إعلانات المنتدي
المواضيع الأخيرة
بحـث
كتاب جديد الفرائس في حرم القذافي الجزء 11
3 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
كتاب جديد الفرائس في حرم القذافي الجزء 11
القذافي بدا للكثيرين {أبدياً} لكنه انتهى (11)
عُرف عن العقيد معمر القذافي انه كان ماجناً، وكلما تقدم به العمر، كان يحيط نفسه بمزيد من الفتيات، يتحرش بهن، ويعاشرهن، ويعتدي عليهن، وكأنه كان يريد أن يثبت «رجولته الدائمة»، كما كان يُخضع شعبه، رجالاً ونساء، لآلة القمع التي استخدمها بلا رحمة ليحصل على ما يريد ومن يريد.
صوريا، التي ولدت في المغرب، كانت أيقونة أبيها، كانت لديها أحلام هائلة، تحطمت جميعاً، بعدما انتقلت إلى سرت، وأصبحت هدفاً للقذافي، ثم غنيمة له وجارية!
وفي كتاب «الفرائس في حرم القذافي»، الذي تنشره القبس، تروي قصتها.
في 15 فبراير خرج سكان بنغازي إلى الشوارع، أغلبهم من النساء، أمهات، شقيقات، وزوجات سجناء سياسيين اغتيلوا عام 1996 في سجن أبو سليم. كانت الجموع تحتج على اعتقال محاميهم. الخبر صدم الجميع. كان الأمر مثيراً. فهذا الغضب، ورغم أنني كنت قد بدأت أشعر به لدى الناس، إلا أنني لم أكن لأتخيل إلى أين يمكن أن يؤدي هذا الغضب.. إلى ثورة تطيح بالنظام؟!
كان معمر القذافي في ذهني وذهن كثيرين يبدو كأنه «أبدي» ولا يمكن زعزعة سلطته بأي شكل من الأشكال. من أين جاء المتظاهرون بكل تلك الجرأة والقوة لكي يشهروا كراهيتهم للعقيد. كانت مشاهدة هؤلاء الأبطال وهم يهتفون بسقوط النظام تنعش القلوب والآمال.
انكسر الخوف وذهبت الرهبة التي كانت تطغى على المشهد الليبي في كل مرة يكون فيها القذافي جزءا من الصورة. المتظاهرون قالوها بصراحة وعلناً بأنهم يكرهون القذافي. بدأ الناس يروون النكات ويؤلفون خبريات عن الزعيم.. بدأوا يسخرون منه انتقاما وتنفيسا عن القمع والكبت الذي سجنهم فيه لأكثر من أربعة عقود.. كانوا يعبرون الى أي درجة هم يحتقرونه ويحقدون عليه.. كانوا يفعلون كل هذا وأكثر وهم يعرفون أنهم لو فشلوا في ثورتهم فسيتعرضون لأقصى أنواع العقاب. فلطالما كانت أرواحهم ومصائرهم ومستقبلهم بين أيدي العقيد.
ثورتي الخاصة
في السادس عشر من فبراير، وربما لأن الأجواء العامة من حولي أثرت بي، قمت بثورتي الخاصة. قلت في نفسي، هم (أهلي والناس) يعتبرونني ساقطة! فليكن إذن.. تركت عائلتي وصممت على الالتحاق بشباب الثورة، لكن أحدا لم يرحب بوجودي. فمشاركة النساء الرجال في أي عمل، حتى لو كان ثورة، هو بحسب التقاليد والأعراف الليبية تصرف ممنوع، وغير مقبول بتاتا، وغير أخلاقي، وفي مستوى العلاقة خارج إطار الزواج.
لكنني لم أكن أفكر هكذا.. فما همتني القوانين والأعراف والتقاليد بعد كل الذي عانيته من الرجل الذي يُفترض به أن أول من يطبقها! فكرت أن أذهب وأعيش مع هشام، غير مبالية بكل ما قد يحصل لي، وكنت أسأل نفسي: هل سيتجرأون على محاكمتي لأنني أريد العيش مع الرجل الذي أحبه، بينما سيد ليبيا سجنني واعتدى علي لسنوات طويلة وحطّم حياتي؟
استقررت مع هشام في منزل صغير في ضواحي طرابلس. كان قد بدأ يعمل لدى صياد سمك (غطاس يصطاد الأخطبوط)، وكنت سعيدة بالبقاء في المنزل أنتظره وأحضّر الطعام له.
رغبت جدا في أن أشارك في تظاهرة السابع عشر من فبراير، ولكن ذلك كان مستحيلاً، لأنني كنت بعيدة عن ميدان التظاهرات. جلست أمام شاشات التلفزة، حيث كانت قناة «الجزيرة» تغطي مباشرة أخبار الثورة. كنت أرتعش وأصرخ فرحة وأردد «يا لها من جرأة! يا لها من ثورة وأيام عظيمة نعيشها! الليبيون ينتفضون».
قررت أن أنسى باب العزيزية، ومحوت من ذاكرة هاتفي كل الأرقام المتعلقة بأفراد الجماعة هناك. كنت مطمئنة لأنني كنت واثقة بأنهم كانوا منشغلين عني الآن بأشياء أكثر إلحاحاً، عوضا عن البحث عني وبأنهم سيظلون هكذا الى الأبد.
تمكّن هشام بفضل بعض العلاقات في محكمة طرابلس أن يعقد قراننا بالسر. لم نعلن ذلك لأهلنا، لأنهم ما كانوا ليوافقوا بأي حال من الأحوال. عقد الزواج طمأنني حتى ولو أنني علمت لاحقاً أن لا قيمة له.
إيمان العبيدي
ذات يوم بثت «الجزيرة» صورة إيمان العبيدي التي دخلت الى فندق فخم، حيث كان ينزل الصحافيون الأجانب وصرحت بأن رجال القذافي قد اعتدوا عليها. بُث المشهد على شاشات التلفزة، لم يكن ليصدق قبل الثورة. كانت إيمان تصرخ بأعلى صوتها وهي تروي ما حدث لها، بينما كان رجال القذافي يحاولون منعها من الكلام. حاول الصحافيون الدفاع عنها، إلا أنها تعرّضت للخطف بالقوة، وحاول رجال القذافي الترويج بأنها مجنونة أو (..)، ولكنها كشفت ما تعرضت له آلاف النساء الليبيات، لأنني لم أشك في روايتها، وصدقتها لأنني كنت أكثر من يعرف أن رجال العقيد يعتدون على النساء على غرار سيدهم.
أصدقاء هشام أخبروه بأن باب العزيزية يقوم بحملة تنظيف ويريد تصفية الفتيات اللاتي بتن شاهدات على أعماله، ولم يعد بمقدورهم السيطرة عليهن.
علمت أن رجال كتائب القذافي قد بحثوا عني في منزل أهلي وهددوهم. وأن والدتي خافت وغادرت الى المغرب. وأنهم أخضعوا والدي للتحقيق أكثر من مرة، وكانوا يضغطون عليه كي يسلمني لهم، بالرغم من أنه كان يقول لهم في كل مرة إنني مع والدتي في المغرب.
كانوا يفعلون الشيء نفسه مع أهل هشام. يسألون عني وعنه ويهددون إخوته ووالده وأقاربه.
إلى تونس
وفي أحد الأيام جاء هشام والرعب والقلق يسيطران عليه:
- يجب أن أبعدك عن هنا.. سأعمل بكل الطرق حتى أرسلك الى تونس.. ليس لدينا يوم واحد نضيعه!
طلب من أحد الأصدقاء، يقود سيارة إسعاف، أن يقلني الى الحدود التونسية، ومن هناك لجأت الى أقاربي.
كنت أتابع التطورات يوميا، ضربات الأطلسي، تقدّم الثوار، وحشية الحرب، كنت أعيش في حالة اضطراب دائم. أردت العودة الى ليبيا، إلا أن هشام رفض. كان يخاف أن يظن المتمردون أنني متواطئة مع جماعة القذافي، ومن المقربين منه.
وكانت هذه الفكرة تجعلني أُجَن، أنا متواطئة مع القذافي؟ أنا التي خُطفت وعُوملت كالعبيد؟ أنا التي ليس لها أمل في الحياة سوى أن ترى القذافي يتنحى ويحاكَم ليدفع ثمن ما فعله بي؟ كنت أقول له إن مخاوفه هي شتائم لي، سمعت إشاعات تقول إن نجاح وفريدة قد قتلتا فانتابني الخوف.
في شهر أغسطس، ومع بداية رمضان، سمعت في البداية أن عرّافة توقعت موت القذافي وتحرير طرابلس في العشرين منه. فعدت الى طرابلس، وتحديدا الى منزل هشام الريفي. ولم يكن بمقدورنا البقاء، لا ماء، لا غاز، ولا كهرباء ولا بنزين. ضربات الأطلسي تتواصل، وكانت الفوضى عارمة.
هشام في عداد المفقودين
في الثامن من أغسطس، جاء رجال القذافي يطلبون منه ومن شقيقه المشاركة في عملية ليلية بالقرب من الزاوية، فهمت أنهم يريدون إخلاء عائلة عبر المركب، ولم أفهم التفاصيل، أو أنه لم يرد أن يطلعني على كل شيء، لكي لا أقلق، وكان القلق على وجهه، لم يكن لديه أي خيار، غادر في المساء ولم يعد.
تلقيت اتصالا هاتفيا، وقيل لي إن غارة للأطلسي أصابت المركب، ركضت إلى منزل والدة هشام، كانت تنتحب، أخذتني بذراعيها وضمتني، الله يشهد كم أنها كانت تعارض زواجنا. رحت أطرح عليها الأسئلة، ولكنها لم تكن تعرف شيئا. كانت المعلومات مجتزأة ومتناقضة، تمكن شقيقه من السباحة تسع ساعات ليصل الى الشاطئ. وكان مصابا في ساقه، أما هشام فلا أحد يعرف عنه شيئا، اعتُبر ميتا، ولم نتمكن من دفنه لقد دُمرت.
التحرير
تحررت طرابلس في 27 أغسطس، نزل الناس الى الشوارع، كانت الفرحة عامرة. كانت النساء تخرج الى الشوارع مع الأطفال، ويحملن علمنا الجديد. الرجال كانوا يرقصون ويطلقون النار من رشاشاتهم، ويصرخون «الله أكبر». وكانت مكبرات الصوت تبث أغاني الثورة. استقبل الثوار كأبطال حقيقيين. فتحوا السجون احتلوا باب العزيزية، كان المشهد خياليا، زغردت وصفقت للمقاتلين. وشكرت الله الذي منحنا أكبر يوم في تاريخ ليبيا. وكنت في قرارة نفسي أبكي في الوقت ذاته. لم يعد موجودا.
كان التلفزيون يبث صورا مذهلة للثوار في باب العزيزية. يعرضون أمتعة للقذافي. كنا نسخر من ذوقه وذوق أولاده.
كانت الأقدام تدوس على صوره. عرضت التلفزة صور منزله العائلي، حيث غرفته مجاورة لغرفة زوجته. لم يكن لدى أحد أي فكرة عما كان يحدث خلف جدران باب العزيزية.
لم يكن بمقدور أحد أن يتخيل أن مجموعة من الفتيات البائسات كن يعشن في قبو منزله. سكنت مؤقتا لدى صديقة لهشام. ولكن والدي كان قلقا.
في 28 أغسطس وافقت على السفر معه الى تونس، ثم عدت الى طرابلس في نهاية سبتمبر. ولكن ماذا أفعل بحياتي؟ عمري 22 عاما، لكنني أشعر كأنني أعيش منذ دهر. جسمي ضعيف، ليس لديّ أي أمل، لا أموال، لا دراسة ولا مهنة، البقاء مع عائلتي أصبح مستحيلا، إخوتي يعرفون الحقيقة.
بالمقابل لا يسمح لامرأة بأن تنزل في فندق بمفردها. كما لا يوجد صاحب شقة يوافق على تأجير فتاة عزباء للعيش بمفردها. ابنة خالتي وافقت على مرافقتي من تونس إلى طرابلس، ولكن ماذا أفعل لاحقا!
سمعت أن المحكمة الجنائية الدولية قد رفعت شكوى ضد القذافي بتهمة الجرائم ضد الإنسانية، ووضعت كل آمالي بقوة شهادتي، يجب أن يُصغى إليّ، لأنني كنت أريد أن أراه خلف القضبان، ولأنني كنت أريد مواجهته وأضع عيني في عينيه وأسأله: لماذا؟ لماذا فعلت بي هذا؟ لماذا اعتديت عليّ؟ لماذا سجنتني؟ لماذا أجبرتني على تعاطي المخدرات؟ لماذا علّمتني التدخين وشرب الكحول؟ لماذا سرقت حياتي؟.. لماذا؟
مات مثل جرذ
ولكنه مات، تم إعدامه في 20 أكتوبر من قبل الثوار، بعد خروجه من مجرور، إنها مهزلة القدر. كان يصف الليبيين بالجرذان، شاهدت صوره على التلفزيون وهو مدمى الوجه وجسمه ممدد كلحم فاسد، وكنت غاضبة لأنه نجا من المحاكمة، قضى دون أي حساب من الليبيين الذين داسهم لمدة 42 سنة، دون أن يَمْثُل أمام العدالة الدولية والعالم أجمع وأمامي أنا شخصياً.
أخبرت قصتي لعدد من الثوار الذين اقتادوني الى أكاديمية النساء العسكرية، وتم الاستماع إليّ مطولاً، كما تم التأكيد أن هناك فتيات كثيرات مثلي. تم منحي مؤقتاً شقة من الشقق المصادرة من أنصار القذافي، شعرت أنني في أمان، وكان شعوراً خاطفاً، لأن أحد الثوار اعتدى عليّ، ففتاة مثلي صاحبة ماض حافل.
هذه المرة رفعت شكوى قضائية، ولم أتراجع عنها رغم التهديدات، فليبيا اليوم يجب أن تكون دولة القانون، اضطررت لأن أنتقل من الشقة، وأن أعيش متخفية، وأتجاهل الشتائم التي أتلقاها على هاتفي النقال، والتي تزداد عنفاً.
أعتقد أنني قلت كل شيء. لم يكن الأمر سهلاً. عليّ أن أواصل حياتي وأتأقلم مع الاضطرابات التي تعتصر داخلي، والمشاعر المتناقضة التي تنتابني ولا تتركني أعيش بسلام. مشاعر الخوف، والعار، والحزن، والندم تقضّ مضجعي. وأظن أنني لن أتمكن من تخطي كل هذا، ولن أنسى يوما ما تعرّضت له وكيف دُمرت حياتي قبل أن أعيشها.
بالنسبة لأهلي أنا فتاة ضائعة، فتاة للقتل، يفكر إخوتي بقتلي لـ«غسل العار»، كما يقولون. الجريمة تغسل العار وتنتقم للشرف، وأنا ملطخة وألطخهم وأبكي موتي.
أريد أن أعيد بناء حياتي في ليبيا الجديدة، وأتساءل عما إذا كان ذلك ممكناً.
عُرف عن العقيد معمر القذافي انه كان ماجناً، وكلما تقدم به العمر، كان يحيط نفسه بمزيد من الفتيات، يتحرش بهن، ويعاشرهن، ويعتدي عليهن، وكأنه كان يريد أن يثبت «رجولته الدائمة»، كما كان يُخضع شعبه، رجالاً ونساء، لآلة القمع التي استخدمها بلا رحمة ليحصل على ما يريد ومن يريد.
صوريا، التي ولدت في المغرب، كانت أيقونة أبيها، كانت لديها أحلام هائلة، تحطمت جميعاً، بعدما انتقلت إلى سرت، وأصبحت هدفاً للقذافي، ثم غنيمة له وجارية!
وفي كتاب «الفرائس في حرم القذافي»، الذي تنشره القبس، تروي قصتها.
في 15 فبراير خرج سكان بنغازي إلى الشوارع، أغلبهم من النساء، أمهات، شقيقات، وزوجات سجناء سياسيين اغتيلوا عام 1996 في سجن أبو سليم. كانت الجموع تحتج على اعتقال محاميهم. الخبر صدم الجميع. كان الأمر مثيراً. فهذا الغضب، ورغم أنني كنت قد بدأت أشعر به لدى الناس، إلا أنني لم أكن لأتخيل إلى أين يمكن أن يؤدي هذا الغضب.. إلى ثورة تطيح بالنظام؟!
كان معمر القذافي في ذهني وذهن كثيرين يبدو كأنه «أبدي» ولا يمكن زعزعة سلطته بأي شكل من الأشكال. من أين جاء المتظاهرون بكل تلك الجرأة والقوة لكي يشهروا كراهيتهم للعقيد. كانت مشاهدة هؤلاء الأبطال وهم يهتفون بسقوط النظام تنعش القلوب والآمال.
انكسر الخوف وذهبت الرهبة التي كانت تطغى على المشهد الليبي في كل مرة يكون فيها القذافي جزءا من الصورة. المتظاهرون قالوها بصراحة وعلناً بأنهم يكرهون القذافي. بدأ الناس يروون النكات ويؤلفون خبريات عن الزعيم.. بدأوا يسخرون منه انتقاما وتنفيسا عن القمع والكبت الذي سجنهم فيه لأكثر من أربعة عقود.. كانوا يعبرون الى أي درجة هم يحتقرونه ويحقدون عليه.. كانوا يفعلون كل هذا وأكثر وهم يعرفون أنهم لو فشلوا في ثورتهم فسيتعرضون لأقصى أنواع العقاب. فلطالما كانت أرواحهم ومصائرهم ومستقبلهم بين أيدي العقيد.
ثورتي الخاصة
في السادس عشر من فبراير، وربما لأن الأجواء العامة من حولي أثرت بي، قمت بثورتي الخاصة. قلت في نفسي، هم (أهلي والناس) يعتبرونني ساقطة! فليكن إذن.. تركت عائلتي وصممت على الالتحاق بشباب الثورة، لكن أحدا لم يرحب بوجودي. فمشاركة النساء الرجال في أي عمل، حتى لو كان ثورة، هو بحسب التقاليد والأعراف الليبية تصرف ممنوع، وغير مقبول بتاتا، وغير أخلاقي، وفي مستوى العلاقة خارج إطار الزواج.
لكنني لم أكن أفكر هكذا.. فما همتني القوانين والأعراف والتقاليد بعد كل الذي عانيته من الرجل الذي يُفترض به أن أول من يطبقها! فكرت أن أذهب وأعيش مع هشام، غير مبالية بكل ما قد يحصل لي، وكنت أسأل نفسي: هل سيتجرأون على محاكمتي لأنني أريد العيش مع الرجل الذي أحبه، بينما سيد ليبيا سجنني واعتدى علي لسنوات طويلة وحطّم حياتي؟
استقررت مع هشام في منزل صغير في ضواحي طرابلس. كان قد بدأ يعمل لدى صياد سمك (غطاس يصطاد الأخطبوط)، وكنت سعيدة بالبقاء في المنزل أنتظره وأحضّر الطعام له.
رغبت جدا في أن أشارك في تظاهرة السابع عشر من فبراير، ولكن ذلك كان مستحيلاً، لأنني كنت بعيدة عن ميدان التظاهرات. جلست أمام شاشات التلفزة، حيث كانت قناة «الجزيرة» تغطي مباشرة أخبار الثورة. كنت أرتعش وأصرخ فرحة وأردد «يا لها من جرأة! يا لها من ثورة وأيام عظيمة نعيشها! الليبيون ينتفضون».
قررت أن أنسى باب العزيزية، ومحوت من ذاكرة هاتفي كل الأرقام المتعلقة بأفراد الجماعة هناك. كنت مطمئنة لأنني كنت واثقة بأنهم كانوا منشغلين عني الآن بأشياء أكثر إلحاحاً، عوضا عن البحث عني وبأنهم سيظلون هكذا الى الأبد.
تمكّن هشام بفضل بعض العلاقات في محكمة طرابلس أن يعقد قراننا بالسر. لم نعلن ذلك لأهلنا، لأنهم ما كانوا ليوافقوا بأي حال من الأحوال. عقد الزواج طمأنني حتى ولو أنني علمت لاحقاً أن لا قيمة له.
إيمان العبيدي
ذات يوم بثت «الجزيرة» صورة إيمان العبيدي التي دخلت الى فندق فخم، حيث كان ينزل الصحافيون الأجانب وصرحت بأن رجال القذافي قد اعتدوا عليها. بُث المشهد على شاشات التلفزة، لم يكن ليصدق قبل الثورة. كانت إيمان تصرخ بأعلى صوتها وهي تروي ما حدث لها، بينما كان رجال القذافي يحاولون منعها من الكلام. حاول الصحافيون الدفاع عنها، إلا أنها تعرّضت للخطف بالقوة، وحاول رجال القذافي الترويج بأنها مجنونة أو (..)، ولكنها كشفت ما تعرضت له آلاف النساء الليبيات، لأنني لم أشك في روايتها، وصدقتها لأنني كنت أكثر من يعرف أن رجال العقيد يعتدون على النساء على غرار سيدهم.
أصدقاء هشام أخبروه بأن باب العزيزية يقوم بحملة تنظيف ويريد تصفية الفتيات اللاتي بتن شاهدات على أعماله، ولم يعد بمقدورهم السيطرة عليهن.
علمت أن رجال كتائب القذافي قد بحثوا عني في منزل أهلي وهددوهم. وأن والدتي خافت وغادرت الى المغرب. وأنهم أخضعوا والدي للتحقيق أكثر من مرة، وكانوا يضغطون عليه كي يسلمني لهم، بالرغم من أنه كان يقول لهم في كل مرة إنني مع والدتي في المغرب.
كانوا يفعلون الشيء نفسه مع أهل هشام. يسألون عني وعنه ويهددون إخوته ووالده وأقاربه.
إلى تونس
وفي أحد الأيام جاء هشام والرعب والقلق يسيطران عليه:
- يجب أن أبعدك عن هنا.. سأعمل بكل الطرق حتى أرسلك الى تونس.. ليس لدينا يوم واحد نضيعه!
طلب من أحد الأصدقاء، يقود سيارة إسعاف، أن يقلني الى الحدود التونسية، ومن هناك لجأت الى أقاربي.
كنت أتابع التطورات يوميا، ضربات الأطلسي، تقدّم الثوار، وحشية الحرب، كنت أعيش في حالة اضطراب دائم. أردت العودة الى ليبيا، إلا أن هشام رفض. كان يخاف أن يظن المتمردون أنني متواطئة مع جماعة القذافي، ومن المقربين منه.
وكانت هذه الفكرة تجعلني أُجَن، أنا متواطئة مع القذافي؟ أنا التي خُطفت وعُوملت كالعبيد؟ أنا التي ليس لها أمل في الحياة سوى أن ترى القذافي يتنحى ويحاكَم ليدفع ثمن ما فعله بي؟ كنت أقول له إن مخاوفه هي شتائم لي، سمعت إشاعات تقول إن نجاح وفريدة قد قتلتا فانتابني الخوف.
في شهر أغسطس، ومع بداية رمضان، سمعت في البداية أن عرّافة توقعت موت القذافي وتحرير طرابلس في العشرين منه. فعدت الى طرابلس، وتحديدا الى منزل هشام الريفي. ولم يكن بمقدورنا البقاء، لا ماء، لا غاز، ولا كهرباء ولا بنزين. ضربات الأطلسي تتواصل، وكانت الفوضى عارمة.
هشام في عداد المفقودين
في الثامن من أغسطس، جاء رجال القذافي يطلبون منه ومن شقيقه المشاركة في عملية ليلية بالقرب من الزاوية، فهمت أنهم يريدون إخلاء عائلة عبر المركب، ولم أفهم التفاصيل، أو أنه لم يرد أن يطلعني على كل شيء، لكي لا أقلق، وكان القلق على وجهه، لم يكن لديه أي خيار، غادر في المساء ولم يعد.
تلقيت اتصالا هاتفيا، وقيل لي إن غارة للأطلسي أصابت المركب، ركضت إلى منزل والدة هشام، كانت تنتحب، أخذتني بذراعيها وضمتني، الله يشهد كم أنها كانت تعارض زواجنا. رحت أطرح عليها الأسئلة، ولكنها لم تكن تعرف شيئا. كانت المعلومات مجتزأة ومتناقضة، تمكن شقيقه من السباحة تسع ساعات ليصل الى الشاطئ. وكان مصابا في ساقه، أما هشام فلا أحد يعرف عنه شيئا، اعتُبر ميتا، ولم نتمكن من دفنه لقد دُمرت.
التحرير
تحررت طرابلس في 27 أغسطس، نزل الناس الى الشوارع، كانت الفرحة عامرة. كانت النساء تخرج الى الشوارع مع الأطفال، ويحملن علمنا الجديد. الرجال كانوا يرقصون ويطلقون النار من رشاشاتهم، ويصرخون «الله أكبر». وكانت مكبرات الصوت تبث أغاني الثورة. استقبل الثوار كأبطال حقيقيين. فتحوا السجون احتلوا باب العزيزية، كان المشهد خياليا، زغردت وصفقت للمقاتلين. وشكرت الله الذي منحنا أكبر يوم في تاريخ ليبيا. وكنت في قرارة نفسي أبكي في الوقت ذاته. لم يعد موجودا.
كان التلفزيون يبث صورا مذهلة للثوار في باب العزيزية. يعرضون أمتعة للقذافي. كنا نسخر من ذوقه وذوق أولاده.
كانت الأقدام تدوس على صوره. عرضت التلفزة صور منزله العائلي، حيث غرفته مجاورة لغرفة زوجته. لم يكن لدى أحد أي فكرة عما كان يحدث خلف جدران باب العزيزية.
لم يكن بمقدور أحد أن يتخيل أن مجموعة من الفتيات البائسات كن يعشن في قبو منزله. سكنت مؤقتا لدى صديقة لهشام. ولكن والدي كان قلقا.
في 28 أغسطس وافقت على السفر معه الى تونس، ثم عدت الى طرابلس في نهاية سبتمبر. ولكن ماذا أفعل بحياتي؟ عمري 22 عاما، لكنني أشعر كأنني أعيش منذ دهر. جسمي ضعيف، ليس لديّ أي أمل، لا أموال، لا دراسة ولا مهنة، البقاء مع عائلتي أصبح مستحيلا، إخوتي يعرفون الحقيقة.
بالمقابل لا يسمح لامرأة بأن تنزل في فندق بمفردها. كما لا يوجد صاحب شقة يوافق على تأجير فتاة عزباء للعيش بمفردها. ابنة خالتي وافقت على مرافقتي من تونس إلى طرابلس، ولكن ماذا أفعل لاحقا!
سمعت أن المحكمة الجنائية الدولية قد رفعت شكوى ضد القذافي بتهمة الجرائم ضد الإنسانية، ووضعت كل آمالي بقوة شهادتي، يجب أن يُصغى إليّ، لأنني كنت أريد أن أراه خلف القضبان، ولأنني كنت أريد مواجهته وأضع عيني في عينيه وأسأله: لماذا؟ لماذا فعلت بي هذا؟ لماذا اعتديت عليّ؟ لماذا سجنتني؟ لماذا أجبرتني على تعاطي المخدرات؟ لماذا علّمتني التدخين وشرب الكحول؟ لماذا سرقت حياتي؟.. لماذا؟
مات مثل جرذ
ولكنه مات، تم إعدامه في 20 أكتوبر من قبل الثوار، بعد خروجه من مجرور، إنها مهزلة القدر. كان يصف الليبيين بالجرذان، شاهدت صوره على التلفزيون وهو مدمى الوجه وجسمه ممدد كلحم فاسد، وكنت غاضبة لأنه نجا من المحاكمة، قضى دون أي حساب من الليبيين الذين داسهم لمدة 42 سنة، دون أن يَمْثُل أمام العدالة الدولية والعالم أجمع وأمامي أنا شخصياً.
أخبرت قصتي لعدد من الثوار الذين اقتادوني الى أكاديمية النساء العسكرية، وتم الاستماع إليّ مطولاً، كما تم التأكيد أن هناك فتيات كثيرات مثلي. تم منحي مؤقتاً شقة من الشقق المصادرة من أنصار القذافي، شعرت أنني في أمان، وكان شعوراً خاطفاً، لأن أحد الثوار اعتدى عليّ، ففتاة مثلي صاحبة ماض حافل.
هذه المرة رفعت شكوى قضائية، ولم أتراجع عنها رغم التهديدات، فليبيا اليوم يجب أن تكون دولة القانون، اضطررت لأن أنتقل من الشقة، وأن أعيش متخفية، وأتجاهل الشتائم التي أتلقاها على هاتفي النقال، والتي تزداد عنفاً.
أعتقد أنني قلت كل شيء. لم يكن الأمر سهلاً. عليّ أن أواصل حياتي وأتأقلم مع الاضطرابات التي تعتصر داخلي، والمشاعر المتناقضة التي تنتابني ولا تتركني أعيش بسلام. مشاعر الخوف، والعار، والحزن، والندم تقضّ مضجعي. وأظن أنني لن أتمكن من تخطي كل هذا، ولن أنسى يوما ما تعرّضت له وكيف دُمرت حياتي قبل أن أعيشها.
بالنسبة لأهلي أنا فتاة ضائعة، فتاة للقتل، يفكر إخوتي بقتلي لـ«غسل العار»، كما يقولون. الجريمة تغسل العار وتنتقم للشرف، وأنا ملطخة وألطخهم وأبكي موتي.
أريد أن أعيد بناء حياتي في ليبيا الجديدة، وأتساءل عما إذا كان ذلك ممكناً.
رد: كتاب جديد الفرائس في حرم القذافي الجزء 11
-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~
اشهد ان لا اله الا الله واشهد ان محمد رسول الله
رد: كتاب جديد الفرائس في حرم القذافي الجزء 11
جهنم وبئس المصير يا قردافي ياحقير الويل لك من رب العباد فيما فعلته من جرائم ضد بنات الناس لعنة الله عليك وعلى اتباعك الي يوم الدين
gannor66- عضو جديد
-
عدد المشاركات : 2
العمر : 58
قوة التقييم : 0
تاريخ التسجيل : 09/10/2012
رد: كتاب جديد الفرائس في حرم القذافي الجزء 11
اشكرك اخى للمرور الرائع
اضغط هنا للجزء الاول
اضغط هنا للجزء الثاني
اضغط هنا للجزء الثالث
اضغط هنا للجزء الرابع
اضغط هنا للجزء الخامس
اضغط هنا للجزء السادس
اضغط هنا للجزء السابع
اضغط هنا للجزء الثامن
اضغط هنا للأطلاع على الجزء 9
اضغط هنا للأطلاع على الجزء العاشر
اضغط هنا للاطلاع على الجزء الحادي عشر
اضغط هنا للجزء الثاني عشر
اضغط هنا للاطلاع على الجزء الثالث عشر
اضغط هنا للجزء الرابع عشر
اضغط هنا للاطلاع على الجزء الخامس عشر
اضغط هنا للجزء السابع عشر
اضغط هنا للجزء الثامن عشر
اضغط هنا للجزء التاسع عشر
اضغط هنا للجزء 20 والاخير
اضغط هنا للجزء الاول
اضغط هنا للجزء الثاني
اضغط هنا للجزء الثالث
اضغط هنا للجزء الرابع
اضغط هنا للجزء الخامس
اضغط هنا للجزء السادس
اضغط هنا للجزء السابع
اضغط هنا للجزء الثامن
اضغط هنا للأطلاع على الجزء 9
اضغط هنا للأطلاع على الجزء العاشر
اضغط هنا للاطلاع على الجزء الحادي عشر
اضغط هنا للجزء الثاني عشر
اضغط هنا للاطلاع على الجزء الثالث عشر
اضغط هنا للجزء الرابع عشر
اضغط هنا للاطلاع على الجزء الخامس عشر
اضغط هنا للجزء السابع عشر
اضغط هنا للجزء الثامن عشر
اضغط هنا للجزء التاسع عشر
اضغط هنا للجزء 20 والاخير
-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~
اشهد ان لا اله الا الله واشهد ان محمد رسول الله
رد: كتاب جديد الفرائس في حرم القذافي الجزء 11
وماخفي كان اعظم ستسمعون فضائح اكبر من ذلك
ربي رحمنا وارتحنا منه ومن شره.الى جهنم
ربي رحمنا وارتحنا منه ومن شره.الى جهنم
فتون- ملازم ثان
-
عدد المشاركات : 187
العمر : 44
قوة التقييم : 1
تاريخ التسجيل : 04/12/2010
رد: كتاب جديد الفرائس في حرم القذافي الجزء 11
اشكركم اخوتى للمرور الرائع
اضغط هنا للجزء الاول
اضغط هنا للجزء الثاني
اضغط هنا للجزء الثالث
اضغط هنا للجزء الرابع
اضغط هنا للجزء الخامس
اضغط هنا للجزء السادس
اضغط هنا للجزء السابع
اضغط هنا للجزء الثامن
اضغط هنا للأطلاع على الجزء 9
اضغط هنا للأطلاع على الجزء العاشر
اضغط هنا للاطلاع على الجزء الحادي عشر
اضغط هنا للجزء الثاني عشر
اضغط هنا للاطلاع على الجزء الثالث عشر
اضغط هنا للجزء الرابع عشر
اضغط هنا للاطلاع على الجزء الخامس عشر
اضغط هنا للجزء السابع عشر
اضغط هنا للجزء الثامن عشر
اضغط هنا للجزء التاسع عشر
اضغط هنا للجزء 20 والاخير
اضغط هنا للجزء الاول
اضغط هنا للجزء الثاني
اضغط هنا للجزء الثالث
اضغط هنا للجزء الرابع
اضغط هنا للجزء الخامس
اضغط هنا للجزء السادس
اضغط هنا للجزء السابع
اضغط هنا للجزء الثامن
اضغط هنا للأطلاع على الجزء 9
اضغط هنا للأطلاع على الجزء العاشر
اضغط هنا للاطلاع على الجزء الحادي عشر
اضغط هنا للجزء الثاني عشر
اضغط هنا للاطلاع على الجزء الثالث عشر
اضغط هنا للجزء الرابع عشر
اضغط هنا للاطلاع على الجزء الخامس عشر
اضغط هنا للجزء السابع عشر
اضغط هنا للجزء الثامن عشر
اضغط هنا للجزء التاسع عشر
اضغط هنا للجزء 20 والاخير
-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~
اشهد ان لا اله الا الله واشهد ان محمد رسول الله
مواضيع مماثلة
» كتاب جديد الفرائس في حرم القذافي الجزء 9
» كتاب جديد الفرائس في حرم القذافي الجزء 16
» كتاب جديد الفرائس في حرم القذافي الجزء 17
» كتاب جديد الفرائس في حرم القذافي الجزء 10
» كتاب جديد الفرائس في حرم القذافي الجزء 18
» كتاب جديد الفرائس في حرم القذافي الجزء 16
» كتاب جديد الفرائس في حرم القذافي الجزء 17
» كتاب جديد الفرائس في حرم القذافي الجزء 10
» كتاب جديد الفرائس في حرم القذافي الجزء 18
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
أمس في 8:36 am من طرف STAR
» ارخص غسالات ملابس
2024-11-18, 10:29 am من طرف محمدوعبدو
» "لسنا عيادة طبية".. رئيسة بالميراس البرازيلي تعلق بشأن التعاقد مع نيمار
2024-11-18, 7:49 am من طرف STAR
» لا تستخدم مياه "الحنفية" لتبريد محرك سيارتك.. إليك السبب
2024-11-18, 7:49 am من طرف STAR
» هل يطرد النوم "السموم من الدماغ"؟.. دراسة تكشف السر
2024-11-18, 7:48 am من طرف STAR
» لمستخدمي "ميتا" في أوروبا.. إليكم هذه الميزة الجديدة!
2024-11-18, 7:47 am من طرف STAR
» احرصوا على تهوية المنزل حتى في الطقس البارد!
2024-11-18, 7:47 am من طرف STAR
» العناية بالبشرة في فصل الخريف.. نصائح مهمة لذلك
2024-11-18, 7:46 am من طرف STAR
» الأرز الإسباني
2024-11-18, 7:45 am من طرف STAR
» عن مشاركة نيمار في مونديال الاندية.. هذا موقف الهلال
2024-11-16, 8:14 am من طرف STAR
» لضمان نوم هادئ ومريح.. تجنب 5 عادات
2024-11-16, 8:13 am من طرف STAR
» ترتيب المنتخبات العربية في تصفيات آسيا لكأس العالم 2026
2024-11-16, 8:12 am من طرف STAR
» الخضار الأعلى كثافة بالمغذيات
2024-11-16, 8:11 am من طرف STAR
» رونالدو يثير التفاعل بتصرف رائع خلال مباراة البرتغال
2024-11-16, 8:09 am من طرف STAR
» غرامة بمليار دولار تُهدد "ميتا" بالتفكك وسط ضغوط تنظيمية دولية
2024-11-16, 8:09 am من طرف STAR