إعلانات المنتدي
المواضيع الأخيرة
بحـث
كتاب جديد الفرائس في حرم القذافي الجزء 20 والاخير
صفحة 1 من اصل 1
كتاب جديد الفرائس في حرم القذافي الجزء 20 والاخير
بعضهم خدم مجون القذافي واليوم في قيادة ليبيا (20 الأخيرة)
عُرف عن العقيد معمر القذافي انه كان ماجناً، وكلما تقدم به العمر، كان يحيط نفسه بمزيد من الفتيات، يتحرش بهن، ويعاشرهن، ويعتدي عليهن، وكأنه كان يريد أن يثبت «رجولته الدائمة»، كما كان يُخضع شعبه، رجالاً ونساء، لآلة القمع التي استخدمها بلا رحمة ليحصل على ما يريد ومن يريد.
وفي كتابها «الفرائس في حرم القذافي»، تواصل المؤلفة الفرنسية آنيك كوجين نقل مارواه نساء ورجال كانوا من ضحايا مجون القذافي أو شهوداً عليه.
عادة ما أكتب مقالات لا أحد يرغب فيها. وجزء من عمل الصحافيين أن يكتبوا مقالات تزعج، أو نشر معلومات تثير الاضطراب، أو كشف حقائق مزعجة.
وبحسب ألبير لندن، أحد كبار صحافيي التحقيقات الفرنسيين، أو الناطقين بالفرنسية، فـ«إن مهنتنا لا تهدف للإساءة إلى الآخرين أو إسعادهم. إنها مهنة تضع الريشة في الجرح».
خلال تحقيقي هذا، تلقى أصدقائي الليبيون الذين ساعدوني (وهم قلة) تهديدات، ومن أعلى مستويات الدولة. لقد تم الحديث عن الإهانة. إن اغتصاب فتاة في المجتمع الليبي يلحق العار بكل عائلتها، وبخاصة الرجال منهم. واغتصاب آلاف الليبيات من قبل الزعيم السابق لا يمكن إلا أن يلحق وصمة العار بأمة بكاملها، فكرة مؤلمة للغاية، فرضية لا يمكن احتمالها. هل يعرف أحد بلدا يصاب كل رجاله بالمروقة لأنهم لم يعرفوا حماية نسائهم وبناتهم وشقيقاتهم من ظالم سفاح مصطاد للفرائس؟!
من الأفضل تغليف الأمور برداء المحظور والمحرمات باسم الحفاظ على سمعة الضحايا. أو نفي ما حدث. أو القول إن الموضوع غير موجود، وغير صحيح. وهذا أسهل شيء.
إن معظم ضحيات القائد لن يتم التعرف اليهن، والسبب، يكفي وصف حارسات القذافي، جهازه الخاص وحريمه، بأنهن ساقطات و(..) انخرطن بالملذات والحياة الفاخرة والرغيدة، اللاتي رفضتهن عائلاتهن، وجعلتهن شريكات القذافي وليس ضحياته، وبالتالي من دون أي أخلاق... نعم نفي الجريمة ووجود هذه الضحايا هما ما يراود قادة ليبيا الجدد. وهذا يساعد على حفظ عدد من الرجال كانوا بالامس خدم غرفة القائد، واليوم باتوا ثوريين، متشددين بثوريتهم، الى جانب السلطة الجديدة. إن هؤلاء يحلمون بالصمت، التكتم على الاغتصاب، نسيان صوريا، ليبيا، خديجة، ليلى وغيرهن من النساء اللاتي يعرفن الكثير من الأشياء. الكثير من ضحايا الحرب ينتظرون من الدولة الليبية الاعتراف والتضامن. القول إن الضحايا الحقيقيين كانوا من الرجال ليس له أي معنى.
لماذا يصمتون؟
لنكن منصفين، هناك بعض الاستثناءات. محمد العلاقي، هو من الضحايا، وعندما التقيت به كانت كل ليبيا تتحصن بالصمت بينما كان هو يعرب عن شكوكه، أعطاني دفعة قوية من الطاقة. كان ذلك مساء يوم أحد في شهر مارس في مقهى في وسط طرابلس. أوصلني سائق التاكسي الى العنوان. ضحكت كثيرا عندما رأيت رسوم كاريكاتير القذافي وهو متنكر بزي امرأة: فستان أخضر قصير، عقد لؤلؤ، أحمر الشفاه وشعر أجعد. فقال لي محمد «اتعرفين لماذا هذه الرسوم؟ لأنه كان (...).. كان يطلب من حراسه الشبان أن يتنكروا بزي امرأة ويرقصوا أمامه».
هذه الجرأة في الكلام صدمتني أكثر من المعلومات التي أعطتني اياها صوريا وأحد حراس باب العزيزية السابقين، الذي حدثني عن أحد زملائه.
كان محمد العلاقي ينتظرني مع صديق له. وقد شغل منصب وزير العدل بالوكالة. وهو اليوم رئيس المجلس الأعلى للحريات العامة وحقوق الإنسان في ليبيا، وترأس لفترة طويلة جمعية محامي طرابلس. وكسب ثقة زملائه والمراقبين العاملين في المنظمات غير الحكومية الأجنبية. هو على الأقل لا يتفوه بكلام فارغ. ويا له من تناقض بين الحديث معه ومقابلة الشخصيات التي لا تنظر إلا الى مصلحتها والى نفسها في السلطة الليبية الجديدة.
فاسق عنيف
«القذافي اغتصب»، قال لي محمد العلاقي، «اغتصب رجالاً ونساء. إنه وحش ومهووس بالجنس، فاسق وعنيف. منذ زمن طويل سمعت شهادات عما فعله، محاميات اغتصبهن قلن لي ذلك. قلن ذلك لي كصديق وكرجل قانون لكي أتقاسم معهن آلامهن، ولكن ماذا بمقدوري أن أفعل من أجلهن. أرفع دعوى قضائية وأحكم عليه بالإعدام! هل شاهدت صور الفيديو لعدد من الضباط يتعرضون للضرب الوحشي والقتل في الشوارع لأنهم تجرأوا وانتفضوا ضد اغتصابه نساءهم؟ لقد كان بربرياً وحشاً! في أيامه الأخيرة، وبينما كان ملاحقاً، لم يتمكن من ضبط نفسه، اغتصب شابين في السابعة عشرة من العمر أمام حراسه المخلصين».
«لدينا شهادات متطابقة. وأنا أرفض كما يفعل البعض القول إن هذه الأمور تتعلق بحياته الخاصة. لم يكن يمارس الغرام. كان يرتكب الجرائم. والاغتصاب بالنسبة لي أخطر من كل الجرائم».
تحدثت إلى محمد العلاقي عن صوريا، عن آلامها في منزل القذافي تحت الأرض، عن ضياعها حالياً. وقد أراحني أن أثير الموضوع مع رجل مثله.
كنت أفكر فيها طيلة إجرائي هذا التحقيق، وكان العلاقي يستمع إليّ ويهز برأسه. لم يشك لحظة في ما قلته له. «أريد أن تُعطى العدالة لكل ضحية من ضحايا القذافي، هذا أقل شيء يمكن أن تفعله، ويجب أن تكون هذه المسألة من ضمن أهداف السلطة الجديدة. أريد إجراء تحقيقات، وجلسات محاكمة علنية، وإدانات وتعويضات. لتوحيد المجتمع وبناء الدولة، يجب أن يعرف الشعب الليبي ماذا حصل خلال 42 سنة: شنق، تعذيب اعتقالات، اغتيالات جماعية، جرائم جنسية من كل الأنواع. ليس لأحد فكرة عن معاناتنا. المسألة ليست مسألة ثأر أو عقاب».
«سيكون الأمر معقداً بالتأكيد. تنقصنا الإمكانات، البنى التحتية، التنسيق. الحكومة الحالية تجهل أماكن الاعتقالات. أغلبية السجون كانت بأيدي ميليشيات مسلحة. النظام القضائي لم يستقر، ولكن يجب فرض الشفافية، ويجب الكشف عنها وعدم تركها بعيدة عن الأضواء».
{كلنا عبيد}
تأخر الوقت، وكان على محمد العلاقي أن يغادر، فاستعملت عبارة «عبدة» في الحديث عن صوريا، انفعل وقال «القذافي جعلنا كلنا عبيدا! لقد تقيأ على شعبه كل آلامه السابقة. دمر ثقافتنا. طحن تاريخنا. فرض على طرابلس فراغ الصحراء. بعض الغربيين اغمضوا أعينهم عنه، بينما هو يحتقر الثقافة والمعرفة. وكان يريد أن يكون مركز العالم. وجعل شعبه ضحية ومتواطئا في الوقت نفسه، وحول وزراءه الى دمى.. نعم، الجنس في ليبيا كان وسيلة للسلطة، ــ تخرس، تنفذ أوامري، وإلا اغتصبك، أنت وزوجتك وأطفالك ــ وكان يفعلها ويجبر كل الناس على الصمت. الاغتصاب كان سلاحاً سياسياً قبل أن يكون سلاح حرب».
مصائرهن مجهولة
وبما أنه لم يعارض أن أذكر اسمه مقارنة مع بقية الأشخاص الذين التقيت بهم، تطرقنا الى عمليات الاغتصاب التي نفذتها قوات القذافي خلال الثورة، وكانت بالآلاف، وفي كل المدن التي احتلتها ميليشيات القذافي ومرتزقته، وأيضاً، في سجونه عمليات اغتصاب جماعية ارتكبها رجال كانوا غائبين عن الوعي التقطت لهم صور بالهواتف النقالة، المحكمة الجنائية الدولية التي أصدرت مذكرة اعتقال ضد الدكتاتور في يونيو 2011 لم تندد بسياسة الاغتصاب المنظمة، ولكن الأدلة كانت صعبة للغاية بدءاً بجمع الضحايا، لأنه من الصعب العثور عليهن.
النساء يرفضن التحدث. الأطباء المحامون، الأطباء النفسيون.. والمنظمات غير الإنسانية يريدون مساعدتهن، ولكنهم يجدون صعوبات بالوصول إليهن.
اختبأن خوفا من العار وتقوقعن على أنفسهن من الألم. البعض منهن طردتهن عائلاتهن، وأخريات تزوجن من الثوار الذين تطوعوا لإنقاذ شرف ضحايا الحرب، وقد تم قتل بعضهن في حالات نادرة من قبل أشقائهن، وفي نهاية الشتاء وضعت بضعهن أطفالا في سرّية تامة. وبفضل مجموعة من النساء الكتومات واللاتي كرسن حياتهن لمساعدة الضحايا، تمكنت من لقاء عدد من النساء المصدومات، كما انني شاهدت في المستشفى عمليات تبني أطفال ولدوا من الاغتصاب. لحظات لا تنسى، فخلال ثوان عدة ينقل الطفل من يد الى أخرى ويتغير مصيره، وحيث الأمهات، غالبا ما كن مراهقات، يغادرن بعد ان خفت حمولتهن، ولكنهن يعشن في عذاب بقية العمر.
يتمنى الموت
أجريتُ مقابلات مع مغتَصبين في سجن مصراتة. شخصان يرتجفان، أحدهما عمره 22 عاما والآخر 29، التحقا بقوات القذافي، قالا إنهما تلقيا أوامر، وكان يتم إعطاء قوات القذافي حبوبا تجعلهم يجنون في الوقت ذاته مع المشروبات الروحية والحشيشة، وكان قائد القوات يهددهما مثل بقية المقاتلين بسلاحه. «أحيانا كنا نغتصب كل العائلة، فتيات أعمارهن 8 و9 سنوات، شابات في العشرين من العمر وأمهاتهن، وأحيانا أمام الجد. كن يصرخن، وكنا نضرب بقوة، وأنا ما زلت أسمع صراخهن، ليس بمقدوري ان احدثك عن آلامهن، ولكن قائد الكتيبة كان يأمر: اغتصبوا اضربوا وصوروا! نحن نعرف كيف نهين هؤلاء الحقيرين».
الأول، كان يلعن القذافي ويتوسل إليَّ ألا أقول لوالدته بما هو متهم ولماذا هو موقوف. الثاني، كانت الدموع في عينيه، وكان يقول إنه لا يعرف طعم الراحة، وإن الندم يأكله. يقرأ القرآن، ويصلي ليل نهار، وقد وشى بكل مسؤوليه. ويقول، أيضاً، إنه مستعد لتقبل كل العقوبات، بما فيها الموت.
«اغتصبوا أولاً ثم اقتلوا»
«الأوامر كانت تأتي من أعلى»، أكد لي محمد العلاقي. وأضاف «لدينا شهادات من مقربين جداً من القذافي. لقد سمعت، شخصياً، وزير خارجيته موسى كوسا يقول إنه رأى القذافي وسمعه يعطي أوامره لقادة الكتائب: اغتصبوا أولاً ثم اقتلوا. وهذا كان يتماشى مع عادته: الحكم والهوس بالجنس».
«هل يجب تقديم إثباتات أخرى لهذه الاستراتيجية؟ لهذا التصور والتصميم المسبقين؟ لقد تم العثور على مئات علب الفياغرا، وجدت في بنغازي ومصراتة وزوارة وحتى في الجبال. كانت الفياغرا منتشرة في كل مكان توقفت فيه قواته. وقد اكتشفنا العقود المدفوعة مسبقاً، دفعتها الدولة الليبية سلاح حرب...!».
كان معمر القذافي يعتبر نفسه كاتباً أحياناً، وقد نشر عامي 1993 و1994 مجموعة من القصص الصغيرة مملوءة بالأشعار والنثر والتأملات والأفكار المجنونة.
«كانت تعكس آلامه»، بحسب محمد العلاقي، كما كانت تعكس الخوف من الجموع، وهذا واضح جداً خصوصاً في كتاب «الانحدار إلى الجحيم»، وهو معبّر للغاية. ففي أحد مقاطع هذا الكتاب يقول القذافي: «أشعر أن الجماهير غير المتسامحة تلاحقني، كم هي عطوفة في أوقات الفرح، وكم هي متوحشة في أوقات الغضب (...)، كم أحب حرية الجماهير بعد تحطم القيود، وعندما تُطلق صيحات الفرح وتغني بعد الشكوى من آلامها. ولكن، كم أخشاها وأخافها.. أحب التعددية كما أحب أبي، وأخشاها كما أخشى أبي».
يوم لك ويوم عليك
من يستطيع، لاسيما في مجتمع بدويّ من دون حكومة، منع أب من أن يثأر لولده؟.. وبالفعل ثأرت الجماهير.
خلال إقامتي في طرابلس كنت أرى الليبيين وهم يشاهدون، مرات ومرات، وبشيء من الهلع والإعجاب، الصور التي التقطت عن اللحظات الأخيرة للقذافي. في تلك الصور، ظهر العقيد وهو يلفظ أنفاسه وسط صيحات انتصار المقاتلين، وقد أُضيفت أغان ثورية على تلك المشاهد التي التقطت عبر الهواتف النقالة للإشادة بالملحمة.
ولكن هناك صورة لم يجرؤ الثوار على إدخالها إلى الأفلام التي نشرت على مواقع الإنترنت.. صورة مكنتني امرأتان من مشاهدتها على هاتفيهما النقالين، بعد أيام عدة من مقتل القذافي، وقد وضعتا يديهما على فميهما كأنهما تقولان لي إن هذا سر.
لم أكن أصدق ما أرى. لقد صدمت وكدت أقع على الأرض. فقبل أن يتعرض القذافي للضرب ولإطلاق النار، أمسك به أحد الثوار وأدخل عصا أو قضيباً معدنياً في (..) فبدأ ينزف.
«مُغتَصَب» قالت إحدى المرأتين، من دون إظهار أي أسف أو ندم. أحد محامي مصراتة قال لي «إن العديد من الليبيين شعروا بأن حركة الشاب الرمزية قد ثأرت لهم! قبل أن يتواعد مع الموت.. المُغتَصِب قد اغتُصِب».
عُرف عن العقيد معمر القذافي انه كان ماجناً، وكلما تقدم به العمر، كان يحيط نفسه بمزيد من الفتيات، يتحرش بهن، ويعاشرهن، ويعتدي عليهن، وكأنه كان يريد أن يثبت «رجولته الدائمة»، كما كان يُخضع شعبه، رجالاً ونساء، لآلة القمع التي استخدمها بلا رحمة ليحصل على ما يريد ومن يريد.
وفي كتابها «الفرائس في حرم القذافي»، تواصل المؤلفة الفرنسية آنيك كوجين نقل مارواه نساء ورجال كانوا من ضحايا مجون القذافي أو شهوداً عليه.
عادة ما أكتب مقالات لا أحد يرغب فيها. وجزء من عمل الصحافيين أن يكتبوا مقالات تزعج، أو نشر معلومات تثير الاضطراب، أو كشف حقائق مزعجة.
وبحسب ألبير لندن، أحد كبار صحافيي التحقيقات الفرنسيين، أو الناطقين بالفرنسية، فـ«إن مهنتنا لا تهدف للإساءة إلى الآخرين أو إسعادهم. إنها مهنة تضع الريشة في الجرح».
خلال تحقيقي هذا، تلقى أصدقائي الليبيون الذين ساعدوني (وهم قلة) تهديدات، ومن أعلى مستويات الدولة. لقد تم الحديث عن الإهانة. إن اغتصاب فتاة في المجتمع الليبي يلحق العار بكل عائلتها، وبخاصة الرجال منهم. واغتصاب آلاف الليبيات من قبل الزعيم السابق لا يمكن إلا أن يلحق وصمة العار بأمة بكاملها، فكرة مؤلمة للغاية، فرضية لا يمكن احتمالها. هل يعرف أحد بلدا يصاب كل رجاله بالمروقة لأنهم لم يعرفوا حماية نسائهم وبناتهم وشقيقاتهم من ظالم سفاح مصطاد للفرائس؟!
من الأفضل تغليف الأمور برداء المحظور والمحرمات باسم الحفاظ على سمعة الضحايا. أو نفي ما حدث. أو القول إن الموضوع غير موجود، وغير صحيح. وهذا أسهل شيء.
إن معظم ضحيات القائد لن يتم التعرف اليهن، والسبب، يكفي وصف حارسات القذافي، جهازه الخاص وحريمه، بأنهن ساقطات و(..) انخرطن بالملذات والحياة الفاخرة والرغيدة، اللاتي رفضتهن عائلاتهن، وجعلتهن شريكات القذافي وليس ضحياته، وبالتالي من دون أي أخلاق... نعم نفي الجريمة ووجود هذه الضحايا هما ما يراود قادة ليبيا الجدد. وهذا يساعد على حفظ عدد من الرجال كانوا بالامس خدم غرفة القائد، واليوم باتوا ثوريين، متشددين بثوريتهم، الى جانب السلطة الجديدة. إن هؤلاء يحلمون بالصمت، التكتم على الاغتصاب، نسيان صوريا، ليبيا، خديجة، ليلى وغيرهن من النساء اللاتي يعرفن الكثير من الأشياء. الكثير من ضحايا الحرب ينتظرون من الدولة الليبية الاعتراف والتضامن. القول إن الضحايا الحقيقيين كانوا من الرجال ليس له أي معنى.
لماذا يصمتون؟
لنكن منصفين، هناك بعض الاستثناءات. محمد العلاقي، هو من الضحايا، وعندما التقيت به كانت كل ليبيا تتحصن بالصمت بينما كان هو يعرب عن شكوكه، أعطاني دفعة قوية من الطاقة. كان ذلك مساء يوم أحد في شهر مارس في مقهى في وسط طرابلس. أوصلني سائق التاكسي الى العنوان. ضحكت كثيرا عندما رأيت رسوم كاريكاتير القذافي وهو متنكر بزي امرأة: فستان أخضر قصير، عقد لؤلؤ، أحمر الشفاه وشعر أجعد. فقال لي محمد «اتعرفين لماذا هذه الرسوم؟ لأنه كان (...).. كان يطلب من حراسه الشبان أن يتنكروا بزي امرأة ويرقصوا أمامه».
هذه الجرأة في الكلام صدمتني أكثر من المعلومات التي أعطتني اياها صوريا وأحد حراس باب العزيزية السابقين، الذي حدثني عن أحد زملائه.
كان محمد العلاقي ينتظرني مع صديق له. وقد شغل منصب وزير العدل بالوكالة. وهو اليوم رئيس المجلس الأعلى للحريات العامة وحقوق الإنسان في ليبيا، وترأس لفترة طويلة جمعية محامي طرابلس. وكسب ثقة زملائه والمراقبين العاملين في المنظمات غير الحكومية الأجنبية. هو على الأقل لا يتفوه بكلام فارغ. ويا له من تناقض بين الحديث معه ومقابلة الشخصيات التي لا تنظر إلا الى مصلحتها والى نفسها في السلطة الليبية الجديدة.
فاسق عنيف
«القذافي اغتصب»، قال لي محمد العلاقي، «اغتصب رجالاً ونساء. إنه وحش ومهووس بالجنس، فاسق وعنيف. منذ زمن طويل سمعت شهادات عما فعله، محاميات اغتصبهن قلن لي ذلك. قلن ذلك لي كصديق وكرجل قانون لكي أتقاسم معهن آلامهن، ولكن ماذا بمقدوري أن أفعل من أجلهن. أرفع دعوى قضائية وأحكم عليه بالإعدام! هل شاهدت صور الفيديو لعدد من الضباط يتعرضون للضرب الوحشي والقتل في الشوارع لأنهم تجرأوا وانتفضوا ضد اغتصابه نساءهم؟ لقد كان بربرياً وحشاً! في أيامه الأخيرة، وبينما كان ملاحقاً، لم يتمكن من ضبط نفسه، اغتصب شابين في السابعة عشرة من العمر أمام حراسه المخلصين».
«لدينا شهادات متطابقة. وأنا أرفض كما يفعل البعض القول إن هذه الأمور تتعلق بحياته الخاصة. لم يكن يمارس الغرام. كان يرتكب الجرائم. والاغتصاب بالنسبة لي أخطر من كل الجرائم».
تحدثت إلى محمد العلاقي عن صوريا، عن آلامها في منزل القذافي تحت الأرض، عن ضياعها حالياً. وقد أراحني أن أثير الموضوع مع رجل مثله.
كنت أفكر فيها طيلة إجرائي هذا التحقيق، وكان العلاقي يستمع إليّ ويهز برأسه. لم يشك لحظة في ما قلته له. «أريد أن تُعطى العدالة لكل ضحية من ضحايا القذافي، هذا أقل شيء يمكن أن تفعله، ويجب أن تكون هذه المسألة من ضمن أهداف السلطة الجديدة. أريد إجراء تحقيقات، وجلسات محاكمة علنية، وإدانات وتعويضات. لتوحيد المجتمع وبناء الدولة، يجب أن يعرف الشعب الليبي ماذا حصل خلال 42 سنة: شنق، تعذيب اعتقالات، اغتيالات جماعية، جرائم جنسية من كل الأنواع. ليس لأحد فكرة عن معاناتنا. المسألة ليست مسألة ثأر أو عقاب».
«سيكون الأمر معقداً بالتأكيد. تنقصنا الإمكانات، البنى التحتية، التنسيق. الحكومة الحالية تجهل أماكن الاعتقالات. أغلبية السجون كانت بأيدي ميليشيات مسلحة. النظام القضائي لم يستقر، ولكن يجب فرض الشفافية، ويجب الكشف عنها وعدم تركها بعيدة عن الأضواء».
{كلنا عبيد}
تأخر الوقت، وكان على محمد العلاقي أن يغادر، فاستعملت عبارة «عبدة» في الحديث عن صوريا، انفعل وقال «القذافي جعلنا كلنا عبيدا! لقد تقيأ على شعبه كل آلامه السابقة. دمر ثقافتنا. طحن تاريخنا. فرض على طرابلس فراغ الصحراء. بعض الغربيين اغمضوا أعينهم عنه، بينما هو يحتقر الثقافة والمعرفة. وكان يريد أن يكون مركز العالم. وجعل شعبه ضحية ومتواطئا في الوقت نفسه، وحول وزراءه الى دمى.. نعم، الجنس في ليبيا كان وسيلة للسلطة، ــ تخرس، تنفذ أوامري، وإلا اغتصبك، أنت وزوجتك وأطفالك ــ وكان يفعلها ويجبر كل الناس على الصمت. الاغتصاب كان سلاحاً سياسياً قبل أن يكون سلاح حرب».
مصائرهن مجهولة
وبما أنه لم يعارض أن أذكر اسمه مقارنة مع بقية الأشخاص الذين التقيت بهم، تطرقنا الى عمليات الاغتصاب التي نفذتها قوات القذافي خلال الثورة، وكانت بالآلاف، وفي كل المدن التي احتلتها ميليشيات القذافي ومرتزقته، وأيضاً، في سجونه عمليات اغتصاب جماعية ارتكبها رجال كانوا غائبين عن الوعي التقطت لهم صور بالهواتف النقالة، المحكمة الجنائية الدولية التي أصدرت مذكرة اعتقال ضد الدكتاتور في يونيو 2011 لم تندد بسياسة الاغتصاب المنظمة، ولكن الأدلة كانت صعبة للغاية بدءاً بجمع الضحايا، لأنه من الصعب العثور عليهن.
النساء يرفضن التحدث. الأطباء المحامون، الأطباء النفسيون.. والمنظمات غير الإنسانية يريدون مساعدتهن، ولكنهم يجدون صعوبات بالوصول إليهن.
اختبأن خوفا من العار وتقوقعن على أنفسهن من الألم. البعض منهن طردتهن عائلاتهن، وأخريات تزوجن من الثوار الذين تطوعوا لإنقاذ شرف ضحايا الحرب، وقد تم قتل بعضهن في حالات نادرة من قبل أشقائهن، وفي نهاية الشتاء وضعت بضعهن أطفالا في سرّية تامة. وبفضل مجموعة من النساء الكتومات واللاتي كرسن حياتهن لمساعدة الضحايا، تمكنت من لقاء عدد من النساء المصدومات، كما انني شاهدت في المستشفى عمليات تبني أطفال ولدوا من الاغتصاب. لحظات لا تنسى، فخلال ثوان عدة ينقل الطفل من يد الى أخرى ويتغير مصيره، وحيث الأمهات، غالبا ما كن مراهقات، يغادرن بعد ان خفت حمولتهن، ولكنهن يعشن في عذاب بقية العمر.
يتمنى الموت
أجريتُ مقابلات مع مغتَصبين في سجن مصراتة. شخصان يرتجفان، أحدهما عمره 22 عاما والآخر 29، التحقا بقوات القذافي، قالا إنهما تلقيا أوامر، وكان يتم إعطاء قوات القذافي حبوبا تجعلهم يجنون في الوقت ذاته مع المشروبات الروحية والحشيشة، وكان قائد القوات يهددهما مثل بقية المقاتلين بسلاحه. «أحيانا كنا نغتصب كل العائلة، فتيات أعمارهن 8 و9 سنوات، شابات في العشرين من العمر وأمهاتهن، وأحيانا أمام الجد. كن يصرخن، وكنا نضرب بقوة، وأنا ما زلت أسمع صراخهن، ليس بمقدوري ان احدثك عن آلامهن، ولكن قائد الكتيبة كان يأمر: اغتصبوا اضربوا وصوروا! نحن نعرف كيف نهين هؤلاء الحقيرين».
الأول، كان يلعن القذافي ويتوسل إليَّ ألا أقول لوالدته بما هو متهم ولماذا هو موقوف. الثاني، كانت الدموع في عينيه، وكان يقول إنه لا يعرف طعم الراحة، وإن الندم يأكله. يقرأ القرآن، ويصلي ليل نهار، وقد وشى بكل مسؤوليه. ويقول، أيضاً، إنه مستعد لتقبل كل العقوبات، بما فيها الموت.
«اغتصبوا أولاً ثم اقتلوا»
«الأوامر كانت تأتي من أعلى»، أكد لي محمد العلاقي. وأضاف «لدينا شهادات من مقربين جداً من القذافي. لقد سمعت، شخصياً، وزير خارجيته موسى كوسا يقول إنه رأى القذافي وسمعه يعطي أوامره لقادة الكتائب: اغتصبوا أولاً ثم اقتلوا. وهذا كان يتماشى مع عادته: الحكم والهوس بالجنس».
«هل يجب تقديم إثباتات أخرى لهذه الاستراتيجية؟ لهذا التصور والتصميم المسبقين؟ لقد تم العثور على مئات علب الفياغرا، وجدت في بنغازي ومصراتة وزوارة وحتى في الجبال. كانت الفياغرا منتشرة في كل مكان توقفت فيه قواته. وقد اكتشفنا العقود المدفوعة مسبقاً، دفعتها الدولة الليبية سلاح حرب...!».
كان معمر القذافي يعتبر نفسه كاتباً أحياناً، وقد نشر عامي 1993 و1994 مجموعة من القصص الصغيرة مملوءة بالأشعار والنثر والتأملات والأفكار المجنونة.
«كانت تعكس آلامه»، بحسب محمد العلاقي، كما كانت تعكس الخوف من الجموع، وهذا واضح جداً خصوصاً في كتاب «الانحدار إلى الجحيم»، وهو معبّر للغاية. ففي أحد مقاطع هذا الكتاب يقول القذافي: «أشعر أن الجماهير غير المتسامحة تلاحقني، كم هي عطوفة في أوقات الفرح، وكم هي متوحشة في أوقات الغضب (...)، كم أحب حرية الجماهير بعد تحطم القيود، وعندما تُطلق صيحات الفرح وتغني بعد الشكوى من آلامها. ولكن، كم أخشاها وأخافها.. أحب التعددية كما أحب أبي، وأخشاها كما أخشى أبي».
يوم لك ويوم عليك
من يستطيع، لاسيما في مجتمع بدويّ من دون حكومة، منع أب من أن يثأر لولده؟.. وبالفعل ثأرت الجماهير.
خلال إقامتي في طرابلس كنت أرى الليبيين وهم يشاهدون، مرات ومرات، وبشيء من الهلع والإعجاب، الصور التي التقطت عن اللحظات الأخيرة للقذافي. في تلك الصور، ظهر العقيد وهو يلفظ أنفاسه وسط صيحات انتصار المقاتلين، وقد أُضيفت أغان ثورية على تلك المشاهد التي التقطت عبر الهواتف النقالة للإشادة بالملحمة.
ولكن هناك صورة لم يجرؤ الثوار على إدخالها إلى الأفلام التي نشرت على مواقع الإنترنت.. صورة مكنتني امرأتان من مشاهدتها على هاتفيهما النقالين، بعد أيام عدة من مقتل القذافي، وقد وضعتا يديهما على فميهما كأنهما تقولان لي إن هذا سر.
لم أكن أصدق ما أرى. لقد صدمت وكدت أقع على الأرض. فقبل أن يتعرض القذافي للضرب ولإطلاق النار، أمسك به أحد الثوار وأدخل عصا أو قضيباً معدنياً في (..) فبدأ ينزف.
«مُغتَصَب» قالت إحدى المرأتين، من دون إظهار أي أسف أو ندم. أحد محامي مصراتة قال لي «إن العديد من الليبيين شعروا بأن حركة الشاب الرمزية قد ثأرت لهم! قبل أن يتواعد مع الموت.. المُغتَصِب قد اغتُصِب».
رد: كتاب جديد الفرائس في حرم القذافي الجزء 20 والاخير
اضغط هنا للجزء الاول
اضغط هنا للجزء الثاني
اضغط هنا للجزء الثالث
اضغط هنا للجزء الرابع
اضغط هنا للجزء الخامس
اضغط هنا للجزء السادس
اضغط هنا للجزء السابع
اضغط هنا للجزء الثامن
اضغط هنا للأطلاع على الجزء 9
اضغط هنا للأطلاع على الجزء العاشر
اضغط هنا للاطلاع على الجزء الحادي عشر
اضغط هنا للجزء الثاني عشر
اضغط هنا للاطلاع على الجزء الثالث عشر
اضغط هنا للجزء الرابع عشر
اضغط هنا للاطلاع على الجزء الخامس عشر
اضغط هنا للجزء السابع عشر
اضغط هنا للجزء الثامن عشر
اضغط هنا للجزء التاسع عشر
اضغط هنا للجزء الثاني
اضغط هنا للجزء الثالث
اضغط هنا للجزء الرابع
اضغط هنا للجزء الخامس
اضغط هنا للجزء السادس
اضغط هنا للجزء السابع
اضغط هنا للجزء الثامن
اضغط هنا للأطلاع على الجزء 9
اضغط هنا للأطلاع على الجزء العاشر
اضغط هنا للاطلاع على الجزء الحادي عشر
اضغط هنا للجزء الثاني عشر
اضغط هنا للاطلاع على الجزء الثالث عشر
اضغط هنا للجزء الرابع عشر
اضغط هنا للاطلاع على الجزء الخامس عشر
اضغط هنا للجزء السابع عشر
اضغط هنا للجزء الثامن عشر
اضغط هنا للجزء التاسع عشر
-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~
اشهد ان لا اله الا الله واشهد ان محمد رسول الله
مواضيع مماثلة
» كتاب جديد الفرائس في حرم القذافي الجزء 9
» كتاب جديد الفرائس في حرم القذافي الجزء 16
» كتاب جديد الفرائس في حرم القذافي الجزء 17
» كتاب جديد الفرائس في حرم القذافي الجزء 10
» كتاب جديد الفرائس في حرم القذافي الجزء 11
» كتاب جديد الفرائس في حرم القذافي الجزء 16
» كتاب جديد الفرائس في حرم القذافي الجزء 17
» كتاب جديد الفرائس في حرم القذافي الجزء 10
» كتاب جديد الفرائس في حرم القذافي الجزء 11
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
أمس في 8:36 am من طرف STAR
» ارخص غسالات ملابس
2024-11-18, 10:29 am من طرف محمدوعبدو
» "لسنا عيادة طبية".. رئيسة بالميراس البرازيلي تعلق بشأن التعاقد مع نيمار
2024-11-18, 7:49 am من طرف STAR
» لا تستخدم مياه "الحنفية" لتبريد محرك سيارتك.. إليك السبب
2024-11-18, 7:49 am من طرف STAR
» هل يطرد النوم "السموم من الدماغ"؟.. دراسة تكشف السر
2024-11-18, 7:48 am من طرف STAR
» لمستخدمي "ميتا" في أوروبا.. إليكم هذه الميزة الجديدة!
2024-11-18, 7:47 am من طرف STAR
» احرصوا على تهوية المنزل حتى في الطقس البارد!
2024-11-18, 7:47 am من طرف STAR
» العناية بالبشرة في فصل الخريف.. نصائح مهمة لذلك
2024-11-18, 7:46 am من طرف STAR
» الأرز الإسباني
2024-11-18, 7:45 am من طرف STAR
» عن مشاركة نيمار في مونديال الاندية.. هذا موقف الهلال
2024-11-16, 8:14 am من طرف STAR
» لضمان نوم هادئ ومريح.. تجنب 5 عادات
2024-11-16, 8:13 am من طرف STAR
» ترتيب المنتخبات العربية في تصفيات آسيا لكأس العالم 2026
2024-11-16, 8:12 am من طرف STAR
» الخضار الأعلى كثافة بالمغذيات
2024-11-16, 8:11 am من طرف STAR
» رونالدو يثير التفاعل بتصرف رائع خلال مباراة البرتغال
2024-11-16, 8:09 am من طرف STAR
» غرامة بمليار دولار تُهدد "ميتا" بالتفكك وسط ضغوط تنظيمية دولية
2024-11-16, 8:09 am من طرف STAR