إعلانات المنتدي
المواضيع الأخيرة
بحـث
كتاب المرض والسلطة الجزء الثالث عشر 13
2 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
كتاب المرض والسلطة الجزء الثالث عشر 13
باول سأل: هل هناك بديل معقول لصدام؟
الفشل في التخطيط لما بعد الحدث
كانت لدى جورج بوش الابن ميزة وجود اثنين من زملائه من ذوي الخبرة هما كولن باول وديك تشيني اللذان عملا كوزيرين في ادارة والده عندما غزا صدام حسين الكويت.
وكان الهدف الرئيسي لصدام حينها التخلص من الدين الكويتي البالغ 30 مليار دولار، ولهذا السبب لم يحتل فقط حقل الرميلة النفطي بل غزا الكويت واتجه في حركة استفزازية جنوبا نحو الحلول السعودية- الكويتية مما شكل تهديدا مباشرا للملكة العربية السعودية.
ومنذ البداية وفي 3 أغسطس 1990 وفي الاجتماع الثاني لمجلس الامن الوطني مع الرئيس تم النظر في الوضع الشخصي لصدام. سأل باول الذي كان يتولى حينها منصب رئيس هيئة الاركان المشتركة «ما هو دور صدام كفرد في هذا العدوان؟ واذا ما اختفى صدام هل سيكون هنالك بديل معقول؟ ورد برنت سكوكروفت مستشار الامن القومي ان «العراق قد يتفكك» واشار مستشار السياسة الخارجية ريتشارد هاس الى «انه من المستبعد ان يحظى اي شخص بمستوى عبادة الشخصية الذي يحظى به صدام» كي يتمكن من جمع اطراف البلاد، وقد ظل ذلك الحوار يمثل اساس حملة عاصفة الصحراء في عام 1991، اي ان طرد الولايات المتحدة للقوات العراقية من الكويت دون الهجوم على بغداد.
خطوة خاطئة
وحشد جورج بوش الاب قوة متعددة الجنسية ساهمت فيها عدة دول بقوات كبيرة الحجم وقد جاءت المساهمة الاكبر من المملكة المتحدة وفرنسا والسعودية ومصر.
تحقق النجاح العسكري في تلك الحملة عن طريق القصف الجوي الذي استمر لستة اسابيع، واعقب ذلك في 24 فبراير هجوم سريع بواسطة دبابات متطورة وهجوم واسع بالطائرات المروحية الضخمة. وفي 27 فبراير تم وقف اطلاق النار الذي سانده تشيني وباول، وقد شعر تشيني في وقت لاحق ان تلك كانت خطوة خاطئة وانه كان يجب استهداف صدام.
وفي ضوء هذه الخلفية، كان من المتوقع طرح مسألة كيفية التعامل بالتفصيل لفترة ما بعد حدوث غزو آخر بعد مضي 12 عاما يهدف الى الاطاحة بصدام حسين، وكان يجب ان يشغل ذلك ذهن جورج بوش الابن، بيد انه قد اعتقد ان الاطاحة بصدام سوف تؤدي الى مشكلات قليلة بما انه سوف ينظر الى الاميركيين على انهم محررون للبلاد والحقيقة المرة هي ان بوش وبلير قللا من اهمية الوضع، وكذلك فعل الجنرال تومي فرانكس الذي لم يأخذ البوادر الاولية التي تشير الى ان صدام خطط لانتفاضة وكان مأخذه مأخذا جادا.
خيارات بوش
والخيار الذي كان امام بوش في عام 2003 بعد الاستيلاء على بغداد هو عقد صفقة سياسية او تسليم مبكر للسلطة الى العراقيين مما يتيح اجراء انسحاب سريع للقوات الاميركية او اللجوء للاحتلال وبرنامج لاعادة بناء الدولة العراقية وتأخير الانسحاب حتى انجاز تلك المهمة.
وكان على بوش وبلير اختيار احد هذين الخيارين قبل العزو، وما حدث هو شعور بوجود انقسام في اوساط مستشاريه، واجل صدور اي قرار الى ما بعد العزو، وقبل بلير هذا الوضع، وكان من الواضح من موقفهما تجاه افغانستان ان تشيني ورامسفيلد قبل فترة بعيده من غزو العراق لا يحبذان الحاجة الى بناء الدولة وعدم التورط فيها.
وكان والبارزون من مجموعة المحافظين الجدد مثل نائب وزير الدفاع بول وولفوفيتش وزميله في وزارة الدفاع دوغلاس فايث «لا يرون ان هنالك حاجة لكي تقوم الولايات المتحدة بادارة العراق في مرحلة ما بعد النزاع». وكان الهدف هو ادارة البلاد بواسطة المنفيين العراقيين المفضلين لديهم ضمن المؤتمر الوطني العراقي، والاسراع في الخروج من العراق».
وفي بريطانيا عرفنا من خلال التسريبات للعديد من الاوراق الرسمية كيفية عرض قضايا التخطيط لمرحلة ما بعد الغزو على طوني بلير، كيف يبدو انه تجاهل الهواجس التي عبر عنها المسؤولون.
ولمن يهتم بتحليل القرارات الخاطئة والتنفيذ غير الكفؤ للسياسة البريطانية توفر الأوراق التي تسربت كنزا من المعلومات الاساسية.
وفي ابريل ذهب بلير للقاء بوش في كرافورد بولاية تكساس وهو يحمل تحذيرا واضحا حول طريق الحرب الذي كان قد شرع في السير فيه مسبقا في ذهنه.
وقد كتب وزير الخارجية جاك سترو له في 25 مارس يقول: علينا ايضا الرد على السؤال
ماذا ستحقق هذه الخطوة؟ يبدو ان هنالك خللا كبيرا في هذا الامر. ومعظم التحليلات الواردة من اميركا تفترض تبني تغيير النظام كوسيلة للقضاء على التهديد الذي تشكله اسلحة الدمار الشامل. ولكن لم يجب اي منها بصورة مرضية عن كيفية تأمين تغيير النظام، وامكان التأكد من ان النظام البديل سيكون افضل».
مذكرة رسمية
وفي 21 يوليو، تم توزيع مذكرة رسمية الى الوزراء حول العراق بعنوان «شروط العمل العسكرية» وحذرت من انه: لم يعط تفكير كثير لخلق الظروف السياسية للعمل العسكري او الفترة بعده وكيفية تشكيلها.
وعندما ناقش بلير الوضع في العراق مع الرئيس بوش في كرافورد في ابريل قال ان بريطانيا ستدعم العمل العسكري لاحداث تغيير في النظام، وهناك بعض الشروط التي يجب تنفيذها: لقد بذلت جهود لاقامة تحالف، وخلق رأي عام مؤيد، وتهدئة الازمة الاسرائيلية الفلسطينية، وخيارات العمل على ازالة اسلحة الدمار الشامل عن طريق مفتشي الاسلحة التابعين للامم المتحدة قد استنفدت.. واحتلال العراق بعد الحرب قد يقود الى عملية بناء للبلاد تستمر لفترة طويلة، وتكون مكلفة. وقد اتضح مسبقا ان الخطط الحربية الاميركية تكاد تكون صامته في ما يتعلق بهذه النقطة.
وقائع مختلقة
وبعد مضي يومين من ذلك تم تحذير بلير من اختلاق المعلومات الاستخبارية في واشنطن، وقدم له كذلك تحذير اكثر خطورة من ذلك الذي قدمه الوزير سترو في مارس. وجرى في نهاية المطاف تسريب مذكرة سرية للغاية موجهة الى الحكومة البريطانية بتاريخ 23 يوليو 2002 الى الصحافة بعد مرور عامين من غزو العراق. وتصف المذكرة اجتماعا حضره ثلاثة من مجلس الوزراء هم رئيس الوزراء ووزير الخارجية ووزير الدفاع والنائب العام، ولكن لم يحضره نائب رئيس الوزراء او وزير المالية غوردن براون. وكان من الحضور رئيس مركز المعلومات المشتركة جون سكارليت وكذلك رئيس الاستخبارات الخارجية السير ريتشارد ديرلوف الذي قدم شرحا لمحادثاته في واشنطن. وقال ديرلوف ان العمل العسكري «ينظر اليه الآن على انه امر حتمي. وبوش يود التخلص من صدام عن طريق العمل العسكري الذي يتم تبريره عن طريق الربط بالارهاب واسلحة الدمار الشامل. غير ان المعلومات الاستخبارية والوقائع جرى اختلاقها بما يتناسب وهذه السياسة... ولم يكن هنالك سوى القليل من النقاش في واشنطن حول فترة ما بعد العمل العسكري».
تجاهل التحذيرات
ومن الواضح انه من خلال تلك الاوراق التي جرى تسريبها، بدا وكأن الماكينة الحكومية بحلول يوليو 2007 قد افترضت ان هناك احتمالا بان يفرض عليها قبول خيار بناء الدولة العراقية المكلف والذي سيأخذ وقتا طويلا. وذلك بالاضافة الى ان اجهزة الاستخبارات والقوات المسلحة ازعجها كثيرا شح المعلومات حول اي خطط خاصة بمرحلة ما بعد الغزو في واشنطن.
غير ان بلير بدا وكأنه يتجاهل التحذيرات الصادرة عن مساعديه، وفي حديث تبادلته معه في حفل عشاء في اليوم التالي للاجتماع الذي ورد اعلاه قلل من شأن وجود اي صعوبات، وحاول اعطائي الانطباع ان الامور تسير على ما يرام.
وانه تمت معالجة كل شيء. وهذا الامر لا يكشف فقط عن عدم كفاءة عادية بل عدم كفاءة ممزوج بالغطرسة. فقد اصبح محصنا ضد كل الحجج وفي ما يتعلق بالصعوبات.
العملية التي قد تقع والتي وضعها العديد من الناس امامه. ويتذكر احد كبار المسؤولين انه عندما كان ينصح بلير حول الصعوبات التي ستواجهه كان يقول «انت نيفيل تشامبرلين، وانا وينستون تشرشل وصدام هو هتلر». ومن الصعوبة بمكان اجراء حوار جاء مع زعيم يفكر بهذه الطريق العاطفية الساذجة.
لا يريد ان يسمع
وهي هي الحالة الذهنية لبلير عن التعامل مع المستشارين. فقد كان بلير يهتم فقط بان يتم تطمينه بانه كان يقاتل الشر ويمكن مساواة ذلك بحديث بوش البسيط حول حملته الصليبية الهادفة الى تخليص العالم من «الاشرار».
ومن يبررون السياسات البريطانية ويقدمون الاعذار لبلير شخصيا في ما يتعلق بالعراق يميلون الى وضع اللوم كله على عاتق الاميركيين.
وهذا الامر يقلل من شأن معرفة البريطانيين بالمنطقة. فبريطانيا، وعلى خلاف اميركا، ظلت مرتبطة بالعراق خلال معظم سنوات القرن العشرين ووزارتا الخارجية والدفاع البريطانيتان لديهما المعرفة
والخبرة وبعض الافكار المبينة على معلومات موثقة حول افضل السبل للتعامل مع فترة ما بعد الغزو خاصة على ضوء الاخطار التي ارتكبت في عام 1991.
غير ان هذه الخبرة لم يستفد منها بلير، وهناك بحث استراتيجي لوزارة الخارجية كانت وزارة الخارجية الاميركية تأمل في الحصول عليه، حيث ان بحثها تم تجاهله من قبل البنتاغون، ولكن ذلك البحث لم يصلها، وبما ان مقر رئيس الوزراء كان يتولى مسؤولية السياسة تجاه العراق، فان الجهود التي بذلتها وزارة الخارجية لتواصل مع الاميركيين في مرحلة ما بعد الغزو لم تؤت ثمارها.
وكانت تلك نتيجة تولي بلير مهمة ادارة معظم الجهود المبذولة في فترة الاعداد للحرب لوحده مبعدا وزارة الخارجية او متجاهلا التحديات الصادرة عن الجيش واجهزة الاستخبارات،
وبالرغم من ذلك، كان من المنطقي التوقع في اي علاقة وثيقة فعلية بين رئيس حكومتين مثل بوش وبلير ان تكون هنالك مناقشات تفصيلية حول كل القضايا الاساسية، بما في ذلك التعامل مع مرحلة ما بعد الغزو.
وكانت قد اوكلت الى رامسفيلد مهمة التخطيط لفترة ما بعد الغزو في 20 يناير غير ان ذلك التخطيط كان يجب ان ينجز من قبل واشنطن ولندن قبل اشهر من ذلك التاريخ.
الجيش يسقط بسرعة
واجتمع الزعيمان في واشنطن في 31 يناير 2003 وبعض ما تسرب من محتوى ذلك الاجتماع المهم في وقت لاحق في صحيفة «نيويورك تايمز» حيث عرض مراسلها مذكرة حول ما دار في ذلك الاجتماع صاغها كبير مستشاري رئيس الوزراء ديفيد ماننغ، وقد أبلغ بلير ان تاريخ بداية القصف تحدد في 10 مارس 2003، وكان من الواضح انه لم يكن هو او بوش يعتقدان بضرورة التخطيط للعواقب المحتملة لتوقعات الرئيس الاميركي الخاصة التي صرح بها في الاجتماع والقائلة ان الجيش العراقي سوف «يسقط بسرعة» وفي الواقع فقد نقل روبرت درابر مؤلف كتاب «الثقة التامة» قوله «ان السياسة التي تقوم على الحفاظ على الجيش دون مساس لم تنفذ». ولكنه لم يتذكر كيفية رد فعله عندما اكتشف ان تلك السياسة تم التراجع عن تنفيذها، وكانت شخصية بارزة ضمن مجموعة المحافظين الجدد قد ابلغني حينها ان القوات العراقية سوف تنضم الى التحالف باكملها وانها ستساعد في الحفاظ على القانون والنظام، وبدأ في ذلك الاجتماع ان بوش وبلير كانا يتصدران حدوث نصر سريع وتبادلا بعض الافكار حول حكومة ما بعد الحرب في العراق، حيث قال بلير «سوف يجد الناس ان الامر غريب للغاية اذا ما سلمنا السطلة إلى دكتاتور آخر».
أعراض متكررة
وبما يتماشى ومرض «الغطرسة» فان بوش وبلير لم يكن مع اي منهما مستشارون من وزارتي الدفاع والخارجية في ذلك الاجتماع الذي عقد في يناير، بل كان في صحبتهما مساعدوهما الخاصون من البيت الابيض و10 داوننغ ستريت، وهذه المجموعة الصغيرة اللصيقة بهما استخدمت في الترويج لافكار وقناعات سيديهما السياسية. وهذه ظاهرة خطيرة اطلق عليها منظرو الادارة اسم «التفكير الجمعي» وتحليل عدم الكفاءة العسكرية في السابق ابرز اربعة من الاعراض المتكررة وهي «اهدار القوى البشرية والثقة المفرطة، والتقليل من شأن العدو، وتجاهل التقارير الاستخبارية».
غطرسة بوش بعد الغزو
في الأول من مايو 2003، ظهر جورج بوش وهو يرتدي زي طيار حربي وكأنه ممثل من هوليوود اثناء هبوطه من طائرة مروحية على متن حاملة الطائرات ابراهام لينكولن قبالة شاطئ ولاية كاليفورنيا ووقف على منصة للاحتفال بالنصر في العراق، وعلقت على الحاملة لافتة ضخمة تحمل عبارة «مهمة أنجزت».
كان ذلك تصرفا ينم عن درجة عالية من الغطرسة، كما كان ذلك يشكل ازدراء، وان كان غير مقصود، للقوات التي تعمل في ميدان الحرب، وتعرف عبثية ذلك الشعار.
لقد حاول دونالد رامسفيلد اقناعه بعدم استخدام تلك العبارة في خطابه غير ان بوش قال «في الحرب في العراق انتصرت الولايات المتحدة وحلفاؤنا» ومع ان بلير لم يذهب الى ذلك المدى، غير ان لهجته الخطابية كانت تعبر كثيرا عن النصر.
الفشل في التخطيط لما بعد الحدث
كانت لدى جورج بوش الابن ميزة وجود اثنين من زملائه من ذوي الخبرة هما كولن باول وديك تشيني اللذان عملا كوزيرين في ادارة والده عندما غزا صدام حسين الكويت.
وكان الهدف الرئيسي لصدام حينها التخلص من الدين الكويتي البالغ 30 مليار دولار، ولهذا السبب لم يحتل فقط حقل الرميلة النفطي بل غزا الكويت واتجه في حركة استفزازية جنوبا نحو الحلول السعودية- الكويتية مما شكل تهديدا مباشرا للملكة العربية السعودية.
ومنذ البداية وفي 3 أغسطس 1990 وفي الاجتماع الثاني لمجلس الامن الوطني مع الرئيس تم النظر في الوضع الشخصي لصدام. سأل باول الذي كان يتولى حينها منصب رئيس هيئة الاركان المشتركة «ما هو دور صدام كفرد في هذا العدوان؟ واذا ما اختفى صدام هل سيكون هنالك بديل معقول؟ ورد برنت سكوكروفت مستشار الامن القومي ان «العراق قد يتفكك» واشار مستشار السياسة الخارجية ريتشارد هاس الى «انه من المستبعد ان يحظى اي شخص بمستوى عبادة الشخصية الذي يحظى به صدام» كي يتمكن من جمع اطراف البلاد، وقد ظل ذلك الحوار يمثل اساس حملة عاصفة الصحراء في عام 1991، اي ان طرد الولايات المتحدة للقوات العراقية من الكويت دون الهجوم على بغداد.
خطوة خاطئة
وحشد جورج بوش الاب قوة متعددة الجنسية ساهمت فيها عدة دول بقوات كبيرة الحجم وقد جاءت المساهمة الاكبر من المملكة المتحدة وفرنسا والسعودية ومصر.
تحقق النجاح العسكري في تلك الحملة عن طريق القصف الجوي الذي استمر لستة اسابيع، واعقب ذلك في 24 فبراير هجوم سريع بواسطة دبابات متطورة وهجوم واسع بالطائرات المروحية الضخمة. وفي 27 فبراير تم وقف اطلاق النار الذي سانده تشيني وباول، وقد شعر تشيني في وقت لاحق ان تلك كانت خطوة خاطئة وانه كان يجب استهداف صدام.
وفي ضوء هذه الخلفية، كان من المتوقع طرح مسألة كيفية التعامل بالتفصيل لفترة ما بعد حدوث غزو آخر بعد مضي 12 عاما يهدف الى الاطاحة بصدام حسين، وكان يجب ان يشغل ذلك ذهن جورج بوش الابن، بيد انه قد اعتقد ان الاطاحة بصدام سوف تؤدي الى مشكلات قليلة بما انه سوف ينظر الى الاميركيين على انهم محررون للبلاد والحقيقة المرة هي ان بوش وبلير قللا من اهمية الوضع، وكذلك فعل الجنرال تومي فرانكس الذي لم يأخذ البوادر الاولية التي تشير الى ان صدام خطط لانتفاضة وكان مأخذه مأخذا جادا.
خيارات بوش
والخيار الذي كان امام بوش في عام 2003 بعد الاستيلاء على بغداد هو عقد صفقة سياسية او تسليم مبكر للسلطة الى العراقيين مما يتيح اجراء انسحاب سريع للقوات الاميركية او اللجوء للاحتلال وبرنامج لاعادة بناء الدولة العراقية وتأخير الانسحاب حتى انجاز تلك المهمة.
وكان على بوش وبلير اختيار احد هذين الخيارين قبل العزو، وما حدث هو شعور بوجود انقسام في اوساط مستشاريه، واجل صدور اي قرار الى ما بعد العزو، وقبل بلير هذا الوضع، وكان من الواضح من موقفهما تجاه افغانستان ان تشيني ورامسفيلد قبل فترة بعيده من غزو العراق لا يحبذان الحاجة الى بناء الدولة وعدم التورط فيها.
وكان والبارزون من مجموعة المحافظين الجدد مثل نائب وزير الدفاع بول وولفوفيتش وزميله في وزارة الدفاع دوغلاس فايث «لا يرون ان هنالك حاجة لكي تقوم الولايات المتحدة بادارة العراق في مرحلة ما بعد النزاع». وكان الهدف هو ادارة البلاد بواسطة المنفيين العراقيين المفضلين لديهم ضمن المؤتمر الوطني العراقي، والاسراع في الخروج من العراق».
وفي بريطانيا عرفنا من خلال التسريبات للعديد من الاوراق الرسمية كيفية عرض قضايا التخطيط لمرحلة ما بعد الغزو على طوني بلير، كيف يبدو انه تجاهل الهواجس التي عبر عنها المسؤولون.
ولمن يهتم بتحليل القرارات الخاطئة والتنفيذ غير الكفؤ للسياسة البريطانية توفر الأوراق التي تسربت كنزا من المعلومات الاساسية.
وفي ابريل ذهب بلير للقاء بوش في كرافورد بولاية تكساس وهو يحمل تحذيرا واضحا حول طريق الحرب الذي كان قد شرع في السير فيه مسبقا في ذهنه.
وقد كتب وزير الخارجية جاك سترو له في 25 مارس يقول: علينا ايضا الرد على السؤال
ماذا ستحقق هذه الخطوة؟ يبدو ان هنالك خللا كبيرا في هذا الامر. ومعظم التحليلات الواردة من اميركا تفترض تبني تغيير النظام كوسيلة للقضاء على التهديد الذي تشكله اسلحة الدمار الشامل. ولكن لم يجب اي منها بصورة مرضية عن كيفية تأمين تغيير النظام، وامكان التأكد من ان النظام البديل سيكون افضل».
مذكرة رسمية
وفي 21 يوليو، تم توزيع مذكرة رسمية الى الوزراء حول العراق بعنوان «شروط العمل العسكرية» وحذرت من انه: لم يعط تفكير كثير لخلق الظروف السياسية للعمل العسكري او الفترة بعده وكيفية تشكيلها.
وعندما ناقش بلير الوضع في العراق مع الرئيس بوش في كرافورد في ابريل قال ان بريطانيا ستدعم العمل العسكري لاحداث تغيير في النظام، وهناك بعض الشروط التي يجب تنفيذها: لقد بذلت جهود لاقامة تحالف، وخلق رأي عام مؤيد، وتهدئة الازمة الاسرائيلية الفلسطينية، وخيارات العمل على ازالة اسلحة الدمار الشامل عن طريق مفتشي الاسلحة التابعين للامم المتحدة قد استنفدت.. واحتلال العراق بعد الحرب قد يقود الى عملية بناء للبلاد تستمر لفترة طويلة، وتكون مكلفة. وقد اتضح مسبقا ان الخطط الحربية الاميركية تكاد تكون صامته في ما يتعلق بهذه النقطة.
وقائع مختلقة
وبعد مضي يومين من ذلك تم تحذير بلير من اختلاق المعلومات الاستخبارية في واشنطن، وقدم له كذلك تحذير اكثر خطورة من ذلك الذي قدمه الوزير سترو في مارس. وجرى في نهاية المطاف تسريب مذكرة سرية للغاية موجهة الى الحكومة البريطانية بتاريخ 23 يوليو 2002 الى الصحافة بعد مرور عامين من غزو العراق. وتصف المذكرة اجتماعا حضره ثلاثة من مجلس الوزراء هم رئيس الوزراء ووزير الخارجية ووزير الدفاع والنائب العام، ولكن لم يحضره نائب رئيس الوزراء او وزير المالية غوردن براون. وكان من الحضور رئيس مركز المعلومات المشتركة جون سكارليت وكذلك رئيس الاستخبارات الخارجية السير ريتشارد ديرلوف الذي قدم شرحا لمحادثاته في واشنطن. وقال ديرلوف ان العمل العسكري «ينظر اليه الآن على انه امر حتمي. وبوش يود التخلص من صدام عن طريق العمل العسكري الذي يتم تبريره عن طريق الربط بالارهاب واسلحة الدمار الشامل. غير ان المعلومات الاستخبارية والوقائع جرى اختلاقها بما يتناسب وهذه السياسة... ولم يكن هنالك سوى القليل من النقاش في واشنطن حول فترة ما بعد العمل العسكري».
تجاهل التحذيرات
ومن الواضح انه من خلال تلك الاوراق التي جرى تسريبها، بدا وكأن الماكينة الحكومية بحلول يوليو 2007 قد افترضت ان هناك احتمالا بان يفرض عليها قبول خيار بناء الدولة العراقية المكلف والذي سيأخذ وقتا طويلا. وذلك بالاضافة الى ان اجهزة الاستخبارات والقوات المسلحة ازعجها كثيرا شح المعلومات حول اي خطط خاصة بمرحلة ما بعد الغزو في واشنطن.
غير ان بلير بدا وكأنه يتجاهل التحذيرات الصادرة عن مساعديه، وفي حديث تبادلته معه في حفل عشاء في اليوم التالي للاجتماع الذي ورد اعلاه قلل من شأن وجود اي صعوبات، وحاول اعطائي الانطباع ان الامور تسير على ما يرام.
وانه تمت معالجة كل شيء. وهذا الامر لا يكشف فقط عن عدم كفاءة عادية بل عدم كفاءة ممزوج بالغطرسة. فقد اصبح محصنا ضد كل الحجج وفي ما يتعلق بالصعوبات.
العملية التي قد تقع والتي وضعها العديد من الناس امامه. ويتذكر احد كبار المسؤولين انه عندما كان ينصح بلير حول الصعوبات التي ستواجهه كان يقول «انت نيفيل تشامبرلين، وانا وينستون تشرشل وصدام هو هتلر». ومن الصعوبة بمكان اجراء حوار جاء مع زعيم يفكر بهذه الطريق العاطفية الساذجة.
لا يريد ان يسمع
وهي هي الحالة الذهنية لبلير عن التعامل مع المستشارين. فقد كان بلير يهتم فقط بان يتم تطمينه بانه كان يقاتل الشر ويمكن مساواة ذلك بحديث بوش البسيط حول حملته الصليبية الهادفة الى تخليص العالم من «الاشرار».
ومن يبررون السياسات البريطانية ويقدمون الاعذار لبلير شخصيا في ما يتعلق بالعراق يميلون الى وضع اللوم كله على عاتق الاميركيين.
وهذا الامر يقلل من شأن معرفة البريطانيين بالمنطقة. فبريطانيا، وعلى خلاف اميركا، ظلت مرتبطة بالعراق خلال معظم سنوات القرن العشرين ووزارتا الخارجية والدفاع البريطانيتان لديهما المعرفة
والخبرة وبعض الافكار المبينة على معلومات موثقة حول افضل السبل للتعامل مع فترة ما بعد الغزو خاصة على ضوء الاخطار التي ارتكبت في عام 1991.
غير ان هذه الخبرة لم يستفد منها بلير، وهناك بحث استراتيجي لوزارة الخارجية كانت وزارة الخارجية الاميركية تأمل في الحصول عليه، حيث ان بحثها تم تجاهله من قبل البنتاغون، ولكن ذلك البحث لم يصلها، وبما ان مقر رئيس الوزراء كان يتولى مسؤولية السياسة تجاه العراق، فان الجهود التي بذلتها وزارة الخارجية لتواصل مع الاميركيين في مرحلة ما بعد الغزو لم تؤت ثمارها.
وكانت تلك نتيجة تولي بلير مهمة ادارة معظم الجهود المبذولة في فترة الاعداد للحرب لوحده مبعدا وزارة الخارجية او متجاهلا التحديات الصادرة عن الجيش واجهزة الاستخبارات،
وبالرغم من ذلك، كان من المنطقي التوقع في اي علاقة وثيقة فعلية بين رئيس حكومتين مثل بوش وبلير ان تكون هنالك مناقشات تفصيلية حول كل القضايا الاساسية، بما في ذلك التعامل مع مرحلة ما بعد الغزو.
وكانت قد اوكلت الى رامسفيلد مهمة التخطيط لفترة ما بعد الغزو في 20 يناير غير ان ذلك التخطيط كان يجب ان ينجز من قبل واشنطن ولندن قبل اشهر من ذلك التاريخ.
الجيش يسقط بسرعة
واجتمع الزعيمان في واشنطن في 31 يناير 2003 وبعض ما تسرب من محتوى ذلك الاجتماع المهم في وقت لاحق في صحيفة «نيويورك تايمز» حيث عرض مراسلها مذكرة حول ما دار في ذلك الاجتماع صاغها كبير مستشاري رئيس الوزراء ديفيد ماننغ، وقد أبلغ بلير ان تاريخ بداية القصف تحدد في 10 مارس 2003، وكان من الواضح انه لم يكن هو او بوش يعتقدان بضرورة التخطيط للعواقب المحتملة لتوقعات الرئيس الاميركي الخاصة التي صرح بها في الاجتماع والقائلة ان الجيش العراقي سوف «يسقط بسرعة» وفي الواقع فقد نقل روبرت درابر مؤلف كتاب «الثقة التامة» قوله «ان السياسة التي تقوم على الحفاظ على الجيش دون مساس لم تنفذ». ولكنه لم يتذكر كيفية رد فعله عندما اكتشف ان تلك السياسة تم التراجع عن تنفيذها، وكانت شخصية بارزة ضمن مجموعة المحافظين الجدد قد ابلغني حينها ان القوات العراقية سوف تنضم الى التحالف باكملها وانها ستساعد في الحفاظ على القانون والنظام، وبدأ في ذلك الاجتماع ان بوش وبلير كانا يتصدران حدوث نصر سريع وتبادلا بعض الافكار حول حكومة ما بعد الحرب في العراق، حيث قال بلير «سوف يجد الناس ان الامر غريب للغاية اذا ما سلمنا السطلة إلى دكتاتور آخر».
أعراض متكررة
وبما يتماشى ومرض «الغطرسة» فان بوش وبلير لم يكن مع اي منهما مستشارون من وزارتي الدفاع والخارجية في ذلك الاجتماع الذي عقد في يناير، بل كان في صحبتهما مساعدوهما الخاصون من البيت الابيض و10 داوننغ ستريت، وهذه المجموعة الصغيرة اللصيقة بهما استخدمت في الترويج لافكار وقناعات سيديهما السياسية. وهذه ظاهرة خطيرة اطلق عليها منظرو الادارة اسم «التفكير الجمعي» وتحليل عدم الكفاءة العسكرية في السابق ابرز اربعة من الاعراض المتكررة وهي «اهدار القوى البشرية والثقة المفرطة، والتقليل من شأن العدو، وتجاهل التقارير الاستخبارية».
غطرسة بوش بعد الغزو
في الأول من مايو 2003، ظهر جورج بوش وهو يرتدي زي طيار حربي وكأنه ممثل من هوليوود اثناء هبوطه من طائرة مروحية على متن حاملة الطائرات ابراهام لينكولن قبالة شاطئ ولاية كاليفورنيا ووقف على منصة للاحتفال بالنصر في العراق، وعلقت على الحاملة لافتة ضخمة تحمل عبارة «مهمة أنجزت».
كان ذلك تصرفا ينم عن درجة عالية من الغطرسة، كما كان ذلك يشكل ازدراء، وان كان غير مقصود، للقوات التي تعمل في ميدان الحرب، وتعرف عبثية ذلك الشعار.
لقد حاول دونالد رامسفيلد اقناعه بعدم استخدام تلك العبارة في خطابه غير ان بوش قال «في الحرب في العراق انتصرت الولايات المتحدة وحلفاؤنا» ومع ان بلير لم يذهب الى ذلك المدى، غير ان لهجته الخطابية كانت تعبر كثيرا عن النصر.
-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~
اشهد ان لا اله الا الله واشهد ان محمد رسول الله
رد: كتاب المرض والسلطة الجزء الثالث عشر 13
ملاحظة تم حجب الجزء السادس من الجهة التى نشرت الكتاب
اضغط هنا للاطلاع على الجزء 1و2و3
اضغط هنا للاطلا على الجزء 4
اضغط هنا للاطلاع على الجزء الخامس
اضغط هنا للاطلاع على الجزء السابع
اضغط هنا للاطلاع على الجزء الثامن
اضغط هنا للاطلاع على الجزء التاسع
اضغط هنا للاطلاع على الجزء العاشر
اضغط هنا للاطلاع على الجزء 11
اضغط هنا للاطلاع على الجزء 12
اضغط هنا للاطلاع على الجزء 13
اضغط هنا للاطلاع على الجزء 14
اضغط هنا للاطلاع على الجزء 15
اضغط هنا للاطلاع على الجزء 16
اضغط هنا للاطلاع على الجزء 17 والاخير
اضغط هنا للاطلاع على الجزء 1و2و3
اضغط هنا للاطلا على الجزء 4
اضغط هنا للاطلاع على الجزء الخامس
اضغط هنا للاطلاع على الجزء السابع
اضغط هنا للاطلاع على الجزء الثامن
اضغط هنا للاطلاع على الجزء التاسع
اضغط هنا للاطلاع على الجزء العاشر
اضغط هنا للاطلاع على الجزء 11
اضغط هنا للاطلاع على الجزء 12
اضغط هنا للاطلاع على الجزء 13
اضغط هنا للاطلاع على الجزء 14
اضغط هنا للاطلاع على الجزء 15
اضغط هنا للاطلاع على الجزء 16
اضغط هنا للاطلاع على الجزء 17 والاخير
-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~
اشهد ان لا اله الا الله واشهد ان محمد رسول الله
حبة مسك- مشرف
-
عدد المشاركات : 3906
العمر : 61
رقم العضوية : 263
قوة التقييم : 57
تاريخ التسجيل : 12/06/2009
مواضيع مماثلة
» كتاب المرض والسلطة الجزء 1 و 2 و 3
» كتاب المرض والسلطة الجزء العاشر 10
» كتاب المرض والسلطة الجزء الحادي عشر 11
» كتاب المرض والسلطة الجزء الثاني عشر 12
» كتاب المرض والسلطة الجزء الرابع عشر 14
» كتاب المرض والسلطة الجزء العاشر 10
» كتاب المرض والسلطة الجزء الحادي عشر 11
» كتاب المرض والسلطة الجزء الثاني عشر 12
» كتاب المرض والسلطة الجزء الرابع عشر 14
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
أمس في 8:56 am من طرف STAR
» مخمورا حافي القدمين يجوب الشوارع.. لماذا ترك أدريانو الرفاهية والنجومية في أوروبا وعاد إلى
أمس في 8:42 am من طرف STAR
» نصائح يجب اتباعها منعا للحوادث عند تعطل فرامل السيارة بشكل مفاجئ
أمس في 8:37 am من طرف STAR
» طريقة اعداد معكرونة باللبن
أمس في 8:36 am من طرف STAR
» الصلاة علي رسول الله+الاستغفار+ذكر الشهادة+كفارة المجلس
أمس في 8:34 am من طرف STAR
» مشاركة شعرية
2024-11-04, 12:28 pm من طرف محمد0
» لو نسيت الباسورد.. 5 طرق لفتح هاتف أندرويد مقفل بدون فقدان البيانات
2024-11-03, 9:24 am من طرف STAR
» عواقب صحية خطيرة للجلوس الطويل
2024-11-03, 9:23 am من طرف STAR
» صلاح يقترب من هالاند.. ترتيب قائمة هدافي الدوري الإنجليزي
2024-11-03, 9:23 am من طرف STAR
» زلزال يضرب شرق طهران وسط تحذيرات للسكان
2024-11-03, 9:22 am من طرف STAR
» أحدث إصدار.. ماذا تقدم هيونداي اينيشم 2026 الرياضية ؟
2024-11-03, 9:21 am من طرف STAR
» بانكوك وجهة سياحية تايلاندية تجمع بين الثقافة والترفيه
2024-11-03, 9:21 am من طرف STAR
» مناسبة للأجواء الشتوية.. طريقة عمل كعكة التفاح والقرفة
2024-11-03, 9:20 am من طرف STAR
» صلى عليك الله
2024-10-30, 12:39 pm من طرف dude333
» 5 جزر خالية من السيارات
2024-10-26, 9:02 am من طرف STAR