وكان مستعداً لمواجهة التحدي. ولحسن الحظ ان آلام ظهر الرئيس توقفت اثناء أزمة الصواريخ الكوبية ولكن مشكلاته الصحية الأخرى لم تنته، فقد كان يتعاطى الأدوية المهدئة كالمعتاد وكذلك ادوية المسالك البولية وأدوية مرض اديسون، بل وزاد جرعات الدواء ابتداء من العاشر من نوفمبر بناء على نصيحة الأطباء واستدعى الأمر تغيير بعض الأدوية التي كانت تسبب الحساسية للرئيس. ومهما يكن الدواء الذي أخذه او لم يأخذه من الدكتور جاكوبسون،فان اداء الرئيس في ازمة الصواريخ الكوبية كان افضل بكثير منه في اجتماع القمة مع خروتشوف في فيينا. وافضل من القرارات التي اتخذها في أزمة خليج الخنازير. فقد اتسمت مواقفه وقراراته بالحذر والشدة، ولكن من دون تهور او تطرف.
وعلى الرغم من تبرئة كنيدي من التهور في الشأن السياسي فإن من الصعب أن تفعل ذلك في القضايا المتعلقة بأموره الشخصية، لا سيما تعاطي حبوب النشوة وعلاقاته النسائية، والعلاقات النسائية لا تشكل طعنا في أهلية الرئيس في الولايات المتحدة ولا ممارسة الكذب بشأنها، كما أوضحت محكمة الرئيس بيل كلينتون أمام الكونغرس في نهاية التسعينات. ولا يمكن تجاهل تهور كنيدي في علاقاته النسائية مع امرأتين على وجه التحديد وهما مارلين مونرو وجوديث كامبل، التي كان يعرف كنيدي انها صديقة زعيم المافيا الشهير سام غيانكانا، الأمر الذي اعتبره البعض خطأ سياسيا فادحا. فقد كانت إدارة كنيدي تعلن تصميمها على القضاء على الجريمة المنظمة، وحدث أن حذره مدير «أف. بي. أي» ادغار هوفر من علاقته بكامبل، لكنه لم يوقف علاقته بها حتى اغسطس 1962.
وفي يوليو 63، حاول مدير «أف. بي. اي» ثانية ثني الرئيس عن الاستمرار في علاقته مع إلين رومستيش التي نشأت في المانيا الشرقية وكانت تحوم حولها الشكوك في كونها جاسوسة، فقد زارت رومسيتش البيت الأبيض عدة مرات وحضرت حفلات عري في المسبح ومارست الجنس مع كنيدي. وكان كنيدي تعرف عليها عن طريق بوبي بيكر المعروف باحضار النساء لأعضاء الكونغرس. وقد أثارت علاقة كنيدي بكل من كامبل ورومسيتش التساؤلات ليس حول علاقات كنيدي النسائية فقط، بل حول تعريضه الأمن القومي للخطر، وقد شكا هوفر لروبرت كنيدي بشأن علاقة شقيقه مع رومسيتش ورتّبا لإبعادها عن البلاد في 21 أغسطس الى المانيا الغربية. ونفى هوفر انها كانت جاسوسة أو انها زارت البيت الأبيض، في كذب بائن من أجل ممالأة كنيدي حتى يبقى في منصبه.
والسؤال المطروح دائماً هو: إلى أي مدى كانت مغامرات كنيدي النسائية عائدة الى جنوح نحو التهور في شخصيته أو إلى الأدوية كالتستسترون والستيرون أو الأدوية المهدئة؟
الإجابة ربما تكون مزيجا من كل ذلك.
كنيدي عولج بالمهدئات عند طبيب سُحبت رخصته
في حدود شهر مايو 1961 استأنف كيندي علاجه مع الدكتور ماكس جاكوبسون الذي كان يراجعه خلال الحملة الانتخابية، ولم يكن جاكوبسون طبيباً عادياً، بل بنى سمعته من معالجة المشاهير والاثرياء في عيادته في مدينة نيويورك، فمن كانوا يسعون إلى تقوية قدراتهم الجنسية وتجديد شبابهم.
واشارت التقارير إلى ان رخصته لممارسة الطب سُحبت في عام 1975 بسبب ادلة عن حقن مرضاه بأدوية محظورة. وخاصة الأدوية المهدئة، ولم يكشف النقاب عن ان الرئيس كيندي كان يتداوى عند جاكوبسون سوى في عام 1972، حتى نشرت صحيفة نيويورك تايمز تقريراً بهذا الشأن.
وعلى الرغم من نفي مؤيدي كينيدي، نَسُر روبرت واليك سيرة ذاتية للرئيس عام 2003، بعد ان سمحت له لجنة أمناء مكتبة كيندي بالاطلاع على سجلات طبية كانت سرية قبل ذلك، ويؤكد داليك في كتابه ان كيندي حصل على المهدئات من الدكتور جاكوبسون.
الرئيس مرتاح لعضلاته
وورد في مذكرات جاكوبسون غير المنشورة، فصل عن حالة كيندي الصحية، فقد كان جاكوبسون رائداً في علاج الاجهاد والتوتر، وبعد أول زيارة لكيندي إلى عيادته في شهر سبتمبر 1960، نقل الطبيب عن الرئيس قوله ان ضعف عضلاته قد اختفى تماماً وانه يشعر بالارتياح والنشاط، ولم يتحدث جاكوبسون عن الدواء الذي وصفه لمريضه ولكن على الارجح انه حقنه بالمهدئات التي يستخدمها عادة مع مرضاه، ولا سيما المركب الذي يعدّه بنفسه ويدعي XAM وهو عبارة عن مزيج من المهدئات والسيترويد.. ولم يذكر جاكوبسون انه اعطى أية أدوية ليحقنها كيندي لنفسه بنفسه، مع ان هذه كانت ممارسة عادية بالنسبة له.
«اف بي اي» تعثر على أدوية
زار الرئيس كيندي كندا خلال الفترة من 16 ــ 18 مايو 61 والحق ضرراً كبيراً بظهره حتى شارك في الحفر لزراعة شجرة ولم تذكر ترافيل شيئاً عن ألم ظهره، واكتفت بملاحظة كونه «متعب»، وقد يكون الرئيس قد تلقى علاجات وأدوية لم يتم تثبيتها رسميا في المذكرات أو ربما فقدت التقارير التي تتضمن هذه العلاجات.
ويقول د. جاكوبسون انه عالج زوجة الرئيس ايضاً ثم الرئيس الذي كان يعاني من آلام مبرحة في الظهر نتيجة مشاركته في زراعة الاشجار أثناء زيارته لكندا، وقد هدف العلاج إلى تخفيف آلام الظهر واعطاء الرئيس مزيداً من القوة للتأقلم مع الاجهاد، الأمر الذي تطلب حقنه بالمهدئات والسيرويد ويشاع ان «اف. ب. اي» عثر على خمس زجاجات من الأدوية في البيت الأبيض وبعد تحليلها تبين احتواؤها على تركيبات من المهدئات والستيرويد.
وبعد العلاج في مايو 1961 امكن الرئيس المشي وزعم جاكوبسون ان الرئيس ابلغه انه يشعر بتحسن كبير وانه طلب منه ان يرافقه في جولته الاوروبية في الاسبوع التالي، وتشير التقارير ان جاكوبسون لم يعالج أو يعط أدوية لكيندي خلال ازمة خليج الخنازير، لكنه ربما فعل ذلك خلال الفترة التي سبقت لقاء القمة بين كيندي وخروتشوف أو اثناء القمة ــ أي بعد اكثر من اسبوعين على اندلاع الأزمة.
ولم ينشق جاكوبسون لدىاعطاء مثل هذه الأدوية للرئيس، مع أي من اطبائه الاخرين، بل لم يرد أي ذكر لجاكوبسون أو ادويتة، في الملاحظات الطبية لترافيل.
قلق شديد
ومع حلول صيف 1962 كان روبرت كنيدي يشعر بقلق شديد حيال علاقة جاكوبسون بشقيقه الرئيس وطلب من «اف. بي. أي» تحليل محتوى الادوية التي كان يعطيها له، وسمحوا بعد تحليلها، بمواصلة العلاج الذي استمر حتى خريف 1962 على الاقل، وكان جاكوبسون يعطيه المهدئات والستيرون بشكل منتظم، بما في ذلك اثناء مرافقته في جولته الاوروبية الى باريس وفيينا ولندن، وكان ذلك يثير حفيظة اطباء البيت الابيض، بخاصة اعطاؤه مثل هذه الادوية عشية اجتماع مهم كان مقررا مع خروتشوف في الثالث من يونيو في فيينا.
وقد تجاهل كنيدي الانتقادات للعلاج الذي كان يحقنه به جاكوبسون.
السؤال المهم
ولكن السؤال المهم الذي يطرح نفسه هو هل نجح هذا العلاج؟
كل الادلة تشير الى ان تأثيرات حقن المهدئات والستيرون كانت مدمرة لآراء الرئيس كنيدي اثناء القمة مع خروتشوف، ولم يكن هناك طبيب واحد يشرف على صحة كنيدي، والزعم بأن الرئيس كان مغرما بالاطباء أكثر من غرامه بالنساء، وبما يكون صحيحا.
ويزعم جاكوبسون انه حين رأى جاكلين كنيدي صبيحة يوم 24 مايو، أرته زجاجة تحتوي على دواء ديميرول الذي يشبه المورفين، الذي وجدته في حمّام الرئيس، ويعتقد أن الرئيس كان يحقن نفسه بنفسه به، وأبدى جاكوبسون معارضته لتناول الرئيس هذا الدواء، ولا أحد يعرف مدى ادمان الرئيس على دواء ديميرول، أو مجموعة الادوية التي كان يتعاطاها.
وكان الرئيس قد طلب اعطاءه جرعة المهدئات لآلام الظهر قبيل اجتماعه المنتظر بالزعيم السوفيتي نيكليتا خروتشوف، بطلب من الرئيس الذي خشي ان تفاجئه الآلام أثناء الاجتماع الذي كان يقدّر له ان يستمر لأربع ساعات، وطلب كنيدي من جاكوبسون تكرار «علاج فيينا» لدى حضوره حفلا موسيقيا في البيت الابيض في نوفمبر 1961.
وبعد انتهاء اجتماع القمة مع خروتشوف، غادر كنيدي والوفد المرافق فيينا، متوجها الى لندن للاجتماع برئيس الوزراء هارولد ماكميلان، ويقول جاكوبسون انه اعطى الرئيس جرعة من العلاج عشية اللقاء، وذلك في منزل زوج شقيقة جاكي كنيدي، الامير ستانسلو رادزويل، ويزعم ايضا، انه رأى الرئيس في اليوم التالي واصطحبه بطائرة الرئاسة في طريق العودة إلى واشنطن، وانه حقنه بالعلاج على متن الطائرة.
كيف تتصرف من دون نساء؟!
وفي أول لقاء عمل في الخامس من يوينو، كان واضحا لماكميلان ان كنيدي يعاني من آلام الظهر والتوتر والاجهاد، فقطع الاجتماع واصطحبه الى غرفته الخاصة ليتبادلا احاديث غير رسمية لوحدهما من دون وجود احد، وظلا معا يتناولان الساندويشات والويسكي من الساعة 11،30 صباحا وحتى الثالثة بعد منتصف الليل، وأبلغ كنيدي مضيفه كم فوجئ بفظاظة صراحة الزعيم السوفيتي.
لقد نجح كنيدي بإقامة علاقة متنية مع ماكميلان على الرغم من اختلاف السن وخلافهما في المواقف حول العديد من القضايا التي ليس اقلها المرأة، وسأل كنيدي ماكميلان ذات يوم «لا أعرف كيف نتصرف من دون نساء، فأنا أصاب بالصداع الشديد، اذا مرت ثلاثة أيام علي بلا نساء».
واعلن خروتشوف بطريقته الوحشية العدوانية، ذات يوم، ان «برلين كانت أشبه بالخصي بالنسبة للغرب، فكلما ارادت الغرب أن يصرخ أضغط عليها»! ولكن الارشيف اثبت الآن ان خروتشوف لم يكن يرغب بالحروب، بل بالاستقرار لاوروبا واعترافاً بألمانيا الشرقية من الغرب»
وربما كانت قمة كنيدي - خروتشوف في فيينا نقطة تحول بالنسبة للرئيس الاميركي، فبعد ازمة خليج الخنازير كان كنيدي يلوم الآخرين، لكن بعد مقابلته خروتشوف، ادرك أن الخطأ خطأه هو وليس احداً غيره.
وقد وجد كنيدي سلوى في اقتباس من ابراهام لينكولن يقول: «اعرف ان هناك إلهاً وارى العاصفة مقبلة فاذا ترك لي مكاناً فاني اعتقد انني مستعد لمواجهتها».
ومع ذلك، فلم يكن كنيدي على استعداد لمواجهة اي عاصفة تأتيه في صيف 1961 لا من الناحية الذهنية ولا الجسدية. لقد اصبح معتمداً على حقن الدكتور جاكوبسون من المهدئات.
إدمان المهدئات
واعترف البيت الابيض بشدة آلام الظهر عند الرئيس، حين اعلن في الثامن من يونيو ان الرئيس سيتوجه الى بالم بيتش (فلوريدا) للراحة والاستجمام، لكنه لم يذكر شيئاً عند العلاج الذي يتعاطاه. ولم يمارس الرئيس أي نشاط رسمي حتى يوم 12 يونيو. وفي السادس عشر من يونيو حين عاد الرئيس الى البيت الابيض، لم يكن قادراً على صعود الدرج، وتم رفعه الى المكتب البيضاوي بواسطة رافعة تستخدم لإصلاح محركات الطائرة.
احتقان في الحلق
وفي العشرين من يونيو عانى الرئيس من احتقان في الحلق، وفي الثاني والعشرين من يونيو وصفت ترافيل الرئيس بأنه شهد أسوأ ايام الرئيس الصحية في البيت الابيض حيث ارتفعت درجة حرارته كثيراً، واعطي جرعات كبيرة من البنسلين واضطر الى أخذ حمّام بالماء البارد.
ألم ونعاس
وفي اغسطس 1961 تذمر كنيدي من انه يشعر بــ «الألم» و«النعاس»، وقد حقنته ترافيل بمزيد من دواء بروكين وصلت احيانا الى 5 او 6 مرات يومياً، اضافة الى المهدئات التي كان يحقنه بها جاكوبسون. ويزعم جاكوبسون انه مكث في ماساشوستس يوم 28 اغسطس حين طلب منه الالتحاق بالرئيس الذي كان في مدينة هايانيس، والذي قال انه وجده غاضباً ومنفعلاً قبل ان يقدم له العلاج. واضاف انه استدعي الى البيت الابيض ثانية يومي 18 و 19 سبتمبر ثم لمعالجة الرئيس في نيويورك في الخامس والعشرين من سبتمبر من التهاب في الحلق قبيل خطاب كان من المقرر ان يلقيه في الامم المتحدة.
حالة خطيرة
وفي خريف 1961 أصبحت حالة ظهره الصحية خطيرة لدرجة شعر فيها طبيبه من سلاح البحرية جورج بيركلي انه قد يصبح قريبا، عاجزا عن المشي وينتهي به الأمر إلى الكرسي المتحرك. وقد تم ابقاء الرئيس بمنأى عن الصحافة.
وقد أعطى بيركلي وكوهين لترافيل مهلة نهائية: إذا لم تستدع للرئيس الدكتور هانس كراوس المختص بأمراض الظهر لفحص الرئيس، فإنهما سوف يتحدثان إلى الرئيس مباشرة، وشعر كل من بيركلي وكوهين أن حالة الرئيس الصحية تتدهور بسرعة فخشيا أن يكون الرئيس متجها إلى حياة ذات نشاط محدود أو الاعتماد الكلي على الأدوية.
..إلا الصحافة!
وحاولت ترافيل عرقلة استدعاء كراوس في بادئ الأمر، وتسلحت بمعرفتها بعدم رغبة الرئيس في السماح لمزيد من الأطباء بدخول البيت الأبيض، مما قد يثير انتباه الصحافة، ولكن الأهم من ذلك، خشيت ترافيل أن يكون قدوم كراوس المختص في مجالها، مقدمة لإبعادها. لكنها فشلت في مساعي العرقلة، وتم استدعاء كراوس في السابع عشر من أكتوبر ومنذ تلك اللحظة بدأ نفوذ ترافيل بالاضمحلال، وحل بيركلي محلها فعليا كطبيب خاص للرئيس في فريق عام 1961، على الرغم من عدم الاعلان عن ذلك إلا في وقت لاحق من العام، لكن ترافيل ظلت في البيت الأبيض كأحد أفراد الطاقم الطبي للرئيس.
وما كان ينقص علاج الرئيس كنيدي في أكتوبر 1961 هو أن يصبح أكثر رشدا وأكثر انضباطا، وكان من الضروري، قبل كل شيء، تعديل وضبط علاجه المتعدد المصادر. وبالفعل، فقد بدأ الرئيس كورسا لعلاج الظهر في أكتوبر 61، أي قبل عام واحد من اندلاع أزمة الصواريخ الكوبية، وقد حقق هذا الكورس نجاحا جزئيا فحسب.
عضلات ضعيفة
وأنه لأمر مثير أن نتتبع الخطوات الفعلية التي بدأ بعض أطباء كنيدي في اتخاذها في النصف الثاني من عام 1961 من أجل السيطرة على علاج آلام ظهر الرئيس وتحسين هذا العلاج في وقت يصارع فيه أزمة الصواريخ الكوبية، وفي السابع عشر من أكتوبر، فحص هانس كلاوس الرئيس كنيدي فتبين له ان عضلات الظهر ضعيفة، إضافة إلى ضعف عضلات القدمين.
شبح الشلل
وابلغ كراوس الرئيس بأنه قد يجد نفسه مشلولا تماما إذا لم يبدأ على الفور بممارسة التمارين الرياضية ولمدة خمسة أيام أسبوعيا، وكان كنيدي يخشى أن تبدأ الصحافة بالكتابة حول صحته مع دخول طبيب جديد إلى البيت الأبيض، وتم الاتفاق على الاعلان بأن انضمام كراوس إلى البيت الأبيض من أجل الاشراف على التمارين الرياضية المنتظمة للرئيس.
ولمنع المتطفلين الذين حاولوا الوصول إلى مكتب كراوس، بدأ البيت الأبيض باتخاذ إجراءات حماية من بينها تأمين سرية المكالمات التي يجريها الطبيب، وكانت شكوك البيت الأبيض تنصب على «إف.بي.آي» الذي كان يحاول التعرف على أسرار صحة الرئيس كنيدي.
وقد زار كراوس البيت الابيض 33 مرة خلال الاربعين اسبوعاً الواقعة بين 17 اكتوبر و24 يناير 1962. وكان كراوس يحاول علاج آلام ظهر الرئيس بالمساج في البداية وليس بالحقن الذي كانت ترافيل تفضله. وحين بدأ كراوس استخدام الحقن، لم يستجب الرئيس للعلاج بشكل جيّد.
ولكن المساج بالماء الساخن والتمارين تعطي نتائج طيبة، ولكن في حفل اعياد الميلاد 1961 عانى الرئيس آلاماً مبرحة اثناء وجوده في بالم بيتش. وعاد الخلاف بين كراوس وترافيل للظهور الى العلن ثانية، حين حاولت ترافيل تجاهله في جلسة استشارية بين افراد طاقمه الطبي، فتحدث كراوس الى الرئيس مباشرة مهدداً بالتنحي اذا تدخلت ترافيل في العلاج بأي شكل. فابدى الرئيس موافقته. وحين حقنت ترافيل الرئيس بمادة بروكين المهدئة من دون اذن من كراوس، طار الاخير الى الرئيس وهدّد بتقديم استقالته اذا تكرّر مثل هذا الامر، فوعده الرئيس بألا يتكرّر.
أفضل شهر
وبدأت صحة كنيدي بالتحسن الفعلي، مع حلول يناير 1962، ومرّ على الرئيس هذا الشهر كأفضل شهر له منذ عام كامل. وفي نهاية فبراير، قال كراوس وكوهين ان ذلك الشهر في الواقع كان افضل شهر للرئيس منذ دخوله البيت الابيض. وفي ابريل، وصفا حالته الصحية بـ «الممتازة». وفي مارس 1962 فحص جراح العظام د. ويد وكراوس الرئيس وكانت النتائج ايجابية.
ومع حلول شهر مايو 1962، كان كل ما كان يجب فعله للسيطرة على علاج الرئيس، هو التخلص من ماكس جاكوبسون.
ففي نوفمبر 1961، كان كوهين هو الذي كتب للرئيس محذراً اياه بشكل خاص، من حقن المهدئات التي كان يعطيه اياها جاكوبسون. لكن كنيدي تجاهل ذلك، فقد اظهرت سجلات البيت الابيض ان جاكوبسون زار الرئيس اكثر من 34 مرة حتى يونيو 1962 حين توقفت زياراته. ومع ذلك، تواصلت علاجات جاكوبسون للرئيس خارج البيت الابيض لعدة اشهر اخرى. ويزعم جاكوبسون انه كان يرى الرئيس بشكل منتظم اثناء ازمة الصواريخ الكوبية. ونحن نعرف ايضاً ان كراوس حذر من خطورة الحقن التي كان جاكوبسون يعطيها للرئيس كنيدي.
وكل هذا يشير الى ان جاكوبسون كان ما زال يشرف على علاج الرئيس اثناء ازمة الصواريخ الكوبية، لكن بدرجة اقل مما كان يزعم، والسؤال الذي لم يجد اجابة عنه هو كم عدد الجرعات من المهدئات والسيترويد التي كان يعطيها للرئيس. ان أحدا لا يعرف الإجابة على وجه الدقة.
ويبدو أن الرئيس كنيدي استجاب، بشكل أو بآخر، لتحذيرات كراوس.
حسن حظ
ومع ذلك، استمرت لقاءات كنيدي مع جاكوبسون حتى عام 1963 وان كانت الجرعات من المهدئات التي كان يتعاطاها اقل من ذي قبل. فقد نشرت صور التقطها المصور الخاص للرئيس تظهر جاكوبسون الى جانبه في بالم بيتش بولاية فلوريدا في فبراير 1963. ويزعم جاكوبسون انه رأى الرئيس في يوليو 1963. ثم في الثالث من نوفمبر 63 لكنه لم يذكر ان كان حقن الرئيس بالمهدئات خلال هذين اللقاءين، وربما أصبح الرئيس يأخذ هذه الحقن اذا اشتد به الألم فقط.
ومن حسن حظ الرئيس كنيدي ان ألم ظهره تحسن كثيرا لدى اندلاع أزمة الصواريخ الكوبية في السادس عشر من أكتوبر 1962، وكان مستعداً لمواجهة التحدي. ولحسن الحظ ان آلام ظهر الرئيس توقفت اثناء أزمة الصواريخ الكوبية ولكن مشكلاته الصحية الأخرى لم تنته، فقد كان يتعاطى الأدوية المهدئة كالمعتاد وكذلك ادوية المسالك البولية وأدوية مرض اديسون، بل وزاد جرعات الدواء ابتداء من العاشر من نوفمبر بناء على نصيحة الأطباء واستدعى الأمر تغيير بعض الأدوية التي كانت تسبب الحساسية للرئيس. ومهما يكن الدواء الذي أخذه او لم يأخذه من الدكتور جاكوبسون،فان اداء الرئيس في ازمة الصواريخ الكوبية كان افضل بكثير منه في اجتماع القمة مع خروتشوف في فيينا. وافضل من القرارات التي اتخذها في أزمة خليج الخنازير. فقد اتسمت مواقفه وقراراته بالحذر والشدة، ولكن من دون تهور او تطرف.
وعلى الرغم من تبرئة كنيدي من التهور في الشأن السياسي فإن من الصعب أن تفعل ذلك في القضايا المتعلقة بأموره الشخصية، لا سيما تعاطي حبوب النشوة وعلاقاته النسائية، والعلاقات النسائية لا تشكل طعنا في أهلية الرئيس في الولايات المتحدة ولا ممارسة الكذب بشأنها، كما أوضحت محكمة الرئيس بيل كلينتون أمام الكونغرس في نهاية التسعينات. ولا يمكن تجاهل تهور كنيدي في علاقاته النسائية مع امرأتين على وجه التحديد وهما مارلين مونرو وجوديث كامبل، التي كان يعرف كنيدي انها صديقة زعيم المافيا الشهير سام غيانكانا، الأمر الذي اعتبره البعض خطأ سياسيا فادحا. فقد كانت إدارة كنيدي تعلن تصميمها على القضاء على الجريمة المنظمة، وحدث أن حذره مدير «أف. بي. أي» ادغار هوفر من علاقته بكامبل، لكنه لم يوقف علاقته بها حتى اغسطس 1962.
وفي يوليو 63، حاول مدير «أف. بي. اي» ثانية ثني الرئيس عن الاستمرار في علاقته مع إلين رومستيش التي نشأت في المانيا الشرقية وكانت تحوم حولها الشكوك في كونها جاسوسة، فقد زارت رومسيتش البيت الأبيض عدة مرات وحضرت حفلات عري في المسبح ومارست الجنس مع كنيدي. وكان كنيدي تعرف عليها عن طريق بوبي بيكر المعروف باحضار النساء لأعضاء الكونغرس. وقد أثارت علاقة كنيدي بكل من كامبل ورومسيتش التساؤلات ليس حول علاقات كنيدي النسائية فقط، بل حول تعريضه الأمن القومي للخطر، وقد شكا هوفر لروبرت كنيدي بشأن علاقة شقيقه مع رومسيتش ورتّبا لإبعادها عن البلاد في 21 أغسطس الى المانيا الغربية. ونفى هوفر انها كانت جاسوسة أو انها زارت البيت الأبيض، في كذب بائن من أجل ممالأة كنيدي حتى يبقى في منصبه.
والسؤال المطروح دائماً هو: إلى أي مدى كانت مغامرات كنيدي النسائية عائدة الى جنوح نحو التهور في شخصيته أو إلى الأدوية كالتستسترون والستيرون أو الأدوية المهدئة؟
الإجابة ربما تكون مزيجا من كل ذلك.
-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~
اشهد ان لا اله الا الله واشهد ان محمد رسول الله
رد: كتاب المرض والسلطة الجزء الحادي عشر 11
ملاحظة تم حجب الجزء السادس من الجهة التى نشرت الكتاب
اضغط هنا للاطلاع على الجزء 1و2و3
اضغط هنا للاطلا على الجزء 4
اضغط هنا للاطلاع على الجزء الخامس
اضغط هنا للاطلاع على الجزء السابع
اضغط هنا للاطلاع على الجزء الثامن
اضغط هنا للاطلاع على الجزء التاسع
اضغط هنا للاطلاع على الجزء العاشر
اضغط هنا للاطلاع على الجزء 11
اضغط هنا للاطلاع على الجزء 12
اضغط هنا للاطلاع على الجزء 13
اضغط هنا للاطلاع على الجزء 14
اضغط هنا للاطلاع على الجزء 15
اضغط هنا للاطلاع على الجزء 16
اضغط هنا للاطلاع على الجزء 17 والاخير
اضغط هنا للاطلاع على الجزء 1و2و3
اضغط هنا للاطلا على الجزء 4
اضغط هنا للاطلاع على الجزء الخامس
اضغط هنا للاطلاع على الجزء السابع
اضغط هنا للاطلاع على الجزء الثامن
اضغط هنا للاطلاع على الجزء التاسع
اضغط هنا للاطلاع على الجزء العاشر
اضغط هنا للاطلاع على الجزء 11
اضغط هنا للاطلاع على الجزء 12
اضغط هنا للاطلاع على الجزء 13
اضغط هنا للاطلاع على الجزء 14
اضغط هنا للاطلاع على الجزء 15
اضغط هنا للاطلاع على الجزء 16
اضغط هنا للاطلاع على الجزء 17 والاخير
-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~
اشهد ان لا اله الا الله واشهد ان محمد رسول الله
حبة مسك- مشرف
-
عدد المشاركات : 3906
العمر : 61
رقم العضوية : 263
قوة التقييم : 57
تاريخ التسجيل : 12/06/2009
مواضيع مماثلة
» كتاب المرض والسلطة الجزء 1 و 2 و 3
» كتاب المرض والسلطة الجزء الرابع عشر 14
» كتاب المرض والسلطة الجزء الخامس عشر 15
» كتاب المرض والسلطة الجزء السادس عشر 16
» كتاب المرض والسلطة الجزء الرابع 4
» كتاب المرض والسلطة الجزء الرابع عشر 14
» كتاب المرض والسلطة الجزء الخامس عشر 15
» كتاب المرض والسلطة الجزء السادس عشر 16
» كتاب المرض والسلطة الجزء الرابع 4
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
2024-11-21, 8:36 am من طرف STAR
» ارخص غسالات ملابس
2024-11-18, 10:29 am من طرف محمدوعبدو
» "لسنا عيادة طبية".. رئيسة بالميراس البرازيلي تعلق بشأن التعاقد مع نيمار
2024-11-18, 7:49 am من طرف STAR
» لا تستخدم مياه "الحنفية" لتبريد محرك سيارتك.. إليك السبب
2024-11-18, 7:49 am من طرف STAR
» هل يطرد النوم "السموم من الدماغ"؟.. دراسة تكشف السر
2024-11-18, 7:48 am من طرف STAR
» لمستخدمي "ميتا" في أوروبا.. إليكم هذه الميزة الجديدة!
2024-11-18, 7:47 am من طرف STAR
» احرصوا على تهوية المنزل حتى في الطقس البارد!
2024-11-18, 7:47 am من طرف STAR
» العناية بالبشرة في فصل الخريف.. نصائح مهمة لذلك
2024-11-18, 7:46 am من طرف STAR
» الأرز الإسباني
2024-11-18, 7:45 am من طرف STAR
» عن مشاركة نيمار في مونديال الاندية.. هذا موقف الهلال
2024-11-16, 8:14 am من طرف STAR
» لضمان نوم هادئ ومريح.. تجنب 5 عادات
2024-11-16, 8:13 am من طرف STAR
» ترتيب المنتخبات العربية في تصفيات آسيا لكأس العالم 2026
2024-11-16, 8:12 am من طرف STAR
» الخضار الأعلى كثافة بالمغذيات
2024-11-16, 8:11 am من طرف STAR
» رونالدو يثير التفاعل بتصرف رائع خلال مباراة البرتغال
2024-11-16, 8:09 am من طرف STAR
» غرامة بمليار دولار تُهدد "ميتا" بالتفكك وسط ضغوط تنظيمية دولية
2024-11-16, 8:09 am من طرف STAR